تفسير قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني من سمع الأوزاعي يقول في قول الله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}، قال: بلغنا أن ذلك التقية في القول). [الجامع في علوم القرآن: 1/12-13]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني .. .. عن عبيد الله] بن زحر عن سليمان عمن أخبره عن ابن عباس قال: [ا .. ... .. ] ويعذبونهم ويقولون للخنافس هؤلاء ربكم [ .. ... .. ] {وقلبه مطمئن بالإيمان ثم إن ربك للذين هاجروا [من بعد ما] فتنوا}، الآية كلها). [الجامع في علوم القرآن: 2/2-3]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث بن نبهان عن [ .......... ابن] عبّاسٍ أنّ هذه الآية أنزلت في عمّار بن ياسرٍ: {إلا [من أكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان}). [الجامع في علوم القرآن: 2/8]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النحل: {من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذابٌ عظيمٌ}؛
فنسخ واستثنى فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجرو، من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}؛
هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار؛ فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل اليوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره النبي عليه السلام). [الجامع في علوم القرآن: 3/76]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان قال أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبي فقال النبي كيف تجد قلبك قال مطمئن بالإيمان ثم قال النبي فإن عادوا فعد). [تفسير عبد الرزاق: 1/360]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدرًا، فعليهم غضبٌ من اللّه، ولهم عذابٌ عظيمٌ}.
اختلف أهل العربيّة في العامل في " من " من قوله: {من كفر باللّه} ومن قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرًا}، فقال بعض نحويّي البصرة: صار قوله: {فعليهم} خبرًا لقوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرًا}، وقوله: {من كفر باللّه من بعد إيمانه} فأخبر لهم بخبرٍ واحدٍ، وكان ذلك يدلّ على المعنى.
وقال بعض نحويّي الكوفة: إنّما هذان جزءان اجتمعا، أحدهما منعقدٌ بالآخر، فجوابهما واحدٌ كقول القائل: من يأتنا فمن يحسن نكرمه، بمعنى: من يحسن ممّن يأتنا نكرمه، قال: وكذلك كلّ جزاءين اجتمعا الثّاني منعقدٌ بالأوّل، فالجواب لهما واحدٌ.
وقال آخر من أهل البصرة: بل قوله: {من كفر باللّه} مرفوعٌ بالرّدّ على " الّذين " في قوله: {إنّما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه}، ومعنى الكلام عنده: إنّما يفتري الكذب من كفر باللّه من بعد إيمانه، إلاّ من أكره من هؤلاء وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان وهذا قولٌ لا وجه له، وذلك أنّ معنى الكلام لو كان كما قال قائلٌ هذا القول، لكان اللّه تعالى ذكره قد أخرج ممّن افترى الكذب في هذه الآية الّذين ولدوا على الكفر وأقاموا عليه ولم يؤمنوا قطّ، وخصّ به الّذين قد كانوا آمنوا في حالٍ، ثمّ راجعوا الكفر بعد الإيمان، والتّنزيل يدلّ على أنّه لم يخصّص بذلك هؤلاء دون سائر المشركين الّذين كانوا على الشّرك مقيمين، وذلك أنّه تعالى أخبر خبر قومٍ منهم أضافوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم افتراء الكذب، فقال: {وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ واللّه أعلم بما ينزّل قالوا إنّما أنت مفترٍ، بل أكثرهم لا يعلمون}، وكذّب جميع المشركين بافترائهم على اللّه وأخبر أنّهم أحقّ بهذه الصّفة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: {إنّما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات اللّه، وأولئك هم الكاذبون} ولو كان الّذين عنوا بهذه الآية هم الّذين كفروا باللّه من بعد إيمانهم، وجب أن يكون القائلون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّما أنت مفترٍ حين بدّل اللّه آيةً مكان آيةٍ، كانوا هم الّذين كفروا باللّه بعد الإيمان خاصّةً دون غيرهم من سائر المشركين، لأنّ هذه في سياق الخبر عنهم، وذلك قولٌ إن قاله قائلٌ فبيّن فساده مع خروجه عن تأويل جميع أهل العلم بالتّأويل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ الرّافع ل " من " الأولى والثّانية، قوله: {فعليهم غضبٌ من اللّه} والعرب تفعل ذلك في حروف الجزاء إذا استأنفت أحدهما على آخر.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في عمّار بن ياسرٍ وقومٌ كانوا أسلموا ففتنهم المشركون عن دينهم، فثبت على الإسلام بعضهم وافتتن بعضٌ
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّى قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} إلى آخر الآية وذلك أنّ المشركين أصابوا عمّار بن ياسرٍ فعذّبوه، ثمّ تركوه، فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فحدّثه بالّذي لقي من قريشٍ، والّذي قال، فأنزل اللّه تعالى ذكره عذره: {من كفر باللّه من بعد إيمانه} إلى قوله: {ولهم عذابٌ عظيمٌ} "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} قال: " ذكر لنا أنّها نزلت في عمّار بن ياسرٍ، أخذه بنو المغيرة فغطّوه في بئر ميمونٍ وقالوا: اكفر بمحمّدٍ فتابعهم على ذلك وقلبه كارهٌ، فأنزل اللّه تعالى ذكره: {إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدرًا} أي من أتى الكفر على اختيارٍ واستحبابٍ، {فعليهم غضبٌ من اللّه ولهم عذابٌ عظيمٌ} "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسرٍ، قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسرٍ فعذّبوه حتّى باراهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإيمان، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " فإن عادوا فعد "
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} قال: " نزلت في عمّار بن ياسرٍ "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: " لمّا عذّب الأعبد أعطوهم ما سألوا إلاّ خبّاب بن الأرتّ، كانوا يضجعونه على الرّضف فلم يستقلّوا منه شيئًا ".
فتأويل الكلام إذن: من كفر باللّه من بعد إيمانه، إلاّ من أكره على الكفر فنطق بكلمة الكفر بلسانه، وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، موقنٌ بحقيقته صحيحٌ عليه عزمه غير مفسوح الصّدر بالكفر، لكن من شرح بالكفر صدرًا، فاختاره وآثره على الإيمان، وباح به طائعًا، فعليهم غضبٌ من اللّه، ولهم عذابٌ عظيمٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك ورد الخبر عن ابن عبّاسٍ
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} فأخبر اللّه سبحانه أنّه من كفر من بعد إيمانه، فعليه غضبٌ من اللّه، وله عذابٌ عظيمٌ، فأمّا من أكره فتكلّم به لسانه، وخالفه قلبه بالإيمان، لينجو بذلك من عدوّه، فلا حرج عليه، لأنّ اللّه سبحانه إنّما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم "). [جامع البيان: 14/371-376]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن ناسا من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن هاجروا إلينا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا فخرجوا يريدون المدينة فأدركهم كفار قريش ففتنوهم فكفروا مكرهين ونزل فيهم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان). [تفسير مجاهد: 353-354]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمّد بن أحمد بن النّضر الأزديّ، ثنا معاوية بن عمرٍو، ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي صادقٍ، قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: " إنّكم ستعرضون على سبّي فسبّوني، فإن عرضت عليكم البراءة منّي، فلا تبرءوا منّي، فإنّي على الإسلام، فليمدد أحدكم عنقه، ثكلته أمّه، فإنّه لا دنيا له ولا آخرة بعد الإسلام، ثمّ تلا {إلّا من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} [النحل: 106] «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/390]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مسدّدٌ: حدثنا يحيى، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن أبي المتوكّل النّاجيّ، قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث عمّار بن ياسرٍ رضي الله عنه، إلى بئر المشركين يستقي منها، وحولها ثلاث صفوفٍ يحرسونها، فاستقى في قربةٍ، ثمّ أقبل حتّى أتى الصّفّ الأوّل فأخذوه، فقال: دعوني فإنّما أستقي لأصحابكم فتركوه، ثمّ عاد الثّانية فأخذوه ففعلوا به مثل ذلك، ثمّ تركوه، فذهب فعاد فأخذوه ففعلوا به مثل ذلك، فلمّا أرادوه على أن يتكلّم بالكفر، بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الخيل فاستنقذوه، فأنزلت فيه هذه الآية: {إلّا من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/759]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 106 - 110.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه: تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض فالحقوا بي، فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت أصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوها إياه قال: أحد، أحد.
وأمّا خباب فيجعلوا يجرونه في الشوك وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيه وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي كان من أمرهم واشتد على عمار الذي كان تكلم به، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت: أكان منشرحا بالذي قلت أم لا قال: لا، قال: وأنزل الله {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}). [الدر المنثور: 9/119-120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النّبيّ وذكر آلهتهم، بخير ثم تركوه فلما أتى النّبيّ قال: ما وراءك شيء قال: شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال: كيف تجد قلبك قال: مطمئن بالإيمان، قال: إن عادوا فعد، فنزلت {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ). [الدر المنثور: 9/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين: أن النّبيّ لقي عمارا وهو يبكي فجعل يمسح عن عينيه ويقول: أخذك الكفار فغطوك في الماء فقلت كذا وكذا، فإن عادوا فقل ذلك لهم). [الدر المنثور: 9/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال: ذلك عمار بن ياسر وفي قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرا} قال: ذاك عبد الله بن أبي سرح). [الدر المنثور: 9/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مالك في قوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال: نزلت في عمار بن ياسر). [الدر المنثور: 9/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال: نزلت في عمار). [الدر المنثور: 9/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي أن عبد الله بن أبي سرح أسلم ثم ارتد فلحق بالمشركين ووشى بعمار وخباب عند ابن الحضرمي أو ابن عبد الدار فأخذوهما وعذبوهما حتى كفرا فنزلت {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ). [الدر المنثور: 9/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسدد في مسنده، وابن المنذر، وابن مردويه عن أبي المتوكل الناجي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر إلى بئر للمشركين يستقي منها وحولها ثلاث صفوف يحرسونها فاستقى في قربة ثم أقبل فأخذوه فأرادوه على أن يتكلم بكلمة الكفر فأنزلت هذه الآية فيه {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ). [الدر المنثور: 9/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن عساكر عن قتادة قال: ذكر لنا أن هذه الآية {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} نزلت في عمار بن ياسر أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر وقالوا: اكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأتبعهم على ذلك وقلبه كاره فنزلت). [الدر المنثور: 9/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: نزلت هذه الآية {إلا من أكره} في عياش بن أبي ربيعة). [الدر المنثور: 9/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة: أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم فكفروا مكرهين ففيهم نزلت هذه الآية). [الدر المنثور: 9/122-123]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم استحبّوا الحياة الدّنيا على الآخرة، وأنّ اللّه لا يهدي القوم الكافرين}.
يقول تعالى ذكره: حلّ بهؤلاء المشركين غضب اللّه ووجب لهم العذاب العظيم، من أجل أنّهم اختاروا زينة الحياة الدّنيا على نعيم الآخرة، ولأنّ اللّه لا يوفّق القوم الّذين يجحدون آياته مع إصرارهم على جحودها). [جامع البيان: 14/376]
تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك الّذين طبع اللّه على قلوبهم، وسمعهم، وأبصارهم، وأولئك هم الغافلون (108) لا جرم أنّهم في الآخرة هم الخاسرون}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء المشركون الّذين وصفت لكم صفتهم في هذه الآيات أيّها النّاس، هم القوم الّذين طبع اللّه على قلوبهم، فختم عليها بطابعه، فلا يؤمنون ولا يهتدون، وأصمّ أسماعهم فلا يسمعون داعي اللّه إلى الهدى، وأعمى أبصارهم فلا يبصرون بها حجج اللّه إبصار معتبرٍ ومتّعظٍ {وأولئك هم الغافلون} يقول: وهؤلاء الّذين جعل اللّه فيهم هذه الأفعال هم السّاهون عمّا أعدّ اللّه لأمثالهم من أهل الكفر وعمّا يراد بهم). [جامع البيان: 14/376-377]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو أحمد بكر بن محمّد بن حمدان الصّيرفيّ بمرو من أصل كتابه، ثنا أبو محمّدٍ عبيد بن قنفذ البزّار، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد اللّه بن طاوسٍ، عن أبيه، قال: كان حجر بن قيسٍ المدريّ من المختصّين بخدمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، فقال له عليٌّ يومًا: يا حجر إنّك «تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعنّي ولا تبرأ منّي». قال طاوسٌ: فرأيت حجر المدريّ وقد أقامه أحمد بن إبراهيم خليفة بني أميّة في الجامع ووكّل به ليلعن عليًّا أو يقتل فقال حجرٌ أما إنّ الأمير أحمد بن إبراهيم أمرني أن ألعن عليًّا فالعنوه لعنه اللّه. فقال طاوسٌ: فلقد أعمى اللّه قلوبهم حتّى لم يقف أحدٌ منهم على ما قال). [المستدرك: 2/390]
تفسير قوله تعالى: (لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا جرم أنّهم في الآخرة هم الخاسرون} الهالكون، الّذين غبنوا أنفسهم حظوظها من كرامة اللّه تعالى). [جامع البيان: 14/377]
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني .. .. عن عبيد الله] بن زحر عن سليمان عمن أخبره عن ابن عباس قال: [ا .. ... .. ] ويعذبونهم ويقولون للخنافس هؤلاء ربكم [ .. ... .. ] {وقلبه مطمئن بالإيمان ثم إن ربك للذين هاجروا [من بعد ما] فتنوا}، الآية كلها). [الجامع في علوم القرآن: 2/2-3] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النحل: {من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذابٌ عظيمٌ}؛
فنسخ واستثنى فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجرو، من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}؛
هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار؛ فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل اليوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره النبي عليه السلام). [الجامع في علوم القرآن: 3/76] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل عن عامر الشعبي قال لما نزلت آية الهجرة كتب بها المسلمون إلى إخوانهم بمكة فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق أدركهم المشركون فردوهم فأنزل الله تعالى آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يقتنون عشر آيات من أول السورة فتعاهدوا أن يخرجوا إلى المدينة فخرجوا فتبعهم المشركون فاقتتلوا فمنهم من قتل ومنهم من نجا فنزلت فيهم ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/95] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت عكرمة يقول كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم فقتلوا قال فنزلت فيهم الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا قال فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة فخرج ناس من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون فأدركوهم فمنهم من أعطى الفتنة فأنزل الله ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة فقال رجل من بني ضمرة لأهله وكان مريضا أخرجوني إلى الروح فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص فمات فأنزل الله عز و جل ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله إلى آخر الآية ونزل في أولئك الذين كانوا أعطوا الفتنة ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/95-96] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا، ثمّ جاهدوا وصبروا، إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ إنّ ربّك يا محمّد للّذين هاجروا من ديارهم ومساكنهم وعشائرهم من المشركين، وانتقلوا عنهم إلى ديار أهل الإسلام ومساكنهم وأهل ولايتهم، من بعد ما فتنهم المشركون الّذين كانوا بين أظهرهم قبل هجرتهم عن دينهم، ثمّ جاهدوا المشركين بعد ذلك بأيديهم بالسّيف وبألسنتهم بالبراءة منهم وممّا يعبدون من دون اللّه، وصبروا على جهادهم، {إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}، يقول: إنّ ربّك من بعد فعلتهم هذه لهم لغفورٌ، يقول: لذو سترٍ على ما كان منهم من إعطاء المشركين ما أرادوا منهم من كلمة الكفر بألسنتهم، وهم لغيرها مضمرون وللإيمان معتقدون، رحيمٌ بهم أن يعاقبهم عليها مع إنابتهم إلى اللّه وتوبتهم.
وذكر عن بعض أهل التّأويل أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا تخلّفوا بمكّة بعد هجرة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فاشتدّ المشركون عليهم حتّى فتنوهم عن دينهم، فأيسوا من التّوبة، فأنزل اللّه فيهم هذه الآية، فهاجروا ولحقوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان}، قال: " ناسٌ من أهل مكّة آمنوا، فكتب إليهم بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة: أن هاجروا، فإنّا لا نراكم منّا حتّى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون المدينة، فأدركتهم قريشٌ بالطّريق، ففتنوهم وكفروا مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية ".
- حدّثني القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- قال ابن جريجٍ: قال اللّه تعالى ذكره: {من كفر باللّه من بعد إيمانه}، ثمّ نسخ واستثنى، فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا، ثمّ جاهدوا وصبروا، إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}، ذكر لنا أنّه لمّا أنزل اللّه أنّ أهل مكّة لا يقبل منهم إسلامٌ حتّى يهاجروا، كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكّة فلمّا جاءهم ذلك تبايعوا بينهم على أن يخرجوا، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكّة قاتلوهم حتّى ينجوا أو يلحقوا باللّه، فخرجوا، فأدركهم المشركون، فقاتلوهم، فمنهم من قتل، ومنهم من نجا، فأنزل اللّه تعالى: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا} الآية "
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا محمّد بن شريكٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كان قومٌ من أهل مكّة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدرٍ معهم، فأصيب بعضهم وقتل بعضٌ، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى آخر الآية، قال: وكتب إلى من بقي بمكّة من المسلمين هذه الآية: لا عذر لهم، قال: فخرجوا فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة، فنزلت هذه الآية: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه جعل فتنة النّاس كعذاب اللّه} إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كلّ خيرٍ، ثمّ نزلت فيهم: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا، ثمّ جاهدوا وصبروا، إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}، فكتبوا إليهم بذلك: إنّ اللّه قد جعل لكم مخرجًا، فخرجوا، فأدركهم المشركون فقاتلوهم، ثمّ نجا من نجا، وقتل من قتل "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: " نزلت هذه الآية في عمّار بن ياسرٍ، وعيّاش بن أبي ربيعة، (والوليد بن أبي ربيعة)، والوليد بن الوليد: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا، ثمّ جاهدوا وصبروا} ".
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في شأن ابن أبي سرحٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثني ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا في سورة النّحل: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدرًا، فعليهم غضبٌ من اللّه ولهم عذابٌ عظيمٌ} ثمّ نسخ واستثنى من ذلك، فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا، ثمّ جاهدوا وصبروا، إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} وهو عبد اللّه بن سعد بن أبي سرحٍ الّذي كان يكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأزلّه الشّيطان، فلحق بالكفّار، فأمر به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقتل يوم فتح مكّة، فاستجار له أبو عمرٍو، فأجاره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "). [جامع البيان: 14/377-380]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عليّ بن الحسين بن واقدٍ، حدّثني أبي، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ " {ما ننسخ من آيةٍ} [البقرة: 106] الآية. وقال في سورة النّحل {وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ} [النحل: 101] وقال في قوله عزّ وجلّ {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا} [النحل: 110] الآية. قال: هو عبد اللّه بن سعدٍ أو غيره الّذي كان واليًا بمصر، يكتب لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فزلّ فلحق بالكفّار، فأمر به رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفّان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فأجاره رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/388]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن حمدان الجلّاب، بهمدان، ثنا هلال بن العلاء الرّقّيّ، ثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن عمرٍو الرّقّيّ، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسرٍ، عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسرٍ فلم يتركوه حتّى سبّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذكر آلهتهم بخيرٍ ثمّ تركوه، فلمّا أتى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما وراءك؟» قال: شرٌّ يا رسول اللّه، ما تركت حتّى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخيرٍ قال: «كيف تجد قلبك؟» قال: مطمئنٌّ بالإيمان قال: «إن عادوا فعد» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/389]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلّا من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من اللّه ولهم عذاب عظيم} واستثنى من ذلك {ثمّ إنّ ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [النحل: 110] وهو عبد الله بن أبي السّرح - الذي كان على مصر - كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأزلّه الشيطان، فلحق بالكفار، فأمر به أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائي). [جامع الأصول: 2/207-208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال: كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان أبو فكهية يعذب حتى لا يدري ما يقول وبلال وعامر، وابن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} ). [الدر المنثور: 9/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {من كفر بالله} الآية قال: أخبر الله سبحانه أن {من كفر بالله من بعد إيمانه} فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم فأما من أكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم). [الدر المنثور: 9/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله). [الدر المنثور: 9/123-124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} الآية قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم فأنزل الله (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (العنكبوت 1 - 2) فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل الله {ثم إن ربك للذين هاجروا} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي مثله). [الدر المنثور: 9/124-125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} ). [الدر المنثور: 9/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فنزلت فيهم {ثم إن ربك للذين هاجروا} الآية فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا، فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل). [الدر المنثور: 9/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله قال: نعم، قال: أتشهد أني رسول الله فأهوى إلى أذنيه فقال: إني أصم، فأمر به فقتل، وقال للآخر: أتشهد أن محمدا رسول الله قال: نعم، قال: أتشهد أني رسول الله قال: نعم، فأرسله، فأتى النّبيّ فأخبره فقال: أما صاحبك فمضى على إيمانه وأما أنت فأخذت الرخصة). [الدر المنثور: 9/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} قال: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أحد بني مخزوم وكان أخا أبي جهل لأمه وكان يضربه سوطا وراحلته سوطا). [الدر المنثور: 9/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي إسحاق في قوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} قال: نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد رضي الله عنهم). [الدر المنثور: 9/126]