تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {ومنه شجر فيه تسيمون} قال: المراعي [الآية: 10]). [تفسير الثوري: 164]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {تسيمون} [النحل: 10] : ترعون). [صحيح البخاري: 6/82]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ تسيمون ترعون روى الطّبريّ من طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى ومنه شجرٌ فيه تسيمون قال ترعون فيه أنعامكم ومن طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ تسيمون أي ترعون ومن طريق عكرمة مولى بن عبّاسٍ مثله وقال أبو عبيدة أسمت الإبل رعيتها وسامت هي رعت). [فتح الباري: 8/385]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {تسيمون} ترعون {شاكلته} ناحيته
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 10 النّحل {شجر فيه تسيمون} ترعون
وبه في قوله 84 الإسراء {قل كل يعمل على شاكلته} يقول على ناحيته). [تغليق التعليق: 4/235]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس): فيما وصله الطبري ({تسيمون}) أي (ترعون) من سامت الماشية أو أسامها صاحبها). [إرشاد الساري: 7/196]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {شجرٌ فيه تسيمون} قال: ترعون). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 96]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي أنزل من السّماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تسيمون}.
يقول تعالى ذكره: والّذي أنعم عليكم هذه النّعم وخلق لكم الأنعام والخيل وسائر البهائم لمنافعكم ومصالحكم، هو الرّبّ الّذي أنزل من السّماء ماءً، يعني: مطرًا لكم من ذلك الماء شرابٌ تشربونه ومنه شراب أشجاركم وحياة غروسكم ونباتها {فيه تسيمون} يقول: في الشّجر الّذي ينبت من الماء الّذي أنزل من السّماء تسيمون، ترعون، يقال منه: أسام فلانٌ إبله يسيمها إسامةً إذا أرعاها، وسوّمها أيضًا يسوّمها، وسامت هي: إذ رعت، فهي تسوم، وهي إبلٌ سائمةٌ، ومن ذلك قيل للمواشي المطلقة في الفلاة وغيرها للرّعي، سائمةٌ وقد وجّه بعضهم معنى السّوم في البيع إلى أنّه من هذا، وأنّه ذهاب كلّ واحدٍ من المتبايعين فيما ينبغي له من زيادة ثمنٍ ونقصان، كما تذهب سوائم المواشي حيث شاءت من مراعيها، ومنه قول الأعشى:
ومشى القوم بالعماد إلى الرزحى = وأعيا المسيم أين المساق.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة: {ومنه شجرٌ فيه تسيمون} قال: " ترعون "
- حدّثنا أحمد بن سهيلٍ الواسطيّ قال: حدّثنا قرّة بن عيسى، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة، في قوله: {فيه تسيمون} قال: " ترعون "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " ترعون ".
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " {ومنه شجرٌ فيه تسيمون} يقول: شجرٌ يرعون فيه أنعامهم وشاءهم "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {فيه تسيمون} قال: " ترعون "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، وأبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: " فيه ترعون "
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، عن الضّحّاك، في قوله: " {تسيمون} يقول: ترعون أنعامكم "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن طلحة بن أبي طلحة القنّاد، قال: سمعت عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبزى، قال: " فيه ترعون "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: " {شجرٌ فيه تسيمون} يقول: ترعون "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: " ترعون "
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة في قول اللّه: {شجرٌ فيه تسيمون} قال: " ترعون "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: " {ومنه شجرٌ فيه تسيمون} قال: " ترعون، قال: الإسامة: الرّعيّة " وقال الشّاعر:
مثل ابن بزعة أو كآخر مثله...أولى لك ابن مسيمة الأجمال
قال: يا ابن راعية الأجمال). [جامع البيان: 14/180-183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فيه تسيمون} قال: ترعون فيه أنعامكم). [الدر المنثور: 9/19]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {فيه تسيمون} قال: فيه ترعون، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول:
ومشى القوم بالعماد إلى الدو * حاء أعماد المسيم بن المساق). [الدر المنثور: 9/19-20]
تفسير قوله تعالى: (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ينبت لكم به الزّرع، والزّيتون، والنّخيل، والأعناب، ومن كلّ الثّمرات، إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: ينبت لكم ربّكم بالماء الّذي أنزل لكم من السّماء زرعكم، وزيتونكم، ونخيلكم، وأعنابكم. {ومن كلّ الثّمرات} يعني من كلّ الفواكه غير ذلك أرزاقًا لكم وأقواتًا وإدامًا وفاكهةً، نعمةً منه عليكم بذلك وتفضّلاً، وحجّةً على من كفر به منكم. {إنّ في ذلك لآيةً} يقول جلّ ثناؤه: إنّ في إخراج اللّه بما ينزل من السّماء من ماءٍ ما وصف لكم {لآيةً} يقول: لدلالةٌ واضحةٌ وعلامةٌ بيّنةٌ. {لقومٍ يتفكّرون} يقول: لقومٍ يعتبرون مواعظ اللّه ويتفكّرون في حججه، فيتذكّرون وينيبون). [جامع البيان: 14/183]
تفسير قوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرؤونها (وسُخِّر لكم اللّيلُ والنّهارُ والشّمسُ والقمرُ والنجومُ) ويقرءونها (الرياح مسخرات بأمره) [الآية: 12]). [تفسير الثوري: 164]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وسخّر لكم اللّيل، والنّهار، والشّمس، والقمر، والنّجوم مسخّراتٌ بأمره، إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}.
يقول تعالى ذكره: ومن نعمه عليكم أيّها النّاس مع الّتي ذكرها قبل أن سخّر لكم اللّيل والنّهار يتعاقبان عليكم، هذا لتصرّفكم في معاشكم وهذا لسكنكم فيه {والشّمس والقمر} لمعرفة أوقات أزمنتكم، وشهوركم، وسنينكم، وصلاح معايشكم. {والنّجوم مسخّراتٌ} لكم بأمر اللّه تجري في فلكها لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر. {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}. يقول تعالى ذكره: إنّ في تسخير اللّه ذلك على ما سخّره لدلالاتٌ واضحاتٌ لقومٍ يعقلون حجج اللّه ويفهمون عنه تنبيهه إيّاهم). [جامع البيان: 14/184]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه قال من الدواب والأشجار والثمار). [تفسير عبد الرزاق: 1/353-354]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفًا ألوانه، إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يذّكّرون}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وما ذرأ لكم} وسخّر لكم ما ذرأ: أي ما خلق لكم في الأرض مختلفًا ألوانه من الدّوابّ والثّمار.كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما ذرأ لكم في الأرض} يقول: " وما خلق لكم مختلفًا ألوانه من الدّوابّ ومن الشّجر والثّمار، نعمٌ من اللّه متظاهرةٌ فاشكروها للّه "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: " من الدّوابّ والأشجار والثّمار ".
ونصب قوله: " مختلفًا " لأنّ قوله: " وما " في موضع نصبٍ بالمعنى الّذي وصفت. وإذا كان ذلك كذلك، وجب أن يكون " مختلفًا ألوانه " حالاً من " ما "، والخبر دونه تامٌّ، ولو لم تكن " ما " في موضع نصبٍ، وكان الكلام مبتدأً من قوله: {وما ذرأ لكم} لم يكن في مختلفٍ إلاّ الرّفع، لأنّه كان يصير مرافع " ما " حينئذٍ). [جامع البيان: 14/184-185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وما ذرأ لكم في الأرض} قال: ما خلق لكم في الأرض مختلفا: من الدواب والشجر والثمار، نعم من الله متظاهرة فاشكروها لله عز وجل والله أعلم بالصواب). [الدر المنثور: 9/20]