تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني عبد اللّه بن عيّاشٍ عن عمر بن عبد اللّه مولى غفرة وحمّاد بن هلالٍ أنّ ابن الكوّاء قال لعليّ بن أبي طالبٍ: يا أمير المؤمنين، ما {الذاريات ذرواً (1) فالحاملات وقراً}، فقال: ثكلتك أمك، يا ابن الكوّاء، سل تفقّهًا، ولا تسأل تعنّتًا؛ قال:، واللّه، إن سألتك إلا تفقّهًا فقال: فتلك الرّيح والسّحاب تحمل المطر؛ قال: فمن القوم {الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار}، فقال له عليٌّ مثل ما قال له أوّلا، فقال له ابن الكوّاء مثل قوله: قال له علي: فأولئك قتلى المشركين من قريشٍ قتلهم اللّه يوم بدرٍ وألقاهم في القليب؛ قال: فمن القوم {الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}، قال: أولئك أقوامٌ كانوا على حسناتٍ من أعمالهم فملّوها وبدّلوها بغيرها، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعًا؛ ثمّ أدخل عليٌ أصبعيه في أذنيه، ثمّ هتف بصوته حتّى خرج صوته من نواحي المسجد، ثمّ قال: وما ابن الكوّاء منهم ببعيدٍ، ثلاث مراتٍ). [الجامع في علوم القرآن: 2/66-67] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا قال من الذين بدلوا نعمت الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار قال الأفجران وقال قريش أو قال أهل مكة بنو مخزوم وبنو أمية وكفيتهم يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 1/342]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء قال سمعت
[تفسير عبد الرزاق: 1/342]
ابن عباس يقول هم والله الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار فقال قريش أو قال أهل مكة). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وأحلوا قومهم دار البوار قال هم قادة المشركين يوم بدر وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها هي دارهم في الآخرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال شهدت عليا وهو يخطب وهو يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل فقام إليه ابن الكواء و أنا بينه وبين علي وهو خلفي قال ما والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا فقال علي ويلك سل تفقها ولا تسل تعنتا الذاريات ذروا الرياح فالحاملات وقرا قال السحاب فالجاريات يسرا السفن فالمقسمات أمرا قال الملائكة قال أفرأيت السواد الذي في القمر ما هو قال أعمى سأل عن عمياء أما سمعت الله يقول وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة فذلك محوه السواد الذي فيه قال أفرأيت ذا القرنين أنبيا كان أم ملكا قال ولا واحد منهما ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه دعا قومه إلى الهدى فضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر ولم يكن له قرنان كقرني الثور قال أفرأيت هذا القوس ما هي قال علامة كانت بين نوح بين ربه وأمان من الغرق قال أفرأيت البيت المعمور ما هو قال ذلك الصرح في سبع سماوات تحت العرش يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة قال فمن الذين بدلوا أنعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار قال الأفجران من قريش بنو أمية وبنو مخزوم كفيتهم يوم بدر قال فمن الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا قال كانت أهل حروراء منهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/241-242] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدّثنا أبو حذيفة ثنا سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن عمرٍو عن عليّ بن أبي طالب في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار جهنم} قال: هما الأفجران من قريشٍ بنو أميّة وبنو المغيرة فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه أدبارهم وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين [الآية: 28]). [تفسير الثوري: 157]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28] "
ألم تر: ألم تعلم؟ كقوله: {ألم تر كيف} [إبراهيم: 24]، {ألم تر إلى الّذين خرجوا} [البقرة: 243] ، {البوار} [إبراهيم: 28] : الهلاك، بار يبور، {قومًا بورًا} [الفرقان: 18] : هالكين "
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، سمع ابن عبّاسٍ، {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28] قال: «هم كفّار أهل مكّة»). [صحيح البخاري: 6/80]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرا
ألم تر ألم تعلم كقوله ألم تر إلى الّذين خرجوا زاد غير أبي ذرٍّ ألم تر كيف وهذا قول أبي عبيدة بلفظه قوله البوار الهلاك بار يبور بورًا قومًا بورًا هالكين هو كلام أبي عبيدة ثمّ ذكر حديث بن عبّاسٍ فيمن نزلت فيه الآية مختصرًا وقد تقدّم مستوفًى مع شرحه في غزوة بدرٍ وروى الطّبريّ من طريق أخرى عن بن عبّاسٍ أنّه سأل عمر عن هذه الآية فقال من هم قال هم الأفجران من بني مخزومٍ وبني أميّة أخوالي وأعمامك فأمّا أخوالي فاستأصلهم اللّه يوم بدرٍ وأمّا أعمامك فأملى اللّه لهم إلى حينٍ ومن طريق عليٍّ قال هم الأفجران بنو أميّة وبنو المغيرة فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ وهو عند عبد الرّزّاق أيضًا والنّسائيّ وصححه الحاكم قلت والمراد بعضهم لا جميع بني أميّة وبني مخزومٍ فإنّ بني مخزومٍ لم يستأصلوا يوم بدرٍ بل المراد بعضهم كأبي جهلٍ من بني مخزوم وأبي سفيان من بني أميّة). [فتح الباري: 8/378]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة الله كفراً} (إبراهيم: 28) )
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {لم تر إلى الّذين}. الآية قوله: (بدلوا) أي: غيروا (نعمة الله) عز وجل عليهم في محمّد صلى الله عليه وسلم حيث بعثه الله تعالى منهم وفيهم فكفروا به وكذبوه (وأحلّوا) أي: وأنزلوا (قومهم) ممّن تابعهم على كفرهم (دار البوار) أي: الهلاك، ثمّ بين ذلك بقوله: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} (إبراهيم: 29).
ألم تعلم كقوله ألم تر كيف. ألم تر إلى الّذين خرجوا
فسر قوله: (ألم تر) بقوله: (ألم تعلم)، وهكذا فسره أبو عبيدة، وقال الكرماني: هو بمعنى: ألم تعلم، إذ الرّؤية بمعنى الإبصار غير حاصلة إمّا لتعذرها وإمّا لتعسرها عادة. قلت: هذه الكلمة تقال عند التّعجّب من الشّيء وعند تنبيه المخاطب، كقوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين خرجوا من ديارهم} (البقرة: 243) {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبا من الكتاب} (آل عمران: 23، النّساء: 7 و 44) والبوار الهلاك، والفعل منه: بار يبور، من باب: قال يقول، قوله: قوما بوراً: هالكين، أشار به إلى قوله تعالى: {دار البوار} والبوار: الهلاك، والفعل منه بار يبور، من باب قال يقول، قوما بوراً هالكين أن يكون بوراً مصدرا وصف به الجمع، وأن يكون جمع: بائر.
- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمروٍ وعن عطاءٍ سمع ابن عبّاسٍ: {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفراً}.
(انظر الحديث 3977).
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله المعروف بابن المدينيّ، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وقد تقدم في غزوة بدر). [عمدة القاري: 19/6]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28]
ألم تعلم كقوله: {ألم تر كيف} {ألم تر إلى الّذين خرجوا} {البوار}: الهلاك بار يبور بورًا. {قومًا بورًا}: هالكين
هذا (باب) بالتنوين وهو ساقط لغير أبي ذر في قوله: ({ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}) [إبراهيم: 28] قال أبو عبيدة: (ألم تعلم) ولأبي ذر: ألم تر (كقوله) تعالى: ({ألم تر كيف} {ألم تر إلى الذين خرجوا}) إذ الرؤية بالأبصار غير حاصلة إما لتعذرها أو لتعسرها عادة وفي الآية حذف مضاف أي غيروا شكر نعمة الله كفرًا بأن وضعوه مكانه وقول صاحب الأنوار كالكشاف أو بدلوا نفس النعمة كفرًا فإنهم لما كفروها سلبت منهم فصاروا تاركين لها محصلين الكفر بدلها تعقب بأنه ليس بقوي لأنه يقتضي حدوث الكفر حينئذٍ وهم قد كانوا كفارًا من قبل وهذا ظاهر لا خفاء فيه.
({البوار}) في قوله تعالى: {وأحلوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: 28] هو (الهلاك) قال:
فلم أر مثلهم أبطال حرب = غداة الروع إذ خيف البوار
وأصله من الكساد كما قيل:
كسد حتى فسد، ولما كان الكساد يؤدي إلى الفساد والهلاك أطلق عليه البوار والفعل منه (بار يبور بورًا) بفتح الموحدة وسكون الواو ({قومًا بورً}) أي (هالكين) قاله أبو عبيدة وغيره،
ويحتمل أن يكون بورًا مصدرًا وصف به الجمع وأن يكون جمع بائر في المعنى ومن وقوع البور على الواحد قوله:
يا رسول المليك إن لساني = راتق ما فتقت إذ أنا بور
وثبت قوله قومًا بورًا لأبي ذر.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ سمع ابن عبّاسٍ {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28] قال: هم كفّار أهل مكّة.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) هو ابن دينار (عن عطاء) هو ابن أبي رباح أنه (سمع ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما يقول في قوله تعالى: ({ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم كفار أهل مكة) وعند الطبري من طريق أخرى عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية فقال من هم؟ قال هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية أخوالي وأعمامك فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين والمراد كما في الفتح بعض بني أمية وبني مخزوم فإن بني مخزوم لم يستأصلوا يوم بدر بل المراد بعضهم كأبي جهل من بني مخزوم وأبي سفيان من بني أمية وعنده أيضًا من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس هم جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم. قال الحافظ ابن كثير والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول وإن كان المعنى يعم جميع الكفار فإن الله تعالى بعث محمدًا -صلّى اللّه عليه وسلّم- رحمة للعالمين ونعمة للناس.
وهذا الحديث ذكره في غزوة بدر). [إرشاد الساري: 7/189-190]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وأحلّوا قومهم دار البوار}
- أخبرنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا محمّدٌ، حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، سمع عليًّا رضي الله عنه، وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية {الّذين بدّلوا نعمة الله كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار جهنّم يصلونها} [إبراهيم: 29] قال: «هم كفّار قريشٍ يوم بدرٍ»
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، عن سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة الله كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: 28] قال: «هم أهل مكّة» قال سفيان: يعني كفّارهم
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ بكر بن سوادة، حدّثه، عن عبد الرّحمن بن جبيرٍ، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تلا قول الله تعالى في إبراهيم: {ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس} [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118] فرفع يديه فقال: «اللهمّ أمّتي أمّتي» وبكى صلّى الله عليه وسلّم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمّدٍ وربّك أعلم، فاسأله ما يبكيه، فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما قال وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمّدٍ فقل له: إنّا سنرضيك في أمّتك، ولا نسوؤك
- أخبرنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد الله، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا مرّ بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم إلّا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وتقنّع بردائه وهو على الرّحل). [السنن الكبرى للنسائي: 10/140-141]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم يصلونها وبئس القرار}.
يقول تعالى ذكره: ألم تنظر يا محمّد {إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} يقول: غيّروا ما أنعم اللّه به عليهم من نعمه، فجعلوها كفرًا به، وكان تبديلهم نعمة اللّه كفرًا في نبيّ اللّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنعم اللّه به على قريشٍ، فأخرجه منهم وابتعثه فيهم رسولاً، رحمةً لهم ونعمةً منه عليهم، فكفروا به، وكذّبوه، فبدّلوا نعمة اللّه عليهم به كفرًا.
وقوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} يقول: وأنزلوا قومهم من مشركي قريشٍ دار البوار، وهي دار الهلاك. يقال منه: بار الشّيء يبور بورًا: إذا هلك وبطل، ومنه قول ابن الزّبعرى، وقد قيل إنّه لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب:
يا رسول المليك إنّ لساني = راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
ثمّ ترجم عن دار البوار وما هي، فقيل: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} يقول: وبئس المستقرّ هي جهنّم لمن صلاها.
وقيل: إنّ الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا: بنو أميّة، وبنو مخزومٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن سعدٍ، عن عمر بن الخطّاب، في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم} قال: " هما الأفجران من قريشٍ: بنو المغيرة، وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ قال: أخبرنا حمزة الزّيّات، عن عمرو بن مرّة قال: قال ابن عبّاسٍ لعمر رضي اللّه عنهما: يا أمير المؤمنين، هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم الأفجران من قريشٍ: أخوالي وأعمامك، فأمّا أخوالي فاستأصلهم اللّه يوم بدرٍ، وأمّا أعمامك فأملى اللّه لهم إلى حينٍ "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " الأفجران من قريشٍ ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ، مثله
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، وشريكٌ، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " بنو المغيرة وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرًا ذا مرٍّ قال: سمعت عليًّا يقول في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " الأفجران من بني أسدٍ وبني مخزومٍ "
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ، قال: " هم كفّار قريشٍ يعني في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم} "
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل أنّه سمع عليّ بن أبي طالبٍ، وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ يوم بدرٍ ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة قال: " سمعت أبا الطّفيل قال: سمعت عليًّا، فذكر نحوه
- حدّثنا أبو السّائب قال: حدّثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميعٍ، عن مسلمٍ البطين، عن أبي أرطأة، عن عليٍّ في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم كفّار قريشٍ " هكذا قال أبو السّائب مسلمٌ البطين عن أبي أرطأة
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ الزّعفرانيّ، قال: حدّثنا أبو معاوية الضّرير قال: حدّثنا إسماعيل بن سميعٍ، عن مسلم عن أرطأة، عن عليٍّ في قوله تعالى: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ قال في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة قال: سمعت أبا الطّفيل يحدّث قال: سمعت عليًّا يقول في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " كفّار قريشٍ يوم بدرٍ "
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدّثنا بسّامٌ الصّيرفيّ، قال: حدّثنا أبو الطّفيل عامر بن واثلة، ذكر أنّ عليًّا، قام على المنبر فقال: " سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي فقام ابن الكوّاء فقال: من {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " منافقو قريشٍ "
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ قال: حدّثنا بسّامٌ، عن رجلٍ قد سمّاه الطّنافسيّ قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: يا أمير المؤمنين: " من {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " في قريشٍ "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا بسّامٌ الصّيرفيّ، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ أنّه سئل عن هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " منافقو قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: حدّثنا عمرو بن دينارٍ، أنّ ابن عبّاسٍ، قال في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم المشركون من أهل بدرٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الجبّار، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، قال: سمعت عطاءً، يقول: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: " هم واللّه أهل مكّة {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا صالح بن عمر، عن مطرّف بن طريفٍ، عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرًا ذا مرٍّ يقول: سمعت عليًّا يقول على المنبر، وتلا هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هما الأفجران من قريشٍ، فأمّا أحدهما فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا الآخر فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى, وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثنا الحسن، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن مجاهدٍ قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: " {بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} كفّار قريشٍ ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: " هم واللّه {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قريشٌ أو قال: أهل مكّة "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن بشّارٍ قالا: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " قتلى يوم بدرٍ "
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني عبد الصّمد قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ، قالا: " هم قتلى بدرٍ من المشركين "
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ في: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم واللّه أهل مكّة قال أبو كريبٍ: قال سفيان: يعني كفّارهم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم المشركون من أهل بدرٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب عليٍّ، عن عليٍّ، في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم الأفجران من قريشٍ من بني مخزومٍ وبني أميّة، أمّا بنو مخزومٍ فإنّ اللّه قطع دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا معلّى بن أسدٍ، قال: أخبرنا خالدٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم القادة من المشركين يوم بدرٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ قالا: " هم كفّار قريشٍ من قتل ببدرٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: " هم كفّار قريشٍ، من قتل ببدرٍ "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} الآية، قال: هم مشركو أهل مكّة "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: أخبرني محمّد بن إسحاق، عن بعض، أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: " نزلت هذه الآية في الّذين قتلوا من قريشٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} الآية "
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} " كنّا نحدّث أنّهم أهل مكّة: أبو جهلٍ وأصحابه، الّذين قتلهم اللّه يوم بدرٍ "، قال اللّه: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم قادة المشركين يوم بدرٍ، أحلّوا قومهم دار البوار {جهنّم يصلونها} "
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هؤلاء المشركون من أهل بدرٍ "
وقال آخرون في ذلك بما؛
- حدّثني به محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا، وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم يصلونها} فهو جبلة بن الأيهم، والّذين اتّبعوه من العرب فلحقوا بالرّوم ".
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " أحلّوا من أطاعهم من قومهم "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ: {دار البوار} قال: " الهلاك "
- قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " أصحاب بدرٍ "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: " {دار البوار} النّار "، قال: " وقد بيّن اللّه ذلك وأخبرك به، فقال: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {دار البوار (28) جهنّم يصلونها} هي دارهم في الآخرة "). [جامع البيان: 13/668-678]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي جريج في قوله بدلوا نعمة الله كفرا ونعمة الله محمد والإيمان بدلوه كفرا وهم كفار قريش ببدر). [تفسير مجاهد: 335]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ الشّيبانيّ بالكوفة، ثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا بسّامٌ الصّيرفيّ، ثنا أبو الطّفيل عامر بن واثلة قال: سمعت عليًّا رضي اللّه عنه، قام فقال سلوني قبل أن تفقدوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام ابن الكوّاء فقال: " من الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار؟ قال: منافقوا قريشٍ قال: فمن الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعًا؟ قال: منهم أهل حروراء «هذا حديثٌ صحيحٌ عالٍ» وبسّام بن عبد الرّحمن الصّيرفيّ من ثقات الكوفيّين ممّن يجمع حديثهم ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/383]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا محمّد بن عليّ بن ميمونٍ الرّقّيّ، ثنا محمّد بن يوسف الفريابيّ، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ عن عليٍّ رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ " {وأحلّوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: 28] قال: هم الأفجران من قريشٍ، بنو أميّة وبنو المغيرة، فأمّا بنو المغيرة فقد قطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ «هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/383]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة اللّه كفراً} [إبراهيم: 28] قال: هم كفّار أهل مكّة.
وفي روايةٍ قال: هم والله كفّار قريشٍ، قال عمرو هم قريشٌ، ومحمدٌ: نعمة الله، {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: النّار يوم بدرٍ. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
(البوار) : الهلاك). [جامع الأصول: 2/204]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28].
- عن عليٍّ: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: 28]- الآية. قال: نزلت في الأفخرين من بني مخزومٍ وبني أميّة، فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عمرٌو ذو مرٍّ، ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السّبيعيّ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/44]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: ثنا سريجٌ، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- " (وأحلّوا قومهم دار البوار) قال: هم المشركون من قريشٍ يوم بدرٍ"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 29 - 34
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبخاري والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم كفار أهل مكة). [الدر المنثور: 8/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر.
وأمّا بنو أمية فمتعوا إلى حين). [الدر المنثور: 8/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين هذه الآية {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم الأفجران من قريش: أخوالي وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر.
وأمّا أعمامك فأملى الله لهم إلى حين). [الدر المنثور: 8/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، وابن مردويه والحاكم وصححه من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر.
وأمّا بنو أمية فمتعوا إلى حين). [الدر المنثور: 8/547-548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي الطفيل رضي الله عنه أن ابن الكواء رضي الله عنه سأل عليا رضي الله عنه من {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم الفجار من قريش كفيتهم يوم بدر، قال: فمن (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) (الكهف آية 104) قال: منهم أهل حروراء). [الدر المنثور: 8/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: بنو أمية وبنو مخزوم رهط أبي جهل). [الدر المنثور: 8/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ارطأة رضي الله عنه: سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول: {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الناس منها برآء غير قريش). [الدر المنثور: 8/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال: قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال ألا أحد يسألني عن القرآن فوالله لو أعلم اليوم أحد أعلم به مني وإن كان من وراء البحور لأتيته، فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال: من {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم مشركو قريش أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا قومهم دار البوار). [الدر المنثور: 8/548-549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر والحاكم في الكنى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم كفار قريش الذين نحروا يوم بدر). [الدر المنثور: 8/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال هم المشركون من أهل بدر). [الدر المنثور: 8/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك في تفسيره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر). [الدر المنثور: 8/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت هذه الآية في الذين قتلوا من قريش يوم بدر {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هم قريش، ومحمد النعمة). [الدر المنثور: 8/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الآية، قال: كنا نحدث أنهم أهل مكة أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر). [الدر المنثور: 8/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا}
قال: هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم). [الدر المنثور: 8/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأحلوا قومهم دار البوار} قال: أحلوا من أطاعهم من قومهم). [الدر المنثور: 8/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {دار البوار} قال: النار، قال: وقد بين الله ذلك وأخبرك به فقال: {جهنم يصلونها وبئس القرار}). [الدر المنثور: 8/550]
تفسير قوله تعالى: (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم يصلونها وبئس القرار}.
يقول تعالى ذكره: ألم تنظر يا محمّد {إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} يقول: غيّروا ما أنعم اللّه به عليهم من نعمه، فجعلوها كفرًا به، وكان تبديلهم نعمة اللّه كفرًا في نبيّ اللّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنعم اللّه به على قريشٍ، فأخرجه منهم وابتعثه فيهم رسولاً، رحمةً لهم ونعمةً منه عليهم، فكفروا به، وكذّبوه، فبدّلوا نعمة اللّه عليهم به كفرًا.
وقوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} يقول: وأنزلوا قومهم من مشركي قريشٍ دار البوار، وهي دار الهلاك. يقال منه: بار الشّيء يبور بورًا: إذا هلك وبطل، ومنه قول ابن الزّبعرى، وقد قيل إنّه لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب:
يا رسول المليك إنّ لساني = راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
ثمّ ترجم عن دار البوار وما هي، فقيل: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} يقول: وبئس المستقرّ هي جهنّم لمن صلاها.
وقيل: إنّ الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا: بنو أميّة، وبنو مخزومٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن سعدٍ، عن عمر بن الخطّاب، في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم} قال: " هما الأفجران من قريشٍ: بنو المغيرة، وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ قال: أخبرنا حمزة الزّيّات، عن عمرو بن مرّة قال: قال ابن عبّاسٍ لعمر رضي اللّه عنهما: يا أمير المؤمنين، هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم الأفجران من قريشٍ: أخوالي وأعمامك، فأمّا أخوالي فاستأصلهم اللّه يوم بدرٍ، وأمّا أعمامك فأملى اللّه لهم إلى حينٍ "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " الأفجران من قريشٍ ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ، مثله
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، وشريكٌ، عن أبي إسحاق، عن عمرٍو ذي مرٍّ، عن عليٍّ، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " بنو المغيرة وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرًا ذا مرٍّ قال: سمعت عليًّا يقول في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " الأفجران من بني أسدٍ وبني مخزومٍ "
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ، قال: " هم كفّار قريشٍ يعني في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم} "
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل أنّه سمع عليّ بن أبي طالبٍ، وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ يوم بدرٍ ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة قال: " سمعت أبا الطّفيل قال: سمعت عليًّا، فذكر نحوه
- حدّثنا أبو السّائب قال: حدّثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميعٍ، عن مسلمٍ البطين، عن أبي أرطأة، عن عليٍّ في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم كفّار قريشٍ " هكذا قال أبو السّائب مسلمٌ البطين عن أبي أرطأة
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ الزّعفرانيّ، قال: حدّثنا أبو معاوية الضّرير قال: حدّثنا إسماعيل بن سميعٍ، عن مسلم عن أرطأة، عن عليٍّ في قوله تعالى: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ قال في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة قال: سمعت أبا الطّفيل يحدّث قال: سمعت عليًّا يقول في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " كفّار قريشٍ يوم بدرٍ "
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدّثنا بسّامٌ الصّيرفيّ، قال: حدّثنا أبو الطّفيل عامر بن واثلة، ذكر أنّ عليًّا، قام على المنبر فقال: " سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي فقام ابن الكوّاء فقال: من {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " منافقو قريشٍ "
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ قال: حدّثنا بسّامٌ، عن رجلٍ قد سمّاه الطّنافسيّ قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: يا أمير المؤمنين: " من {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " في قريشٍ "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا بسّامٌ الصّيرفيّ، عن أبي الطّفيل، عن عليٍّ أنّه سئل عن هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " منافقو قريشٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: حدّثنا عمرو بن دينارٍ، أنّ ابن عبّاسٍ، قال في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم المشركون من أهل بدرٍ "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الجبّار، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، قال: سمعت عطاءً، يقول: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: " هم واللّه أهل مكّة {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا صالح بن عمر، عن مطرّف بن طريفٍ، عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرًا ذا مرٍّ يقول: سمعت عليًّا يقول على المنبر، وتلا هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هما الأفجران من قريشٍ، فأمّا أحدهما فقطع اللّه دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا الآخر فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى, وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثنا الحسن، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن مجاهدٍ قال: " كفّار قريشٍ "
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: " {بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} كفّار قريشٍ ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: " هم واللّه {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قريشٌ أو قال: أهل مكّة "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن بشّارٍ قالا: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية: {الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " قتلى يوم بدرٍ "
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني عبد الصّمد قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم كفّار قريشٍ "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ، قالا: " هم قتلى بدرٍ من المشركين "
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ في: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم واللّه أهل مكّة قال أبو كريبٍ: قال سفيان: يعني كفّارهم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم المشركون من أهل بدرٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب عليٍّ، عن عليٍّ، في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم الأفجران من قريشٍ من بني مخزومٍ وبني أميّة، أمّا بنو مخزومٍ فإنّ اللّه قطع دابرهم يوم بدرٍ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حينٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا معلّى بن أسدٍ، قال: أخبرنا خالدٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} قال: " هم القادة من المشركين يوم بدرٍ "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ قالا: " هم كفّار قريشٍ من قتل ببدرٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: " هم كفّار قريشٍ، من قتل ببدرٍ "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا} الآية، قال: هم مشركو أهل مكّة "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: أخبرني محمّد بن إسحاق، عن بعض، أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: " نزلت هذه الآية في الّذين قتلوا من قريشٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} الآية "
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} " كنّا نحدّث أنّهم أهل مكّة: أبو جهلٍ وأصحابه، الّذين قتلهم اللّه يوم بدرٍ "، قال اللّه: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هم قادة المشركين يوم بدرٍ، أحلّوا قومهم دار البوار {جهنّم يصلونها} "
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " هؤلاء المشركون من أهل بدرٍ "
وقال آخرون في ذلك بما؛
- حدّثني به محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا، وأحلّوا قومهم دار البوار (28) جهنّم يصلونها} فهو جبلة بن الأيهم، والّذين اتّبعوه من العرب فلحقوا بالرّوم ".
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " أحلّوا من أطاعهم من قومهم "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ: {دار البوار} قال: " الهلاك "
- قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: {وأحلّوا قومهم دار البوار} قال: " أصحاب بدرٍ "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: " {دار البوار} النّار "، قال: " وقد بيّن اللّه ذلك وأخبرك به، فقال: {جهنّم يصلونها وبئس القرار} "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {دار البوار (28) جهنّم يصلونها} هي دارهم في الآخرة "). [جامع البيان: 13/668-678] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {جهنم يصلونها} قال: هي دارهم في الآخرة). [الدر المنثور: 8/551]
تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلوا للّه أندادًا ليضلّوا عن سبيله، قل تمتّعوا فإنّ مصيركم إلى النّار}.
يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا لربّهم أندادًا، وهي جماع ندٍّ.
قد بيّنت معنى النّدّ فيما مضى بشواهده، بما أغنى عن إعادته، وإنّما أراد أنّهم جعلوا للّه شركاء، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: " {وجعلوا للّه أندادًا} والأنداد: الشّرك "
وقوله: {ليضلّوا عن سبيله} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: {ليضلّوا} بمعنى: كي يضلّوا النّاس عن سبيل اللّه بما فعلوا من ذلك.
وقرأته عامّة قرّاء أهل البصرة: " ليضلّوا " بمعنى: كي يضلّ جاعلو الأنداد للّه عن سبيل اللّه
وقوله: {قل تمتّعوا} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهم: تمتّعوا في الحياة الدّنيا وعيدًا من اللّه لهم لا إباحة لهم التّمتّع بها ولا أمرًا على وجه العبادة، ولكن توبيخًا وتهدّدًا ووعيدًا، وقد بيّن ذلك بقوله: {فإنّ مصيركم إلى النّار} يقول: استمتعوا في الحياة الدّنيا، فإنّها سريعة الزّوال عنكم، وإلى النّار تصيرون عن قريبٍ، فتعلمون هنالك غبّ تمتّعكم في الدّنيا بمعاصي اللّه وكفركم فيها به). [جامع البيان: 13/678-679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وجعلوا لله أندادا} قال: أشركوا بالله). [الدر المنثور: 8/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} قال: تمتعوا إلى أجلكم). [الدر المنثور: 8/551]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( (ولا خلال) : «مصدر خاللته خلالًا، ويجوز أيضًا جمع خلّةٍ وخلالٍ»). [صحيح البخاري: 6/79]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ولا خلال مصدر خاللته خلالًا ويجوز أيضًا جمع خلّةٍ وخلال كذا وقع فيه فأوهم أنّه من تفسير مجاهدٍ وإنّما هو من كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ أي لا مخالّة خليلٍ قال وله معنى آخر جمع خلّةٍ مثل حلّةٍ والجمع خلالٌ وقلّةٍ والجمع قلالٌ وروى الطّبريّ من طريق قتادة قال علم اللّه أنّ في الدّنيا بيوعًا وخلالًا يتخالون بها في الدّنيا فمن كان يخالل اللّه فليدم عليه وإلّا فسينقطع ذلك عنه وهذا يوافق من جعل الخلال في الآية جمع خلّةٍ). [فتح الباري: 8/376]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ولا خلال مصدر خاللته خلالاً ويجوز أيضاً جمع خلّةٍ وخلالٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {يوم لا بيع فيه ولا خلال} (إبراهيم: 31) وذكر في لفظ خلال وجهان: أحدهما: أنه مصدر خاللته خلال، والمعنى: ولا مخاللة خليل. وثانيهما: إنّه جمع خلة، مثل: ظلة وظلال، وهذا الوجه قاله أبو عليّ الفارسي، وجمهور أهل اللّغة على الأول، والخلة، بضم الخاء: الصداقة والمحبة الّتي تخللت القلب فصارت خلاله أي: في باطنه، ومنه الخليل وهو الصّديق). [عمدة القاري: 19/4]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ولا خلال} مصدر خاللته خلالاً) قال طرفة:
كل خليل كنت خاللته = لا ترك الله له واضحه
(ويجوز أيضًا جمع خلة وخلال) كبرمة وبرام وهذا قاله الأخفش والجمهور على الأوّل والمخاللة المصاحبة). [إرشاد الساري: 7/188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة وينفقوا ممّا رزقناهم سرًّا وعلانيةً من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد {لعبادي الّذين آمنوا} بك وصدّقوا أنّ ما جئتهم به من عندي {يقيموا الصّلاة} يقول: قل لهم: فليقيموا الصّلوات الخمس المفروضة عليهم بحدودها، ولينفقوا ممّا رزقناهم فخوّلناهم من فضلنا سرًّا وعلانيةً، فليؤدّوا ما أوجبت عليهم من الحقوق فيها سرًّا وإعلانًا {من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه} يقول: لا يقبل فيه فديةٌ وعوضٌ من نفسٍ وجب عليها عقاب اللّه بما كان منها من معصية ربّها في الدّنيا، فيقبل منها الفدية، وتترك فلا تعاقب فسمّى اللّه جلّ ثناؤه الفدية عوضًا، إذ كان أخذ عوضٍ من معتاضٍ منه.
وقوله: {ولا خلالٌ} يقولا: وليس هناك مخالّة خليلٍ، فيصفح عمّن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالّته، بل هنالك العدل والقسط، فالخلال مصدرٌ من قول القائل: خاللت فلانًا فأنا أخالّله مخالّةً وخلالاً، ومنه قول امرئ القيس:
صرفت الهوى عنهنّ من خشية الرّدى = ولست بمقليّ الخلال ولا قال
وجزم قوله: {يقيموا الصّلاة} بتأويل الجزاء، ومعناه الأمر، يراد: قل لهم ليقيموا الصّلاة
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {قل لعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة} يعني الصّلوات الخمس {وينفقوا ممّا رزقناهم سرًّا وعلانيةً}: " يقول: زكاة أموالهم "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشامٌ، عن عمرٍو، عن سعيدٍ، عن قتادة، في قوله: {من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ} قال قتادة: إنّ اللّه تبارك وتعالى قد علم أنّ في الدّنيا بيوعًا وخلالاً يتخالّون بها في الدّنيا، فينظر رجلٌ من يخال وعلام يصاحب، فإن كان للّه فليداوم، وإن كان لغير اللّه فإنّها ستنقطع عنه "). [جامع البيان: 13/679-680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} قال: إن الله تعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في الدنيا فلينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب فإن كان لله فليداوم وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة إلا خلة المتقين). [الدر المنثور: 8/551]