العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يوسف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:37 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يوسف [ من الآية (102) إلى الآية (107) ]

تفسير سورة يوسف
[ من الآية (102) إلى الآية (107) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:38 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) )
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني {أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} قال: هم بنو يعقوب إذ يمكرون بيوسف). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}.
يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الّذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السّورة {من أنباء الغيب} يقول: من أخبار الغيب الّذي لم تشاهده، ولم تعاينه، ولكنّا {نوحيه إليك} ونعرّفكه، لنثبّت به فؤادك، ونشجّع به قلبك، وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات اللّه، وتعلم أنّ من قبلك من رسل اللّه إذ صبروا على ما نالهم فيه، وأخذوا بالعفو، وأمروا بالعرف، وأعرضوا عن الجاهلين، فازوا بالظّفر، وأيّدوا بالنّصر، ومكّنوا في البلاد، وغلبوا من قصدوا من أعدائهم وأعداء دين اللّه، يقول اللّه تبارك وتعالى لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فبهم يا محمّد فتأسّ، وآثارهم فقصّ {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} يقول: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف، إذ أجمعوا، واتّفقت آراؤهم، وصحّت عزائمهم على أن يلقوا يوسف في غيابة الجبّ، وذلك كان مكرهم الّذي قال اللّه عزّ وجلّ {وهم يمكرون}، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كنت لديهم} يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجبّ وهم يمكرون: أي بيوسف
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} الآية، قال: هم بنو يعقوب). [جامع البيان: 13/369-370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون (102)
قوله تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك
- حدّثنا موسى بن أبي حمّادٍ، عن أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: قوله: ذلك من أنباء الغيب يعني هذا أحاديث.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق يقول اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا عبد اللّه بن إدريس ثنا محمّد بن إسحاق ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ثمّ قد جئتهم بخبر ما غيّبوا عنك ممّا عندهم جئتهم به دليلا علي نبوّتك والحجّة لك عليهم.
قوله تعالى: وما كنت لديهم.
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة وما كنت لديهم يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول: ما كنت عندهم.
قوله تعالى: إذ أجمعوا أمرهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ ثنا قتادة: وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم أي ألقوه في غيابت الجبّ.
قوله تعالى: وهم يمكرون.
- وبه، عن قتادة قوله: وهم يمكرون أي: بيوسف.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أخبرني ابن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه عطاءٍ الخراسانيّ قوله: إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون قال: فهم بنوا يعقوب إذ يمكرون بيوسف). [تفسير القرآن العظيم: 7/2206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 102 – 106
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} قال: هم بنو يعقوب إذ يمكرون بيوسف). [الدر المنثور: 8/347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {وما كنت لديهم} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم يقول {وما كنت لديهم} وهم يلقونه في غيابة الجب {وهم يمكرون} بيوسف). [الدر المنثور: 8/347-348]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} يقول جلّ ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك يا محمّد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك، ويتّبعوا ما جئتهم به من عند ربّك بمصدّقيك ولا متّبعيك). [جامع البيان: 13/370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (103)
قوله تعالى: وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: بمؤمنين قال: مصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2206]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما تسألهم عليه من أجرٍ إن هو إلاّ ذكرٌ للعالمين}.
يقول تعالى ذكره لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وما تسأل يا محمّد هؤلاء الّذين ينكرون نبوّتك ويمتنعون من تصديقك والإقرار بما جئتهم به من عند ربّك على ما تدعوهم إليه من إخلاص العبادة لربّك، وهجر عبادة الأوثان، وطاعة الرّحمن {من أجرٍ} يعني من ثوابٍ وجزاءٍ منهم، بل إنّما ثوابك وأجر عملك على اللّه، يقول: ما تسألهم على ذلك ثوابًا، فيقولوا لك: إنّما تريد بدعائك إيّانا إلى اتّباعك لننزل لك عن أموالنا إذا سألتنا ذلك، وإذ كنت لا تسألهم ذلك فقد كان حقًّا عليهم أن يعلموا أنّك إنّما تدعوهم إلى ما تدعوهم إليه اتّباعًا منك لأمر ربّك، ونصيحةً منك لهم، وأن لا يستغشوك
وقوله: {إن هو إلاّ ذكرٌ للعالمين} يقول تعالى ذكره: ما هذا الّذي أرسلك به ربّك يا محمّد من النّبوّة والرّسالة إلاّ ذكرٌ، يقول: إلاّ عظةٌ وتذكيرٌ للعالمين، ليتّعظوا ويتذكّروا به). [جامع البيان: 13/371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما تسألهم عليه من أجرٍ إن هو إلّا ذكرٌ للعالمين (104)
قوله تعالى: وما تسئلهم عليه من أجرٍ.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: عليه من أجرٍ يقول: عرضٌ من أعراض الدّنيا.
قوله تعالى: إن هو إلا ذكرٌ للعالمين
- حدّثنا كثير بن شهابٍ ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قال الإنس عالمٌ والجنّ عالمٌ، وسوى ذلك ثمانية عشر ألف عالمٍ من الملائكة على الأرض والأرض أربع زوايا ففي كلّ زاويةٍ منها أربعة آلافٍ وخمسمائة عالمٍ، خلقهم اللّه لعبادته تبارك وتعالى). [تفسير القرآن العظيم: 7/2207]

تفسير قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قراءة أصحاب عبد اللّه (وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون) كقوله: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه} [الآية: 105]). [تفسير الثوري: 147-148]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكأيّن من آيةٍ في السّموات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون}.
يقول جلّ وعزّ: وكم من آيةٍ في السّموات والأرض للّه، وعبرةٍ وحجّةٍ، وذلك كالشّمس، والقمر، والنّجوم، ونحو ذلك من آيات السّموات، وكالجبال، والبحار، والنّبات، والأشجار، وغير ذلك من آيات الأرض، {يمرّون عليها} يقول: يعاينونها فيمرّون بها معرضين عنها، لا يعتبرون بها، ولا يفكّرون فيها، وفيما دلّت عليه من توحيد ربّها، وأنّ الألوهيّة لا تبتغي إلاّ للواحد القهّار الّذي خلقها وخلق كلّ شيءٍ فدبّرها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وكأيّن من آيةٍ في السّموات والأرض يمرّون عليها} وهي في مصحف عبد اللّه: ( يمشون عليها ) السّماء والأرض آيتان عظيمتان). [جامع البيان: 13/371-372]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكأيّن من آيةٍ في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون (105)
قوله تعالى: وكأيّن من آية في السماوات والأرض إلى معرضون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ ثنا قتادة وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرّون أي: يمشون عليها في قراءة ابن مسعود وهم عنها معرضون.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا خليدٌ، عن قتادة في قول اللّه وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون قال: هي في قراءة ابن مسعودٍ يمشون عليها قال: في السّماء والأرض آيتان عظيمتان). [تفسير القرآن العظيم: 7/2207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {وكأين من آية} - قال: كم من آية في السماء يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها، وفي الأرض ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور). [الدر المنثور: 8/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال في مصحف عبد الله [ وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها ] والسماء والأرض آيتان عظيمتان). [الدر المنثور: 8/348]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة عن معاوية عن القاسم عن مجاهد في قول الله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، قال: يقول: الله ربنا يرزقنا، والله يميتنا وهم مشركون). [الجامع في علوم القرآن: 1/9]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال لا يسأل أحد من المشركين من ربك إلا قال الله تعالى وهو يشرك في ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/328-329]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (106) : قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} ] - حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عبد الملك، عن عطاءٍ - في قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} - قال: كانوا يعلمون أنّ الله ربّهم وهو خالقهم وهو رازقهم، وكانوا مع ذلك يشركون). [سنن سعيد بن منصور: 5/411-412]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون}.
يقول تعالى ذكره: وما يقرّ أكثر هؤلاء الّذين وصف عزّ وجلّ صفتهم بقوله: {وكأيّن من آيةٍ في السّموات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون} باللّه، أنّه خالقه ورازقه وخالق كلّ شيءٍ، إلاّ وهم به مشركون في عبادتهم الأوثان والأصنام، واتّخاذهم من دونه أربابًا، وزعمهم أنّه له ولدًا، تعالى اللّه عمّا يقولون علوا كبيرا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وما يؤمن أكثرهم باللّه} الآية، قال: من إيمانهم إذا قيل لهم من خلق السّماء، ومن خلق الأرض، ومن خلق الجبال؟ قالوا: اللّه، وهم مشركون.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} قال: تسألهم من خلقهم ومن خلق السّموات والأرض، فيقولون: اللّه، فذلك إيمانهم باللّه، وهم يعبدون غيره
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ، وعكرمة: {وما يؤمن أكثرهم باللّه} الآية، قالا: يعلمون أنّه ربّهم، وأنّه خلقهم، وهم مشركون به.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ وعكرمة بنحوه
- قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن نصرٍ، عن عكرمة: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} قال: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السّموات؟ قالوا: اللّه، وإذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: اللّه وهم يشركون به بعد
- قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، عن الفضل بن يزيد الثّماليّ، عن عكرمة قال: هو قول اللّه: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه}، فإذا سئلوا عن اللّه وعن صفته، وصفوه بغير صفته، وجعلوا له ولدًا، وأشركوا به.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} إيمانهم قولهم: اللّه خالقنا، ويرزقنا، ويميتنا
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} فإيمانهم قولهم: اللّه خالقنا، ويرزقنا، ويميتنا
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} إيمانهم قولهم: اللّه خالقنا، ويرزقنا، ويميتنا، فهذا إيمانٌ مع شرك عبادتهم غيره
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} قال: إيمانهم قولهم: اللّه خالقنا، ويرزقنا، ويميتنا
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا هانئ بن سعيدٍ، وأبو معاوية، عن حجّاجٍ، عن القاسم، عن مجاهدٍ قال: يقولون: اللّه ربّنا، وهو يرزقنا، وهم يشركون به بعد.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قال: إيمانهم قولهم: اللّه خالقنا، ويرزقنا، ويميتنا
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن عكرمة، ومجاهدٍ، وعامرٍ، أنّهم قالوا في هذه الآية: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} قال: ليس أحدٌ إلاّ وهو يعلم أنّ اللّه خلقه، وخلق السّموات والأرض، فهذا إيمانهم، ويكفرون بما سوى ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} في إيمانهم هذا، إنّك لست تلقى أحدًا منهم إلاّ أنبأك أنّ اللّه ربّه، وهو الّذي خلقه، ورزقه، وهو مشركٌ في عبادته
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وما يؤمن أكثرهم باللّه} الآية، قال: لا تسأل أحدًا من المشركين من ربّك، إلاّ قال: ربّي اللّه، وهو يشرك في ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} يعني النّصارى يقول: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه}، {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه} ولئن سألتهم من يرزقكم من السّماء والأرض؟ ليقولنّ اللّه، وهم مع ذلك يشركون به، ويعبدون غيره، ويسجدون للأنداد دونه.
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: كانوا يشركون به في تلبيتهم
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ: {وما يؤمن أكثرهم باللّه} الآية، قال: يعلمون أنّ اللّه ربّهم، وهم يشركون به بعد
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ في قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مشركون} قال: يعلمون أنّ اللّه خالقهم ورازقهم، وهم يشركون به
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول: {وما يؤمن أكثرهم باللّه} الآية، قال: ليس أحدٌ يعبد مع اللّه غيره إلاّ وهو مؤمنٌ باللّه، ويعرف أنّ اللّه ربّه، وأنّ اللّه خالقه ورازقه، وهو يشرك به، ألا ترى كيف قال إبراهيم: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون، أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين} قد عرف أنّهم يعبدون ربّ العالمين مع ما يعبدون، قال: فليس أحدٌ يشرك به إلاّ وهو يؤمنٌ به، ألا ترى كيف كانت العرب تلبّي، تقول: لبّيك اللّهمّ لبّيك، لا شريك لك، إلاّ شريكٌ هو لك، تملكه وما ملك؟ المشركون كانوا يقولون هذا). [جامع البيان: 13/372-376]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون (106)
قوله تعالى: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن صالح بن مسلمٍ العجليّ ثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون تسألهم من خلقهم؟ ومن خلق السّموات والأرض؟ فيقولون: اللّه فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، الأشجّ ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حجّاجٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون قال: يقولون: اللّه ربّنا اللّه يميتنا، اللّه يرزقنا.
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن عثمان اللاحقيّ، ثنا شعيب بن عبد اللّه أبو شعبة صاحب الطّيالسة، قال: سئل الحسن، عن هذه الآية: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون قال: ذاك المنافق يعمل إذا عمل رياءً للنّاس، وهو مشركٌ بعمله ذاك.
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن سوّارٍ ثنا النّضر بن عربيٍّ، في قوله: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون قال: فمن إيمانهم أن يقال لهم من ربّكم فيقولون: اللّه ومن يدبّر السّموات والأرض؟ فيقولون اللّه. ومن يرسل عليهم المطر فيقولون اللّه ومن ينبت الأرض؟ فيقولون اللّه، ثمّ هم بعد ذلك مشركون فيقولون: إنّ للّه ولدًا ويقولون: ثالث ثلاثةٍ.
- أخبرنا أوب يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون قال: ليس أحدٌ يعبد مع اللّه غيره، إلا وهو يؤمن باللّه، يعرف أنّ اللّه عزّ وجلّ ربّه وأنّ اللّه خلقه ورزقه، وهو مشركٌ به، ألا ترى كيف قال إبراهيم: أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون. فإنّهم عدوٌّ لي إلا ربّ العالمين قد عرف أنّهم يعبدون ربّ العالمين، مع ما يعبدون قال: فليس أحدٌ يشرك باللّه إلا وهو مؤمنٌ به، ألا ترى كيف كانت العرب تلبّي تقول: لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. المشركون كانوا يقولون هذا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا المقدّميّ ثنا زكريّا بن زرارة ثنا أبي قال: سألت أبا جعفرٍ محمّد بن عليٍّ، عن قوله: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون قال أبو جعفرٍ: شرك طاعةٍ قول الرّجل: لولا الله وفلان، لولا وكلب بني فلانٍ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب، ثنا يونس بن محمّدٍ ثنا حمّاد بن سلمة، عن عاصمٍ الأحول، عن عزرة قال: دخل حذيفة على مريضٍ فرأى في عضده سيرًا فقطعه أو انتزعه، ثمّ قال: وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون). [تفسير القرآن العظيم: 7/2207-2208]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال إيمانهم قولهم الله يخلقنا ويرزقنا ويميتنا وهو إيمان المشركين). [تفسير مجاهد: 321-322]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : (ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ وهم مشركون} [يوسف: 106]، قال: تسألهم: من خلقهم، ومن خلق السموات والأرض؟ فيقولون: اللّه.
وفي رواية: فيقرّون أنّ الله خالقهم، فذلك إيمانهم، وهم يعبدون غيره، فذلك شركهم. أخرجه). [جامع الأصول: 2/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: سلهم من خلقهم ومن خلق السموات والأرض، فيقولون: الله، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره). [الدر المنثور: 8/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: كانوا يعلمون أن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم وكانوا مع ذلك يشركون). [الدر المنثور: 8/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: إيمانهم قولهم: الله خلقنا وهو يرزقنا ويميتنا فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره). [الدر المنثور: 8/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: كانوا يشركون به في تلبيتهم يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك). [الدر المنثور: 8/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: ذاك المنافق يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله). [الدر المنثور: 8/349]

تفسير قوله تعالى: (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة غاشية من عذاب الله قال غاشية وقيعة تغشاهم من عذاب الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/329]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({غاشيةٌ من عذاب اللّه} [يوسف: 107] : «عامّةٌ مجلّلةٌ»). [صحيح البخاري: 6/76]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله غاشيةٌ من عذاب اللّه عامّةٌ مجلّلةٌ بالجيم وهو تأكيدٌ لقوله عامّةٌ وقال أبو عبيدة غاشيةٌ من عذاب الله مجلّلةٌ وهي بالجيم وتشديد اللّام أي تعمّهم وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله غاشية من عذاب الله أي وقيعةٌ تغشاهم). [فتح الباري: 8/361]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (غاشيةٌ من عذاب الله عامّةٌ مجلّلةٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم السّاعة بغتة وهم لا يشعرون} (يوسف: 107) وفسّر غاشية بقوله: (عمامة) أي: نقمة عامّة. قوله: (مجللة) ، بالجيم من جلل الشّيء تجليلاً أي: عمه، وهو صفة غاشية لأن ابن عبّاس فسر الغاشية بقوله: مجللة، ويرد بهذا قول بعضهم: أن مجللة تأكيد عامّة. وقال قتادة: غاشية وقيعة، وقال الضّحّاك: الصّواعق والقوارع). [عمدة القاري: 18/303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم} ({غاشية}) (من عذاب الله) أي عقوبة (عامة مجللة) بفتح الجيم وكسر اللام الأولى مشددة من جلل الشيء إذا عمه صفة لغاشية). [إرشاد الساري: 7/176]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه، أو تأتيهم السّاعة بغتةً وهم لا يشعرون}.
يقول جلّ ثناؤه: أفأمن هؤلاء الّذين لا يقرّون بأنّ اللّه ربّهم إلاّ وهم مشركون في عبادتهم إيّاه غيره، {أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه} تغشاهم من عقوبة اللّه وعذابه، على شركهم باللّه، أو تأتيهم القيامة فجأةً وهم مقيمون على شركهم وكفرهم بربّهم، فيخلّدهم اللّه عزّ وجلّ في ناره وهم لا يدرون بمجيئها وقيامها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه} قال: تغشاهم
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {غاشيةٌ من عذاب اللّه} قال: تغشاهم.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه} أي عقوبةٌ من عذاب اللّه
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {غاشيةٌ من عذاب اللّه} قال: غاشيةٌ وقيعةٌ تغشاهم من عذاب اللّه). [جامع البيان: 13/377-378]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتةً وهم لا يشعرون (107)
قوله تعالى: أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: غاشيةٌ من عذاب اللّه قال تغشاهم.
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه أي عقوبةٌ من عذاب اللّه.
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ ثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة غاشيةٌ من عذاب اللّه قال: وقيعةٌ تغشاهم.
قوله تعالى: أو تأتيهم السّاعة بغتةً وهم لا يشعرون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو عونٍ الزّياديّ، حدّثني إبراهيم بن طهمان حدّثني محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: تقوم السّاعة على رجلٍ أكلته في فيه يلوكها لا يسيغها، ولا يلفظها، وعلى رجلين قد نشرا ثوباهما يتبايعانه، فلا يطويانه ولا يتبايعانه.
- حدّثنا أبي ثنا أبو سلمة، موسى بن إسماعيل ثنا حمّادٌ، عن عليّ بن الحكم، عن عكرمة أنّه قال: لا تقوم السّاعة حتّى ينادي منادٍ: يا أيّها النّاس أتتكم السّاعة، أتتكم السّاعة ثلاثًا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: بغتة قال: فجأةٌ. آمنين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2208-2209]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله يعني عذابا يغشاهم فيهلكهم). [تفسير مجاهد: 322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 107.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {غاشية من عذاب الله} قال: تغشاهم). [الدر المنثور: 8/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {غاشية من عذاب الله} قال: واقعة تغشاهم). [الدر المنثور: 8/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {غاشية} قال: عقوبة من عذاب الله). [الدر المنثور: 8/350]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:46 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}
هذا خطاب للنبي عليه السلام، المعنى الذي قصصنا عليك من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عنك.
فأنزلت عليه دلالة على إثبات نبوته، وإنذارا وتيسيرا بتفصيل قصص الأمم السالفة.
وموضع (ذلك) رفع بالابتداء ويكون خبره {من أنباء الغيب}.
ويكون {نوحيه إليك} خبرا ثانيا، وإن شئت جعلت " نوحيه " هو الخبر، وجعلت ذلك في موضع الذي.
المعنى الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك ذلك). [معاني القرآن: 3/130]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين}
معناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم لأنك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} أي لست تقدر على هداية من أردت). [معاني القرآن: 3/460-459]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلّا ذكر للعالمين}
أي وما تسألهم على القرآن وتلاوته وهدايتك إيّاهم من أجر.
{إن هو إلّا ذكر للعالمين} أي ما هو إلا تذكرة لهم، بما هو صلاحهم ونجاتهم من النّار ودخولهم
الجنة، وإنذارهم وتبشيرهم، فكل الصلاح فيه). [معاني القرآن: 3/131-130]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكأيّن مّن آيةٍ في السّماوات والأرض...}
فآيات السّموات الشمس والقمر والنجوم. وآيات الأرض الجبال والأنهار وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 2/55]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {وكأين} يثقل بالياء.
أبو جعفر {وكاين} ). [معاني القرآن لقطرب: 738]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من آيةٍ} أي كم من دليل وعلامة في خلق {السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون} ).
[تفسير غريب القرآن: 223-222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكأيّن من آية في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون}
أي من علامة ودلالة تدلّهم على توحيد اللّه، من أمر السّماء وأنها بغير عمد لا تقع على الأرض، وفيها من مجرى الشمس والقمر ما فيها، وفيها أعظم البرهان والدليل على أن الّذي خلقها واحد، وأن لها خالقا، وكذلك فيما يشاهد في الأرض من نباتها وبحارها وجبالها.
{وهم عنها معرضون} أي لا يفكرون فيما يدلّهم على توحيد اللّه - عزّ وجلّ - والدليل على أنهم لا يفكرون فيما يستدلون به قوله عزّ وجلّ:
{وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} ). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون}
أي فكم من آية في رفع السموات بغير عمد ومجاري الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من نخلها وزرعها أي يعلمونها). [معاني القرآن: 3/460]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وكأين من آية} معناه: وكم من آية). [ياقوتة الصراط: 277]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون...}
يقول: إذا سألتهم من خلقكم؟ قالوا: الله، أو من رزقكم؟ قالوا: الله، وهم يشركون به فيعبدون الأصنام. فذلك قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون} ). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} يريد: إذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: اللّه. ثم يشركون بعد ذلك.
أي يجعلون للّه شركاء). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}،
أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟
قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم).
[تأويل مشكل القرآن: 482-481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون}
أي إن اعترفوا بأن الله خالقهم وخالق السّماوات والأرض، أشركوا في عبادته الأصنام، وأشركوا غير الأصنام). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}
قال عكرمة هو قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}
فإذا سئلوا عن صفته وصفوة بغيرها ونسبوه إلى أن له ولدا
وقال أبو جعفر يذهب عكرمة إلى أن الإيمان ههنا إقرارهم). [معاني القرآن: 3/460]

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غاشيةٌ من عذاب الله} : مجلّلةٌ.
{أو تأتيهم السّاعة بغتةً} أي فجأة، قال ابن ضبّة وهو يزيد ابن مقسم الثّقفي، وأمه ضبة التي قامت عنه أي ولدته:
ولكنّهم بانوا ولم أدر بغتةً= وأفظع شئٍ حين يفجأك البغت).
[مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غاشية من عذاب الله}: مجللة). [غريب القرآن وتفسيره: 188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {غاشيةٌ من عذاب اللّه} أي مجلّلة تغشاهم. ومنه قوله تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية} أي خبرها).
[تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتة وهم لا يشعرون }
أي أن يأتيهم ما يعجزهم من العذاب {أو تأتيهم السّاعة بغتة}.
أي فجأة، و (بغتة) مصدر منصوب على الحال، تقول لقيته بغتة وفجأة، ومعناه من حيث لم أتوقع أن ألقاه). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله}
قال مجاهد أي تغشاهم
قال أبو جعفر ومعناه تجللهم ومنه هل أتاك حديث الغاشية
ثم قال تعالى: {أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون}
أي فجأة من حيث لا يقدروا). [معاني القرآن: 3/461]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غاشية} أي مجللة تغشاهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَاشِيَةٌ}: مجللة). [العمدة في غريب القرآن: 164]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:47 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:48 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 11:48 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:09 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك من أنباء الغيب} الآية. "ذلك" إشارة إلى ما تقدم من قصة يوسف، وهذه الآية تعريض لقريش، وتنبيه على آية صدق محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ضمن ذلك الطعن على مكذبيه. والضمير في "لديهم" عائد إلى إخوة يوسف، وكذلك الضمائر إلى آخر الآية. و"أجمعوا" معناه: عزموا وجزموا، و"الأمر" هنا هو إلقاء يوسف في الجب، و"المكر" هو أن تدبر على الإنسان تدبيرا يضره ويؤذيه، والخديعة هي أن تفعل بإنسان وتقول له ما يوجب أن يفعل هو فعلا فيه عليه ضرر. وحكى الطبري عن أبي عمران الجوني أنه قال: "والله ما قص الله نبأهم ليعيرهم بذلك، إنهم لأنبياء من أهل الجنة، ولكن قص الله علينا نبأهم لئلا يقنط عبيده"). [المحرر الوجيز: 5/157]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}
[المحرر الوجيز: 5/157]
هاتان الآيتان تدلان أن الآية التي قبلهما فيها تعريض لقريش ومعاصري محمد صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: فإخبارك بالغيوب دليل قائم على نبوتك، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون وإن كنت أنت حريصا على إيمانهم، أي: يؤمن من شاء الله، وقوله: {ولو حرصت} اعتراض فصيح). [المحرر الوجيز: 5/158]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وما تسألهم} الآية، توبيخ للكفرة وإقامة للحجة عليهم، أي: ما أسفههم في أن تدعوهم إلى الله دون أن تبتغي منهم أجرا فيقول قائل: بسبب الأجر يدعوهم، وقرأ مبشر بن عبيد: "وما نسألهم" بالنون.
ثم ابتدأ الله تبارك وتعالى الإخبار عن كتابه العزيز أنه ذكر وموعظة لجميع العالم، نفعنا الله به، ووفر حظنا منه بعزته). [المحرر الوجيز: 5/159]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت الجماعة: "وكأين" بهمز الألف وشد الياء، قال سيبويه: هي كاف التشبيه اتصلت بـ "أي"، ومعناها معنى (كم) في التكثير، وقرأ ابن كثير: "وكائن" بمد الألف وهمز الياء، وهو من اسم الفاعل من "كان" فهو كائن، ولكن معناه معنى (كم) أيضا. وقد تقدم استيعاب القراءات في هذه الكلمة في قوله: {وكأين من نبي قاتل}.
و"الآية" هنا: المخلوقات المنصوبة للاعتبار، والحوادث الدالة على الله سبحانه في مصنوعاته، ومعنى يمرون عليها الآية: إذا جاء منها ما يحس أو يعلم في الجملة لم يتعظ الكافر به، ولا تأمله، ولا اعتبر به بحسب شهواته وعمهه، فهو لذلك- كالمعرض، ونحو هذا المعنى قول الشاعر:
تمر الصبا صفحا بساكن ذي الغضا ... ويصدع قلبي أن يهب هبوبها
[المحرر الوجيز: 5/158]
وقرأ السدي: "والأرض" بالنصب بإضمار فعل، والوقف -على هذا- في "السموات"، وقرأ عكرمة، وعمرو بن فائد: "والأرض" بالرفع على الابتداء، والخبر قوله: "يمرون"، وعلى القراءة بخفض "الأرض" فـ "يمرون" نعت لـ "الآية"، وفي مصحف عبد الله: "والأرض يمشون عليها"). [المحرر الوجيز: 5/159]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وما يؤمن أكثرهم} الآية. قال ابن عباس: هي في أهل الكتاب الذين يؤمنون بالله ثم يشركون من حيث كفروا بنبيه، أو من حيث قالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، وقال عكرمة، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد: هي في كفار العرب، وإيمانهم هو إقرارهم بالخالق والرازق والمميت، فسماه إيمانا وإن أعقبه إشراكهم بالأوثان والأصنام، فهذا الإيمان لغوي فقط من حيث هو تصديق ما. وقيل: هذه الآية نزلت بسبب قول قريش في الطواف والتلبية: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع أحدهم يقول: "لا شريك لك" يقول له: (قط قط)، أي: قف هنا ولا تزد: "إلا شريك هو لك"). [المحرر الوجيز: 5/159]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وهذه الآية من قوله: "وكأين" وإن كانت في الكفار بحكم ما قبلها، فإن العصاة يأخذون من ألفاظها بحظ، ويكون الإيمان حقيقة والشرك لغويا كالرياء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الرياء الشرك الأصغر"). [المحرر الوجيز: 5/159]

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الغاشية": ما يغشى ويغطي ويغم، وقرأ أبو حفص، وبشر بن عبيد: "أو يأتيهم الساعة بغتة" بالياء. و"بغتة" معناها: فجأة، وذلك أصعب). [المحرر الوجيز: 5/159]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:51 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:55 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون (102) وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (103) وما تسألهم عليه من أجرٍ إن هو إلا ذكرٌ للعالمين (104)}
يقول تعالى لعبده ورسوله محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه، لمّا قصّ عليه نبأ إخوة يوسف، وكيف رفعه اللّه عليهم، وجعل له العاقبة والنّصر والملك والحكم، مع ما أرادوا به من السّوء والهلاك والإعدام: هذا وأمثاله يا محمّد من أخبار الغيوب السّابقة، {نوحيه إليك} ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتّعاظ لمن خالفك، {وما كنت لديهم} حاضرًا عندهم ولا مشاهدًا لهم {إذ أجمعوا أمرهم} أي: على إلقائه في الجبّ، {وهم يمكرون} به، ولكنّا أعلمناك به وحيًّا إليك، وإنزالًا عليك، كما قال تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} [آل عمران: 44] وقال تعالى: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين} [القصص: 44] إلى أن قال: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمةً من ربّك} [القصص: 46] وقال {وما كنت ثاويًا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين} [القصص: 45] وقال {ما كان لي من علمٍ بالملإ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إليّ إلا أنّما أنا نذيرٌ مب} [ص: 69، 70]
يقرّر تعالى أنّه رسوله، وأنّه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق ممّا فيه عبرةٌ للنّاس ونجاةٌ لهم في دينهم ودنياهم؛ ومع هذا ما آمن أكثر النّاس؛ ولهذا قال: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} وقال {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه} [الأنعام: 116] إلى غير ذلك من الآيات). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 417]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما تسألهم عليه من أجرٍ} أي: وما تسألهم يا محمّد على هذا النّصح والدّعاء إلى الخير والرّشد من أجرٍ، أي: من جعالة ولا أجرةٍ على ذلك، بل تفعله ابتغاء وجه اللّه، ونصحًا لخلقه.
{إن هو إلا ذكرٌ للعالمين} أي: يتذكّرون به ويهتدون، وينجون به في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 417]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكأيّن من آيةٍ في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون (105) وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتةً وهم لا يشعرون (107)}
يخبر تعالى عن [غفلة] أكثر النّاس عن التّفكّر في آيات اللّه ودلائل توحيده، بما خلقه اللّه في السّموات والأرض من كواكب زاهراتٍ ثوابت، وسيّاراتٍ وأفلاكٍ دائراتٍ، والجميع مسخّراتٌ، وكم في الأرض من قطعٍ متجاوراتٍ وحدائق وجنّاتٍ وجبالٍ راسياتٍ، وبحارٍ زاخراتٍ، وأمواجٍ متلاطماتٍ، وقفارٍ شاسعاتٍ، وكم من أحياءٍ وأمواتٍ، وحيوانٍ ونباتٍ، وثمراتٍ متشابهةٍ ومختلفاتٍ، في الطّعوم والرّوائح والألوان والصّفات، فسبحان الواحد الأحد، خالق أنواع المخلوقات، المتفرّد بالدّوام والبقاء والصّمديّة ذي الأسماء والصّفات). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 418]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون} قال ابن عبّاسٍ: من إيمانهم، إذا قيل لهم: من خلق السّموات؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: "اللّه"، وهم مشركون به. وكذا قال مجاهدٌ، وعطاءٌ وعكرمة، والشّعبيّ، وقتادة، والضّحّاك، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وهكذا في الصّحيحين أنّ المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبّيك لا شريك لك، إلّا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. وفي الصّحيح: أنّهم كانوا إذا قالوا: "لبّيك لا شريك لك" يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قد قد"، أي حسب حسب، لا تزيدوا على هذا.
وقال اللّه تعالى: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] وهذا هو الشّرك الأعظم الّذي يعبد مع اللّه غيره، كما في الصّحيحين. عن ابن مسعودٍ قلت: يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم؟ قال: "أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك".
وقال الحسن البصريّ في قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون} قال: ذلك المنافق يعمل إذا عمل رياء النّاس، وهو مشركٌ بعمله ذاك، يعني قوله تعالى: {إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراءون النّاس ولا يذكرون اللّه إلا قليلا} [النّساء: 142].
وثمّ شركٌ آخر خفيٌّ لا يشعر به غالبًا فاعله، كما روى حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن عروة قال: دخل حذيفة على مريضٍ، فرأى في عضده سيرًا فقطعه -أو: انتزعه -ثمّ قال: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون}
وفي الحديث: "من حلف بغير اللّه فقد أشرك". رواه التّرمذيّ وحسنّه من رواية ابن عمر
وفي الحديث الّذي رواه أحمد وأبو داود وغيره، عن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الرّقى والتّمائم والتّولة شرك".
وفي لفظٍ لهما: " [الطيرة شركٌ] وما منّا إلّا ولكنّ اللّه يذهبه بالتّوكّل".
ورواه الإمام أحمد بأبسط من هذا فقال: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى الجزّار عن ابن أخي، زينب [عن زينب] امرأة عبد اللّه بن مسعودٍ قالت: كان عبد اللّه إذا جاء من حاجةٍ فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهية أن يهجم منّا على أمرٍ يكرهه، قالت: وإنّه جاء ذات يومٍ فتنحنح وعندي عجوزٌ ترقيني من الحمرة فأدخلتها تحت السّرير، قالت: فدخل فجلس إلى جانبي، فرأى في عنقي خيطًا، قال: ما هذا الخيط؟ قالت: قلت: خيطٌ رقى لي فيه. قالت: فأخذه فقطعه، ثمّ قال: إنّ آل عبد اللّه لأغنياءٌ عن الشّرك، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ الرّقى والتّمائم والتّولة شركٌ". قالت، قلت له: لم تقول هذا وقد كانت عيني تقذف، فكنت أختلف إلى فلانٍ اليهوديّ يرقيها، فكان إذا رقاها سكنت؟ قال: إنّما ذاك من الشّيطان. كان ينخسها بيده، فإذا رقيتها كفّ عنها: إنّما كان يكفيك أن تقولي كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أذهب البأس ربّ النّاس، اشف وأنت الشّافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا".
وفي حديثٍ آخر رواه الإمام أحمد، عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى بن عبد الرّحمن قال: دخلنا على عبد اللّه بن عكيم وهو مريضٌ نعوده، فقيل له: تعلّقت شيئًا؟ فقال: أتعلّق شيئًا! وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من تعلّق شيئًا وكل إليه" ورواه النّسائيّ عن أبي هريرة.
وفي مسند الإمام أحمد، من حديث عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من علّق تميمةً فقد أشرك" وفي روايةٍ: "من تعّلق تميمةً فلا أتمّ اللّه له، ومن تعلّق ودعةً فلا ودع اللّه له"
وعن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قال اللّه: أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، ومن عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه". رواه مسلمٌ.
وعن أبي سعيد بن أبي فضالة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ليومٍ لا ريب فيه، ينادي منادٍ: من كان أشرك في عملٍ عمله للّه فليطلب ثوابه من عند غير اللّه، فإنّ اللّه أغنى الشّركاء عن الشّرك". رواه أحمد.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يونس، حدّثنا ليث، عن يزيد -يعني: ابن الهاد -عن عمرٍو، عن محمود بن لبيدٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشّرك الأصغر". قالوا: وما الشّرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الّذين كنتم تراءون في الدّنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً".
وقد رواه إسماعيل بن جعفرٍ، عن عمرو بن أبي عمرٍو مولى المطّلب، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، أنبأنا ابن لهيعة، أنبأنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من ردّته الطّيرة عن حاجةٍ، فقد أشرك". قالوا: يا رسول اللّه، ما كفّارة ذلك؟ قال: "أن يقول أحدهم: اللّهمّ لا خير إلّا خيرك ولا طير إلّا طيرك، ولا إله غيرك".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن أبي عليٍّ -رجلٍ من بني كاهلٍ -قال: خطبنا أبو موسى الأشعريّ فقال: يا أيّها النّاس، اتّقوا هذا الشّرك، فإنّه أخفى من دبيب النّمل. فقام عبد اللّه بن حزن وقيس بن المضارب فقالا واللّه لتخرجنّ ممّا قلت أو لنأتينّ عمر مأذونًا لنا أو غير مأذونٍ، قال: بل أخرج مما قلت، خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ذات يومٍ] فقال: "يا أيّها النّاس، اتّقوا هذا الشّرك فإنّه أخفى من دبيب النّمل". فقال له من شاء اللّه أن يقول: فكيف نتّقيه وهو أخفى من دبيب النّمل يا رسول اللّه؟ قال: "قولوا: اللّهمّ إنّا نعوذ بك [من] أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه".
وقد روي من وجهٍ آخر، وفيه أنّ السّائل في ذلك هو الصّدّيق، كما رواه الحافظ أبو يعلى الموصليّ، من حديث عبد العزيز بن مسلمٍ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن أبي محمّدٍ، عن معقل بن يسار قال: شهدت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم -أو قال: حدّثني أبو بكرٍ الصّدّيق عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "الشّرك أخفى فيكم من دبيب النّمل". فقال أبو بكرٍ: وهل الشّرك إلّا من دعا مع اللّه إلهًا آخر؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الشّرك فيكم أخفى من دبيب النّمل". ثمّ قال: "ألا أدلّك على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبيره؟ قل: اللّهمّ، أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك ممّا لا أعلم".
وقد رواه الحافظ أبو القاسم البغويّ، عن شيبان بن فرّوخ، عن يحيى بن كثيرٍ، عن الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "الشّرك أخفى في أمّتي من دبيب النّمل على الصّفا". قال: فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللّه، فكيف النّجاة والمخرج من ذلك؟ فقال: "ألا أخبرك بشيءٍ إذا قلته برئت من قليله وكثيره وصغيره وكبيره؟ ". قال: بلى، يا رسول اللّه، قال: "قل: اللّهمّ، إنّي أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم".
قال الدّارقطنيّ: يحيى بن كثيرٍ هذا يقال له: "أبو النّضر"، متروك الحديث.
وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ، وصحّحه، والنّسائيّ، من حديث يعلى بن عطاءٍ، سمعت عمرو بن عاصمٍ سمعت أبا هريرة قال: قال أبو بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، علّمني شيئًا أقوله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعي. قال: "قل: اللّهمّ، فاطر السّموات والأرض، عالم الغيب والشّهادة، ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أعوذ بك من شرّ نفسي، ومن شرّ الشّيطان وشركه".
وزاد أحمد في روايةٍ له من حديث ليثٍ من أبي سليمٍ، [عن مجاهد] عن أبي بكر الصديق قال: أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن أقول = فذكر هذا الدّعاء وزاد في آخره: "وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجرّه إلى مسلمٍ"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 418-422]

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشيةٌ من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتةً وهم لا يشعرون} أي: أفأمن هؤلاء المشركون [باللّه] أن يأتيهم أمرٌ يغشاهم من حيث لا يشعرون، كما قال تعالى: {أفأمن الّذين مكروا السّيّئات أن يخسف اللّه بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلّبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوّفٍ فإنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ} [النّحل: 45 -47] وقال تعالى: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحًى وهم يلعبون أفأمنوا مكر اللّه فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون} [الأعراف: 97 -99]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 422]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة