تفسير قوله تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا وإن كنّا لخاطئين}.
يقول جلّ ثناؤه: قال إخوة يوسف له: تاللّه لقد فضّلك اللّه علينا، وآثرك بالعلم والحلم والفضل، {وإن كنّا لخاطئين} يقول: وما كنّا في فعلنا الّذي فعلنا بك في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك، وغير ذلك من صنيعنا الّذي صنعنا بك، إلاّ خاطئين: يعنون مخطئين، يقال منه: خطئ فلانٌ يخطأ خطأً وخطأً، وأخطأ يخطئ إخطاءً؛ ومن ذلك قول أميّة بن الأسكر:
وإنّ مهاجرين تكنّفاه = لعمر اللّه قد خطئا وحابا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: لمّا قال لهم يوسف: {أنا يوسف وهذا أخي} اعتذروا إليه، وقالوا: {تاللّه لقد آثرك اللّه علينا وإن كنّا لخاطئين}.
- حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا وإن كنّا لخاطئين} فيما كنّا صنعنا بك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {تاللّه لقد آثرك اللّه علينا} وذلك بعد ما عرّفهم أنفسهم، يقول: جعلك اللّه رجلاً حليمًا). [جامع البيان: 13/329-330]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا وإن كنّا لخاطئين (91)
قوله تعالى: قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا.
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: قالوا تاللّه لقد آثرك الله علينا. وذلك بعد ما عرّفهم نفسه، لقوا رجلا حليمًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: آثرك اللّه علينا. أي: فضّلك اللّه علينا.
قوله تعالى: وإن كنّا لخاطئين.
- وبه، عن ابن إسحاق: وإن كنّا لخاطئين. أي: فيما صنعنا بك). [تفسير القرآن العظيم: 7/2194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 91.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} وذلك بعدما عرفهم نفسه لقوا رجلا حليما لم يبث ولم يثرب عليهم أعمالهم). [الدر المنثور: 8/322]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثني أحمد بن سعيدٍ، حدّثنا بشر بن عمر، حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: {هيت لك} [يوسف: 23]. قال: «وإنّما نقرؤها كما علّمناها» {مثواه} [يوسف: 21] : «مقامه» . {وألفيا} [يوسف: 25] : «وجدا» ، {ألفوا آباءهم} [الصافات: 69] : «ألفينا» وعن ابن مسعودٍ: (بل عجبت ويسخرون) ). [صحيح البخاري: 6/77] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وعن ابن مسعود بل عجبت ويسخرون هكذا وقع في هذا الموضع معطوفًا على الإسناد الّذي قبله وقد وصله الحاكم في المستدرك من طريق جريرٍ عن الأعمش بهذا وقد أشكلت مناسبة إيراد هذه الآية في هذا الموضع فإنّها من سورة والصّافّات وليس في هذه السّورة من معناها شيءٌ لكن أورد البخاريّ في الباب حديث عبد الله وهو بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف الحديث ولا تظهر مناسبته أيضًا للتّرجمة المذكورة وهي قوله باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وقد تكلّف لها أبو الإصبع عيسى بن سهلٍ في شرحه فيما نقلته من رحلة أبي عبد اللّه بن رشيدٍ عنه ما ملخّصه ترجم البخاريّ باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وأدخل حديث بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا الحديث وأورد قبل ذلك في التّرجمة عن بن مسعود بل عجبت ويسخرون قال فانتهى الموضع الفائدة ولم يذكرها وهو قوله وإذا ذكّروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون قال ويؤخذ من ذلك مناسبة التّبويب المذكورة ووجهه أنّه شبّه ما عرض ليوسف عليه السّلام مع إخوته ومع امرأة العزيز بما عرض لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مع قومه حين أخرجوه من وطنه كما أخرج يوسف إخوته وباعوه لمن استعبده فلم يعنّف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قومه لمّا فتح مكّة كما لم يعنّف يوسف إخوته حين قالوا له تاللّه لقد آثرك اللّه علينا ودعا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمطر لمّا سأله أبو سفيان أن يستسقي لهم كما دعا يوسف لإخوته لمّا جاءوه نادمين فقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم قال فمعنى الآية بل عجبت من حلمي عنهم مع سخريتهم بك وتماديهم على غيّهم وعلى قراءة بن مسعودٍ بالضّمّ بل عجبت من حلمك عن قومك إذ أتوك متوسّلين بك فدعوت فكشف عنهم وذلك كحلم يوسف عن إخوته إذ أتوه محتاجين وكحلمه عن امرأة العزيز حيث أغرت به سيّدها وكذبت عليه ثمّ سجنته ثمّ عفا عنها بعد ذلك ولم يؤاخذها قال فظهر تناسب هاتين الآيتين في المعنى مع بعد الظّاهر بينهما قال ومثل هذا كثيرٌ في كتابه ممّا عابه به من لم يفتح اللّه عليه واللّه المستعان ومن تمام ذلك أن يقال تظهر المناسبة أيضًا بين القصّتين من قوله في الصّافّات وإذا رأوا آية يستسخرون فإنّ فيها إشارةٌ إلى تماديهم على كفرهم وغيّهم ومن قوله في قصّة يوسف ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتّى حين وقول البخاريّ وعن بن مسعودٍ هو موصولٌ بالإسناد الّذي قبله وقد روى الطّبريّ وبن أبي حاتمٍ من طريق الأعمش عن أبي وائلٍ عن شريحٍ أنّه أنكر قراءة عجبت بالضّمّ ويقول إنّ اللّه لا يعجب وإنّما يعجب من لا يعلم قال فذكرته لإبراهيم النّخعيّ فقال إنّ شريحًا كان معجبًا برأيه وأن بن مسعودٍ كان يقرؤها بالضّمّ وهو أعلم منه قال الكرمانيّ أورد البخاريّ هذه الكلمة وإن كانت في الصّافّات هنا إشارةٌ إلى أنّ بن مسعودٍ كان يقرؤها بالضّمّ كما يقرأ هيت بالضّمّ انتهى وهي مناسبةٌ لا بأس بها إلّا أن الّذي تقدم عن بن سهلٍ أدقّ واللّه أعلم وقرأ بالضّمّ أيضًا سعيد بن جبيرٍ وحمزة والكسائيّ والباقون بالفتح وهو ظاهرٌ وهو ضمير الرّسول وبه صرّح قتادة ويحتمل أن يراد به كلّ من يصحّ منه وأمّا الضّمّ فحكاية شريحٍ تدلّ على أنّه حمله على اللّه وليس لإنكاره معنًى لأنّه إذا ثبت حمل على ما يليق به سبحانه وتعالى ويحتمل أن يكون مصروفًا للسّامع أي قل بل عجبت ويسخرون والأوّل هو المعتمد وقد أقرّه إبراهيم النّخعيّ وجزم بذلك سعيد بن جبيرٍ فيما رواه بن أبي حاتمٍ قال في قوله بل عجبت اللّه عجب ومن طريق أخرى عن الأعمش عن أبي وائل عن بن مسعودٍ أنّه قرأ بل عجبت بالرّفع ويقول نظيرها وأن تعجب فعجب قولهم ومن طريق الضّحّاك عن بن عبّاس قال سبحان الله عجب ونقل بن أبي حاتمٍ في كتاب الرّدّ على الجهميّة عن محمّد بن عبد الرّحمن المقرئ ولقبه متٌّ قال وكان يفضل على الكسائيّ في القراءة أنّه قال يعجبني أن أقرأ بل عجبت بالضّمّ خلافًا للجهميّة). [فتح الباري: 8/364-366] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال لا تثريب عليكم اليوم، يغفر اللّه لكم، وهو أرحم الرّاحمين}.
يقول تعالى ذكره: قال يوسف لإخوته: {لا تثريب} يقول: لا تعيير عليكم ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحقّ الأخوّة، ولكن لكم عندي الصّفح والعفو.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا تثريب عليكم} لم يثرّب عليهم أعمالهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير، قوله: {لا تثريب عليكم اليوم} قال: قال سفيان: لا تعيير عليكم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {قال لا تثريب عليكم اليوم} لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: اعتذروا إلى يوسف، فقال: {لا تثريب عليكم اليوم} يقول: لا أذكر لكم ذنبكم.
وقوله: {يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين} وهذا دعاءٌ من يوسف لإخوته بأن يغفر اللّه لهم ذنبهم فيما أتوا إليه، وركبوا منه من الظّلم، يقول: عفا اللّه لكم عن ذنبكم وظلمكم، فستره عليكم؛ {وهو أرحم الرّاحمين} يقول: واللّه أرحم الرّاحمين بمن تاب من ذنبه، وأناب إلى طاعته بالتّوبة من معصيته، كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين} حيث اعترفوا بذنبهم). [جامع البيان: 13/330-331]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين (92)
قوله تعالى: لا تثريب عليكم اليوم.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن المصفّى ثنا معاوية بن حفصٍ، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: لا تثريب عليكم اليوم قال: لا أباءٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم. قال: لقوا رجلا حليمًا لم يبث ولم يثرب عليهم أعمالهم.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: لا تثريب عليكم اليوم. أي: لا تأنيب عليكم اليوم فيما صنعتم.
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان في قوله: لا تثريب عليكم اليوم. قال: لا تعيير عليكم اليوم.
- حدّثنا موهب بن يزيد بن موهبٍ الرّمليّ، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن عطاءٍ الخراسانيّ، قال: طلب الحوائج إلى الشّباب أسهل منها عند الشّيوخ، ألم تر إلى قول يوسف: لا تثريب عليكم اليوم. وقال يعقوب سوف أستغفر لكم ربّي.
قوله تعالى: يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ ثنا سيّارٌ ثنا جعفرٌ قال: سمعت ابنا عمران الجونيّ يقولان: أما واللّه ما سمعنا بعفوٍ قطّ مثل عفو يوسف، قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ ثنا ديلم بن غزوان ثنا مالك بن دينارٍ قال: أرسل رجلٌ إلى عشرةٍ من أهل البصرة أنا فيهم والحسن، فسلّمنا عليه ثمّ إنّ الحسن حمد اللّه وأثنى عليه وذكر ما شاء اللّه أن يذكر، حتّى أتى على ذكر يوسف وما ارتكب منه إخوته فعرّفهم نفسه، ثمّ استقبلهم بالعفو عنهم، لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم. فرضي اللّه به منه عملا وأثبته في كتابه، ليؤخذ به من بعده، فقال الأمير: لو صار أنّ أجلّلكم ببردي هذا ما أصابكم شيءٌ أبدًا.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسماعيل: يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين. قال: حين اعترفوا بذنبهم). [تفسير القرآن العظيم: 7/2195-2196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 92 - 93.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لا تثريب} قال: لا تعيير). [الدر المنثور: 8/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {لا تثريب} قال لا إباء). [الدر المنثور: 8/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما استفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة التفت إلى الناس فقال: ماذا تقولون وماذا تظنون، قالوا: ابن عم كريم، فقال {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم} ). [الدر المنثور: 8/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل مكة ماذا تظنون ماذا تقولون قالوا: نظن خيرا ونقول خيرا: ابن عم كريم قد قدرت قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}). [الدر المنثور: 8/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: ماذا تقولون وماذا تظنون قالوا: نقول ابن أخ، وابن عم حليم رحيم فقال: أقول كما قال يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام). [الدر المنثور: 8/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - قال: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها إلى الشيوخ، ألم تر إلى قول يوسف {لا تثريب عليكم اليوم} وقال يعقوب عليه السلام {سوف أستغفر لكم ربي}). [الدر المنثور: 8/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني - رضي الله عنه - قال: أما والله ما سمعنا بعفو قط مثل عفو يوسف). [الدر المنثور: 8/323]
تفسير قوله تعالى: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا، وأتوني بأهلكم أجمعين}.
قال أبو جعفرٍ: ذكر أنّ يوسف صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا عرّف نفسه إخوته، سألهم عن أبيه، فقالوا: ذهب بصره من الحزن، فعند ذلك أعطاهم قميصه، وقال لهم: {اذهبوا بقميصي هذا}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: قال لهم يوسف: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لمّا فاته بنيامين عمي من الحزن، قال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا، وأتوني بأهلكم أجمعين}.
وقوله: {يأت بصيرًا} يقول: يعد بصيرًا {وأتوني بأهلكم أجمعين} يقول: وجيئوني بجميع أهلكم). [جامع البيان: 13/331-332]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين (93)
قوله تعالى: اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي.
- حدّثنا المنذر بن شاذان ثنا يعلى، ثنا زكريّا، عن سماكٍ، عن عامرٍ، قال: كان في قميص يوسف ثلاث آياتٍ، حين قدّ قميصه من دبرٍ وحين ألقي على وجه أبيه فارتدّ بصيرًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ ثمّ قال لهم ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لمّا فاته بنيامين عمي من الحزن فقال: اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين. وقال يهوذا: أنا ذهبت بالقميص إلى يعقوب وهو متلطّخٌ بالدّماء وقلت إنّ يوسف قد أكله الذّئب، أنا اليوم أذهب إليه بالقميص وأخبره أنّ يوسف حيٌّ، فأفرحه كما أحزنته، فهو كان البشير.
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الحسن بن يحيى الخشنيّ، عن الحكم، عن المطّلب بن عبد اللّه بن حنطبٍ قال: لمّا ألقي إبراهيم في النّار كساه اللّه قميصًا من قمص الجنّة وكساه إبراهيم إسحاق، وكساه إسحاق يعقوب، وكساه يعقوب يوسف، فطواه وجعله في قصبةٍ فضّةٍ فجعله في عنقه، وكان في عنقه حين ألقي في الجبّ وحين سجن وحين دخل عليه إخوته، وأخرج القميص من القصبة فقال اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا فشمّ يعقوب ريح الجنّة وهو بأرض كنعان بفلسطين فقال إنّي لأجد ريح يوسف
قوله تعالى: وأتوني بأهلكم أجمعين.
- حدّثنا أبي، ثنا أبي، ثنا نفيلٌ الحرّانيّ، ثنا زهير بن واقدٍ ثنا أبو إسحاق، عن عبد اللّه قال: كان أهله حين أرسل إليهم وهو بمصر ثلاثةً وتسعين إنسانًا رجالهم أنبياء ونساؤهم صدّيقاتٌ، واللّه ما خرجوا مع موسى حتّى بلغوا ستّمائة ألفٍ، وسبعين ألفًا.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ، حدّثني سيّارٌ، ثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت فرقدًا يقول: لمّا بعث يوسف بالقميص إلى يعقوب، أخذه فشمّه ثمّ وضعه على بصره فردّ اللّه عليه بصره، ثمّ حملوه إليه فلمّا دخلوا- ويعقوب متّكئٌ على ابنٍ له يقال له- يهوذا استقبله يوسف في الجنود والنّاس، فقال يعقوب يا يهوذا هذا فرعون مصر؟ قال: لا يا أبت، ولكنّ هذا ابنك يوسف قيل له إنّك قادمٌ فتلقّاك في أهل مملكته والنّاس، قال: فلمّا لقيه ذهب يوسف ليبدأه بالسّلام فمنع ذلك، ليعلم أنّ يعقوب أكرم على اللّه منه فاعتنقه وقبّله وقال: السّلام عليك أيّها الذّاهب الأحزان). [تفسير القرآن العظيم: 7/2196-2197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال: لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف - وهو لا يعلم أنه يوسف - بسم الله الرحمن الرحيم، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها عليه الله بردا وسلاما، وأمر الله جدي أن يذبح له أبي ففاده الله بما فداه الله به، وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته، فأذهب حزني عليه نور بصري وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري، فأذهب عني وهو المحبوس عندك في السرقة وإني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقا، فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب بكى وصاح وقال {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا}). [الدر المنثور: 8/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله {اذهبوا بقميصي هذا} إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار نزل إليه جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يتحدث فأوحى الله إلى النار (كوني بردا وسلاما على إبراهيم) (سورة الأنبياء الآية 69) ولولا أنه قال: وسلاما لآذاه البرد ولقتله البرد). [الدر المنثور: 8/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البشر فقال: ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، إن الله كسا إبراهيم ثوبا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق فكساه إسحاق يعقوب فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد وعلقه في عنق يوسف ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعين سنة أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل فوجد يعقوب ريحه فقال {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيرا وليس يقع شيء من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى). [الدر المنثور: 8/324-325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب - رضي الله عنه - قال: لما ألقي إبراهيم في النار كساه الله تعالى قميصا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكساه يعقوب يوسف فطواه وجعله في قصبة فضة فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب: وحين سجن وحين دخل عليه إخوته). [الدر المنثور: 8/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج القميص من القصبة فقال {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا} فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان بأرض فلسطين فقال {إني لأجد ريح يوسف}). [الدر المنثور: 8/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان أهله حين أرسل إليهم فأتوا مصر ثلاثة وتسعين إنسانا رجالهم أنبياء ونساؤهم صديقات والله ما خرجوا مع موسى عليه السلام حتى بلغوا ستمائة ألف وسبعين ألفا). [الدر المنثور: 8/325-326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال: خرج يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلام بمصر في اثنين وسبعين من ولده وولد ولده فخرجوا منها مع موسى عليه السلام وهم ستمائة ألف). [الدر المنثور: 8/326]