تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى كبيرهم قال هو روبيل الذي أشار عليهم ألا يقتلوا). [تفسير عبد الرزاق: 1/327]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا} قال: تشاوروا تشاورا بوسوسة [الآية: 80].
سفيان [الثوري] قال: دخل على يوسف ملك السّجن فقال له يوسف: أيّها الملك الطّيّب الرّيح ما فعل يعقوب ما بلغ حزنه قال: بلغ حزن سبعين ثلكى). [تفسير الثوري: 145]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({استيأسوا} [يوسف: 80] : «يئسوا»). [صحيح البخاري: 6/76]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله استيأسوا يئسوا ولا تيأسوا من روح الله معناه الرّجاء ثبت هذا لأبي ذرٍّ عن المستملي والكشميهنيّ وسقط لغيرهما وقد تقدّم في ترجمة يوسف من أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/361] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (استيأسوا يئسوا لا تيأسوا من روح الله معناه الرّجاء
لم يثبت هذا ألا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني، وأشار بقوله: {استيأسوا} إلى قوله تعالى: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيا} (يوسف: 80) وفسره بقوله: (يئسوا) أي: فلمّا أيس أخوة يوسف من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوه خلصوا نجيا. أي: خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يخالطهم غيرهم، والآن يأتي مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى قوله: {لا تيأسوا من روح الله} أشار به إلى قوله تعالى: {ولا تيأسوا من روح الله إنّه لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون} (يوسف: 87) ومعنى من روح الله من رحمته، قال قتادة والضّحّاك: من فضل الله، وقال ابن زيد: من فرج الله، وهذا حكاية عن كلام يعقوب، عليه السّلام، لأولاده قوله: (معناه الرّجاء) أي: معنى عدم اليأس الرّجاء أو معنى التّركيب الرّجاء، أو لا روح به حقيقة). [عمدة القاري: 18/303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوله: فلما ({استيأسوا}) [يوسف: 80] أي (يئسوا) من يوسف وإجابته إياهم وزيادة السين والتاء للمبالغة). [إرشاد الساري: 7/175-176]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خلصوا نجيًّا} [يوسف: 80] : «اعتزلوا نجيًّا، والجميع أنجيةٌ يتناجون الواحد نجيٌّ والاثنان والجميع نجيٌّ وأنجيةٌ»). [صحيح البخاري: 6/76]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله خلصوا نجيًّا أي اعتزلوا نجيًّا والجمع أنجيةٌ يتناجون الواحد نجيٌّ والاثنان والجمع نجيٌّ وأنجيةٌ ثبت هذا لأبي ذرٍّ عن المستملي والكشميهنيّ ووقع في رواية المستملي اعترفوا بدل اعتزلوا والصّواب الأوّل قال أبو عبيدة في قوله تعالى {خلصوا نجيا} أي اعتزلوا نجيًّا يتناجون والنّجيّ يقع لفظه على الواحد والجمع أيضًا وقد يجمع فيقال أنجيةٌ). [فتح الباري: 8/361]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خصلوا نجيّا اعتزلوا نجيّا والجسم أنجيةٌ يتناجون الواحد نجيٌّ والاثنان والجميع نجيٌّ وأنجيةٌ.
أشار به إلى قوله تعالى: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيا} ولم يثبت هذا إلاّ لأبي ذر عن المستملي والكشميهني وقوله: (خلصوا) جواب لما وفسّر خلصوا بقوله: (اعتزلوا) ووقع في رواية المستملي: اعترفوا والأول هو الصّواب، والنجي هو الّذي يناجي، ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع المذكر والمؤنث لأنّه مصدر في الأصل جعل نعتا كالعدل والزور ونحوهما وجاء جمعه أنجية وقد نبه عليه بقوله: وأنجبة وانتصاب: نجيا، على الحال أي: حال كونهم متناجين فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم من غير أخيهم). [عمدة القاري: 18/303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({خلصوا نجيًّا}) أي (اعترفوا) وللكشميهني اعتزلوا (نجيا) وهو الصواب أي انفردوا وليس معهم أخوهم أو خلا بعضهم إلى بعض يتشاورون ولا يخالطهم غيرهم ونجيًا حال من فاعل خلصوا والنجي يستوي فيه المذكر والمؤنث (والجمع أنجية) بالهمز (يتناجون الواحد نجيّ والاثنان والجمع نجيّ) إما لأن النجي فعيل بمعنى مفاعل كالعشير والخليط بمعنى المخال والمعاشر كقوله تعالى: {وقربناه نجيًا} [مريم: 52] أي مناجيًا وهذا في الاستعمال يفرد مطلقًا يقال هم خليطك وعشيرك أي مخالطوك ومعاشروك، وإما لأنه صفة على فعيل بمنزلة صديق وبابه يوحد لأنه بمنزلة المصادر كالصهيل والوخيد، وإما لأنه مصدر بمعنى التناجي كما قيل النجوى بمعناه قال تعالى: {وإذ هم نجوى} [الإسراء: 47] وحينئذٍ فيكون فيه التأويلات المذكورة في عدل وبابه (و) قد يجمع فيقال: (أنجية) بالهمزة كما مرّ قال:
إني إذا ما القوم كانوا أنجية
وقال لبيد:
وشهدت أنجية الافاقة عاليًا = كعبي وأرداف الملوك شهود
وكان من حقه إذا جعل وصفًا أن يجمع على أفعلاء كغني وأغنياء وشقي وأشقياء. وقال البغوي النجي يصلح للجماعة كما قال وقربناه نجيًا، وإنما جاز للواحد والجمع لأنه مصدر جعل نعتًا كالعدل ومثله النجوى يكون اسمًا ومصدرًا قال تعالى: {وإذ هم نجوى} أي متناجون وقال: ما يكون من نجوى ثلاثة. وقال في المصدر إنما النجوى من الشيطان. قال في المفاتيح: وأحسن الوجوه أن يقال: إنهم تمحضوا تناجيًا لأن من كمل حصول أمر من الأمور فيه وصف بأنه صار عين ذلك الشيء، فلما أخذوا في التناجي إلى غاية الجد صاروا كأنهم في أنفسهم نفس التناجي وحقيقته وسقط من قوله: استيأسوا يئسوا الخ في رواية أبي ذر عن الحموي وثبت له عن الكشميهني والمستملي). [إرشاد الساري: 7/176]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيًّا قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}.
يعني تعالى ذكره: {فلمّا استيأسوا منه} فلمّا يئسوا منه من أن يخلّي يوسف عن بنيامين، ويأخذ منهم واحدًا مكانه، وأن يجيبهم إلى ما سألوه من ذلك، وقوله {استيأسوا} استفعلوا، من يئس الرّجل من كذا ييأس، كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {فلمّا استيأسوا منه} يئسوا منه، ورأوا شدّته في أمره.
وقوله: {خلصوا نجيًّا} يقول: بعضهم لبعضٍ: يتناجون، لا يختلط بهم غيرهم والنّجيّ جماعة القوم المتناجين يسمّى به الواحد والجماعة، كما يقال: رجلٌ عدلٌ، ورجالٌ عدلٌ، وقومٌ زورٌ وفطرٌ، وهو مصدرٌ من قول القائل: نجوت فلانًا أنجوه نجيًّا، جعل صفةً ونعتًا، ومن الدّليل على أنّ ذلك كما ذكرنا قول اللّه تعالى: {وقرّبناه نجيًّا} فوصف به الواحد، وقال في هذا الموضع: {خلصوا نجيًّا} فوصف به الجماعة، ويجمع النّجيّ أنجيةً، كما قال لبيدٌ:
وشهدت أنجية الأفاقة عاليًا = كعبي وأرداف الملوك شهود
وقد يقال للجماعة من الرّجال: نجوى، كما قال جلّ ثناؤه: {وإذ هم نجوى} وقال: {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ} وهم القوم الّذين يتناجون وتكون النّجوى أيضًا مصدرًا، كما قال اللّه: {إنّما النّجوى من الشّيطان} يقال منه: نجوت أنجو نجوى، فهي في هذا الموضع: المناجاة نفسها، ومنه قول الشّاعر:
بنيّ بدا خبّ نجوى الرّجال = فكن عند سرّك خبّ النّجي
فالنّجوى والنّجيّ في هذا البيت بمعنًى واحدٍ، وهو المناجاة، وقد جمع بين اللّغتين.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {خلصوا نجيًّا} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيًّا} وأخلص لهم شمعون، وقد كان ارتهنه، خلوا بينهم نجيًّا يتناجون بينهم
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {خلصوا نجيًّا} خلصوا وحدهم نجيًّا
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {خلصوا نجيًّا} أي خلا بعضهم ببعضٍ، ثمّ قالوا: ماذا ترون؟
وقوله: {قال كبيرهم} اختلف أهل العلم في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عنى به كبيرهم في العقل والعلم، لا في السّنّ، وهو شمعون، قالوا: وكان روبيل أكبر منه في الميلاد
ذكر من قال ذلك؛
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {قال كبيرهم} قال: هو شمعون الّذي تخلّف، وأكبر منه، أوأكبر منهم في الميلاد روبيل
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قال كبيرهم}: شمعون الّذي تخلّف، وأكبر منه في الميلاد روبيل.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {قال كبيرهم} قال: شمعون الّذي تخلّف، وأكبرهم في الميلاد روبيل.
وقال آخرون: بل عنى به كبيرهم في السّنّ وهو روبيل.
ذكر من قال ذلك؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {قال كبيرهم} وهو روبيل أخو يوسف، وهو ابن خالته، وهو الّذي نهاهم عن قتله
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {قال كبيرهم} قال: روبيل وهو الّذي أشار عليهم أن لا يقتلوه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {قال كبيرهم} في العلم {أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه، ومن قبل ما فرّطتم في يوسف، فلن أبرح الأرض} الآية، فأقام روبيل بمصر، وقبل التّسعة إلى يعقوب فأخبروه الخبر، فبكى وقال: يا بنيّ، ما تذهبون مرّةً إلاّ نقصتم واحدًا، ذهبتم مرّةً فنقصتم يوسف، وذهبتم الثّانية فنقصتم شمعون، وذهبتم الآن فنقصتم روبيل
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيًّا} قال: ماذا ترون؟ فقال روبيل كما ذكر لي، وكان كبير القوم: {ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا مّن اللّه} {لتأتنّني به إلاّ أن يحاط بكم} {ومن قبل ما فرّطتم في يوسف} الآية.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة قول من قال: عنى بقوله: {قال كبيرهم} روبيل لإجماع جميعهم على أنّه كان أكبرهم سنًّا، ولا تفهم العرب في المخاطبة إذا قيل لهم: فلانٌ كبير القوم مطلقًا بغير وصلٍ إلاّ أحد معنيين، إمّا في الرّياسة عليهم والسّؤدد، وإمّا في السّنّ، فأمّا في العقل فإنّهم إذا أرادوا ذلك وصلوه، فقالوا: هو كبيرهم في العقل، فأمّا إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلاّ ما ذكرت.
وقد قال أهل التّأويل: لم يكن لشمعون، وإن كان قد كان من العلم والعقل بالمكان الّذي جعله اللّه به على إخوته رياسةٌ وسؤددٌ، فيعلم بذلك أنّه عنى بقوله: {قال كبيرهم}.
فإذ كان ذلك كذلك فلم يبق إلاّ الوجه الآخر، وهو الكبر في السّنّ، وقد قال الّذين ذكرنا جميعًا: روبيل كان أكبر القوم سنًّا، فصحّ لذلك القول الّذي اخترناه
وقوله: {ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه} يقول: ألم تعلموا أيّها القوم أنّ أباكم يعقوب قد أخذ عليكم عهود اللّه ومواثيقه لنأتينّه به جميعًا، إلاّ أن يحاط بكم، { ومن قبل ما فرّطتم في يوسف} ومن قبل فعلتكم هذه تفريطكم في يوسف يقول: أو لم تعلموا من قبل هذا تفريطكم في يوسف.
وإذا صرف تأويل الكلام إلى هذا الّذي قلناه، كانت ما حينئذٍ في موضع نصبٍ وقد يجوز أن يكون قوله: {ومن قبل ما فرّطتم في يوسف} خبر مبتدأٍ، ويكون قوله: {ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه} خبرًا متناهيًا، فتكون ما حينئذٍ في موضع رفعٍ، كأنّه قيل: ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف، فتكون ما مرفوعةً بـ من قبل هذا وقد، ويجوز أن تكون ما الّتي تكون صلةً في الكلام، فيكون تأويل الكلام: ومن قبل ما تفريطكم في يوسف.
وقوله: {فلن أبرح الأرض} الّتي أنا بها وهي مصر فأفارقها، {حتّى يأذن لي أبي} بالخروج منها، كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {فلن أبرح الأرض} الّتي أنا بها اليوم، {حتّى يأذن لي أبي} بالخروج منها
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قال شمعون: {لن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}.
وقوله: {أو يحكم اللّه لي}: أو يقضي لي ربّي بالخروج منها وترك أخي بنيامين، وإلاّ فإنّي غير خارجٍ: {وهو خير الحاكمين} يقول: واللّه خير من حكم وأعدل من فصل بين النّاس.
وكان أبو صالحٍ يقول في ذلك بما؛
- حدّثني الحسين بن زيدٍ السّبيعيّ، قال: حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {حتّى يأذن لي أبي، أو يحكم اللّه لي} قال: بالسّيف.
وكأنّ أبا صالحٍ وجّه تأويل قوله: {أو يحكم اللّه لي} إلى: أو يقضي اللّه لي بحرب من منعني من الانصراف بأخي بنيامين إلى أبيه يعقوب فأحاربه). [جامع البيان: 13/280-287]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا استيئسوا منه خلصوا نجيًّا قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين (80)
قوله تعالى: فلمّا استيأسوا منه.
- وبه عن ابن إسحاق فلما استيأسوا أي: فلمّا يئسوا منه ورأوا شدّته في أمره.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ فقال لهم يوسف: إذا أتيتم أباكم فأقرءوا عليه السّلام، وقولوا له إن ملك مصر يدعوا لك أن لا تموت حتّى ترى ابنك يوسف حتّى يعلم أبوكم إنّ في الأرض صدّيقين مثله، فلمّا يئسوا منه وأخرج لهم شمعون.
قوله تعالى: خلصوا نجيًّا.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله: خلصوا نجيًّا قال خلصوا وحدهم نجيًّا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة عن ابن إسحاق خلصوا نجيًّا أي: خلا بعضهم ببعضٍ.
قوله تعالى: قال كبيرهم ألم تعلموا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: قال كبيرهم شمعون الّذي تخلّف وأكبر منه في الميلاد، روبيل.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو الجماهر أنا سعيد بن بشيرٍ ثنا قتادة قوله: قال كبيرهم وهو روبيل وهو الّذي كان نهاهم عن قتله وكان أكبر القوم.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله كبيرهم وهو روبيل أخو يوسف، وهو ابن خالته.
- حدّثنا عبد اللّه ثنا الحسين ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قال كبيرهم وهو روبيل، ولم يكن بأكبرهم سنًّا ولكن كان كبيرهم في العلم.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق فقال روبيل كما ذكر لي وكان كبير القوم: ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من اللّه
قوله تعالى: فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة عن ابن إسحاق قوله: فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي قال: لن أبرح الأرض الّتي أنا بها حتّى يأذن لي أبي أي: بالخروج
- حدّثنا عبد اللّه ثنا الحسين ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ عن السّدّيّ قوله: فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي فأقام روبيل بمصر، وأقبل النّفر إلى يعقوب فبكى، وقال: يا بنيّ ما تذهبون من مرّةٍ إلا نقصتم واحدًا.
قوله تعالى: أو يحكم الله لي الآية.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد المؤمن بن عليٍّ ثنا عبد السّلام بن حربٍ أنبأ إسماعيل عن أبي صالحٍ في قوله: فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي قال: بالسّيف). [تفسير القرآن العظيم: 7/2181-2182]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كبيرهم قال يعني شمعون الذي تخلف وأكبر منه في الميلاد روبيل). [تفسير مجاهد: 319]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 80.
أخرج ابن جرير عن ابن إسحاق - رضي الله عنه - {فلما استيأسوا منه} قال: أيسوا ورأوا شدته في الأمر). [الدر المنثور: 8/299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {خلصوا نجيا} قال: وحدهم). [الدر المنثور: 8/299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {قال كبيرهم} قال: شمعون الذي تخلف أكبرهم عقلا وأكبر منه في الميلاد روبيل). [الدر المنثور: 8/299-300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {قال كبيرهم} هو روبيل وهو الذي كان نهاهم عن قتله وكان أكبر القوم). [الدر المنثور: 8/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أو يحكم الله لي} قال: أقاتل بالسيف حتى أقتل). [الدر المنثور: 8/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن وهب - رضي الله عنه - قال: إن شمعون كان أشد بني يعقوب بأسا وإنه كان إذا غضب قام شعره وانتفخ فلا يطفئ غضبه شيء إلا أن يمسه أحد من آل يعقوب وأنه كان قد أغار مرة على أهل قرية فدمرهم، وإنه غضب يوم أخذ بنو يعقوب بالصواع غضبا شديدا، حتى انتفخ فأمر يوسف عليه السلام ابنه أن يمسه فسكن غضبه وبرد وقال: قد مسني يد من آل يعقوب). [الدر المنثور: 8/300]
تفسير قوله تعالى: (ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما كنا للغيب حافظين قال يقولون ما كنا نظن أن ابنك يسرق). [تفسير عبد الرزاق: 1/327]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق، وما شهدنا إلاّ بما علمنا، وما كنّا للغيب حافظين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل روبيل لإخوته حين أخذ يوسف أخاه بالصّواع الّذي استخرج من وعائه: {ارجعوا} إخوتي {إلى أبيكم} يعقوب {فقولوا} له {يا أبانا إنّ ابنك} بنيامين {سرق}.
والقراءة على قراءة هذا الحرف بفتح السّين والرّاء والتّخفيف: {إنّ ابنك سرق}.
وروي عن ابن عبّاسٍ: ( إنّ ابنك سرّق ) بضمّ السّين وتشديد الرّاء، على وجه ما لم يسمّ فاعله، بمعنى أنّه سرق.
{وما شهدنا إلاّ بما علمنا}. واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وما قلنا إنّه سرق إلاّ بظاهر علمنا بأنّ ذلك كذلك، لأنّ صواع الملك أصيب في وعائه دون أوعية غيره
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ارجعوا إلى أبيكم} فإنّي ما كنت راجعًا حتّى يأتيني أمره، {فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق، وما شهدنا إلاّ بما علمنا}: أي قد وجدت السّرقة في رحله، ونحن ننظر لا علم لنا بالغيب {وما كنّا للغيب حافظين}.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما شهدنا عند يوسف بأنّ السّارق يؤخذ بسرقته إلاّ بما علمنا
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: قال لهم يعقوب عليه السّلام: ما دري هذا الرّجل أنّ السّارق يؤخذ بسرقته إلاّ بقولكم؟ فقالوا: {ما شهدنا إلاّ بما علمنا} لم نشهد أنّ السّارق يؤخذ بسرقته إلاّ وذلك الّذي علمنا. قال: وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه أن يؤخذ السّارق بسرقته عبدًا يسترقّ.
وقوله: {وما كنّا للغيب حافظين} يقول: وما كنّا نرى أنّ ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا، وإنّما قلنا {ونحفظ أخانا} ممّا لنا إلى حفظه منه السّبيل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا الحسين بن الحريث أبو عمّارٍ المروزيّ، قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقدٍ، عن يزيد، عن عكرمة: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: ما كنّا نعلم أنّ ابنك يسرق
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما كنّا للغيب حافظين} لم نشعر أنّه سيسرق
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: لم نشعر أنّه سيسرق
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: لم نشعر أنّه سيسرق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، وأبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: ما كنّا نظنّ ولا نشعر أنّه سيسرق
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: ما كنّا نرى أنّه سيسرق
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وما كنّا للغيب حافظين} قال: ما كنّا نظنّ أنّ ابنك يسرق.
وأولى التّأويلين بالصّواب عندنا في قوله: {وما شهدنا إلاّ بما علمنا} قول من قال: وما شهدنا بأنّ ابنك سرق إلاّ بما علمنا من رؤيتنا للصّواع في وعائه؛ لأنّه عقيب قوله: {إنّ ابنك سرق} فهو بأن يكون خبرًا عن شهادتهم بذلك أولى من أن يكون خبرًا عمّا هو منفصلٌ.
وذكر أنّ الغيب في لغة حمير هو اللّيل بعينه). [جامع البيان: 13/287-290]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق وما شهدنا إلّا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين (81)
قوله تعالى: ارجعوا إلى أبيكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة عن ابن إسحاق ارجعوا إلى أبيكم فإنّي ماكثٌ لا أرجع حتّى يأتيني أمره.
قوله تعالى: فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا.
- حدّثنا أبي ثنا عفّان ثنا حسامٌ عن أبي معشرٍ عن إبراهيم أنّه كره أن يكتب الرّجل شهادته، فإذا استشهد شهد، ويقول: ما شهدنا إلا بما علمنا
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة عن ابن إسحاق ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا أي قد أخذت السّرقة من رحله ونحن ننظر.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول: ما شهدنا إلا بما علمنا لم نشهد أنّ السّارق يؤخذ بسرقته إلّا وذلك الّذي علمنا، قال وكان الحكم عند الأنبياء: يعقوب وبنيه: أن يؤخذ السّارق بسرقته عند ما يسرق.
قوله تعالى: وما كنّا للغيب حافظين.
- حدّثنا أبي، ثنا معاذ بن أسدٍ المروزيّ ثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقدٍ عن يزيد عن عكرمة في قوله: وما كنّا للغيب حافظين ما كنّا نعلم أنّ ابنك يسرق.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، أنا سعيد بن بشيرٍ ثنا قتادة ما كنّا للغيب حافظين أي ما كنّا نشعر أنّ ابنك يسرق.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة عن ابن إسحاق:
وما كنّا للغيب حافظين فلا علم لنا بالغيب.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنا أصبغ بن الفرج، قال سمعت: عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول في قوله: وما كنّا للغيب حافظين قال: ما علمنا من الغيب إنّه أخذ له شيئًا، ولا ظننّا ذلك، إنّما سألنا ما جزاء السارق؟). [تفسير القرآن العظيم: 7/2182-2183]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما كنا للغيب حافظين أي لم نشعر أنه سيسرق). [تفسير مجاهد: 319]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 81 - 83.
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ {إن ابنك سرق}). [الدر المنثور: 8/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال: قال يعقوب عليه السلام لبنيه: ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم، قالوا: ما شهدنا إلا بما علمنا لم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلا وذاك الذي علمنا). [الدر المنثور: 8/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم - رضي الله عنه - أنه كره أن يكتب الرجل شهادته فإذا استشهد شهد ويقرأ {وما شهدنا إلا بما علمنا}). [الدر المنثور: 8/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال: لم نعلم أنه سيسرق). [الدر المنثور: 8/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال: ما كنا نعلم أن ابنك يسرق). [الدر المنثور: 8/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال: يقولون ما كنا نظن أن ابنك يسرق). [الدر المنثور: 8/301]
تفسير قوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وإلى مدين أخاهم شعيبًا} [هود: 84] : «أي إلى أهل مدين، لأنّ مدين بلدٌ» ، ومثله {واسأل القرية} [يوسف: 82] : «واسأل العير، يعني أهل القرية وأصحاب العير»). [صحيح البخاري: 6/74] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وإلى مدين أي لأهل مدين لأنّ مدين بلدٌ ومثله واسأل القرية والعير أي أهل القرية وأصحاب العير قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} مدين لا ينصرف لأنّه اسم بلدٍ مؤنّثٍ ومجازه مجاز المختصر الّذي فيه ضميرٌ أي إلى أهل مدين ومثله {واسأل القرية} والعير أي من في العير). [فتح الباري: 8/354] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وإلى مدين أخاهم شعيبا) أي أرسلنا إلى أهل مدين أخاهم أي من أنفسهم قوله " شعيبا " بدل من أخاهم الّذي هو منصوب بأرسلنا المقدر وشعيب منصرف لأنّه علم عربيّ وليس فيه علّة أخرى وفي صحيح ابن حبان أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر وكان لسانه العربيّة أرسله الله إلى مدين بعد إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام وفي اسم أبيه أقوال والمشهور شعيب بن بويب بن مدين بن إبراهيم ومدين لا ينصرف للعلمية والعجمة ثمّ صار اسما للقبيلة ثمّ أن مدين لما بنى بلدة قريبة من أرض معان من أطراف الشّام ممّا يلي ناحية الحجاز سمّاها باسمه مدين قوله " إلى مدين " أي إلى أهل مدين لأن مدين اسم بلد فلا يمكن الإرسال إليه ولا يكون الإرسال إلّا إلى أهله فلذلك قدر المضاف مثل واسأل القرية أي اسأل أهل القرية لأن السّؤال عن القرية لا يتصوّر وكذلك قوله واسأل العير تقديره واسأل أصحاب العير بكسر العين الإبل بأحمالها من عار يعير إذا سار وقيل هي قافلة الحمير فكثرت حتّى سمى بها كل قافلة). [عمدة القاري: 18/294] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وإلى مدين أخاهم شعيبًا}) [هود: 84] أي وأرسلنا (إلى أهل مدين) أخاهم شعيبًا (لأن مدين بلد) بناه مدين فسمى باسمه فهو على حذف مضاف (ومثله) في ذلك ({واسأل القرية}) [يوسف: 82] أي واسأل العير يعني أهل (القرية والعير) ولأبي ذر وأصحاب العير وكان أهل قرية شعيب مطففين فأمرهم بالتوحيد أولاً لأنه للأصل ثم إن يوفوا حقوق الناس ولا ينقصوهم). [إرشاد الساري: 7/170] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها والعير الّتي أقبلنا فيها وإنّا لصادقون}.
يقول: وإن كنت متّهمًا لنا لا تصدّقنا على ما نقول من أنّ ابنك سرق، فاسأل القرية الّتي كنّا فيها، وهي مصر يقول: سل من فيها من أهلها، {والعير الّتي أقبلنا فيها}
وهي القافلة الّتي كنّا فيها، الّتي أقبلنا منها معها، عن خبر ابنك، وحقيقة ما أخبرناك عنه من سرقه، فإنّك تخبر مصداق ذلك {وإنّا لصادقون} فيما أخبرناك من خبره.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها} وهي مصر
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها} قال: يعنون مصر
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قد عرف روبيل في رجع قوله لإخوته أنّهم أهل تهمةٍ عند أبيهم، لمّا كانوا صنعوا في يوسف، وقولهم له: {اسأل القرية الّتي كنّا فيها والعير الّتي أقبلنا فيها} فقد علموا ما علمنا، وشهدوا ما شهدنا إن كنت لا تصدّقنا {وإنّا لصادقون}). [جامع البيان: 13/290-291]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واسأل القرية الّتي كنّا فيها والعير الّتي أقبلنا فيها وإنّا لصادقون (82)
قوله تعالى: وسئل القرية الّتي كنّا فيها.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: وسئل القرية الّتي كنّا فيها وهي: مصر.
قوله تعالى: والعير الّتي أقبلنا فيها.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر العدنيّ، ثنا سفيان عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ في قوله: والعير قال: هي حميرٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: وقد عرف روبيل في رجع قوله لإخوته، أنّهم أهل تهمةٍ عند أبيهم، لمّا كانوا صنعوا في يوسف، وقوله: وسئل القرية الّتي كنّا فيها فقد علموا ما علمنا، وشهدوا ما شهدنا، إن كنت لا تصدقنا، وإنا لصادقون). [تفسير القرآن العظيم: 7/2183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {واسأل القرية} قال: مصر، وفي قوله {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا} قال: بيوسف وأخيه وروبيل). [الدر المنثور: 8/301-302]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا فصبرٌ جميلٌ عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا إنّه هو العليم الحكيم}.
قال أبو جعفرٍ: في الكلام متروكٌ، وهو: فرجع إخوة بنيامين إلى أبيهم، وتخلّف روبيل، فأخبروه خبره، فلمّا أخبروه أنّه سرق قال: {بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا} يقول: بل زيّنت لكم أنفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه {فصبرٌ جميلٌ} يقول: فصبري على ما نالني من فقد ولدي صبرٌ جميلٌ لا جزع فيه ولا شكاية، عسى اللّه أن يأتيني بأولادي جميعًا فيردّهم عليّ {إنّه هو العليم} بوحدتي وبفقدهم وحزني عليهم، وصدق ما يقولون من كذبه {الحكيم} في تدبيره خلقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا، فصبرٌ جميلٌ} يقول: زيّنت، وقوله: {عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا} يقول: بيوسف، وأخيه، وروبيل
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا جاءوا بذلك إلى يعقوب، يعني بقول روبيل لهم اتّهمهم، وظنّ أنّ ذلك كفعلتهم بيوسف، ثمّ قال: {بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا، فصبرٌ جميلٌ، عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا}: أي بيوسف، وأخيه، وروبيل). [جامع البيان: 13/291-292]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا فصبرٌ جميلٌ عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا إنّه هو العليم الحكيم (83)
قوله تعالى: قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله: بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا أي: زيّنت لكم أنفسكم أمرًا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: فلمّا جاءوا إلى يعقوب اتّهمهم وظن أنها كفعلتهم بيوسف، ثمّ قال:
بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا فصبرٌ جميلٌ
قوله تعالى: فصبرٌ جميلٌ.
- حدّثنا عبد اللّه ثنا الحسين ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ عن السّدّيّ قال: وأقبل النّفر إلى يعقوب فأخبروه الخبر، فبكى وقال: يا بنيّ ما تذهبون من مرّةٍ إلا نقصتم واحدًا، ذهبتم فنقصتم يوسف ثمّ ذهبتم الثّانية فنقصتم يوسف، ثمّ ذهبتم الثّانية فنقصتم شمعون ثمّ ذهبتم الثّالثة فنقصتم بنيامين، وروبيل، فصبرٌ جميلٌ عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا
قوله تعالى: عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، أنبأ سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا أي: يوسف وأخيه وروبيل.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة عن ابن إسحاق عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعًا أي بيوسف وأخيه وروبيل.
قوله تعالى: إنّه هو العليم الحكيم.
قد تقدّم تفسيره.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير قوله: الحكيم قال: الحكيم في عذره وحجّته إلى عباده). [تفسير القرآن العظيم: 7/2184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {واسأل القرية} قال: مصر، وفي قوله {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا} قال: بيوسف وأخيه وروبيل). [الدر المنثور: 8/301-302] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا} قال: بيوسف وأخيه وكبيرهم الذي تخلف). [الدر المنثور: 8/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق - رضي الله عنه - قال: لما حبس يوسف عليه السلام أخاه بسبب السرقة كتب إليه يعقوب عليه السلام: من يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله إلى يوسف عزيز فرعون أما بعد فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء إن أبي إبراهيم عليه السلام ألقي في النار في الله فصبر فجعلها الله عليه بردا وسلاما وإن أبي إسحاق عليه السلام قرب للذبح في الله فصبر ففداه الله بذبح عظيم، وإن الله كان وهب لي قرة عين فسلبنيه فأذهب حزنه بصري وأيبس لحمي على عظمي فلا ليلي ليل ولا نهاري نهار والأسير الذي في يديك بما ادعي عليه من السرق أخوه لأمه فكنت إذا ذكرت أسفي عليه قربته مني فيسلي عني بعض ما كنت أجد، وقد بلغني أنك حبسته بسبب سرقة فخل سبيله فإني لم ألد سارقا وليس بسارق والسلام). [الدر المنثور: 8/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الجلد - رضي الله عنه - قال: قال له أخوه: يا أيها العزيز لقد ذهب لي أخ ما رأيت أحدا أشبه به منك لكأنه الشمس، فقال له يوسف عليه السلام: اسأل إله يعقوب أن يرحم صباك وأن يرد إليك أخاك). [الدر المنثور: 8/302]