تفسير قوله تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قراءة عبد اللّه: (إنّي من أراني أعصر عنبا) [الآية: 36]).
[تفسير الثوري: 142]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عمارة عن إبراهيم عن عبد اللّه {إنّي أراني أعصر خمرا وقال الآخر إن أراني أحمل فوق رأسي خبزا} قال: {أمّا أحدكما فيسقي ربّه خمرًا وأمّا الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} قالا: إنا لم نر شيئا فقال: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} [الآية: 36-41]).
[تفسير الثوري: 142-143]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (36) : قوله تعالى: {ودخل معه السّجن فتيان... } إلى قوله تعالى: {إنّا نراك من المحسنين} ].
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خلف بن خليفة، قال: نا سلمة بن نبيط، عن الضّحاك بن مزاحم، قال : كنّا معه بخراسان، فسأله رجلٌ عن قوله عزّ وجلّ: {نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين} : ما كان إحسان يوسف؟ قال الضّحّاك: كان إذا مرض إنسانٌ قام عليه، وإذا ضاق أوسع له، وإذا احتاج جمع له).
[سنن سعيد بن منصور: 5/393]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ودخل معه السّجن فتيان قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرًا وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين}.
يقول تعالى ذكره: ودخل مع يوسف السّجن فتيان، فدلّ بذلك على متروكٍ قد ترك من الكلام وهو: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ} فسجنوه وأدخلوه السّجن، ودخل معه فتيان، فاستغنى بدليل قوله: {ودخل معه السّجن فتيان} على إدخالهم يوسف السّجن من ذكره.
وكان الفتيان فيما ذكر: غلامين من غلمان ملك مصر الأكبر: أحدهما صاحب شرابه، والآخر صاحب طعامه كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فطرح في السّجن، يعني يوسف، ودخل معه السّجن فتيان، غلامان كانا للملك الأكبر: الرّيّان بن الوليد، كان أحدهما على شرابه، والآخر على بعض أمره، في سخطةٍ سخطها عليهما، اسم أحدهما مجلث، والآخر نبو، ونبو الّذي كان على الشّراب
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ودخل معه السّجن فتيان} قال: كان أحدهما خبّاز الملك على طعامه، وكان الآخر ساقيه على شرابه.
وكان سبب حبس الملك الفتيين فيما ذكر ما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: حبسه الملك وغضب على خبّازه، بلغه أنّه يريد أن يسمّه، فحبسه وحبس صاحب شرابه، ظنّ أنّه مالأه على ذلك فحبسهما جميعًا؛ فذلك قول اللّه تعالى {ودخل معه السّجن فتيان}
وقوله: {قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرًا} ذكر أنّ يوسف صلوات اللّه وسلامه عليه لمّا أدخل السّجن، قال لمن فيه من المحبّسين، وسألوه عن عمله: إنّي أعبر الرّؤيا، فقال أحد الفتيين اللّذين أدخلا معه السّجن لصاحبه: تعال فلنجرّبه
- كما: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: لمّا دخل يوسف السّجن قال: أنا أعبر الأحلام. فقال أحد الفتيين لصاحبه: هلمّ نجرّب هذا العبد العبرانيّ نتراءى له فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئًا. فقال الخبّاز: إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه، وقال الآخر: إنّي أراني أعصر خمرًا
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن حميدٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن عمارة بن القعقاع، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، قال: ما رأى صاحبا يوسف شيئًا، وإنّما كانا تحالما ليجرّبا علمه.
وقال قومٌ: إنّما سأله الفتيان عن رؤيا كانا رأياها على صحّةٍ وحقيقةٍ، وعلى تصديقٍ منهما ليوسف لعلمه بتعبيرها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا رأى الفتيان يوسف، قالا: واللّه يا فتى لقد أحببناك حين رأيناك
- قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ أن يوسف، قال لهم حين قالا له ذلك: أنشدكما اللّه أن لا تحبّاني فواللّه ما أحبّني أحدٌ قطّ إلاّ دخل عليّ من حبّه بلاءٌ، لقد أحبّتني عمّتي، فدخل عليّ من حبّها بلاءٌ، ثمّ لقد أحبّني أبي، فدخل عليّ بحبّه بلاءٌ، ثمّ لقد أحبّتني زوجة صاحبي هذا، فدخل عليّ بحبّها إيّاي بلاءٌ، فلا تحبّاني بارك اللّه فيكما قال: فأبيا إلاّ حبّه، وإلفه حيث كان، وجعلا يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله، وقد كانا رأيا حين أدخلا السّجن رؤيا، فرأى مجلث أنّه يحمل فوق رأسه، خبزًا تأكل الطّير منه، ورأى نبو أنّه يعصر خمرًا، فاستفتياه فيها وقالا له: {نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين} إن فعلت.
وعنى بقوله: {أعصر خمرًا} أي إنّي أرى في نومي أنّي أعصر عنبًا. وكذلك ذلك في قراءة ابن مسعودٍ فيما ذكر عنه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي سلمة الصّائغ، عن إبراهيم بن بشيرٍ الأنصاريّ، عن محمّد ابن الحنفيّة، قال في قراءة ابن مسعودٍ: إنّي أراني أعصر عنبًا.
وذكر أنّ ذلك من لغة أهل عمان، وأنّهم يسمّون العنب خمرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إنّي أراني أعصر خمرًا} يقول: أعصر عنبًا، وهو بلغة أهل عمان، يسمّون العنب خمرًا
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك: {إنّي أراني أعصر خمرًا} قال: عنبًا، أرض كذا وكذا يدعون العنب خمرًا
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {إنّي أراني أعصر خمرًا} قال: عنبًا
- حدّثت عن المسيّب بن شريكٍ، عن أبي حمزة، عن عكرمة، قال: أتاه فقال: رأيت فيما يرى النّائم أنّي غرست حبلةً من عنبٍ، فنبتت، فخرج فيها عناقيد فعصرتهنّ، ثمّ سقيتهنّ الملك، فقال: تمكث في السّجن ثلاثة أيّامٍ، ثمّ تخرج فتسقيه خمرًا
وقوله: {وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله} يقول تعالى ذكره: وقال الآخر من الفتيين: إنّي أراني في منامي أحمل فوق رأسي خبزًا؛ يقول: أحمل على رأسي، فوضعت فوق مكان على {تأكل الطّير منه} يعني من الخبز
وقوله: {نبّئنا بتأويله} يقول: أخبرنا بما يئول إليه ما أخبرناك أنّا رأيناه في منامنا ويرجع إليه كما؛
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا يزيد، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {نبّئنا بتأويله} قال: به.
- قال الحارث، قال أبو عبيدٍ: يعني مجاهد: أنّ تأويل الشّيء: هو الشّيء. قال: ومنه تأويل الرّؤيا، إنّما هو الشّيء الّذي تئول إليه
وقوله: {إنّا نراك من المحسنين} اختلف أهل التّأويل في معنى الإحسان الّذي وصف به الفتيان يوسف، فقال بعضهم: هو أنّه كان يعود مريضهم، ويعزّي حزينهم، وإذا احتاج منهم إنسانٌ جمع له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا سعيد بن منصورٍ، قال: حدّثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، قال: كنت جالسًا معه ببلخٍ، فسئل عن قوله: {نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين} قال: قيل له: ما كان إحسان يوسف؟ قال: كان إذا مرض إنسانٌ قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق أوسع له
- حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدّثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، قال: سأل رجلٌ الضّحّاك عن قوله: {إنّا نراك من المحسنين} ما كان إحسانه؟ قال: كان إذا مرض إنسانٌ في السّجن قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق عليه المكان وسع له.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن قتادة، قوله: {إنّا نراك من المحسنين} قال: بلغنا أنّ إحسانه أنّه كان يداوي مريضهم، ويعزّي حزينهم، ويجتهد لربّه. وقال: لمّا انتهى يوسف إلى السّجن وجد فيه قومًا قد انقطع رجاؤهم واشتدّ بلاؤهم، فطال حزنهم، فجعل يقول: أبشروا واصبروا تؤجروا، إنّ لهذا أجرًا، إنّ لهذا ثوابًا فقالوا: يا فتى بارك اللّه فيك ما أحسن وجهك، وأحسن خلقك، لقد بورك لنا في جوارك، ما نحبّ أنّا كنّا في غير هذا منذ حبسنا لما تخبرنا من الأجر والكفّارة والطّهارة، فمن أنت يا فتى؟ قال: أنا يوسف ابن صفّي اللّه يعقوب ابن ذبيح اللّه إسحاق بن إبراهيم خليل اللّه. وكانت عليه محبّةٌ، وقال له عامل السّجن: يا فتى واللّه لو استطعت لخلّيت سبيلك، ولكن سأحسن جوارك وأحسن إسارك، فكن في أيّ بيوت السّجن شئت
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن خلفٍ الأشجعيّ، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك في: {إنّا نراك من المحسنين} قال: كان يوسّع للرّجل في مجلسه، ويتعاهد المرضى.
وقال آخرون: معناه: {إنّا نراك من المحسنين} إن نبّأتنا بتأويل رؤيانا هذه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: استفتياه في رؤياهما، وقالا له: {نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين} إن فعلت.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب القول الّذي ذكرناه عن الضّحّاك وقتادة.
فإن قال قائلٌ: وما وجه الكلام إن كان الأمر إذن كما قلت، وقد علمت أنّ مسألتهما يوسف أن ينبّئهما بتأويل رؤياهما ليست من الخبر عن صفته بأنّه يعود المريض ويقوم عليه ويحسن إلى من احتاج في شيءٍ، وإنّما يقال للرّجل: نبّئنا بتأويل هذا فإنّك عالمٌ، وهذا من المواضع الّتي تحسن بالوصف بالعلم لا بغيره؟
قيل: إنّ وجه ذلك أنّهما قالا له: نبّئنا بتأويل رؤيانا محسنًا إلينا في إخبارك إيّانا بذلك، كما نراك تحسن في سائر أفعالك، إنّا نراك من المحسنين).
[جامع البيان: 13/151-159]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ودخل معه السّجن فتيان قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرًا وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين (36)
قوله تعالى: ودخل معه السّجن فتيان
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: ودخل معه السّجن فتيان أحدهما خازن الملك على طعامه، والآخر ساقي الملك على شرابه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن عزرة، عن ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ودخل معه السّجن فتيان قال: كان أحدهما: خبّاز الملك على طعامه، والآخر: ساقيه على شرابه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: ودخل معه السّجن فتيان غضب الملك على خبّازه، بلغه أنّه سمّه فحبسه، وحبس السّاقي، وظنّ أنّه مالأه على السّمّ، فذلك قوله: ودخل معه السّجن فتيان
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: ودخل معه السّجن فتيان: غلامان كانا للملك الأكبر: الريان ابن الوليد، كان أحدهما على شرابه، والآخر على بعض أمره، في سخطةٍ سخطها عليهما، اسم أحدهما مجلث، والآخر: نبو، ونبو الّذي كان على الشّراب، فلمّا رأياه قالا: يا فتًى، واللّه لقد أحببناك حين رأيناك.
قال ابن إسحاق: فحدّثني عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ أنّ يوسف قال لهما حين قالا ذلك: أنشدكما الله ألا تحباني، فو الله ما أحبّني أحدٌ قطّ إلا دخل عليّ من حبّه بلاءٌ، لقد أحبّتني عمّتي فدخل عليّ من حبّها بلاءٌ، ثمّ لقد أحبّني أبي فدخل عليّ بحبّه بلاءٌ، ثمّ لقد أحبّتني زوجة صاحبي هذا فدخل عليّ بحبّها إيّاي بلاءٌ، فلا تحبّاني بارك اللّه فيكما فأبيا إلا حبّه وإلفه حيث كان، وجعل يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله.
قوله تعالى: قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرًا
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنا شريكٌ، عن الأعمش، عن زيد بن وهبٍ قال: قرأ عبد اللّه: إنّي أراني أعصر عنبًا.
- أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ، ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمرًا فالخمر: العنب، وإنّما يسمّي أهل عمان العنب: الخمر.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وقد كانا رأيا حين أدخلا السّجن رؤيا فرأى مجلث أنّه يحمل فوق رأسه خبزًا يأكل الطّير منه، ورأى نبو أنّه يعصر خمرًا فاستفتياه فيهما.
قوله تعالى: وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قال: وغضب يعني الملك على خبّازه، فبلغه أنّه سمّه فحبسه، وحبس السّاقي، وظنّ أنّه مالأه على السّمّ فذلك قوله: ودخل معه السّجن فتيان، قال يوسف: إنّي أعبر الأحلام، فقال أحد الفتيين: هلمّ فلنجرّب قول هذا العبد العبرانيّ، فتراءيا من غير أن يكونا رأيا شيئًا ولكنّهما خرصا، فعبر لهما يوسف خرصهما فقال السّاقي: رأيت أنّي أعصر خمرًا، وقال الخبّاز: رأيت أنّي أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا عبيد اللّه بن معاذٍ، ثنا معتمرٌ، عن أبيه، عن أبي مجلزٍ قال: كان أحد الّذين قصّا علي يوسف الرّؤيا كاذبًا، قلت له: فالمصلوب هو الكاذب؟ قال: نعم.
قوله تعالى: نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: فرأى مجلث أنّه يحمل فوق رأسه خبزًا تأكل الطّير منه، ورأى نبو أنّه يعصر خمرًا، فاستفتياه فيها وقالا له نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين إن فعلت.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن زيادٍ الخيّاط، ثنا خلف بن خليفة، ثنا سلمة بن نبيطٍ قال: كنت جالسًا عند الضّحّاك بن مزاحمٍ بخراسان إذ جاءه رجلٌ فسأله، عن قول اللّه نبّئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين ما كان إحسانه؟ قال: كان يوسف إذا مرض إنسانٌ في السّجن قام عليه، وإذا ضاق عليه المكان أوسع له وإذا احتاج سأل أو جمع له
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: إنّا نراك من المحسنين قال: كان إحسانه فيما ذكر لنا أنّه كان يعزّي حزينهم، ويداوي مريضهم ورأوا منه عبادةً واجتهادًا، فأحبّوه على حظّه). [تفسير القرآن العظيم: 7/2141-2143]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله نبئنا بتأويله يعني تأويل ما رأينا فلما عبر لهما قالا ما رأينا رؤيا إنما كنا نلعب فقال يوسف قضي الأمر الذي فيه تستفتيان قد وقعت الرؤيا على ما أولت
). [تفسير مجاهد: 316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 36.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ودخل معه السجن فتيان} قال: أحدهما خازن الملك على طعامه والآخر ساقيه على شرابه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثله).
[الدر المنثور: 8/249]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال: في قوله {ودخل معه السجن فتيان} قال: غلامان كانا للملك الأكبر الريان بن الوليد كان أحدهما على شرابه والآخر على بعض أمره في سخطة سخطها عليهما اسم أحدهما مجلب والآخر نبوا الذي كان على الشراب، فلما رأياه قالا: يا فتى والله لقد أحببناك حين رأيناك قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه أن يوسف عليه الصلاة والسلام قال لهما حين قالا له ذلك: أنشدكما بالله أن لا تحباني فوالله ما أحبني أحد قط إلا دخل علي من حبه بلاء، قد أحبتني عمتي فدخل علي من حبها بلاء ثم أحبني أبي فدخل علي بحبه بلاء ثم أحبتني زوجة صاحبي فدخل علي بمحبتها إياي بلاء، فلا تحباني بارك الله فيكما فأبيا إلا حبه وألفه حيث كان وجعل يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله، وقد كانا رأيا حين أدخلا السجن رؤيا فرأى مجلب أنه رأى فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ورأى نبوا أن يعصر خمرا فاستفتياه فيها وقالا له {نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} إن فعلت فقال لهما {لا يأتيكما طعام ترزقانه} يقول في نومكما {إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} ثم دعاهما إلى الله وإلى الإسلام فقال {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} أي خير أن تعبدوا إلها واحدا أم آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا، ثم قال لمجلب: أما أنت فتصلب فتأكل الطير من رأسك، وقال لنبوا أما أنت فترد على عملك ويرضى عنك صاحبك {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}).
[الدر المنثور: 8/249-251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج وكيع في الغرر عن عمرو بن دينار قال: قال يوسف عليه السلام: ما لقي أحد في الحب ما لقيت أحبني أبي فألقيت في الجب وأحبتني امرأة العزيز فألقيت في السجن).
[الدر المنثور: 8/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني أراني أعصر خمرا} قال: عنبا).
[الدر المنثور: 8/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ [ إني أراني أعصر عنبا ] وقال: والله لقد أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا).
[الدر المنثور: 8/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمرا} يقول: أعصر عنبا وهو بلغة أهل عمان يسمون العنب خمرا).
[الدر المنثور: 8/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {نبئنا بتأويله} قال: عبارته).
[الدر المنثور: 8/251-252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمرا} قال: هو بلغة عمان، وفي قوله {إنا نراك من المحسنين} قال: كان إحسانه فيما ذكر لنا أنه كان يعزي حزينهم ويداوي مريضهم ورأوا منه عبادة واجتهادا فأحبوه به وقال لما انتهى يوسف عليه السلام إلى السجن وجد فيه قوما قد انقطع رجاؤهم واشتد بلاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول: أبشروا اصبروا تؤجروا إن لهذا أجرا إن لهذا ثوابا، فقالوا: يا فتى بارك الله فيك، ما أحسن وجهك وأحسن خلقك وأحسن خلقك، لقد بورك لنا في جوارك إنا كنا في غير هذا منذ حبسنا لما تخبرنا من الأجر والكفارة والطهارة فمن أنت يا فتى،، قال: أنا يوسف ابن صفي الله يعقوب ابن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وكانت عليه محبة، وقال له عامل السجن: يا فتى والله لو استطعت لخليت سبيلك ولكن سأحسن جوارك وأحسن آثارك فكن في أي بيوت السجن شئت).
[الدر المنثور: 8/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دعا يوسف عليه السلام لأهل السجن فقال: اللهم لا تعم عليهم الأخبار وهون عليهم مر الأيام).
[الدر المنثور: 8/252-253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه، أنه سئل عن قوله {إنا نراك من المحسنين} ما كان إحسان يوسف عليه السلام قال: كان إذا مرض إنسان في السجن قام عليه وإذا ضاق عليه المكان أوسع له، وإذا احتاج جمع له).
[الدر المنثور: 8/253]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه إلاّ نبّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما ممّا علّمني ربّي إنّي تركت ملّة قومٍ لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون}.
يقول تعالى ذكره: {قال} يوسف للفتيين اللّذين استعبراه الرّؤيا: {لا يأتيكما} أيّها الفتيان في منامكما {طعامٌ ترزقانه إلاّ نبّأتكما بتأويله} في يقظتكما {قبل أن يأتيكما}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: قال يوسف لهما: {لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه} في النّوم {إلاّ نبّأتكما بتأويله} في اليقظة
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال يوسف لهما بنحوه.
ويعني بقوله {بتأويله}: ما يئول إليه ويصير ما رأيا في منامهما من الطّعام الّذي رأيا أنّه أتاهما فيه
وقوله: {ذلكما ممّا علّمني ربّي} يقول: هذا الّذي أذكر أنّي أعلمه من تعبير الرّؤيا ممّا علّمني ربّي فعلمته. {إنّي تركت ملّة قومٍ لا يؤمنون باللّه} وجاء الخبر مبتدأً: أي تركت ملّة قومٍ، والمعنى: ما قلت وإنّما ابتدأ بذلك، لأنّ في الابتداء الدّليل على معناه
وقوله: {إنّي تركت ملّة قومٍ لا يؤمنون باللّه} يقول: إنّي برئت من ملّة من لا يصدّق باللّه، ويقرّ بوحدانيّته. {وهم بالآخرة هم كافرون} يقول: وهم مع تركهم الإيمان بوحدانيّة اللّه لا يقرّون بالمعاد والبعث ولا بثوابٍ ولا عقابٍ.
وكرّرت هم مرّتين، فقيل: {وهم بالآخرة هم كافرون} لمّا دخل بينهما قوله: {بالآخرة} فصارت هم الأولى كالملغاة، وصار الاعتماد على الثّانية، كما قيل: {وهم بالآخرة هم يوقنون} وكما قيل: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون}.
فإن قال قائلٌ: وما وجه هذا الخبر ومعناه من يوسف، وأين جوابه الفتيين عمّا سألاه من تعبير رؤياهما من هذا الكلام؟
قيل له: إنّ يوسف كره أن يجيبهما عن تأويل رؤياهما لمّا علم من مكروه ذلك على أحدهما، فأعرض عن ذكره وأخذ في غيره ليعرضا عن مسألته الجواب عما سألاه من ذلك.
وبنحو الّذي قال بعض أهل العلم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {إنّي أراني أعصر خمرًا وقال الآخر إنّي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطّير منه نبّئنا بتأويله} قال: فكره العبارة لهما، وأخبرهما بشيءٍ لم يسألاه عنه ليريهما أنّ عنده علمًا. وكان الملك إذا أراد قتل إنسانٍ، صنع له طعامًا معلومًا، فأرسل به إليه، فـ {قال} يوسف: {لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه}.. إلى قوله: {يشكرون} فلم يدعاه، فعدل بهما، وكره العبارة لهما، فلم يدعاه حتّى يعبر لهما، فعدل بهما وقال: {يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار}. إلى قوله: {يعلمون} فلم يدعاه حتّى عبر لهما، فقال: {يا صاحبي السّجن أمّا أحدكما فيسقي ربّه خمرًا وأمّا الآخر فيصلب فتأكل الطّير من رأسه} قالا: ما رأينا شيئًا، إنّما كنّا نلعب قال: {قضي الأمر الّذي فيه تستفتيان}.
وعلى هذا التّأويل الّذي تأوّله ابن جريجٍ فقوله: {لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه الا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} معناه لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة لا في النّوم. وإنّما أعلمهما على هذا القول أنّ عنده علم ما يئول إليه أمر الطّعام الّذي يأتيهما من عند الملك ومن عند غيره، لأنّه قد علم النّوع الّذي إذا أتاهما كان علامةً لقتل من أتاه ذلك منهما، والنّوع الّذي إذا أتاه كان علامةً لغير ذلك، فأخبرهما أنّه عنده علم ذلك).
[جامع البيان: 13/159-162]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه إلّا نبّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما ممّا علّمني ربّي إنّي تركت ملّة قومٍ لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون (37)
قوله تعالى: قال لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا محمّد بن يزيد شيخٌ له، ثنا رشدينٌ، عن الحسن بن ثوبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: ما أدري لعلّ يوسف كان يعتاف، وهو كذلك لأنّي أجد في كتاب اللّه عزّ وجلّ حين قال للرّجلين: لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه إلا نبّأتكما بتأويله قال إذا جاءه الطّعام حلوًا ومرًّا اعتاف عند ذلك، وقال: إنّما علم فعلّم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فقال لهما، لمجلث ولنبوا لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه يقول في نومكما: إلا نبّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال يوسف: لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه في النّوم إلا نبّأتكما بتأويله في اليقظة.
قوله: ذلكما ممّا علّمني ربّي إنّي تركت ملة قومٍ لا يؤمنون بالله
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: ذلكما يعني: هذا). [تفسير القرآن العظيم: 7/2144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 37.
أخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لا يأتيكما طعام ترزقانه} قال: كره العبارة كلها فأجابهما بغير جوابهما ليريهما أن عنده علما وكان الملك إذا أراد قتل إنسان صنع له طعاما معلوما فأرسل به إليه، فقال يوسف عليه السلام {لا يأتيكما طعام ترزقانه} إلى قوله {تشكرون} فلم يدعه صاحب الرؤيا حتى يعبر لهما فكرة العبارة فقال {يا صاحبي السجن أأرباب} إلى قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} قال: فلم يدعاه فعبر لهما).
[الدر المنثور: 8/253]
تفسير قوله تعالى: (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أنّ نشرك باللّه من شيءٍ ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون}.
يعني بقوله: {واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب} واتّبعت دينهم لا دين أهل الشّرك. {ما كان لنا أنّ نشرك باللّه من شيءٍ} يقول: ما جاز لنا أنّ نجعل للّه شريكًا في عبادته وطاعته، بل الّذي علينا إفراده بالألوهة والعبادة. {ذلك من فضل اللّه علينا} يقول: اتّباعي ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب على الإسلام، وتركي {ملّة قومٍ لا يؤمنون باللّه وهم بالآخرة هم كافرون}، من فضل اللّه الّذي تفضّل به علينا، فأنعم إذ أكرمنا به {وعلى النّاس} يقول: وذلك أيضًا من فضل اللّه على النّاس، إذ أرسل إليهم دعاةً إلى توحيده وطاعته. {ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون} يقول: ولكنّ من يكفر باللّه لا يشكر ذلك من فضله عليه، لأنّه لا يعلم من أنعم به عليه ولا يعرف المتفضّل به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ذلك من فضل اللّه علينا} أن جعلنا أنبياء. {وعلى النّاس} يقول: أن بعثنا إليهم رسلاً
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس} ذكر لنا أنّ أبا الدّرداء يقول: يا ربّ شاكر نعمةٍ غير منعمٍ عليه لا يدري، وربّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ).
[جامع البيان: 13/162-163]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك باللّه من شيءٍ ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون (38)
قوله تعالى: واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن عمرٍو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، عن حجّاجٍ، عن عطاء، عن بن عبّاسٍ أنّه كان يجعل الجدّ أبًا ويقول: واللّه لمن شاء لأعنّاه عند الحجر ما ذكر اللّه جدًّا ولا جدّةً، قال اللّه: واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود الطّيالسيّ، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق سمع أبا الأحوص، يقول: فاخر أسماء بن خارجة الفزاريّ رجلا فقال: أنا ابن الأشياخ الكرام، فقال عبد اللّه بن مسعودٍ: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح اللّه بن إبراهيم خليل اللّه.
قوله تعالى: ذلك من فضل اللّه علينا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وقول يوسف: ذلك من فضل اللّه علينا يقول: أن بعثنا أنبياء.
قوله تعالى: وعلى النّاس
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وعلى النّاس أن بعثنا إليهم رسلا.
قوله تعالى: ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: ذلك من فضل اللّه علينا وعلى النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يشكرون وإنّ المؤمن ليشكر نعم اللّه عليه، وعلى خلقه
- وروي عن قتادة قال: ذكر لنا أن أبا الدّرداء كان يقول: يا ربّ شاكر نعمةٍ غير منعمٍ عليه لا يدري، ويا ربّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ). [تفسير القرآن العظيم: 7/2144-2145]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 38.
أخرج الترمذي وحسنه والحاكم، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام).
[الدر المنثور: 8/253-254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي الأحوص رضي الله عنه قال: فاخر أسماء بن خارجة الفزاري رجلا فقال: أنا من الأشياخ الكرام فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله).
[الدر المنثور: 8/254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن عمر رضي الله عنه، أنه استأذن عليه رجل فقال: استأذنوا لابن الأخيار فقال عمر: ائذوا له فلما دخل قال: من أنت قال: فلان بن فلان بن فلان فعد رجالا من أشراف الجاهلية فقال له عمر رضي الله عنه: أنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قال: لا، قال: ذاك من الأخيار وأنت في الأشرار إنما تعد لي جبال أهل النار).
[الدر المنثور: 8/254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل الجد أبا ويقول: من شاء لاعناه عند الحجر ما ذكر الله جدا ولا جدة قال الله إخبارا عن يوسف عليه السلام {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب}).
[الدر المنثور: 8/254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ذلك من فضل الله علينا} قال: أن جعلنا أنبياء {وعلى الناس} قال: أن جعلنا رسلا إليهم).
[الدر المنثور: 8/255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس} قال: إن المؤمن ليشكر ما به من نعمة الله ويشكر ما في الناس من نعمة الله ذكر لنا أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يقول: يا رب شاكر نعمة غير منعم عليه لا يدري ويا رب حامل فقه غير فقيه).
[الدر المنثور: 8/255]
تفسير قوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار}.
ذكر أنّ يوسف صلوات اللّه وسلامه عليه قال هذا القول للفتيين اللّذين دخلا معه السّجن، لأنّ أحدهما كان مشركًا، فدعاه بهذا القول إلى الإسلام، وترك عبادة الآلهة والأوثان، فقال: {يا صاحبي السّجن} يعني: يا من هو في السّجن. وجعلهما صاحبيه لكونهما فيه، كما قال اللّه تعالى لسكّان الجنّة {أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون} وكذلك قال لأهل النّار، وسمّاهم أصحابها لكونهم فيها
وقوله: {أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار} يقول: أعبادة أربابٍ شتّى متفرّقين، وآلهةٍ لا تنفع ولا تضرّ خيرٌ، أم عبادة الله المعبود الواحد الّذي لا ثاني له في قدرته وسلطانه، الّذي قهر كلّ شيءٍ فذلّله وسخّره فأطاعه طوعًا وكرهًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون}. إلى قوله: {لا يعلمون} لمّا عرف نبيّ اللّه يوسف أنّ أحدهما مقتولٌ دعاهما إلى حظّهما من ربّهما وإلى نصيبهما من آخرتهما
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {يا صاحبي السّجن} يوسف يقوله.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثمّ دعاهما إلى اللّه وإلى الإسلام، فقال: {يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار}: أيّ خيرٍ أن تعبدوا إلهًا واحدًا، أو آلهةً متفرّقةً لا تغني عنكم شيئًا؟).
[جامع البيان: 13/163-164]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار (39)
قوله تعالى: يا صاحبي السّجن
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: يا صاحبي السّجن قال: كان أحدهما ساقي الملك، والآخر خبّازه على طعامه.
قوله تعالى: أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا حمد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: دعاهما إلى اللّه وإلى الإسلام فقال: يا صاحبي السّجن أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم اللّه الواحد القهّار. أي: خيرٌ أن تعبدوا إلهًا واحدًا، أم آلهةٌ متفرّقةٌ لا تغني عنكم شيئًا ما تعبدون من دونه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: أأربابٌ متفرّقون خيرٌ إلى قوله: لا يعلمون لمّا عرف نبيّ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، إنّ أحدهما مقتولٌ دعاهما إلى حظّهما وإلى نصيبهما من آخرتهما، ونصح لهما). [تفسير القرآن العظيم: 7/2145-2146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 39 - 40.
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية، قال لما عرف نبي الله يوسف عليه السلام أن أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما وإلى نصيبهما من آخرتهما).
[الدر المنثور: 8/255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {يا صاحبي السجن} يوسف يقوله).
[الدر المنثور: 8/255]
تفسير قوله تعالى: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) )