العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يوسف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 11:58 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يوسف [ الآيتين (23) ، (24) ]

تفسير سورة يوسف
[ الآيتين (23) ، (24) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 11:58 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى وقالت هيت لك قال تقول بعضهم هلم لك). [تفسير عبد الرزاق: 1/320]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر قال قتادة قال عكرمة تهيأت لك). [تفسير عبد الرزاق: 1/320]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن أبي وائل قال: قال ابن مسعود قد تسمعت القراءة فسمعتهم مقاربين فاقرؤوا كما علمتم وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول أحدهم هلم وتعال ثم قرأ عبد الله {هيت لك} قال فقلت يا أبا عبد الرحمن إن ناسا يقرؤونها (هيتُ لك) قال فقال عبد الله إني أن أقرأها كما علمت أحب إلي). [تفسير عبد الرزاق: 1/320]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي وائل قال: قرأها عبد اللّه (هيت لك) قال: أن أقرأها كما سمعت أحب إلي [الآية: 23].
سفيان [الثوري] قال: تفسير {هيت لك} تهيأت لك وهيت لك: هلم لك). [تفسير الثوري: 139-140]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (23) : قوله تعالى: {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن يحيى بن وثّاب أنّه كان يقرأ: {هيئت لك}). [سنن سعيد بن منصور: 5/384]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب، وقالت: هيت لك} [يوسف: 23]
وقال عكرمة: " هيت لك بالحورانيّة: هلمّ " وقال ابن جبيرٍ: «تعاله»). [صحيح البخاري: 6/77]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه اسم هذه المرأة في المشهور زليخا وقيل راعيل واسم سيّدها العزيز قطفير بكسر أوّله وقيل بهمزةٍ بدل القاف قوله وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك وقال عكرمة هيت بالحورانية هلمّ وقال بن جبيرٍ تعاله أمّا قول عكرمة فوصله عبد بن حميدٍ من طريقه وأخرج من وجهٍ آخر عن عكرمة قال هيّئت لك يعني بضمّ الهاء وتشديد التّحتانيّة بعدها أخرى مهموزةٌ وأخرج بن مردويه من طريق مسروقٍ عن عبد اللّه قال أقرأني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم هيت لك يعني هلمّ لك وعند عبد الرّزّاق من وجهٍ آخر عن عكرمة قال معناها تهيّأت لك وعن قتادة قال يقول بعضهم هلمّ لك وأمّا قول سعيد بن جبيرٍ فوصله الطّبريّ وأبو الشّيخ من طريقه وقال أبو عبيدة في قوله وقالت هيت لك أي هلمّ وأنشدني أبو عمرو بن العلاء إنّ العراق وأهله عنقٌ إليك فهيت هيتًا قال ولفظ هيت للواحد والاثنين والجمع من الذّكر والأنثى سواءٌ إلّا أنّ العدد فيما بعد تقول هيت لك وهيت لكما قال وشهدت أبا عمرو بن العلاء وسأله رجلٌ عمّن قرأ هئت لك أي بكسر الهاء وضمّ المثنّاة مهموزًا فقال باطلٌ لا يعرف هذا أحدٌ من العرب انتهى وقد أثبت ذلك الفرّاء وساقه من طريق الشّعبيّ عن بن مسعود وسيأتي تحرير النّقل عن بن مسعودٍ في ذلك قريبًا قوله
- عن سليمان هو الأعمش قوله عن عبد اللّه بن مسعود قالت هيت لك وقال إنّما نقرؤها كما علّمناها هكذا أورده مختصرًا وأخرجه عبد الرّزّاق عن الثّوريّ عن الأعمش بلفظ أنّي سمعت الفراء فسمعتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم وإيّاكم والتّنطّع والاختلاف فإنّما هو كقول الرّجل هلمّ وتعال ثمّ قرا وقالت هيت لك فقلت إنّ ناسًا يقرءونها هيت لك قال لا لأن أقرأها كما علمت أحبّ إليّ وكذا أخرجه بن مردويه من طريق شيبان وزائدةٌ عن الأعمش نحوه ومن طريق طلحة بن مصرّفٍ عن أبي وائل أن بن مسعودٍ قرأها هيت لك بالفتح ومن طريق سليمان التّيميّ عن الأعمش بإسناده لكن قال بالضّمّ وروى عبد بن حميدٍ من طريق أبي وائلٍ قال قرأها عبد اللّه بالفتح فقلت له إنّ النّاس يقرءونها بالضّمّ فذكره وهذا أقوى قلت وقراءة بن مسعودٍ بكسر الهاء وبالضّمّ وبالفتح بغير همزٍ وروى عبد بن حميدٍ عن أبي وائلٍ أنّه كان يقرؤها كذلك لكن بالهمز وقد تقدّم إنكار أبي عمرٍو ذلك لكن ثبت ما أنكره في قراءة هشامٍ في السّبعة وجاء عنه الضّم والفتح أيضا وقرأ بن كثير بفتح الهاء وبالضم وقرأ نافع وبن ذكوان بكسر أوّله وفتح آخره وقرأ الجمهور بفتحهما وقرأ بن محيصنٍ بفتح أوّله وكسر آخره وهي عن بن عبّاس أيضا والحسن وقرأ بن أبي إسحاق أحد مشايخ النّحو بالبصرة بكسر أوّله وضمّ آخره وحكى النّحّاس أنّه قرأ بكسرهما وأمّا ما نقل عن عكرمة أنّها بالحورانيّة فقد وافقه عليه الكسائيّ والفرّاء وغيرهما كما تقدّم وعن السّدّيّ أنّها لغةٌ قبطيّةٌ معناها هلمّ لك وعن الحسن أنّها بالسّريانيّة كذلك وقال أبو زيدٍ الأنصاريّ هي بالعبرانيّة وأصلها هيت لج أي تعاله فعرّبت وقال الجمهور هي عربيّةٌ معناها الحثّ على الإقبال واللّه أعلم قوله مثواه مقامه ثبت هذا لأبي ذرٍّ وحده وكذا الّذي بعده قال أبو عبيدة في قوله تعالى اكرمى مثواه أي مقامه الّذي ثوّاه ويقال لمن نزل عليه الشّخص ضيفًا أبو مثواه قوله وألفيا وجدا ألفوا آباءهم وألفى قال أبو عبيدة في قوله تعالى وألفيا سيّدها لدى الباب أي وجداه وفي قوله إنّهم ألفوا آباءهم أي وجدوا وفي قوله ألفى أي وجد قوله وعن بن مسعود بل عجبت ويسخرون هكذا وقع في هذا الموضع معطوفًا على الإسناد الّذي قبله وقد وصله الحاكم في المستدرك من طريق جريرٍ عن الأعمش بهذا وقد أشكلت مناسبة إيراد هذه الآية في هذا الموضع فإنّها من سورة والصّافّات وليس في هذه السّورة من معناها شيءٌ لكن أورد البخاريّ في الباب حديث عبد الله وهو بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف الحديث ولا تظهر مناسبته أيضًا للتّرجمة المذكورة وهي قوله باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وقد تكلّف لها أبو الإصبع عيسى بن سهلٍ في شرحه فيما نقلته من رحلة أبي عبد اللّه بن رشيدٍ عنه ما ملخّصه ترجم البخاريّ باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وأدخل حديث بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا الحديث وأورد قبل ذلك في التّرجمة عن بن مسعود بل عجبت ويسخرون قال فانتهى الىموضع الفائدة ولم يذكرها وهو قوله وإذا ذكّروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون قال ويؤخذ من ذلك مناسبة التّبويب المذكورة ووجهه أنّه شبّه ما عرض ليوسف عليه السّلام مع إخوته ومع امرأة العزيز بما عرض لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مع قومه حين أخرجوه من وطنه كما أخرج يوسف إخوته وباعوه لمن استعبده فلم يعنّف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قومه لمّا فتح مكّة كما لم يعنّف يوسف إخوته حين قالوا له تاللّه لقد آثرك اللّه علينا ودعا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمطر لمّا سأله أبو سفيان أن يستسقي لهم كما دعا يوسف لإخوته لمّا جاءوه نادمين فقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم قال فمعنى الآية بل عجبت من حلمي عنهم مع سخريتهم بك وتماديهم على غيّهم وعلى قراءة بن مسعودٍ بالضّمّ بل عجبت من حلمك عن قومك إذ أتوك متوسّلين بك فدعوت فكشف عنهم وذلك كحلم يوسف عن إخوته إذ أتوه محتاجين وكحلمه عن امرأة العزيز حيث أغرت به سيّدها وكذبت عليه ثمّ سجنته ثمّ عفا عنها بعد ذلك ولم يؤاخذها قال فظهر تناسب هاتين الآيتين في المعنى مع بعد الظّاهر بينهما قال ومثل هذا كثيرٌ في كتابه ممّا عابه به من لم يفتح اللّه عليه واللّه المستعان ومن تمام ذلك أن يقال تظهر المناسبة أيضًا بين القصّتين من قوله في الصّافّات وإذا رأوا آية يستسخرون فإنّ فيها إشارةٌ إلى تماديهم على كفرهم وغيّهم ومن قوله في قصّة يوسف ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتّى حين وقول البخاريّ وعن بن مسعودٍ هو موصولٌ بالإسناد الّذي قبله وقد روى الطّبريّ وبن أبي حاتمٍ من طريق الأعمش عن أبي وائلٍ عن شريحٍ أنّه أنكر قراءة عجبت بالضّمّ ويقول إنّ اللّه لا يعجب وإنّما يعجب من لا يعلم قال فذكرته لإبراهيم النّخعيّ فقال إنّ شريحًا كان معجبًا برأيه وأن بن مسعودٍ كان يقرؤها بالضّمّ وهو أعلم منه قال الكرمانيّ أورد البخاريّ هذه الكلمة وإن كانت في الصّافّات هنا إشارةٌ إلى أنّ بن مسعودٍ كان يقرؤها بالضّمّ كما يقرأ هيت بالضّمّ انتهى وهي مناسبةٌ لا بأس بها إلّا أن الّذي تقدم عن بن سهلٍ أدقّ واللّه أعلم وقرأ بالضّمّ أيضًا سعيد بن جبيرٍ وحمزة والكسائيّ والباقون بالفتح وهو ظاهرٌ وهو ضمير الرّسول وبه صرّح قتادة ويحتمل أن يراد به كلّ من يصحّ منه وأمّا الضّمّ فحكاية شريحٍ تدلّ على أنّه حمله على اللّه وليس لإنكاره معنًى لأنّه إذا ثبت حمل على ما يليق به سبحانه وتعالى ويحتمل أن يكون مصروفًا للسّامع أي قل بل عجبت ويسخرون والأوّل هو المعتمد وقد أقرّه إبراهيم النّخعيّ وجزم بذلك سعيد بن جبيرٍ فيما رواه بن أبي حاتمٍ قال في قوله بل عجبت اللّه عجب ومن طريق أخرى عن الأعمش عن أبي وائل عن بن مسعودٍ أنّه قرأ بل عجبت بالرّفع ويقول نظيرها وأن تعجب فعجب قولهم ومن طريق الضّحّاك عن بن عبّاس قال سبحان الله عجب ونقل بن أبي حاتمٍ في كتاب الرّدّ على الجهميّة عن محمّد بن عبد الرّحمن المقرئ ولقبه متٌّ قال وكان يفضل على الكسائيّ في القراءة أنّه قال يعجبني أن أقرأ بل عجبت بالضّمّ خلافًا للجهميّة). [فتح الباري: 8/363-366]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال عكرمة هيت لك بالحورانية هلمّ وقال ابن جبير تعاله أما قول عكرمة فقال عبد ثنا جعفر بن عون عن النّضر بن عربيّ عن عكرمة {هيت لك} 23 يوسف قال هلمّ لك قال هي بلسان الحورانية
وأما قول سعيد بن جبير فقال ابن جرير ثنا سفيان بن وكيع ثنا أبي عن إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير في قوله هيت لك قال تعاله وكذا رواه أبو الشّيخ من حديث يحيى بن أبي زائدة عن إسرائيل). [تغليق التعليق: 4/229-230]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك} [يوسف: 23]
وقال عكرمة هيت لك بالحورانيّة: هلمّ. وقال ابن جبيرٍ: تعاله
(باب قوله) عز وجل: ({وراودته}) امرأة العزيز ({التي هو في بيتها}) بمصر ({عن نفسه}) وذلك أنه كان في غاية الجمال والبهاء والكمال فدعاها ذلك إلى أن طلبت منه برفق ولين قول أن يواقعها والمراودة المصدر والريادة طلب النكاح يقال: راود فلان جاريته على نفسها وراودته هي عن نفسه إذا حاول كل واحد منهما الوطء، وتعد هنا بعن لأنه ضمن معنى خادعته أي خادعته عن نفسه، والمفاعلة هنا من واحد نحو داويت المريض، ويحتمل أن تكون على بابها فإن كلًا منهما كان يطلب من صاحبه شيئًا برفق هي تطلب منه الفعل وهو يطلب منها الترك ({وغلقت الأبواب}) قيل كانت سبعة والتشديد للتكثير ({وقالت هيت لك}) [يوسف: 23] ولأبي ذر: هيت بكسر الهاء وهما لغتان.
(وقال عكرمة) مولى ابن عباس: (هيت لك بـ) اللغة (الحورانية) بالحاء المهملة (هلم) وهذا وصله ابن جرير عن عكرمة عن ابن عباس وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: وكان الكسائي يقول هي لغة لأهل حوران وقعت إلى أهل الحجاز وسقط لك لابن عساكر.
(وقال ابن جبير): سعيد أي (تعاله) بهاء السكت وهذا وصله الطبري وأبو الشيخ من طريقه. وقال السدي: معرّبة من القبطية بمعنى هلم لك، وقال ابن عباس والحسن من السريانية، وقيل من العبرانية والجمهور على أنها عربية، وقال مجاهد هي كلمة حث وإقبال أي أقبل وبادر، ثم هي في بعض اللغات تتعين فعليتها وفي بعضها اسميتها وفي بعضها يجوز الأمران كما ستعرفه من القراءات إن شاء الله تعالى.
- حدّثني أحمد بن سعيدٍ، حدّثنا بشر بن عمر، حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائلٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ: قالت: هيت لك، قال: وإنّما نقرؤها كما علّمناها، مثواه: مقامه، وألفيا: وجدا. ألفوا آباءهم: ألفينا، وعن ابن مسعودٍ {بل عجبت ويسخرون} [الصافات: 12].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (أحمد بن سعيد) بكسر العين أبو جعفر الدارمي المروزي قال: (حدّثنا بشر بن عمر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة وعمر بضم العين الأزدي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه وسقط لفظ عبد الله لأبي ذر (قالت: هيت لك) بفتح الهاء والفوقية، ولأبي ذر: هيت بكسر الهاء وضم الفوقية من غير همز فيهما (قال: وإنما نقرؤها) بالنون لأبي ذر ولغيره يقرؤها بالياء (كما علمناها) بضم العين مبنيًّا للمفعول وهذا قد أورده المؤلّف مختصرًا.
وقد أخرجه عبد الرزاق كما قاله الحافظان ابن كثير وابن حجر عن الثوري عن الأعمش بلفظ: إني سمعت القراءة فسمعتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول الرجل هلم وتعال ثم قرأ ({وقالت هيت لك}) فقلت إن ناسًا يقرؤنها هيت لك قال لأن أقرأها كما علمت أحب إليّ، وكذا أخرجه ابن مردويه من طريق طلحة بن مصرف عن أبي وائل أن ابن مسعود قرأها هيت لك بالفتح ومن طريق سليمان التيمي عن الأعمش بإسناده لكن قال: بالضم، وروى عبد بن حميد من طريق أبي وائل قال: قرأها عبد الله بالفتح فقلت له: إن الناس يقرؤونها بالضم فذكره قال في الفتح وهذا أقوى وقراءة ابن مسعود بكسر الهاء وبالضم أو بالفتح بغير همز وروى عبد بن حميد عن أبي وائل أنه كان يقرؤها كذلك لكن بالهمز اهـ.
وفي هذه اللفظة خمس قراءات فنافع وابن ذكوان وأبو جعفر بكسر الهاء وياء ساكنة وتاء مفتوحة، وابن كثير بفتح الهاء وياء ساكنة وتاء مضمومة، وهشام بهاء مكسورة وهمزة ساكنة وتاء مفتوحة أو مضمومة، والباقون بفتح الهاء وياء ساكنة وتاء مفتوحة. وعن ابن محيصن فتح الهاء وسكون الياء وكسر التاء وكسر الهاء والتاء بينهما ياء ساكنة وكسر الهاء وسكون الياء وضم التاء وعن ابن عباس هييت بضم الهاء وكسر الياء بعدها ياء ساكنة ثم تاء مضمومة بوزن حييت فهي أربعة في الشاذ فصارت تسعة فيتعين كونها اسم فعل في غير قراءة ابن عباس بزنة حييت، وفي غير قراءة كسر الهاء سواء كان ذلك بالياء أو بالهمز فمن فتح التاء بناها على الفتح تخفيفًا نحو أين وكيف، ومن ضمها فتشبيهًا بحيث، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين وتتعين فعليتها في قراءة ابن عباس فإنها فيها فعل ماضٍ مبني للمفعول مسند لضمير المتكلم من هيأت الشيء وتحتمل الأمرين في قراءة من كسر الهاء وضم التاء فيحتمل أن تكون فيه اسم فعل بنيت على الضم كحيث وأن تكون فعلاً مسند الضمير المتكلم من هاء الرجل يهيء كجاء يجيء.
وقوله تعالى: أكرمي ({مثواه}) أي (مقامه) بضم الميم قاله أبو عبيدة.
({وألفيا}) أي (وجدا ألفوا آباءهم ألفينا. وعن ابن مسعود) عبد الله مما وصله الحاكم في مستدركه من طريق جرير عن الأعمش في قوله تعالى في سورة الصافات ({بل عجبت ويسخرون}) [الصافات: 12] بضم التاء كما يقرأ هيت بالضم. وعند ابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قرأ بل عجبت بالرفع وعن سعيد بن جبير بل عجبت الله عجب، وإذا ثبت الرفع فليس لإنكاره معنى بل يحمل على ما يليق به تعالى.
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ عن عبد اللّه -رضي الله عنه- أنّ قريشًا لمّا أبطئوا عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بالإسلام قال: «اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف» فأصابتهم سنةٌ حصّت كلّ شيءٍ حتّى أكلوا العظام حتّى جعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى بينه وبينها مثل الدّخان قال اللّه: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} [الدخان: 15] قال اللّه: {إنّا كاشفو العذاب قليلاً إنّكم عائدون أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة} [الدخان: 15] وقد مضى الدّخان ومضت البطشة.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان (عن مسلم) هو ابن صبيح بضم الصاد المهملة وفتح الموحدة آخره حاء مهملة مصغرًا (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عبد الله) هو ابن مسعود (رضي الله تعالى عنه) ذكر (أن قريشًا لما أبطؤوا عن النبي) ولأبي ذر على النبي (-صلّى اللّه عليه وسلّم- بالإسلام) زاد في الاستسقاء دعا عليهم (قال): (اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف فأصابتهم سنة) بفتح السين أي جدب وقحط (حصّت) بالحاء والصاد المشدّدة المهملتين أي أذهبت (كل شيء حتى أكلوا العظام) زاد في الاستسقاء والميتة (حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها مثل الدخان) من ضعف بصره بسبب الجوع (قال الله) عز وجل، وفي الاستسقاء فجاء أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك هلكوا فادع الله تعالى فقرأ: ({فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 15] (قال الله) عز وجل: ({إنا كاشفو العذاب قليلاً إنكم عائدون}) [الدخان: 15] أي إلى الكفر وفي الاستسقاء في باب دعاء النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- اجعلها سنين كسني يوسف يوم تأتي السماء بدخان مبين إلى قوله عائدون وفي سورة الدخان فاستسقى فسقوا فنزلت {إنكم عائدون} فلما أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} [الدخان: 16] قال عبد الله ({أفيكشف}) بضم الياء وفتح الشين مبنيًّا ({عنهم العذاب يوم القيامة} وقد مضى الدخان) الحاصل بسبب الجوع (ومضت البطشة) الكبرى يوم بدر وعن الحسن البطشة الكبرى يوم القيامة.
ووجه المناسبة بين الحديث والترجمة في قوله: فجاء أبو سفيان، فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله فدعا ففيه أنه عفا عن قومه كما عفا يوسف عليه الصلاة والسلام عن امرأة العزيز). [إرشاد الساري: 7/179-180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون}.
يقول تعالى ذكره: وراودت امرأة العزيز وهي الّتي كان يوسف في بيتها عن نفسه أن يواقعها كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، ولمّا بلغ أشدّه راودته الّتي هو في بيتها عن نفسه: امرأة العزيز
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه} قال: أحبّته
- قال: ثني أبي، عن إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قالت تعاله
وقوله: {وغلّقت الأبواب} يقول: وغلّقت المرأة أبواب البيوت، عليها وعلى يوسف لمّا أرادت منه وراودته عليه، بابًا بعد بابٍ
وقوله: {وقالت هيت لك} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة: {هيت لك} بفتح الهاء والتّاء، بمعنى: هلمّ لك وادن وتقرّب، كما قال الشّاعر لعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عليه:
أبلغ أمير المؤمنين = أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله = عنقٌ إليك فهيت هيتا
يعني: تعال واقرب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك تأوّله من قرأه كذلك
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه المخرّميّ، قال: حدّثنا أبو الجوّاب، قال: حدّثنا عمّار بن رزيقٍ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {هيت لك} قال: هلمّ لك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هيت لك} قال: هلمّ لك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قالت هيت لك} تقول: هلمّ لك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصم ابن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، أنّه كان يقرأ هذا الحرف: {هيت لك} نصبًا: أي هلمّ لك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ، قوله: {هيت لك} قال: تقول: هلمّ لك
- حدّثني أحمد بن سهيلٍ الواسطيّ، قال: حدّثنا قرّة بن عيسى، قال: حدّثنا النّضر بن عربي الجزريّ، عن عكرمة، مولى ابن عبّاسٍ، في قوله: {هيت لك} قال: هلمّ لك. قال: هي بالحورانيّة
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقالت هيت لك} قال: كان الحسن يقول: هلمّ لك
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن: {هيت لك} يقول بعضهم: هلمّ لك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وقالت هيت لك} قال: هلمّ لك. وهي بالقبطيّة
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن عمرٍو، عن الحسن: {هيت لك} قال: كلمةٌ بالسّريانيّة: أي عليك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن الحسن: {هيت لك} قال: هلمّ لك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا خلف بن هشامٍ، قال: حدّثنا محبوبٌ، عن قتادة، عن الحسن: {هيت لك} قال: هلمّ لك
- قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرّ: {هيت لك}: أي هلمّ
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا الثّوريّ، قال: بلغني في قوله: {هيت لك} قال: هلمّ لك
- حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا أبو عبيدٍ، قال: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن خالدٍ الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأ: {هيت لك} وقال: تدعوه إلى نفسها
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {هيت لك} قال: لغةٌ عربيّةٌ تدعوه بها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله، إلاّ أنّه قال: لغةٌ بالعربيّة تدعوه بها إلى نفسها.
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثل حديث محمّد بن عمرٍو سواءً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن: {هيت لك} بفتح الهاء والتّاء، وقال: تقول: هلمّ لك
- حدّثني الحارث، قال: قال أبو عبيدٍ: كان الكسائيّ يحكيها، يعني: {هيت لك} قال: وقال: وهي لغةٌ لأهل حوران وقعت إلى الحجاز، معناها: تعال. قال: وقال أبو عبيدٍ: سألت شيخًا عالمًا من أهل حوران، فذكر أنّها لغتهم يعرفها
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {هيت لك} قال: تعال
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وقالت هيت لك} قال: هلمّ لك إليّ.
وقرأ ذلك جماعةٌ من المتقدّمين: وقالت هئت لك بكسر الهاء وضمّ التّاء والهمز، بمعنى: تهيّأت لك، من قول القائل: هئت للأمر أهيء هيئةً.
وممّن روي ذلك عنه ابن عبّاسٍ وأبو عبد الرّحمن السّلميّ وجماعةٌ غيرهما
- حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحجّاج، عن هارون، عن أبان العطّار، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ، قرأها كذلك مكسورة الهاء مضمومة التّاء. قال أحمد: قال أبو عبيدٍ: لا أعلمها إلاّ مهموزةً
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن أبان العطّار، عن عاصمٍ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، هئت لك أي تهيّأت لك.
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن عكرمة، مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان عكرمة يقول: تهيّأت لك
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: هئت لك قال عكرمة: تهيّأت لك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصم ابن بهدلة، قال: كان أبو وائلٍ يقول: هئت لك: أي تهيّأت لك وكان أبو عمرو بن العلاء، والكسائيّ ينكران هذه القراءة
- حدّثت عن عليّ بن المغيرة، قال: قال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: شهدت أبا عمرٍو وسأله أبو أحمد، أو أحمد، وكان عالمًا بالقرآن، عن قول من قال: هئت لك بكسر الهاء وهمز الياء، فقال: أبو عمرٍو. نبسى أيّ باطلٍ جعلها، فلت من تهيّأت، فهذا الخندق، فاستعرض العرب حتّى تنتهي إلى اليمن، هل تعرف أحدًا يقول هئت لك؟
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا القاسم، قال: لم يكن الكسائيّ يحكي هئت لك عن العرب.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة: ( هيت لك ) بكسر الهاء وتسكين الياء وفتح التّاء.
وقرأه بعض المكّيّين: ( هيت ) لك بفتح الهاء وتسكين الياء وضمّ التّاء.
وقرأه بعض البصريّين، وهو عبد اللّه بن إسحاق: هيت لك بفتح الهاء وكسر التّاء.
وقد أنشد بعض الرّواة بيتًا لطرفة بن العبد في هيت بفتح الهاء وضمّ التّاء، وذلك:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما = قال داعٍ من العشيرة هيت
وأولى القراءت في ذلك قراءة من قرأه: {هيت لك} بفتح الهاء والتّاء، وتسكين الياء، لأنّها اللّغة المعروفة في العرب دون غيرها، وأنّها فيما ذكر قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، قال: قال ابن مسعودٍ: قد سمعت القرّاء، فسمعتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، وإيّاكم والتّنطّع والاختلاف، فإنّما هو كقول أحدكم: هلمّ وتعال. ثمّ قرأ عبد اللّه: {هيت لك} قال: فقلت: يا أبا عبد الرّحمن إنّ ناسًا يقرءونها: هيت لك فقال عبد اللّه: إنّي أقرؤها كما علمت أحبّ إليّ
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، قال: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ يقرأ هذه الآية: {وقالت هيت لك} قال: فقالوا له: ما كنّا نقرؤها إلاّ هيت لك. فقال عبد اللّه إنّي أقرؤها كما علمت أحبّ إليّ
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، قال: قال عبد اللّه: {هيت لك} فقال له مسروقٌ: إنّ ناسًا يقرءونها: هيت لك فقال: دعوني، فإنّي أقرأ كما أقرئت أحبّ إليّ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا شعبة، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: {هيت لك} بنصب الهاء والتّاء وبلا همز.
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنّى، أنّ العرب، لا تثنّي {هيت لك} ولا تجمع ولا تؤنّث، وأنّها تصوّره في كلّ حالٍ، وإنّما يتبيّن العدد بما بعد، وكذلك التّأنيث والتّذكير، وقال: تقول للواحد: هيت لك، ولاثنين: هيت لكما، وللجمع: هيت لكم، وللنّساء: هيت لكنّ
وقوله: {قال معاذ اللّه} يقول جلّ ثناؤه: قال يوسف إذ دعته المرأة إلى نفسها، وقالت له هلمّ إليّ: أعتصم باللّه من الّذي تدعوني إليه وأستجير به منه
وقوله: {إنّه ربّي أحسن مثواي} يقول: إنّ صاحبك وزوجك سيّدي كما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {معاذ اللّه إنّه ربّي} قال: سيّدي
- قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {إنّه ربّي} قال: سيّدي.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي} قال: سيّدي. يعني: زوج المرأة
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {قال معاذ اللّه إنّه ربّي} يعني: إطفير، يقول: إنّه سيّدي
وقوله: {أحسن مثواي} يقول: أحسن منزلتي، وأكرمني وائتمنني، فلا أخونه كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: {أحسن مثواي} أمّنني على بيته وأهله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {أحسن مثواي} فلا أخونه في أهله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {أحسن مثواي} قال: يريد يوسف سيّده زوج المرأة
وقوله: {إنّه لا يفلح الظّالمون} يقول: إنّه لا يدرك البقاء، ولا ينجح من ظلم ففعل ما ليس له فعله، وهذا الّذي تدعوني إليه من الفجور ظلمٌ وخيانةٌ لسيّدي الّذي ائتمنني على منزله كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {إنّه لا يفلح الظّالمون} قال: هذا الّذي تدعوني إليه ظلمٌ، ولا يفلح من عمل به). [جامع البيان: 13/69-80]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون (23)
قوله تعالى: وراودته الّتي هو في بيتها، عن نفسه
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، قوله: وراودته الّتي هو في بيتها، عن نفسه وهي امرأة العزيز.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: وراودته الّتي هو في بيتها، عن نفسه يقول: أحبّته الّتي هو في بيتها.
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنا ابن وهبٍ، حدّثني ابن زيدٍ وراودته الّتي هو في بيتها، عن نفسه حين بلغ مبلغ الرّجال.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: وكان أطيفير فيما ذكر لي رجلا لا يأتي النّساء وكانت امرأته راعيل امرأةً حسناء ناعمةً طاعمةً في ملكٍ ودنيا، وكان اللّه قد أعطى يوسف من الحسن والهيئة ما لم يعطه أحدًا من النّاس قبله ولا بعده، وكان يقال واللّه أعلم: إنّه أعطي نصف الحسن، وقسم النّصف الآخر بين الناس، ف راودته الّتي هو في بيتها، عن نفسه: امرأة العزيز.
قوله تعالى: وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن الأعمش، عن أصحابه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ كما يقرأ عبد اللّه يعني: هيت لك وهو كقول أحدكم لصاحبه: هلمّ لك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: هيت لك: هلمّ لك.
- ذكر، عن سلمة بن سابور، عن عطيّة، عن ابن عبّاسٍ، هيت لك قال: هلمّ لك بالقبطيّة.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري، ثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ هيت لك قال: ألقت نفسها، ودعته إلى نفسها، وهي لغةٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ هيت لك لغةٌ عربيّةٌ تدعوه بها.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق ، أنا الثّوريّ عن الأعمش، عن أبي وائلٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: وقد سمعت القراءة فسمعتهم متقاربين فاقرءوا كمّا علمتم، وإيّاكم والتّنطّع والاختلاف وإنّما هو كقول أحدكم:
هلمّ، وتعال. ثمّ قرأ عبد اللّه: هيت لك قال: فقلت: يا أبا عبد الرّحمن إنّ ناسًا يقرءونها هئت لك فقال عبد اللّه: إنّي أن أقرأها كما علمت أحبّ إليّ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ بن الحارث، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ هئت لك قال: تهيأت لك، وكان يقرأها مهموزةً: هئت لك وروي عن عكرمة مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ المنقريّ، ثنا عبد الوارث، عن عمرٍو، عن الحسن أنّه قرأ: هيت لك يقول: عليك عليك. أي: دونك حاجتك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق وقالت هيت لك أي: تعال فأنا لك.
قوله تعالى: قال معاذ اللّه إنّه ربّي
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: إنّه ربّي، سيّدي.
قوله: أحسن مثواي
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قول اللّه: إنّه ربّي أحسن مثواي قال: منزلتي.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي يقول: إنّه سيّدي، قد أحسن مثواي وآمنني علي بيته، وهذا الّذي تدعوني إليه ظلمٌ.
قوله تعالى: إنّه لا يفلح الظّالمون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق يعني قوله: إنّه لا يفلح الظّالمون قال: هذا الّذي تدعوني إليه ظلمٌ، ولا يفلح من عمل به). [تفسير القرآن العظيم: 7/2120-2122]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنه ربي أي سيدي). [تفسير مجاهد: 312]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قالت هيت لك قال هي كلمة عربية يدعون بها أي هلم لك فدعته به). [تفسير مجاهد: 313]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا وائلٍ، يقول: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ، " يقرأ {وقالت هيت لك} [يوسف: 23] فقيل له فقال: هكذا علّمنا «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 23.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وراودته التي هو في بيتها} قال: هي امرأة العزيز). [الدر المنثور: 8/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه} قال: حين بلغ مبلغ الرجال). [الدر المنثور: 8/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن أبي وائل رضي الله عنه قال: قرأها عبد الله {هيت لك} بفتح الهاء والتاء فقلنا له: إن ناسا يقرؤونها {هيت لك} فقال: دعوني فإني أقرأ كما أقرئت أحب إلي). [الدر المنثور: 8/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {هيت لك} بنصب الهاء والتاء ولا يهمز). [الدر المنثور: 8/219-220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {هيت لك} يعني هلم لك). [الدر المنثور: 8/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ كما يقرأ عبد الله {هيت لك} وقال: هلم لك تدعوه إلى نفسها). [الدر المنثور: 8/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هيت لك} قال: هلم لك وهي بالحورانية). [الدر المنثور: 8/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {هيت لك} قال: هلم لك وهي بالقبطية هنا). [الدر المنثور: 8/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال: تعال). [الدر المنثور: 8/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال: ألقت نفسها واستلقت له ودعته إلى نفسها وهي لغة). [الدر المنثور: 8/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال: ألقت بنفسها واستلقت له لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها). [الدر المنثور: 8/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن يحيى بن وثاب أنه قرأها {هيت لك} يعني بكسر الهاء وضم التاء يعني تهيأت لك). [الدر المنثور: 8/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ (هئت لك) مكسورة الهاء مضمومة التاء مهموزة، قال: تهيأت لك). [الدر المنثور: 8/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {هيت لك} قال: تهيأت لك، قم فاقض حاجتك، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت أحيحة الأنصاري وهو يقول:
به أحمي المصاب إذا دعال * إذا ما قيل للأبطال هيتا). [الدر المنثور: 8/221-222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن أبي وائل رضي الله عنه أنه كان يقرأ (هئت لك) رفع أي تهيأت لك). [الدر المنثور: 8/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة عن زر بن حبيش رضي الله عنه أنه كان يقرأ {هيت لك} نصبا أي هلم لك، وقال أبو عبيد كذلك، كان الكسائي يحكيها قال: هي لغة لأهل نجد وقعت إلى الحجاز معناها: تعال). [الدر المنثور: 8/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن عبد الله بن عامر اليحصبي رضي الله عنه أنه قرأ {هيت لك} بكسر الهاء وفتح التاء). [الدر المنثور: 8/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنه ربي} قال: سيدي يعني زوج المرأة). [الدر المنثور: 8/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه في قوله {إنه ربي} قال: يعني زوجها). [الدر المنثور: 8/223]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن قرة بن خالد، عن الحسن في هذه الآية: {لولا أن رأى برهان ربه}، قال: زعموا، والله أعلم، أنه رأى يعقوب فرج السقف عاضا على أصبعه). [الجامع في علوم القرآن: 1/138]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني من سمع الأوزاعي يقول: كان ابن عباس يقول في هذه الآية: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه}، قال: رأى آيةً من كتابٍ مثلت له في جدار، فهو البرهان الذي رأى). [الجامع في علوم القرآن: 1/145]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن [القرظي في قول] الله: {لولا أن رأى برهان ربه}، رأى، {ولا تقربوا [الزنا إنه كان] فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ (؟) .. .. ]، {عليكم لحافظين كراما [كاتبين} ........ ]، فقال: ما إليك من سبيلٍ، ثم رأى [ .... {اليوم تجزى كل] نفسٍ بما كسبت}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ .. ] وآية أخرى: {وما تكون في شأنٍ [وما تتلو منه من قرآنٍ] ولا تعملون من عملٍ إلا كنا [عليكم شهودا] إذ تفيضون فيه}). [الجامع في علوم القرآن: 2/145-146]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ولقد همت به وهم بها قال جلس منها مجلس الرجل من امرأته حتى رأى صورة يعقوب في الجدر قال معمر قال قتادة بل رأى صورة يعقوب في الجدر فقال يا يوسف أتعمل عمل الفجار وأنت مكتوب من الأنبياء فاستحيا منه). [تفسير عبد الرزاق: 1/321]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن أبي حصين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى لولا أن رأى برهن ربه قال يعقوب ضرب بيده على صدره فخرجت شهوة يوسف من أنامله
عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعقوب مثل له.
عن جعفر بن سليمان عن يونس عن الحسن قال رأى يعقوب عاضا على يده). [تفسير عبد الرزاق: 1/321]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن أبي مليكة قال شهدت ابن عباس وهو يسأل عن هم يوسف ما بلغ قال حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن فنودي يا ابن يعقوب أتزني فتكون كالطائر وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له). [تفسير عبد الرزاق: 1/321]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن جريجٍ وسالمٍ أو أحدهما عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس في قوله: {ولقد همت به وهم بها} قال: أسلمت له وحلّ التّبان وقعد بين فخذيها فنادى منادٍ يا يوسف لا تكن كالطائر قال: إذا دما ذهب ريشه فلم يعظ عن الندا شيئا فنودي الثّانية فلم يعظ عن الندا شيئا فتمثّل له يعقوب فضرب صدره فقام فخرجت الشّهوة من أنامله [الآية: 24].
سفيان [الثوري] عن ابن جريج أو بن أبي نجيحٍ شكّ أبو جعفرٍ عن ابن أبي مليكة عن ابن عبّاسٍ قال: كان يولد لإخوته اثنا عشر ذكرا يولد له أحد عشر ولدًا من أجل الشهوة التي خرجت.
سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: تمثّل له يعقوب عاضا على أصابعه). [تفسير الثوري: 140-141]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ {لولا أن رأى برهان ربه} قال: يعقوب [الآية: 24]). [تفسير الثوري: 141]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (24) : قوله تعالى: {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حسّان بن إبراهيم الكرماني، عن يونس بن يزيد، عن الزّهري، قال: أخبرني حميد بن عبد الرّحمن، أنّ البرهان الّذي رأى يوسف: يعقوب.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عزّ وجلّ: {لولا أن رأى برهان ربّه} -، قال: حلّ الهميان وجلس منها مجلس الخاتن، فنودي: أتزني يا ابن يعقوب فتكون بمنزلة الطّائر ذهب يطير فسقط ريشه؟
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، سمع ابن عبّاسٍ يسأل: ما بلغ من هموم يوسف؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن مسعر، عمّن حدّثه عن سعيد بن جبيرٍ، قال: رأى يعقوب وقد عضّ على يديه، فخرجت شهوته من أنامله.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: رأى تمثال يعقوب.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن يونس، عن الحسن، قال: رأى تمثال يعقوب عاضًّا على إصبعه.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو مغيرة، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: لمّا جلس منها يوسف ذلك المجلس وحلّ السّراويل حتّى بلغت الثّفن، تمثّل له يعقوب فضرب صدره بيده فقال: يا يوسف، فخرجت شهوته من أنامله). [سنن سعيد بن منصور: 5/385-390]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين}.
ذكر أنّ امرأة العزيز لمّا همّت بيوسف، وأرادت مراودته، جعلت تذكر له محاسن نفسه، وتشوّقه إلى نفسها كما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: قالت له: يا يوسف ما أحسن شعرك قال: هو أوّل ما ينتثر من جسدي. قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك قال: هو للتراب يأكله. فلم تزل حتّى أطمعته فهمّت به وهمّ بها. فدخلا البيت، وغلّقت الأبواب، وذهب ليحلّ سراويله، فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت قد عضّ على إصبعه يقول: يا يوسف تواقعها فإنّما مثلك ما لم تواقعها مثل الطّير في جوّ السّماء لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات وقع إلى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه؛ ومثلك ما لم تواقعها مثل الثّور الصّعب الّذي لا يعمل عليه، ومثلك إن واقعتها مثل الثّور حين يموت فيدخل النّمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويله، وذهب ليخرج يشتدّ، فأدركته، فأخذت بمؤخّر قميصه من خلفه، فخرقته حتّى أخرجته منه، وسقط، وطرحه يوسف، واشتدّ نحو الباب
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أكبّت عليه يعني المرأة تطمّعه مرّةً وتخيفه أخرى، وتدعوه إلى لذّةٍ من حاجة الرّجال في جمالها وحسنها وملكها، وهو شابٌّ مستقبلٌ يجد من شبق الرّجال ما يجد الرّجل؛ حتّى رقّ لها ممّا يرى من كلفها به، ولم يتخوّف منها حتّى همّ بها وهمّت به، حتّى خلوا في بعض بيوته.
ومعنى الهمّ بالشّيء في كلام العرب: حديث المرء نفسه بمواقعته، ما لم يواقع. فأمّا ما كان من همّ يوسف بالمرأة وهمّها به، فإنّ أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره
- وذلك ما: حدّثنا أبو كريبٍ، وسفيان بن وكيعٍ، وسهل بن موسى الرّازيّ، قالوا: حدّثنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن لفظ الحديث لأبي كريبٍ
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن عيينة، قال: سمع عبيد اللّه بن أبي يزيد ابن عبّاسٍ في {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: جلس منها مجلس الخاتن، وحلّ الهميان
- حدّثنا زياد بن عبد اللّه الحسّانيّ، وعمرو بن عليٍّ، والحسن بن محمّدٍ، قالوا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عبّاسٍ سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن
- حدّثني زياد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: سألت ابن عبّاسٍ: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بين رجليها
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: استلقت له، وحلّ ثيابه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ: {ولقد همّت به وهمّ بها} ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بين رجليها، وحلّ ثيابه، أو ثيابها
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: سألت ابن عبّاسٍ ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت على قفاها، وقعد بين رجليها لينزع ثيابه
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: سئل ابن عبّاسٍ، عن قوله: {ولقد همّت به وهمّ بها} ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان يعني السّراويل
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت الأعمش، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: حلّ السّراويل حتّى ثنته، واستلقت له
- حدّثنا زياد بن عبد اللّه الحسّانيّ، قال: حدّثنا مالك بن سعيرٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: حلّ سراويله، حتّى وقع على الميتنين
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: جلس منها مجلس الرّجل من امرأته
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، قال: ثني القاسم بن أبي بزّة: {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: أمّا همّها به، فاستلقت له، وأمّا همّه بها: فإنّه قعد بين رجليها ونزع ثيابه
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: ثني حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن أبي مليكة، قال: قلت لابن عبّاسٍ: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بين رجليها ينزع ثيابه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن عليّ بن بذيمة، عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، قالا: حلّ السّراويل، وجلس منها مجلس الخاتن
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، عن شريكٍ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ: {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: استلقت، وحلّ ثيابه حتّى بلغ الثنّات
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا قيسٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: أطلق تكّة سراويله
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، قال: شهدت ابن عبّاسٍ سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن.
فإن قال قائلٌ: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا وهو للّه نبيّ؟ قيل: إنّ أهل العلم اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: كان ممّن ابتلي من الأنبياء بخطيئةٍ، فإنّما ابتلاه اللّه بها ليكون من اللّه عزّ وجلّ على وجلٍ إذا ذكرها، فيجد في طاعته إشفاقًا منها، ولا يتّكل على سعة عفو اللّه ورحمته.
وقال آخرون: بل ابتلاهم اللّه بذلك ليعرّفهم موضع نعمته عليهم، بصفحه عنهم وتركه عقوبته عليه في الآخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمّةً لأهل الذّنوب في رجاء رحمة اللّه، وترك الإياس من عفوه عنهم إذا تابوا.
وأمّا آخرون ممّن خالف أقوال السّلف وتأوّلوا القرآن بآرائهم، فإنّهم قالوا في ذلك أقوالاً مختلفةً، فقال بعضهم: معناه: ولقد همّت المرأة بيوسف، وهمّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروهٍ لهمّها به ما أرادته من المكروه، لولا أنّ يوسف رأى برهان ربّه، وكفّه ذلك عمّا همّ به من أذاها، لا أنّها ارتدعت من قبل نفسها. قالوا: والشّاهد على صحّة ذلك قوله: {كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء} قالوا: فالسّوء: هو ما كان همّ به من أذاها، وهو غير الفحشاء.
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همّت به. فتناهى الخبر عنها، ثمّ أبتدئ الخبر عن يوسف، فقيل: وهمّ بها يوسف، لولا أن رأى برهان ربّه. كأنّهم وجّهوا معنى الكلام إلى أنّ يوسف لم يهمّ بها، وأنّ اللّه إنّما أخبر أنّ يوسف لولا رؤيته برهان ربّه لهمّ بها، ولكنّه رأى برهان ربّه فلم يهمّ بها، كما قيل: {ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلاّ قليلاً}.
ويفسد هذين القولين أنّ العرب لا تقدّم جواب لولا قبلها، لا تقول: لقد قمت لولا زيدٌ، وهي تريد: لولا زيدٌ لقد قمت، هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن الّذين عنهم يؤخذ تأويله.
وقال آخرون منهم: بل قد همّت المرأة بيوسف وهمّ يوسف بالمرأة، غير أنّ همّهما كان تمثيلاً منهما بين الفعل والترك، لا عزمًا ولا إرادةً؛ قالوا: ولا حرج في حديث النّفس، ولا في ذكر القلب إذا لم يكن معهما عزمٌ ولا فعلٌ.
وأمّا البرهان الّذي رآه يوسف فترك من أجله مواقعة الخطيئة، فإنّ أهل العلم مختلفون فيه، فقال بعضهم: نودي بالنّهي عن مواقعة الخطيئة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: نودي: يا يوسف أتزني، فتكون كالطّير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له
- قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لم يعط على النّداء حتّى رأى برهان ربّه، قال: تمثالٌ صورة وجه أبيه. قال سفيان: عاضًّا على أصبعه فقال: يا يوسف تزني، فتكون كالطّير ذهب ريشه؟
- حدّثني زياد بن عبد اللّه الحسّانيّ، قال: ثني محمّد بن أبي عديٍّ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن عبّاسٍ: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطّائر له ريشٌ، فإذا زنى ذهب ريشه أو قعد لا ريش له قال: فلم يعط على النّداء، فلم يزد على هذا. قال ابن جريجٍ: وحدّثني غير واحدٍ، أنّه رأى أباه عاضًّا على أصبعه
- حدّثني أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ وحدّثنا ابن وكيعٌ، قال: حدّثنا أبي، عن نافعٍ بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن عبّاسٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: نودي فلم يسمع، فقيل له: يا ابن يعقوب تريد أن تزني فتكون كالطّير نتف فلا ريش له؟
- حدّثنا ابن حميدٍ،. قال: حدّثنا سلمة، عن طلحة، بن عمرٍو الحضرميّ، عن ابن أبي مليكة، قال: بلغني أن يوسف، لمّا جلس بين رجليّ المرأة فهو يحلّ هميانه، نودي: يا يوسف بن يعقوب لا تزن، فإنّ الطّير إذا زنى تناثر ريشه فأعرض. ثمّ نودي فأعرض. فتمثّل له يعقوب عاضًّا على أصبعه، فقام
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، قال: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطّير إذا زنى ذهب ريشه وبقي لا ريش له فلم يعط على النّداء، ففزع
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن أبي مليكة، قال: قال ابن عبّاسٍ: نودي: يا ابن يعقوب لا تكوننّ كالطّائر له ريشٌ، فإذا زنى ذهب ريشه قال: أو قعد لا ريش له فلم يعط على النّداء شيئًا، حتّى رأى برهان ربّه، ففرق ففرّ
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن عبّاسٍ: نودي: يا ابن يعقوب أتزني فتكون كالطّير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له؟
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني نافع بن يزيد، عن همّام بن يحيى، عن قتادة، قال: نودي يوسف فقيل: أنت مكتوبٌ في الأنبياء تعمل عمل السّفهاء
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: نودي: يوسف بن يعقوب تزني، فتكون كالطّير نتف فلا ريش له؟
وقال آخرون: البرهان الّذي رأه يوسف فكفّ عن مواقعة الخطيئة من أجله صورة يعقوب عليهما السّلام يتوعّده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى صورة أو تمثال وجه يعقوب عاضًّا على أصبعه، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن العنقزيّ، عن إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: مثّل له يعقوب، فضرب في صدره، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، عن مسعرٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى تمثال وجه أبيه قائلاً بكفّه هكذا، وبسط كفّه، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: مثّل له يعقوب عاضًّا على أصابعه، فضرب صدره، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى صورة يعقوب واضعًا أنملته على فيه يتوعّده، ففرّ
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ، قال: حدّثنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت عبد اللّه بن أبي مليكة يحدّث عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولقد همّت به وهمّ بها} قال: حين رأى يعقوب في سقف البيت، قال: فنزعت شهوته الّتي كان يجدها حتّى خرج يسعى إلى باب البيت، فتبعته المرأة
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن قرّة بن خالدٍ السّدوسيّ، عن الحسن، قال: زعموا واللّه أعلم أنّ سقف البيت انفرج، فرأى يعقوب عاضًّا على أصابعه
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى تمثال يعقوب عاضًّا على أصبعه يقول: يوسف، يوسف.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن، نحوه
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عمرو العنقزيّ، قال: أخبرنا سفيان الثّوريّ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى تمثال وجه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن عليّ بن بذيمة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: رأى صورةً فيها وجه يعقوب عاضًّا على أصابعه، فدفع في صدره، فخرجت شهوته من أنامله. فكلّ ولد يعقوب، ولد له اثنا عشر رجلاً إلاّ يوسف، فإنّه نقص بتلك الشّهوة، ولم يولد له غير أحد عشر
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس بن زيدٍ، عن ابن شهابٍ، أنّ حميد بن عبد الرّحمن، أخبره: أنّ البرهان الّذي رأى يوسف يعقوب.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عيسى بن المنذر، قال: حدّثنا أيوب بن سويدٍ، قال: حدّثنا يونس بن يزيد الأيليّ، عن الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرّحمن، مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: مثّل له يعقوب.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: يعقوب.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة. وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: مثّل له يعقوب
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ أنّه قال: جلس منها مجلس الرّجل من امرأته حتّى رأى صورة يعقوب في الجدار
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: مثّل له يعقوب
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن القاسم بن أبي بزّة، قال: نودي: يا ابن يعقوب، لا تكوننّ كالطّير له ريشٌ فإذا زنى قعد ليس له ريشٌ فلم يعرض للنداء وقعد، فرفع رأسه، فرأى وجه يعقوب عاضًّا على أصبعه، فقام مرعوبًا استحياءً من اللّه تعالى ذكره. فذلك قول اللّه سبحانه وتعالى: {لولا أن رأى برهان ربّه} وجه يعقوب
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة، قال: مثّل له يعقوب عاضًّا على أصابعه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن نضر بن عربيٍّ عن عكرمة، مثله
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا قيسٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: مثّل له يعقوب، فدفع في صدره، فخرجت شهوته من أنامله
- قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن بذيمة، قال: كان يولد لكلّ رجلٍ منهم اثنا عشر ابنًا إلاّ يوسف، ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا: ابن وهبٍ، قال: قال أبو شريحٍ: سمعت عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ، يقول: بلغ من شهوة يوسف أن خرجت من بنانه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، عن محمّدٍ الخراسانيّ، قال: سألت محمّد بن سيرين، عن قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: مثّل له يعقوب عاضًّا على أصابعه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل اللّه، اسمك اسم الأنبياء وتعمل عمل السّفهاء؟
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن يونس، عن الحسن، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى يعقوب عاضًّا على أصبعه يقول: يوسف
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال قتادة: رأى صورة يعقوب، فقال: يا يوسف تعمل عمل الفجّار، وأنت مكتوبٌ في الأنبياء؟ فاستحيا منه
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لولا أن رأى برهان ربّه} رأى آيةً من آيات ربّه، حجزه اللّه بها عن معصيته؛ ذكر لنا أنّه مثّل له يعقوب حتّى كلّمه فعصمه اللّه ونزع كلّ شهوةٍ كانت في مفاصله
- قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن: أنّه مثّل له يعقوب وهو عاضٌّ على أصبعٍ من أصابعه
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ، قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت عاضًّا على أصبعه يقول: يا يوسف، يا يوسف يعني قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه}
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، ويونس عن الحسن، في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت عاضًّا على أصبعه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ مثله، وقال: عاضًّا على أصبعه يقول: يوسف، يوسف
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، قال: نظر يوسف إلى صورة يعقوب عاضًّا على أصبعه يقول: يا يوسف فذاك حيث كفّ، وقام فاندفع
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ وأبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى صورةً فيها وجه يعقوب عاضًّا على أصابعه، فدفع في صدره فخرجت شهوته من بين أنامله
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا مسعرٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: رأى تمثال وجه أبيه، فخرجت الشّهوة من أنامله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: تمثال صورة يعقوب في سقف البيت
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، عن يونس بن عبيدٍ، عن الحسن، قال: رأى يعقوب عاضًّا على يده
- قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: يعقوب ضرب بيده على صدره، فخرجت شهوته من أنامله
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لولا أن رأى برهان ربّه} آيةً من ربّه؛ يزعمون أنّه مثّل له يعقوب، فاستحيا منه.
وقال آخرون: بل البرهان الّذي رأى يوسف ما أوعد اللّه عزّ وجلّ على الزّنا أهله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبي مودودٍ، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتابٌ في حائط البيت: {لا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلاً}
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي مودودٍ، عن محمّد بن كعبٍ، قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت حين همّ، فرأى كتابًا في حائط البيت: {لا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلاً}
- قال: حدّثنا زيد بن الحباب، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ، {لولا أن رأى برهان ربّه} قال: لولا ما رأى في القرآن من تعظيم الزّنى
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني نافع بن يزيد، عن أبي صخرٍ، قال: سمعت القرظيّ، يقول: في البرهان الّذي رأى يوسف: ثلاث آياتٍ من كتاب اللّه: {إنّ عليكم لحافظين}. الآية، وقوله: {وما تكون في شأنٍ}. الآية، وقوله: {أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت}.
قال نافعٌ: سمعت أبا هلالٍ يقول مثل قول القرظيّ، وزاد آيةً رابعةً: {ولا تقربوا الزّنا}
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: أخبرنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: {لولا أن رأى برهان ربّه} فقال: ما حرّم اللّه عليه من الزّنا.
وقال آخرون: بل رأى تمثال الملك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه} يقول: آيات ربّه أري تمثال الملك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان بعض أهل العلم فيما بلغني يقول: البرهان الّذي رأى يوسف فصرف عنه السّوء والفحشاء: يعقوب عاضًّا على أصبعه، فلمّا رآه انكشف هاربًا.
ويقول بعضهم: إنّما هو خيال إطفير سيّده حين دنا من الباب، وذلك أنّه لمّا هرب منها، واتّبعته ألفياه لدى الباب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عن همّ يوسف، وامرأة العزيز كلّ واحدٍ منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربّه، وذلك آيةٌ من آيات اللّه، زجرته عن ركوب ما همّ به يوسف من الفاحشة. وجائزٌ أن تكون تلك الآية صورة يعقوب، وجائزٌ أن تكون صورة الملك، وجائزٌ أن يكون الوعيد في الآيات الّتي ذكرها اللّه في القرآن على الزّنا، ولا حجّة للعذر قاطعةً بأيّ ذلك من أيٍّ.
والصّواب أن يقال في ذلك ما قاله اللّه تبارك وتعالى، والإيمان به، وترك ما عدا ذلك إلى عالمه
وقوله: {كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء} يقول تعالى ذكره: كما أرينا يوسف برهاننا على الزّجر عمّا همّ به من الفاحشة، كذلك نسبّب له في كلّ ما عرض له من همٍّ يهمّ به فيما لا يرضاه ما يزجره ويدفعه عنه؛ كي نصرف عنه ركوب ما حرّمنا عليه، وإتيان الزّنا، لنطهّره من دنس ذلك
وقوله: {إنّه من عبادنا المخلصين} اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والكوفة: {إنّه من عبادنا المخلصين} بفتح اللاّم من المخلصين، بتأويل: إنّ يوسف من عبادنا الّذين أخلصناهم لأنفسنا، واخترناهم لنبوّتنا ورسالتنا.
وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: إنّه من عبادنا المخلصين بكسر اللاّم، بمعنى: أن يوسف من عبادنا الّذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا، فلم يشركوا بنا شيئًا، ولم يعبدوا شيئًا غيرنا.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّهما قراءتان معروفتان قد قرأ بهما جماعةٌ كثيرةٌ من القرّاء، وهما متّقاربتا المعنى؛ وذلك أنّ من أخلصه اللّه لنفسه فاختاره، فهو مخلصٌ للّه التّوحيد والعبادة، ومن أخلص توحيد اللّه وعبادته فلم يشرك باللّه شيئًا، فهو من أخلصه اللّه، فبأيّتهما قرأ القارئ فهو الصّواب مصيبٌ). [جامع البيان: 13/80-101]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين (24)
قوله تعالى: ولقد همّت به وهم بها
- حدثنا محمد عبد الله بن يزيد المقري، ثنا سفيان ، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة: سئل ابن عبّاسٍ عن همّ يوسف فقال: حلّ الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن فنودي: يا ابن يعقوب أتزني؟ فيكون مثلك مثل طائرٍ سقط ريشه، فذهب يطير فلم يستطع.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه: قال: لمّا همّت به تزيّنت ثمّ استلقت على فراشها، وهمّ بها وجلس بين رجليها يحلّ ثيابه، فنودي من السّماء يا ابن يعقوب، لا تكن كطائرٍ نتف ريشه فبقي لا ريش له، فلم يتّعظ على النّداء شيئًا، أي: لم يفصم، حتّى رأى برهان ربّه، جبريل في صورة يعقوب، عاضًّا على أصبعيه ففزع.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهدٍ ولقد همّت به وهمّ بها قال: حلّ سراويله حتّى بلغ ثنّته، فمثل له يعقوب فضرب في صدره، فخرجت شهوته من أنامله.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: ولقد همّت به وهمّ بها فقالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك. قال: هو أوّل ما يتناثر من جسدي، قالت: يا يوسف ما أحسن عينيك.. قال: هما أوّل ما يسيلان إلى الأرض من جسدي، قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك.. قال: هو للتّراب يأكله، فلم تزل به حتى أطمعها ف همت به وهمّ بها ودخل البيت، وغلّقت الأبواب فذهب يحلّ سراويله، فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت قد عضّ على أصبعه يقول: يا يوسف، لا تواقعها.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قوله: ولقد همّت به وهمّ بها فأكبّت عليه تطيعه مرّةً، وتخيفه مرّةً أخرى، وتدعوه إلى لذّةٍ وهي من حاجة الرّجال، في جمالها وحسنها وملكها، وهو شابٌّ مقتبلٌ يجد من شبق الرّجال ما يجد الرّجال حتّى رقّ لها ممّا يرى من كلفها به، ولم يتخوّف منها حتّى همّ بها وهمّت به، حتّى دخلوا في بعض بيوته فلمّا همّ وتهيّأ لذلك رأى برهان ربّه فانكشف عنها هاربًا.
قوله تعالى: لولا أن رأى برهان ربه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ لولا أن رأى برهان ربّه قال: مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره، فخرجت شهوته من أنامله.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ، ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي قال: سمعت ابن أبي مليكة قال: قيل لابن عبّاسٍ: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: أطلق تكّة سراويله، وقعد منها ذلك المقعد، فمثل له يعقوب في سقف البيت عاضًّا على إبهامه، فانتزع اللّه كلّ شهوةٍ كانت في جسده فخرج يسعى إلى باب البيت.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قوله: لولا أن رأى برهان ربه قال: رأى صورة أبيه، يعقوب في وسط البيت عاضًّا على إبهامه فأدبر هاربًا، قال: وحقّك يا أبه، لا أعود أبدًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن لولا أن رأى برهان ربّه قال: رأى يعقوب عاضًّا على أصابعه يقول: يوسف، يوسف.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن خالدٍ، ثنا عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعيّ قال: كان ابن عبّاسٍ يقول في هذه الآية: ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه قال: رأى آيةً من كتاب اللّه نهته مثّلت له في جدارٍ، وهو البرهان الّذي رأى
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: لولا أن رأى برهان ربّه: رأى آيةً من آيات ربّه حجزه اللّه بها، عن معصيته.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا خليدٌ وسعيدٌ، عن قتادة قال: مثل له يعقوب عاضًّا على أصبعيه وهو يقول له: أيا يوسف أتتهم بعمل السّفهاء وأنت مكتوبٌ في الأنبياء؟ فذلك البرهان، فانتزع اللّه كلّ شهوةٍ كانت في مفاصله.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يعلى بن عبيدٍ، ثنا محمّد بن عونٍ الخراسانيّ قال: سألت محمّد بن سيرين، عن قول اللّه: لولا أن رأى برهان ربّه قال: مثل له يعقوب عاضًّا على أصبعيه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن، اسمك في الأنبياء، وتعمل عمل السّفهاء.
- حدّثنا أبي، ثنا الحمّانيّ، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان ، عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة وسعيد بن جبير في قوله: لولا أن رأى برهان ربّه قال: حلّ السّراويل، وجلس منها مجلس الخاتن، فرأى صورةً فيها وجه يعقوب عاضًّا على أصابعه فدفع صدره فخرجت الشّهوة من أنامله، فكلّ ولد يعقوب قد ولد له اثنا عشر إلا يوسف فإنّه نقص بتلك الشّهوة ولدًا.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ الحرّانيّ، ثنا يونس بن راشدٍ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ ولقد همّت به وهمّ بها قال: تمثّل له يعقوب، فضرب في صدر يوسف، فطارت شهوته من أطراف أنامله، فولد لكلّ ولد يعقوب اثنا عشر ذكر غير يوسف لم يولد له إلا غلامان.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو إبراهيم الأسديّ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ لولا أن رأى برهان ربّه قال: لولا أن رأى ما حرّم عليه من القرآن لرجع عليه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ لولا أن رأى برهان ربّه فإذا هو بصورة يعقوب قائمٌ في البيت قد عضّ على أصبعه يقول: يا يوسف، لا تواقعها، إنّما مثلك مثل الطّير في جوّ السّماء لا يطاق، ومثلك إذا وقعت عليها مثله إذا مات فوقع على الأرض لا يستطيع أن يدفع، عن نفسه، ومثلك مثل الثّور الصّعب الّذي لم يعمل عليه ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات، فدخل الماء في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع، عن نفسه فربط سراويله.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنا ابن وهبٍ، أخبرني نافع بن يزيد، عن أبي صخرٍ، قال: سمعت القرظيّ يقول في البرهان: الّذي أرى يوسف ثلاث آياتٍ من كتاب اللّه: وإنّ عليكم لحافظين كرامًا كاتبين. يعلمون ما تفعلون وقول اللّه: وما تكون في شأنٍ وما تتلوا منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلّا كنّا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه
وقول اللّه: أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت قال نافع سمعت أبا هلالٍ يقول مثل القرظيّ وزاد آيةً أخرى رابعةً ولا تقربوا الزنى.
قوله تعالى: كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء.
- حدّثنا الحسن بن عبد العزيز الجرويّ، ثنا عبد الملك بن بزيعٍ التّنّيسيّ قال: سمعت عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ في قوله: كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء قال: الزّنا، والثّناء القبيح.
قوله تعالى: إنّه من عبادنا المخلصين
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهبٍ، ثنا سفيان الثّوريّ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن أبي ثمامة قال: قال الحواريّون: يا روح اللّه: أخبرنا من المخلص للّه؟ قال: الّذي يعمل للّه لا يحبّ أن يحمده النّاس). [تفسير القرآن العظيم: 7/2122-2126]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا يحيى بن آدم، ثنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله تعالى " {لولا أن رأى برهان ربّه} [يوسف: 24] قال: مثّل له يعقوب فضرب صدره، فخرجت شهوته من أنامله " هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه). [المستدرك: 2/377]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا إسرائيل، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " عثر يوسف ثلاث عثراتٍ، حين همّ بها فسجن وقوله للرّجل {اذكرني عند ربّك} [يوسف: 42] فلبث في السّجن بضع سنين فأنساه الشّيطان ذكر ربّه، وقوله لهم {إنّكم لسارقون} [يوسف: 70] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/377] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 24.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما همت به تزينت ثم استلقت على فراشها وهم بها وجلس بين رجليها يحل تبانه نودي من السماء: يا بن يعقوب لا تكن كطائر ينتف ريشه فبقي لا ريش له فلم يتعظ على النداء شيئا حتى رأى برهان ربه جبريل عليه السلام في صورة يعقوب عاضا على أصبعيه ففزع فخرجت شهوته من أنامله فوثب إلى الباب فوجده مغلقا فرفع يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له واتبعته فأدركته فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه فألفيا سيدها لدى الباب). [الدر المنثور: 8/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ قال: حل الهميان - يعني السراويل - وجلس منها مجلس الخاتن فصيح به يا يوسف لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش). [الدر المنثور: 8/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {ولقد همت به وهم بها} قال: طمعت فيه وطمع فيها وكان من الطمع أن هم بحل التكة فقامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه فقال: أي شيء تصنعين فقالت: أستحي من إلهي أن يراني على هذه الصورة، فقال يوسف عليه السلام: تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت، ثم قال: لا تنالينها مني أبدا، وهو البرهان الذي رأى). [الدر المنثور: 8/224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم بها} قال: حل سراويله حتى بلغ ثنته وجلس منها مجلس الرجل من امرأته فمثل له يعقوب عليه السلام فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله). [الدر المنثور: 8/224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله). [الدر المنثور: 8/224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (لولا أن رءا برهان ربه) قال: رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت عاضا على إبهامه فأدبر هاربا وقال: وحقك يا أبت لا أعود أبدا). [الدر المنثور: 8/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة وسعيد بن جبير في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فرأى صورة فيها وجه يعقوب عاضا على أصابعه فدفع صدره فخرجت الشهوة من أنامله فكل ولد يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا إلا يوسف عليه السلام فإنه نقص بتلك الشهوة ولدا ولم يولد له غير أحد عشر ولدا). [الدر المنثور: 8/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: تمثل له يعقوب عليه السلام فضرب في صدر يوسف عليه السلام فطارت شهوته من أطراف أنامله فولد لكل ولد يعقوب اثنا عشر ذكرا غير يوسف لم يولد له إلا غلامان). [الدر المنثور: 8/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: رأى يعقوب عاضا على أصابعه يقول: يوسف يوسف). [الدر المنثور: 8/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: رأى آية من آيات ربه حجزه الله بها عن معصيته، ذكر لنا أنه مثل له يعقوب عاضا على أصبعيه وهو يقول له: يا يوسف أتهم بعمل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء فذلك البرهان فانتزع الله كل شهوة كانت في مفاصله). [الدر المنثور: 8/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: مثل له يعقوب عليه السلام عاضا على أصبعيه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن اسمك في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء). [الدر المنثور: 8/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال: رأى صورة يعقوب عليه السلام في الجدار). [الدر المنثور: 8/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: زعموا أن سقف البيت انفرج فرأى يعقوب عاضا على أصبعيه). [الدر المنثور: 8/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} قال: لما هم قيل له: يوسف ارفع رأسك، فرفع رأسه فإذا هو بصورة في سقف البيت تقول: يا يوسف أنت مكتوب في الأنبياء فعصمه الله عز وجل). [الدر المنثور: 8/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت تقول: يوسف يوسف). [الدر المنثور: 8/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق الزهري أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام هو يعقوب). [الدر المنثور: 8/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن القاسم بن أبي بزة قال: نودي: يا ابن يعقوب لا تكونن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش، فلم يعرض للنداء وقعد فرفع رأسه فرأى وجه يعقوب عاضا على أصبعه فقام مرعوبا استحياء من أبيه). [الدر المنثور: 8/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي بن بديمة قال: كان يولد لكل رجل منهم اثنا عشر اثنا عشر إلا يوسف عليه السلام ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته). [الدر المنثور: 8/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن شمر بن عطية قال: نظر يوسف إلى صورة يعقوب عاضا على أصبعه يقول: يا يوسف فذاك حيث كف وقام). [الدر المنثور: 8/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال: يزعمون أنه مثل له يعقوب عليه السلام فاستحيا منه). [الدر المنثور: 8/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: رأى آية من كتاب الله فنهته مثلت له في جدار الحائط). [الدر المنثور: 8/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام ثلاث آيات من كتاب الله (وإن عليكم لحافظون كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) (الانفطار الآيات 10 - 11 - 12) وقول الله (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه) (يونس الآية 61 - 62) وقول الله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) (الرعد الآية 33) ). [الدر المنثور: 8/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: رأى في البيت في ناحية الحائط مكتوبا (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) (الإسراء الآية 32) ). [الدر المنثور: 8/228-229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لما خلا يوسف وامرأة العزيز خرجت كف بلا جسد بينهما مكتوب عليه بالعبرانية (أفمن هو قائم على كل نفس ما كسبت) (الرعد الآية 33) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما ثم رجعت الكف بينهما مكتوب عليها بالعبرانية (إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) (الإنفطار الآيات 10 - 11 - 12) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الثالثة مكتوب عليها (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) (الإسراء الآية 32) وانصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الرابعة مكتوب عليها بالعبرانية (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) (البقرة الآية 281) فولى يوسف عليه السلام هاربا). [الدر المنثور: 8/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال: آيات ربه رأى تمثال الملك). [الدر المنثور: 8/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال: لما دخل يوسف عليه السلام معها البيت وفي البيت صنم من ذهب قالت: كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحي منه، فقال يوسف عليه السلام: هذه تستحي من الصنم أنا أحق أن أستحي من الله، فكف عنها وتركها). [الدر المنثور: 8/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر رضي الله عنه في قوله {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} قال: الزنا والثناء القبيح). [الدر المنثور: 8/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {إنه من عبادنا المخلصين} قال: الذين لا يعبدون مع الله شيئا). [الدر المنثور: 8/230]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 12:54 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالت هيت لك...}
قرأها عبد الله بن مسعود وأصحابه...
- حدثني بن أبي يحيى عن أبي حبيب عن الشّعبيّ عن عبد الله ابن مسعود أنه قال: أقرأني رسول الله صلى عليه وسلم (هيت) ويقال: إنها لغة لأهل حوران سقطت إلى مكّة فتكلّموا بها. وأهل المدينة يقرءون هيت لك بكسر الهاء ولا يهمزون وذكر عن علي بن أبي طالب وابن عبّاس أنهما قرءا (هئت لك) يراد بها: تهيّأت لك وقد قال الشاعر:
أنّ العراق وأهله=سلمٌ عليك فهيت هيتا
أي هلمّ.
وقوله: {إنّه ربّي} يعني مولاه الذي اشتراه. يقول: قد أحسن إليّ فلا أخونه). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {وقالت هيت لك} أي هلمّ لك،
أنشدني أبو عمرو بن العلاء:

أبلغ أمير المؤمن=ين أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله= عنقٌ إليك فهيت هيتا
يريد عليّ بن أبي طالب رحمه الله، أي تعالى وتقرب وادته، وكذلك لفظ هيت للاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء إلا أن العدد فيما بعدها تقول: هيت لكما وهيت لكن، وشهدت أبا عمرو وسأله أبو أحمد أو أحمد وكان عالماً بالقرآن وكان لألأً ثم كبر فقعد في بيته فكان يؤخذ عنه القرآن ويكون مع القضّاة، فسأله عن قول من قال: هئت فكسر الهاء وهمز الياء، فقال أبو عمرو: نبسى أي باطل جعلها قلت من تهيأت؛ فهذا الخندق، واستعرض العرب حتى تنتهى إلى اليمن هل يعرف أحد هئت لك؛ كان خندق كسرى إلى هيت حين بلغه أن النبي صلى الله عليه يخرج وخاف العرب فوضع عليه المراصد وصوامع وحرساً ودون ذلك مناظر ثم لما كانت فتنة ابن الأشعث حفره عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة، وكان أعور،
فقال له حميد الأرقط:
يا أعور العين فديت العورا= لا تحسبنّ الخندق المحفورا
يردّ عنك القدر المقدورا
وذلك أنه لما انهزم ابن الأشعث من الزاوية قام هو بأمر أهل البصرة فناصب الحجاج، ثم لما هرب يزيد بن المهلب من سجن عمر بن عبد العزيز حفره عدى بن أرطاة عامل البصرة، لئلا يدخل يزيد البصرة ثم حفره المنصور وجعل عليه حائطاً مما يلي الباب فحصنه أشد من تحصين الأولين للحائط ولم يكن له حائط قبل ذلك). [مجاز القرآن: 1/307-305]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وراودته الّتي هو في بيتها عن نّفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون}
وقال: {معاذ اللّه إنّه ربّي} أي: أعوذ بالله معاذا. جعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر وإن كان غير مستعمل مثل "سبحان" وبعضهم يقول "معاذة الله" ويقول "ما أحسن معناة هذا الكلام" يريد المعنى). [معاني القرآن: 2/51]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (ابن مسعود قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {هيت لك} بالفتح، وهي قراءة الحسن وأبي عمرو.
وقراءة عثمان بن عفان رحمه الله وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه {هيت لك} بكسر الهاء بغير همز.
ابن عباس رحمه الله ومجاهد ويحيى بن وثاب {هئت لك} مضمومة التاء مكسورة الهاء مهموزة.
قال أبو علي: ومعنى {هيت لك}؛ أي أقبل؛ وهو قول ابن عباس.
قال الشاعر:
أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا
أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا
قال أبو علي أنشدني بعض أهل الحجاز لطرفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما = قال داع من العشيرة هيت
هم يجيبون ذا هلم سراعا = كالأبابيل لا يغادر بيت
قال أبو علي أنشدنيه مرفوعًا.
ومن همز فهو من "هئت" للأمر، فأنا أهيء له، هيئة؛ أي تهيأت من التهيء.
[معاني القرآن لقطرب: 732]
[وزاد محمد بن صالح]:
وقراءة ابن أبي إسحاق "هيت لك" بنصب الهاء وكسر التاء.
وقرأ ابن كثير {هيت لك} بنصب الهاء ورفع التاء). [معاني القرآن لقطرب: 733]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {معاذ الله إنه ربي} فإنهم يقولون أيضًا: معاذ لله، باللام بغير تنوين؛ وقالوا أيضًا: معاذة الله وعياذ الله وعوذ الله؛ وهو من عاذ به يعوذ به). [معاني القرآن لقطرب: 741]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هيت لك}: بلغة أهل حوران تعال.
ومن قال هئت لك فمعناه تهيأت لك بالهمز). [غريب القرآن وتفسيره: 182-181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقالت هيت لك} أي هلمّ لك. يقال: هيّت فلان لفلان، إذا دعاه وصاح به. قال الشاعر:
قد رابني أنّ الكريّ أسكتا لو كان معنيا بها لهتّا). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون}
المعنى أنها راودته عما أرادته مما يريد النساء من الرجال، فعلم بتركه ذكر الفاحشة نفسها ما راودته عليه.
{وقالت هيت لك} المعنى هلمّ لك، أي أقبل إلى ما أدعوك إليه.
وفي {هيت لك} لغات: يجوز هيت لك، وهيت. وأجودها وأكثرها هيت - بفتح التاء - ورويت عن علي صلوات اللّه عليه: هيت لك فأمّا الفتح مع فتح التاء والهاء، فهو أكثر كلام العرب.
قال الشاعر:

أبلغ أمير المؤمنين= أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله= عنق إليك فهيت هيتا
أي فأقبل وتعال.
وحكى قطرب أنه أنشده بعض أهل الحجاز لطرفة بن العبد:

ليس قومي بالأبعدين إذا ما= قال داع من العشيرة هيت
هم يجيبون ذا هلمّ سراعا= كالأبابيل لا يغادر بيت
رويت عن ابن عباس هئت لك مهموزة مكسورة الهاء، من الهيئة كأنها قالت تهيأت لك، فأما الفتح في (هيت) فلأنها بمنزلة الأصوات، ليس منها فعل يتصرّف ففتحت التاء لسكونها وسكون الياء، واختير الفتح لأن قبل التاء ياء كما قالوا: كيف وأين، ومن قال هيت لك - بكسر التاء، فلأن أصل التقاء السّاكنين حركة الكسر، ومن قال: هيت ضمها لأنها في معنى الغايات، كأنها قالت: دعائي لك، ولما حذفت الإضافة وتضمنت معناها بنيت على الضم كما بنيت حيث ومنذ يا هذا.
وقراءة عليّ " هئت لك " بمنزلة هيت والحجة فيها كالحجة فيها مفتوحة.
ثم قال: {معاذ اللّه}.
مصدر، المعنى أعوذ باللّه أن أفعل هذا، تقول: عذت عياذا ومعاذا.
{إنّه ربّي} أي إن العزيز صاحبي
{أحسن مثواي} أي تولّاني في طول مقامي
{إنّه لا يفلح الظّالمون}أي: إن فعلت هذا فخنته في أهله بعدما أكرمني فأنا ظالم.
[ويجوز أن يكون «إنه ربي» يعني الله عز وجل «أحسن مثواي» أي: تولّاني في طول مقامي] ). [معاني القرآن: 3/101-99]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه}
معنى راود فلان فلانة طالبها على الفاحشة وترك ذكر الفاحشة لعلم السامع
وقوله جل وعز: {وقالت هيت لك}
قال سعيد بن جبير أي تعاله
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا تنطعوا في القرآن فإنما هو مثل قول أحدكم هلم وتعال ثم قرأ عبد الله وقالت هيت لك بفتح الهاء والتاء
وروي عن مجاهد وعكرمة أنهما قرءا وقالت هئت لك بالهمز
قال قتادة قرأ ابن عباس هئت لك
قال عكرمة أي تهيأت لك
وأنكر الكسائي هذه القراءة وقال لا أعرف هئت لك بمعنى تهيأت وهي عند البصريين جيدة لأنه يقال هاء الرجل يهاء ويهييء هيأة فهاء يهيء مثل جاء يجيء وهئت مثل جئت
ثم قال جل وعز: {معاذ الله إنه ربي}
يجوز أن يكون المعنى إن الله ربي فلا أعصيه
ويجوز أن يكون المعنى إن الملك ربي أي مولاي). [معاني القرآن: 3/411-409]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : ( {هيت لك} أي: تعال وأقبل). [ياقوتة الصراط: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هيت لك} أي هلم لك، أي تعال. ومن قرأ (هئت لك) فمعناه: تهيأت لك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَيْتَ لَكَ}: تعال
{هيتُ لك}: تهييت لك). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن رّأى برهان ربّه...}
ذكروا أنه رأى صورة يعقوب عليه السلام). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رّأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين}
وقال: {وهمّ بها} فلم يكن همّ بالفاحشة ولكن دون ذلك مما لا يقطع الولاية). [معاني القرآن: 2/51]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ( {لولا أن رأى برهان ربه كذلك} يجوز أن يكون "برهان ربه" على شيء أراده، وكذلك {لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} أي كذلك نزل جملة واحدة من القرآن.
[معاني القرآن لقطرب: 756]
وقوله {مختلف ألوانه كذلك} يجوز أن يكون على كذلك؛ أو مثل ذلك؛ كأنه قال: مثل ذلك؛ أي مثل الذي ذكرنا من الجبال، ثم قال مبتدئًا {إنما يخشى الله}.
وقوله عز وجل {كذلك العذاب} يكون على قوله عز وجل {فأصبحت كالصريم} كذلك العذاب؛ أي مثل إصباحها كالصريم، مثل ذلك العذاب.
و{كذلك وأورثناها} وقال {كم تركوا من جنات وعيون كذلك} أي مثل ذلك وأورثناها قومًا آخرين.
وقوله عز وجل {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا} يريد فعلنا كذا لعلمنا وإحاطتنا بالأشياء كذلك؛ أي مثل ذلك أحطنا بما لديه خبرا.
ووجه آخر: قال أبو علي قال أعرابي: كيف تصنعون الأقط قال: كهين؛ فأدخل الكاف؛ كأنه قال: هين، واراد كشيء هين جاز؛ وحكي عنهم أيضًا: كمذ ذاك؛ فأدخلوا الكاف على مذ.
وقال الراجز:
................. = وصاليات ككما يؤثفين
كأنه قال: كما؛ فيجوز أن يكون على كمثل، فتصير الكاف الآخرة اسما دخلت عليه الأولى؛ وعلى هذا قال يونس: مررت بكالحمار أي بمثل الحمار.
وقال الشاعر مثل ذلك:
قليل غرار النوم حتى تحملوا = على كالقطا الجوني أفزعه القطر
وقال الراجز:
[معاني القرآن لقطرب: 757]
ينفي الغياديق عن الطريق = قلص عن كبيضة في نيق
غيداق: ضب؛ وسنة غيداق، وغيدق الرجل: كثر بزاقه؛ والسنة الغيداق: الكثيرة الندى والأمطار؛ فأدخل "عن" عليها؛ كأنه قال: مثل بيضة.
وقال الآخر:
وزعت بكالهراوة أعوجي = إذا ونت الجياد جرى وثابا
قال أبو علي: وإن كانت الكاف في: "مذ ذاك"، و"كهين" توكيدًا فقلت أصبر {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} وما أشبهها على ذلك كان مذهبًا؛ وأن تكون اسمًا بمنزلة المثل أحسن؛ وهي في هذا الوجه كأنك قلت: ذلك وأورثناها؛ أي ذلك، فأضمرت الخبر.
ومثل ذلك قول الشاعر:
إني إذا خفيت نار مرملة = ألفى بأرفع تل رافعًا ناري
[وروى محمد بن صالح]: مزملة بالزاي.
ذاك وإني على جاري لذو حدب = أحنو عليه بما يحنى على الجار
كأنه قال: ذاك ذاك أو ذاك شأني؛ فأضمر الخبر لـ"ذاك"؛ لأنه معلق بغير خبر؛ ومثل ذلك قول الله عز وجل {ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} كأنه قال: ذلكم ذلكم، أو ذلكم الحديث، وما أشبه ذلك). [معاني القرآن لقطرب: 758]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لولا أن رأى برهان ربّه} أي حجّته عليه). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوبا، ويحملهم التنزيه لهم، صلوات الله عليهم، على مخالفة كتاب الله جلّ ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة التي لا تخيل عليهم، أو على من علم منهم- أنّها ليست لتلك الألفاظ بشكل، ولا لتلك المعاني بلفق.
...
وكتأولهم في قوله سبحانه: ولقد همّت به وهمّ بها أنها همّت بالمعصية، وهمّ بالفرار منها! وقال (بعضهم): وهمّ بضربها! والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}. أفتراه أراد الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام عندها وأمسك عن ضربها؟! هذا ما ليس به خفاء ولا يغلط متأوّله.
ولكنها همّت منه بالمعصية همّ نيّة واعتقاد، وهمّ نبي الله صلّى الله عليه وسلم، همّا عارضا بعد طول المراودة، وعند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
وقد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى بن زكريا، عليهما السلام، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء ولا يريدهنّ. فهذا يدلّك على أنّ أكثر زلّات الأنبياء من هذه الجهة، وإن كانوا لم يأتوا في شيء منها فاحشة، بنعم الله عليهم ومنّه، فإن الصغير منهم كبير لما آتاهم الله من المعرفة، واصطفاهم له من الرسالة، وأقام عليهم من الحجّة. ولذلك قال يوسف، صلّى الله عليه وسلم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} يريد ما أضمره وحدّث به نفسه عند حدوث الشّهوة.
وقد وضع الله تعالى الحرج عمّن همّ بخطيئة ولم يعملها). [تأويل مشكل القرآن: 405-403] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأراد بالفصيل: السّهم. يقول: ليس يرزؤها درّا، ولا يموت بشما، ولو وجد أيضا في (عصى) مثل هذا السّنن لركبوه، وليس في (غوى) شيء إلا ما في (عصى) من معنى الذّنب، لأن العاصي لله التّارك لأمره غاو في حاله تلك، والغاوي عاص. والغيّ ضدّ الرّشد، كما أن المعصية ضد الطاعة.
وقد أكل آدم، صلّى الله عليه وسلم، من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخدائعه إيّاه بالله والقسم به إنه لمن الناصحين، حتى دلّاه بغرور. ولم يكن ذنبه عن إرصاد وعداوة وإرهاص كذنوب أعداء الله. فنحن نقول: (عصى وغوى)، كما قال الله تعالى، ولا نقول: آدم (عاص ولا غاو)، لأن ذلك لم يكن عن اعتقاد متقدّم ولا نيّة صحيحة، كما تقول لرجل قطع ثوبا وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقل: خائط ولا خيّاط حتى يكون معاودا لذلك الفعل، معروفا به.
وكتأولهم في قوله سبحانه: ولقد همّت به وهمّ بها أنها همّت بالمعصية، وهمّ بالفرار منها!
وقال (بعضهم): وهمّ بضربها! والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أفتراه أراد الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام عندها وأمسك عن ضربها؟!
هذا ما ليس به خفاء ولا يغلط متأوّله.
ولكنها همّت منه بالمعصية همّ نيّة واعتقاد، وهمّ نبي الله صلّى الله عليه وسلم، همّا عارضا بعد طول المراودة، وعند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
وقد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى بن زكريا، عليهما السلام، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء ولا يريدهنّ. فهذا يدلّك على أنّ أكثر زلّات الأنبياء من هذه الجهة، وإن كانوا لم يأتوا في شيء منها فاحشة، بنعم الله عليهم ومنّه، فإن الصغير منهم كبير لما آتاهم الله من المعرفة، واصطفاهم له من الرسالة، وأقام عليهم من الحجّة. ولذلك قال يوسف، صلّى الله عليه وسلم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} يريد ما أضمره وحدّث به نفسه عند حدوث الشّهوة.
وقد وضع الله تعالى الحرج عمّن همّ بخطيئة ولم يعملها). [تأويل مشكل القرآن: 405-403] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين}
أكثر المفسّرين أنه همّ بها حتى رأى صورة يعقوب عليه السلام، وهو يقول له: يا يوسف أتهمّ بفعل السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء، وقيل إنه رأى في البيت مكتوبا:
{ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا}.
وهذا مذهب أهل التفسير، ولسنا نشكّ أنه قد رأى برهانا قطعه عما همّ به.
وقال قوم: المعنى {ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه}.
وذهبوا إلى أن المعنى لولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها.
والذي عليه المفسرون أنه همّ بها وأنه جلس منها مجلس الرجل من المرأة إلا أن اللّه تفضل بأن أراه البرهان، ألا تراه قال: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء}.
والمعنى لولا أن رأى برهان ربّه لأمضى ما همّ به.
وليس في الكلام بكثير أتى تقول: ضربتك لولا زيد، ولا هممت بك لولا زيد، إنما الكلام لولا زيد لهممت بك.
و (لولا) تجاب باللام، فلو كان: ولقد همّت به ولهمّ بها لولا أن رأى أي برهان ربّه لكان يجوز على بعد.
وقوله: {كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء}.
أي كذلك أريناه البرهان لنصرف عنه السّوء والفحشاء، فالسوء – خيانة صاحبه، والفحشاء ركوب الفاحشة.
{إنه من عبادنا المخلصين} أي الذين أخلصوا، أخلصهم اللّه من الأسواء والفواحش، مثل المصطفين.
وقرئت من المخلصين بكسر اللام، أي الذين أخلصوا دينهم للّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/102-101]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه}
قال أبو جعفر الذي عليه أهل الحديث والمتقدمون أنه هم بها حتى مثل له يعقوب
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال نا داود بن عمرو الضبي عن نافع وهو ابن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال سئل ابن عباس رحمه الله ما بلغ من هموم يوسف فقال جلس يحل هميانا له فنودي يا يوسف لا تك كالطائر يزني وعليه الريش فيقعد بلا ريش فلم يتعظ على النداء فرأى برهان ربه ففر وفرق
وفي رواية ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال سألت ابن عباس عما بلغ من هموم يوسف فذكر نحوه إلا أنه قال جلس بين رجليها ورأى يعقوب
وروى الأعمش عن مجاهد قال حل سراويله فتمثل له يعقوب فقال له يا يوسف فولى هاربا
وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال رأى صورة يعقوب يقول له يوسف يوسف
قال أبو صالح رأى صورة يعقوب في سقف البيت يقول يا يوسف يا يوسف
وقال الضحاك نحوا من هذا قال أبو عبيد القاسم بن سلام وقد زعم بعض من يتكلم في القرآن برأيه أن يوسف لم يهم بها يذهب إلى أن الكلام انقطع عند قوله: {ولقد همت به}
قال ثم استأنف فقال وهم بها لولا أن رأى برهان ربه بمعنى لولا أن رأى برهان ربه لهم بها واحتج بقوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} وبقوله: {واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر} وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم
قال أبو جعفر وكلام أبي عبيد هذا كلام حسن بين لمن لم يمل إلى الهوى والذي ذكر من احتجاجهم بقول {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} لا يلزم لأنه لم يواقع المعصية
وأيضا فإنه قد صح في الحديث أن جبريل قال له حين قال ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ولا حين هممت فقال وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء وكذلك احتجاجهم بقوله: {واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر} لا يلزم لأنه يجوز أن يكون هذا بعد الهموم
وقال الحسن إن الله جل وعز لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ولكنه ذكرها لئلا تيأسوا من التوبة
وقيل معنى وهم أنه شيء يخطر على القلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من هم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه فهذا مما يخطر بالقلب ولو هم بها على أنه يواقعها لكان ذلك عظيما وفي الحديث إني لأستغفر الله جل وعز في اليوم والليلة مائة مرة
قال أبو جعفر وقد بينا قول من يرجع إلى قوله من أهل الحديث والروايات
وأهل اللغة المحققون على قولهم
قال أبو إسحاق يبعد أن يقال ضربتك لولا زيد وهممت بك لولا زيد وإنما الكلام لولا زيد لهممت بك فلو كان ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى برهان ربه لجاز على بعد وإنما المعنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به
وقال بعض أهل اللغة المعنى وهم بدفها
وقوله جل جلاله: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء}
(السوء): خيانة صاحبه، و(الفحشاء): ركوب الفاحشة.
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال: نا محمد بن إبراهيم بن جناد قال: نا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: حدثني أبو مروان وأثنى عليه خيرا، قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر في قول الله جل وعز: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} قال: (السوء): الثناء القبيح و(الفحشاء): الزنا). [معاني القرآن: 3/416-411]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 01:27 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل وعز تفاسير متضادة قوله جل اسمه: {ولقد همت به وهم بها}، فيقول بعض الناس: ما هو يوسف بالزنا قط؛ لأن الله جل وعز قد أخلصه وطهره، فقال: {إنه من عبادنا المخلصين} ومن أخلصه الله وطهره فغير جائز أن يهم بالزنا، وإنما أراد الله جل وعز: وهم بضربها ودفعها عن نفسه، فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه أنه متى ضربها كان ضربه إياها حجة عليه، لأنها تقول: راودني عن نفسي، فلما لم أجبه ضربني.
وقال آخرون: همها يخالف هم يوسف عليه السلام لأنها همت بعزم وإرادة وتصميم على إرادة الزنا، ولم يكن هم يوسف عليه السلام على هذه السبيل، ولا من هذا الطريق، بل همه من جهة حديث النفس، وما يخطر في
القلب ويغلب على البشريين بطبائعهم المائلة إلى اللذات، الساكنة إلى الشهوات، فلما خطر بقلبه وحدثته نفسه بما لم يهم به بتصحيح عزم عليه، كان غير ملوم على ذلك، ولا معيب به.
وقال آخرون: ما هم يوسف بالزنا طرفة عين. وفي الآية معنى تقديم وتأخير، يريد الله بها: ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها، فلما رأى البرهان لم يقع منه هم. وقالوا: هذا كما يقول القائل لمن يخاطبه: قد كنت من الهالكين لولا أن فلانا أنقذك؛ معناه لولا أنه أنقذك لهلكت، فلما أنقذك لم تهلِك.
قال أبو بكر: والذي نذهب إليه ما أجمع عليه أصحاب الحديث وأهل العلم، وصحت به الرواية عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وابن عباس رحمه الله، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والحسن، وأبي صالح، ومحمد بن كعب القرظي، وقتادة، وغيرهم، من أن يوسف عليه السلام هم هما صحيحا على ما نص الله عليه في كتابه، فيكون الهم خطيئة من الخطايا وقعت من يوسف عليه السلام، كما وقعت الخطايا من غيره من الأنبياء، ولا وجه لأن نؤخر ما قدم الله، ونقدم ما أخر الله، فيقال: معنى {وهم بها}
التأخير معه قوله جل وعز: {لولا أن رأى برهان ربه}. إذا كان الواجب علينا، واللازم لنا أن نحمل القرآن على لفظه، وألا نزيله عن نظمه؛ إذا لم تدعنا إلى ذلك ضرورة، وما دعتنا إليه في هذه الآية ضرورة، فإذا حملنا الآية على ظاهرها ونظمها كان {هم بها} معطوفا على {همت به}، و{لولا} حرف مبتدأ جوابه محذوف بعده؛ يراد به: لولا أن رأى برهان ربه لزنا بها بعد الهم، فلما رأى البرهان زال الهم ووقع الانصراف عن العزم. وقد خبر الله جل وعز عن أنبيائه بالمعاصي التي غفرها، وتجاوز عنهم فيها، فقال تبارك وتعالى: {وعصى آدم ربه فغوى}، وقال لنبيه محمد عليه السلام: {ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك}، وخبر بمثل هذا عن يونس وداود عليهما السلام، وقال النبي صلى الله عليه: ((ما من نبي إلا قد عصى أو هم إلا يحيى بن زكريا)).
وقال أبو عبيد: قال الحسن: إن الله جل وعز لم يقصص عليكم ذنوب الأنبياء تغييرا منه لهم، ولكنه قصها عليكم، لئلا تقنطوا من رحمته.
قال أبو عبيد: يذهب الحسن إلى أن الحجج من الله جل وعز على أنبيائه أوكد، ولهم ألزم، فإذا قبل التوبة منهم، كان إلى قبولها منكم أسرع.
وإلى مذهبنا هذا كان يذهب علماء اللغة: الفراء وأبو عبيد، وغيرهما). [كتاب الأضداد: 411-414]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:22 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:22 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 03:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم}
المراودة: الملاطفة في السوق إلى غرض، وأكثر استعمال هذه اللفظة إنما هو في هذا المعنى الذي هو بين الرجال والنساء، ويشبه أن يكون من "راد يرود" إذا تقدم لاختبار الأرض والمراعي، فكأن المراود يختبر أبدا بأقواله وتلطفه حال المراود من الإجابة أو الامتناع.
وفي مصحف ابن مسعود: "وقرعت الأبواب"، وكذلك رويت عن الحسن، والتي هو في بيتها هي زليخا امرأة العزيز، وقوله: "عن نفسه" كناية عن غرض المواقعة، وقوله: "وغلقت" تضعيف مبالغة لا تعدية. وظاهر هذه النازلة أنها كانت قبل أن ينبأ عليه السلام.
وقرأ ابن كثير وأهل مكة: "هيت" بفتح الهاء وسكون الياء وضم التاء، وقرأ ابن عباس، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، وأبو الأسود، وعيسى بفتح الهاء وكسر التاء، وقرأ ابن مسعود، والحسن، والبصريون: "هيت" بفتح الهاء والتاء وسكون الياء، ورويت عن ابن عباس، وقتادة، وأبي عمرو، قال أبو حاتم: لا يعرف أهل البصرة غيرها، وهم أقل الناس غلوا في القراءة، قال الطبري: وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأ نافع، وابن عامر: "هيت" بكسر الهاء، وسكون الياء وفتح التاء وهي قراءة الأعرج، وشيبة، وأبي جعفر، وهذه الأربع بمعنى واحد واختلفت باختلاف اللغات فيها،
[المحرر الوجيز: 5/64]
ومعناه: الدعاء، أي: تعال وأقبل على هذا الأمر، قال الحسن: معناها: هلم، ويحسن أن تتصل بها "لك" إذ حلت محل قولها: إقبالا أو قربا، فجرت مجرى "سقيا لك ورعيا لك"، ومن هذا قول الشاعر يخاطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤمنيـ ... ـن أخا العراق إذا أتينا
إن العراق وأهله ... عنق إليك فهيت هيتا
ومن ذلك على اللغة الأخرى قول طرفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت
ومن ذلك أيضا قول الشاعر:
قد رابني أن الكرى أسكتا ... ولو غدا يعنى بنا لهيتا
أسكت: دخل في السكوت، و"هيت" معناه: قال: هيت، كما قالوا: أفف إذا قال: أف أف، ومنه: سبح وكبر ودعدع إذا قال: داع داع.
والتاء على هذه اللغات كلها مبنية، فهي في حال الرفع مثل قبل وبعد، وفي الكسر على الباب لالتقاء الساكنين، وفي حال النصب ككيف ونحوها قال أبو عبيدة:
[المحرر الوجيز: 5/65]
و"هيت" لا تثنى ولا تجمع، تقول العرب: هيت لك، وهيت لكما، وهيت لكم.
وقرأ هشام ابن عامر: "هئت" بكسر الهاء والهمز وضم التاء. وهي قراءة علي بن أبي طالب، وأبي وائل، وأبي رجاء، ويحيى، ورويت عن أبي عمرو، وهذا يحتمل أن يكون من: "هاء الرجل يهيء" إذا أحسن هيئته على مثال: "جاء يجيء"، ويحتمل أن يكون بمعنى: تهيأت، كما يقال: "فئت وتفيأت" بمعنى واحد، قال الله عز وجل: {يتفيأ ظلاله}، وقال: حتى تفيء إلى أمر الله.
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا هكذا إلا أنه سهل الهمزة، وقرأ ابن عباس أيضا: "هيئت لك"، وقرأ الحلواني عن هشام: "هئت" بكسر الهاء والهمز وفتح التاء، قال أبو علي: ظاهر أن هذه القراءة وهم، لأنه كان ينبغي أن تقول: "هئت لي" وسياق الآيات يخالف هذا، وحكى النحاس أنه يقرأ: "هيت" بكسر الهاء وسكون الياء وكسر التاء.
و"معاذ" نصب على المصدر، ومعنى الكلام: أعوذ بالله، ثم قال: إنه ربي فيحتمل أن يعود الضمير في "إنه" على الله عز وجل، ويحتمل أن يريد العزيز سيده، أي: فلا يصلح لي أن أخونه وقد أكرم مثواي وائتمنني. قال مجاهد، والسدي: "ربي" معناه: سيدي، وقاله ابن إسحاق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإذا حفظ الآدمي لإحسانه فهو عمل زاك وأحرى أن يحفظ ربه.
[المحرر الوجيز: 5/66]
ويحتمل أن يكون الضمير للأمر والشأن، ثم يبتدئ: ربي أحسن مثواي. والضمير في قوله: {إنه لا يفلح} مراد به الأمر والشأن فقط.
وحكى بعض المفسرين أن يوسف عليه السلام لما قال: معاذ الله ثم دافع الأمر باحتجاج وملاينة امتحنه الله تعالى بالهم بما هم به، ولو قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" ودافع بعنف، وبغير شيء من ذلك، ما ابتلي بالمكروه.
وقرأ الجحدري: "مثوي"، وكذا قرأها أبو طفيل، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: فمن تبع هداي). [المحرر الوجيز: 5/67]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {ولقد همت به} الآية. لا شك أن هم زليخا كان في أن يواقعها يوسف، واختلف في هم يوسف عليه السلام؛ فقال الطبري: قالت فرقة: كان مثل همها، واختلفوا كيف يقع من مثل يوسف وهو نبي؟ فقيل: ذلك ليريه الله تعالى موقع العفو والكفاية، وقيل: الحكمة في ذلك أن يكون مثالا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع بهم إلى عفو الله كما رجعت بمن هو خير منهم ولم يوبقه القرب من الذنب، وذلك كله على أن هم يوسف بلغ -فيما روت هذه الفرقة- إلى أن جلس بين رجلي زليخا وأخذ في حل ثيابه وتكته ونحو هذا، وهي قد استلقت له، قاله ابن عباس وجماعة من السلف. وقالت فرقة في همه: إنما كان بخطرات القلب التي لا يقدر البشر على التحفظ منها، ونزع عند ذلك ولم يتجاوزه، فلا يبعد هذا على مثله عليه السلام، وفي الحديث: "إن من هم بسيئة ولم يعملها فله عشر حسنات"، وفي حديث آخر "حسنة"، فقد يدخل يوسف في هذا الصنف، وقالت فرقة: كان هم يوسف بضربها ونحو ذلك.
[المحرر الوجيز: 5/67]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف البتة.
والذي أقول: في هذه الآية: إن كون يوسف نبيا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية، وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكما وعلما ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة، وإن فرضناه نبيا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو الخاطر، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حل تكة ونحو ذلك؛ لأن العصمة مع النبوة، وما روي من أنه قيل له: "تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء؟!" فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد، وللهم بالشيء مرتبتان: فالأولى تجوز عليه مع النبوة، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي؛ لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية في نفسها تكتب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفوسهم ما لم تنطق به أو تعمل" معناه: من الخواطر، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحا، فإن وقع فهو خطيئة من الخطايا، لكنه ليس كمواقعة المعصية التي فيها الخاطر، ومما يؤيد أن استصحاب الخاطر معصية قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه كان حريصا على قتل صاحبه"، وقول الله تبارك وتعالى: إن بعض الظن إثم، وهذا منتزع من غير موضع من الشرع، والإجماع منعقد أن الهم بالمعصية واستصحاب التلذذ بها غير جائز ولا داخل في التجاوز.
واختلف في البرهان الذي رأى يوسف، وقيل: نودي. واختلف فيما نودي به فقيل: ناداه جبريل عليه السلام: يا يوسف، تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل
[المحرر الوجيز: 5/68]
السفهاء؟! وقيل: نودي: يا يوسف، لا تواقع المعصية فتكون كالطائر الذي عصى فتساقط ريشه فبقي ملقى، ناداه بذلك يعقوب، وقيل: غير هذا مما في معناه. وقيل: كان البرهان كتابا رآه مكتوبا، فقيل: في جدار المجلس الذي كان فيه، وقيل: بين عيني زليخا، وقيل: في كف من الأرض خرجت دون جسد، واختلف في المكتوب؛ فقيل: قوله تعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت}، وقيل: قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا}، وقيل: غير هذا. وقيل: كان البرهان أن رأى يعقوب عليه السلام ممثلا معه في البيت عاضا على إبهامه، وقيل: على شفته، وقيل: بل انفرج السقف فرآه كذلك. وقيل: إن جبريل عليه السلام قال له: لئن واقعت المعصية لأمحونك من ديوان النبوة. وقيل: إن جبريل ركضه برجله فخرجت شهوته على أنامله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف.
وقيل: بل كان البرهان فكرته في عذاب الله ووعيده على المعصية، وقيل: بل كان البرهان الذي اتعظ به أن زليخا قالت له: مكانك حتى أستر هذا الصنم -لصنم كان معها في البيت- فإني أستحيي منه أن يراني على هذه الحال، وقامت إليه فسترته بثوب، فاتعظ يوسف وقال: من يسترني أنا من الله القائم على كل شيء؟! وإذا كنت أنت تفعلين هذا لما لا يعقل فإني أولى أن أستحيي من الله.
والبرهان في كلام العرب: الشيء الذي يعطي القطع واليقين لأنه مما يعلم ضرورة أو بخبر قطعي أو بقياس نظري، فهذه التي رويت فيما رآه يوسف براهين.
و"أن" في قوله تعالى: {لولا أن رأى} في موضع رفع، التقدير: لولا رؤيته برهان ربه، وهذه "لولا" التي يحذف معها الخبر، تقديره: لفعل أو لارتكب المعصية، وذهب قوم إلى أن الكلام تم في قوله: {ولقد همت به}، وأن جواب "لولا" في قوله: {وهم بها}، وأن المعنى: لولا أن رأى البرهان لهم، أي: فلم يهم عليه
[المحرر الوجيز: 5/69]
السلام، وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف، قال الزجاج: ولو كان الكلام: "ولهم بها لولا" لكان بعيدا، فكيف مع سقوط اللام؟.
والكاف من قوله: {كذلك} متعلقة بمضمر تقديره: جرت أفعالنا وأقدارنا كذلك لنصرف، ويصح أن تكون الكاف في موضع رفع بتقدير: عصمتنا له كذلك لنصرف. وقرأ الجمهور: "لنصرف" بالنون، وقرأ الأعمش: "ليصرف" بالياء على الحكاية عن الغائب.
[المحرر الوجيز: 5/70]
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، والحسن بن أبي الحسن، وأبو رجاء: "المخلصين" بكسر اللام في كل القرآن، وكذلك "مخلصا" في سورة مريم، وقرأ نافع "مخلصا" كذلك بكسر اللام، وقرأ سائر القرآن "المخلصين" بفتح اللام، وقرأ حمزة، والكسائي، وجمهور من القراء "المخلصين" بفتح اللام، و”مخلصا" كذلك في كل القرآن). [المحرر الوجيز: 5/71]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 02:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 02:47 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظّالمون (23)}
يخبر تعالى عن امرأة العزيز الّتي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه [ {وراودته الّتي هو في بيتها] عن نفسه} أي: حاولته على نفسه، ودعته إليها، وذلك أنّها أحبّته حبًّا شديدًا لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجمّلت له، وغلّقت عليه الأبواب، ودعته إلى نفسها، {وقالت هيت لك} فامتنع من ذلك أشد الامتناع، و {قال معاذ اللّه إنّه ربّي [أحسن مثواي]} وكانوا يطلقون "الرّبّ" على السّيّد والكبير، أي: إنّ بعلك ربّي أحسن مثواي أي: منزلي وأحسن إليّ، فلا أقابله بالفاحشة في أهله، {إنّه لا يفلح الظّالمون} قال ذلك مجاهدٌ، والسّدّيّ، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهم.
وقد اختلف القرّاء في قراءة: {هيت لك} فقرأه كثيرون بفتح الهاء، وإسكان الياء، وفتح التّاء. وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغير واحدٍ: معناه: أنّها تدعوه إلى نفسها. وقال عليّ بن أبي طلحة، والعوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {هيت لك} تقول: هلمّ لك. وكذا قال زرّ بن حبيشٍ، وعكرمة، والحسن وقتادة.
قال عمرو بن عبيد، عن الحسن: وهي كلمةٌ بالسّريانيّة، أي: عليك.
وقال السّدّيّ: {هيت لك} أي: هلمّ لك، وهي بالقبطيّة.
قال مجاهدٌ: هي لغةٌ عربيّةٌ تدعوه بها.
وقال البخاريّ: وقال عكرمة: {هيت لك} هلم لك بالحورانية.
وهكذا ذكره معلّقًا، وقد أسنده الإمام أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني أحمد بن سهيل الواسطيّ، حدّثنا قرّة بن قيسى، حدّثنا النّضر بن عربيٍّ الجزري، عن عكرمة مولى ابن عبّاسٍ في قوله: {هيت لك} قال: هلمّ لك. قال: هي بالحورانيّة.
وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ: وكان الكسائيّ يحكي هذه القراءة -يعني: {هيت لك} -ويقول: هي لغةٌ، لأهل حوران، وقعت إلى أهل الحجاز، معناها: تعال. وقال أبو عبيدٍ: سألت شيخًا عالمًا من أهل حوران، فذكر أنّها لغتهم يعرفها.
واستشهد الإمام ابن جريرٍ على هذه القراءة بقول الشّاعر لعليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه:
أبلغ أمير المؤمنين = أخا العراق إذا أتينا
إنّ العراق وأهله = عنقٌ إليك فهيت هيتا
يقول: فتعال واقترب
وقرأ ذلك آخرون: "هئت لك" بكسر الهاء والهمزة، وضمّ التّاء، بمعنى: تهيّأت لك، من قول القائل: هئت للأمر أهى هيئة وممّن روي عنه هذه القراءة ابن عبّاسٍ، وأبو عبد الرّحمن السّلميّ، وأبو وائلٍ، وعكرمة، وقتادة، وكلّهم يفسّرها بمعنى: تهيّأت لك.
قال ابن جريرٍ: وكان أبو عمرٍو والكسائيّ ينكران هذه القراءة. وقرأ عبد اللّه بن إسحاق هيت"،" بفتح الهاء وكسر التّاء: وهي غريبةٌ.
وقرأ آخرون، منهم عامّة أهل المدينة "هيت" بفتح الهاء، وضمّ التّاء، وأنشد قول الشّاعر:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما = قال داعٍ من العشيرة: هيت
قال عبد الرّزّاق: أنبأنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ قال: قال ابن مسعودٍ: قد سمعت القرأة فسمعتهم متقاربين، فاقرءوا كما علّمتم، وإيّاكم والتّنطّع والاختلاف، فإنّما هو كقول أحدكم: "هلمّ" و"تعال" ثمّ قرأ عبد اللّه: {هيت لك} فقال: يا أبا عبد الرّحمن، إنّ ناسًا يقرءونها: "هيت [لك] " ؟ فقال عبد الله: إني أقرأها كما علّمت، أحبّ إليّ
وقال ابن جريرٍ: حدّثني ابن وكيع، حدّثنا ابن عيينة، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ قال: قال عبد اللّه: {هيت لك} فقال له مسروقٌ: إنّ ناسًا يقرءونها: "هيت لك"؟ فقال: دعوني، فإنّي أقرأ كما أقرئت، أحبّ إليّ
وقال أيضًا: حدّثني المثنّى، حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ، حدّثنا شعبة، عن شقيقٍ، عن ابن مسعودٍ قال: {هيت لك} بنصب الهاء والتاء ولا بهمز.

وقال آخرون: "هيت لك"، بكسر الهاء، وإسكان الياء، وضمّ التّاء.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: "هيت" لا تثنّى ولا تجمع ولا تؤنّث، بل يخاطب الجميع بلفظٍ واحدٍ، فيقال: هيت لك، وهيت لك، وهيت لكما، وهيت لكم، وهيت لهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 379-381]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين (24)}
اختلفت أقوال النّاس وعباراتهم في هذا المقام، وقد روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وطائفةٍ من السّلف في ذلك ما ذكره ابن جريرٍ وغيره، واللّه أعلم.
وقال بعضهم: المراد بهمّه بها همّ خطرات حديث النّفس. حكاه البغويّ عن بعض أهل التّحقيق، ثمّ أورد البغويّ هاهنا حديث عبد الرّزّاق، عن معمر، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يقول اللّه تعالى: إذا همّ عبدي بحسنةٍ فاكتبوها له حسنةً، فإنّ عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإن همّ بسيّئةٍ فلم يعملها فاكتبوها حسنةً، فإنّما تركها من جرّائي، فإن عملها فاكتبوها بمثلها".
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصّحيحين وله ألفاظٌ كثيرةٌ، هذا منها.
وقيل: همّ بضربها. وقيل: تمنّاها زوجةً. وقيل: {وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه} أي: فلم يهمّ بها.
وفي هذا القول نظرٌ من حيث العربيّة، ذكره ابن جريرٍ وغيره.
وأمّا البرهان الّذي رآه ففيه أقوالٌ أيضًا: فعن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، وأبي صالحٍ، والضّحّاك، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهم: رأى صورة أبيه يعقوب، عليه السّلام، عاضًّا على أصبعه بفمه.
وقيل عنه في روايةٍ: فضرب في صدر يوسف.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: رأى خيال الملك، يعني: سيّده، وكذا قال محمد بن إسحاق، فيما حكاه عن بعضهم: إنّما هو خيال إطفير سيّده، حين دنا من الباب.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا وكيعٌ، عن أبي مودودٍ سمعت من محمّد بن كعبٍ القرظي قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتابٌ في حائط البيت: {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلا} [الإسراء: 32]
وكذا رواه أبو معشر المدنيّ، عن محمّد بن كعبٍ.
وقال عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني نافع بن يزيد، عن أبي صخرٍ قال: سمعت القرظيّ يقول في: "البرهان" الّذي رأى يوسف: ثلاث آياتٍ من كتاب الله {وإنّ عليكم لحافظين} الآية [الانفطار: 10]، وقوله: {وما تكون في شأنٍ} الآية: [يونس: 61]، وقوله: {أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت} [الرّعد: 33] قال نافعٌ: سمعت أبا هلالٍ يقول مثل قول القرظيّ، وزاد آيةً رابعةً {ولا تقربوا الزّنا} [الإسراء: 32]
وقال الأوزاعيّ: رأى آيةً من كتاب اللّه في الجدار تنهاه عن ذلك.
قال ابن جريرٍ: والصّواب أن يقال: إنّه رأى من آيات اللّه ما زجره عمّا كان همّ به، وجائزٌ أن يكون صورة يعقوب، وجائزٌ أن يكون [صورة] الملك، وجائزٌ أن يكون ما رآه مكتوبًا من الزّجر عن ذلك. ولا حجّة قاطعةٌ على تعيين شيءٍ من ذلك، فالصّواب أن يطلق كما قال اللّه تعالى.
قال: وقوله: {كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء} أي: كما أريناه برهانًا صرفه عمّا كان فيه، كذلك نقيه السّوء والفحشاء في جميع أموره.
{إنّه من عبادنا المخلصين} أي: من المجتبين المطهّرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات اللّه وسلامه عليه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 381-382]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة