نصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل
قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( [التاسعُ والعشرونَ]: ([أنَّا] نَصِفُ اللهَ تعالى بما وَصَفَ بهِ نفسَهُ، وبما وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ، مِنْ غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومِنْ غيرِ تَشبيهٍ ولا تَمثيلٍ، بلْ نُثْبِتُ لهُ سُبحانَهُ ما أَثْبَتَهُ لنفسِهِ مِن الأسماءِ والصفاتِ، ونَنْفِي عنهُ النقائصَ والعيوبَ ومشابَهَةَ المخلوقاتِ، إثباتاً بلا تَمثيلٍ، وتَنزيهاً بلا تَعطيلٍ، فمَنْ شَبَّهَ اللهَ بخَلْقِهِ فقدْ كَفَرَ، ومَنْ جَحَدَ ما وَصَفَ اللهُ بهِ نفسَهُ فقدْ كَفَرَ، وليسَ ما وَصَفَ بهِ نفسَهُ أوْ وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ تَشبيهاً، فالمشَبِّهُ يَعبُدُ صَنَماً، والمعطِّلُ يَعبُدُ عَدَماً، والْمُوَحِّدُ يَعْبُدُ إلهاً واحداً صَمَداً {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11]. والكلامُ في الصِّفَاتِ كالكلامِ في الذاتِ، فكما أنَّا نُثْبِتُ ذاتاً لا تُشْبِهُ الذواتِ، فكذلكَ نَقولُ في صِفاتِهِ: إنَّها لا تُشْبِهُ الصِّفَاتِ، فليسَ كمثلِهِ شيءٌ، لا في ذاتِهِ، ولا في صفاتِهِ، ولا في أفعالِهِ، فلا نُشَبِّهُ صفاتِ اللهِ بصفاتِ المخلوقينَ، ولا نُزيلُ عنهُ سُبحانَهُ صِفَةً مِنْ صفاتِهِ لأَجْلِ شَناعةِ الْمُشَنِّعِينَ وتَلقيبِ الْمُفترينَ، كما أنَّا لا نَبْغَضُ أصحابَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، لتَسميَةِ الروافضِ لنا نَوَاصِبَ، ولا نُكَذِّبُ بقَدَرِ اللهِ ولا نَجْحَدُ كمالَ مَشيئتِهِ وقُدْرَتِهِ، لتَسميَةِ القَدَرِيَّةِ لنا مُجْبِرَةً، ولا نَجْحَدُ صفاتِ ربِّنَا تَبارَكَ وتعالى، لتَسميَةِ الْجَهْمِيَّةِ والمعتزِلَةِ لنا مُجَسِّمَةً مُشَبِّهَةً حَشْوِيَّةً، ورحمةُ اللهِ على القائلِ:
فإن كانَ تَجسيماً ثُبوتُ صِفَاتِهِ لَدَيْكُمْ فإنِّي اليومَ عَبْدٌ مُجَسِّمُ
ورَضِيَ اللهُ عن الشافعِيِّ حيث قالَ:
إن كانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدِ فلْيَشْهَد الثَّقَلانِ أَنِّيَ رافِضِي
وقَدَّسَ اللهُ رُوحَ القائلِ - وهوَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَةَ - إذ يقولُ:
إن كانَ نَصْباً حُبُّ صَحْبِ مُحَمَّدِ فلْيَشْهَدِ الثَّقَلانِ أَنِّيَ نَاصِبِي)([71]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]
([71]) مُقدِّمَةُ القصيدةِ النُّونِيَّةِ (22-23).