حيث: وطيئ تقول حوث وفي الثّاء فيهما الضّم تشبيها بالغايات لأن الإضافة إلى الجملة كلا إضافة لأن أثرها وهو الجرّ لا يظهر والكسر على أصل التقاء الساكنين والفتح للتّخفيف
ومن العرب من يعرب حيث وقراءة من قرأ {من حيث لا يعلمون} بالكسر تحتملها وتحتمل لغة البناء على الكسر
وهي للمكان اتّفاقًا قال الأخفش وقد ترد للزمان والغالب كونها في
محل نصب على الظّرفيّة أو خفض بمن وقد تخفض بغيرها كقوله
( ... لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم)
وقد تقع حيث مفعولا به وفاقا للفارسي وحمل عليه {الله أعلم حيث يجعل رسالته} إذ المعنى أنه تعالى يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة فيه لا شيئا في المكان وناصبها يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم لا بأعلم نفسه
لأن أفعل التّفضيل لا ينصب المفعول به فإن أولته بعالم جاز أن ينصبه في رأي بعضهم
ولم تقع اسما لـ أن خلافًا لابن مالك ولا دليل له في قوله
(إن حيث استقر من أنت راعيه ... حمى فيه عزة وأمان)
لجواز تقدير حيث خبرا وحمى اسما فإن قيل يؤدّي إلى جعل المكان حالا في المكان قلنا هو نظير قولك إن في مكّة دار زيد ونظيره في الزّمان إن في يوم الجمعة ساعة الإجابة
وتلزم حيث الإضافة إلى جملة اسمية كانت أو فعلية وإضافتها إلى الفعلية أكثر
ومن ثمّ رجح النصب في نحو جلست حيث زيدا أراه وندرت إضافتها إلى المفرد كقوله
( ... ببيض المواضي حيث لي العمائم)
أنشده ابن مالك والكسائيّ يقيسه
ويمكن أن يخرج عليه قول الفقهاء من حيث أن كذا
وأندر من ذلك اضافتها إلى جملة محذوفة كقوله
(إذا زيدة من حيث ما نفحت له ... أتاه برياها خليل يواصله)
أي إذا ريدة نفحت له من حيث هبت وذلك لأن ريدة فعل بمحذوف يفسره نفحت فلو كان نفحت مضافا إليه حيث لزم بطلان التّفسير إذ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف فلا يفسر عاملا فيه.
قال أبو الفتح في كتاب التّمام ومن أضاف حيث إلى المفرد أعربها انتهى
ورأيت بخط الضابطين
(أما ترى حيث سهيل طالعا)
بفتح الثّاء من حيث وخفض سهيل وحيث بالضّمّ وسهيل بالرّفع أي موجود فحذف الخبر
وإذا اتّصلت بها ما الكافة ضمنت معنى الشّرط وجزمت الفعلين كقوله
(حيثما تستقم يقدر لك اللـ ... ـه نجاحا في غابر الأزمان)
وهذا البيت دليل عندي على مجيئها للزمان). [مغني اللبيب: 2 / 298 - 308]