قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "كأين":
اسم مبهم مركب من "كاف" التشبيه و"أيٍّ" المنونة، ولهذا جاز الوقف عليها "بالنون"؛ لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه "النون" الأصلية، ولهذا رسم في المصحف "نونًا"، قال بعض أهل العربية: ما أعلم كلمة يثبت فيها التنوين خطًا غير هذه، ومن وقف عليها بحذفه اعتبر الأصل وهو الحذف في الوقف، وفيها خمس لغات: "الهمزة" والتشديد كما تقدم، و"الهمز" مع التخفيف بوزن «كاعٍ».
وقد قرئ بهما، قال الشاعر:
وكاءٍ أزرت الموت من ذي تحيةٍ ..... إذا ما ازدرانا أو أصر لمأثم
و"كيء" بوزن «كيعٍ» و"كأيٍ" بوزن «كعيٍ» و"كأٍ" بوزن «كعٍ» والأوليان أشهرها وأكثرها.
وفي استعمالها لغتان: أجودهما وأكثرهما استعمالًا، خفض النكرة التي بعدها "بمن"، حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك كقوله سبحانه: {وكأين من نبي}، {وكأين من دابة}، {وكأين من آية}، وقول ذي الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاةٍ ورامحٍ ..... بلاد العدا ليست له ببلاد
ويجوز حذف من والنصب على التمييز قال الشاعر:
وكائن لنا فضلًا عليكم ومنة ..... قديمًا ولا تدرون ما من منعم
وقال آخر:
اطرد اليأس بالرجا وكأين ..... آلمًا حُم يسره بعد عسر
ولها معنيان:
أحدهما: التكثير وهو الغالب نحو قوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير}.
الثاني: الاستفهام وهو نادر، وأثبته ابن قتيبة والجوهري وابن عصفور وابن مالك، واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي الله عنهما: «كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ فقال: ثلاثًا وسبعين آية» ولك أن تقول: هذا أثر، والأثر لا يقوم حجة في القواعد الكلية وإنما يستأنس به فيها مع قيامها بغيره من لسان العرب وكتاب الله سبحانه). [مصابيح المغاني: 355 - 358]