قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("أما"
حرف، له ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون حرف استفتاح، مثل "ألا". وكثر قبل القسم، نحو: "أما" والله لقد كان كذا وكذا. كما كثر "ألا" قبل النداء، نحو: "ألا" يا زيد. وقد تبدل "همزة" "أما" "هاء"، أو "عيناً"، فيقال: "هما" والله، و"عما" والله وقد تحذف "ألفها"، في الأحوال الثلاثة، فيقال: "أم" والله، و"هم" والله، و"عم" والله.
الثاني: أن تكون بمعنى "حقاً" روى سيبويه في "أما" إنك ذاهب الكسر على أنها حرف استفتاح "كألا" والفتح على جعل "أما" بمعنى "حقاً"، فتفتح بعدها، كما تفتح بعد "حقاً"، لأنها مؤولة بمصدر مبتدأ، وحقاً مصدر واقع ظرفاً مخبراً به ومنه: "أحقاً" أن جيرتنا استقلوا تقديره، عند سيبويه: أفي حق. "فأما" كذلك. شرح بعضهم كلام سيبويه، بأنها إذا فتحت "فالهمزة" للإستفهام، وما بمنزلة شيء: ذلك الشيء حق. فكأنك قلت: "أحقاً" أنك ذاهب. وانتصابه على الظرف.
قلت: وعلى هذا "فأما" كلمتان: حرف وهو "الهمزة"، واسم وهو "ما". وعلى الأول فهو كلمة واحدة. إلا أن في عدها من الحروف نظراً، لأن التقدير السابق يأباه. وفي كلام ابن خروف تصريح بحرفيتها. فإنه جعل "أما" أنك ذاهب بفتح "الهمزة" من تركيب حرف مع اسم، نحو يا زيد على مذهب أبي علي.
الثالث: أن تكون للعرض، كأحد معاني "ألا" المتقدمة الذكر. ذكر هذا القسم صاحب رصف المباني. ومثله بقوله: "أما" تقوم، و"أما" تقعد. والمعنى أنك تعرض عليه فعل القيام والقعود، لترى هل يفعلهما، "أو" لا. قال: فلا يكون بعدها إلا الفعل، "كألا" المذكورة، فإن أتى بعدها الاسم فعلى تقدير الفعل. فتقول: "أما" زيداً، "أما" عمراً، والمعنى: "أما" تبصر زيداً. أو نحو ذلك، من تقدير الفعل الذي تدل عليه قرينة الكلام. ونص على أن "أما" التي للعرض بسيطة، "كأما" التي للإستفتاح.
قلت: وكون "أما" حرف عرض لم أره في كلام غيره. والظاهر أن "أما"، في هذه المثل التي مثل بها، مركبة من "الهمزة" و"ما" النافية. فهي كلمتان. وقد ذكر هو وغيره أن أنا قد تكون "همزة" استفهام، داخلة على حرف النفي. فيكون المعنى، على التقدير، كما في نحو "ألم".
وقد ذكر ابن السيد، في إصلاح الخلل، أن "ما" قد تكون محذوفة من "أما". وأنشد قول الشاعر: ما ترى الدهر قد أباد معداً ... واباد السراة، من قحطان
أراد "أما" فحذف "الهمزة". والله أعلم). [الجنى الداني:390 - 393]