قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("ألا"
"ألا" بفتح "الهمزة" والتّخفيف على خمسة أوجه:
أحدها: أن تكون للتّنبيه، فتدل على تحقق ما بعدها، وتدخل على الجملتين نحو:{ألا إنّهم هم السّفهاء}،{ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم}، ويقول المعربون فيها حرف استفتاح، فيبينون مكانها ويهملون معناها، وإفادتها التّحقيق من جهة تركيبها من "الهمزة" و"لا" و"همزة" الاستفهام إذا دخلت على النّفي أفادت التّحقيق، نحو:{أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}.
قال الزّمخشريّ: ولكونها بهذا المنصب من التّحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلّا مصدرة بنحو ما يتلقّى به القسم، نحو:{ألا إن أولياء الله}، وأختها أما من مقدمات اليمين وطلائعه.
كقوله: أما والّذي لا يعلم الغيب غيره ... ويحيي العظام البيض وهي رميم
وقوله:
أما والّذي أبكى وأضحك والّذي ... أمات وأحيا والّذي أمره الأمر
والثّاني: التوبيخ والإنكار، كقوله:
ألا طعان ألا فرسان عادية ... إلّا تجشؤكم حول التنانير
وقوله:
ألا ارعواء لمن ولت شبيبته ... وآذنت بمشيب بعده هرم
والثّالث: التّمنّي، كقوله:
ألا عمر ولى مستطاع رجوعه ... فيرأب ما أثأت يد الغفلات
ولهذا نصب يرأب؛ لأنّه جواب تمن مقرون "بالفاء".
والرّابع: الاستفهام عن النّفي، كقوله:
ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد ... إذا ألاقي الّذي لاقاه أمثالي
وفي هذا البيت رد على من أنكر وجود هذا القسم وهو الشلوبين، وهذه الأقسام الثّلاثة مختصّة بالدّخول على الجملة الاسمية، وتعمل عمل "لا" التبرئة، ولكن تختص الّتي للتّمنّي بأنّها لا خبر لها لفظا ولا تقديرا، وبأنها لا يجوز مراعاة محلها مع اسمها، وأنّها لا يجوز إلغاؤها ولو تكرّرت.
أما الأول فلأنّها بمعنى "أتمنّى"، و"أتمنى" لا خبر له، وأما الآخران فلأنّها بمنزلة "ليت"، وهذا كله قول سيبويه ومن وافقه، وعلى هذا فيكون قوله في البيت مستطاع رجوعه مبتدأ وخبرا على التّقديم والتّأخير، والجملة صفة ثانية على اللّفظ، ولا يكون مستطاع خبرا أو نعتا على المحل، ورجوعه مرفوع به عليهما لما بينا.
والخامس: العرض والتحضيض، ومعناهما طلب الشّيء، لكن العرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحث، وتختص "ألا" هذه
بالفعلية، نحو: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}،{ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم}، ومنه عند الخليل قوله:
ألا رجلا جزاه الله خيرا ... يدل على محصلة تبيت
والتّقدير عنده "ألا" تروني رجلا هذه صفته، فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى، وزعم بعضهم أنه محذوف على شريطة التّفسير، أي: "ألا" جزى الله رجلا جزاه خيرا، و"ألا" على هذا للتّنبيه، وقال يونس "ألا" للتّمنّي، و"نون"اسم لا للضّرورة، وقول الخليل أولى لأنّه لا ضرورة في إضمار الفعل بخلاف التّنوين، وإضمار الخليل أولى من إضمار غيره؛ لأنّه لم يرد أن يدعو لرجل على هذه الصّفة، وإنّما قصده طلبه.
وأما قول ابن الحاجب في تضعيف هذا القول إن يدل صفة لرجل فيلزم الفصل بينهما بالجملة المفسرة، وهي أجنبيّة فمردود بقوله تعالى: {إن امرؤ هلك ليس له ولد}، ثمّ الفصل بالجملة لازم، وإن لم تقدر مفسرة إذ لا تكون صفة لأنّها إنشائية). [مغني اللبيب: 1 / 439 - 452]