قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) كان بالتخفيف، وكأن بفتح الهمزة وتشديد النون.
أما كان فإنه فعل ويستعمل على خمسة أوجه:
الأول: وهو أكثرها استعمالًا تكون فعلًا ناقصًا ترفع الاسم وتنصب الخبر، تقول: كان زيدًا قائمًا، ولها على هذا الاستعمال معان ثلاثة:
أحدها: وهو أكثرها وأشهرها الدلالة على انقطاع الزمان كقولك: كان الشباب عذبًا والعود رطبًا، وقد لا تدل على الانقطاع كقوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيمًا}، قال سلامة بن جندل:
كنا إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ = كان الصراخ له قرع الظنابيب
أراد: أن ذلك خلق لهم مستمر لا ينقطع.
ثانيها: تكون بمعنى الصيرورة والكينونة، كقول الشاعر:
بتيهاء قفرٍ والمطي كأنها = قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها
وكقول الآخر:
= وقد كان لون الليل مثل الأرندج =
ثالثها: تكون بمعنى ينبغي كقوله تعالى: {قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا}، أي: ما ينبغي لنا، وقال تعالى: {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها}.
الاستعمال الثاني: تكون تامة، ترفع الاسم ولا يحتاج إلى خبر ومعناها: الحصول والوقوع كقول الله سبحانه: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرة}.
الثالث: أن يرتفع الاسمان بعدها، ويضمر فيها اسمها كقولك: كان زيد قائم، والتقدير: كان الشأن زيد قائم، ومعناها التفخيم والتعظيم.
الرابع: أن تكون زائدة للتوكيد، وأنشد سيبويه قول الفرزدق:
فكيف إذا مررت بدار قومٍ = وجيرانٍ لنا كانوا كرامٍ
وقال آخر:
جيادُ بني أبي بكرٍ تسامى = على كان المسومة العرابِ
الخامس: وهو أغربها ذكره ابن السيد البطليوسي عن أهل الغريب، أن تكون فعلًا متعديًّا إلى مفعول واحد فينزلونه بحسب المفعول تقول: كان الرجل الصبي وكانت المرأة القطن، أي: غزلت القطن وكفل اليتيم).[مصابيح المغاني: 351 - 354]