(فصل) "ها"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "ها": على أربعة أوجه:
الأول: تكون ضميرًا للمؤنث فيستعمل مجرور الموضع ومنصوبه، كقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها}.
الثاني: تكون اسمًا للفعل، وهو خذ، ويجوز مد "ألفها"، وتستعمل ممدودة، ومقصورة متصلة "بكاف" الخطاب على اختلاف أحوالها وبدونها، ومنه الحديث: «الذهب بالذهب والورق بالورق ربا، إلا ها وها» ويجوز في الممدودة أن يستغنى عن "الكاف" بتصريف "همزتها" تصاريف "الكاف"، فيقال: للمذكر بالفتح و"هاء" للمؤنث بالكسر، وهاؤما، وهاؤن، وهاؤم، ومنه قوله تعالى: {هاؤمُ اقرءوا كتابيه}.
الثالث: تكون زجرًا للإبل، وهي مبنية على الكسر إذا مدت وقد تقصر.
الرابع: تكون للتنبيه فتدخل على أمور منها: الإشارة غير المختصة بالبعيد نحو: هذا، وهذه، وهُنا، بخلاف ثَمَّ وهُنالِكَ.
ومنها: ضمير الرفع المخبر عنه باسم الإشارة نحو: {ها أنتم أولاء}، وقيل: إنها كانت داخلة على الإشارة فتقدمت، ورد بنحو: {ها أنتم هؤلاء}، وأجيب بأنها أعيدت توكيدًا، فإن قصرتها دلت على القرب، تقول إذا قيل: أين أنت؟ "ها" أنا ذا، إذا كنت قريبًا، وللمؤنث "ها" أنا ذِه، و"ها" هو ذا، و"ها" هي ذه.
وقال الأخفش: إنما هو: أأنتم على إبدال "الهمزة" "هاء"، كما تقول: "هيَّاك" في "إيَّاك".
ومنها: اتصالها "بأي"، فتكون نعتًا لها كقولك: يا "أيُّها" الرجل، وهي واجبة ويجوز في لغة بني أسد أن تُحذف ألها، وأن تضم اتباعًا وعليه قراءة ابن عامر: {سنفرغ لكم أيه الثقلان}، بضم "الهاء" في الوصل.
ومنها: اسم الله في القسم عند حذف الحرف يقال: "ها" الله، بقطع "الهمزة" وبغير قطعها وحذف "ألف" "ها" لغتان.
وفي قولهم: لا "ها" الله ذا، قولان:
أحدهما: وهو قول الخليل: "ذا": مقسم عليه وتقديره: لا والله للأمر "ذا"، فحذف الأمر لكثرة الاستعمال، ولهذا لا يجوز أن يقاس عليه فيقال: "ها" الله أخوك.
والثاني: وهو قول الأخفش، أنه من جملة القسم فهو توكيد له، كأنه قال: "ذا" قسمي، قال: والدليل عليه أنهم يذكرون المقسم عليه بعد "ذا" فيقولون: لا "ها" الله ذا لقد كان كذا.
وقد تكون "ها" في عرض الكلام تقول: "ها" إن زيدًا منطلق، و"ها" أفعل كذا.
قال الشاعر:
ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا ..... فقلتُ لهم هذا لها ها وذا ليا).
[مصابيح المغاني: 515 - 518]