العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:13 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "الميم"
باب "الميم" المفردة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "الميم"
اعلم أن "الميم" تكون حرفًا مفردًا، وتكون مع غيرها من الحروف مركبة.

باب "الميم" المفردة
اعلم أن "الميم" المفردة تنقسم قسمين: قسمٌ أصلٌ وقسم بدلٌ من أصل.
فالقسم التي هي أصلٌ، لها في كلام العرب ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: أن تكون أول الكلمة موضوعة في بنائها زائدةً، وذلك في كل لفظةٍ أصولها ثلاثة أحرفٍ، وفي أولها
"الميم"، وذلك في الأسماء لا غير، نحو مضرب ومشهد ومفصل ومِفتاح ومنخل ومنديل ونحو ذلك، لأنه قد ثبت بالاشتقاق أن "الميم" زائدة ولا يُسل لم ذلك لأنه مبدأ لغة فلا يُعلل.
فإن كانت أصول الكلمة أزيد من الثلاثة
"فالميم" أصلية نحو: «مرزجوش» و«مردقوش»، لأنها بوزن «غضرفوط»، وكذلك الملحق بالأربعة نحو «مهدد» في قول الشاعر:
حان الرحيلُ ولم تودع مهددا ..... والصبح والإمساء منها موعدُ
لأن مثاله من الرباعي: جعفر، فداله ملحقةً براء «جعفر»، ولو كانت زائدة لأدغم، فقيل: مهد، كما يقال : مكر مفر، لأنها من الكر والفر، ومهد من المهد والتمهيد.
الموضع الثاني: أن تكون زائدة في بناء الكلمة بين حروفها، فلا يعلل أيضًا لأنه مبدأ لغةٍ، وذلك قولهم: «دلامص» على مذهب الخليل، لأنه عنده من الدلاص وهو البراق من كل شيء، ولذلك قيل للدروع: دلاص، ومنه قول الشاعر:
إذا جردت يومًا حسبت خميصةً ..... عليها وجريال النضير الدلامصا
وقد قلبوه فقالوا: «دمالص»، وقد حذفوا "الألف" منه فقالوا: دلمص ودملص كما قالوا في هدابد: هدبد تخفيفًا، وقالوا: لبن قمارص مأخوذ من القرص وهو حدو اللسان بحمضة فيه، وقالوا: هرماس للأسد وهو من الهرس وهو الدق والعض، قال الشاعر:
وبيت أمه فأساغ نهسا ..... ضماريط استها في غير نار
والضماريط من الضرط، وكل ما ذكر من هذه الأمثلة موقوف على السماع لا يُقاس عليه غيره لشذوذه، فاعلمه.
الموضع الثالث: أن تكون في آخر الكلمة وذلك ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن تكون زائدة لغير علة، بل لبناء الكلمة، وذلك مبدأُ لغةٍ وذلك قولهم: حلقوم من الحلق وبلعوم من البلع وسرطم من السرط وهو البلع بسهولةٍ وفرطم إتباعٌ لسرطم وهو من الإفراط، ورأس صلدم وصلادم في نحو قول الشاعر:
أجدر الناس برأسٍ صلدم ..... حازم الأمر شُجاع في الوغم
وهو من الصلد أي الشديد القوي، وقال: أسدٌ ضبارم من الضبر وهو الضغط.
النوع الثاني: أن تكون في آخر الكلمة عوضًا من
"يا" التي للنداء وذلك في «الله» خاصة، قالوا في الدعاء: اللهم اغفر لنا وارحمنا، معناه: "يا" الله، قال تعالى: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}، والدليل على ذلك أنها لا تجتمع معها في الكلام، لا يقال: "يا" اللهم إلا في الضرورة، قال الشاعر:
وما عليك أن تقولي كلما ..... سبحت أو هللت: يا اللهم ما
اردد علينا شيخنا مسلما.
وقال آخر:
إني إذا ما حدث ألما ..... أقول: يا اللهم يا للهما
وإنما زيدت للتعظيم في هذا الاسم خاصة لاختصاصه بأشياء انفرد بها دون الأسماء ذكرتها في كتاب «التحلية في البسملة والتصلية» زيدت مشددة لأنها عوضٌ من حرفين، وهما "الياء" و"الألف" في "يا" قبلها.
وزعم الفراء أن
"الميم" منقطعةٌ من «آمنا»، كأن القائل اللهم يقول: "يا" الله آمنا، وهذا فاسدٌ لوجوهٍ، منها: أنها لو كانت "الميم" من آمنا مقتطعةٌ لجمع بينها وبين "يا" في الكلام ولم يجتمعا، ومنها: أنها لو كانت مقتطعة منها ما اجتمعت معها، وهي تجتمع معها، فيقال: اللهم آمنا، ولا يجمع بين الشيء وما اقتطع منه، ومنها: أنها يُدعى بها مع غير «آمنا» فيقال: اللهم خذ الكفار، وأنزل علينا الغيث، ونحو ذلك من الأشياء المدعو بها، [فهي] لا ترتبط مع «آمنا».
النوع الثالث: أن تكون في آخر الكلمة للتكثير، وذلك قولهم: «شدقم» للكبير الشدق، و«زرقم» للكثير الزرقة و«سُتهم» للكبير الاست، و «فُسحم» للمكان الكثير الفسحة، و«سجعم» للكثير الشجاعة، كما قال:
قد سالم الحيات منه القدما ..... الأفعوان والشجاع الشجعما
وكذلك امرأةٌ خدلم للخدلة الساق أي الممتلئتها، كما قال الشاعر:
ليست برسحاء ولكن سُتهم ..... ولا بكرواء ولكن خدلم
ومن ذلك في الضمائر نحو: "هما" و"هم"، و"كما" و"كم"، و"أنتما" و"أنتم"، زيدت دلالة على تكثير الواحد لحيز الاثنين "بالألف" بعدهما، ولحيز الجمع "بالواو" بعدها، وتلك صيغٌ موضوعةٌ للتثنية والجمع، لا مثناة حقيقةً ولا مجموعة حقيقةً لأن حقيقة المثنى ما لحقه "ألفٌ" و"نونٌ" مكسورةٌ رفعًا، و"ياءٌ" و"نون" مكسورةٌ نصبًا وخفضًا، دلالة على اثنين، وله مفرد من لفظه، وحقيقة المجموع ما ألحقته في المذكر "واوًا" و"نونًا" مفتوحةً رفعًا، و"ياءً" و"نونًا" مفتوحة نصبًا وخفضًا، إن كان مذكرًا مسلمًا، و"ألفًا" و"تاء" إن كان مؤنثًا كذلك أو غيرته عن المفرد دلالة على ذلك، وكان له مفرد من لفظه فتقول: زيدان وزيدَيْن وزيدون وزيدِين، وهندان وهندات، وزيود وهنود، فإن زال عن هذا النقيد فهو اسم جمع كرهط ونفر، أو اسم جنسٍ كماءٍ وعسل.
وأما الأفعال فلم تجئ
"الميم" فيها مزبدةً إلا في أفعال مسموعة تحفظ ولا يُقاس عليها، فمن ذلك قولهم: تمسكن الرجل من السكون، وتمدرع من الدروع، وتمندل من الندل وهو المج بالمنديل، وتمسلم إذا دخل في المسلمين في السلم، ومرحبك الله من الرحب، وهو السعة، ومسهلك من السهولة وتمخرق الرجل من الخرق وهو الاتساع وفلانٌ يتمولى علينا من الولاية.

القسم التي هي فيه بدل من أصل لها في الكلام ثلاثة مواضع.
الموضع الأول: أن تكون بدلًا من التنوين إذا التقى مع "الباء" في كلمةٍ أخرى نحو قولك: «عليمٌ بذات الصدور» و«عليمٌ بالظالمين» و«بصيرٌ بما يعملون»، وشبه ذلك، وسواءٌ كان التنوين في مرفوعٍ أو منصوبٍ أو مخفوضٍ، كان لما كان من وجوهه المذكورة في باب "النون"، لا خلاف في هذا بين العرب والقراء.
وإنما أبدل التنوين "ميمًا" في هذا الموضع لكون "النون" بعيدةً من "الباء" في المخرج، فلم يُمكنهم إدغامها فأبدلوها إلى حرف لا يُدغم فيها مراعاةً لها ويقرب منها في المخرج، إذ هما من الشفتين فصارت حالة بين حالتين لضرب من التخفيف فإذا أبدلوها "ميمًا" خالصة فيها غُنةٌ، لأنها أُخت "النون" فيها، ولذلك خُصت بالبدل منها، فينبغي أن يُنطق بها "ميمًا" بغنةٍ، كما يُنطق بها ساكنةً وحدها، ولابد من إظهار الجهرة في "الباء" مع ذلك إذ هي حرف مجهور، وإنما نبهت على هذا لأني رأيت بعض منتحلي القراءة والعلم بها يقرأها مُدغمة في "الباء" ولا يبقي لها غنة، وهو خطأ لما ذكرتُ لك فتفهمه.
الموضع الثاني: أن تكون بدلًا من "النون" في نفس الكلمة أو في آخرها إذا اتصلت بها "باءٌ" أيضًا في نفس الكلمة أو من كلمة أخرى، فالتي هي في نفس الكلمة نحو عمير في عنبر، وشمباء في شنباء، قال الله تعالى: «فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَمبَاءُ يَوْمَئِذٍ»، وأصله: الأنباء، فقلبت "النون" "ميمًا" مع "الباء" للعلة المذكورة في التنوين منها في الموضع قبل هذا، التي في آخر الكلمة مع "الباء" من كلمةٍ أخرى نحو: من بعد، ومن بعيد، تقول: مم بعد، ومم بعيد، وكذلك تقول في "النون" الخفيفة مع "الباء" نحو: لا تضرب بكرًا ولا تضربن بكرًا، قال الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}، و{لَنَسْفَعًا [بِالنَّاصِيَةِ]}، فلا خلاف أيضًا في هذا بين العرب والقراء كالتنوين المذكور قبل، والعلة المذكورة في الموضعين واحدة، فتفهمها تُصب بحول الله.
الموضع الثالث: أن تكون بدلًا من "لام" التعريف، ولم يأت ذلك فيما أعلم إلا ما رُوي عن النمر بن تولب، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من أم بر أم صيام في أم سفر»، المعنى: "ليس" من البر الصيام في السفر، قال بعضُ المحدثين: لم يرو النمر بن تولبٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث فهو من الشذوذ بحيث لا يُقاس عليه). [رصف المباني:303 - 309]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:14 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي




"الميم"
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها "م" مضمومةً ومكسورةً، وتجرّ في القسم الاسم المعظّم خاصّةً، نحو:"م" الله، وزعم بعضهم أنّها اسمٌ بقيّة (أيمن) ). [التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:15 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("الميم"
يكون حرف معنى في موضعين:
الأول: قولهم في القسم: "م" الله، بضم "الميم". "فالميم" في ذلك حرف جر، عند قوم من النحويين. وذهب قوم إلى أنها بدل من "واو" القسم. ورد بأنها لو كانت بدلاً منها لفتحت، كما تفتح "الواو"، وبأن إبدال "الميم" من "الواو" لم يوجد، إلا في كلمة واحدة، مختلف فيها، وهي "فم". وذهب قوم إلى أن هذه "الميم" اسم، وهي بقية ايمن. واختاره ابن مالك. وحكى في هذه "الميم" الفتح والكسر أيضاً، فهي مثلثة. وذهب الزمخشري إلى أن قولهم "م" الله هي من التي تستعمل في القسم، حذفت "نونها".
الثاني: "الميم" التي هي بدل من "لام" التعريف، في لغة طيئ. وقيل: هي لغة أهل اليمن. كقول الشاعر:
ذاك خليلي، وذو يواصلني ... يرمي ورائي، بامسهم، وامسلمه
وروى النمر بن تولب، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليس من امبر امصيام في امسفر». قال ابن يعيش في شرح المفصل: لم يرو النمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، غير هذا الحديث.
قلت: في عد هذه "الميم" من حروف المعاني نظر، لأنها بدل لا أصل. وأيضاً فإن هذا مبني على القول بأن حرف التعريف أحادي و"الهمزة" غير معتد بها.
وذكر أبو البقاء أن "الميم" في أنتم حرف معنى). [الجنى الداني:139 - 140]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): (حرف "الميم"
"ما"
"ما" تأتي على وجهين: اسمية وحرفية، وكل منهما ثلاثة أقسام:
فأما أوجه الاسمية:
فأحدها: أن تكون معرفة، وهي نوعان:
ناقصة: وهي الموصولة، نحو:{ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ}.
وتامة: وهي نوعان:
عامّة: أي: مقدرة بقولك الشّيء، وهي الّتي لم يتقدمها اسم، تكون هي وعاملها صفة له في المعنى، نحو:{إن تبدوا الصّدقات فنعما هي}، أي: فنعم الشّيء هي، والأصل: فنعم الشّيء إبداؤها؛ لأن الكلام في الإبداء لا في الصّدقات، ثمّ حذف المضاف، وأنيب عنه المضاف إليه فانفصل وارتفع.
وخاصة: هي الّتي تقدمها ذلك، وتقدر من لفظ ذلك الاسم، نحو: غسلته غسلا نعما، ودققته دقا نعما، أي: نعم الغسل، ونعم الدق، وأكثرهم لا يثبت مجيء "ما" معرفة تامّة، وأثبته جماعة منهم: ابن خروف، ونقله عن سيبويه.
والثّاني: أن تكون نكرة مجرّدة عن معنى الحرف، وهي أيضا نوعان: ناقصة وتامة.
فالناقصة: هي الموصوفة، وتقدر بقولك شيء، كقولهم: مررت بما معجب لك، أي: بشيء معجب لك، وقوله:
لما نافع يسعى اللبيب لا تكن ... لشيء بعيد نفعه الدّهر ساعيا
وقول الآخر:
ربما تكره النّفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال
أي: رب شيء تكرهه النّفوس، فحذف العائد من الصّفة إلى الموصوف، ويجوز أن تكون "ما" كافّة، والمفعول المحذوف اسما ظاهرا، أي: قد تكره النّفوس من الأمر شيئا: أي: وصفا فيه، أو الأصل من الأمور أمرا، وفي هذا إنابة المفرد عن الجمع، وفيه وفي الأول إنابة الصّفة غير المفردة عن الموصوف إذ الجملة بعده صفة له.
وقد قيل في: {إن الله نعما يعظكم به}، إن المعنى نعم هو شيئا يعظكم به، "فما" نكرة تامّة تمييز، والجملة صفة، والفاعل مستتر، وقيل "ما" معرفة موصولة فاعل، والجملة صلة، وقيل غير ذلك.
وقال سيبويه في:{هذا ما لدي عتيد}، المراد: شيء لدي عتيد، أي: معد، أي: لجهنّم بإغوائي إيّاه، أو حاضر.
والتّفسير الأول رأي الزّمخشريّ، وفيه أن "ما" حينئذٍ للشّخص العاقل، وإن قدرت "ما" موصولة، فعتيد بدل منها، أو خبر ثان، أو خبر لمحذوف.
والتامة: تقع في ثلاثة أبواب:
أحدها: التّعجّب، نحو: "ما" أحسن زيدا! المعنى: شيء حسن زيدا، جزم بذلك جميع البصريين إلّا الأخفش، فجوزه جوز أن تكون معرفة موصولة، والجملة بعدها صلة لا محل لها، وأن تكون نكرة موصوفة، والجملة بعدها في موضع رفع نعتا لها، وعليهما فخبر المبتدأ محذوف وجوبا تقديره شيء عظيم ونحوه.
الثّاني: باب "نعم" و"بئس"، نحو: غسلته غسلا نعما، ودققته دقا نعما، أي: "نعم" شيئا، فما نصب على التّمييز عند جماعة من المتأخّرين منهم: الزّمخشريّ، وظاهر كلام سيبويه أنّها معرفة تامّة كما مر.
والثّالث: قولهم إذا أرادوا المبالغة في الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل كالكتابة، إن زيدا "ممّا" أن يكتب، إي: إنّه من أمر كتابة، أي: إنّه مخلوق من أمر، وذلك الأمر هو الكتابة، "فما" بمعنى شيء، وأن وصلتها في موضع خفض بدل منها، والمعنى بمنزلته في:{خلق الإنسان من عجل}، وجعل لكثرة عجلته كأنّه خلق منها.
وزعم السرافي وابن خروف وتبعهما ابن مالك ونقله عن سيبويه أنّها معرفة تامّة بمعنى الشّيء، أو الأمر، وأن وصلتها مبتدأ، والظرف خبره، والجملة خبر "لإن"، ولا يتحصّل للكلام معنى طائل على هذا التّقدير.
والثّالث: أن تكون نكرة مضمنة معنى الحرف، وهي نوعان:
أحدهما: الاستفهامية، ومعناها: أي شيء، نحو:{ما هي}،{ما لونها}،{وما تلك بيمينك}،{قال موسى ما جئتم به السحر}، وذلك على قراءة أبي عمرو: (آلسحر)، بمد "الألف"، فما مبتدأ، والجملة بعدها خبر، وآلسحر إمّا بدل من "ما" ولهذا قرن بالاستفهام، وكأنّه قيل آلسحر جئتم به، وإمّا بتقدير أهو السحر، أو آلسحر هو.
وأما من قرأ:{السحر} على الخبر، "فما" موصولة، والسحر خبرها، ويقويه قراءة عبد الله: (ما جئتم به سِحْر)، ويجب حذف "ألف" "ما" الاستفهامية إذا جرت، وإبقاء الفتحة دليلا عليها، نحو: "فيم" و"إلام" و"علام" و"بم" قال:
فتلك ولاة السوء قد طال مكثهم ... فحتام حتام العناء المطول
وربما تبعت الفتحة "الألف" في الحذف، وهو مخصوص بالشعر، كقوله:
يا أبا الأسود لم خلقتني ... لهموم طارقات وذكر
وعلة حذف "الألف" الفرق بين الاستفهام والخبر فلهذا حذفت، في نحو: {فيم أنت من ذكراها}،{فناظرة بم يرجع المرسلون}،{لم تقولون ما لا}،وثبتت في:{لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم}،{يؤمنون بما أنزل إليك}،{ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، وكما لا تحذف "الألف" في الخبر لا تثبت في الاستفهام.
وأما قراءة عكرمة وعيسى:(عمّا يتساءلون) فنادر، وأما قول حسان:
على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في دمان
فضرورة، والدمان كالرماد وزنا ومعنى ويروى في رماد، فلذلك رجحته على تفسير ابن الشجري له بالسرجين، ومثله قول الآخر:
إنّا قتلنا بقتلانا سراتكم ... أهل اللّواء ففيما يكثر القيل
ولا يجوز حمل القراءة المتواترة على ذلك لضعفه، فلهذا رد الكسائي قول المفسّرين في:{بما غفر لي ربّي}، إنّها استفهامية، وإنّما هي مصدريّة، والعجب من الزّمخشريّ إذ جوز كونها استفهامية مع رده على من قال في:{بما أغويتني}، إن المعنى: بأيّ شيء أغويتني، بأن إثبات "الألف" قليل شاذ.
وأجاز هو وغيره أن تكون بمعنى "الّذي"، وهو بعيد، لأن "الّذي" غفر له هو الذّنوب، ويبعد إرادة الاطّلاع عليها وإن غفرت.
وقال جماعة منهم الإمام فخر الدّين في:{فبما رحمة من الله}، إنّها للاستفهام التعجبي، أي: فبأي رحمة؟! ويرده ثبوت "الألف"، وأن خفض رحمة حينئذٍ لا يتّجه؛ لأنّها لا تكون بدلا من "ما"، إذ المبدل من اسم الاستفهام يجب اقترانه "بهمزة" الاستفهام، نحو: "ما" صنعت أخيرا أمر شرا، ولأن "ما" النكرة الواقعة في غير الاستفهام والشّرط لا تستغني عن الوصف إلّا في بابي التّعجّب، و"نعم" و"بئس" و"إلّا" في نحو قولهم: "إنّي" "ممّا" أن أفعل على خلاف "فيهنّ"، وقد مر، ولا عطف بيان لهذا، ولأن "ما" الاستفهامية لا توصف، ومالا يوصف كالضمير لا يعطف عليه عطف بيان، ولا مضافا إليه؛ لأن أسماء الاستفهام وأسماء الشّرط والموصولات لا يضاف منها غير "أي" باتّفاق، و"كم" في الاستفهام عند الزّجاج في نحو: "بكم" درهم اشتريت؟ والصّحيح: أن جرّه بـ "من" محذوفة، وإذا ركبت "ما" الاستفهامية مع "ذا" لم تحذف "ألفها"، نحو: "لماذا" جئت؟ لأن "ألفها" قد صارت حشوًا). [مغني اللبيب: 4 / 5 - 27]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:18 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)


الباب الأول
ضبط حروف المعاني الأحادية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الأول من الأبواب الخمسة التي تذكر في ضبط حروف المعاني، وتذكر فيه الحروف الأحادية، وهي التي وردت على حرفٍ واحد فقط، وهو البسيط الحقيقي في هذه الصناعة، وقد يطلق على المفرد الغير المركب من لفظين: "كان"، و"إذن"، على رأي، وجملة ما ورد من حروف المعاني أحادية، ثلاثة عشر حرفًا، وهي قسمان؛ لأن الحرف إما أن يكون محضًا بمعنى أنه لا يقع إلا حرفًا، أو مشاركًا نوعًا آخر أي من الأفعال والأسماء أو كلتيهما، فانحصرت في قسمين:
محضة: وهي ستة أحرف: "الهمزة"، و"الباء"، و"السين"، و"الفاء"، و"اللام"، و"الميم".
ومشاركة للاسم: وهي سبعة: "الألف"، و"التاء"، و"الكاف"، و"النون"، و"الهاء"، و"الواو"، و"الياء".
فإن قيل: إن بعض النحاة قد عدوا "الهمزة" و"الفاء" مما اشترك فيه الحرف والفعل، فإن كلًا منهما كما يكون حرفًا "كهمزة" الاستفهام و"كالفاء" العاطفة، كذلك يكون فعلًا، وقد عدوا "اللام" مع الحرف والفعل، ومع الاسم أخرى كما في المعرفة الموصولة نحو: الضارب والمضروب، فكيف عدتهن في الحروف المحضة.
فالجواب: أنا إنما نعتبر المشاركة بين الحرف وغيره من الأسماء والأفعال، أو بينهما معًا، إذا كان ذلك بحسب الوضع، وأما مشاركة الأحرف الثلاثة للفعل فإنما حصل بواسطة ما عرض لهن، ولذلك أنكر المحققون على من عد على مما اشترك فيه الأنواع الثلاثة أيضًا، وقالوا: إنه غلط؛ لأن على إذا كانت حرفًا واسمًا كانت "ألفها" أصلية، وإذا كانت فعلًا كانت "الألف" منقلبة عن "واو"، فلا مشاركة للفعل معهما أبدًا، وأما عدا "اللام" اسمًا فهو جهل، فإنما يراد به "ال" الموصولة، والتعبير عنها "باللام" غلط، بل قد أنكروا على من قال "الألف" و"اللام" أيضًا، فكما لا يعبر عن "هل" الاستفهامية "بالهاء" و"اللام"، فكذا لا يعبر عن الموصولة "بالألف" و"اللام"، وكأنما عنى هذا القائل ما نقل عن سيبويه أن "همزة" "ال" للوصل، ولذلك تطرح درجًا فاطرحها لفظًا وهو سهو، فإن سيبويه سمى هذه الكلمة "أل" وعدها في الحروف الثنائية، ومذهب الخليل أنها "همزة" أصلية، وحذفها وصلًا لطلب التخفيف لكثرة الاستعمال وهو الأرجح، وبعضهم يجعل "أل" حرفًا في كل مواقعها ويمنع وقوعها اسمًا، وجعل "أل" الموصولة باسم الفاعل واسم المفعول حرفًا، كما سيأتي في فصله، فكيف يجوز مع هذا كلى الإطلاق على "اللام" وحدها، وهل هذا إلا غلطٌ صريح). [جواهر الأدب: 5 - 6]

الفصل السادس: من أول نوعي الحروف الأحادية المحضة "الميم"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل السادس: من أول نوعي الحروف الأحادية المحضة.
"الميم": ومخرجها ما بين الشفتين، "كالواو"، و"الباء"، وهي من أحرف الذلاقة عند الخليل، ومن حروف الزيادة العشرة، فتقع بعضًا من الكلمة، وتكون "فاء"، و"عينًا"، و"لامًا" من الأسماء والأفعال، ومستقلة من جملة حروف المعاني للقسم لا غير، وتختص باسم الله تعالى، ولذلك ترجح الحكم بأنها من أيمن على الحكم بأنها من غيرها لاختصاص أيمن بالله تعالى أيضًا، وهي مثلثة، فتضم وتفتح وتكسر، قيل: أصلها من "نون" ساكنة و"ميم" مضمومة، حذفت "النون" اعتباطًا، وقيل: إنها وفروعها كلها متفرعات على أيمن، ولسكونها من فروعها خففوها بالحذف حتى صارت إلى حرف واحد، وهو أقرب من الأول، والأرجح كونها حرفًا مستقلًا؛ لأن التفريع والحذف مما يفتقر إلى دليل ظاهر، وإن لم يوجد فالحمل على الاستقلال لإصالته أولى، وإنما عمل لاختصاصه والاستقلال كما مر، وإنما عمل الجر؛ لأنه الأثر المختص بما اختص به من أنواع الإعراب، كما عبر به غير مرة، وليعلم أنه لم يرد استعماله في غير اسم الله تعالى إلا شذوذًا، كما ورد في غيره من الحروف، وإن "الميم" تقع بدلًا من أربعة أحرف، وهي "الواو"، و"النون"، و"الباء"، و"اللام"، أما إبدالها من "الواو" فقولهم: "فم"، قال ابن جني في سر الصناعة: وأصله "فوه" بوزن سوط، فحذفت "الهاء" كما حذفت من سنة فيمن قال: ليست بسنهاء، ومن شاة وشفة، ومن عضة، فيمن قال: بعير عاضه، ومن است، فصار التقدير: "فو"، فلما صار الاسم على حرفين الثاني منهما حرف لين، كرهوا حذفه للتنوين، فيجعفوا به، فأبدلوا من "الواو" "ميمًا" لقرب "الميم" من "الواو"؛ لأنهما شفهيتان، و"الفاء" من "فم" مفتوحة، ويدل عليه وجودك إياها مفتوحة في اللفظ، هذا هو المشهور، وأما ما حكاه أبو زيد وغيره من كسر "الفاء" وضمها فضرب من التغيير لحق الكلمة لإعلالها بالحذف والإبدال، و"ميم" هذه الكلمة مخفف، وأما قوله:
يا ليتما قد خرجت من فمه ...... حتى يعود الملك في اسطمه
فالقول في تشديد "الميم" عندي أنه ليس بلغة، ألا ترى أنك لا تجد لهذه المشددة تصرفًا، إنما التصرف كله على فوه، ومنه قوله عز وجل: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم}، وقول الشاعر:
فلا لغو ولا تأثيم فيها ...... وما فاهوا به أبدًا مقيم
وقالوا: رجل مفوه إذا أجاد القول، وقالوا: ما تفوهت به، كما قالوا: تلغمت بكذا وكذا، أي: حركت ملاغمي، وهي ما حول الشفتين، وقالوا في جمع أفوه وهو الكثير القول: "فوه"، قرأت على أبي علي للشنفري رحمه الله.
مهرية فوه كان شدوقها ...... شقوق عضى كالحات وبسل
ولم نسمعهم قالوا: أفمام، ولا تفممت، ولا رجل "أفم"، كما قالوا: أصم، فدل اجتماعهم على تصريف الكلمة "بالفاء" و"الواو" و"الهاء"، على أن التشديد في "فم" لا أصل له في جنس المثال، وإنما هو عارض.
فإن قيل: إذا ثبت أن التشديد عارض فمن أين أتاها، وكيف وجه دخوله؟
فالجواب: أن أصل ذلك أنهم ثقلوا "الميم" في الوقف فقالوا: "فم"، كما قالوا: هذا خالد، ثم أجروا الوصل مجرى الوقف فقالوا: هذا "فم"، ورأيت "فمًا"، كما أجروه مجراه فيما أنشدناه أبو علي رحمه الله:
ببازل وجناء أو غيهل ...... كان فهواها على الكلكل
يريد الغيهل والكلكل، هذا وجه تشديد "الميم" عندي.
فإن قلت: فإذا كان أصل "فم" عندك "فوه"، فما تقول فيما أنشده أبو علي من قول الفرزدق:
هما نفثا في في من فمويهما
فإنه يلزم اجتماع العوض والمعوض.
فالجواب: أن أبا علي حكى لنا عن أبي بكر وأبي إسحاق أن الشاعر جمع بين العوض والمعوض؛ لأن الكلمة منقوصة، وأجاز أبو علي فيه وجهًا آخر، وهو أن تكون "الواو" في فمويهما "لامًا" في موضع "الفاء" من أفواه، وتكون الكلمة مما اعتقب عليها "لامان"، "هاء" مرة، و"واو" أخرى، فيجري مجرى سنة وعضة، ألا تراهما في قول من قال: سنوات، ومسانات، وعضوات لقطع اللهازم "واوين"، ونجدهما في قول من قال: ليست بسنهاء، وبعير عاضه، هائين ونظير ما حكاه عنهما من الجمع بينهما ما أنشده البغداديون وأبو زيد:
إني إذا ما حدث ألمًا ...... ناديت يا اللهم يا اللهما
جمع بين "يا" و"الميم"، وهي عند الخليل عوض عن "يا"، وقول الجارية لأمها:
يا أمة أبصرني راكب ...... في بلد مسحنفز لأحب
ألا ترى أن "الهاء" في "يا" أمة بدل من "ياء" أمي، و"الألف" التي في "يا" أمتا بعد "التاء" إنما هي "ياء" أمي، أبدلها للتخفيف "ألفًا"، فقد جمع بين العوض والمعوض، وهذا كله يؤكد صحة مذهب أبي بكر وأبي إسحاق في فمويهما، وأما إبدال "الميم" من "النون" فالقانون أن تكون "النون" ساكنة واقعة قبل "ياء"، فإذا وجد جاز الإبدال نحو: عنبر، وامرأة شنباء، وقنبر، ومنبر، وقنب، فإن تحركت ظهرت "نونًا" نحو: شنب، وعنابر، وقنابر، ومنابر، وقنانب، وإنما قلبت "ميمًا" ساكنة قبل "الباء"؛لأن "الباء" أخت "الميم"، وقد أدغمت "النون" مع "الميم" في نح: من معك؟، ومن محمد؟ فلما كانت تدغم "النون" مع "الميم" التي هي أخت "الباء" أرادوا إعلالها أيضًا مع "الباء"، ولما كانت "الميم" التي هي أقرب إلى "الباء" مع "النون" لم تدغم في "الباء"، فلا يقال في نحو: اقم بكرًا أقبكرا، ولا في نحو: نم بالله، با لله، كانت "النون" التي هي من "الباء" أبعد منها من "الميم" أجدر بأن لا يجوز فيها الإدغام، فلما تعذر إدغام "النون" في "الباء" أعلوها دون إعلال الإدغام فقربوها من "الباء" بأن قلبوها إلى لفظ أقرب الحروف من "الباء" وهو "الميم"، فقالوا: عمبر، هذا كله إذا وجد الضابط، فما لم يكن لم يجز القلب، وأما قول رؤبة:
يا هاك ذات المنطق التمتام ...... وكفك المخضب البنام
يريد البنان، فإنما سوغه ملاحظة ما فيها من الغنة والهوى "كالنون"، وبناء على هذا جمعوا بينهما في القوافي فقالوا:
يطعنها بخنجر من لحم ...... دون الدبابي في مكان سخن
ومثل هذا كثير، لكن القانون ما ذكر، وأما إبدال "الميم" من "الباء" فقد رواه أبو علي بإسناده إلى الأصمعي قال: يقال: بنات مخر، وبنات بخر، وهن سحائب يأتين قبيل الصيف بيض منتصبات في السماء، قال طرفة:
كبنات المخر يمأدن إذا ...... أنبت الصيف عساليج الخضر
قال أبو علي: كان أبو بكر محمد بن السري يشتق هذه الأسماء من البخار، وهذا كله دليل إبدال "الباء" "ميمًا"، ولو ذهب ذاهب إلى أن "الميم" في مخر أيضًا أصل غير مبدلة على أن يجعله من قوله تعالى: {وترى الفلك فيه مواخر}، وذلك أن السحاب كأنها تمخر البحر لكان عندي مصيبًا، ويؤكده قول أبي ذؤيب في وصف السحاب:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ...... متى لجج خضر لهن نئيج
لأنه يشعر أن السحاب تمخر البحر، وأخبرنا أبو علي قال: يقال: ما زلت راتمًا على هذا واتبًا، أي: مقيمًا، فالظاهر من أمر هذه "الميم" أن لا تكون بدلًا من "باء" راتب؛ لأنا لم نسمع في هذا الموضع رتم مثل رتب، تحتمل هذه "الميم" عندي أن تكون أصلًا غير بدل من الرتيمة، وهو شيء كان أهل الجاهلية يرتمونه بينهم، وذلك أن الرجل منهم كان إذا أراد سفرًا عمدا إلى شجرة فيعقد غصنين منها، فإن رجع وكانا معقودين بحالهما قال: إن امرأته لم تخنه، وإن رأى الغصنين قد انحلا قال: إن امرأته خانته، قال الراجز:
هل ينفعنك اليوم إن هممت بهم ...... كثرة ما توصى وتعقاد الرتم
والرتمة أيضًا: خيط يشد في الاصبع ليذكر الرجل به حاجته، وكلا هذين المعنيين تأويله الإقامة والثبوت، فيجوز أن يكون راتم من هذا المعنى، وإذا أمكن أن تتأول اللفظة على ظاهر لم يسغ العدول عنه إلى الباطن إلا بدليل، والدليل هنا إنما يؤكد الظاهر لا الباطن، فينبغي أن يكون العمل عليه لا على غيره، وأما إبدال "الميم" من "اللام" فيروى أن النمر بن تولب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من أمبرا صيام في امسفر»، يريد: ليس من البر الصيام في السفر، فأبدل "لام" التعريف ميمًا، ويقال: إن النمر لم يرو عن النبي عليه السلام غير هذا الحديث، إلا أنه شاذ، لا يقاس عليه.
واعلم أن "الميم" إن وقعت أول الكلمة وهو الأصل في زيادتها فالكلمة إن كانت على حرفين أصليين وبعدهما "ألف" فاقض بزيادتها إلا أن تجد ثبتًا فتترك هذه القضية إليه نحو: موسى، وكذا إذا كانت على ثلاثة وإن لم يعقبها "ألف" نحو: مضرب ومقياس، فإن كانت على أربعة أصول فاقض بكونها من الأصل نحو: مرزحوش، "ميمه" "فاء"، ووزنه فعللول بوزن عضرفوط، وليعلم أيضًا أن "الميم" من خواص زيادة الأسماء، ولا تزاد في الأفعال إلا شذوذًا، وذلك نحو: تمسكن الرجل، وتمدرع من المدرعة، وتمندل من المنديل، وتمنطق من المنطقة، وتسلم الرجل إذا كان يدعي زيدًا أو غيره، ثم تسمى مسلمًا، وحكى ابن الأعرابي عن أبي زيد: فلانًا يتمولى علينا، فهذا كله تمفعل، وقالوا: مرحبك الله، ومسهلك، وقالوا: مخرق الرجل، وضعفها ابن كيسان، وهذا مفعل لا يقاس عليه).[جواهر الأدب: 37 - 42]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:20 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
والميم في اليمين اسمٌ في الأصح...... رفقا فم الله جفائي لم يُبح
وعد بعضٌ ميم ام المعرفة ...... بامسهم من نواه أصمى مُدنفه).
[كفاية المعاني: 253]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 06:21 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ)

(حرف "الميم")
قال أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ): ( (حرف "الميم")
"ما": تأتي على وجهين: اسمية، وحرفية، وكل منهما ثلاثة أقسام:
فأحد أقسام الاسمية أن تكون موصولة بمعنى "الذي"، نحو: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}، وتكون مقدرة بقولك الشيء، نحو: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي}، أي: "فنعم" الشيء هي، ومنها ما يقدر من لفظ الاسم الذي يتقدمها نحو: غسلته غسلًا "نعما"، ودققته دقًا "نعما"، أي: "نعم" الغسل، و"نعم" الدق، والأصل: غسلًا مقولًا فيه "نعم" الغسل؛ لأن الإنشاء لا يوصف به، وأصل "نعما": "ما" أدغمت "الميم" في "الميم"، وكتبت متصلة.
قال في الصحاح: وإن أدخلت على "نعم" "ما" قلت {نعما يعظكم به} تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت "العين" بالكسر، وإن شئت فتحت "النون" مع كسر "العين"، وتقول: غسلت غسلًا "نعما" تكتفي "بما" مع "نعم" عن صلته، أي: "نعم"
"ما" غسلته.
وأجاز صاحب القاموس فيها فتح "العين".
وقال صاحب الكليات: أصل "نعما" "نعم" "ما"، فأدغم، وكسر "العين" للساكنين، وفاعل "نعم" مستتر فيه، و"ما" بمعنى شيئًا مفسر للفاعل، نصب على التمييز، أي: "نعم" الشيء شيئًا.
والثاني: أن تكون نكرة مؤولة بمعنى شيء، نحو: مررت "بما" معجب لك، أي: بشيء معجب لك، وكقوله:
لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن ..... لشيء بعيد نفعه الدهر ساعيًا
وقد تأتي للتعجب نحو: "ما" أحسن زيدًا، المعنى: شيء حسن زيدًا، جزء بذلك جميع البصريين إلا الأخفش، فإنه جوزه وجوز أن تكون معرفة موصولة، وأن تكون نكرة موصوفة، وعليهما فخبر المبتدأ محذوف تقديره: شيء عظيم، ونحوه.
والثالث: أنهم إذا أرادوا المبالغة في الأخبار عن أحد بالإكثار من فعل الكتابة، قالوا: إن زيدًا "مما" أن يكتب، أي: أنه مخلوق من أمر الكتابة، فما بمعنى: شيء.
وزعم السيرافي وغيره أنها معرفة تامة بمعنى الشيء أو الأمر، وقد تكون نكرة مضمنة معنى الحرف وهي نوعان:
أحدهما: الاستفهامية، ومعناها: أي شيء، نحو: {ما لونها}، {وما تلك بيمينك}، ويجب حذف "ألفها" إذا دخل عليها حرف جر نحو: "فيم"، و"إلام"، و"علام"، و"حتام"، ومنهم من يكتبها "في" "م" و"إلى" "م" و"على" "م "و"حتى" .
وربما تبعت الفتحة "الألف" في الحذف، وهو مخصوص بالشعر، كقوله: يا أبا الأسود "لم" خلفتني، وقراءة عكرمة وعيسى: (عما يتساءلون) نادرة، وأما قول حسان:
على ما قام يشتمني لئيم ..... كخنزير تمرغ في دمان
فضرورة، وإذا ركبت "ما" مع "ذا" لم تحذف "ألفها" نحو: "لماذا" جئن؛ لأن "ألفها" قد صارت حرفًا، وسيأتي الكلام على "ماذا" بعد استيفاء معاني "ما". وقد تكون شرطية نحو: {ما تفعلوا من خير يعلمه الله}، {ما ننسخ من آية}، وقد تكون زمانية أثبت ذلك الفارسي وأبو البقاء وابن بري وابن مالك، كما في قوله تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم}، أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، وأما أوجه الحرفية:
فأحدهما: أن تكون نافية، فإن دخلت على الجملة الاسمية أعملها الحجازيون والتهاميون والنجدين عمل "ليس" نحو: {ما هذا بشرًا}، وندر تركيبها مع النكرة تشبيهًا لها "بلا"، كقوله: و"ما" بأس "لو" ردت علينا تحية.
وإذا دخلت على الفعلية لم تعمل نحو: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله}، وأما {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقوا من خير يوف إليكم} فما فيها شرطية.
وإذا نفت المضارع تخلص عند الجمهور للحال، ورد عليهم ابن مالك بنحو: {قل ما يكون لي أن أبدله}، أجيب بأن شرط كونه للحال انتفاء قرينة خلافه.
والثاني: أن تكون مصدرية، وهي نوعان: زمانية وغير زمانية، فغير الزمانية نحو: {عزيز عليه ما عنتم}، أي: عزيز عليه عنتكم، فعزيز خبر مقدم، و
"ما" عنتم مبتدأ مؤخر، ونحو: {ما دمت حيًا}، أصله: مدة دوامي حيًا، فحذف الظرف وخلفته "ما"، وصلتها ومنه: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}، {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقوله:
أجارتنا إن الخطوب تنوب ..... وإني مقيم ما أقام عسيب
وإنما قلنا: زمانية لا ظريفة ليشمل، نحو: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، فإن الزمان مقدر هنا، وهو مخفوض، أي: كل وقت إضاءة، والمخفوض لا يسمى ظرفًا، وزعم ابن خروف أن "ما" المصدرية حرف باتقاء ورد على ما نقل فيها خلافًا، والصواب مع ناقل الخلاف.

والوجه الثاني: أن تكون زائدة وهي نوعان: كافة، وغير كافة، والكافة ثلاثة أقسام.
أحدها: الكافة عن عمل الرفع ، وتتصل بثلاثة أفعال، وهي: قل، وكثر، وطال، شبهت "برب" في التقليل والتكثير، ولا يدخلن حينئذٍ إلا على جملة فعلية صرح بفعليتها، كقوله:
قلما يبرح اللبيب إلى ما ..... يورث المجد داعيًا أو مجيبًا
أي: لا يبرح اللبيب عن إحدى هاتين الحالتين؛ إذ قلما هنا في معنى النفي.
الثانية: الكافة عن عمل النصب والرفع، وهي المتصلة "بأن" وأخواتها نحو: {إنما الله إله واحد}، وهي هنا للحصر، وأما {إنما توعدون لآت}، {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل}، {إن ما عند الله هو خيرٌ لكم}، {أيحسبون أن ما نمدهم به من مالٍ وبنين}، فما في ذلك كله اسم باتفاق؛ لأنها بمعنى الذي، والحرف وهو "أن" عامل.
وأما {إنما حرم عليكم الميتة} فيمن نصب الميتة، "فما" كافة، وفي قراءة الرفع
"ما" اسم موصول، وكذلك: {إنما صنعوا كيد ساحر} من رفع كيد، "فإن" عاملة و"ما" موصولة، أي: أن الذي صنعوه ومن نصب "فما" كافة، وأما قول النابغة: قالت ألا "ليتما" هذا الحمام لنا، فيمن نصب الحمام، وهو الأرجح عند النحويين في نحو: "ليتما" زيدًا قائم، "فما" زائدة غير كافة، وهذا اسمها، ولنا الخبر.
قال سيبويه: وقد كان روبة بن العجاج ينشده بالرفع، وقيل في قوله تعالى: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف} أن
"ما" زائدة، وقيل: مصدرية.
الثالثة: الكافة عن عمل الجر، وتتصل بالأحرف والظروف، فالأحرف:
أحدها: "رب"، وأكثر
"ما" تدخل حينئذٍ على الماضي، كقوله:
ربما أوفيت في علم ..... ترفعن ثوبي شمالات
والثاني: "الكاف"، نحو: "كما" أنت، وقوله: "كما" سيف عمرو ولم تخنه مضاربه.
قيل: ومنه: {اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة}، وقيل:
"ما" موصولة، والتقدير: كالذي هو آلهة لهم، وقيل: لا تكف "الكاف" "بما"، وأن "ما" في ذلك مصدرية موصولة بالجملة الاسمية.
الثالث: "الباء"، كقوله:
فلئن صرت لا تحير جوابًا ..... لما قد ترى وأنت خطيب
يصف الشاعر بهذا شخصًا ميتًا، أي: إن صرت لا ترجع جوابًا لمن يكلمك فكثيرًا "ما" ترى، أي: رؤيت، وأنت خطيب في حال الحياة، وقد عبر بالمضارع عن الماضي.
الرابع: من كقول أبي حية:
وإنما لمما نضرب الكبش ضربة ..... على رأسه نلقى اللسان من الفم
قاله ابن الشجري. وأما الظروف:
فأحدها: "بعد" كقوله:
أعلاقة أم الوليد بعدما ..... أفنان رأسك كالثغام المخلس
قوله: أعلاقة، نصب على المصدرية، وأم الوليد بالنصب، مفعول، أي: أتحب أم الوليد، والمخلس بكسر "اللام" : المختلط رطبه بيابسه، وقيل: "ما" مصدرية.
والثاني: "بين" كقوله: "بينما" نحن بالأراك معا إذ أتى راكب على جمله، وقيل:
"ما" زائدة.
والثالث: "حيث"، و"إذ"، و"أين"، فتضمن حينئذٍ معنى الشرطية، فتجزم فعلين، وكذلك تزاد بعد غير الجازم نحو: {حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم}، وبين المتبوع وتابعه في نحو: {مثلًا ما بعوضة}، قال الزجاج:
"ما" حرف زائدة للتوكيد عند جميع البصريين، ويؤيده سقوطها في قراءة ابن مسعود، ويعوضه بدل، وقيل: "ما" اسم نكرة صفة لمثلًا، أو بد منه، وبعوضة: عطف بيان على "ما"، وقرأ روبة برفع بعوضة.
واختار الزمخشري كون
"ما" استفهامية مبتدأ، ويعوضه خبرها، والمعنى، أي: شيء البعوضة "فما" فوقها في الحقارة، زادها الأعشى مرتين في قوله:
أما ترينا حفاة لا نعال لنا ..... إنا كذلك ما نحفى وننتعل
وأميمة بن أبي الصلت ثلاث مرات في قوله:
سلع ما ومثله عشر ما ..... عائل ما وعالت البيقورا
قال عيسى بن عمر: لا أدري معنى هذا البيت، ولا رأيت أحدًا يعرفه، والسلع محركة ، والعشر على وزن صرد: ضربان من الشجر.
قال أبو البقاء: و
"ما" في مثل: أعطني كتابًا "ما" إبهامية وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمت إبهامًا وزادته شيوعًا وعمومًا؛ إذ المعنى: أي كتاب كان، وقد يكون للتحقير نحو: أعطه شيئًا "ما"، وللتفخيم نحو: لأمر "ما" يسود من يسود، أو للنوع نحو: اضربه ضربًا "ما"، وفي الجملة فإنه يؤكد بها "ما" إفادة تنكير الاسم قبلها، وقال أيضًا في كثيرًا "ما" كثيرًا منصوب على أنه مفعول مطلق على اختلاف الروايتين، و"ما" مزيدة للمبالغة في الكثرة ، أو عوض عن المحذوف، وفائدته التأكيد، والعامل فيه الفعل الذي يذكر بعده، وغير الكافة نوعان عوض عن كان المحذوفة وغير عوض، فالعوض في قولهم: "أما" أنت منطلقًا انطلقت، والأصل: انطلقت؛ لأن كنت منطلقًا.
والثاني: نحو قولهم: افعل هذا
"إما" لا، وأصله: إن كنت لا تفعل غيره.
وغير العوض تقع بع الرافع نحو: شتان
"ما" زيد وعمرو، وبعد الناصب الرافع نحو: "ليتما" زيد قائم، وبعد الجازم نحو: {وإما ينزغنك}، {أيًا ما تدعوا}، {أينما تكونوا}، وقول الأعشى:
متى ما تتاخى عند باب ابن هشام .....0 تراحى وتلقى من فواضله ندى
وبعض الخافض نحو: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، {ومما خطيئاتهم أغرقوا}، و{عما قليل}، وقوله:
ربما ضربة بسيف صقيل ..... بين بصري وطعن نجلاء
وقوله: كما الناس مجروم عليه وجارم، وهذا في الحرف، ومثاله في الاسم: {أيما الأجلين}، وقول الشاعر:
من غير ما سقم ولكن شفني ..... هم أراه قد أصاب فؤادي).
[غنية الطالب: 243 - 248]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة