قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("كِلا" و"كِلْتا" "كلا" و"كلتا": مفردان لفظا مثنيان معنى مضافان أبدا لفظا، ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالّة على اثنين، إمّا بالحقيقة والتنصيص، نحو: {كلتا الجنتين}، ونحو: {أحدهما أو كلاهما}، وإمّا بالحقيقة والاشتراك، نحو: "كلانا"، فإن "نا" مشتركة بين الاثنين والجماعة أو بالمجاز، كقوله:
(إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل)
فإن ذلك حقيقة في الواحد وأشير بها إلى المثنى على معنى و:"كلا": ما ذكر على حدها في قوله تعالى: {لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك} وقولنا كلمة واحدة احتراز من قوله:
(كلا أخي وخليلي واجدي عضدا ... )
فإنّه ضرورة نادرة، وأجاز ابن الأنباري إضافتها إلى المفرد بشرط تكريرها، نحو: "كلاي" و"كلاك" محسنان.
وأجاز الكوفيّون إضافتها إلى النكرة المختصة، نحو "كلا" رجلين عندك محسنان، فإن رجلين قد تخصصا بوصفهما بالظرف، وحكوا "كلتا" جاريتين عندك مقطوعة يدها، أي: تاركة للغزل، ويجوز مراعاة لفظ "كلا" و"كلتا" في الإفراد، نحو: {كلتا الجنتين آتت أكلها}، ومراعاة معناهما وهو قليل، وقد اجتمعا في قوله:
(كلاهما حين جد السّير بينهما ... قد اقلعا وكلا أنفيهما راب)
ومثل أبو حيّان لذلك يقول الأسود بن يعفر:
(إن المنية والحتوف كلاهما ... يوفي المنية يرقبان سوادي)
وليس بمتعين لجواز كون يرقبان خبرا عن المنية والحتوف، ويكون ما بينهما إمّا خبرا أول أو اعتراضا، ثمّ الصّواب في إنشاده "كلاهما" يوفي المخارم إذ لا يقال إن المنية توفّي نفسها.
وقد سئلت قديما عن قول القائل: زيد وعمرو "كلاهما" قائم، أو "كلاهما" قائمان أيهما الصّواب؟ فكتبت إن قدر "كلاهما" توكيدا قبل قائمان؛ لأنّه خبر عن زيد وعمرو وإن قدر مبتدأ، فالوجهان والمختار الإفراد، وعلى هذا فإذا قيل: إن زيدا وعمرا؛ فإن قيل "كليهما" قيل قائمان، أو "كلاهما" فالوجهان، ويتعيّن مراعاة اللّفظ في نحو: "كلاهما" محب لصاحبه؛ لأن معناه "كل" منهما، وقوله:
(كلانا غني عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشد تغانيًا) ).
[مغني اللبيب: 3 / 126 - 131]