هل يُستحبّ تكرار الآية وترديدها
حديث أبي ذر رضي الله عنه: {...فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): ( قال حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن قدامة البكري، أو قال العامري عن جسرة بنت دجاجة العامرية، قالت: حدثنا أبو ذر، قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم، وبها يركع، وبها يسجد.
فقال القوم لأبي ذر: أي آية هي ؟
فقال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}[المائدة: 118]). [فضائل القران: ](م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وعن أبي ذر قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد. فقال القوم: أية آية هي؟ فقال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}. ) [جمال القراء:1/96](م)
أثر تميم الداري رضي الله عنه: {...فلم يزل يرددها حتى أصبح}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): ( حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن أبي الضحى، عن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي, فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [الجاثية: 21], فلم يزل يرددها حتى أصبح). [فضائل القران: ](م)
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ): ( حدثنا يزيد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قال له رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري. ثم ذكر مثل ذلك أو نحوه. ).[فضائل القران: ](م)
أثر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: {...هذا مقام صاحبكم منذ الليلة يردد آية حتى أصبح}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ) : ( حدثنا معاذ، عن ابن عون قال: حدثني رجل، من أهل الكوفة أن عبد الله بن مسعود صلى ليلة قال: فذكروا ذلك، فقال بعضهم: هذا مقام صاحبكم منذ الليلة يردد آية حتى أصبح.
قال ابن عون: بلغني أن الآية: {رب زدني علما}).[فضائل القران: ](م)
أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {...يقرأ بفاتحة الكتاب لا يزيد عليها ويكبر ويسبح...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ) : (حدثنا مروان بن معاوية، عن عوف بن أبي جميلة، عن أبي المنهال سيار بن سلامة، أن عمر بن الخطاب، كرم الله وجهه، سقط عليه رجل من المهاجرين، وعمر يتهجد من الليل يقرأ بفاتحة الكتاب لا يزيد عليها ويكبر ويسبح, ثم يركع ويسجد، فلما أصبح ذكر ذلك لعمر، فقال له عمر: "لأمك الويل, أليست تلك صلاة الملائكة ؟").[فضائل القران:](م)
أثر عامر بن قيس: {...فلم يزل يرددها حتى أصبح}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) : (حدثني قدامة أبو محمد، عن امرأة، من أهل بيت عامر بن عبد قيس: أن عامرا، قرأ ليلة من سورة المؤمن، فلما انتهى إلى قوله تعالى:{وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}, قالت: فكظم حتى أصبح، أو قالت: فلم يزل يرددها حتى أصبح.).[فضائل القران: ](م)
أثر أسماء بنت أبي بكر: {...ثم رجعت وهي تكررها}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ) : (حدثت عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن عبد الوهاب بن يحيى بن حمزة، عن أبيه، عن جده، قال: افتتحت أسماء بنت أبي بكر سورة الطور، فلما انتهت إلى قوله تعالى:{فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}, ذهبت إلى السوق في حاجة، ثم رجعت وهي تكررها{ووقانا عذاب السموم}, قال:وهي في الصلاة). [فضائل القران: ](م)
أثر سعيد بن جبير: {...يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) : (حدثنا يزيد، عن الأصبغ بن زيد، قال: حدثنا القاسم بن أبي أيوب، قال: سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}[البقرة:281]).[فضائل القران](م)
أثر سعيد بن الجبير: {...فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) :(حدثنا أبو الأسود، عن ضمام بن إسماعيل، عن العلاء، قال: حدثني رجل قال: كنت بمكة فلما صليت العشاء إذا رجل أمامي قد أحرم في نافلة, فاستفتح: {إذا السماء انفطرت}, قال: فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر, فسألت عنه، فقيل لي: هو سعيد بن جبير). [فضائل القران: ](م)
أثر عن عبد الملك بن عمر رحمهما الله: {...فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك...}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عاصم بن أبي بكر، أن عبد العزيز بن مروان، قال: وفدت إلى سليمان بن عبد الملك، ومعنا عمر بن عبد العزيز، فنزلت على ابنه عبد الملك بن عمر، وهو عزب، فكنت معه في بيت، فصلينا العشاء، وأوى كل رجل منا إلى فراشه، ثم قام عبد الملك إلى المصباح فأطفأه، وأنا أنظر إليه، ثم قام يصلي حتى ذهب بي النوم، فاستيقظت، وإذا هو في هذه الآية: {أفرأيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} فبكى, ثم رجع إليها، فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك، حتى قلت: سيقتله البكاء، فلما رأيت ذلك قلت: لا إله إلا الله، والحمد لله، كالمستيقظ من النوم لأقطع ذلك عنه، فلما سمعني، سكت فلم أسمع له حسا). [فضائل القرآن: ](م)
حديث أبي المتوكل الناجي: {فقام ليلته بآية من القرآن يكررها على نفسه}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت: 227هـ) : (حدثنا ابن المبارك, عن إسماعيل بن مسلم العبدي, عن أبي المتوكل الناجي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ذات ليلة, فقام ليلته بآية من القرآن يكررها على نفسه). [سنن سعيد بن منصور: 478](م)
أثر زيد بن ثابت رضي الله عنه: {أردده وأقف عليه}
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (باب سيرة زيد بن ثابت رضي الله عنه
أخبرنا خلف بن إبراهيم قال أنا أحمد بن محمد قال أنا أبو عبيد قال أنا يزيد عن يحيى بن سعيد عن رجل حدثه عن أبيه: أنه سأل زيد بن ثابت عن قراءة القرآن في سبع، فقال: "حسن ولأن أقرأه في عشرين أو في النصف أحب إلي من أن أقرأه في سبع وسألني عن ذلك أردده وأقف عليه".
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد المعدل قال أنا إسحاق بن إبراهيم قال أنا محمد ابن عمر قال أنا يحيى بن إبراهيم قال أنا مطرف قال أنا عبد الرحمن بن خالد قال أنا زاهر بن أحمد قال أنا إبراهيم بن عبد الصمد قال أنا أحمد بن أبي بكر قالا أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن رجل عن أبيه عن زيد نحوه.). [البيان: 323-326](م)
كلام السخاوي
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( الكتاب التاسع منهاج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق
(... وقد "نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها فذكرت قراءة مفسرة حرفا حرفا".
وقالت أيضا:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته آية آية). وعنه صلى الله عليه وسلم: (أنه لم تكن قراءته بالخفية ولا بالرفيعة).
وعن علي رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم حسن الصوت مادا ليس له ترجيع".
وعن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرجع".
وأما قول عبد الله بن المغفل: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الفتح يرجع) فلم يرد ترجيع الغناء. كيف وقد نهى عن ذلك صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرءوا القرآن بألحان العرب، وإياكم وألحان أهل الفسق وأهل الكتابين، فإنه سيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم)).
ويجوز أن يكون الراوي أراد بقوله: (يرجع) أي يكرر الآية أو بعضها.
وكذلك قول أم هانئ بنت أبي طالب: (كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا نائمة على فراشي يرجع بالقرآن)...). [جمال القراء:2/525- 543](م)
كلام النووي
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): ([فصل]
في استحباب ترديد الآية للتدبر وقد قدمنا في الفصل قبله الحث على التدبر وبيان موقعه وتأثر السلف.
وروينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: (قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح والآية {إن تعذبهم فإنهم عبادك}). الآية رواه النسائي وابن ماجه.
وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
وعن عبادة بن حمزة قال: (دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}، فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو).
ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما}، وردد سعيد بن جبير: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، وردد أيضا: {فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم}، الآية، وردد أيضا: {ما غرك بربك الكريم}، وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}، رددها إلى السحر.). [التبيان في آداب حملة القرآن:83- 85](م)
كلام السيوطي
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الخامس والثلاثون
لا بأس بتكرير الآية وترديدها روى النسائي وغيره عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية يرددها حتى أصبح {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية. ).[الإتقان في علوم القرآن:2/657-727]