شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ) : (العفو: فعول من قولك: عفا يعفو عفوًا فهو عفو، فالله عز وجل هو عفو عن خلقه، غفور لهم.
قال الخليل بن أحمد: كل من استحق عقوبة فتركته ولم تعاقبه عليها فقد عفوت عنه عفوًا، والعفو أيضًا: المعروف، والعفو أيضًا: طيب المال، وعفو الفرس: ما أعطاك من جريه على غير استكراه، ويقال: «خذ عفو فلان»: أي ما أبت به نفسه ويقال: عفا المنزل: إذا درس، والمصدر العفاء ممدود، وعفت الريح المنزلة تعفوه عفوًا وعفاء ممدود، وتعفت الدار، وعفا الأثر، قال زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم = بل وغيرها الأرواح والديم
والعفو متعلق بالمفعول لا يكون العفو إلا عن مذنب موجود مستحق للعقوبة، ويجوز أن يكون على مذهب [أهل] اللغة العفو عن الذنب، إذهابه وإبطاله كما يقال: عفت الريح المنزل: أي محت معالمه ودرست آثاره. فالعافي عن الذنب كأنه مبطل له، مذهب، فإذا عفا عن الذنب فقد أبطله وذهب به فيكون اشتقاقه من هذا.
والعفاء بالمد: التراب، تقول العرب في السب: «بفيه العفاء». والعفاء أيضًا بالمد: الدروس كما ذكرنا، قال زهير يصف دارًا.
تحمل أهلها منها فبانوا = على آثار ما ذهب العفاء
والعافي: طالب المعروف، وهم المعتفون والعفاة في جمع التكثير مثل رام ورماة، وغاز وغزاة، وهذا جمع اختص به المعتل خاصة أعنى ما جمع على فعلة نحو غزاة، وعفاة وليس له نظير في الصحيح تقول: اعتفيت فلانًا: طلبت معروفه وفضله، والعافية من الطير والدواب: التي تطلب وتعتفي كأنها تطلب رزقها.
والعافية: دفاع الله عن العبد تقول: عافاه الله معافاة. والاستعفاء: أن تطلب إلى من كلفك أمرًا أن يعفيك منه.
والعفو – بكسر أوله -: ولد الحمار. يقال: عفو، وعفو، والجمع عفوة، وفيه لغة ثالثة لطيء، يقولون: هو العفا – بفتح أوله والقصر – قال الشاعر:
بضرب يزيل الهام عن سكناته = وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق
والعفا بالمد: ما كثر من الوبر والريش، ويقال: عفا القوم إذا كثروا، وعفوا إذا قلوا، وهو من الأضداد). [اشتقاق أسماء الله: 134-135]