شرح ابن القيم (ت:751هـ)[الشرح المطول]
قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( (البَصِيرُ):
( (( البَصِيرُ )) الذي لهُ البَصَرُ)([1])، (الذي لكمالِ بَصَرِهِ يَرَى تَفَاصِيلَ خَلْقِ الذرَّةِ الصغيرةِ، وَأَعْضَاءَهَا وَلَحْمَهَا وَدَمَهَا وَمُخَّهَا وَعُرُوقَها، وَيَرَى دَبِيبَهَا على الصخرةِ الصَّمَّاءِ في اللَّيْلَةِ الظلماءِ، وَيَرى ما تَحْتَ الأَرَضِينَ السبعِ كما يَرَى ما فوقَ السَّمَاواتِ السبعِ)([2]).
(قدْ أَحَاطَ سَمْعُهُ بجميعِ المسموعاتِ، وبَصَرُهُ بجميعِ المُبْصَرَاتِ، وَعِلْمُهُ بِجَمِيعِ المعلوماتِ، وقدرتُهُ بجميعِ المَقْدُورَاتِ، وَنَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ في جميعِ البَرِيَّاتِ، وَعَمَّتْ رَحْمَتُهُ جَمِيعَ المخلوقاتِ، وَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ الأرضَ والسَّمَاواتِ)([3]) ).[المرتبع الأسنى: ؟؟]
([1]) شِفَاءُ العَلِيلِ (2/128) .
([2]) طَرِيقُ الهِجرتَيَنِ (131) .
([3]) هدايةُ الحَيارَى (523 - 524) .
* مُلحَقٌ:
وقالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى في طريقِ الهجرتينِ (44): (وكذلك إذا شَهِدَ مَعْنَى اسمِه البصيرِ جَلَّ جَلالُهُ الذي يَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ على الصخرةِ الصماءِ في حِنْدِسِ الظَّلْمَاءِ. ويَرَى تفاصيلَ خَلْقِ الذَّرَّةِ الصغيرةِ ومُخَّها وعُروقَها ولَحْمَها وحَرَكَتَها، ويَرَى مَدَّ البعوضةِ جَناحَها في ظُلمَةِ الليلِ، وأَعْطَى هذا المَشهَدَ حَقَّهُ مِنَ العُبودِيَّةِ بحَرْسِ حَرَكاتِهَا وسَكَناتِهَا، وتَيَقَّنَ أَنَّها بمَرْأًى منه تَبارَكَ وتَعالَى ومُشاهدةٌ لا يَغِيبُ عنه منها شيءٌ).
وقال في الصواعقِ المُرسلَةِ (3/1083): (ويرى دَبِيبَ النملةِ السوداءِ على الصخرةِ الصَّمَّاءِ تحتَ أطباقِ الأرضِ في الليلةِ الظلماءِ).
- وقال أيضًا في القصيدةِ النونيةِ (210):
وَكَذَا بَصِيرٌ وَهْوُ ذُو بَصَرٍ وَيُبْـ = ـصِرُ كُلَّ مَرْئِيٍّ وَذِي الأَكْوَانِ
وقالَ في القصيدةِ نَفْسِها (64):
وكذاكَ قد شَهِدُوا بأنَّ اللهَ ذو = سَمْعٍ وذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ
وَهُوَ العَلِيُّ يَرَى ويَسْمَعُ خَلْقَهُ = مِنْ فَوْقِ عَرْشٍ فَوْقَ سِتِّ ثَمَانِ
فَيَرَى دَبِيبَ النَّمْلِ فِي غَسَقِ الدُّجَى = وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ
وقال أيضًا فيها كما في توضيحِ المقاصدِ (2/215):
وَهُوَ البَصِيرُ يَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّـ = ـوْدَاءِ تَحْتَ الصَّخْرِ والصَّوَّانِ
وَيَرَى مَجَارِي القُوتِ فِي أَعْضَائِهَا = وَيَرَى عُرُوقَ بَيَاضِهَا بِعِيَانِ
وَيَرَى خِيَانَاتِ العُيُونِ بِلَحْظِهَا = وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ
[فائدةٌ]: قال فضيلةُ الشيخِ مُحمدُ بنُ صالحٍ العُثَيْمِينُ حَفِظَهُ اللهُ= في هذا الموضِعِ مِن شَرْحِهِ لهذه القصيدةِ المُبارَكَةِ:
وهذه الأَبْيَاتُ أَخَذَهَا ابنُ القيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى من قولِ الشاعِرِ:
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ البَعُوضِ جَنَاحَهَا = فِي ظُلْمَةِ الليلِ البَهِيمِ الأَلْيَلِ
وَيَرَى نِياطَ عُرُوقِهَا فِي نَحْرِهَا = وَالْمُخَّ فِي تِلْكَ الْعِظَامِ النُّحَّلِ
امْنُنْ عَلَيَّ بِتَوْبَةٍ تَمْحُو بِهَا = مَا كَانَ مِنِّي فِي الزَّمَانِ الأوَّلِ