العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم الاعتقاد > جمهرة شرح أسماء الله الحسنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 6 شوال 1434هـ/12-08-2013م, 12:53 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي


شرح الحافظ ابن مَندَه (ت:395هـ)



ومن أسماء الله عزّ وجلّ: الصّمد والصّادق والصّاحب والصّبور
قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): (80 - ومن أسماء الله عزّ وجلّ: الصّمد والصّادق والصّاحب والصّبور.
عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أسماء الله :الصّادق والصّمد والصّبور، فاسمه الصّادق في سورة مريم وقال ابن عبّاسٍ: قوله {كهيعص} الصّاد: الصّادق.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:34 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

أدلّة هذا الاسم


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:34 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح ابن القيم (ت:751هـ)[الشرح المطول]



قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( (الصَّبُورُ):
(أمَّا الصبرُ فقدْ أَطْلَقَهُ عليهِ أَعْرَفُ الخلقِ بهِ وأعظمُهُم تَنْـزِيهاً لهُ بصيغةِ المبالغةِ، ففي الصحيحَيْنِ منْ حديثِ الأعمشِ: عنْ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عنْ أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيِّ، عنْ أبي مُوسَى، عن النبيِّ قالَ: ((مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَه مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَدَّعُونَ لَهُ وَلَداً وَهُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ)) ([1]).

وفي أسمائِهِ الحُسْنَى: (( الصَّبُورُ ))، وهوَ منْ أمثلةِ المبالغةِ، أَبْلَغُ من الصابرِ والصبَّارِ، وَصَبْرُهُ تَعَالَى يُفَارِقُ صبرَ المخلوقِ ولا يُمَاثِلُهُ منْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
منها: أنَّهُ على قدرةٍ تَامَّةٍ.
ومنها: أنَّهُ لا يَخَافُ الغَوْثَ، والعبدُ إِنَّمَا يَسْتَعْجِلُ لِخَوْفِ الغوثِ.
ومنها: أنَّهُ لا يَلْحَقُهُ بِصَبْرِهِ أَلَمٌ ولا حزنٌ ولا نقصٌ بوجهٍ ما.
وظهورُ أثرِ هذا الاسمِ في العالمِ مشهودٌ بالعِيانِ كظهورِ اسمِهِ الحليمِ. والفرقُ بينَ الصبرِ والحِلمِ أنَّ الصبرَ ثمرةُ الحلمِ ومُوجَبُهُ، فعلى قدرِ حِلْمِ العبدِ يكونُ صَبْرُهُ.

فالحِلْمُ في صفاتِ الربِّ تَعَالَى أَوْسَعُ من الصبرِ، ولهذا جاءَ اسمُهُ الحليمُ في القرآنِ في غيرِ موضعٍ، وَلِسَعَتِهِ يَقْرِنُهُ سبحانَهُ باسمِ العليمِ كقولِهِ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} [الأحزاب: 51]، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء: 12].

وفي أثرٍ: إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ: اثْنَانِ يَقُولانِ: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَكَ الْحَمْدُ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ)). وَاثْنَانِ يَقُولانِ: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَكَ الحَمْدُ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ)).

فإنَّ المخلوقَ يَحْلُمُ عنْ جهلٍ، وَيَعْفُو عنْ عَجْزٍ، والربُّ تَعَالَى يَحْلُمُ معَ كمالِ علمِهِ، وَيَعْفُو معَ تمامِ قُدرتِهِ، وما أُضِيفَ شيءٌ إلى شيءٍ أَزْيَنَ منْ حلمٍ إلى علمٍ، ومنْ عفوٍ إلى اقْتِدَارٍ، ولهذا كانَ في دُعَاءِ الكربِ وصفُهُ سبحانَهُ بالحلمِ معَ العظمةِ، وكونُهُ حَلِيماً منْ لَوَازِمِ ذاتِهِ سبحانَهُ.

وأمَّا صَبْرُهُ سبحانَهُ فَمُتَعَلِّقٌ بكُفْرِ العبادِ وشركِهِم، وَمَسَبَّتِهِم لهُ سبحانَهُ، وأنواعِ معاصِيهِم وَفُجُورِهِم، فلا يُزْعِجُهُ ذلكَ كلُّهُ إلى تعجيلِ العقوبةِ، بلْ يَصْبِرُ على عبدِهِ وَيُمْهِلُهُ وَيَسْتَصْلِحُهُ وَيَرْفُقُ بهِ وَيَحْلُمُ عليهِ، حتَّى إذا لمْ يَبْقَ فيهِ موضعٌ للصنيعةِ، ولا يَصْلُحُ على الإمهالِ والرفقِ والحِلْمِ ولا يُنِيبُ إلى رَبِّهِ وَيَدْخُلُ عليهِ، لا مِنْ بابِ الإحسانِ والنِّعَمِ، ولا منْ بابِ البلاءِ والنِّقَمِ، أَخَذَهُ أَخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ بعدَ غايَةِ الإعذارِ إليهِ وَبَذْلِ النصيحةِ لهُ ودُعَائِهِ إليهِ منْ كلِّ بابٍ، وهذا كُلُّهُ منْ مُوجباتِ صفةِ حِلْمِهِ، وهيَ صفةٌ ذاتيَّهٌ لهُ لا تَزُولُ.

وأمَّا الصبرُ فإذا زَالَ مُتَعَلَّقُهُ كَانَ كسائرِ الأفعالِ التي تُوجَدُ بوجودِ الحكمةِ وتَزُولُ بزوالِهَا، فتَأَمَّلْهُ؛ فَإِنَّهُ فَرْقٌ لطيفٌ ما عَثَرَت الحُذَّاقُ بعُشْرِهِ، وَقَلَّ مَنْ تَنَبَّهَ لهُ وَنَبَّهَ عليهِ.

وَأُشْكِلَ على كثيرٍ منهم هذا الاسمُ، وقالُوا: لمْ يَأْتِ في القرآنِ، فَأَعْرَضُوا عن الاشتغالِ بهِ صَفْحاً، ثُمَّ اشْتَغَلُوا بالكلامِ في صبرِ العبدِ وأقسامِهِ.

ولوْ أنَّهُم أَعْطَوْا هذا الاسمَ حَقَّهُ لَعَلِمُوا أنَّ الربَّ تَعَالَى أَحَقُّ بهِ منْ جميعِ الخلقِ، كما هوَ أحقُّ باسمِ العليمِ والرحيمِ والقديرِ والسميعِ والبصيرِ والحيِّ وسائرِ أسمائِهِ الحُسْنَى من المخلوقِينَ، وأنَّ التَّفَاوُتَ الذي بينَ صبرِهِ سبحانَهُ وصبرِهِم كالتفاوتِ الذي بينَ حياتِهِ وحياتِهِم، وعلمِهِ وعلمِهِم، وسمعِهِ وأسماعِهِم، وكذا سائرُ صفاتِهِ.

ولَمَّا عَلِمَ ذلكَ أَعْرَفُ خَلْقِهِ بهِ قالَ: ((لا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ)). فَعِلْمُ أربابِ البصائرِ بصبرِهِ سبحانَهُ كَعِلْمِهِم برحمتِهِ وعفوِهِ وسَترِهِ، معَ أنَّهُ صَبْرٌ مَعَ كمالِ علمٍ وقدرةٍ وعظمةٍ وعِزَّةٍ، وهوَ صَبْرٌ منْ أعظمِ مَصْبُورٍ عليهِ؛ فإنَّ مُقَابَلَةَ أعظمِ العظماءِ ومَلِكِ المُلُوكِ وأكرمِ الأكرمِينَ ومَنْ إحسانُهُ فوقَ كلِّ إحسانٍ بغايَةِ القبحِ وأعظمِ الفجورِ وأفحشِ الفواحشِ، ونسبتِهِ إلى كلِّ ما لا يَلِيقُ بهِ، والقدحِ في كمالِهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ، والإلحادِ في آياتِهِ وتكذيبِ رُسُلِهِ عليهم السلامُ، وَمُقَابَلَتِهِم بالسبِّ والشتمِ والأَذَى، وَتَحْرِيقِ أَوْلِيَائِهِ وَقَتْلِهِم وَإِهَانَتِهِم: أمرٌ لا يَصْبِرُ عليهِ إلاَّ (( الصبورُ )) الذي لا أَحَدَ أَصْبَرُ منهُ، ولا نِسْبَةَ لصبرِ جميعِ الخلقِ منْ أَوَّلِهِم إلى آخرِهِم إلى صبرِهِ سبحانَهُ ([2]).

وإذا أَرَدْتَ معرفةَ صَبْرِ الربِّ تَعَالَى وَحِلْمِهِ والفرقِ بَيْنَهُمَا فتَأَمَّلْ قولَهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)} [فاطر: 41]. وقولَهُ: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)} [مريم: 88 –91].
وقولَهُ: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)} [إبراهيم: 46]، على قراءةِ مَنْ فَتَحَ اللامَ.

فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أنَّ حِلْمَهُ وَمَغْفِرَتَهُ يَمْنَعَانِ زوالَ السَّمَاواتِ والأرضِ، فالحِلمُ وَإِمْسَاكُهُمَا أنْ تَزُولا هوَ الصبرُ، فَبِحِلْمِهِ صَبَرَ عنْ مُعاجلةِ أعدائِهِ.

وفي الآيَةِ إشعارٌ بأنَّ السَّمَاواتِ والأرضَ تَهِمُّ وَتَسْتَأْذِنُ بالزوالِ لِعِظَمِ ما يَأْتِي بهِ العِبَادُ، فَيُمْسِكُهَا بِحِلْمِهِ ومغفرتِهِ، وذلكَ حبسُ عُقُوبَتِهِ عنهم، وهوَ حقيقةُ صبرِهِ تَعَالَى.
فالذي عنهُ الإمساكُ هوَ صفةُ الحلمِ، والإمساكُ هوَ الصبرُ، وهوَ حبسُ العقوبةِ، ففَرْقٌ بينَ حَبْسِ العقوبةِ وبينَ ما صَدَرَ عنهُ حَبْسُهَا. فتَأَمَّلْهُ.
وفي مُسندِ الإمامِ أحمدَ مرفوعاً: ((مَا مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ وَالبَحْرُ يَسْتَأْذِنُ رَبَّهُ أَنْ يُغْرِقَ بَنِي آدَمَ))([3]). وهذا مُقْتَضَى الطبيعةِ؛ لأنَّ كَرَّةَ الماءِ تَعْلُو كرَّةَ الترابِ بالطبعِ، ولكنَّ اللهَ يُمْسِكُهُ بقُدْرَتِهِ وحلمِهِ وصبرِهِ.

وكذلكَ خُرُورُ الجبالِ وَتَفْطِيرُ السَّمَاواتِ، الربُّ تَعَالَى يَحْبِسُهَا عنْ ذلكَ بصبرِهِ وحلمِهِ، فإنَّ ما يَأْتِي بهِ الكفَّارُ والمشركونَ والفجَّارُ في مقابلةِ العظمةِ والجلالِ والإكرامِ يَقْتَضِي ذلكَ.
فَجَعَلَ سبحانَهُ في مقابلةِ هذهِ الأسبابِ أَسْبَاباً يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا وَيَفْرَحُ بها أكملَ فَرَحٍ وَأَتَمَّهُ، تُقَابِلُ تلكَ الأسبابَ التي هيَ سَبَبُ زَوَالِ العالمِ وخرابِهِ، فَدَفَعَتْ تلكَ الأسبابَ وَقَاوَمَتْهَا.
وكانَ هذا منْ آثارِ مُدافعةِ رحمتِهِ لغضبِهِ وغَلَبَتِهَا لهُ وَسَبْقِهَا إيَّاهُ، فَغَلَبَ أثرُ الرحمةِ أثرَ الغضبِ كما غَلَبَت الرحمةُ الغضبَ، ولهذا اسْتَعَاذَ النبيُّ بصفةِ الرِّضَا منْ صفةِ السَّخَطِ، وبفعلِ المعافاةِ منْ فعلِ العقوبةِ، ثُمَّ جَمَعَ الأمرَيْنِ في الذاتِ إِذْ هُمَا قَائِمَانِ بها، فقالَ: ((أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ)) ([4]).

فإنَّ ما يُسْتَعَاذُ بهِ هوَ صَادِرٌ عنْ مَشِيئَتِهِ وَخَلْقِهِ بإذنِهِ وقضائِهِ، فهوَ الذي أَذِنَ في وقوعِ الأسبابِ التي يُسْتَعَاذُ منها خَلْقاً وَكَوْناً، فمنهُ السَّبَبُ والمُسَبَّبُ، وهوَ الذي حَرَّكَ الأنفسَ والأبدانَ وَأَعْطَاهَا قُوَى التأثيرِ، وهوَ الذي أَوْجَدَهَا وَأَعَدَّهَا وَأَمَدَّهَا وَسَلَّطَهَا على ما شاءَ، وهوَ الذي يُمْسِكُهَا إذا شاءَ وَيَحُولُ بينَهَا وبينَ قُوَاهَا وَتَأْثِيرِهَا.

فتَأَمَّلْ ما تحتَ قولِهِ: ((أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ)) مِنْ مَحْضِ التوحيدِ وقَطْعِ الالتفاتِ إلى غيرِهِ، وَتَكْمِيلِ التَّوَكُّلِ عليهِ تَعَالَى والاستعانةِ بهِ وحدَهُ، وَإِفْرَادِهِ بالخوفِ والرجاءِ ودَفْعِ الضرِّ وجلبِ الخيرِ، وهوَ الذي يَمَسُّ بالضرِّ بمشيئتِهِ، وهوَ الذي يَدْفَعُهُ بِمَشِيئَتِهِ، وهوَ المستعاذُ بمشيئتِهِ منْ مشيئتِهِ، وهوَ المُعِيذُ منْ فعلِهِ بفعلِهِ، وهوَ الذي سُبْحَانَهُ خَلَقَ ما يَصْبِرُ عليهِ وما يَرْضَى بهِ، فإذا أَغْضَبَهُ مَعَاصِي الخلقِ بِكُفْرِهِم وَشِرْكِهِم وَظُلْمِهِم أَرْضَاهُ تَسْبِيحُ ملائكتِهِ وعبادِهِ المؤمنينَ لهُ وَحَمْدُهُم إيَّاهُ، وَطَاعَتُهُم لهُ، فَيُعِيذُ رِضَاهُ منْ غضبِهِ.

قالَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ليسَ عندَ رَبِّكُم ليلٌ ولا نهارٌ، نورُ السَّمَاواتِ والأرضِ منْ نُورِ وجهِهِ، وإنَّ مِقْدَارَ يَوْمٍ منْ أيَّامِكُم عندَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، فَتُعْرَضُ عليهِ أعمالُكُم بالأمسِ أوَّلَ النهارِ الْيَوْمَ، فَيَنْظُرُ فيها ثلاثَ ساعاتٍ فَيَطَّلِعُ منها على ما يَكْرَهُ فَيُغْضِبُهُ ذلكَ، فَأَوَّلُ ما يَعْلَمُ بِغَضَبِهِ حَمَلَةُ العرشِ يَجِدُونَهُ يَثْقُلُ عليهم، تُسَبِّحُهُ حملةُ العرشِ وَسُرَادقَاتُ العرشِ والملائكةُ المُقَرَّبُونَ وسائرُ الملائكةِ، حتَّى يَنْفُخَ جبريلُ في القَرْنِ فلا يَبْقَى شيءٌ إلاَّ يَسْمَعُ، فَيُسَبِّحُونَ الرحمنَ ثلاثَ ساعاتٍ حتَّى يَمْتَلِئَ الرحمنُ رحمةً، فتلكَ سِتُّ سَاعَاتٍ، قالَ: ثُمَّ يُؤْتَى بالأرحامِ فَيَنْظُرُ فيها ثلاثَ ساعاتٍ، فذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمرانَ: 6]، و {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 49 – 50]. فتلكَ تِسْعُ ساعاتٍ، ثُمَّ يُؤْتَى بالأرزاقِ، فَيَنْظُرُ فيها ثلاثَ ساعاتٍ، فذلكَ قولـُهُ: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26]، وقولُهُ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)} [الرحمن: 29]. قالَ: هذا شَأْنُكُمْ وَشَأْنُ رَبِّكُمْ ".
رَوَاهُ أبو القاسمِ الطَّبَرَانِيُّ في السُّنَّةِ، وعثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ، وشيخُ الإسلامِ الأنصاريُّ، وابنُ مَنْدَهْ، وابنُ خُزَيْمَةَ وغيرُهُم.

وَلَمَّا ذَكَرَ سبحانَهُ في سورةِ الأنعامِ أعداءَهُ وكُفْرَهُم وشِرْكَهُم وَتَكْذِيبَ رُسُلِهِ ذَكَرَ في أثرِ ذلكَ شأنَ خليلِهِ إبراهيمَ، وما أَرَاهُ منْ مَلَكُوتِ السَّمَاواتِ والأرضِ، وما حَاجَّ بهِ قومَهُ في إظهارِ دينِ اللهِ وتوحيدِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الأنبياءَ منْ ذُرِّيَّتِهِ، وأنَّهُ هَدَاهُم وآتَاهُم الكتابَ والحُكْمَ والنُّبُوَّةَ، ثُمَّ قالَ: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)} [الأنعام: 89]. فَأَخْبَرَ أنَّهُ سبحانَهُ كما جَعَلَ في الأرضِ مَنْ يَكْفُرُ بهِ وَيَجْحَدُ تَوْحِيدَهُ وَيُكَذِّبُ رُسُلَهُ كذلكَ جَعَلَ فيها منْ عبادِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بما كَفَرَ بهِ أولئكَ وَيُصَدِّقُ بما كَذَّبُوا بهِ، وَيَحْفَظُ منْ حُرُماتِهِ ما أَضَاعُوهُ.

وبهذا تَمَاسَكَ العالَمُ العلويُّ والسفليُّ، وإلاَّ فَلَو اتَّبَعَ الحقُّ أهواءَ أعدائِهِ لَفَسَدَت السَّمَاواتُ والأرضُ ومَنْ فيهِنَّ وَلَخَرِبَ العالمُ، ولهذا جَعَلَ سبحانَهُ منْ أسبابِ خرابِ العالمِ رَفْعَ الأسبابِ المُمْسِكَةِ لهُ من الأرضِ، وهِيَ كلامُهُ وَبَيْتُهُ ودِينُهُ والقائمونَ بهِ، فلا يَبْقَى لتلكَ الأسبابِ المقتضيَةِ لخرابِ العالمِ أسبابٌ تُقَاوِمُهَا وَتُمَانِعُهَا.

وَلَمَّا كانَ اسمُ الحليمِ أَدْخَلَ في الأوصافِ، واسمُ الصبورِ في الأفعالِ، كانَ الحِلْمُ أَصْلَ الصبرِ؛ فَوَقَعَ الاستغناءُ بِذِكْرِهِ في القرآنِ عن اسمِ " الصبورِ " ، واللهُ أَعْلَمُ) ([5])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


(1) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 176.
(2) وقال -رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى- في عُدَّةِ الصابرينَ (56): (والربُّ تَعالَى هو الصبورُ)، بل لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أذًى سَمِعَهُ منه).
وقال أيضًا في القصيدةِ النونيةِ (244):
وَهُوَ الصَّبُورُ عَلَى أَذَى أَعْدَائِهِ = شَتَمُوهُ بَلْ نَسَبُوهُ لِلْبُهْتَانِ
قَالُوا: لَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ يُعِيدُنَا = شَتْمًا وَتَكْذِيبًا مِنَ الإنسانِ
هَذَا وَذَاكَ بِسَمْعِهِ وَبِعْلِمِهِ = لَوْ شَاءَ عَاجَلَهُمْ بِكُلِّ هَوَانِ
لَكِنْ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ وَهُمْ = يُؤْذُونَهُ بِالشِّرْكِ وَالْكُفْرَانِ)
(3) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (305) من حديثِ عُمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه.
(4) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 117.
(5) عُدَّةُ الصابرينَ ( 305-309).
وقال في شفاءِ العليلِ (1/272): (وهو صابرٌ يحبُّ الصابرينَ).
وقال في عُدَّةُ الصابرينَ (56): (صَبُورٌ يُحِبُّ الصابرينَ).


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:35 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح ابن القيم(ت:751ه)[الشرح المختصر]



قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (الصَّبُورُ:
(وفي أَسْمَائِهِ الحُسْنَى: " الصَّبُورُ " وهوَ مِنْ أَمْثِلَةِ المُبالَغَةِ، أَبْلَغُ مِن الصَّابِرِ والصَّبَّارِ، وصَبْرُهُ تعالى يُفَارِقُ صَبْرَ المَخْلُوقِ ولا يُمَاثِلُهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
- منها: أَنَّهُ على قُدْرَةٍ تَامَّةٍ.
- ومنها: أَنَّهُ لا يَخَافُ الغَوْثَ، والعَبْدُ إِنَّما يَسْتَعْجِلُ الخَوْفَ بالغَوْثِ.
- ومنها: أَنَّهُ لا يَلْحَقُهُ بصَبْرِهِ أَلَمٌ ولا حُزْنٌ ولا نَقْصٌ بوَجْهٍ ما.
وظُهُورُ أَثَرِ هذا الاسْمِ في العَالَمِ مَشْهُودٌ بالعِيانِ كظُهُورِ اسْمِهِ الحَلِيمِ. والفَرْقُ بَيْنَ الصَّبْرِ والحِلْمِ أَنَّ الصَّبْرَ ثَمَرَةُ الحِلْمِ ومُوجَبُهُ …
[فهو] " الصَّبُورُ " الذي لا أَحَدَ أَصْبَرُ منهُ، ولا نِسْبَةَ لصَبْرِ جَمِيعِ الخَلْقِ مِنْ أَوَّلِهِم إلى آخِرِهِم إلى صَبْرِهِ سُبحانَهُ) ([162]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


([162]) عُدَّةُ الصابرينَ (305 – 309).


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:35 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي إسحاق الزجاج (ت: 311هـ)



قالَ أبو إسحاق إِبراهيمُ بنُ السَّرِيِّ الزجَّاجُ (ت:311هـ): (الصبور فعول في معنى فاعل وأصل الصبر في الكلام الحبس يقال صبرته على كذا صبرا إذا حبسته ومعنى الصبر والصبور في اسم الله تعالى قريب من معنى الحليم.
آخر كتاب تفسير الأسامي والحمد لله وصلواته على نبيه محمد وآله وسلم تسليما).[تفسير أسماء الله الحسنى: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:37 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي سليمان الخطابي (ت:388هـ)



قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (100- الصبور: هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام منهم بل يؤخر ذلك إلى أجل مسمى ويمهلهم لوقت معلوم. فمعنى الصبور في صفة الله سبحانه قريب من معنى الحليم إلا أن الفرق بين الأمرين: أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور، كما يسلمون منها في صفة الحليم، والله أعلم [بالصواب] ).[شأن الدعاء: 97-98]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة