التعريف بما يُروى عن عطاء الخراساني (ت:135هـ) في التفسير
أبو عثمان عطاء بن أبي مسلم البلخي الخراساني(ت:135هـ)
وهو عطاء بن عبد الله، ويقال: عطاء بن ميسرة، أصله من بلخ، ولد سنة خمسين للهجرة، وكان رجلاً صالحاً؛ معروفاً بكثرة العبادة، ونشر العلم والتذكير؛ شارك في الجهاد في الثغور، وسكن الشام في آخر حياته، وكان ربما أحيا أكثر الليل، وذكّر ووعظ بعد صلاة الصبح، وهو في العسكر.
وكان فيما يذكر عنه إذا لم يجد أحداً يحدّثه يذهب إلى المساكين فيجالسهم، ويحدّثهم.
وكان يقول: ما من عمل أرجى عندي في نفسي من نشر العلم.
توفّي بأريحا سنة 135هـ.
وهو رجل صالح في نفسه، لكن تُكُلّم فيه من جهة ضعف ضبطه وكثرة أخطائه وإرساله.
قال البخاري: (عامّة أحاديثه مقلوبة).
وقال ابن حبان: (كان رديء الحفظ يخطئ ولا يعلم؛ فبطل الاحتجاج به).
وكان يرسل كثيراً عن ابن عباس، وهو لم يسمع منه، وإنما هي كتب أصابها فروى عنه ما وجده فيها، وقد علمنا أن الطرق إلى ابن عباس في التفسير كثيرة، ومنها الصحيح والضعيف؛ فلا يُقبل إرسال المرسل حتى تُعرف الواسطة.
قال أحمد بن حنبل: (عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس شيئاً، وقد رأى عطاء ابن عمر ولم يسمع منه شيئا).
وقال أبو زرعة: (لم يسمع من أنس).
ويروي عن عطاء في التفسير: ابنه عثمان بن عطاء، وابن جريج، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد الأيلي، سعيد بن عبد العزيز، ويزيد بن زريع، وشعيب بن زريق، وغيرهم.
لكن عثمان بن عطاء ضعيف الحديث؛ ضعّفه يحيى بن معين والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: (يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به).
وأما ابن جريج فهو ثقة لكن روايته عن عطاء منقطعة؛ لم يسمع منه التفسير.
أصناف ما يروى عن عطاء الخراساني في التفسير:
وما يُروى عن عطاء الخراساني في التفسير على أربعة أصناف:
الصنف الأول: ما يرسله عن الصحابة كابن عباس وغيره؛ فهذا الصنف يُحكم بانقطاعه، ويعتبر في التفسير؛ فإن كان فيه نكارة أو مخالفة رُدَّ.
والصنف الثاني: ما يرويه عمّن سمع منهم من التابعين كسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة مولى ابن عباس، وعاصم بن ضمرة؛ فهذه المرويات أحسن حالاً من مرسلاته، وفيها ضعف لما عرف عن عطاء من ضعف الضبط وكثرة الخطأ في الرواية من غير تعمّد.
والصنف الثالث: ما يرسله من الإسرائيليات، وقد روى جملة منها من غير إسناد، ورأيت له رواية أرسلها عن عبد الله بن سلام، لم يسمّ الواسطة بينهما، وقد علمنا أن رواة الإسرائيليات عمّن قروا كتب أهل الكتاب منهم ثقات وضعفاء، بل منهم متّهمون بالكذب، ولذلك فما يرويه عطاء من الإسرائيليات لا يُؤمن أن يكون من طريق بعض المتروكين، فتُعتبر من جهة المتن، فما كان فيها من نكارة رُدّ.
والصنف الرابع: أقواله في التفسير، فهذه حكمها حكم أقوال المفسّرين، يكون فيها الصواب والخطأ، وهذا الصنف أجود ما يُروى عن عطاء، وعامّة روايات يونس بن يزيد عنه من أقواله لا من مروياته.
الطرق إلى تفسير عطاء الخراساني:
وقد أخرج أصحاب التفسير المسندة كابن وهب وعبد الرزاق وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم كثيراً من مرويات عطاء الخراساني وأقواله من طرق متعددة، لكن اشتهر منها ثلاثة طرق:
الطريق الأول: طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، وقد أكثر ابن جرير الطبري من الرواية من هذا الطريق في تفسيره، ويرويه من طريق سُنيد صاحب التفسير عن حجاج به.
والطريق الثاني: طريق رشدين بن سعد المهري عن يونس بن يزيد الأيلي عن عطاء الخراساني، وعامّته من أقوال عطاء لا من مروياته، وهو جزء صغير غير مرتب على السور، فيه نحو مائة وثمانين أثراً، يرويه أبو جعفر الترمذي الرملي (ت:295هـ) عن يوسف بن عدي عن رشدين به.
وقد أخرج ابن المنذر في تفسيره من هذا الطريق.
وفي إسناده رشدين بن سعد؛ صالح في ديانته مضعَّف في روايته، قال عنه الإمام أحمد: لا بأس به في أحاديث الرقاق، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: يحدّث بالمناكير عن الثقات.
وعامّة ما تضمَّنه هذا الجزء تفسير المفردات وتعيين المبهم وتسمية المضمر، وقد طبع هذا الجزء بتحقيق حكمت بشير ياسين، ونشرته مكتبة الدار بالمدينة النبوية.
والطريق الثالث: طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، وهذا الطريق آفته عثمان بن عطاء، وقد أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره جملة من أقوال عطاء من هذا الطريق.
وقد جُمعت مرويات عطاء الخراساني وأقواله في التفسير في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى.