العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة التفاسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ربيع الأول 1437هـ/19-12-2015م, 06:49 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التعريف بتفسير الضحاك بن مزاحم الهلالي (ت: 105هـ) ورواياته

التعريف بتفسير الضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي (ت: 105هـ)
ورواياته

هو أبو القاسم وقيل أبو محمد، الضحاك بن مزاحم الهلالي من بني هلال بن عامر بن صعصعة، كان أهله ممن نفروا للغزو في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وولِدَ ببَلْخ وهي من مدن خراسان في أواخر خلافة عمر أو أوائل خلافة عثمان؛ فهو قريب السنّ من الحسن البصري وطبقته.
يرسل عن أبي هريرة وابن عباس والنزّال بن سبرة الهلالي رضي الله عنهم، ولم يُعرف عنه أنّه صرّح بالسماع عن أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك عدّه بعضهم من طبقة تابعي التابعين.
قال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار": (ومن مشاهير أتباع التابعين بخراسان الذين سكنوها من الثقات والأثبات في الروايات: الضحاك بن مزاحم الهلالي).
وقال في "الثقات": (لقيَ جماعة من التابعين ولم يشافه أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن زعم أنه لقى بن عباس فقد وهم).
وعدّه الذهبي في الطبقة الثانية من أئمة التابعين من طبقة الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي.
وقال ابن الجزري: تابعي.

ولا يبعد أن يكون رأى أحداً من الصحابة رضي الله عنهم، ولا سيّما من كان منهم من قرابته، ومن غزا في خراسان، وكان فيها عدد كبير من الصحابة رضي الله عنهم، وكان الضحاك معروفاً بكثرة الغزو.

- وقد قال محمد بن المثنى: حدثنا الهيثم بن عبيد الصيرفي عن أبيه عن الحسن البصري قال: (لقد غزونا غزوة إلى خراسان معنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فكان الرجل منهم يصلي بنا، فيقرأ بالآيات من السورة ثم يركع). رواه ابن حزم في المحلّى.

فإذا كان هؤلاء في غزوة واحدة، وهم الذين يصلون بالناس، فيبعد أن لا يكون الضحاك قد لقي أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تعرف له رواية صحيحة عنهم يصرّح فيها بالسماع.

- قال ابن حبان في ترجمته في "مشاهير علماء الأمصار": (مولده ببلخ، وكان يقيم بمرو مدة، وببلخ زمانا، وربما أقام ببخارى وبسمرقند حينا).
- وقال البخاري: (كان بسمرقند وببلخ، وقال علي عن ابن عيينة: كان يكون بالكوفة).
وقال عبد الملك بن ميسرة: (
لقي سعيدَ بنَ جبير بالريّ؛ فأخذ عنه التفسير)
قال ابن عدي: (يكنى أبا القاسم، ويقال: أبو محمد، وأبو القاسم أصحّ).
وذكر البخاري له في التاريخ الكبير ثلاث كنى: أبو القاسم، وأبو محمد، وأبو الحكم، وقدّم الأولى.

شيء من أخبار الضحّاك:
قال المسيَّب بن واضحٍ: حدَّثنا ابنُ المبارَكِ عن الحسَن بنِ يحيى عن الضحَّاك (أنَّ أمَّه حملته سنتين). رواه ابن عدي في الكامل.
وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا جويبر عن الضحاك قال: ( ((ولدتني أمّي في سنتين)) يعني: حملَه سنتين). رواه ابن سعد في الطبقات.
قال سفيان بن عيينة: (حدَّثنى خالي وكان أكبر من الضحاك: رأيت أم الضحاك تختلف إلينا وهم ثلاثة: مسلم والضحاك وسلم). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وقوله: ( وسلم) تصحيف، وصوابه محمّد، ومحمّد هذا هو مولى سفيان بن عيينة.
قال ابن حبان: (هم إخوة ثلاثة: مسلم ومحمد والضحاك؛ فأما الضحاك فإنَّ أمَّه كانت حاملاً به سنتين، ووُلِدَ وله سنان اثنتان).
قال الذهبي: (ورد أنه كان فقيه مكتب فيه ثلاثة آلاف صبي، وكان يركب حمارا ويدور عليهم، وله يد طولى في التفسير والقصص).

وقال إسماعيل بن أبي خالد: (رأيت الضحاك يعلّم الصبيان).
وَقَال مالك بن سَعِيد البلخي: (كنا عند الضحاك، ثلاثة آلاف غلام، وكان له حمار، فإذا أعيا ركبه، ودار في الكتاب).
وقال سفيان الثوري: (كان الضحاك يُعلِّم ولا يأخذ أجرا).
وقال ابن حبان: (كان معلم كتاب يعلم الصبيان فلا يأخذ منهم شيئا إنما يحتسب في تعليمهم).
وكان موصوفاً بالخشوع والورع، وإنكار المحدثات والبدع، وكان هجّيراه "لا حول ولا قوّة إلا بالله".
قال قيس بن سليم العنبري: (كان الضحاك بن مزاحم، إذا أمسى بكى، فيقال له: ما يبكيك؟
قال: لا أدري ما صعد اليوم من عملي). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
قال قرة بن خالد: (كانت هجيري الضحاك إذا سكت: لا حول لا قوة إلا بالله). رواه ابن عدي.
قال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة: (سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك). رواه ابن عدي.
وقال ابن حبان: (كان ممن عنى بعلم القرآن عناية شديدة مع لزوم الورع).
قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: سمعت أبا بكر بن عياش عن الأجلح قال: قال لي الضحاك بن مزاحم: (اعمل قبل أن لا تستطيع أن تعمل).
قال الأجلح: ويكون هذا؟
قال: (فأنا أريد أن أعمل اليوم فما أستطيع).
قال البخاري في التاريخ الكبير: قال لنا عمرو بن خالد، عن زهير، عن بشير أبي إسماعيل، عن الضحاك قال: (كنت ابن ثمانين جلداً غزَّاء).
اختلف في سنة وفاته على أقوال ذكرها البخاري وغيره:
فقال حسين بن الوليد: مات سنة اثنتين ومائة.
وقال أبو نعيم: مات سنة خمس ومائة.

رواية الضحّاك عن ابن عبّاس:

روى شعبة عن مشاش السلمي أنه قال: سألت الضحاك: لقيت ابن عباس؟ قال: (لا). رواه ابن سعد وابن جرير وغيرهما.
وقال عبد الملك بن ميسرة: (الضحاك لم يلق ابن عباس إنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير). رواه ابن جرير وغيره.

وكونه أخذ التفسير عن سعيد بن جبير لا يقتضي أن ما أخذه عن سعيد مقصور على تفسير ابن عباس؛ فسعيد يروي عن ابن عباس وغيره، بل يروي عن نوف البكالي وغيره ممن قرأ كتب أهل الكتاب.
ولا يقتضي أنه لم يأخذ عن غيره في التفسير، بل قد صرّح بتعدد مصادره عن ابن عباس.
قال عبد الملك بن ميسرة: قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟
قال: لا.
قلت: فهذا الذي ترويه عمن أخذته؟
قال: عنك، وعن ذا، وعن ذا). رواه أبو زرعة ويعقوب الفسوي.
وعبد الملك بن ميسرة الذي يروي عنه الضحاك لم يلق ابن عباس، وإنما يروي تفسيره عن سعيد بن جبير وعن مجاهد، ويروي عن علي بواسطة النزال بن سبرة، ويروي عن ابن مسعود بواسطة أبي الأحوص.
وشيوخ عبد الملك هؤلاء يروي عنهم الضحاك في تفسيره.
وقال ابن حبان: (لم يسمع من ابن عباس ولا من أحد من الصحابة شيئا ورواية أبى إسحاق السبيعي عن الضحاك قال: "قلت لابن عباس" وَهْمٌ وَهِمَ فيه شريك، كيف يقول لابن عباس ولم يره، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري؛ فأخذ عنه التفسير).
وقال سالم الأفطس: حدثني رزين الجرجاني، قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: {والمحصنات من النساء} قال: لا علم لي بها، فسألت الضحاك وذكرت له قول سعيد؛ فقال: أشهد لسمعته يسأل ابن عباس عنها؛ فقال ابن عباس: (نزلت يوم خيبر لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصاب المسلمون نساء من نساء أهل الكتاب لهنَّ ازواج، وكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت: إنَّ لي زوجاً فسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فأنزلت هذه الآية: {والمحصنات من النساء ...}الآية يعني: والسبي من المشركين يصاب لا بأس بذلك).
قال رزين: فذكرت ذلك لسعيد؛ فقال: (صدق الضحاك). رواه الطبراني في المعجم الأوسط، والمطرّز في فوائده، وأبو القاسم الجرجاني في تاريخ جرجان.
ورزين الجرجاني مجهول الحال، قال الهيثمي: لم أعرفه، وذكره أبو القاسم الجرجاني في "تاريخ جرجان" ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وهذا الخبر لا يقوى على معارضة ما صحّ عن الضحاك بإسناد صحيح فيه التصريح بأنّه لم يسمع من ابن عباس شيئاً، مع اجتماع أقوال الأئمة النقاد على أنّه لم يسمع منه شيئاً، على أنّ هذا الخبر يُحتمل فيه أنه إنما أراد الشهادة بأنّه سمع سعيد بن جبير يخبره بأنه سأل ابن عباس، وربما أخطأ الراوي في أداء الرواية.
قال الذهبي: (وأما أبو جناب الكلبي فروى عن الضحاك، قال: جاورت ابن عباس سبع سنين).
ثم قال: (أبو جناب ليس بقوي، والاول أصح).

والمقصود أن الطرق بين الضحاك وابن عباس متعددة، وهو لا يذكرها غالباً، ولذلك لا يميز صحيحها من ضعيفها من جهة الرواية، لكنها تحمل عن الضحاك من باب التفسير، فإن عضدتها روايات أخرى معتبرة عن ابن عباس، وسلم الخبر من النكارة، تقوّى الإسناد بالمتابعة وحكم بصحّته.

أقوال الأئمّة النقّاد في الضحاك
قال أحمد بن حنبل: ثقة مأمون.
وقال يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو زرعة الرازي: (كوفى ثقة، ولم يسمع من ابن عباس).
وقال العجلي: (ثقة).
وقال الدارقطني: (ثقة).
وقال
يحيى بن سعيد القطان: كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.
وقال أيضاً: (كان شعبة لا يحدث عن الضحاك بن مزاحم). رواهما ابن عديّ.
قال ابن عدي: (الضحاك بن مزاحم عرف بالتفسير؛ فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر، وإنما اشتهر بالتفسير).
وقال الذهبي: (كان من أوعية العلم، وليس بالمجود لحديثه، وهو صدوق في نفسه).

تفسير الضحّاك:

للضحاك أقوال كثيرة جداً في كتب التفسير المسندة، وبلغ الرواة عنه نحو عشرين راوياً، والطرق قريب من مائة طريق.
وله مرويات يرويها عن ابن عباس وابن مسعود والنزال بن سبرة وغيرهم.
وما يروى عنه من أقواله في التفسير أكثر، و
قد عرفنا أنه كان يرسل كثيراً عن ابن عباس في التفسير ، وهو لم يسمع منه، وإنما يأخذ عن أناس عن ابن عباس؛ ويكون منهم الثقة وغيره، فلا يميّز؛ ولا يذكر الواسطة حتى يعرف، وقد يكون في بعض المرويات علل لا يتنبّه لها.
ولذلك كان ما يرويه عن ابن عباس وغيره من الصحابة منقطعاً لا يحكم بصحته، لكن يستفيد منه في التفسير مَن يعرف الصواب من الخطأ، ويعرف علل المرويات، وقد تعتبر بعض تلك الروايات.
وأمّا أقوال الضحاك في التفسير ففيها أقوال حسنة أصاب في تفسيرها، ويفسّر بالمثال كثيراً، وفي بعض ما يُروى من أقواله في التفسير ما ينكر، ويقع في يُروى عنه أخبار إسرائيلية.

الرواة عن الضحاك بن مزاحم
يروي عن الضحاك في التفسير جماعة منهم الثقات والضعفاء ومنهم من لم يلقه، واشتهرت عنه نسخة متفرقة في التفسير بأسانيد مختلفة.
وأشهر الرواة عنه في التفسير:
1. أبو روق عطية بن الحارث الهمداني وهو ثقة، لكن
أكثر من يروي عنه بشر بن عمارة الخثعمي؛ وقد ضعّفه جماعة النقّاد، وقال أبو حاتم: (ليس بالقوّي في الحديث)، وقال البخاري: (تعرف وتنكر).
2. الزبير بن عدي الهمداني قاضي الري، وهو ثقة ثبت، ويروي عنه: سفيان الثوري وهو ثقة إمام، وبشر بن حسين الأصبهاني وهو متروك الحديث، ولبشر عن الزبير نسخة فيها بواطيل، بل حكم عليها الدارقطني بالوضع، وقد تجنب الأئمة الرواية عنه، وأخرج الثعلبي في تفسيره خبراً واحداً عنه.
3. أبو فراس سلمة بن نبيط بن شريط الأشجعي، وهو ثقة أبوه صحابي، ويروي عن سلمة: سفيان الثوري، ووكيع، وأبو نعيم، وخلف بن خليفة الأشجعي، وجماعة.
والمرويات عن الضحاك من طريق سلمة بن نبيط كثيرة في كتب التفسير المسندة.
4
.
علي بن الحكم البناني، وهو ثقة، ويروي عنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وغيرهما .
5. قرة بن خالد السدوسي، وهو ثقة، ويروي عنه يحيى بن سلام البصري، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، وأبو عبد الرحمن الحارثي يروي من طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره.
6. الأجلح بن عبد الله الكندي، وهو ثقة، ويروي عنه سفيان الثوري، وأبو أسامة الحافظ، ويعلى بن عبيد وغيرهم.

7. أبو بسطام مقاتل بن حيان البلخي، وهو ثقة مفسّر، ويروي عنه بكير بن معروف والحسين بن واقد، وغيرهما.
8. أبو بسطام يحيى بن عبد الرحمن السعدي التميمي، ويروي عنه ابنه نعيم، ومولاه بزيع بن عبد الله اللحام، ومحمد بن عبيد المحاربي، وهارون بن معاوية الفزاري،
قال أبو حاتم: ليس بقوي.
وإذا ذكر أبو بسطام بكنيته فقط فربما اشتبه مقاتل بيحيى السعدي ويفرّق بينهما بتلاميذهما.

9. أبو سنان سعيد بن سنان البرجمي الشيباني، وهو صدوق يخطئ، ويروي عنه سفيان الثوري ووكيع بن الجراح وأبو نعيم وغيرهم.
قال أحمد: (كَانَ رجلًا صالحا، ولم يكن يقيم الحديث).
وقال أيضاً: (ليس بقوي فِي الحديث، وهُوَ الذي روى عن ثَابِت بْن جأَبَان عَنِ الضحاك، وكان أَبُو سنان هَذَا يختلف إِلَى الضحاك مع ثَابِت فيشهد، وربما غاب أَبُو سنان، فَكَانَ أَبُو سنان بعد يأخذها عَنْ ثَابِت، عَنِ الضحاك، وقد سمع أَبُو سنان من الضحاك وحدث عنه).
10. عبيد بن سليمان الباهلي، قال أبو حاتم: لا بأس به، ويروي عنه: أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي، وأبو تميلة يحيى بن واضح، وقد أكثر ابن جرير من الرواية من طريقيهما عن عبيد عن الضحاك.
قال العباس بن مصعب: (قدم الضحاك مرو وسمع منه التفسير عبيد بن سليمان مولى عبد الرحمن بن مسلم الباهلي، وروى التفسير عن عبيد بن سليمان: خارجة بن مصعب، وأبو تميلة، وعلي بن عمرو بن عمران من أهل الرزيق، وكان الضحاك أصله من بلخ). رواه ابن عدي.
11. جويبر بن سعيد الأزدي، وهو ضعيف جداً من جهة الضبط إلا أنّ أكثر روايته عن الضحاك من كتاب فلذلك احتملها كثير من أهل العلم.
ويروي عن جويبر جماعة من الأئمة منهم: سفيان الثوري، وابن المبارك، وهشيم بن بشير، ويزيد بن هارون، وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء، ومحمد بن يزيد الواسطي، وأبو خالد الأحمر واسمه سليمان بن حيان الأزدي، ومروان بن معاوية الفزاري، وغيرهم.
قال الدارقطني: (سكن بغداد، واسمه جابر، وجويبر لقب).
ونسخة جويبر عن الضحاك من نسخ التفسير المشتهرة، ومروياتها في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً.
قال يحيى بن سعيد القطان: (تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث، ثم ذكر ليث بن أبي سليم وجويبر، والضحاك، ومحمد بن السائب، وقال: هؤلاء لا يحمد حديثهم، ويكتب التفسير عنهم). ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال وابن حجر في التهذيب.
والتساهل لا يقتضي القبول، وإنما يكتب عنهم التفسير لينظر فيه ويعتبر.
قال أحمد بن حنبل: (ما كَانَ عن الضحاك فهو على ذاك أيسر، وما كَانَ بسند عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فهو منكر).
وقال أيضاً: (كَانَ وكيع إذا أتى على حديث جويبر، قال: سفيان عن رجل، لا يسميه استضعافا له!).
وقال أحمد بن سيار المروزي: (جويبر بن سعيد كان من أهل بلخ وهو صاحب الضحاك وله رواية ومعرفة بأيام الناس وحاله حسن في التفسير وهو لين في الرواية).
وقال ابن حبان: (يروي عن الضحاك أشياء مقلوبة).
قلت: وما انتقاه الأئمة من روايات جويبر عن الضحّاك أمثل من غيرها، وهي على ذلك روايات معتبرة فإن سلمت من النكارة والمخالفة قُبِلَت.
12. ثابت بن جابان العجلي، يروي عنه أبو سنان الشيباني، وشعيب بن كيسان الكوفي، ومروياته قليلة في كتب التفسير المسندة، وهو ممن لم يذكر فيه جرح ولا تعديل.
13
. أبو مصلح نصر بن مشارس الخراساني، ويروي عنه وكيع بن الجراح، وعمر بن هارون البلخي، وأبو معاذ خالد بن سليمان الحداني،
قال أبو حاتم: شيخ.
قال ابن حبان: ( يروى عن الضحاك بن مزاحم التفسير).
له مرويات في تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم.

14. أبو جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي، قال يحيى بن معين: ليس به بأس إلا أنّه يدلّس، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وكان يحي بن سعيد القطّان يضعّفه.

15. أبو إسحاق الكوفي، وهو عبد الله بن ميسرة الحارثي، ضعّفه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
يروي عنه هشيم بن بشير وربما كنّاه أبا عبد الجليل.
- هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك بن مزاحم، أنه قرأها (وَوَصَّى رَبُّكَ) وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا). رواه ابن جرير.

16. أبو عبد الله نهشل بن سعيد الخراساني، قال ابن راهويه: كذاب، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال النسائي: متروك.
يروي عن نهشل عن الضحاك: ورقاء، وهارون بن المغيرة، وروَّاد بن الجراح، وأبو بكر بن خنيس، والحر بن جرموز، وكادح بن رحمة.
- قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن أبي عبد الله نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: (الظاهر منها: الكحل والخدان).

- قال أسد بن موسى: حدثنا عبد الواحد البزار، نا نهشل بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، قال: (اجتمعت أنا وطاووس اليماني وعمرو بن دينار المكي ومكحول الشامي والحسن البصري في مسجد الخيف...) ثمّ ذكر الخبر وحديث أبي الدرداء في القدر، رواه الطبراني في المعجم الأوسط.
17. مقاتل بن سليمان البلخي، وهو متّهم بالكذب، ومروياته عنه في كتب التفسير المسندة قليلة جداً، وقد أنكر سفيان بن عيينة لقاءه به.

ويروي عن الضحاك غير هؤلاء، وليس المقصود تقصي جميع الرواة عنه والطرق إليه، لكن أرجو أنّه لا يكاد يخرج عنه هذه الطرق إلا مرويات قليلة مما يعسر تقصّيه.

وتعدد الطرق إلى الضحاك يفيدنا فوائد جليلة في علم التفسير:
الفائدة الأولى: أن ليس كلّ ما يُروى عن الضحاك يصحّ عنه، بل يكون منه الصحيح والضعيف والمكذوب، وما روي على غير وجهه.
والفائدة الثانية: عناية العلماء بتفسير الضحاك، وتدوينه مروياته، ولا سيما في أصولهم.
والفائدة الثالثة: أنّ أصحاب التفاسير المسندة لو أخرجوا جميع ما وقفوا عليه من النسخ والروايات عن الضحاك لبلغ تفسير الضحاك وحده مجلدات كثيرة؛ فتبيّن أنّهم إنما كانوا ينتقون من تلك النسخ.
والفائدة الرابعة: أنّ الرواة عن الضحّاك على مراتب متفاوتة.
والفائدة الخامسة: أن الرواية عن الضحاك على نوعين:
النوع الأول: نسخ تفسيرية مكتوبة، يرويها عنه بعض أصحابه، كما في رواية جويبر وأبي روق وعبيد بن سليمان.
والنوع الثاني: أقوال يسمعها منه بعض أصحابه فيحفظونها ويروونها عنه من غير كتاب.
قال ابن عديّ: (روى التفسير عنه عبيد بن سلمان وجويبر بن سعيد وأبو مصلح نصر بن مشارس، ومن غير كتابٍ مؤلَّف: سلمة بن نبيط، وعلي بن الحكم البنانيّ).

والخلاصة أن ما يروى عن الضحاك مما ينتقيه الأئمة كسفيان الثوري ووكيع أمثل من غيره، وأقواله في التفسير معتبرة إذا صحّت الرواية عنه، وأما ما يرويه الضحاك عن ابن عباس وغيره من الصحابة فمنقطع، وهو كثير الإرسال، وفي مروياته عن الصحابة نظر، وإنما يؤخذ عنه التفسير لإمامته فيه.

أمثلة من تفسيره:
1. روى سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن الضحاك في تفسير قول الله تعالى: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون} قال: كانوا قليلا من الناس) ورواه ابن جرير من طرق عن الضحاك، وهو قول ضعيف إلا أن يكون محمولاً على حرف من الأحرف التي تركت القراءة بها.
والضحّاك قد ترجم له ابن الجزري في طبقات القرّاء، وذكر أنّه من أصحاب الحروف.
2. قال خلف بن خليفة: حدثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم، قال: كنت جالسا معه ببلخ، فسئل عن قوله: {نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} قال: قيل له: ما كان إحسان يوسف؟
قال: (كان إذا مرض إنسان قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق أوسع له). رواه سعيد بن منصور، وابن جرير.
3.
قال البخاري في التاريخ الكبير: (وروى وكيع عن سلمة بن نبيط عن الضحاك أبي محمد ما كان (يا أيها الناس) نزل بمكة و (الذين آمنوا) بالمدينة).
4.
قال بشر بن عُمَارة: حدثنا أبو رَوْق، عن الضحّاك، عن عبد الله بن عباس، قال: (أول ما نزل جبريلُ على محمد قال: "يا محمد استعذ، قل: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم"، ثم قال: قل: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}).
هذا خبر منكر، فيعلّ بضعف بشر بن عمارة، وبالانقطاع بين الضحاك وابن عباس، فإنّ صحّ هذا الخبر عن الضحّاك فربّما تلقّاه بواسطة رجل ضعيف عن ابن عباس.

وفي مرويات الضحاك التي يسندها إلى ابن عباس ما يوافق التفسير المعروف عن ابن عباس، وفيها ما يخالفه، وهو لا يذكر الواسطة بينه وبين ابن عباس غالباً؛ والضحاك صدوق غير متَّهم، لكنّه قد يروي عن ضعفاء لا يسمّيهم.
ولذلك قال ابن كثير بعد أن أورد هذا الأثر في تفسيره: (هذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليعرف، فإن في إسناده ضعفا وانقطاعا، والله أعلم).
وهذا الخبر رواه ابن أبي حاتم من هذا الطريق طريق بشر بن عمارة عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم- قال له جبريل قل: {بسم الله} يا محمد. يقول: اقرأ بذكر ربك، قم واقعد بذكره).
وهذا سياق مختلف وفيه تفسيرٌ مدرج، وإسناد المدرج من العلل التي تقع في بعض المرويات.
5.
سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي روق، عن الضحاك: ( {وأحاطت به خطيئته} قال: مات بذنبه). رواه ابن جرير.
وهو تفسير حسن لأنّ تحقّق الإحاطة إنّما يكون بالموت على الكفر؛ فلا يبقى للكافر إذا مات على الكفر مخرجاً من ذلك الذنب.
6. قال عبيد بن سليمان: سمعت الضحاك يقول في قوله: {وشهد شاهد من أهلها} يزعمون أنه كان صبيًّا في الدار). رواه ابن جرير.

وللضحّاك أقوال أقوال حسنة كثيرة في التفسير، ولذلك اعتنى أهل العلم بتفسيره مع تقدّمه وكثرة الرواة عنه.
ولتفسير الضحاك نسخ وروايات كثيرة، لكن لم يصلنا شيء منها فيما أعلم، وإنما يُعرف منه ما أخرجه أصحاب التفاسير المسندة في كتبهم، وقد جمع الدكتور محمّد شكري الزاويتي مرويات الضحّاك المتفرّفة في التفاسير، وطبعها في كتاب سمّاه "تفسير الضحّاك"، ونشرته دار السلام.
وهذه التسمية قد توهم من لا يعرف حقيقة التفاسير المجموعة بأنّها نسخة مرويّة بالإسناد إلى الضحاك.
وسيأتي لهذا التصرّف نظائر ؛ فينبغي أن يفرّق بين الكتب المروية عن أصحابها مما كتبوه أو أملوه، وبين الكتب التي تجمع من مروياتهم المتفرّقة في كتب التفسير.


التوقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة