العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:15 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير في المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بالمنع من كتابة التفسير في المصحف إعمالا لعموم الأمر بتجريد القرآن والمصاحف عما ليس بقرآن على ما مر بيانه في مسألة تجريد المصحف، ولأثر هو نص في المطلوب أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عامر الشعبي قال: (كتب رجل مصحفا وكتب عند كل آية تفسيرها، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين). [وذكر ابن الباقلاني في كتابه الانتصار لنقل القرآن ص71 القول بكراهة السلف أن يثبت في المصحف ما ليس منه من ذكر أفتاح السور، وذكر خواتيمها وأعشارها وغير ذلك من تزيين المصحف، وأن قوما من التابعين قد أجازوا كتب التفسير وخاتمة السورة كذا وكذا، فأنكر عليهم فلم يحتجوا بصواب فعلهم].
وقال السيوطي في الإتقان: (قال الجرجاني من أصحابنا في الشافي: "من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره").
وقال الحليمي في كتابه المنهاج في شعب الإيمان: (تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه لقوله: "جردوا القرآن"، ولأنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يحك التعشير من المصحف"
إمعانا منه رضي الله عنه في التأكيد على تجريد المصحف عن كل ما ليس بقرآن،
[436]
وحذرا من أن يختلط القرآن بغيره في نظر من لا دراية له به. لكن فريقا من أهل العلم قد رخص في كتابة التفسير في المصحف إذا احتيط للقرآن، واقتصر على ما تمس الحاجة إليه من التفسير، ولذا صرح الهيتمي في الفتاوى الحديثية بأنه يجوز أن يحشى المصحف من التفسير والقراءات كما تحشى الكتب، لكن ينبغي أخذا مما مر في تحشية الكتب أن لا يكتب إلا المهم المتعلق بلفظ القرآن دون نحو القصص والأعاريب الغريبة.
قال الحليمي: (ومن الآداب أن لا يخلط به ما ليس بقرآن كعدد الآي، والوقوف، واختلاف القراآت، ومعاني الآيات، وأسماء السور والأعشار. قال البيهقي: لأنه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يفعلوا شيئا من ذلك).
وقد مر في مسألتي تجريد المصحف وتحشيته طرف من هذا، ويأتي في مسألة جمع قراآت شتى في مصحف واحد مزيد بيان.
[437]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:20 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تقليب ورق المصحف بواسطة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (اختلف القائلون بمنع المحدث من مس المصحف وهم الجمهور كما مر في موضعه من هذا البحث، أقول اختلفوا في حكم تقليب المحدث لأوراق المصحف بواسطة كقضيب أو قلم أو سكين أو من وراء كمه مثلا، وألحق بعضهم بمسألة التقليب بواسطة ما لو قلب ورق المصحف عضو صناعي كأصبع من ذهب، أو يد من ذهب أو فضة. وفرق جمع من أهل العلم بين التقليب بواسطة مستقلة وبين التقليب بواسطة تابعة للمصحف أو تابعة للشخص المقلب.
فذهب فريق من أهل العلم إلى المنع من ذلك كله، وسوى بين المس المباشر للمصحف وبين المس من وراء حائل في المنع.
وذهب فريق آخر إلى القول بجواز تقليب المحدث لورق المصحف بواسطة مطلقا.
قال القاضي أبو يعلي الحنبلي في كتابه الروايتين والوجهين: (مسألة: لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف، وكذلك لا تختلف الرواية أنه يجوز التصفيح بالعود، واختلفت في جواز تقليب بكمه، فروي عنه أبو طالب أنه قال: "يقلب" الورقة بعود أو بشيء. قيل له: فبكمه؟ قال: لا، هو يمسه.
وكذلك نقل إبراهيم بن الحارث عنه، وقد سئل هل يدخل يده في كمه ويتصفحه ويتصفحه وبينه الثوب؟ فقال: أما أنا فيعجبني أن يتصفحه بشيء. فظاهر هذا المنع.
وروى عنه إسحاق بن إبراهيم والحسن بن ثواب: لا بأس أن يقلب الورق ويتصفحه بعود أو بطرف كمه. فظاهر هذا الجواز وهو أصح، لأن الكم لا يتبع المصحف في البيع فجاز أن يحول بينه وبين المصحف كالعود والعلاقة والغلاف، ويفارق الجلد لأنه يتبع المصحف في البيع فهو منه، فلهذا لم يجز أن يحول بينه وبينه.
ووجه الرواية الأولى مع ضعفها أنه تصفح الورقة بكمه فكأنه باشره بيده وإن لم
[444]
تكن مباشرة فوجب أن يكره لقرب مجاورة اليد له كما يقول في مصافحة المرأة).
وقال الماوردي في الحاوي: (فأما المحدث إذا أراد أن يتصفح أوراق المصحف بيده لم يجز، ولو تصفحها بعود في يده جاز، ولو تصفحها بكمه الملفوف على يده لم يجز، والفرق بين كمه والعود أنه لابس لكمه واضع ليده، فجرى مجرى المباشرة، والعود بائن منه، وهو غير منسوب إلى مماسته به).
قال النووي في التبيان: ( وإذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا. أظهرهما جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل، والثاني تحريمه لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع، وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة به فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم).
وذكر الهيتمي في تحفة المحتاج نفى حل قلب ورقة أو ورقة منه بعود مثلا من جانب إلى آخر ولو قائمة كما شمله إطلاقه في الأصح لانتقاله بفعله فصار كأنه حامله.
وقال أيضا: (قلت الأصح حل قلب ورقه مطلقا بعود أو نحوه، وبه قطع العراقيون والله أعلم،لأنه ليس بحمل ولا في معناه، ومن ثم لو انفصلت الورقة على العود حرم اتفاقا كما هو ظاهر، لأنه حمل كما لو لف على يده وقلب بها ورقة منه وإن لم تنفصل).
وقال الشرواني في حاوشيه على التحفة: (ولو قطعت أصبعه مثلا واتخذ أصبعا من ذهب نقل بالدرس عن بسط الأنوار للأشموني أنه استظهر عدم حرمة مس المصحف به، والمعتمد خلافه كما نقله الشارح م ر في شرح العباب عن والده ع ش). (قوله ولو لبياض ولو بغير أعضاء الوضوء ولو من وراء حائل كثوب رقيق لا يمنع وصول اليد إليه مغني). وقال الشرواني أيضا في موضع آخر: (ويحرم مسه بالسن والظفر أيضا حال الحدث بخلاف اليد المتخذة من الذهب أو الفضة). ولم يظهر لي وجه التفريق بين الأصبع الصناعية وبين اليد، فكيف حرم مس المصحف حال الحدث بالأولى دون الثانية على المعتمد؟.
والظاهر من كلام فقهاء المالكية أن القول بالمنع من تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث محل وفاق عندهم إذ لم يحكوا فيه خلافا، فقد ذكر خليل في مختصره فيما يمتنع بالحدث مس المصحف وإن بقضيب. قال الخرشي: (أي وكما يمنع الحدث مس المصحف يمنع ما في حكمه كمسه بعود أو تقليب أوراقه به).
والقول بجواز تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث هو المفتي به عند فقهاء الحنفية، ففي الهندية ما نصه: (المحدث إذا كان يقرأ القرآن بتقليب الأوراق بقلم أو بسكين لا بأس به كذا في الغرائب). على أن بعض فقهاء الحنفية قد علل منع المحدث من كتابة القرآن بكون الكتابة مسا للمكتوب بواسطة وهي القلم على ما سيأتي بيانه في مسألة الطهارة لكتابة المصحف.
وذهبت طائفة من فقهاء الحنفية إلى القول بكراهة المس من وراء الكم وكل ما هو متصل بالماس بين ما يتحرك بحركته وبين ما لا يتحرك اجتهادا من عنده .
وتأتي نصوصهم في ذلك في مسألتي الطهارة لكتابة المصحف، ومس المصحف من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[446]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:23 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التلقي من المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المستقريء لكلام أهل العلم في مسألة تلقي القرآن من المصحف فقط والتعويل عليه دون الأخذ عن شيخ متقن يلحظ أن ثمة فرقا في الحكم بين حال الاختيار وبين حال العجز والضرورة، حيث شددوا في الأولى وسهلوا في الثانية، وقد ألف ابن بطة الحنبلي مصنفا في الإنكار على من أخذ القرآن من المصحف.
وقد نقل أبو عمرو الداني وغيره آثارا كثيرة عن السلف في النهي عن أخذ القراءة من مصحفي. وقال أبو الحسن السخاوي: (ليست معرفة القرآن راجعة إلى المصحف المجموع والأصل المذكور)يعني أصل الرسوم.
وقد قال أبو العباس بن تيمية: (والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف "). وصرح ابن الحاج في المدخل بمنع التلقي من المصحف في حق من لا يعرف مرسوم المصحف، قال لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف.
وفي فضائل القرآن لابن كثير عند كلامه عن المفاضلة بين القراءة عن ظهر قلب، والقراءة نظرا في المصحف قال: (فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن، لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على ألفاظ القرآن، فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد: حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي: أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل").أ.ه
وقال السيوطي في الإتقان: (ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتلقي من أفواه الرجال العالمين بالقراءة، ولا ينبغي الاكتفاء بمجرد النظر في المصحف).
قال الزرقاني في المناهل: قال المحقق ابن الجزري: (ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال "أن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم. فقلت له: أي رب إذا يثلغوا رأسي
[448]
حتى يدعوه خبزة. فقال إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فأبعث جندا أبعث مثلهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق ينفق عليك"). كذا في المناهل.
قال الزرقاني في موضع من المناهل أيضا وعنه الشيخ صبحي الصالح: (ولكي يزيد إقبال عثمان من إقبال الناس على تلقي القرآن من صدور الرجال واعتمادهم على الحفظ وعدم اتكالهم على النسخ والكتابة راح يرسل في الأكثر الأغلب مع المصحف الخاص بكل أقليم حافظا يوافق قراءته، فكان زيد بن ثابت مقريء المصحف المدني،وعبد الله بن السائب مقريء المكي، والمغيرة بن شهاب مقريء الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مقريء الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقريء البصري). فتبين مما مضى أن التعويل قبل كل شيء كان على الحفظ والاستظهار، ولا يزال التعويل حتى الآن على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة، وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وردت آثار عديدة تتضمن هذا المعنى.
الآثار الواردة في تلقي القرآن عن القراء
أخرج الإمام أحمد والشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر واللفظ للبخاري بسنده عن مسروق قال: (ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمر فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل". قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ). وفي لفظ: "خذوا القرآن من أربعة....". وأخرج
[449]
البزار وعنه الهيثمي في المجمع عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا القرآن من أربعة من أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة". قال الهيثمي: رجاله ثقات. وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن في باب عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة واتباع السلف فيها والتمسك بما يعلم منها، قال: (حدثنا ابن أبي مريم وحجاج عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عروة بن الزبير قال: "إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤه كما اقرئتموه").
وقال أبو عبيد أيضا: (حدثنا حجاج عن بن أبي الزناد عن أبيه قال: قال لي خارجة بن زيد: قال لي زيد بن ثابت: "القراءة سنة").
وأخرج أبو عبيد في الفضائل أيضا قال: (حدثني هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن خليد العصري قال: لما ورد علينا سلمان أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرؤه رجلا عربيا".قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان فإذا أخطأ غير عليه، وإذا أصاب قال: نعم إيم الإله).
[450]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تمزيق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو الباعث على تمزيق المصحف من أن يكون لمصلحة من أن يكون لمصلحة شرعية اقتضت إتلافه كرداءة خطه رداءة لا يمكن معها الانتفاع به، أو حصول تحريف به لا يمكن تداركه، أو تلوثه بنجاسة لا يتأتى معها تطهيره فيجوز حينئذ إتلافه بأي نوع من أنواع الإتلاف ارتكابا لأخف المفسدتين في سبيل درء أعظمهما، وقد مر في مسألة إتلاف المصاحف مفصلا.
أو أن يكون الباعث على تمزيق المصحف استخفافا وعبثا، وقد مر في مسألة الاستخفاف بالمصحف طرف من هذا. وكيف أن بعض أهل العلم قد بالغ في التشديد في مسألة الاستخفاف وصرح باعتباره بابا من أبواب الردة وضربا من ضروب الكفر، بيد أن طائفة من أهل العلم قد عبرت بحرمة هذا الصنيع لكونه ازدراء بالمصحف، وهذا التعليل يقتضي القول بالتكفير.
وقد قال الحليمي الشافعي ، وحكاه عنه الزركشي، والسيوطي: (وإذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلاء ونحوه فلا يجوز وضعه في شق أو غيره ليحفظ، لأنه قد يسقط ويوطأ، ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم، وفي ذلك إزراء بالمكتوب).
وجزم الهيتمي بتحريم تمزيق المصحف عبثا لأنه إزراء به. قال الشبراملسي
[452]
في حاشيته على النهاية: (وفي حج: ويحرم تمزيق المصحف عبثا لأنه إزراء به).
الآثار الواردة في جواز تمزيق المصاحف لمصلحة شرعية:
أخرج أبو عبيد في كتابه فضائل القرآن قال: (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن أبي اسحاق عن مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد"). وأخرج أبو عبيد أيضا وابن شبة في تاريخ المدينة المنورة عن سالم بن عبد الله أنه: (لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى عبد الله بن عمر ساعة رجعوا من جنازة حفصة بعزيمة: ليرسلنها [يعني الصحف التي كانت عند حفصة ].فأرسل بها ابن عمر إلى مروان فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف لما نسخ عثمان).
قال أبو عبيد: (لم يسمع في شيء من الحديث أن مروان هو الذي مزق الصحف إلا في هذا الحديث).
[453]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:36 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تمكين الكافر من المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (وفي جواز تمكين غير المسلم من مس المصحف، وما في حكمه أقوال ثلاثة:
أحدها: المنع مطلقا لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)، ولقوله عليه السلام: "لا يمس القرآن إلا طاهر"، وقياسا على المحدث من المسلمين بل أولى لأن الكافر ليس من أهل الطهارة، ولا يمكن تصورها منه، إذ لا تصح إلا بنية وهو ليس من أهلها؛بل هو نجس بنص القرآن لقوله سبحانه: (إنما المشركون نجس).
وقد استقر في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم حكم منع الكافر من مس القرآن منذ الأيام الأولى لظهور الإسلام كما في أثر عمر رضي الله عنه مع أخته قبل أن يسلم حين رام الاطلاع على صحيفة معها فيها قرآن ، فأبت عليه ذلك قائلة: "إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون" حتى إذا طمعت في إسلامه قالت: "قم فاغتسل، أو توضأ".
وقد رواه البلاذري والدراقطني وابن اسحاق مطولا.
[459]
"وكان ابن عباس ينهي أن يمكن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن"، ولأن في تمكين الكافر من مسه تعريضا له بالامتهان والانتهاك، يستثنى من ذلك الآية والآيتان في الرسائل على سبيل الدعوة لكتابته إياهما عليه السلام في كتبه إلى ملوك الكفار كهرقل عظيم الروم مثلا بل كره بعضهم مبايعة الكفار بالنقود التي تتضمن قرآنا أو ذكرا لله تعالى، أو أن يبيع منهم الثياب المطرزة بالقرآن، أو الذكر، ومثلها الدور التي كتب القرآن على أسكف أبوابها أو حيطانها وسقوفها.
وكذا سائر ما يتضمن قرآنا أو ذكرا شرعيا، ولنهيه عليه السلام عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم،
القول الثاني: أنه يجوز تمكين الكافر من مس المصحف إذا اغتسل ورجي إسلامه لأثر عمر السابق ولأن النجاسة بدنة قد خففت بالغسل فلم يبق إلا نجاسة اعتقاده وهي في قلبه.
القول الثالث: أنه يجوز أن يمكن الكافر من حمل القرآن ومسه لعدم الدليل الصريح الصحيح على منعه من ذلك.
وقد ذهب إلى القول الأول المقتضي لمنع الكافر من مس القرآن وحمله جماهير أهل العلم من السلف والخلف، وفيهم المالكية والشافعية،
[460]
والحنابلة، وهو قول الحنفية، اختاره أبو يوسف صاحب أبي حنيفة مستدلين بالآيات والآثار السابق ذكرها في مسألة اشتراط الطهارة لمس المصحف.
وذهب إلى القول الثاني أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، وجزم به قاضي خان في فتاويه ولم يحك فيه خلافا.
وقد ذهب إلى القول الثالث طائفة من أهل العلم كابن جبير على ما حكاه عنه جماعة كابن أبي داود، وابن أبي شيبة، والعيني، وهو مروي عن الحكم وحماد بن سليمان وداود بن علي وأتباعه وجمع ممن لا يقول باشتراط الطهارة أصلا.
وقد مضى ذكر طرف من حججهم في غير موضع من هذا البحث، فلا نطيل بتكراره هنا. وسيأتي لهذه المسائل مزيد بيان في مواضعها من هذا البحث إن شاء الله تعالى).
[461]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:41 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التنازع في المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو التنازع في المصحف من أن يكون بين الورثة أو أن يكون بين الزوجين ضمن تنازعهما في متاع البيت، أو أن يكون التنازع في المصحف بين الشريكين، أو أن يكون بين صاحب الدار والمكتري.
فإن كان التنازع في المصحف بين الورثة فقد مر تفصيله في مسألة إرث المصحف فلا معنى لإعادته هنا.
وإن كان التنازع في المصحف بين الزوجين حال اختلافهما في متاع البيت فلا يخلو من أن يكون قارئين أو أن يكون الزوج قارئا والزوجة غير قارئة، فإن كان الزوج قارئا دون الزوجة فالمصحف من نصيبه على ما صرح به بعض الأئمة الثلاثة خلافا للإمام الشافعي الذي يجعل المصحف بينهما بكل حال بناء على مذهبه في كون متاع البيت بين الزوجين مناصفة حال التنازع، فقد ذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن الأئمة الثلاثة جعلوا كتب العلم حال التنازع بين الزوجين في نصيب الرجل، وخلافا للشافعي الذي يقسم الكتاب الذي يقرأ فيه بينهما.
وذكر ابن عبد السلام في قواعد الأحكام في تعارض الظاهرين أن الزوجين إذا اختلفا في متاع البيت وكان الزوج فقيها فنازعته في كتب الفقه، أو مقرئا فنازعته في كتب القراءة، أو طبيبا فنازعته في كتب الطب، أو محدثا فنازعته في كتب الحديث،
[463]
فإن الشافعي رحمه الله يسوي بينهما نظرا إلى الظاهر المستفاد من اليد.وبعض العلماء يخص كل واحد منهما بما يليق به نظرا إلى الظاهر المستفاد من العادة الغالبة، وهذا مذهب ظاهر متجه.
فإن كل واحد يجد في نفسه ظنا لا يمكنه دفعه عن نفسه بأن ما يختص بالأزواج المذكورين لهم وما يختص بالنساء لهن، وما أبعد المشاركة بين الفقيه وزوجته في حقيهما.
وقد عقد السمناني الحنفي في كتابه روضة القضاة بابا في اختلاف الزوجين في متاع البيت، وذكر فيه لأهل العلم سبعة أقوال، قال: (فقال أبو حنيفة: ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للنساء، وما كان مشكلا فهو للباقي منهما، وفي الموت والطلاق سواء. وأما في قول أبي يوسف تعطي المرأة جهاز مثلها، والباقي للزوج في الطلاق والموت. وأما في قول محمد بن الحسن ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مشكلا فهو للرجل أو ورثته، والطلاق والموت سواء.
والرابع: قول زفر أنه ما كان للرجال فهو للرجال، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مشكلا فهو بينهما نصفان.والخامس قول مالك أن المتاع كله بينهما
نصفان، وهو قول الشافعي، والموت والطلاق سواء، وقد روي عن زفر مثله ذكره في اختلاف زفر.
والسادس قول ابن أبي ليلى أن المتاع كله للزوج إلا الثياب التي على بدن المرأة فإنها أحق بها.
والسابع أن المتاع كله للمرأة لأن البت لها، وهو قول الحسن البصري).
التنازع في المصحف بين الشريكين:
جاء في الفتاوى الهندية: (وفي مختصر خواهر زاده ولا تقسم القوس والسرج ولا المصحف، كذا في التتارخانية). وجاء في موضع من الهندية أيضا: (لا
[464]
تقسم الكتب بين الورثة، ولكن ينتفع كل واحد بالمهايأة، ولو أراد واحد من الورثة أن يقسم بالأوراق ليس له ذلك، ولا يسمع هذا الكلام منه، ولا تقسم بوجه من الوجوه، ولو كان صندوق قرآن ليس له ذلك أيضا، وإن تراضوا جميعا فالقاضي لا يأمر بذلك، ولو كان المصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه للآخر فإنه يعطي يوما من ثلاثة وثلاثين يوما حتى ينتفع، ولو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة كشرح المبسوط فإنه لا يقسم أيضا، ولا سبيل إلى القسمة في ذلك، وكذا في كل جنس مختلف، ولا يأمر الحاكم بذلك، ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل واحد بعضها بالقيمة بالتراضي يجوز وإلا فلا، كذا في جواهر الفتاوى).
لكن البهوتي من أصحابنا الحنابلة قد ذكر في شرحه على الإقناع أن الشريك في الكتاب يجبر شريكه على البيع إذا طلب شريكه ذلك ليتخلص الطالب من ضرر الشركة فإن أبى الممتنع البيع "بيع" أي باعه الحاكم عليهما، لأنه حق عليه كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن، وقسم الثمن بينهما بحسب الملك، لأنه عوضه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله.
التنازع بين مكتري الدار ومالكها:
جاء في الإقناع وشرحه أنه إذا تنازع رب البيت والمكتري في المكتب فهي للمكتري، لأن العادة أن الإنسان يكري داره فارغة).
[465]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:48 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التيامن في تناول المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح بعض الفقهاء بأن شرف المصحف يقتضي تناوله باليمين تشريفا له وتكريما، والظاهر أن هذا محل وفاق بين أهل العلم، وأنه مراد لمن لم يصرح.

قال الغزالي: (أحوجك من أعطاك اليدين إلى أعمال بعضها شريف كأخذ المصحف، وبعضها خسيس كإزالة النجاسة، فإذا أخذت المصحف باليسار وأزلت النجاسة باليمين فقد خصصت الشريف بما هو خسيس، فغضضت من حقه، وظلمته وعدلت عن العدل).
وقال ابن مفلح في الآداب: (وتناول الشيء من يد غيره باليمين ذكره ابن عقيل من المستحبات، وكذلك ذكره القاضي والشيخ عبد القادر، وقال: وإذا أراد أن يتناول إنسان توقيعا أو كتابا فليقصد يمينه). واستدل بحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره: " ليأكل أحدكم بيمينه" الحديث.
[476]
فإذا قالوا باستحباب أخذ التوقيع أو الكتاب باليمين فلأن يقال بالوجوب في أخذ كتاب الله تعالى باليمين من طريق الأولى، والله أعلم بالصواب.
تتمة:
وذكر ابن الحاج في المدخل وهو بصدد الكلام عن طائفة من البدع والمحدثات بدعة تتعلق بدعوة تذكر عند مناولة المصحف حيث قال: (ومثل ذلك قولهم حين مناولتهم المصحف والكتاب لفظة حاشاك).
وقد مر في مسألة الدعاء عند أخذ المصحف طرف من هذا).
[477]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:50 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

جحد شيء من المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج عبد الرزاق في مصنفه بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( من كفر بحرف من القرآن فقد كفر به أجمع، ومن حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين).
وقال أبو عبيد في كتابه فضائل القرآن بعد أن ساق باب الزوائد من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن، وباب ذكر ما رفع من القرآن بعد نزوله، ولم يثبت في المصاحف، قال أبو عبيد:
(هذه حروف التي ذكرناها في هذين البابين من الزوائد لم يروها العلماء ولم يجعلوا من جحدها كافرا، إنما تقرأ في الصلاة ونحكم بالكفر على الجاحد لهذا الذي بين اللوحين خاصة، وهو ما ثبت في الإمام الذي نسخه عثمان بإجماع من المهاجرين والأنصار، وإسقاط لما سواه، ثم أطبقت عليه الأمة، فلم يختلف في شيء منه يعرفه جاهلهم كما يعرفه عالمهم، وتوارثه القرون بعضها عن بعض، ويتعلمه الولدان في المكتب، وكانت هذه إحدى مناقب عثمان العظام، وقد كان بعض أهل الزيغ طعن فيه ثم تبين للناس ضلالهم في ذلك.
وقال النووي في التبيان وعنه ابن مفلح في الآداب: (أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته. وأجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه، أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر.
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله:"اعلم أن من استخف بالقرآن أو بالمصحف، أو بشيء منه أو سبهما، أو جحد حرفا منه، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفي ما أثبته وهو عالم بذلك، أو شك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين، وكذلك إن جحد التوراة والإنجيل، أو كتب الله المنزلة، أو كفر بها أو سبها، أو استخف بها فهو كافر. قال: وقد أجمع المسلمون على أن القرآن المتلو في جميع الأقطار، المكتوب في المصحف، الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: (الحمد لله رب العالمين). إلى آخر: (قل أعوذ برب الناس) كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع عليه الإجماع وأجمع عليه أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر". وقال أبو عثمان بن الحداد: "جميع من ينتحل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقريء أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في
[486]
المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة منه، [وكتبوا فيه] سجلا أشهد فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة") انتهى كلام القاضي عياض).
[487]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:53 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

جلد المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الكلام على جلد المصحف يتناول ماهية الجلد ومادته، وبيان حرمته، وحكم مسه حال الحدث أو الكفر، والفرق بين حكم الجلد المتصل بالمصحف والمنفصل عنه، والمنسوب إليه بعد الانفصال، وما انقطعت نسبته عنه، وحكم جلد المصحف وزخرفته.
ماهية جلد المصحف:
من أهل العلم من لا يفرق بين جلد المصحف وبين غلافه في الماهية، ومنهم من يميز بينهما ويعتبر الغلاف شيئا منفصلا عن المصحف كالخريطة مثلا على ما مر بيانه في الكلام على ثوب المصحف.
وقد مر في مسألة تجليد المصحف أن المراد بجلد المصحف على المشهور هو غلافه المتصل به المشرز عليه ليصونه ويحفظه ويكون بمثابة الدفتين له،
ويتصل به يتبعه حتى في البيع، ويأخذ حكمه عند جمهور الفقهاء، ومن هنا قال غير واحد من فقهاء الحنفية: ( وغلافه ما يكون متجافيا عنه دون ما هو متصل به كالجلد المشرز هو الصحيح).
قال العيني: (واختلف المشايخ فيه فقال بعضهم هو الجلد الذي عليه. وقال بعضهم هو الكم وقال بعضهم هو الخريطة التي يعني الكيس الذي يوضع فيه
[488]
المصحف وهو الصحيح، أشار إليه بقوله: وغلافه "ما يكون متجافيا عنه" أي متباعدا عن المصحف وهو الكيس، وأصل مادته من الجفائف بالمد من جفا يجفو، وأصل معناه البعد والرفع، ومنه: ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع)، أي بعدت عن مضاجعهم "دون ماهو متصل به" أي المصحف "كالجلد المشرز" أي اللصوق به، فيقال مصحف مشرز أي مضموم مشرز أجزاؤه، أي مسدو بعضها من الشيرازة وليست بعربية، وفي العباب مصحف مشرز أي مضموم الكراريس والأجزاء بعضها إلى بعض مضموم الطرفين، فإن لم يضم طرفاه فهو مشرش بشينين وليس مشرز مشتق من الشيرازة وهو فارسية، والشيراز الذي يؤكل المستجد من اللبن، وأصله شراز بالتشديد قلبت أحد الرائين ياء آخر الحروف كما في قيراط وديباج أصلها قيراط وديباج بالتشديد).
ومال الحصكفي إلى التفريق بين الجلد والغلاف، واعتبر أن الغلاف هو المتجافي عن المصحف لا المشرز به. قال ابن عابدين في حاشيته على الدر: ("قوله غير مشرز" أي غير مخيط به، وهو تفسير للمتجافي، قال في المغرب مصحف مشرز أجزاءه مشدود بعضها إلى بعض من الشيرازة وليست بعربية. أ.ه. فالمراد بالغلاف ما كان منفصلا كالخريطة وهي الكيس نحوها، لأن المتصل بالمصحف منه حتى يدخل في بيعه بلا ذكر. وقيل المراد به الجلد المشرز، وصححه في المحيط والكافي، وصحح الأول في الهداية وكثير من الكتب، وزاد السراج أن عليه الفتوى، وفي البحر أنه أقرب إلى التعظيم).
والظاهر من كلام فقهاء بقية المذاهب أن المراد بجلد المصحف وغلافه شيء واحد.
[489]
مادة جلد المصحف:
لا خلاف بين أهل العلم في أنه ينبغي أن يكون جلد المصحف طاهرا في عينه محترما في مادته خاليا من كل ما هو مظنة ابتذال وامتهان، وأن يكون نظيفا وخاليا عن أي تصاوير أو كتابات غير لائقة بالمصحف.
ثم اختلفوا في تذهيب الجلد ونقشه بالنقدين على ما مر في مسألة تحلية المصحف.
حكم الجلد:
جمهور الفقهاء على أن لجلد المصحف المتصل به حكمه في الحرمة، وأنه لا يحل للمحدث أن يمسه، وأن جلد المصحف إنما اكتسب هذه الحرمة بسبب مجاورته للمصحف. وذهب فريق من الفقهاء إلى القول بأن حكم المصحف لا يثبت لجلده، وإن كان متصلا به، وهو الذي حكاه غير واحد من أهل العلم عن الإمام أبي حنيفة، وهو اختيار الخراسانيين من أصحابه، وحكاه الدرامي الشافعي وجها، وشذذه النووي، وهو مقتضى اختيار أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي في فنونه، وهو ظاهر كلام ابن حمدان في الرعاية حيث قال غير واحد من الأصحاب: (وظاهر الرعاية لا يحرم عليه مس الجلد، فإنه قال: لا يمس المحدث مصحفا، وقيل ولا جلده).
[490]
جلد المصحف المنفصل عنه:
صرح بعض الفقهاء بأن حرمة المصحف تثبت لجلده، حتى وإن كان منفصلا عنه، وهو الذي صرح به القرافي، وذكره العدوي في حاشيته على الخرشي مقابلا للظاهر، ونقل الزركشي عن عصارة المختصر للغزالي التصريح بتحريم مس جلد المصحف حتى وإن كان منفصلا عنه.
وقال ابن العماد أنه الأصح، زاد في شرح الروض، وظاهر أن محله إذا لم تنقطع نسبته عن المصحف، فإن انقطعت كأن جعل جلد كتاب لم يحرم مسه قطعا أ.ه.
جلد المصحف الجامع معه غيره:
بحث جمع من فقهاء الشافعية حكم مس جلد المصحف الجامع للمصحف وغيره، وكذا حكم مس الكعب واللسان المنطبق على جهة المصحف. قال الهيتمي في التحفة إثر كلامه على حرمة مس جلد المصحف المتصل به حال الحدث قال:
( ويؤخذ منه أنه لو جلد مع المصحف غيره حرم مس الجلد الجامع لهما من سائر جهاته، لأن وجود غيره معه لا يمنع نسبة الجلد إليه، وبتسليم أنه منسوب إليهما فتغليب المصحف متعين نظير ما يأتي في تفسير وقرآن استويا، فإن قلت وجود غيره معه فيه يمنع إعداده له، قلت الإعداد إنما هو قيد في غيره مما يأتي ليتضح قياسه عليه، وأما هو فكالجزء كما تقرر فلا يشترط فيه إعداده).
وعبارة الرملي في النهاية: (ولو حمل مصحفا مع كتاب في جلد واحد فحكمه حكم المصحف مع المتاع في التفصيل، وأما مس الجلد فيحرم مع مس الساتر للمصحف دون ما عداه كما أفتى به الوالد رحمه الله).
[491]
وقال الشبراملسي في حاشيته على النهاية: ("قوله مس الجلد" مثل الجلد اللسان والكعب أي فيحرم كل منهما ما حاذى المصحف، وفي سم على حج ويبقى الكلام في الكعب فهل يحرم مسه مطلقا أو الجزء منه المحاذي للمصحف؟ وهل اللسان المتصل بجهة غير المصحف إذا انطبق في جهة المصحف كذلك؟ فيه نظر أ.ه. قلت: ولا يبعد تخصيص الحرمة بالجزء المحاذي للمصحف.
"فرع" جمع مصحف وكتاب في جلد واحد.قال م ر: ففي حمله تفصيل حمل المصحف في أمتعة، وأما مسه فهو حرام إن كان من جهة المصحف لا من جهة الأخرى أ.ه. أفاد بحثا أن كعب الجلد يلحق منه بالمصحف ما جاوره).
وقد يأتي في مسألتي كعب المصحف ولسانه مزيد بيان...)
[492]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:24 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
لأهل العلم فى مسألة وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به أقوال أربعة :

أحدها : الاستحباب - وثانيها : الإباحة
وثالثها : الكراهة – ورابعها : التوقف
فأما الاستحباب : فوجهه ما أخرجه الدرامى فى سننه حيث قال [ أنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبى مليكة [أن عكرمة بن أبى جهل رضى الله عنه كان يضع المصحف على وجهه , ويقول هذا كتاب ربى هذا كتاب ربى ]
ووصف النووى إسناده بالصحة قال محقق التبيان [ ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين ابن أبى مليكة وعكرمة فإنه لم يدركه ]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فى مختصر الفتاوى المصرية [ وقد سئل أحمد عن تقبيله ؟ فقال ما سمعت فيه شيئا , ولكن روى عن عكرمة ابن أبى جهل [ : أنه كان يفتح المصحف ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربى كلام ربى ]
فقد احتج الإمام أحمد بأثر عكرمة وهذا يدل على ثبوته عنده . وذكر ابن مفلح فى الآداب أثر عكرمة هذا قال رواه جماعة منهم الدارمى وأبو بكر عبد العبد العزيز وصرح فى الفروع بأن أحمد قد رواه وحكى ابن مفلح وغيره من أصحابنا {773}
الحنابلة فى المسألة عن الإمام أحمد أربع روايات , الاستحباب والإباحة لأثر السابق , والكراهة لعدم التوقيف , والرواية الرابعة التوقف قال القاضى فى الجامع الكبير إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف , ألا ترى [ أن عمر لما رأى الحجر قال لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك وكذلك [معاوية لما طاف فقبل الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس , فقال : ليس فى البيت شئ مهجور , فقال إنما هى السنة فأنكر عليه الزيادة على فعل النبى صلى الله عليه وسلم .
وذكر بعض فقهاء الحنفية فى مسح الوجه بالمصحف أثرا عن ذى النورين عثمان رضى الله عنه بيد أنهم أوردوه غفلا عن أى عزو أو إسناد , فجاء النص عندهم على هذا النحو [ وكان عثمان رضى الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه ]
وأما وجه الإباحة فينطوى فى وجه الاستحباب السالف ذكره والسلامة من المعارض .
وأما وجه الكراهة فلعدم التوقيف ولما فى القول بالمنع من سد ذرائع البدع وهو الذى حكاه القاضى عليش عن فقهاء المالكية وأقره وقد مضى فى مسألة تقبيل المصحف من هذا البحث طرف من ذلك فليعاود والله أعلم بالصواب) . {774}


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف فى المقبرة وحمله إليها | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبى عن الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه ؟ قال هذه بدعة . قلت لأبى : وإن كان يحفظ القرآن يقرأ قال : لا .

وقد ذكر هذه الرواية ابن مفلح فى فروعه بلفظ : سأله عبد الله : يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ عليه ؟ قال : بدعة وقال أبو العباس ابن تيمية : وأما جعل المصحف عند القبور لم يقصد قراءة القرآن هناك وتلاوته فبدعة منكرة لم يفعله أحد من السلف , بل هى تدخل فى معنى اتخاذ فى معنى اتخاذ القبور مساجد ذكر ذلك فى موضع من كتبه وقال فى موضع آخر [ وأما جعله عند القبر , وإيقاد القناديل هناك فهو منهى عنه , ولو جعل للقراءة هناك , فكيف إذا يقرأ فيه ؟ والناس قد تنازعوا فى القراءة عند القبر وجعل المصحف عند القبر ليقرأ فيه بدعة منكرة لم يفعلها السلف , بل يدخلها فى معنى {779} اتخاذ المساجد على القبور ولا نزاع فى النهى عن اتخاذها مساجد ومعلوم أن المساجد بنيت للصلاة والدعاء والذكر والقراءة ]
ونقل فى الفروع عن شيخ الإسلام نحوا مما مر ولم ينقل عن غيره خلافه وقد مضى فى مسألة إدخال المصحف للقبر والمقبرة طرف من هذا فليعاود ). {780}


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوطء على المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (مر فى مسألة " وضع الرجل على المصحف على المصحف " الكلام على هذه القضية مفصلا مما أغنى عن إعادته هنا ). {783}


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:28 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

يمن وبركة المصاحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
لا ريب فى كون المصحف ذا يمن وبركة بما حواه بين دفتيه من كلام الله عز وجل الهادى للتى هى أقوم , والنور المنزل , والشفاء من الريب , من نظر فيه رشد , ومن تدبر نظمه هدى إلى صراط مستقيم , وهو عهد الله إلى خلقه يتعين عليهم ويلزمهم الاعتناء بعهده , كما ورد فى الأثر [ إنى لأستحى أن لا أنظر كل يوم فى عهد ربى عزوجل مرة ] . وقد مر فى مسألة " النظر فى المصحف " مفصلا , بيد أن اليمن المذكور , والربكة المتوخاة لا يتحققان بمجرد تعليق المصاحف أو وضعها فى مكان ما إذا ليعمل به ويتدبر وقد مضى فى غير موضع من هذا البحث الكلام على مسائل " التبرك بالمصاحف وتعليقها على سبيل التحرز بها , وحكم هجرها وترك تعهدها " مما أغنى عن إعادته هنا) . {793}


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

حمل المصحف حال الحدث | غير مصنف

لا يخلو حمل المصحف حال الحدث من أن يكون حملا معه مس مباشر للمصحف، أو أن يكون حملا بواسطة كعلاقته وخريطته، أو حمله على وسادة مثلا، فإن كان الحمل للمصحف مصحوبا بمسه مباشرة جرى فيه الخلاف السالف في مسألة الطهارة لمس المصحف، وإذا كان الحمل مجردا عن المس بأن كان حملا بواسطة فجمهور أهل العلم على القول بإباحته في حق المحدث مطلقا، وسواء كان حدثه أصغر أو أكبر، أو كان جنبا أو حائضا، لأنه لا يعد ماسا للمصحف ما دام حمله له بواسطة.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف حال الحدث ولو كان الحمل بواسطة، إلا أن يكون مضطرا إلى حمله، كالخوف عليه من غرق أو حرق، أو وقوع في نجاسة أو يد كافر أو طفل مجنون، فيلزمه حين إذ حمله ولو كان محدثا.
والقول بجواز حمل المحدث للمصحف بواسطة محكي عن طائفة من السلف كالحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير،
[583]
وأبي وائل، وأبي رزين ، وسفيان الثوري، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد بن حنبل.
وهو قول مرجوح عند الشافعية ضعفه النووي، وهو المعتمد عند متأخري
[584]
المالكية في حق المتعلم والمعلم خاصة على ما مر بيانه في غير موضع من هذا البحث.
وقد ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف بعلاقته أو خريطته أو نحوهما من الوسائط جمهور أهل الحنفية؛ وخاصة المتأخرون منهم، وهو المشهور عند المالكية في غير مقام التعلم والتعليم، كما ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة جمهور الشافعية؛ بل ضعف بعضهم الوجه المحكي بالجواز.
والقول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة رواية ثانية عن الإمام أحمد، حكاها ابن هبيرة وابن مفلح، على أن القاضي في الروايتين والوجهين قد قال بأنه لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف.
[585]
أثر القصد في حكم حمل المصحف:
قال الهيتمي في التحفة بعد أن تكلم عن منع المحدث من حمل المصحف: (ومثله حمل حامل المصحف بقصده، لأن المصحف تابع حينئذ، أي بالنسبة للقصد فلا فرق بين كبر جرم المتاع وصغره، كما شمله إطلاقهم أو مطلقا على ما اقتضاه كلام الرافعي، وجرى عليه شيخنا وغيره، لكن قضية ما في المجموع عن الماوردي الحرمة، وهي قياس ما يأتي في استواء التفسير والقرآن، وفي بطلان الصلاة إذا أطلق فلم يقصد تفهيما ولا قراءة، ويؤيده تعليلهم الحل في الأولى بأنه لم يخل بالتعظيم إذ حمله هنا يخل لعدم قصد يصرفه عنه، فإن قصد المصحف حرم ، وإن قصدها فقضية عبارة سليم؛ بل صريحها الحرمة خلافا للأذرعي، وجرى عليها غير واحد من المتأخرين، وهو القياس، وجرى آخرون أخذا من العزيز على الحل).
وقال الرملي في النهاية: (ولو حمل حامل المصحف لم يحرم، لأنه غير حامل له عرفا).
قال الشبراملسي في حاشيته على النهاية: (" قوله ولو حمل حامل المصحف" أي ولو كان بقصد حمل المصحف، ثم ظاهر عبارته أنه لا فرق في الحامل للمصحف بين الكبير والصغير الذي لا ينسب إليه حمل، وأنه لا فرق بين الآدمي وغيره، ويؤيده ما علل به من العرف، ووجه التأييد أنه في العرف يقال هو حامل للطفل، لكن بهامش عن بعضهم تقييده بما إذا كان الحامل ينسب إليه الحمل: أي بحيث يستقل بحمله لو انفرد أ.ه وينبغي عدم التقييد بذلك.
"قوله لم يحرم" وإن قصد المصحف خلافا لحج حيث قال بالحرمة، إذا قصد المصحف). وقال العبادي في حاشيته على التحفة: ("قوله ومثله حمل حامله" قضيته أن يجري فيه تفصيل المتاع في القصد وعدمه، وهو كما قال في شرح العباب أنه لا يبعد. وقد يقال: المتجه الحل مطلقا، لأن حمل حامله لا يعد حملا له، فلا اعتبار بقصده).
[586]
وذكر الشرواني في حاشيته على التحفة أيضا نحوا مما مر، إلا أن قال: (وعبارة شيخنا ولا يحرم حمل حامله مطلقا عند العلامة الرملي. وقال العلامة ابن حجر: فيه تفصيل الأمتعة. وقال الطبلاوي: إن نسب الحمل إليه بأن كان الحامل للمصحف صغيرا وإلا فلا).
ولم يظهر لي وجه القول بمنع المحدث من حمل المصحف بواسطة، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار كون المنع من مس المصحف تعبديا، وما هذا سبيله يقتصر فيه على مورد النص، وهو المس المباشر..فأما الحمل بواسطة فليس بمس، فلا يكون داخلا في مورد النص المانع من المس، ثم وجدت محقق الخلافيات للبيهقي قد ذكر قول ابن الملقن في خلاصة البدر المنير عن حديث حكيم بن حزام: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر".
قال الرافعي: (ويروي أنه قال: "لا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهر". قال: قلت غريبة).
وقال ابن حجر في تلخيص الحبير: (هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات، وأما المس ففيه الأحاديث الماضية).
[587]


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

تنكيس المصحف | غير مصنف
ماهية التنكيس:
قال ابن فارس: ( النون والكاف والسين أصل يدل على قلب الشيء، منه النكس قلبك شيئا على رأسه).
وقال ابن الأثير في النهاية نحوا من ذلك.
وقال ابن منظور في اللسان: (نكس: النكس قلب الشيء على رأسه، نكسه ينكسه نكسا فانتكس. ونكس رأسه: أماله، ونكسه تنكيسا، وفي التنزيل: (ناكسوا رءوسهم عند ربهم)، والناكس المطأطيء رأسه، ونكس رأسه إذا طأطأه من ذل). إلى أن قال: ( النكس في الأشياء معنى يرجع إلى قلب الشيء ورده وجعل أعلاه أسفله ومقدمه مؤخره). إلى أن قال: (وقراءة القرآن منكوسا أن يبدأ بالمعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة، والسنة خلاف ذلك، وفي الحديث أنه قيل لابن مسعود: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا. قال: "ذلك منكوس القلب").
قال أبو عبيد: "يتأوله كثير من الناس أنه يبدأ الرجل من آخر السورة فيقرأها
[470]
إلى أولها. قال: وهذا شيء ما أحسب أحدا يطيقه ولا كان هذا في زمن عبد الله. قال: ولا أعرفه. قال: ولكن وجهه عندي أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتاب، لأن السنة خلاف هذا، يعلم ذلك بالحديث الذي يحدثه عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أنزلت عليه السورة أو الآية قال: " ضعوها في الموضع الذي يذكر فيها كذا وكذا"، ألا ترى أن التأليف الآن في هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كتبت المصاحف على هذا؟ قال: وإنما جاءت الرخصة في تعلم الصبي والعجمي المفصل لصعوبة السور الطوال عليهم، فأما من قرأ القرآن وحفظه ثم تعمد أن يقرأه من آخره إلى أوله فهذا النكس المنهي عنه، وإذا كرهنا هذا فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهة إن كان ذلك يكون").
وقد نقل ابن منظور مقالة أبي عبيد وتفسيره لأثر ابن مسعود مع شيء من التصرف، وقد مر نص أبي عبيد المذكور بتمامه في موضع من هذا البحث، كما مر ذكر المذاهب في التنكيس في آخر الكلام على مسئلة ترتيب المصحف مما أغنى عن إعادته هنا. وقد عرض القاضي أبو بكر بن الباقلاني لذكر مسألة التنكيس وهو بصدد مناقشة أدلة القائلين بوجوب مراعاة الترتيب، وذلك في كتابه الانتصار لنقل القرآن، حيث قال: (وقد استدل قوم على وجود التوقيف في ترتيب السور بقول ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا وأن ابن مسعود قال في رجل يقرؤه منكوسا: "ذلك منكوس القلب". وقال ابن عمر: "لو رآه السلطان لأدبه". وهذا لا حجة فيه، لأنهم إنما عنوا بذلك من يقرأ السورة منكوسة ولم يريدوا اختلاف السور، وكيف يريدون ذلك وهم يعلمون اختلاف المصاحف. وقول ابن مسعود: "ذلك منكوس القلب" إنما خرج على وجه الذم، ولا ذم لمن قرأ النحل ثم ثنى بالبقرة، ولا أدب إلا على من قرأ البقرة ثم ثنى بسورة الحجر).
[471]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة