قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذُكِرَ أن المُشْرِكِينَ سَأَلُوا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نَسَبِ رَبِّ العِزَّةِ، فأَنْزَلَ اللهُ هذا السورةَ؛؛ جواباً لَهم.
وقالَ بعضُهم: بل نَزَلَتْ مِن أجلِ أن اليهودَ سَأَلُوه، فقالُوا له: هذا اللهُ خَلَقَ الخَلْقَ، فمَن خلَقَ اللهَ؟ فأُنْزِلَتْ جواباً لهم.
ذِكْرُ مَن قالَ: أُنْزِلَتْ جَوَاباً لِلْمُشْرِكِينَ الذين سَأَلُوه أَنْ يَنْسِبَ لَهُمُ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ مَنيعٍ المَرْوَزِيُّ ومحمودُ بنُ خِداشٍ الطَّالَقَانِيُّ، قالاَ: ثَنَا أبو سعدٍ الصَّغَانِيُّ، قالَ: ثَنَا أبو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عن الرَّبِيعِ بنِ أنَسٍ، عن أبي العالِيَةِ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قالَ: قالَ المشركونَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسُبْ لنا رَبَّكَ.
فأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ}.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ، قالَ: ثَنَا الحسينُ، عن يَزِيدَ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ: إن المشركين قالوا: يا محمد, أَخْبِرْنَا عن رَبِّكَ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ ما هو، ومِن أيِّ شَيْءٍ هو؟ فأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} إلى آخِرِ السُّورَةِ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ، عن أبي العَالِيَةِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ} قالَ: قالَ ذلك قادَةُ الأحزابِ: انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ. فأتاه جِبْرِيلُ بهذه.
حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عَوْفٍ، قالَ: ثَنَا سُرَيْجٌ، قالَ: ثَنَا إسماعيلُ بنُ مُجَالِدٍ، عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبِيِّ، عن جَابِرٍ, قالَ: قالَ المُشْرِكون للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسِبْ لنا ربَّكَ.
فأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
ذِكْرُ مَن قالَ: نَزَلَ ذلك مِن أجْلِ مسألةِ اليهودِ:
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثَنِي ابنُ إسحاقَ، عن محمدٍ، عن سعيدٍ، قالَ: أتَى رَهْطٌ مِن اليهودِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا محمدُ, هذا اللهُ خَلَقَ الخَلْقَ، فمَن خَلَقه؟ فغَضِبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انْتَقَعَ لَوْنُهُ, ثم سَاوَرَهُم غَضَباً لربِّه، فجاءَه جبريلُ عليه السلامُ فَسَكَّنَه، وقالَ: اخْفِضْ عليك جَناحَكَ يا محمدُ.
وجاءَه مِن اللهِ جوابُ ما سألوه عنه.
قالَ: يقولُ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } فَلَمَّا تلاَ عليهم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: صِفْ لنا ربَّك كيفَ خَلْقُهُ؟ وكيف عَضُدُهُ؟ وكيفَ ذِرَاعُه؟ فغَضِبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشَدَّ مِن غَضَبِه الأوَّلِ، وساوَرَهم غَضَباً، فأَتَاه جِبْرِيلُ فقالَ له مِثلَ مقالَتِه، وأتاه بجوابِ ما سَأَلُوه عنه: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، قالَ: جاءَ ناسٌ مِن اليهودِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: انْسِبْ لنا رَبَّكَ، فنَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حتَّى خَتَمَ السورَةَ). [جامع البيان: 24 / 727-729] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، وأبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ قالا: ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه، " أنّ المشركين، قالوا: يا محمّد، انسب لنا ربّك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد} [الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، {ولم يولد (3) ولم يكن له كفوًا أحدٌ} [الإخلاص: 3] لأنّه ليس شيءٌ يولد إلّا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلّا سيورث، وإنّ اللّه لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} [الإخلاص: 4] قال: لم يكن له شبيهٌ، ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 589]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أنّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد (2) لم يلد ولم يولد} [الإخلاص: 1] لأنه ليس شيءٌ يولد إلا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلا سيورث، وإنّ الله لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفواً أحدٌ} قال: لم يكن له شبيهٌ ولا عدل، وليس كمثله شيءٌ.
أخرجه الترمذي.
وأخرجه أيضاً، عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر عن أبيّ، قال: وهذا أصحّ). [جامع الأصول: 2 / 441-442]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن جابرٍ قالَ: قالوا: يا رسولَ اللهِ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ؛ فَنَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} إلى آخِرِها.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأوسطِ، ورَوَاهُ أبو يَعْلَى إلاَّ أنه قالَ: إنَّ أَعْرابِيًّا أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ: انْسُبِ اللهَ. وفيه مُجالِدُ بنُ سَعيدٍ، قالَ ابنُ عَدِيٍّ: له عن الشَّعْبِيِّ، عن جابِرٍ، وبقيَّةُ رِجالِه رِجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 146]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن حَمْزةَ بنِ يُوسُفَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، أن عبدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ قالَ لأحبارِ يهودَ: إني أُحْدِثُ بمسجِدِ أبينا إبراهيمَ وإسماعيلَ عَهداً. فانْطَلَقَ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وهو بمكَّةَ فوَافَاهم وقدِ انْصَرَفُوا مِن الحَجِّ، فوَجَدَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بِمِنًى والناسُ حوْلَه، فقامَ معَ الناسِ، فلمَّا نظَرَ إليه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قالَ: ((أَنْتَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ؟)). قالَ: قلتُ: نعَمْ. قالَ: ((ادْنُ)). فدَنَوْتُ منه قالَ: ((أنْشُدُكَ باللهِ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلاَمٍ، أَمَا تَجِدُنِي فِي التَّوْرَاةِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ؟)). فقلتُ له: انْعَتْ رَبَّنا. قالَ: فجاءَ جِبريلُ حتى وَقَفَ بينَ يَدَي رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}. فقَرَأَها علينا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ: أَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأنكَ رسولُ اللهِ.
قُلْتُ: فذَكَرَ الحديثَ، وهو بتَمامِه في مَناقِبِ عبدِ اللهِ بنِ سلاَمٍ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، ورجالُه ثِقاتٌ إلاَّ أنَّ حَمْزَةَ لم يُدْرِكْ جَدَّه عبدَ اللهِ بنَ سلامٍ). [مجمع الزوائد: 7 / 146-147]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى: وثنا سريج بن يونس، ثنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ، عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما-: "أنّ أعرابيًّا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: انسب اللّه. فأنزل اللّه- عزّ وجلّ- "قل هو اللّه أحدٌ" إلى آخرها"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 312]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةِ) وَأَبُو محمدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي فَضَائِلِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الْحِجَابِ, وَآدَمَ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ, وَإِبْلِيسَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، والسَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ، وَالأَرْضَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ. فَلَمْ يُجِبْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بهذهِ السُّورَةِ). [الدر المنثور: 15 / 742-743] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ والطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي (الدَّلائِلِ) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ قَالَ لأحبارِ الْيَهُودِ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُحْدِثَ بمسجدِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَهْداً. فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَوَافَاهُ بِمِنًى والناسُ حَوْلَهُ، فَقَامَ مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ((أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟)) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ((ادْنُ)). فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: ((أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَمَا تَجِدُنِي فِي التَّوْرَاةِ رَسُولَ اللَّهِ؟)) فَقَالَ لَهُ: انْعَتْ لَنَا رَبَّكَ. فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ سَلاَمٍ: أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَتَمَ إِسْلامَهُ). [الدر المنثور: 15 / 743]