العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:52 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة النصر [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني حفص بن عمر، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: قراءة {قل يا أيها الكافرون}، {إذا جاء نصر الله والفتح}، فإنهما يغنيان من الفقر). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 36] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا هشيم بن بشير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن عمر دعا نفرا من أصحاب النبي فسألهم عن {إذا جاء نصر الله والفتح} فلم يقولوا شيئا قال ابن عباس فقلت: {إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 405]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سليمان بن داود، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان عمر يسألني مع أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم»، فقال له عبد الرّحمن بن عوفٍ:« أتسأله ولنا بنون مثله؟ فقال له عمر: إنّه من حيث تعلم»، فسأله عن هذه الآية: {إذا جاء نصر الله والفتح} فقلت:« إنّما هو أجل رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم أعلمه إيّاه»، وقرأ السّورة إلى آخرها، فقال له عمر: «واللّه ما أعلم منها إلاّ ما تعلم».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، بهذا الإسناد نحوه، إلاّ أنّه قال: فقال له عبد الرّحمن بن عوفٍ: أتسأله ولنا ابنٌ مثله؟
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 307]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبِيِّه محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جَاءَكَ نَصْرُ اللهِ يَا محمدُ على قَوْمِكَ مِن قُرَيْشٍ، والفتحُ: فَتْحُ مَكَّةَ). [جامع البيان: 24 / 705]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا هشيم ،عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس{ إذا جاء نصر الله والفتح} قال: يعني فتح مكة.
- ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 792]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال:« كان عمر يدخلني مع أشياخ بدرٍ، فكأنّ بعضهم وجد في نفسه»، فقال: «لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناءٌ مثله؟» فقال عمر: «إنّه من علمتم»، فدعاه ذات يومٍ، فأدخله معهم، قال:« فما رئيت أنه دعاني يوماً، إلاّ ليريهم»، قال: ما تقولون في قول الله عز وجل: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} فقال بعضهم: أمرنا بأن نحمد الله ونستغفره، إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم، فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباسٍ؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه [له]، فقال: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} فذلك علامة أجلك {فسبح بحمد ربّك واستغفره إنه كان توّاباً} فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تقول».
وفي رواية: أنّ عمر كان يدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوفٍ، إنّ لنا أبناء مثله، فقال: عمر: «إنّه من حيث تعلم»، فسأل عمر ابن عباسٍ عن هذه الآية؟ قال: «أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه إيّاه»، قال: «ما أعلم منها إلا ما تعلم».
وفي أخرى: أنّ عمر سألهم عن قوله: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: يا ابن عباسٍ، ما تقول، قال: أجلٌ أو مثلٌ ضرب لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، نعيت إليه نفسه. أخرجه البخاري، وأخرج الترمذي الرواية الوسطى). [جامع الأصول: 2 / 440-441]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن ابنِ عباسٍ قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، بِأَنِّي مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ».
رَوَاهُ أحمدُ والطبرانيُّ في حديثٍ طويلٍ، ولفْظُه: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} دعا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فاطِمَةَ فقالَ: «إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي». فبَكَتْ. فَذَكَرَ الحديثَ.
وفي إسنادِه هِلالُ بنُ خَبَّابٍ، قال يَحْيَى: ثِقَةٌ مأمونٌ، لم يَتَغَيَّرْ. ووَثَّقَه ابنُ حِبَّانَ، وفيه ضعْفٌ، وبقيَّةُ رِجالِه رِجالُ الصحيحِ.
وفي إسنادِ أحمدَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ وقدِ اخْتَلَطَ). [مجمع الزوائد: 7 / 144]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو داود الطّيالسيّ: ثنا شعبة، أخبرني عمرو بن مرّة، سمع أبا البختريّ يحدّث عن أبي سعيدٍ الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: "لمّا نزلت هذه الآية {إذا جاء نصر اللّه والفتح} قرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى ختمها، ثم قال: «أنا وأصحابي خير والناس خير، لا هجرة بعد الفتح». قال أبو سعيدٍ: فحدّثت بهذا الحديث مروان بن الحكم- وكان أميرًا على المدينة- فقال: كذبت. وعنده زيد بن ثابتٍ ورافع بن خديجٍ، وهما معه على السّرير، فقال: أبو سعيدٍ: أما إنّ هذين لو شاءا لحدّثاك ولكن هذا يخشى أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصّدقة يعني- زيد بن ثابت- قال: فرفع عليه الدّرّة فلمّا رأيا ذلك قالا: صدق".
- وبه: عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: "لمّا نزلت هذه الآية- إلّا أنّه قال: وعنده زيد بن ثابتٍ وزيد بن أرقم"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 306-307]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- قال: "لمّا نزلت {إذا جاء نصر اللّه والفتح} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعيت إلى نفسي بأنّي مقبوضٌ في تلك السّنة»".
- رواه أبو يعلى الموصليّ: ثنا أبو خيثمة، ثنا محمد بن فضيلٍ ... فذكره). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 307]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا زهيرٌ، ثنا البهلول بن مرزوق، السّاميّ، ثنا موسى بن عبيدة، حدّثني صدقة بن يسارٍ وعبد اللّه بن دينارٍ، عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنه- قال: «نزلت هذه السّورة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو بمنًى في وسط أيّام التّشريق في حجّة الوداع {إذا جاء نصر اللّه والفتح}» قال:« فعرف أنّه الوداع فأمر راحلته القصواء فرحلت له، ثمّ ركب فوقف بالنّاس بالعقبة، ثمّ اجتمع إليه ما شاء اللّه من المسلمين فحمد اللّه- عزّ وجلّ - وأثنى عليه بما هو له أهلٌ»، ثمّ قال:« أمّا بعد، أيّها النّاس، فإنّ كلّ دمٍ كان في الجاهليّة فهو هدرٌ، وأول دمائكم أضع دم إيّاس بن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل، وإن أول ربا أضعه ربا العبّاس بن عبد المطّلب، أيّها النّاس، إنّ الزّمان قد استدار وهو اليوم كهيئته يوم خلق السّموات والأرض، وعدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهرًا منها أربعةٌ حرمٌ، شهر مضر الّذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجّة، والحارّم: {ذلك الدّين القيّم فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم} {إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر يضل به الّذين كفروا يحلّونه عامًا ويحرّمونه عامًا ليواطئوا عدّة ما حرم الله} فيحلّون صفرًا عامًا، ويحرّمون الحّرّم عامًا ويحرّمون الصفر عامًا، ويحلّون الحهرّم عامًا، فذلك النّسيء الّذي قال ربّكم، يا أيّها النّاس، من كانت عنده وديعةٌ فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، يا أيها النّاس، إنّ الشّيطان قد أيس أن يعبد ببلادكم آخر الزمان وقد يرض منكم بمحقرات الأعمال، أيّها النّاس، إنّ النّساء عندكم عوانٌ، أخذتموهنّ بأمان اللّه، واستحللتم فروجهنّ بكلمة اللّه، لكم عليهنّ حقٌّ، ولهنّ عليكم حق، ومرجعكم عليهن أن لا يوطّئن فرشكم من تكرهون، ولا يعصينكم في معروفٍ، فإذا فعلن ذلك فليس لكم عليهنّ سبيلٌ، ورزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف فإن ضربتموهنّ فاضربوهنّ ضربًا غير مبرّحٍ، أيّها النّاس، اسمعوا منّي تعيشوا لا يحلّ لامرئٍ من مال أخيه شيءٌ إلّا ما طابت به نفسه، أيّها النّاس، إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب اللّه فاعتصموا به، يا أيّها النّاس، أيّ يومٍ هذا؟ قالوا: هذا يومٌ حرامٌ. قال: فأيّ بلدٍ هذا؟ قالوا: هذا بلدٌ حرامٌ. قال: فأيّ شهرٍ هذا؟ قالوا: شهرٌ حرامٌ. قال: فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم، حرامٌ كحرمة هذا اليوم في هذا البلد، وهذا الشّهر، ألا ليبلّغ شاهدكم غائبكم، ولا أمّة بعدكم. ثمّ رفع يديه قال: اللّهمّ إنّي قد بلّغت».
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه أبو يعلى، وتقدم لفظه في الحجّ في بابٌ خطبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمنى). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 307-308]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأَخرَجَ ابنُ أَبِي داودَ فِي كِتَابِ المَصَاحِفِ بِإِسنَاٍد صَحِيحٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ إِذَا جَاءَ فَتْحُ اللهِ والنَّصْرُ). [فتح الباري: 8 / 734]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (إِذَا جَاءَ فَتْحُ اللَّهِ وَالنَّصْرُ) ). [الدر المنثور: 15 / 721]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ, {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}. قَالَ: اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَمُوتُ عِنْدَ ذَلِكَ). [الدر المنثور: 15 / 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، قَالَ: «كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ آيَةً لِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»). [الدر المنثور: 15 / 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: هَذِهِ السُّورَةُ عَلَمٌ وَحَدٌّ حَدَّهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ ونَعَى نَفْسَهُ؛ أَيْ: إِنَّكَ لَنْ تَعِيشَ بَعْدَهَا إِلاَّ قَلِيلاً. قَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ مَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً, سَنَتَيْنِ ثُمَّ تُوُفِّيَ). [الدر المنثور: 15 / 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي») بِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ). [الدر المنثور: 15 / 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَقُرِّبَ إِلَيَّ أَجَلِي» ). [الدر المنثور: 15 / 723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، عَلِمَ أَنَّهُ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ). [الدر المنثور: 15 / 723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وأحمدُ والطَّبَرَانِيُّ والحاكمُ وصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا, ثُمَّ قَالَ: «أَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ وَالنَّاسُ حَيِّزٌ، لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وعبدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زوائِدِ الزُّهْدِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. نُعِيَتْ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُهُ حِينَ أُنْزِلَتْ، فَأَخَذَنِي في أَشَدِّ مَا كَانَ اجْتِهَاداً فِي أَمْرِ الآخِرَةِ»). [الدر المنثور: 15 / 723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلاَّ عُمِّرَ فِي أُمَّتِهِ شَطْرَ مَا عُمِّرَ النَّبِيُّ الْمَاضِي قَبْلَهُ، وَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهَذِهِ لِي عِشْرُونَ سَنَةً وَأَنَا مَيِّتٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ». فَبَكَتْ فَاطِمَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقاً بِي». فَتَبَسَّمَتْ). [الدر المنثور: 15 / 723-724]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غزوةِ حُنَيْنٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً، فَسُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً» ). [الدر المنثور: 15 / 724]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الخَطِيبُ وَابْنُ عساكرَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «نَعَى اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ حِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}, فَكَانَ الْفَتْحُ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ بَعْدَما هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا طَعَنَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ تَتَابَعَ عَلَيْهِ القبائِلُ تَسْعَى، فَلَمْ يَدْرِ مَتَى الأَجَلُ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً، فَعَمِلَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، فَوَسَّعَ السُّنَنَ، وَشَدَّدَ الفَرَائِضَ، وَأَظْهَرَ الرُّخَصَ، وَنَسَخَ كَثِيراً مِن الأَحَادِيثِ، وَغَزَا تَبُوكَ، وَفَعَلَ فِعْلَ مُوَدِّعٍ»). [الدر المنثور: 15 / 724]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:« لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. إِلَى آخِرِ القِصَّةِ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، - فسُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً، وَيَا عَلِيُّ، إِنَّهُ يَكُونُ بَعْدِي فِي الْمُؤْمِنِينَ الْجِهَادُ».
قَالَ: «عَلامَ نُجَاهِدُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ آمَنَّا؟»
قَالَ: «عَلَى الإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ إِذَا عَمِلُوا بِالرَّأْيِ، وَلا رَأْيَ فِي الدِّينِ، إِنَّمَا الدِّينُ مِنَ الرَّبِّ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ».
قَالَ عَلِيٌّ:« يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَرَضَ عَلَيْنَا أَمْرٌ لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ وَلَمْ تَمْضِ فِيهِ سُنَّةٌ مِنْكَ؟»
قَالَ: «تَجْعَلُونَهُ شُورَى بَيْنَ الْعَابِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا تَقْضُونَهُ بِرَأْيِ خَاصَّةٍ، فَلَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفاً أَحَداً لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَقَّ مِنْكَ؛ لِقُرْبِكَ فِي الإِسْلامِ، وَقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصِهْرِكَ، وَعِنْدَكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وقبلَ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ بَلاءِ أَبِي طَالِبٍ إِيَّايَ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى أَنْ أَرْعَى لَهُ فِي وَلَدِهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 724-725]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» ). [الدر المنثور: 15 / 725]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ سَعْدٍ والبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ كلاهما فِي الدلائلِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ َأَشْيَاخِ بَدْرٍ»، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوفٍ: «لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا ولنا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ»، فَقَالَ: «إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ».
فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ، وَمَا رَأَيْتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَحْمَدَهُ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَفَتَحَ عَلَيْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نَدْرِي. وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }, فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَلِكَ عَلامَةُ أَجَلِكَ, {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ). [الدر المنثور: 15 / 725-726]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. فَقَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: فَأَنْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ). [الدر المنثور: 15 / 726]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي فضائلِ الصَّحَابَةِ والخَطِيبُ فِي (تَالِي التَّلْخِيصِ) وَابْنُ عَسَاكِرَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. جَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: «انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ لَمْ تُشَاحَّنَا فِيهِ قُرَيْشٌ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِنَا سَأَلْنَاهُ الوَصَاةَ لَنَا». قَالَ:« لا».
قَالَ الْعَبَّاسُ: فَجِئْتُ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَتِي عَلَى دِينِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ، وَهُوَ مُسْتَوْصٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا تَهْتَدُوا وَتُفْلِحُوا، وَاقْتَدُوا بِهِ تَرْشُدُوا».
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَمَا وَافَقَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى رَأْيِهِ وَلا وَازَرَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَلا أَعَانَهُ عَلَى شَأْنِهِ إِذْ خَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي ارْتِدَادِ الْعَرَبِ إِلاَّ الْعَبَّاسُ». قَالَ: «فَوَاللَّهِ مَا عَدَلَ رَأْيَهُمَا وَحَزْمَهُمَا رَأْيُ أَهْلِ الأَرْضِ أَجْمَعِينَ»). [الدر المنثور: 15 / 726-727]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ: «ذَاكَ حِينَ نَعَى لَهُمْ نَفْسَهُ»، يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً - يَعْنِي إسلامَ النَّاسِ - يَقُولُ:« فَذَلِكَ حِينَ حَضَرَ أَجَلُكَ»، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} ). [الدر المنثور: 15 / 727]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والخطيبُ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ: «عَلَمٌ وَحَدٌّ حَدَّهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَنَعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ إِنَّكَ لا تَبْقَى بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ إِلاَّ قَلِيلاً»). [الدر المنثور: 15 / 727]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِن الْقُرْآنِ جَمِيعاً {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}» ). [الدر المنثور: 15 / 728]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابنُ النَّجَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ, أَنَّ سُورَةَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} حِينَ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ نُعِيَتْ إِلَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 728]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ، فَخَرَجَ مِن الْمَدِينَةِ فِي رَمَضَانَ وَمَعَهُ مِن الْمُسْلِمِينَ عَشْرَةُ آلافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رأسِ ثمانِ سنينَ ونصفِ سَنَةٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، وَافْتَتَحَ مَكَّةَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ). [الدر المنثور: 15 / 728]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ, وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ, وَأَتُوبُ إِلَيْهِ». فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ». فَقَالَ: «خَبَّرَنِي أَنِّي سَأَرَى عَلامَةً فِي أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أَكْثَرْتُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَقَدْ رَأَيْتُهَا؛ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}» ). [الدر المنثور: 15 / 728-729]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وأحمدُ والبخاريُّ ومسلمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ»: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي». يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ - يَعْنِي: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ). [الدر المنثور: 15 / 729]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذُ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}إِلاَّ يَقُولُ مِثْلَهُمَا»: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ). [الدر المنثور: 15 / 729]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ أمْرِهِ لا يَقُومُ وَلا يَقْعُدُ, وَلا يَذْهَبُ وَلا يَجِيءُ إِلاَّ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ». فَقُلْتُ لَهُ، قَالَ: «إِنِّي أُمِرْتُ بِهَا». وَقَرَأَ: «{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}» إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ). [الدر المنثور: 15 / 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ في كتابِ (الصلاةِ) وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» ). [الدر المنثور: 15 / 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الحاكمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ, عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ». فَلَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» ). [الدر المنثور: 15 / 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ, هُمْ أَرَقُّ قُلُوباً، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 730-731]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي (الْحِلْيَةِ), عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ, قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ, نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ». قَالَ جِبْرِيلُ: الآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِن الأُولَى). [الدر المنثور: 15 / 731]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) }
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ورأيت النّاس يدخلون في دين الله أفواجاً} قال: الأفواج من النّاس زمرًا). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 116]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وَرَأَيْتَ النَّاسَ} مِن صُنُوفِ العَرَبِ وقَبَائِلِها؛؛ أهلِ اليَمَنِ مِنهم, وقَبَائِلِ نِزارٍ {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً} يقولُ: في دينِ اللهِ الذي ابْتَعَثَكَ به, وطاعَتِه التي دَعَاهم إليها {أَفْوَاجاً}, يعنِي: زُمَراً؛ فَوْجاً فَوْجاً.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ما قلنا في قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}:
- حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قَوْلِ اللهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}: فَتْحُ مكَّةَ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِ اللهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} النصرُ حينَ فَتَحَ اللهُ عليه ونَصَرَه.
- حَدَّثَنِي إسماعيلُ بنُ موسَى، قالَ: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عِيسَى الحَنَفِيُّ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي حازِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: بَيْنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينةِ، إذ قالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ». قيلَ: يَا رسولَ اللهِ، وما أهلُ اليَمَنِ؟ قالَ: «قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طاعتُهم، الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، والْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنِي عبدُ الأعلَى، قالَ: ثَنَا داودُ، عن عامِرٍ، عن مَسْرُوقٍ، عن عائِشَةَ، قالَت: «كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إِليه؛ قالَتْ: فَقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ أَرَاكَ تُكْثِرُ قَوْلَ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إليه»، فقالَ: «خَبَّرَنِي رَبِّي أَنِّي سَأَرَى عَلاَمَةً فِي أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أَكْثَرْتُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْتُهَا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} فَتْحُ مَكَّةَ {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنَّه كَانَ تَوَّاباً}».
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكِيعٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الأعلَى، قالَ: ثَنَا داودُ عن الشَّعْبِيِّ، عن مَسْرُوقٍ، عن عائِشَةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحوِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنَا عبدُ الوَهَّابِ، قالَ: ثَنَا داودُ، عن عامِرٍ، عن مسروق، عن عائِشَةَ، قالَت: «كانَ نبيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ قَوْلِ سُبحانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ». ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَه.
- حَدَّثَنِي إسحاقُ بنُ شَاهِينَ، قالَ: ثَنَا خالِدٌ، عن داودَ، عن عامِرٍ، عن مَسْرُوقٍ، عن عائِشَةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحْوِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن عِكْرِمَةَ قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَجاء الْفَتْحُ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ». قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، وما أهْلُ اليمَنِ؟ قالَ:«رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طاعتُهم، الإِيْمَانُ يَمَانٍ، والْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ».
وأمَّا قَوْلُه: {أَفْوَاجاً} فقد تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في معنَى أقوالِ أهلِ التأويلِ.
- وقد حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحَسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ {في دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً} قالَ: زُمَراً زُمَراً). [جامع البيان: 24 / 705-707]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {يدخلون في دين الله أفواجا }قال: يعني زمرا زمرا فعند ذلك موتك يا محمد). [تفسير مجاهد: 2/ 792]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {أَفْوَاجاً}. قَالَ: الزُّمَرُ مِن النَّاسِ). [الدر المنثور: 15 / 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الحاكمُ وَصَحَّحَهُ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:« تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}». فَقَالَ: «لَيَخْرُجُنَّ مِنْهُ أَفْوَاجاً كَمَا دَخَلُوا فِيهِ أَفْوَاجاً» ). [الدر المنثور: 15 / 731]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بينما رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينة إذْ قَالَ: «اللهُ أكْبَرُ قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُم لَيِّنَةٌ طاعَتُهُمْ، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 731]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً, وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجاً» ). [الدر المنثور: 15 / 732]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ, عَن ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}, قَالَ: «وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ رَقِيقَةً أَفْئِدَتُهُمْ لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ, شَجِيَّةٌ قُلُوبُهُمْ, عَظِيمَةٌ خَشْيَتُهُمْ، دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً» ). [الدر المنثور: 15 / 732]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا الحسن بن الرّبيع، حدّثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «ما صلّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلاةً بعد أن نزلت عليه: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} إلّا يقول فيها»: «سبحانك ربّنا وبحمدك اللّهمّ اغفر لي»). [صحيح البخاري: 6 / 178]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثُمَّ ذَكَرَ المُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَة في مُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ على التَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ والاستغفارِ وغَيْرِهِ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ؛ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وفِي الأُولَى التَّصْرِيحُ بالمُوَاظَبَةِ علَى ذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ السُّورَةِ وفِي الثَّانِيَةِ يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ وقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صِفَةِ الصلاةِ، ومَعْنَى قولِهِ: يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ يَجْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ والاستِغْفَارِ فِي أَشْرَفِ الأَوْقَاتِ والأَحْوَالِ، وقَدْ أَخْرَجَهُ ابنُ مَرْدَوَيهِ مِن طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، فزادَ فِيهِ: عَلامةً فِي أُمَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي إِذَا رَأَيْتُهَا أُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ وأَسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إليهِ، فَقَدْ رَأَيتُ جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ ورَأَيْتُ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا. وقَالَ ابنُ القَيِّمِ في الهَدْيِ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قولِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرْهُ}؛ لأنَّه كانَ يَجْعَلُ الاستِغْفَارَ فِي خَوَاتِمِ الأُمُورِ، فيَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ ثَلاثًا، وإذا خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ، ووَرَدَ الأمرُ بالاستغفارِ عِندَ انقضاءِ المَنَاسِكِ {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ} الآيةَ قُلْتُ: ويُؤْخَذُ أَيْضًا مِن قولِهِ تَعَالَى {أَنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَدْ كَانَ يَقُولُ عِندَ انقضاءِ الوُضُوءِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ). [فتح الباري: 8 / 734]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا: «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ -بِفَتْحِ الرَّاءِ ضِدُّ الْخَرِيفِ- ابْنُ سُلَيْمَانَ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ يُعْرَفُ بِالْبُورَانِيِّ وَهُوَ مِنْ مَشَايِخِ مُسْلِمٍ أَيْضًا، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْكُوفَةِ، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ، وَمَسْرُوقُ ابْنُ الأَجْدَعِ، وَالْحَدِيثُ مَرَّ فِي الصَّلاَةِ فِي بَابِ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَمَرَّ الْكَلاَمُ فِيهِ هُنَاكَ). [عمدة القاري: 20/5]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ابْنُ سُفْيَانَ الْبَلْخِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ) سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمٍ، (عَنِ الأَعْمَشِ) سُلَيْمَانَ (عَنْ أَبِي الضُّحَى) مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، (عَنْ مَسْرُوقٍ) هُوَ ابْنُ الأَجْدَعِ، (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا) أَنَّهَا قَالَتْ:« مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا فِي الصَّلاَةِ»: «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» هَضْمًا لِنَفْسِهِ، وَاسْتِقْصَارًا لِعَمَلِهِ، أَوِ اسْتَغْفَرَ لأُمَّتِهِ، وَقَدَّمَ التَّسْبِيحَ، ثُمَّ الْحَمْدَ عَلَى الاسْتِغْفَارِ عَلَى طَرِيقَةِ النُّزُولِ مِنَ الْخَالِقِ إِلَى الْخَلْقِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ مِن كِتَابِ الصَّلاةِ). [إرشاد الساري: 7 / 436]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده»: «سبحانك اللّهمّ ربّنا، وبحمدك اللّهمّ اغفر لي، يتأوّل القرآن»). [صحيح البخاري: 6 / 178-179]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثْنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي». يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.
هَذَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ إِلَى آخِرِهِ.
قَوْلُهُ: (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنُ) أَيْ: يَعْمَلُ بِمَا أُمِرَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}.
قَوْلُهُ: (سُبْحَانَكَ) أَيْ: سَبَّحْتُ بِحَمْدِكَ، وَإِضَافَةُ الْحَمْدِ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ الْفَاعِلُ وَالْمُرَادُ لاَزِمُهُ أَيِ: التَّوْفِيقُ، أَوْ إِلَى الْمَفْعُولِ أَيْ: بِحَمْدِي لَكَ). [عمدة القاري: 20 / 5]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) قَالَ: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ (عَنْ مَنْصُورٍ) هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ (عَنْ أَبِي الضُّحَى) مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، (عَنْ مَسْروُقٍ) هُوَ ابْنُ الأَجْدَعِ، (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا) أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَيْ: بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ»:« سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ يَعْمَلُ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالاسْتِغْفَارِ فِيهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} فِي أَشْرَفِ الأَوْقَاتِ وَالأَحْوَالِ). [إرشاد الساري: 7 / 436]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجًا}
- حدّثنا عبد اللّه بن أبي شيبة، حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ عمر رضي اللّه عنه، سألهم عن قوله تعالى: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} ، قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: «ما تقول يا ابن عبّاسٍ؟» قال: «أجلٌ، أو مثلٌ ضرب لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم نعيت له نفسه»). [صحيح البخاري: 6 / 179]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (بَابٌ: قولُهُ: وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا) ذَكَرَ فيهِ حَدِيثَ ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُمْ عَنْ قولِهِ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ وسَأَذْكُرُ شَرْحَهُ في البابِ الَّذِي يَلِيهِ). [فتح الباري: 8 / 734]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بَابٌ قَوْلُهُ: وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا)
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ} هُوَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ إِمَّا عَلَى الْحَالِ عَلَى أَنَّ رَأَيْتَ بِمَعْنَى: أَبْصَرْتَ أَوْ عَرَفْتَ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى: عَلِمْتَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّاسِ: أَهْلُ الْيَمَنِ.
قَوْلُهُ: {أَفْوَاجًا} أَيْ: فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ وَزُمَرًا بَعْدَ زُمَرٍ، الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا وَالْقَوْمَ بِأَجْمَعِهِمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ. قَالَ:
«مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟» قَالَ: «أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَخُو عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ.
قَوْلُهُ: (أَجَلٌ) بِالتَّنْوِينِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (أَوْ مَثَلٌ) بِالتَّنْوِينِ.
قَوْلُهُ: (ضُرِبَ) مِنَ الضَّرْبِ بِمَعْنَى التَّوْقِيتِ فِي قَوْلِهِ: أَجْلٌ وَمِنْ ضَرْبِ الْمَثَلِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ مَثَلٌ.
قَوْلُهُ: (نُعِيَتْ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ نَعَى الْمَيِّتَ يَنْعَاهُ نَعْيًا وَنَعِيًّا إِذَا أَذَاعَ مَوْتَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ). [عمدة القاري: 20/ 5-6]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (هَذَا (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ} أَيِ: الإِسْلاَمِ (أَفْوَاجًا) جَمَاعَاتٍ بَعْدَمَا كَانَ يَدْخُلُ فِيهِ وَاحِدٌ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَهُ الْعَرَبُ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ طَائِعِينَ، ونَصَبَ أَفْوَاجًا عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَدْخُلُونَ، وَثَبَتَ لَفْظُ بَابٍ لأَبِي ذَرٍّ. وَبِهِ قَالَ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) أَخُو عُثْمَانَ، قَالَ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بْنُ مَهْدِيٍّ، (عَنْ سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَلأَبِي ذَرٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ) قَيْسٍ، وَيُقَالُ: هِنْدُ بْنُ دِينَارٍ الأَسَدِيُّ مَوْلاَهُمُ الْكُوفِيُّ، (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما (أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَهُمْ:
«أَيْ أَشْيَاخَ بَدْرٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ اللاَّحِقَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟»، (عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالُوا: «أَيِ الأَشْيَاخُ فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ» قَالَ عُمَرُ: «مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟» قَالَ: أَقُولُ: «أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ» بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا (ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنْ نَعَى الْمَيِّتَ يَنْعَاهُ نَعْيًا إِذَا أَذَاعَ مَوْتَهُ، وَأَخْبَرَ بِهِ). [إرشاد الساري: 7/ 436]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا} «توّابٌ على العباد والتّوّاب من النّاس التّائب من الذّنب»
- حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدرٍ فكأنّ بعضهم وجد في نفسه، فقال:
«لم تدخل هذا معنا ولنا أبناءٌ مثله؟»، فقال عمر: «إنّه من قد علمتم»، فدعاه ذات يومٍ فأدخله معهم، فما رئيت أنّه دعاني يومئذٍ إلّا ليريهم، قال: «ما تقولون في قول اللّه تعالى: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} ؟» فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد اللّه ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: «أكذاك تقول يا ابن عبّاسٍ؟» فقلت: «لا»، قال:«فما تقول؟» قلت: «هو أجل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أعلمه له» ، قال: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} «وذلك علامة أجلك» ، {فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا} ، فقال عمر: «ما أعلم منها إلّا ما تقول»). [صحيح البخاري: 6/ 179]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (بَابٌ: قولُهُ:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}؛ تَوَّابٌ علَى العبادِ، والتوابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ) هُو كلامُ الفَرَّاءِ في مَوْضِعَيْنِ.
قولُهُ: (كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أشياخِ بَدْرٍ) أي: مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ والأنصارِ، وكانَتْ عَادَةُ عُمَرَ إِذَا جَلَسَ للناسِ أَنْ يَدْخُلُوا عليه على قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ في السَّابِقَةِ، وكانَ رُبَّمَا أَدْخَلَ مَعَ أهْلِ المدينةِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ إذا كَانَ فِيهِ مَزِيَّةٌ تَجْبُرُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ.
قولُهُ: (فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَد) أي: غَضِبَ، ولَفْظُ وَجَدَ المَاضِي يُسْتَعْمَلُ بالاشتراكِ بمَعْنَى الغَضَبِ والحُبِّ والغِنَى واللقاءِ، سواءٌ كانَ الذي يَلْقَى ضَالَّةً أو مَطْلُوبًا أو إنسانًا أو غيرَ ذَلِكَ.
قولُهُ: (لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا ولَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ) ولابنِ سَعْدٍ مِن طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ: كانَ أُنَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَجَدُوا على عُمَرَ فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ. وفي تَارِيخِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مِن طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ، وَزَادَ: وكانَ عُمَرُ أَمَرَهُ أنْ لا يَتَكَلَّمَ حتَّى يَتَكَلَّمُوا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِيبُوا وأَجَابَهُ ابنُ عَبَّاسٍ فقالَ عُمَرُ:
«أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ هَذَا الغُلامِ؟» ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فَتَكَلَّمِ الآنَ مَعَهُمْ». وهذا القائلُ الذي عَبَّرَ هنا بِقَوِلِهِ: بَعْضُهُمْ هُو عبدُ الرَّحمنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ العَشَرَةِ كما وَقَعَ مُصَرَّحًا به عِندَ المُصَنِّفِ في علاماتِ النُّبُوَّةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ بهذا الإسنادِ: كَانَ عُمَرُ يُدْنِي ابنَ عَبَّاسٍ فقَالَ له عَبْدُ الرَّحمنِ بْنُ عَوْفٍ: «إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ» وأَرَادَ بِقَوِلِهِ: مِثْلَهُ؛ أي: في مِثْلِ سِنِّهِ لا في مِثْلِ فَضْلِهِ وقَرَابَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ، ولكنْ لا أَعْرِفُ لِعَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَدًا في مِثْلِ سِنِّ ابنِ عَبَّاسٍ، فإِنَّ أَكْبَرَ أَوْلادِهِ مُحَمَّدٌ، وبه كَانَ يُكْنَى لَكِنَّهُ مَاتَ صَغِيرًا، وأَدْرَكَ عُمَرَ مِنْ أَوْلادِهِ إبرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمنِ، ويُقالُ: إِنَّهُ وُلِدَ في عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ، لَكِنَّهُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الحياةِ النَّبَوِيَّةِ إلا سَنَةً أو سَنَتَيْنِ؛ لأنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ أُمَّهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَهو أَصْغَرُ مِن ابنِ عَبَّاسٍ بأَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فلَعَلَّهُ أَرَادَ بالمِثْلِيَّةِ غَيْرَ السِّنِّ أو أَرَادَ بِقَوِلِهِ: "لنا" مَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فِي مِثْلِ سِنِّ ابنِ عَبَّاسٍ مِنَ البَدْرِيِّينَ إِذْ ذاكَ غَيْرُ المُتَكَلِّمِ.
قولُهُ: (فقالَ عُمَرُ:
«إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ») فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ مِنْ هَذَا الوَجْهِ بِلَفظِ: إِنَّهُ مِمَّنْ عَلِمْتُمْ، وفي روايةِ شُعْبَةَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ نَعْلَمُ، وأشارَ بذلك إلى قَرَابَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أو إلى مَعْرِفَتِهِ وفِطْنَتِهِ وقَدْ رَوَى عَبدُ الرَّزَّاقِ عَن مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِيِّ قَالَ: قالَ المُهَاجِرُونَ لعُمَرَ:«أَلاَ تَدْعُو أَبْنَاءَنَا كَمَا تَدْعُو ابنَ عَبَّاسٍ؟» قَالَ: «ذاكُمْ فَتَى الكَهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولاً وقَلْبًا عَقُولاً. وأَخرَجَ الخَرَائِطِيُّ في مَكَارِمِ الأخلاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ والزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ مِن طَرِيقِ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ» قَالاَ: قَالَ العَبَّاسُ لابنِهِ: «إنَّ هَذَا الرَّجُلَ -يَعْنِي عُمَرَ- يُدْنِيكَ فلاَ تُفْشِيَنَّ له سِرًّا، ولا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، ولا يَسْمَعْ مِنْكَ كَذِبًا». وفي روايةِ عَطَاءٍ بَدَلَ الثالثةِ: وَلاَ تَبْتَدِئْهُ بِشَيْءٍ حتَّى يَسْأَلَكَ عَنْهُ.
قولُهُ: (
«فَدَعَا ذاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ») في رِوَايَةٍ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ: فَدَعاهُ، وفي غَزْوَةِ الفَتْحِ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ ودَعَانِي مَعَهُمْ.
قولُهُ: (فَمَا رُئِيتُ) بضَّمِ الراءِ وكَسْرِ الهَمْزَةِ وفِي غَزْوَةِ الفَتْحِ مِنْ رِوَايَةِ المُسْتَمْلِيِّ: فَمَا أُرِيتُهُ بتَقدِيمِ الهَمْزَةِ، والمَعْنَى وَاحِدٌ.
قولُهُ: (إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ) زادَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ: مِنِّي؛ أي: مِثْلَ مَا رآهُ هُو مِنِّي مِنَ العِلْمِ، وفي روايةِ ابنِ سَعْدٍ فقالَ: أَمَا إِنِّي سأُرِيكُمُ اليَوْمَ منه مَا تَعْرِفُونَ بِهِ فَضْلَهُ.
قولُهُ: (مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ} في غَزْوَةِ الفَتْحِ حتَّى خَتَمَ السُّورَةَ.
قولُهُ: (إِذَا جَاءَ نَصْرُنَا وفُتِحَ علَيْنَا) في رِوَايَةِ البَابِ الَّذِي قَبْلَهُ: قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ والقُصُورِ.
قولُهُ: (وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا) في غَزْوَةِ الفَتْحِ: وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نَدْرِي، أو: لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا.
قولُهُ: (فَقَالَ لِي:
« أَكَذاكَ تَقُولُ يا ابنَ عَبَّاسٍ؟» فقلتُ: «لا». قَالَ: «فما تَقُولُ؟») في رِوَايَةِ ابنِ سَعْدٍ: فقالَ عُمَرُ: «يا ابنَ عَبَّاسٍ، أَلاَ تَتَكَلَّمُ؟» فقالَ: «أَعْلَمَهُ مَتَى يَمُوتُ»، قَالَ: «إِذَا جَاءَ».
قولُهُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} زادَ في الغزوةِ: فَتحُ مَكَّةَ.
قولُهُ: (وَذَلِكَ عَلامَةُ أَجَلِكَ) في رِوَايَةِ ابنِ سَعْدٍ: فَهُوَ آيَتُكَ في المَوْتِ، وفي البابِ الذي قَبْلَهُ: أَجَلٌ أو مَثَلٌ ضُرِبَ لمحمدٍ نُعِيَتْ إليه نَفْسُهُ. ووَهِمَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ فرَوَى هَذَا الحديثَ عن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ:
«نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» أَخْرَجَهُ ابنُ مَرْدَوَيهِ مِن طَرِيقِهِ، والصوابُ رِوَايَةُ حَبِيبِ بنِ أَبِي ثابتٍ التي في البابِ الذي قَبْلَهُ بِلَفظِ: نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، وللطَّبَرَانِيِّ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ} نًُعِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ نَفْسُهُ فأَخَذَ بأَشَدَّ مَا كان قَطُّ اجتهادًا في أمرِ الآخرةِ. ولأحمدَ مِن طَرِيقِ أَبِي رَزِينٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ عَلِمَ أَنْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ». ولأبي يَعْلَى مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: نَزَلَتْ هذه السورةُ في أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ فعَرَفَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أنه الوَدَاعُ، وسُئِلْتُ عَن قَوْلِ الكَشَّافِ أنَّ سُورَةَ النَّصْرِ نَزَلَتْ في حَجَّةِ الوَدَاعِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَكَيْفَ صُدِّرَتْ بِإِذَا الدَّالَّةِ عَلَى الاستقبالِ؟ فأُجِيبُ بِضَعْفِ مَا نَقَلَهُ، وعلى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ؛ فالشرطُ لم يَتَكَمَّلْ بالفَتْحِ؛ لأنَّ مَجِيءَ النَّاسِ أَفْوَاجًا لم يَكُنْ كَمُلَ، فبَقِيَّةُ الشرطِ مُسْتَقْبَلٌ، وقد أَوْرَدَ الطِّيبِيُّ السُّؤَالَ وأجابَ بجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أنَّ "إذا" قد تَرِدُ بمَعْنَى "إِذْ" كما في قَولِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} الآيةَ.
ثَانيهُمَا: أنَّ كَلامَ اللهِ قَدِيمٌ. وفي كُلٍّ مِنَ الجوَابَيْنِ نَظَرٌ لا يَخْفَى.
قولُهُ: (إلاَّ مَا تَقُولُ) في غَزْوَةِ الفَتْحِ: إلا مَا تَعْلَمُ. زادَ أَحْمَدُ وسَعِيدُ بْنُ مَنصورٍ في رِوَايَتِهِمَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ في هَذَا الحديثِ في آخرِهِ: فقالَ عُمَرُ:
«كَيْفَ تَلُومُونَنِي على حُبِّ مَا تَرَوْنَ؟»وَوَقَعَ في رِوَايَةِ ابنِ سَعْدٍ: أنه سَأَلَهُمْ حِينَئِذٍ عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ، وذَكَرَ جَوَابَ ابنِ عَبَّاسٍ واستِنْبَاطَهُ وتَصْوِيبَ عُمَرَ قولَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لابنِ عَبَّاسٍ مَعَ عُمَرَ قِصَّةٌ أُخْرَى في أَوَاخر سُورَةِ البَقَرَةِ، لَكِنْ أَجَابُوا فيها بقَوْلِهِمُ: اللهُ أَعْلَمُ. فقالَ عُمَرُ:«قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لا نَعْلَمُ». فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ:«في نَفْسِي منها شَيْءٍ الحديثَ»، وفيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لابنِ عَبَّاسٍ وتَأْثِيرٌ لإجَابَةِ دعوةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ اللهُ التأويلَ ويُفَقِّهَهُ في الدينِ، كما تَقَدَّمَ في كتابِ العِلْمِ، وفيه جوازُ تَحْدِيثِ المَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بمِثْلِ هَذَا لإظهارِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ وإعلامِ مَنْ لا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ، وغيرُ ذلك مِنَ المقاصدِ الصَّالِحَةِ لا للمُفَاخَرَةِ والمُبَاهَاةِ، وفيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ القُرْآنِ بما يُفْهَمُ مِن الإشاراتِ، وإنما يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ في العِلْمِ، ولهذا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه: «أو فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللهُ رَجُلاً في القرآنِ»). [فتح الباري: 8 / 735-736]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا})
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} الْمَعْنَى إِذَا دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ لاَحِقٌ بِهِ ذَائِقٌ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَ مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ.
(تَوَّابٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ)
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ التَّوَّابَ لَهُ مَعْنَيَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَوَّابٌ يُقَالُ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى أَنَّهُ رَجَّاعٌ عَلَيْهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَقَبُولِ التَّوْبَةِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى كُلِّ مُذْنِبٍ بِالتَّوْبَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ التَّوْبِ وَهُوَ الرُّجُوعُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُيَسِّرُ لِلْمُذْنِبِينَ أَسْبَابَ التَّوْبَةِ وَيُوَفِّقُهُمْ وَيَسُوقُ إِلَيْهِمْ مَا يُنَبِّهُهُمْ عَنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى وَخَامَةِ عَوَاقِبِ الذَّلَّةِ؛ فَسُمِّيَ الْمُسَبِّبُ لِلشَّيْءِ بِاسْمِ الْمُبَاشِرِ لَهُ كَمَا أُسْنِدَ إِلَيْهِ فِعْلُهُ فِي قَوْلِهِمْ: بَنَى الأَمِيرُ الْمَدِينَةَ.
وَالآخَرُ: تَوَّابٌ، يُقَالُ لِلْعَبْدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَائِبٌ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي اقْتَرَفَهَا.
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ: «لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ ؟» فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ». فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي:«أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟» فَقُلْتُ: «لاَ». قَالَ: «فَمَا تَقُولُ ؟» قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوابًا} فَقَالَ عُمَرُ: «مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} إِلَى آخِرِهِ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْبَصْرِيُّ التَّبُوذَكِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ -بِفَتْحِ الْعَيْنِ- الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ -بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ إِيَاسٌ الْيَشْكُرِيُّ الْبَصْرِيُّ وَيُقَالُ الْوَاسِطِيُّ.
وَالْحَدِيثُ مَرَّ فِي الْمُغَازِي فِي بَابٍ مُجَرَّدٍ عَقِيبَ بَابِ مَنْزِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ هُنَاكَ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ إِلَى آخِرِهِ.
قَوْلُهُ: (يُدْخِلُنِي) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الإِدْخَالِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ) يَعْنِي: مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ.
قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (وَجَدَ) أَيْ: غَضِبَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ) أَيْ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مِمَّنْ عَلِمْتُمْ فَضْلَهُ وَزِيَادَةَ عِلْمِهِ وَعَرَفْتُمْ قِدَمَهُ.
قَوْلُهُ: (فَمَا رُئِيتُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ: فَمَا أُرِيتُهُ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الإِرَاءَةِ.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ: لاَ) أَيْ: لاَ أَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ، قَالَ عُمَرُ: فَمَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (مَا أَعْلَمُ مِنْهَا) أَيْ: مِنَ الْمَقَالاَتِ الَّتِي قَالَ بَعْضُهُمْ). [عمدة القاري: 20/ 6]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قَوْلُهُ: فَسَبِّحْ) وَلأَبِي ذَرٍّ: بَابٌ بِالتَّنْوِينِ أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِهِ (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) تَوَّابٌ عَلَى الْعِبَادِ أَيْ: رَجَّاعٌ عَلَيْهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ، وَقَبُولِ التَّوْبَةِ. وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ) الَّذِي اقْتَرَفَهُ قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَبِهِ قَالَ: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبُوذَكِيُّ قَالَ: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الْوَضَّاحُ الْيَشْكُرِيُّ (عَنْ أَبِي بِشْرٍ) جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّهُ (قَالَ: كَانَ عُمَرُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (يُدْخِلُنِي) عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِهِ (مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ) الَّذِينَ شَهِدُوا وَقْعَتَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ (فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ) بِالْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ في عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ (وَجِدَ) غَضِبَ (فِي نَفْسِهِ فَقَالَ) لِعُمَرَ:
«لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا؟» أَيْ: وَعَادَتُكَ أَنْ تُدْخِلَ النَّاسَ عَلَيْكَ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي السَّابِقَةِ، (وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ) في السِّنِّ فَلَمْ تُدْخِلْهُمْ (فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ أَيِ: ابْنَ عَبَّاسٍ (مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ) مِنْ جِهَةِ قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مِنْ جِهَةِ ذَكَائِهِ وَزِيَادَةِ مَعْرِفَتِهِ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّازِقِ: إنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولاً وَقَلْبًا عَقُولاً. وَلأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِيِّ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ (فَدَعَا) بِحَذْفِ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ أَيْ: دَعَا عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَلأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَدَعَاهُ (ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ) أَيْ: مَعَ الأَشْيَاخِ، وَفِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَدَعَانِي مَعَهُمْ (فَمَا رُؤِيتُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: مَا ظَنَنْتُ، وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: فَمَا رِبْتُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ (أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍّ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ) مِنِّي مِثْلَ مَا رَأَى هُوَ مِنِّي مِنَ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ فَقَالَ:«أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ فَضِيلَتَهُ»، ثُمَّ (قَالَ) لَهُمْ: (مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) وَلأَبِي ذَرٍّ: عَزَّ وَجَلَّ، بَدَلَ قَوْلِهِ تَعَالَى، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا نَحْمَدُ) وَلأَبِي ذَرٍّ: أَنْ نَحْمَدَ (اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا) بِضَمِّ النُّونِ عَلَى عَدُوِّنَا، (وَفَتَحَ عَلَيْنَا) وَفِي الْبَابِ السَّابِقِ قَالُوا: فَتَحَ الْمَدَائِنَ وَالْقُصُورَ (وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ) عُمَرُ لِي:«أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟» فَقُلْتُ: «لاَ». قَالَ: «فَمَا تَقُولُ؟» قُلْتُ: «هُوَ أَجَلُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ»، وَلأَبِي ذَرٍّ: عَلَّمَهُ بِتَشْدِيدِ اللاَّمِ، وَإِسْقَاطِ الْهَمْزَةِ (قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ). وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: فَهُوَ آيَتُكَ فِي الْمَوْتِ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}؛ لأَنَّ الأَمْرَ بِالِاسْتِغْفَارِ يَدُلُّ عَلَى دُنُوِّ الأَجَلِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِهَا يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ (فَقَالَ عُمَرُ) لابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم: «مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ» زَادَ أَحْمَدُ: فَقَالَ عُمَرُ: «فَكَيْفَ تَلُومُونَنِي عَلَى حُبِّ مَا تَرَوْنَ؟»). [إرشاد الساري: 7 / 436-437]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمود بن غيلان، حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك، اللهمّ اغفر لي»، يتأوّل القرآن). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 348]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} يقولُ: فسبِّحْ ربَّكَ وعَظِّمْه بحمدِهِ وشُكْرِهِ، على ما أَنْجَزَ لك مِن وَعْدِهِ؛ فإنك حينَئذٍ لاحِقٌ به، وذائِقٌ ما ذاقَ مَن قبْلَكَ مِن رُسلِهِ مِن الموتِ.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن حَبِيبٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أن عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَأَلَهم عن قوْلِ اللهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالُوا: فَتْحُ المدائِنِ والقُصُورِ. قالَ:
«فأنْتَ يا ابنَ عبَّاسٍ, ما تقولُ؟» قلتُ: «مَثَلٌ ضُرِبَ لمحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ جَعْفَرٍ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أن عمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كانَ يُدْنِيهِ، فقالَ له عبدُ الرحمنِ:
« إِنَّ لنا أبناءً مِثْلَه». فقالَ عمرُ: «إنه مِن حيثُ تَعْلَمُ». قالَ: فسَأَلَه عمرُ عن قوْلِ اللهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} السورةَ. فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: «أَجَلُهُ، أَعْلَمَه اللهُ إيَّاه». فقالَ عُمَرُ: «ما أَعْلَمُ مِنها إِلاَّ مِثلَ ما تَعْلَمُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن عاصِمٍ، عن أبي رَزِينٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ عمرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
«ما هي؟» يعنِي: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالَ ابنُ عبَّاسٍ: «{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} حتى بَلَغَ: {وَاسْتَغْفِرْهُ} إِنَّكَ مَيِّتٌ». فقالَ عمرُ: «ما نَعْلَمُ مِنها إِلاَّ مَا قُلْتَ».
قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ عن عاصِمٍ، عن أبي رَزِينٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} عَلِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه نُعِيَتْ إليه نفسُه، فقيلَ له: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخِرِ السورةِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ وابنُ وَكِيعٍ، قالاَ: ثَنَا ابنُ فُضَيْلٍ، عن عَطَاءِ بنِ السائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: لَمَّا نزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، كَأَنِّي مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ».
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قالَ: ذاكَ حِينَ نَعَى له نفسَه يقولُ: إِذَا {رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً} يعني: إسلامَ الناسِ، يقولُ: فذاكَ حينَ حَضَرَ أجَلُكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}.
- حَدَّثَنِي أبو السائِبِ وسعيدُ بنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، قالاَ: ثَنَا أبو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن مسلمٍ، عن مَسْرُوقٍ، عن عائِشَةَ, قالَت: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ». قالَت: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ, مَا هذه الكلماتُ التي أراكَ قَدْ أَحْدَثْتَهَا تَقُولُها؟ قالَ: «قَدْ جُعِلَتْ لِي عَلاَمَةٌ فِي أُمَّتِي, إِذَا رَأَيْتُهَا قُلْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}» إلى آخِرِ السورةِ.
- حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ إبراهِيمَ المَسْعُودِيُّ، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن جَدِّهِ، عن الأَعْمَشِ، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قالَ: قالَتْ عائِشَةُ:
«ما سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هذه السورةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقولُ قَبْلَها: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي».
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكِيعٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ نُمَيْرٍ، عن الأَعْمَشِ، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، عن عائِشَةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكِيعٍ، قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضُّحَى، عن مَسْرُوقٍ، عن عائِشَةَ, قالَت: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي». يَتَأَوَّلُ القرآنَ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بنُ إبراهيمَ، قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عن داودَ، عن الشَّعْبِيِّ، قالَ داودُ:
«لا أَعْلَمُه إلاَّ عن مَسْرُوقٍ»، قال: «وربَّما قالَ عن مسروقٍ»، عن عائِشَةَ قالت: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أن يقولَ:«سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ». فقلتُ: «إنَّكَ تُكْثِرُ مِن هذا». فقالَ: «إِنَّ رَبِّي قَدْ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَأَرَى عَلاَمَةً فِي أُمَّتِي، وَأَمَرَنِي إِذَا رَأَيْتُ تِلْكَ الْعَلاَمَةَ أَنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ، وَأَسْتَغْفِرَهُ؛؛ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً، فَقَدْ رَأَيْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}».
- حَدَّثَنَا أبو السَّائِبِ، قالَ: ثَنَا حَفْصٌ، قالَ: ثَنَا عاصِمٌ، عن الشَّعْبِيِّ، عن أُمِّ سَلَمَةَ، قالت: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخِرِ أمْرِهِ لا يَقُومُ ولا يَقْعُدُ، ولا يَذْهَبُ ولا يَجِيءُ إِلاَّ قالَ:
«سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ». فقلتُ: «يا رسولَ اللهِ، إنك تُكْثِرُ مِن سبحانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، لا تَذْهَبُ ولا تَجِيءُ، ولا تَقُومُ ولا تَقْعُدُ إلا قُلْتَ: سبحانَ اللهِ وبحَمْدِهِ». قالَ: «إِنِّي أُمِرْتُ بِهَا». فقالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخِرِ السورَةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثَنِي ابنُ إسحاقَ، عن بعضِ أصحابِهِ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} كلُّها بالمدينةِ بعدَ فتْحِ مكَّةَ، ودُخُولِ الناسِ في الدينِ، يَنْعِي إليه نفسَه.
قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عن مُغِيرَةَ، عن زِيادِ بنِ الحُصَيْنِ، عن أبي العَالِيَةِ، قالَ: لما نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ونُعِيَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسُه، كانَ لا يَقومُ مِن مَجْلِسٍ يَجْلِسُ فيه حتى يقولَ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
قالَ: ثَنَا الحَكَمُ بنُ بَشِيرٍ، قالَ: ثَنَا عمرٌو، قالَ: لما نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ؛ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قَرَأَها كلَّها, قالَ ابنُ عبَّاسٍ:
«هذه السورةُ عَلَمٌ وَحَدٌّ حَدَّهُ اللهُ لنبِيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونعَى له نَفْسَه». أي: إِنَّكَ لَنْ تَعِيشَ بَعْدَها إلاَّ قَلِيلاً.
قالَ قَتَادَةُ:
«واللهِ ما عاشَ بعدَ ذلك إلا قليلاً؛ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ تُوفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي مُعاذٍ عيسى بنِ يَزِيدَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن ابنِ مسعودٍ، قالَ: لَمَّا نزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} كانَ يُكْثِرُ أنْ يقولَ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي؛ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ».
- حُدِّثْتُ عن الحُسَيْنِ، قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ في قَوْلِ اللهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} : كانَت هذه السورةُ آيَةً لمَوْتِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قالَ: ثَنَا عيسى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قَوْلِ اللهِ: {وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} قالَ:
«اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَمُوتُ عِنْدَ ذلك». وقوْلُه: {وَاسْتَغْفِرْهُ} يقولُ: وَسَلْهُ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَكَ. {إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} يقولُ: إِنَّه كانَ ذَا رُجُوعٍ لِعَبْدِهِ، المطيعِ إلى ما يُحِبُّ. والهاءُ مِن قولِهِ: {إِنَّهُ} مِنْ ذِكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ). [جامع البيان: 24/ 707-713]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد واستغفره إنه كان توابا قال له اعلم أنك ستموت عند ذلك). [تفسير مجاهد: 2/ 792]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا الفضل بن عبد الجبّار، ثنا النّضر بن شميلٍ، ثنا شعبة، ثنا أبو إسحاق، سمعت أبا عبيدة، يحدّث عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول: «سبحانك ربّنا وبحمدك» ، فلمّا نزلت {إذا جاء نصر اللّه والفتح} قال: «سبحانك ربّنا وبحمدك اللّهمّ اغفر لي إنّك أنت التّوّاب الرّحيم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ). [المستدرك: 2 / 587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ, {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}. قَالَ:
«اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَمُوتُ عِنْدَ ذَلِكَ»). [الدر المنثور: 15 / 722] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 07:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله: {إذا جاء نصر اللّه والفتح...}. يعني: فتح مكة). [معاني القرآن: 3/ 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إذا جاء نصر اللّه والفتح (1)} قيل إن الفتح كما جاء في التفسير أنه نعيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه في هذه السورة. فأعلم اللّه -عزّ وجلّ- أنه إذا جاء فتح مكة ودخل الناس في الإسلام أفواجا فقد قرب أجله -صلى الله عليه وسلم- وكان يقول ذلك إنه قد نعيت إلى نفسي في هذه السورة. فأمره اللّه عزّ وجلّ أن يكثر التسبيح والاستغفار ليختم له في آخر عمره بالزيادة في العمل الصالح باتباع ما أمره به). [معاني القرآن: 5/ 373]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً...} يقول: ورأيت الأحياء يسلم الحي بأسره، وقيل ذلك إنما يسلم الرجل بعد الرجل). [معاني القرآن: 3/ 297]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أفواجاً}: جماعات في تفرقة). [مجاز القرآن: 2/ 315]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً} قال: {يدخلون في دين اللّه أفواجاً} واحدهم: الفوج). [معاني القرآن: 4 /53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أفواجا}: جماعات). [غريب القرآن وتفسيره: 445]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجا (2)} ومعنى: {أفواجا} جماعات كثيرة، أي بعد أن كانوا يدخلون واحدا واحدا. واثنين اثنين، صارت القبيلة تدخل بأسرها في الإسلام). [معاني القرآن: 5 /373]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَفْوَاجًا}: جماعات). [العمدة في غريب القرآن: 359]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ( وقوله عز وجلّ: {فسبّح بحمد ربّك...} يقول: فصلّ. وذكروا أنه قال -صلى الله عليه وسلم- حين نزلت هذه السورة: «نعيت إليّ نفسي» ). [معاني القرآن: 3 /297]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّاباً} وقال: {فسبّح بحمد ربّك} يقول: "يكون تسبيحك بالحمد" لأن "التسبيح" هو ذكر، فقال: «يكون ذكرك بالحمد على ما أعطيتك من فتح مكة وغيره» ويقول الرجل: "قضيت سبحتي من الذكر"). معاني القرآن:[4 /53


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 07:50 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) }

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إذا جاء نصر اللّه والفتح * ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجًا * فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا}
قرأ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: (إذا جاء النّصر والفتح).
وسأل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما جمعًا من الصحابة والأشياخ وبالحضرة ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم، عن معنى هذه السورة وسببها، فقالوا كلّهم: «مقتضى ظاهر ألفاظها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر عند الفتوح التي فتحت عليه - مكة وغيرها - بأن يسبّح ربّه، ويحمده، ويستغفره». فقال لابن عبّاسٍ: «فما تقول أنت يا ابن عبّاسٍ؟» فقال: «هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أعلمه اللّه تعالى بقربه إذا رأى هذه الأشياء». فقال عمر رضي اللّه عنه: «ما أعلم منها إلاّ ما ذكرت».
وهذا المنزع الذي ذكره ابن عبّاسٍ ذكره ابن مسعودٍ وأصحابه، ومجاهدٌ وأصحابه، وقتادة، والضّحّاك، وروت معناه عائشة رضي اللّه عنها عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا فتحت مكة وأسلم العرب جعل يكثر أن يقول: «سبحان اللّه وبحمده، اللّهمّ إنّي أستغفرك». يتأوّل القرآن في هذه السورة، وقال لها مرّةً: «ما أراه إلاّ حضور أجلي».
وتأوّله عمر والعبّاس رضي اللّه عنهما بحضرة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فصدّقهما.
و(النّصر) الذي رآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غلبته لقريشٍ وهوازن، وغير ذلك.
و(الفتح) هو فتح مكة، والطائف، ومدن الحجاز، وكثيرٍ من اليمن). [المحرر الوجيز: 8/ 703-704]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(دخول الناس في دين اللّه أفواجًا) كان من فتح مكة إلى موت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال أبو عمر بن عبد البرّ رحمه اللّه في كتابه (الاستيعاب في الصحابة) في باب أبي خراشٍ الهذليّ: لم يمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفي العرب رجلٌ كافرٌ، بل دخل الكلّ في الإسلام بعد حنينٍ والطائف، منهم من قدم، ومنهم من قدم وافده، ثمّ كان بعده صلّى اللّه عليه وسلّم من الرّدّة ما كان، ورجعوا كلّهم إلى الدّين.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه: والمراد - واللّه أعلم - العرب عبدة الأوثان، وأمّا نصارى بني تغلب فما أراهم أسلموا قطّ في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لكن أعطوا الجزية.
و(الأفواج): الجماعة إثر الجماعة، وكما قال تعالى: {كلّما ألقي فيها فوجٌ}.
وقال مقاتلٌ: المراد بالناس أهل اليمن، وفد منهم سبعمائة رجلٍ. وقاله عكرمة، وقال الجمهور: المراد جميع وفود العرب؛ لأنّهم قالوا: إذ فتح الحرم لمحمّدٍ، وقد حماه اللّه تعالى من الحبشة وغيرهم، فليس لكم به يدان.
وذكر جابر بن عبد اللّه فرقة الصحابة فبكى، وقال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «دخل النّاس في الدّين أفواجًا، وسيخرجون منه أفواجًا» ). [المحرر الوجيز: 8/ 704]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّه كان توّابًا} بعقبٍ {واستغفره} ترجيةٌ عظيمةٌ للمستغفرين، جعلنا اللّه تعالى منهم.
وحكى النّقّاش عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أنّ النصر هو صلح الحدييبّة، وأن الفتح هو فتح مكّة.
وقال ابن عمر: «نزلت هذه السورة على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمنًى في وسط أيام التّشريق، في حجّة الوداع، وعاش بعدها ثمانين يومًا أو نحوها، صلّى اللّه عليه وسلّم»). [المحرر الوجيز: 8/ 705]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمـن الرّحيم
{إذا جاء نصر اللّه والفتح * ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجًا * فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا}.
قال البخاريّ: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدرٍ، فكأنّ بعضهم وجد في نفسه»، فقال: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناءٌ مثله؟ فقال عمر: «إنّه ممّن علمتم».
فدعاهم ذات يومٍ فأدخله معهم، فما رئيت أنّه دعاني فيهم يومئذٍ إلاّ ليريهم، فقال: «ما تقولون في قول اللّه عزّ وجلّ: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}». فقال: بعضهم أمرنا أن نحمد اللّه ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً؛ فقال لي: «أكذلك تقول يابن عبّاسٍ؟» فقلت: «لا». فقال: «ما تقول؟» فقلت: «هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أعلمه له». قال: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}، فذلك علامة أجلك؛ {فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّاباً}. فقال عمر ابن الخطّاب: «لا أعلم منها إلاّ ما تقول». تفرّد به البخاريّ.
وروى ابن جريرٍ، عن محمد بن حميدٍ، عن مهران، عن الثّوريّ، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ... فذكر مثل هذه القصّة أو نحوها.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن فضيلٍ، حدّثنا عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعيت إليّ نفسي»، بأنّه مقبوضٌ في تلك السّنة، تفرّد به أحمد.
وروى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ مثله، وهكذا قال مجاهدٌ وأبو العالية والضّحّاك وغير واحدٍ: إنّها أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، نعي إليه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني إسماعيل بن موسى، حدّثنا الحسين بن عيسى الحنفيّ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن أبي حازمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة إذ قال: «اللّه أكبر، اللّه أكبر، جاء نصر اللّه والفتح، جاء أهل اليمن». قيل: يا رسول اللّه، وما أهل اليمن؟ قال: «قومٌ رقيقةٌ قلوبهم، ليّنةٌ طباعهم، الإيمان يمانٍ، والفقه يمانٍ، والحكمة يمانيّةٌ».
ثمّ رواه عن ابن عبد الأعلى، عن ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عكرمة مرسلاً.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا زكريّا بن يحيى، حدّثنا أبو كاملٍ الجحدريّ، حدّثنا أبو عوانة، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}. حتى ختم السّورة، قال: نعيت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه حين نزلت.
قال: فأخذ بأشدّ ما كان قطّ اجتهاداً في أمر الآخرة، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد ذلك: «جاء الفتح ونصر اللّه، وجاء أهل اليمن». فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، وما أهل اليمن؟ قال: «قومٌ رقيقةٌ قلوبهم، ليّنةٌ قلوبهم، الإيمان يمانٍ، والفقه يمانٍ».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}؛ علم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن قد نعيت إليه نفسه، فقيل: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} السّورة كلّها.
حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، أنّ عمر سأل ابن عبّاسٍ عن هذه الآية: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}. قال: «لمّا نزلت نعيت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه».
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعيّ، حدّثنا أبي، حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن أبي العميس، عن أبي بكر بن أبي الجهم، عن عبيد اللّه بن عتبة، عن ابن عبّاسٍ قال: «آخر سورةٍ نزلت من القرآن جميعاً: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}».
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختريّ الطّائيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: لمّا نزلت هذه السّورة: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}، قرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى ختمها؛ فقال: «الناس حيّزٌ، وأنا وأصحابي حيّزٌ». وقال: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيّةٌ».
فقال له مروان: كذبت. وعنده رافع بن خديجٍ وزيد بن ثابتٍ قاعدان معه على السّرير، فقال أبو سعيدٍ: لو شاء هذان لحدّثاك، ولكنّ هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصّدقة. فرفع مروان عليه الدّرّة ليضربه، فلمّا رأيا ذلك، قالا: صدق.
تفرّد به أحمد، وهذا الذي أنكره مروان على أبي سعيدٍ ليس بمنكرٍ، فقد ثبت من رواية ابن عبّاسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال يوم الفتح: ((لا هجرة، ولكن جهادٌ ونيّةٌ، ولكن إذا استنفرتم فانفروا)). أخرجه البخاريّ ومسلمٌ في صحيحيهما.
فالذي فسّر به بعض الصحابة من جلساء عمر -رضي اللّه عنهم أجمعين- من أنّه قد أمرنا إذا فتح اللّه علينا المدائن والحصون أن نحمد اللّه ونشكره ونسبّحه، يعني: نصلّي له، ونستغفره؛ معنًى مليحٌ صحيحٌ.
وقد ثبت له شاهدٌ من صلاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فتح مكّة وقت الضّحى ثماني ركعاتٍ، فقال قائلون: هي صلاة الضّحى، وأجيبوا بأنّه لم يكن يواظب عليها، فكيف صلاّها ذلك اليوم وقد كان مسافراً لم ينو الإقامة بمكّة؟! ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريباً من تسعة عشر يوماً يقصر الصّلاة ويفطر هو وجميع الجيش، وكانوا نحواً من عشرة آلافٍ.
قال هؤلاء: وإنّما كانت صلاة الفتح. قالوا: فيستحبّ لأمير الجيش إذا فتح بلداً أن يصلّي فيه أوّل ما يدخله ثماني ركعاتٍ، وهكذا فعل سعد بن أبي وقّاصٍ يوم فتح المدائن.
ثمّ قال بعضهم: يصلّيها كلّها بتسليمةٍ واحدةٍ، والصحيح أنّه يسلّم من كلّ ركعتين، كما ورد في سنن أبي داود أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يسلّم يوم الفتح من كلّ ركعتين.
وأمّا ما فسّر به ابن عبّاسٍ وعمر رضي اللّه عنهما من أنّ هذه السورة نعي فيها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه الكريمة، وأعلم أنّك إذا فتحت مكّة، وهي قريتك التي أخرجتك، ودخل النّاس في دين اللّه أفواجاً؛ فقد فرغ شغلنا بك في الدّنيا، فتهيّأ للقدوم علينا والوفود إلينا، فالآخرة خيرٌ لك من الدّنيا، ولسوف يعطيك ربّك فترضى، ولهذا قال: {فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّاباً}. قال النّسائيّ:
أخبرنا عمرو بن منصورٍ، حدّثنا محمد بن محبوبٍ، حدّثنا أبو عوانة، عن هلال بن خبّابٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}. إلى آخر السّورة، قال: نعيت لرسول اللّه نفسه حين أنزلت، فأخذ في أشدّ ما كان اجتهاداً في أمر الآخرة.
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد ذلك: ((جاء الفتح، وجاء نصر اللّه، وجاء أهل اليمن)). فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، ما أهل اليمن؟ قال: ((قومٌ رقيقةٌ قلوبهم، ليّنةٌ قلوبهم، الإيمانٌ يمانٍ، والحكمةٌ يمانيّةٌ، والفقه يمانٍ)).
وقال البخاريّ: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللّهمّ ربّنا وبحمدك، اللّهمّ اغفر لي)). يتأوّل القرآن.
وأخرجه بقيّة الجماعة إلاّ التّرمذيّ من حديث منصورٍ به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن أبي عديٍّ، عن داود، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، قال: قالت عائشة: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر في آخر أمره من قول: ((سبحان اللّه وبحمده، أستغفر اللّه وأتوب إليه)). وقال: ((إنّ ربّي كان أخبرني أنّي سأرى علامةً في أمّتي، وأمرني إذا رأيتها أن أسبّح بحمده وأستغفره؛ إنّه كان توّاباً، فقد رأيتها: {إذا جاء نصر اللّه والفتح * ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً * فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّاباً})).
ورواه مسلمٌ من طريق داود بن أبي هندٍ به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو السّائب، حدّثنا حفصٌ، حدّثنا عاصمٌ، عن الشّعبيّ، عن أمّ سلمة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلاّ قال: ((سبحان اللّه وبحمده)). فقلت: يا رسول اللّه، رأيتك تكثر من سبحان اللّه وبحمده، لا تذهب ولا تجيء ولا تقوم ولا تقعد إلاّ قلت: سبحان اللّه وبحمده. قال: ((إنّي أمرت بها)). فقال: (({إذا جاء نصر اللّه والفتح})). إلى آخر السورة غريبٌ.
وقد كتبنا حديث كفّارة المجلس من جميع طرقه وألفاظه في جزءٍ مفردٍ، فيكتب ههنا.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول: ((سبحانك اللّهمّ ربّنا وبحمدك، اللّهمّ اغفر لي، إنّك أنت التّوّاب الرّحيم)) ثلاثاً.
تفرّد به أحمد، ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن عمرو بن مرّة، عن شعبة، عن إسحاق به.
والمراد بالفتح ههنا: فتح مكّة قولاً واحداً؛ فإنّ أحياء العرب كانت تتلوّم بإسلامها فتح مكّة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبيٌّ. فلمّا فتح اللّه عليه مكّة دخلوا في دين اللّه أفواجاً، فلم تمض سنتان حتّى استوسقت جزيرة العرب إيماناً، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلاّ مظهرٌ للإسلام وللّه الحمد والمنّة.
وقد روى البخاريّ في صحيحه عن عمرو بن سلمة، قال: لمّا كان الفتح بادر كلّ قومٍ بإسلامهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكانت الأحياء تتلوّم بإسلامها فتح مكّة، يقولون: دعوه وقومه؛ فإن ظهر عليهم فهو نبيٌّ، الحديث.
وقد حرّرنا غزوة الفتح في كتابنا (السّيرة) فمن أراد فليراجعه هنالك، وللّه الحمد.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعيّ، حدّثني أبو عمّارٍ، حدّثني جارٌ لجابر بن عبد اللّه قال: قدمت من سفرٍ؛ فجاءني جابر بن عبد اللّه يسلّم عليّ، فجعلت أحدّثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابرٌ يبكي، ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلّم يقول: ((إنّ النّاس دخلوا في دين اللّه أفواجاً، وسيخرجون منه أفواجاً)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 509-513]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة