العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:36 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة التكاثر [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:27 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت مطرفًا يحدث، عن أبيه، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر}،«يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت؟ أو تصدقت فأعطيت»).[الزهد لابن المبارك: 2/ 323]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (الناسخ من القرآن

وحدثني رجلٌ عن يعقوب بن مجاهد في قول رسول الله: لو كان لابن آدم وادٍ من ذهبٍ لأحب أن يكون له ثاني، فقال: نسخت بـ {ألهاكم التكاثر (1) حتى زرتم المقابر}).[الجامع في علوم القرآن: 3/ 84]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {ألهاكم التكاثر} قال: قالوا نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان حتى ماتوا ضلالا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 393]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حميد، عن مورّقٍ العجليّ، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر} قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت»). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 74-75]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن فضيلٍ، عن أبيه، عن إسماعيل، عن الحسن، قال: كان إذا قرأ: {ألهاكم التّكاثر} قال: في الأموال والأولاد {حتّى زرتم المقابر * كلاّ سوف تعلمون} قال: وعيدٌ بعد وعيدٍ {علم اليقين}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 466]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {التّكاثر} : «من الأموال والأولاد»). [صحيح البخاري: 6 / 176]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: التَّكَاثُرُ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ) وصَلَهُ ابنُ المُنْذِرِ من طَرِيقِ ابنِ جُرَيجٍ عن عَطَاءٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ). [فتح الباري: 8 / 728]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن عبّاس التكاثر من الأموال والأولاد). [تغليق التعليق: 4 / 376]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّكَاثُرُ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ).
أَيْ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} أَيْ: شَغَلَكُمُ التَّكَاثُرُ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ، رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ). [عمدة القاري: 19 / 313]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فيما وَصَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: (التَّكَاثُرُ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ) أي شَغَلَكُمْ ذلك عن طاعةِ اللَّهِ). [إرشاد الساري: 7 / 433]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا محمود بن غيلان، قال: حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير، عن أبيه، أنّه انتهى إلى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وهو يقرأ: {ألهاكم التّكاثر}؛ قال: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلاّ ما تصدّقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت؟
»
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 304]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ الرّازيّ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن الحجّاج، عن المنهال بن عمرٍو، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عليٍّ قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتّى نزلت: {ألهاكم التّكاثر}؛ قال أبو كريبٍ، مرّةً عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو.
هذا حديثٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5 / 304]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ألهاكم التّكاثر}؛ قال: في الأموال والأولاد). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 107]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن عمرٍو، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرّفٍ، عن أبيه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: {ألهاكم التّكاثر (1) حتّى زرتم المقابر}، قال: « يقول ابن آدم: مالي مالي، وإنّ ما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت »). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ: ألهاكُم أيُّها الناسُ المباهاةُ بكثرةِ المالِ والعددِ عن طاعةِ ربِّكم، وعمَّا يُنجيِّكُم من سَخَطِهِ عليكم.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ: كانوا يقولونَ: نحنُ أكثرُ من بني فلانٍ، ونحنُ أعدُّ من بني فلانٍ، وهم كلَّ يومٍ يتساقطونَ إلى آخرِهم، واللَّهِ ما زالوا كذلك حتَّى صارُوا من أهلِ القبورِ كلُّهم.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالوا: نحنُ أكثرُ من بني فلانٍ، وبنو فلانٍ أكثرُ من بني فلانٍ، ألهاهُم ذلك حتَّى ماتُوا ضُلاَّلاً.
ورُوِيَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلامٌ يدلُّ على أنَّ معناهُ التكاثرُ بالمالِ. ذِكْرُ الخبرِ بذلك:
- حَدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا وكيعٌ، عن هشامٍ الدستوائيِّ، عن قتادةَ، عن مُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ الشِّخِّيرِ، عن أبيهِ، أنَّهُ انتهَى إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقرأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ: «ابْنَ آدَمَ، لَيْسَ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ».
- حدَّثنا محمدُ بنُ خلفٍ العسقلانيُّ قالَ: ثنا آدمُ قالَ: ثنا حمَّادُ بنُ سلمةَ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، عن أُبيِّ بنِ كعبٍ قالَ: كنَّا نرى أنَّ هذا الحديثَ من القرآنِ: ((لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ، لَتَمَنَّى وَادِياً ثَالِثاً، وَلا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، ثمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ)) حتَّى نزلتْ هذه السورةُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إلى آخرِها.
وقولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعَقِبِ قراءتِهِ: {أَلْهَاكُمُ} ليسَ لك من مالِكِ إلا كذا وكذا، يُنبئُ أنَّ معنى ذلك عندَهُ: {ألهاكُم التكاثرُ}: المالُ). [جامع البيان: 24 / 598-600]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عمرٍو عثمان بن عبد اللّه بن السّمّاك ببغداد، ثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن منصورٍ الحارثيّ، ثنا معاذ بن هشامٍ، حدّثني أبي، عن قتادة، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير، أنّ أباه حدّثه قال: انتهيت إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ {ألهاكم التّكاثر} وهو يقول:«يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت؟» «هذا حديثٌ صحيح الإسناد وليس من شرط الشّيخين وليس لعبد اللّه بن الشّخّير راوٍ غير ابنه مطرّفٍ، نظرنا فإذا مسلمٌ قد أخرجه من حديث شعبة عن قتادة مختصرًا»). [المستدرك: 2 / 582]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز، ثنا محمّد بن بكرٍ البرسانيّ، ثنا جعفر بن برقان، قال: سمعت يزيد بن الأصمّ، يحدّث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما أخشى عليكم الفقر ولكنّي أخشى عليكم التّكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ، ولكنّي أخشى عليكم التّعمّد» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن قَتَادَةَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؛ قالَ: قالُوا: نَحْنُ أكثرُ مِن بني فلانٍ، وبنو فلانٍ أكثرُ من بني فلانٍ، فأَلْهَاهُم ذلك حتى ماتُوا ضُلاَّلاً). [الدر المنثور: 15 / 618]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؛ قالَ: في الأموالِ والأولادِ). [الدر المنثور: 15 / 619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكمُ وصحَّحَه، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ، وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّعَمُّدَ» ). [الدر المنثور: 15 / 619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 620] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأَخْرَجَ الطبرانيُّ عن مُطَرِّفٍ، عن أبيه، قالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ رسولُ اللهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي. وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَو أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ؟» ). [الدر المنثور: 15 / 616]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، ومسلمٌ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي. وَإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثَةٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ تَصَدَّقَ فَأقْنَى. وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ» ). [الدر المنثور: 15 / 616-617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الحسنِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي. وَمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَأَمْضَى» ). [الدر المنثور: 15 / 617]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} يعني: حتَّى صرتُم إلى المقابرِ فدُفِنْتُم فيها؛ وفي هذا دليلٌ على صحَّةِ القولِ بعذابِ القبرِ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالَى ذِكْرُهُ أخبرَ عن هؤلاءِ القومِ الذينَ ألهاهُم التكاثرُ، أنَّهم سيعلمونَ ما يَلْقَوْنَ إذا هُم زاروا القبورَ وعيداً منه لهم وتهدُّداً.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا ابنُ عطيةَ، عن قيسٍ، عن حجَّاجٍ، عن المِنهالِ، عن زَرٍّ، عن عليٍّ قالَ: كنَّا نشكُّ فِي عذابِ القبرِ، حتَّى نزلتْ هذه الآيةُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إلى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} فِي عذابِ القبرِ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا حكَّامُ بنُ سَلْمٍ، عن عنبسةَ، عن ابنِ أبي ليلى، عن المنهالِ، عن زرٍّ، عن عليٍّ قالَ: نزلتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فِي عذابِ القبرِ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا حكَّامٌ، عن عمرٍو، عن الحجَّاجِ، عن المنهالِ بنِ عمرٍو، عن زرٍّ، عن عليٍّ قالَ: ما زلْنا نشكُّ فِي عذابِ القبرِ حتَّى نزلتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} ). [جامع البيان: 24 / 600]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حاتمٍ، عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، أنه قَرَأَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}. ثم قالَ: ما أَرَى المقابرَ إلاَّ زِيارةً، وما للزائِرِ بُدٌّ مِن أن يَرْجِعَ إلى مَنْزِلِه). [الدر المنثور: 15 / 619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ».
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ:
«يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ» ). [الدر المنثور: 15 / 620] (م)

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) }
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن فضيلٍ، عن أبيه، عن إسماعيل، عن الحسن، قال: كان إذا قرأ: {ألهاكم التّكاثر} قال: في الأموال والأولاد {حتّى زرتم المقابر * كلاّ سوف تعلمون} قال: وعيدٌ بعد وعيدٍ {علم اليقين}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 466](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني تعالَى ذِكْرُهُ بقولِهِ: {كَلَّا}: ما هكذا ينبغي أنْ تفعلُوا، أنْ يُلْهِيَكُم التكاثرُ. وقولُهُ: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يقولُ جلَّ ثناؤُه: سوفَ تعلمونَ إذا زرتُم المقابرَ -أيُّها الذينَ ألهاهُم التكاثرُ- غِبَّ فعلِكم، واشتغالِكم بالتكاثرِ فِي الدنيا عن طاعةِ اللَّهِ ربِّكم). [جامع البيان: 24 / 600-601]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}؛ يقولُ: ثمَّ ما هكذا ينبغي أنْ تفعلُوا أنْ يُلهيَكُم التكاثرُ بالأموالِ، وكثرةُ العددِ، سوفَ تعلمونَ إذا زرتُم المقابرَ ما تَلْقَوْنَ إذا أنتُم زرتُموها، من مكروهِ اشتغالِكم عن طاعةِ ربِّكم بالتكاثرِ. وكرَّر قولَهُ: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}؛ مرَّتينِ؛ لأنَّ العربَ إذا أرادت التغليظَ فِي التخويفِ والتهديدِ كرَّروا الكلمةَ مرَّتينِ.
ورُوِيَ عن الضحَّاكِ فِي ذلك ما حدَّثنا بهِ ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن أبي سِنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضحَّاكِ: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}؛ قالَ: الكفَّارُ، {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}؛ قالَ: المؤمنونَ. وكذلك كانَ يقرأُها). [جامع البيان: 24 / 601]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ».
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ:
«يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ».
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}
«يعني: لَوْ قَدْ دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ»، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}: «يقولُ: لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ» ). [الدر المنثور: 15 / 620] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ، أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلا قولَه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
يقولُ:
«لَوْ دَخَلْتُمُ الْقُبُورَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ»). [الدر المنثور: 15 / 620-621] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ عن الضحَّاكِ: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} الكفارَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ يَعْلَمُونَ} المؤمنونَ. وكذلك كان يَقْرَؤُها). [الدر المنثور: 15 / 621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وابنُ أبي شيبةَ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أَبِي حَاتِم، عَنِ الحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؛ قَالَ: فِي الأمْوَالِ وَالأَوْلادِ، {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}). قَالَ: وَعِيدٌ بَعْدَ وَعِيدٍ). [الدر المنثور: 15 / 621]

تفسير قوله تعالى:{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {علم اليقين}، قال: كنا نتحدث أنه الموت). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 393]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ}؛ يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ: ما هكذا ينبغي أنْ تفعلُوا؛ أنْ يُلهِيَكم التكاثرُ أيُّها الناسُ، لو تعلمونَ أيُّها الناسُ عِلماً يقيناً أنَّ اللَّهَ باعِثُكم يومَ القيامةِ من بعدِ مماتِكم من قُبورِكم، ما ألهاكُم التكاثرُ عن طاعةِ اللَّهِ ربِّكم، ولسارعتُم إلى عبادتِهِ، والانتهاءِ إلى أمْرِهِ ونهْيِهِ، ورفْضِ الدنيا إشفاقاً على أنفسِكُم من عقوبتِهِ.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} كنَّا نُحَدَّثُ أنَّ علْمَ اليقينِ أنْ يعلمَ أنَّ اللَّهَ باعثُهُ بعدَ الموتِ). [جامع البيان: 24 / 601-602]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ».
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ:
«يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ».
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}
«يعني: لَوْ قَدْ دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ»، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}: «يقولُ: لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ».
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قالَ:
«لَوْ قَدْ وَقَفْتُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ بَيْنَ يَدَي رَبِّكُمْ»). [الدر المنثور: 15 / 620] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ، أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلا قولَه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
يقولُ:
«لَوْ دَخَلْتُمُ الْقُبُورَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ، {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} مَحْشَرِكُم إِلَى رَبِّكُمْ»). [الدر المنثور: 15 / 620-621] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أن عِلْمَ اليقينِ أن يَعْلَمَ أن اللهَ باعِثُه بعدَ الموتِ). [الدر المنثور: 15 / 621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ}؛ قالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أنه الموتُ، وفي قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: إنَّ اللهَ سائِلٌ كلَّ ذِي نِعْمَةٍ فيما أَنْعَمَ عليهِ). [الدر المنثور: 15 / 621]

تفسير قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ}؛ اختلفت القرأةُ فِي قراءةِ ذلك، فقرأتْهُ عامَّةُ قرأةُ الأمصارِ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} بفتحِ التاءِ من {لَتَرَوُنَّ} فِي الحرفينِ كلَيْهِما، وقرأَ ذلك الكسائيُّ بضمِّ التاءِ من الأولَى، وفتْحِها من الثانيةِ.
والصوابُ عندَنا فِي ذلك الفتحُ فيهما كلَيْهِما؛ لإجماعِ الحجَّةِ عليهِ. وإذا كانَ ذلك كذلك، فتأويلُ الكلامِ: لترونَّ أيُّها المشركونَ جهنَّمَ يومَ القيامةِ، ثمَّ لترونَّها عِياناً لا تَغِيبونَ عنها). [جامع البيان: 24 / 602]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ».
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ:
«يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ».
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}
«يعني: لَوْ قَدْ دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ»، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}: «يقولُ: لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ».
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قالَ:
«لَوْ قَدْ وَقَفْتُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ بَيْنَ يَدَي رَبِّكُمْ».
{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} وَذَلِكَ أَنَّ الصِّرَاطَ يُوضَعُ وَسَطَ جهَنَّمَ، فَنَاجٍ مسلمٌ، وَمْخْدُوشٌ مسلمٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 620] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ، أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا قولَه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
يقولُ:
«لَوْ دَخَلْتُمُ الْقُبُورَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ، {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} مَحْشَرِكُم إِلَى رَبِّكُمْ، {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} أي: فِي الآخِرَةِ حقَّ الْيَقِينِ كَرَأْيِ الْعَيْنِ»). [الدر المنثور: 15 / 620-621] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) }

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ قالَ: ثني أبي قالَ: ثني عمِّي قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ قولَهُ: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} يعني: أهلَ الشِّرْكِ). [جامع البيان: 24 / 602]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ، أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا قولَه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
يقولُ: ((لَوْ دَخَلْتُمُ الْقُبُورَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ، {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} مَحْشَرِكُم إِلَى رَبِّكُمْ، {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} أي: فِي الآخِرَةِ حقَّ الْيَقِينِ كَرَأْيِ الْعَيْنِ، {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [الدر المنثور: 15 / 620-621] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، وكان الحسن وقتادة يقولان: ثلاث لا يسأل عنهن ابن آدم وما خلاهن فيه المسألة والحساب إلا ما شاء الله كسوة يواري بها سوأته وكسرة يشد بها صلبه وبيت يكنه من الحر والبرد). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 393]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن سعيد ابن عبد الرحمن، عن ابن أبي الزبير، قال: لما نزلت {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قالوا: يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه وإنما هو الأسودان التمر والماء قال: «أما إن ذلك سيكون»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 393]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن بشرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا صفوان بن سليمٍ، عن محمود بن لبيدٍ، قال: لمّا نزلت هذه السّورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر} حتّى بلغ {ثم لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قالوا: أي رسول الله عن أيّ نعيمٍ نسأل، إنّما هما الأسودان: الماء والتّمر، وسيوفنا على رقابنا والعدوّ حاضرٌ، فعن أيّ نعيمٍ نسأل، قال: «إنّ ذلك سيكون»). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 79]

قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد الله بن الزّبير بن العوّام، عن أبيه، قال: لمّا نزلت: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قال الزّبير: يا رسول الله، وأيّ النّعيم نسأل عنه، وإنّما هما الأسودان التّمر والماء؟ قال: «أما إنّه سيكون».
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5 / 305]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عيّاشٍ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: لمّا نزلت هذه الآية: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قال النّاس: يا رسول الله، عن أيّ النّعيم نسأل؟ فإنّما هما الأسودان والعدوّ حاضرٌ، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال:« إنّ ذلك سيكون».
وحديث ابن عيينة عن محمّد بن عمرٍو عندي أصحّ من هذا، سفيان بن عيينة أحفظ وأصحّ حديثًا من أبي بكر بن عيّاشٍ). [سنن الترمذي: 5 / 305]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا شبابة، عن عبد الله بن العلاء، عن الضّحّاك بن عبد الرّحمن بن عرزمٍ الأشعريّ، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم:« إنّ أوّل ما يسأل عنه يوم القيامة، يعني العبد من النّعيم، أن يقال له: ألم نصحّ لك جسمك، ونرويك من الماء البارد».
هذا حديثٌ غريبٌ.
والضّحّاك هو ابن عبد الرّحمن بن عرزبٍ، ويقال ابن عرزمٍ، وابن عرزمٍ أصحّ). [سنن الترمذي: 5 / 305]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث عن جعفرٍ عن سعيدٍ قال: {لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم} قال: عن الصّحّة). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 33]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن يحيى أبو عليٍّ، حدّثنا عبد الله بن عثمان، عن أبي حمزة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «هذا والّذي نفسي بيده النّعيم الّذي تسألون عنه يوم القيامة، الظّلّ البارد، والرّطب البارد عليه الماء البارد» مختصرٌ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} يقولُ: ثمَّ لَيَسْأَلَنَّكُم اللَّهُ عزَّ وجلَّ عن النعيمِ الذي كنْتُم فيه فِي الدنيا: ماذا عَمِلْتُم فيه؟ من أينَ وصلتُم إليهِ؟ وفِيمَ أصبتُمُوهُ؟ وماذا عملتُم بهِ؟.
واختلفَ أهلُ التأويلِ فِي ذلك النعيمِ ما هو؟ فقالَ بعضُهم: هو الأمنُ والصحَّةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عبَّادُ بنُ يعقوبَ، قالَ: ثنا محمدُ بنُ سليمانَ، عن ابنِ أبي ليلى، عن الشعبيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، فِي قولِهِ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: الأمْنُ والصحَّةُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا حفْصٌ، عن ابنِ أبي ليلى، عن الشعبيِّ، عن عبدِ اللَّهِ، مثلَهُ.
- حدَّثني عليُّ بنُ سعيدٍ الكِنديُّ, قالَ: ثنا محمدُ بنُ مَرْوانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: الأمنُ والصحَّةُ.
- حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ قالَ: ثنا أبو عاصمٍ قالَ: ثنا سفيانُ قالَ: بلغني فِي قولِهِ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: الأمْنُ والصحَّةُ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ اللَّهِ قالَ: سمِعْتُ الشعبيَّ يقولُ: النعيمُ المسئولُ عنهُ يومَ القيامةِ: الأمنُ والصحَّةُ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن خالدٍ الزيَّاتِ، عن ابنِ أبي ليلى، عن عامرٍ الشعبيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، مثلَهُ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: الأمْنُ والصحَّةُ.
وقالَ آخرُونَ: بلْ معنى ذلك: ثمَّ ليسألُنَّ يومئذٍ عمَّا أنعمَ اللَّهُ بهِ عليهم ممَّا وهبَ لهم من السمعِ والبصرِ وصحَّةِ البدنِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك.
- حدَّثني عليٌّ قالَ: ثنا أبو صالحٍ قالَ: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: النعيمُ: صحَّةُ الأبدانِ والأسماعِ والأبصارِ، قالَ: يسألُ اللَّهُ العِبادَ: فِيمَ استعملُوها، وهو أعلَمُ بذلك منهم، وهو قولُهُ: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}.
- حدَّثني إسماعيلُ بنُ موسى الفَزاريُّ قالَ: أخبرنا عمرُ بنُ شاكرٍ، عن الحسنِ قالَ: كانَ يقولُ فِي قولِهِ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: السمعُ والبصرُ، وصحَّةُ البدنِ.
وقالَ آخرُونَ: هو العافيةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عبَّاد بنُ يعقوبَ قالَ: ثنا نوحُ بنُ دراجٍ، عن سعدِ بنِ طريفٍ، عن أبي جعفرٍ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: العافيةُ.
وقالَ آخرُونَ: بل عُنِيَ بذلك: بعضُ ما يطعَمُهُ الإنسانُ، أو يشرَبُهُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عبدُ الرحمنِ قالَ: ثنا سفيانُ، عن بُكَيرِ بنِ عَتيقٍ قالَ: رأيتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ أُتِيَ بشربةِ عسلٍ، فشَرِبَها وقالَ: هذا النعيمُ الذي تُسألُونَ عنهُ.
- حدَّثني عليُّ بنُ سهلٍ الرمليُّ قالَ: ثنا الحسنُ بنُ بلالٍ قالَ: ثنا حمَّادُ بنُ سلمةَ، عن عمَّارِ بنِ أبي عمَّارٍ قالَ: سمِعْتُ جابرَ بنَ عبدِ اللَّهِ يقولُ: أتانا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكرٍ وعمرُ رضيَ اللَّهُ عنهما فأطعمْنَاهم رُطَباً، وسَقَيْناهُم ماءً، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ».
- حدَّثنا جابرُ بنُ الكرديِّ قالَ: ثنا يزيدُ بنُ هارونَ قالَ: ثنا حمَّادُ بنُ سلمةَ، عن عمَّارِ بنِ أبي عمَّارٍ قالَ: سمِعْتُ جابرَ بنَ عبدِ اللَّهِ يقولُ: أتانا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذَكَرَ نحْوَهُ.
- حدَّثني الحسنُ بنُ عليٍّ الصُّدَائيُ قالَ: ثنا الوليدُ بنُ القاسمِ، عن يزيدَ بنِ كَيْسانَ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرةَ قالَ: بينَما أبو بكرٍ وعمرُ رضيَ اللَّهُ عنهما جالسانِ، إذْ جاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ: «مَا أَجْلَسَكُمَا هَاهُنَا؟» قالا: الجوعُ قالَ:« وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ»، فانطلقوا حتَّى أتَوْا بيْتَ رجلٍ من الأنصارِ، فاستقبلَتْهُم المرأةُ، فقالَ لها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ فُلانٌ؟» فقالتْ: ذهبَ يستعْذِبُ لنا ماءً، فجاءَ صاحبُهم يحملُ قربتَهُ، فقالَ: مرحباً، ما زارَ العِبادَ شيءٌ أفضلُ من شيءٍ زارنِي اليومَ. فعلَّقَ قربتَهُ بكَرَبِ نخلةٍ، وانطلقَ فجاءَهُم بعِذْقٍ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألاَ كُنْتَ اجْتَنَيْتَ؟» فقالَ: أحببتُ أنْ تكونوا الذينَ تختارونَ على أعيُنِكم، ثمَّ أخذَ الشَّفْرةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ»، فذبحَ لهم يومئذٍ، فأكلُوا، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، فَلَمْ تَرْجِعُوا حتَّى أَصَبْتُمْ هَذَا، فَهَذَا مِنَ النَّعِيمِ».
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا يحيى بنُ أبي بُكَيرٍ، قالَ: ثنا شيبانُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن عبدِ الملكِ بنِ عميرٍ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي بكرٍ وعمرَ: «انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الأنْصَارِيِّ» فأتَوْهُ فانطلقَ بهم إلى ظلِّ حديقتِهِ، فبَسَطَ لهم بِساطاً، ثمَّ انطلقَ إلى نخلةٍ، فجاءَ بقِنْوٍ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلاَّ تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ؟» فقالَ: أردتُ أنْ تخيَّروا من رطبِهِ وبُسْرِهِ، فأكلُوا وشربُوا من الماءِ؛ فلمَّا فرغَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مَسْئُولُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَذَا الظِّلُّ الْبَارِدُ، وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ، عَلَيْهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ».
- حدَّثني صالحُ بنُ مسمارٍ المَرْوَزِيُّ قالَ: ثنا آدمُ بنُ أبي إياسٍ قالَ: ثنا شيبانُ قالَ: ثنا عبدُ الملكِ بنُ عميرٍ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبي هريرةَ، عن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوِهِ، إلا أنَّهُ قالَ فِي حديثِهِ: «ظِلٌّ باردٌ، ورُطَبٌ باردٌ، وماءٌ باردٌ »
- حدَّثنا عليُّ بنُ عيسى البزَّازُ قالَ: ثنا سعيدُ بنُ سليمانَ، عن حشرجِ بنِ نُباتَةَ قالَ: ثنا أبو نُصيرةَ، عن أبي عسيبٍ مولَى رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: مرَّ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتَّى دخلَ حائطاً لبعضِ الأنصارِ، فقالَ لصاحبِ الحائطِ: «أَطْعِمْنَا بُسْراً»، فجاءَهُ بعِذْقٍ فوضعَهُ، فأكلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُهُ، ثمَّ دعا بماءٍ باردٍ فشَرِبَ، فقالَ: «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فأخذَ عمرُ العذقَ، فضربَ بهِ الأرضَ، حتَّى تناثرَ البسرُ، ثمَّ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا لمسئولُونَ عن هذا؟ قالَ: «نَعَمْ، إلاَّ مِنْ كَسْرَةٍ يَسُدُّ بِهَا جَوعَةً، أوْ حَجَرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ وَالقُرِّ».
- حدَّثني سعيدُ بنُ عمرٍو السَّكُونيُّ قالَ: ثنا بقيَّةُ، عن حشرجِ بنِ نباتةَ قالَ: حدَّثني أبو نُصيرةَ، عن أبي عسيبٍ مولَى رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: مرَّ بي النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فدعانِي وخرجْتُ ومعهُ أبو بكرٍ وعمرُ -رضيَ اللَّهُ عنهما-، فدخلَ حائطاً لبعضِ الأنصارِ، فأُتِيَ ببُسْرِ عِذْقٍ منه، فوضعَ بينَ يديْهِ، فأكلَ هوَ وأصحابُهُ، ثمَّ دعا بماءٍ باردٍ، فشرِبَ، ثمَّ قالَ: «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فقالَ عمرُ: عن هذا يومَ القيامةِ؟ فقالَ: «نَعَمْ، إِلاَّ مِنْ ثَلاثَةٍ: خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا عَوْرَتَهُ، أَوْ كَسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ، أَوْ حَجَرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ».
- حدَّثني يعقوبُ قالَ: ثنا ابنُ عليَّةَ، عن الجريريِّ، عن أبي نُصيرةَ قالَ: أكلَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وناسٌ من أصحابِهِ أكْلَةً من خبزِ شعيرٍ لم يُنْخَلْ، بلحمٍ سمينٍ، ثمَّ شربُوا من جَدْولٍ، فقالَ: «هَذَا كُلُّهُ مِنَ النَّعِيمِ تُسْأَلُونَ عنها يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
- حدَّثنا مجاهدُ بنُ موسى قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا محمَّدُ بنُ عمرٍو، عن صفوانَ بنِ سُليمٍ، عن محمدِ بنِ محمودِ بنِ لَبِيدٍ قالَ: " لمَّا نزلتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فقرأَهَا حتَّى بلغَ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، عن أيِّ النَّعيمِ نُسْألُ؛ وإنَّما هو الأسودانِ: الماءُ والتمرُ، وسيوفُنا علَى عواتِقِنا، والعدوُّ حاضرٌ؟! قالَ: «إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ».
- حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ والحسينُ بنُ عليٍّ الصدائيُّ، قالا: ثنا شَبَابةُ بنُ سوَّارٍ قالَ: ثني عبدُ اللَّهِ بنُ العلاءِ أبو زَبْرٍ الشاميُّ قالَ: ثنا الضحَّاكُ بنُ عرزمٍ قالَ: سمِعْتُ أبا هريرةَ يقولُ: قالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّعِيمِ أَنْ يُقالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لِكَ جِسْمَكَ، وَتُرْوَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ»؟.
- حدَّثني يعقوبُ قالَ: ثنا ابنُ عليَّةَ قالَ: ثنا ليثٌ، عن مجاهدٍ قالَ: قالَ أبو معمرٍ عبدُ اللَّهِ بنُ سخبرةَ: ما أصبحَ أحدٌ بالكوفةِ إلا ناعماً؛ إنَّ أهونَهُم عيْشاً الذي يأكلُ خبزَ البُرِّ، ويشربُ ماءَ الفُراتِ، ويستظلُّ من الظلِّ، وذلك من النعيمِ.
حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ الحارثِ التميميِّ، عن ثابتٍ البنانيِّ، عن النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «النَّعِيمُ الْمَسْئولُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: كَسْرَةٌ تُقَوِّيهِ، وَمَاءٌ يَرْوِيهِ، وَثَوْبٌ يُوَارِيهِ».
قالَ: ثنا مهرانُ، عن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن بشرِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ يسارٍ قالَ: سمِعْتُ بعضَ أهلِ يمنٍ يقولُ: سمِعْتُ أبا أمامةَ يقولُ: النعيمُ المسئولُ عنهُ يومَ القيامةِ: خُبزُ البُرِّ، والماءُ العذبُ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن بكيرِ بنِ عتيقٍ العامريِّ قالَ: أُتِيَ سعيدُ بنُ جبيرٍ بشربةِ عسلٍ، فقالَ: أمَا إنَّ هذا النعيمُ الذي نُسألُ عنهُ يومَ القيامةِ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}.
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن بكيرِ بنِ عتيقٍ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، أنَّهُ أُتِيَ بشربةِ عسلٍ، فقالَ: هذا من النعيمِ الذي تُسألونَ عنهُ.
وقالَ آخرُونَ: ذلك كلُّ ما التذَّهُ الإنسانُ فِي الدنيا من شيءٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثنا أبو عاصمٍ قالَ: ثنا عيسى؛ وحدَّثني الحارثُ قالَ: ثنا الحسنُ قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، فِي قولِ اللَّهِ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: عن كلِّ شيءٍ من لذَّةِ الدنيا.
- حَدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ سائلٌ كلَّ عبدٍ عمَّا استودَعَهُ من نِعْمَتِهِ وحقِّهِ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: إنَّ اللَّهَ تعالَى ذِكْرُهُ سائلٌ كلَّ ذي نعمةٍ فيما أنعمَ عليهِ.
وكانَ الحسنُ وقتادةُ يقولانِ: ثلاثٌ لا يُسألُ عنهُنَّ ابنُ آدمَ، وما خَلاهُنَّ فيهِ المسألةُ والحسابُ، إلاَّ ما شاءَ اللَّهُ: كِسْوةٌ يُوارِي بها سوْأتَهُ، وكسرةٌ يشدُّ بها صُلْبَهُ، وبيتٌ يُظِلُّهُ. والصوابُ من القولِ فِي ذلك: أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ أخبرَ أنَّهُ سائلٌ هؤلاءِ القومَ عن النعيمِ، ولم يُخصِّصْ فِي خبرِهِ أنَّهُ سائِلُهم عن نوعٍ من النعيمِ دونَ نوعٍ، بلْ عمَّ بالخبرِ فِي ذلك عن الجميعِ، فهو سائِلُهم كما قالَ عن جميعِ النعيمِ، لا عن بعضٍ دونَ بعضٍ). [جامع البيان: 24 / 602-611]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: نا حبان بن علي، قال: ثنا ابن طريف عن الأصبع بن نباتة، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم قال: النعيم هو العافية). [تفسير مجاهد: 2/ 779]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {ثم لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قال الزبير: يا رسول الله، وأيّ نعيم نسأل عنه، وإنما هما الأسودان: التمر والماء؟ قال: «أما إنه سيكون». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2 / 434]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية {ثم لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قال الناس: يا رسول الله، عن أيّ النّعيم نسأل، وإنما هما الأسودان، والعدوّ حاضرٌ، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال: «إنّ ذلك سيكون». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2 / 434]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم، أن يقال له: ألم نصحّ لك جسمك؟ ونروك من الماء البارد؟». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2 / 435]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن محمودِ بنِ لَبِيدٍ، قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؛ فقَرَأَهَا حتى بلَغَ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}. قالوا: يا رسولَ اللهِ، عن أيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ، وإنَّما هما الأسودانِ: التمْرُ والماءُ، وسُيوفُنا على رِقَابِنا، والعَدُوُّ حاضِرٌ، فعن أيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟ قالَ: «إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ».
رَوَاهُ أحمدُ، وفيه محمدُ بنُ عمرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وحديثُه حَسَنٌ، وفيه ضَعْفٌ؛ لسوءِ حِفْظِه، وبقيَّةُ رِجالِه رِجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 142]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن ابنِ الزُّبَيْرِ قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عنه؟ وإنما هما الأسودانِ: الماءُ والتمْرُ؟ قالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ».
رَوَاه الطبرانِيُّ، وفيه إبراهيمُ بنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، وَثَّقَه ابنُ حِبَّانَ وغيرُه، وضَعَّفَه أحمدُ وغيرُه، وبقيَّةُ رِجالِه ثِقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 142]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن الحسَنِ قالَ: لمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عنه، سُيُوفُنا على عَوَاتِقِنا؟ قالَ. وذَكَرَ الحديثَ.
رَوَاه أبو يَعْلَى، وفيه أَشْعَثُ بنُ بَرَازٍ، ولم أعْرِفْه). [مجمع الزوائد: 7 / 142]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا عبد اللّه بن سلمة البصريّ، ثنا أشعث بن براز، عن الحسن، قال: "لمّا نزلت هذه الآية {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قالوا: يا رسول اللّه، أيّ نعيمٍ نسأل عنه؟! سيوفنا على عواتقنا ... " قال وذكر الحديث.
- رواه أحمد بن حنبلٍ: من حديث محمود بن لبيدٍ قال: "لمّا نزلت {ألهاكم التّكاثر} فقرأها حتّى بلغ {لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم} قالوا: يا رسول اللّه، أيّ نعيمٍ نسأل، وإنما هما الأسودان: الماء والتّمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدوّ حاضرٌ، فعن أيّ نعيمٍ نسأل؟! قال:« إنّ ذلك سيكون»). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 303-304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالَ:
«يعني: عن الطاعةِ».
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قالَ:
«يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ».
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}
«يعني: لَوْ قَدْ دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ»، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}: «يقولُ: لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ».
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قالَ:
«لَوْ قَدْ وَقَفْتُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ بَيْنَ يَدَي رَبِّكُمْ».
{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ}
«وَذَلِكَ أَنَّ الصِّرَاطَ يُوضَعُ وَسَطَ جهَنَّمَ، فَنَاجٍ مسلمٌ، وَمْخْدُوشٌ مسلمٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ».
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}
«يعني شِبَعَ الْبُطُونِ، وَبَارِدَ الشَّرَابِ، وَظِلاَلَ الْمَسَاكِنِ، وَاعْتِدَالَ الْخَلْقِ، وَلَذَّةَ النَّوْمِ» ). [الدر المنثور: 15 / 620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ، أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلا قولَه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
يقولُ: «لَوْ دَخَلْتُمُ الْقُبُورَ، {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ، {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} مَحْشَرِكُم إِلَى رَبِّكُمْ، {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} أي: فِي الآخِرَةِ حقَّ الْيَقِينِ كَرَأْيِ الْعَيْنِ، {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} بَيْنَ يَدَي رَبِّكُمْ؛ عَنْ بَارِدِ الشَّرَابِ، وَظِلاَلِ الْمَسَاكِنِ، وَشِبَعِ الْبُطُونِ، وَاعْتِدَالِ الْخَلْقِ، وَلَذَاذَةِ النَّوْمِ، حَتَّى خِطْبَةِ أَحَدِكُمُ الْمَرْأَةَ مَعَ خُطَّابٍ سِوَاهُ فَزُوِّجَهَا وَمَنَعَهَا غَيْرَهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 620-621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أنه الموتُ. وفي قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: إنَّ اللهَ سائِلٌ كلَّ ذِي نِعْمَةٍ فيما أَنْعَمَ عليهِ). [الدر المنثور: 15 / 621] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}؛ قالَ: صحَّةُ الأبدانِ والأسماعِ - والأبصارِ، يَسْأَلُ اللهُ العبادَ فيمَ اسْتَعْمَلُوها وهو أعْلَمُ بذلك مِنهم، وهو قولُهُ: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ). [الدر المنثور: 15 / 622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}؛ قالَ: عَنْ كُلِّّّ شيءٍ مِن لذَّةِ الدنيا). [الدر المنثور: 15 / 622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ في زَوَائِدِ "الزُّهْدِ"، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ مسعودٍ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}. قالَ:
«الأَمْنُ وَالصِّحَّةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ هَنَّادٌ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن ابنِ مسعودٍ في الآيةِ، قالَ: النعيمُ: الأمنُ والصحةُ). [الدر المنثور: 15 / 622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ ِ، عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: النعيمُ: العافيةُ). [الدر المنثور: 15 / 622-623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، أنه سُئِلَ عن قوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: مَنْ أَكَلََ خُبْزََ البُرِّ وَشََرِبََ ماءََ الفُراتِ مُبَرَّداً، وكانَ له مَنْزِلٌ يَسْكُنُه، فذاكَ مِنَ النعيمِ الذي يُسْأَلُ عنه). [الدر المنثور: 15 / 623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدرداءِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: «أَكْلُ خُبْزِ البُرِّ، والنَّوْمُ في الظِّلِّ، وشُرْبُ ماءِ الفُراتِ مُبَرَّداً» ). [الدر المنثور: 15 / 623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي (الزُّهدِ)، وِابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}« نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَعْقِدُونَ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ بالنِّقْيِ فَيَأْكُلُونَهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن حُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ، عن رجلٍ من أهلِ الكتابِ، قالَ: ما اللهُ بمُعْطٍ عبداً فوقَ ثلاثٍ إلا سائِلُه عنهنَّ يومَ القيامةِ: قَدْرُ مَا يُقِيمُ بِه صُلْبَه مِن الخُبْزِ، وما يُكِنُّه مِن الظلِّ، وما يُوَارِي به عَوْرَته مِن الناسِ). [الدر المنثور: 15 / 623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن عكرمةَ، قالَ: لما نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ الصحابةُ: يَا رسولَ اللهِ وأيُّ نعيمٍ نحنُ فِيهِ وإنما نَأْكُلُ في أنصافِ بُطُونِنا خُبْزَ الشعيرِ؟ فأَوْحَى اللهُ إلى نبيِّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن قُلْ لهم: أَلَيْسَ تَحْتَذُونَ النِّعَالَ وَتَشْرَبُونَ الْمَاءَ الْبَارِدَ؟ فَهَذَا مِنَ النَّعِيمِ). [الدر المنثور: 15 / 624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، وهَنَّادٌ، وأحمدُ، وابنُ جَرِيرٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن محمودِ بنِ لَبِيدٍ، قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فقَرَأَ حتى بلَغَ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، عن أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ؟ وإِنَّما هما الأسودانِ: الماءُ والتمرُ، وسيوفُنا على رِقابِنا والعدوُّ حاضِرٌ، فعن أيِّ نعيمٍ نُسْأَلُ؟ قالَ: «أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» ). [الدر المنثور: 15 / 624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي هريرةَ، قالَ: لما نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ الناسُ: يا رسولَ اللهِ، عن أيِّ النعيمِ نُسْأَلُ، وإنما هما الأسودانِ والعدوُّ حاضِرٌ وسُيُوفُنا على عَوَاتِقِنا؟ قالَ: «أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» ). [الدر المنثور: 15 / 624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَه، وابنُ ماجَهْ، وابنُ المُنْذِر، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن الزُّبَيْرِ بنِ العوَّامِ، قالَ: لَمَّا نَزَلَت {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسولَ اللهِ، وأيُّ نعيمٍ نُسْأَلُ عنه، وإنما هما الأسودانِ: التمرُ والماءُ؟ قالَ: «إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» ). [الدر المنثور: 15 / 624-625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطبرانيُّ وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عن ابنِ الزبيرِ، قالَ: لَمَّا نَزَلَت: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ الزبيرُ بنُ العوَّامِ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ نعيمٍ نُسْأَلُ عنه وإنما هما الأسودانِ: الماءُ والتمرُ؟ قالَ: «أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» ). [الدر المنثور: 15 / 625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إلى آخِرها {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ أصحابُ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عن أيِّ نعيمٍ نُسْأَلُ؟ إنما هما الأسودانِ، الماءُ والتمرُ، وسُيُوفُنا على عَوَاتِقِنا! فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ» ). [الدر المنثور: 15 / 625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو يَعْلَى، عن الحَسَنِ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّ نعيمٍ نُسْأَلُ عنه وسُيوفُنا على عوَاتِقِنا؟ وذكَرَ الحديثَ). [الدر المنثور: 15 / 625-626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ في زَوَائِدِ الزُّهْدِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وَالْحَاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ الْعَبْدُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنَرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ؟».
وأَخْرَجَ هَنَّادٌ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والبُخَارِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَاجَهْ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» ). [الدر المنثور: 15 / 626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ثابِتٍ البُنَانِيِّ، عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالَ: «النَّعِيمُ الْمَسْؤُولُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِسْرَةٌ تُقَوِّيهِ وَمَاءٌ يَرْوِيهِ وَثَوْبٌ يُوَارِيهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قالَ: جَاءَنا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبو بكرٍ، وعمرُ، فأَطْعَمْنَاهُم رُطَباً وسَقَيْنَاهُم ماءً، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 626-627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قالَ: كانَ ليهوديٍّ على أَبِي تَمْرٌ، فقُتِلَ أبي يومَ أُحُدٍ وتَركَ حَدِيقَتَيْنِ، وتَمْرُ اليهوديِّ يَسْتَوْعِبُ ما في الحديقتيْن.
فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ الْعَامَ بَعْضَهُ وَتُؤَخِّرَ بَعْضاً إِلَى قَابِلٍ؟» فأبَى اليهوديُّ، فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا حَضَرَ الْجِذَاذُ فَآذِنِّي فآذَنْتُه».
فجاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بكرٍ وعمرُ، فجَعَلْنَا نَجُذُّ ويُكالُ له مِن أسفلِ النخلِ، ورسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بالبركةِ، حتى وَفَّيْنَاه جميعَ حقِّه مِن أصغرِ الحديقتيْنِ، ثم أَتَيْتُهم بِرُطَبٍ وماءٍ، فأَكَلُوا وشَرِبُوا ثم قالَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ مسلمٌ، وأبو داودَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجهْ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ: خَرَجَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يومٍ، فإذا هو بأبي بكرٍ وعمرَ، فقالَ: «ما أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟»
قالاَ: الجوعُ يا رسولَ اللهِ. قالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، فَقُومُوا».
فقاما معَه، فأَتَى رجلاً من الأنصارِ، فإذا هو ليسَ في بيتِه، فلمَّا رأتْهُ المرأةُ قالتْ: مرحباً وأهلاً.
فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ فُلانٌ؟» قالتْ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ. إذ جاءَ الأنصاريُّ فنَظَرَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحِبَيْه، فقالَ: الحمدُ للهِ، ما أحدٌ اليومَ أكرمَ أضيافاً منِّي.
فانْطَلَقَ فجاءَ بِعِذْقٍ فيه بُسْرٌ وتمرٌ فقالَ: كلُوا مِن هذا. وأخَذَ المُدْيَةَ، فقالَ له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ». فذَبَحَ لهم فأكَلُوا من الشاةِ ومِن ذلك العِذْقِ وشَرِبُوا، فلمَّا شَبِعُوا ورَوُوا.
قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكرٍ وعمرَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 627-628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَزَّارُ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، والحَاكِمُ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في (الدلائلِ)، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنه سَمِعَ عمرَ بنَ الخطَّابِ يقولُ: إن رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يوماً عندَ الظهيرةِ فوَجَدَ أبا بكرٍ في المَسْجِدِ جالساً فقالَ: «مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قالَ: أَخْرَجَني الَّذي أَخْرَجَكَ يا رسولَ اللهِ. ثم إنَّ عُمَرَ جاءَ فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابنَ الْخَطَّابِ، مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قالَ: أَخْرَجَني الذي أَخْرَجَكُما.
فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ بِكُمَا مِنْ قُوَّةٍ فَتَنْطَلِقَانِ إِلَى هَذَا النَّخْلِ فَتصِيبَانِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ؟»
فقلنا: نعمْ يا رسولَ اللهِ، فانْطَلَقْنَا حتى أتَيْنَا منزلَ مالكِ بنِ التَّيِّهانِ أبي الهيثمِ الأنصاريِّ). [الدر المنثور: 15 / 628-629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: خَرَجَ أبو بَكْرٍ في الهاجِرَةِ إلى المسجدِ، فسَمِعَ عُمَرُ، فخَرَجَ فقالَ لأبي بكرٍ: ما أَخْرَجَكَ هذه الساعةَ؟ قالَ: ما أَخْرَجَني إِلا مَا أَجِدُ في نفسي مِن حاقِّ الجوعِ. قالَ عمرُ: والذي نفسي بيدِه ما أَخْرَجَني إلاَّ الجوعُ. فبينَما هما كذلك إذ خَرَجَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ» فقالا: واللهِ ما أَخْرَجَنا إلا ما نَجِدُ في بطونِنا مِن حاقِّ الجوعِ. فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ».
فقَامُوا فانْطَلَقوا إلى منزلِ أبي أيوبَ الأنصاريِّ، فلمَّا انْتَهَوْا إلى دارِه قالتِ امرأتُه: مرحباً بنبِيِّ اللهِ وبِمَن معَه. قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ أَبُو أَيُّوبَ؟» فقالَتِ امْرَأَتُه: يأْتِيكَ يا نبيَّ اللهِ الساعةَ.
فجاءَ أبو أيوبَ فقَطَعَ عِذْقاً، فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَرَدْتُ أَنْ تَقْطَعَ لَنَا هَذَا، ألاَ اجْتَنَيْتَ مِنْ تَمْرِهِ ؟» قالَ: أحببتُ يا رسولَ اللهِ أن تَأْكُلُوا مِن تَمْرِه ورُطَبِه وبُسْرِهِ. ثم ذَبَحَ جَدْياً فشَوَى نِصْفَه وطَبَخَ نِصْفَه.
فلمَّا وُضِعَ بينَ يدي النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخَذَ مِن الجَدْيِ فجَعَلَه في رَغِيفٍ وقالَ: «يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَبْلِغْ بِهَذَا فَاطِمَةَ؛ فَإِنَّهَا لَمْ تُصِبْ مِثْلَ هَذَا مُنْذُ أَيَّامٍ». فذَهَبَ به أبو أيوبَ إلى فاطمةَ.
فلَمَّا أكَلُوا وشَبِعُوا قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَتَمْرٌ وَبُسْرٌ وَرُطَبٌ -وَدَمَعَتْ عَيْناه- وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُنَ عَنْهُ؛ قالَ اللهُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} فَهَذَا النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فكَبُرَ ذلك على أصحابِه. فقال: «بَلَى، إِذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا فَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ فَقُولُوا: بِسْمِ اللهِ. فَإِذَا شَبِعْتُمْ فَقُولُوا: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هُوَ أَشْبَعَنَا وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا وَأَفْضَلَ؛ فَإِنَّ هَذَا كَفَافٌ بِهَا» ). [الدر المنثور: 15 / 629-630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ عَدِيٍّ، والبَغَوِيُّ في مُعْجَمِه، وابنُ مَنْدَهْ في المَعْرِفَةِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، وابنُ عَسَاكِرَ، عن أبي عَسِيبٍ موْلَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلاً فمَرَّ بي فدَعَانِي، فخَرَجْتُ إليه، ثم مَرَّ بأبي بكرٍ فدعاه فخَرَجَ إليه، ثم مَرَّ بعُمَرَ فدعاه فخَرَجَ إليه، فانْطَلَقَ حتى دَخَلَ حائِطاً لبعضِ الأنصارِ، فقالَ لصاحِبِ الحائِطِ: «أَطْعِمْنَا». فجاءَ بعِذْقٍ فوَضَعَه، فأكَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه، ثم دعَا بماءٍ باردٍ فشَرِبَ.
وقالَ: «لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فأخَذَ عمرُ العِذْقَ فضَرَبَ به الأرضَ حتى تَنَاثَرَ البُسْرُ ثم قالَ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا لمسؤولون عن هذا يومَ القيامةِ؟ قالَ: «نَعَمْ، إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: كِسْرَةٍ يَسُدُّ بِهَا الرَّجُلُ جَوْعَتَهُ، أَوْ ثَوْبٍ يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، أَوْ حَجَرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ القَرِّ والْحَرِّ » ). [الدر المنثور: 15 / 630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جَدْوَلٍ، فأُتِيَ بِرُطَبٍ وماءٍ باردٍ، فأكَلَ مِن الرطبِ وشَرِبَ من الماءِ، ثم قالَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو يَعْلَى، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، قالَ: انْطَلَقْتُ معَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعَنا عمرُ إلى رجلٍ يُقالُ له: الوَاقِفِيُّ. فذَبَحَ لنا شاةً، فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِيَّاكَ وَذَاتَ الدَّرِّ». فأكلنا ثَرِيداً ولحماً وشرِبْنا ماءً، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عمرَ، أن النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرَجَ في ساعةٍ لم يكنْ يَخْرُجُ فيها، ثم خرَج أبو بكرٍ فقالَ له رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» قالَ: أَخْرَجَني الجوعُ. قالَ: «وَأَنَا أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ». ثم جَاءَ عمرُ، فقالَ له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ؟» قالَ: أَخْرَجَنِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نبيًّا الْجُوعُ.
ثم جاء أناسٌ مِن أصحابِه فقالَ: «انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بنِ التَّيِّهَانِ الأنْصَارِيِّ». فَانْطَلَقُوا حَتَى أَتَوْا مَنْزِلَ أَبِي الْهَيْثَمِ، فقالتْ لهم امرأتُه: إنه انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لنا فدورُوا إلى الحائِطِ. ففَتَحَتْ لهم بابَ البستانِ فدَخَلُوا فجَلَسُوا، فجاءَ أبو الهيثمِ، فقالتْ له امرأتُه: أتدري مَن عِندَك؟ قالَ: لا. قالَتْ له: عندَكَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه.
فدَخَلَ عليهم فعَلَّقَ قِرْبَتَه على نَخْلةٍ، ثم أخَذَ مِخْرَفاً فأتَى عِذْقاً له، فاخْتَرَفَ لهم رُطباً فأتاهم به، فصبَّه بينَ أيديهم، فأكلوا منه، وبَرَّدَ لهم ذلك الماءَ فشَرِبُوا منه، فقالَ لهم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 631-632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الدلائلِ، عن أبي الهيثمِ بنِ التَّيِّهَانِ، أن أبا بكرٍ الصديقَ خرَجَ فإذا هو بعمرَ جالساً في المسجِدِ، فعَمَدَ نحوَه فوَقَفَ فسَلَّم، فرَدَّ عمرُ فقالَ له أبو بكرٍ: ما أَخْرَجَكَ هذه الساعةَ؟ فقالَ له عمرُ: بل أنتَ ما أَخْرَجَك هذه الساعةَ؟ قالَ له أبو بكرٍ: إني سَأَلْتُكَ قبلَ أن تسألَنِي. فقالَ عمرُ: أَخْرَجَني الجوعُ. فقالَ أبو بكرٍ: وأنا أَخْرَجَني الذي أَخْرَجَك.
فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ وطَلَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَمَدَ نحوَهما حتى وَقَفَ عليهما فسَلَّمَ فردَّا عليه السلامَ، فقالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» فنظَرَ كلُّ واحدٍ مِنهما إلى صاحِبه ليسَ مِنهما واحدٌ إلا وهو يُرِيدُ أنْ يُخْبِرَه صاحِبُه، فقالَ أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ، خَرَجَ قبلي وخَرَجْتُ بعدَه، فسَأَلْتُه: ما أَخْرَجَك هذه الساعةَ؟ فقالَ: بلْ أنتَ ما أَخْرَجَكَ هذه الساعةَ؟ فقلتُ: إني سألتُكَ قبلَ أن تسأَلَنِي. فقالَ: أَخْرَجَني الجوعُ. فقلتُ له: أَخْرَجَني الذي أَخْرَجَك. فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا فَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا». فقالَ لهما النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْلَمَانِ مِنْ أَحَدٍ نَضِيفُهُ؟» قالا: نعمْ، أبو الهيثمِ بنُ التَّيِّهَانِ له أَعْذُقٌ وجَدْيٌ، إن جِئْناه نَجِدُ عندَه فضلَ تمرٍ.
فخرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحِباه حتى دَخَلُوا الحائِطَ، فسَلَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسَمِعَتْ أمُّ الهيثمِ تسليمَه، فَفَدَّتْ بالأبِ والأمِّ، وأَخْرَجَتْ حِلْساً لها من شَعَرٍ فجَلَسُوا عليه، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟» فقالتْ: ذاك ذَهَبَ لِيَسْتَعْذِبَ لنا مِن الماءِ.
وطَلَعَ أبو الهيثمِ بالقِربةِ على رقبتِه، فلمَّا أنْ رأَى وَضَحَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينَ ظَهْرَانَيِ النخلِ أَسْنَدَها إلى جِذْعٍ وأقْبَلَ يُفَدِّي بالأبِ والأمِّ.
فلما رآهم عَرَفَ الذي بهم فقالَ لأمِّ الهيثمِ: هل أطعمتِ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحِبَيْه شيئاً؟ فقالتْ: إنما جلَسَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساعةَ. قالَ: فما عندَكِ؟ قالتْ: عندي حباتٌ مِن شعيرٍ. قالَ: كَرْكِرِيهَا واعْجِنِي واخْبِزِي - إذ لم يَكُونُوا يَعْرِفُون الخَمِيرَ- قالَ: وأَخَذَ الشفْرَةَ، فرآه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّياً فقالَ: «إِيَّاكَ وَذَاتَ الدَّرِّ».
فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنما أُرِيدُ عنيقاً في الغنَمِ. فذَبَحَ ونَصَبَ، فلم يَلْبَثْ أن جاءَ بذلك إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأَكَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحِباه، فشَبِعُوا لا عَهْدَ لهم بمثلِها.
فما مَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا يَسِيراً حتى أُتِيَ بأسيرٍ مِن اليمَنِ، فجَاءَتْه فاطمةُ ابنةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشكو إليه العمَلَ وتُرِيه يَدَيْها وتَسْأَلُه إِيَّاه. قالَ: «لاَ، وَلَكِنْ أُعْطِيهِ أَبَا الْهَيْثَمِ؛ فَقَدْ رَأَيْتِهِ وَمَا لَقِيَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ يَوْمَ ضِفْنَاهُمْ». فأرسلَ إليه وأعطاه إيَّاهُ، فقالَ: «خُذْ هَذَا الْغُلاَمَ يُعِينُكَ عَلَى حَائِطِكَ وَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْراً».
فمَكَثَ عندَ أبي الهيثمِ ما شاءَ اللهُ أن يَمْكُثَ فقالَ: لقدْ كُنْتُ مستقِلاًّ أنا وصاحبتي بحائِطِنَا، اذْهَبْ فلا ربَّ لكَ إلا اللهُ. فخَرَجَ ذلك الغلامُ إلى الشامِ ورُزِقَ فيها). [الدر المنثور: 15 / 632-634]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطبرانيُّ عن ابنِ مسعودٍ، أن أبا بكرٍ خرَجَ لم يُخْرِجْه إلا الجوعُ، وأنَّ عُمَرَ خَرَجَ لم يُخْرِجْه إلا الجوعُ، وأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عليهما، وأنهما أخْبَرَاه أنه لم يُخْرِجْهُما إلا الجوعُ، فقالَ: «انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ». فإذا هو ليسَ في المنزلِ؛ ذهَبَ يَسْتَقِي، فرَحَّبَتِ المرأةُ برسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبصاحِبَيْه، وبَسَطَتْ لهم شيئاً فجَلَسُوا عليه، فسَأَلَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ انْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟» قالتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لنا.
فلم يَلْبَثْ أن جاءَ بِقِرْبَةٍ فيها ماءٌ فعَلَّقَها وأرادَ أن يَذْبَحَ لهم شاةً، فكأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ ذلك لهم، فذَبَحَ لهم عَناقاً، ثم انْطَلَقَ فجاءَ بكبَائِسَ مِنَ النخلِ فأكَلُوا من ذلك اللَّحْمِ والبُسْرِ والرطبِ، وشَرِبوا من الماءِ، فقالَ أحدُهما؛ إما أبو بكرٍ وإما عمرُ: هذا من النعيمِ الذي نُسْأَلُ عنه ؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لاَ يُثَرَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا، إِنَّمَا يُثَرَّبُ عَلَى الْكَافِرِ» ). [الدر المنثور: 15 / 634-635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن الكلبيِّ، أنه سُئِلَ عن تفسيرِ هذه الآيةِ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: إنما هي للكفارِ، و{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} إنما هي للكفارِ.
قالَ: وخَرَجَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكرٍ وعمرُ كلُّهم يقولون: أَخْرَجَني الجوعُ، فانْطَلَقَ بهما النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجلٍ من الأنصارِ يُقَالُ له: أبو الهيثمِ، فلم يَرَهُ في مَنْزِلِه، ورَحَّبَتْ زَوْجَتُهُ برسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبصاحِبَيْه، وأَخْرَجَتْ بِسَاطاً فجَلَسُوا عليه، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ انْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟» فقالَت: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لنا.
فلم يَلْبَثُوا أن جاءَ بقِربةِ من ماءٍ فعَلَّقَها، وكأنه أرادَ أن يذبحَ لهم شاةً، فكَرِهَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك فذَبَحَ عَنَاقاً، ثم انْطَلَقَ فجاءَ بكبائِسَ مِن نخلٍ، فأكَلُوا من اللحمِ ومن البُسْرِ والرطبِ وشَرِبُوا من الماءِ، فقالَ أحَدُهما؛ إما أبو بكرٍ وإما عمرُ: هذا من النعيمِ الذي نُسْأَلُ عنه؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يُسْأَلُ الْكُفَّارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يُثَرَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أصابه في الدنيا، وإنما يُثَرَّبُ على الكافِرِ».
قيلَ له: مَن حدَّثَكَ؟ قالَ: الشَّعْبِيُّ، عن الحارثِ، عن ابنِ مسعودٍ). [الدر المنثور: 15 / 635-636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ في الزُّهْدِ، عن عامرٍ، قالَ: أكَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكرٍ وعمرُ لحماً وخبزاً وشعيراً ورطباً وماءً بارداً، فقالَ: «هَذَا وَرَبِّكُمَا لَمِنَ النَّعِيمِ» ). [الدر المنثور: 15 / 636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي هريرةَ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّ نعيمٍ نُسْأَلُ عنه! سُيُوفُنا على عواتِقِنا، والأرضُ كلُّها لنا حربٌ، يُصْبِحُ أحدُنا بغيرِ غداءٍ ويُمْسِي بغيرِ عَشاءٍ؟.
قالَ: «عُنِيَ بِذَلِكَ قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، يُغْدَى عَلَيْهِمْ بِجَفْنَةٍ وَيُرَاحُ عَلَيْهِمْ بِجَفْنَةٍ، ويَغْدُو فِي حُلَّةٍ وَيَرُوحُ فِي حُلَّةٍ، وَيَسْتُرُونَ بُيُوتَهُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ، ويُفْشَى فِيهِمُ السِّمَنُ» ). [الدر المنثور: 15 / 636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أَنَسِ بنِ مالكٍ، قالَ: لما نَزَلَت: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قامَ رجلٌ محتاجٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هل عليَّ مِن النعمةِ شيءٌ؟
قالَ: «نَعَمْ، الظِّلُّ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ» ). [الدر المنثور: 15 / 636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الخطيبُ وابنُ عساكرَ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُهَا قالَ: «الْخِصَافُ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ وَفَلْقُ الْكِسَرِ» قالَ العبَّاسُ: الخِصَافُ: خَصْفُ النعليْنِ). [الدر المنثور: 15 / 636-637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَزَّارُ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا فَوْقَ الإِزَارِ وَظِلِّ الْحَائِطِ وَجَرٌ يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُسْأَلُ عَنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ في زوائِدِ الزُّهْدِ، والدَّيْلَمِيُّ عن الحسَنِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاَثٌ لاَ يُحَاسَبُ بِهِنَّ الْعَبْدُ: ظِلُّ خُصٍّ يَسْتَظِلُّ بِهِ وَكِسْرَةٌ يَشُدُّ بِهَا صُلْبَهُ وَثَوْبٌ يُوَارِي بِهِ عَوْرَتَهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أيضاً عن بَيَانٍَ، قالَ: بَلَغَنِي أَنَّ فِي التوراةِ مكتوبٌ: ابنَ آدمَ، كُسَيْرَةٌ تَكْفِيكَ، وخِرْقَةٌ تُوارِيكَ، وحَجَرٌ يُؤْويكَ). [الدر المنثور: 15 / 637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ في "الزهدِ"، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، أن رجلاً سَأَلَه: أَلَسْنَا مِن فقراءِ المهاجرين، فقالَ: أَلَكَ امرأةٌ تَأْوِي إليها؟.
قالَ: نعمْ.
قالَ: ألكَ مسكنٌ تَسْكُنُه؟
قالَ: نعمْ.
قالَ: فلَسْتَ مِن فقراءِ المهاجرين). [الدر المنثور: 15 / 638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ في "الزهدِ"، والطيالسيُّ، عن عثمانَ بنِ عفانَ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «كُلُّ شَيْءٍ سِوَى ظِلِّ بَيْتٍ وَجِلَفِ الْخُبْزِ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَالْمَاءِ، فمَا فَضَلَ عَنْ هَذَا لابْنِ آدَمَ فِيهِ حَقٌّ» ). [الدر المنثور: 15 / 638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ وابنُ ماجهْ، والحكيمُ التِّرْمِذِيُّ في "نوادِرِ الأصولِ"، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن مُعاذِ بنِ عبدِ اللهِ الجُهَنِيِّ، عن أبيه، عن عمِّه، قالَ: خَرَجَ علينا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه أثَرُ غُسْلٍ، وهو طيِّبُ النفسِ، فظَنَنَّا أنه ألَمَّ بأهْلِه، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، نراكَ طيِّبَ النفسِ. فقالَ: «أَجَلْ، وَالْحَمْدُ للهِ». ثم ذَكَرَ الغِنَى فقالَ: «لاَ بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى اللهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ» ). [الدر المنثور: 15 / 638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن عكرمةَ، قالَ: مرَّ عمرُ بنُ الخطابِ برجلٍ مُبْتَلًى أجْذَمَ أعمى أصَمَّ أبْكَمَ، فقالَ لمَن معَه: هَلْ تَرَوْنَ فِي هَذَا مِنْ نِعَمِ اللهِ شَيْئاً؟ قالوا: لا. قالَ: بَلَى، أَلاَ تَرَوْنَه يَبُولُ فلا يَعْتَصِرُ ولا يَلْتَوِي، يَخْرُجُ بولُه سهلاً، فهذه نعمةٌ مِن اللهِ"). [الدر المنثور: 15 / 639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الحسَنِ، قالَ: يا لَها مِن نعمةٍ، تأكُلُ لذَّةً وتُخْرِجُ سَرْحاً، لقد كانَ ملِكٌ مِن ملوكِ هذه القريةِ يَرَى الغلامَ مِن غِلْمانِه يأتي الحَبَّ فيَكْتَازُ ثم يُجَرْجِرُ قائِماً فيقولُ: يا ليتني مِثْلُكَ! ما يَشْرَبُ حتى يُقَطِّعَ عُنُقَه العطشُ، فإذا شَرِبَ كانَ له في تلكَ الشَّرْبَةِ مَوْتَاتٌ، يا لَها مِن نعمةٍ؛ تَأْكُلُ لذَّةً، وتُخْرِجُ سَرْحاً). [الدر المنثور: 15 / 639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شيبةَ، عن ابنِ مسعودٍ، قالَ: يُعْرَضُ الناسُ يومَ القيامةِ على ثلاثةِ دواوينَ: ديوانٍ فيه الحسناتُ وديوانٍ فيه النعيمُ وديوانٍ فيه السيئاتُُ، فيُقَابِلُ بديوانِ الحسناتِ ديوانَ النعيمِ فيَسْتَفْرِغُ النعيمُ الحسناتِ، وتبقَى السيئاتُ مشيئَتُها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، إن شاءَ عَذَّبَ وإن شاءَ غَفَرَ). [الدر المنثور: 15 / 639-640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ، عن بُكَيْرِ بنِ عَتِيقٍ، قالَ: سَقَيْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ شَرْبَةً من عسلٍ في قدَحٍ فشَرِبَها، ثم قالَ: واللهِ لأُسْأَلَنَّ عن هذا. فقلتُ له، قالَ: شَرِبْتُه وأنا أسْتَلِذُّه). [الدر المنثور: 15 / 640]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 04:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر...}.نزلت في حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددا؟؛ وهما: بنو عبد مناف وبنو سهم فكثرت بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء والأموات فكثرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر} حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم: {كلاّ...} ليس الأمر على ما أنتم [عليه] ). [معاني القرآن: 3 /287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ألهاكم التّكاثر} بالعدد والقرابات). [تفسير غريب القرآن: 537]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألهاكم التّكاثر (1)} أي شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد عن طاعة اللّه). [معاني القرآن: 5/357]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({التَّكَاثُرُ}: الافتخار بالكثرة). [العمدة في غريب القرآن: 356]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر...}.نزلت في حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددا؟؛ وهما: بنو عبد مناف وبنو سهم فكثرت بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء والأموات فكثرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر} حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم: {كلاّ...} ليس الأمر على ما أنتم [عليه]). [معاني القرآن: 3/ 287](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حتّى زرتم المقابر}: حتى عددتم من في المقابر: من موتاكم). [تفسير غريب القرآن: 537]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {حتّى زرتم المقابر (2)} أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال. وجاء في التفسير أن حيين من العرب، وهم بنو عبد مناف وبنو سهم تفاخروا وتكاثروا، ففخرت بنو عبد مناف على بني سهم بأن عدوا الأحياء، فقالت بنو سهم: فاذكروا الموتى، وكثرتهم بنو سهم بعد أن كان بنو عبد مناف قد كثروا بني سهم). [معاني القرآن: 5/ 357]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قيل: حتى دفنتم في المقابر. وقيل: حتى تعاهدتم بالموتى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 306]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حتى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}: تعودون موتاكم). [العمدة في غريب القرآن: 356]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر...} نزلت في حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددا؟؛ وهما: بنو عبد مناف وبنو سهم فكثرت بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء والأموات فكثرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر} حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم: {كلاّ...} ليس الأمر على ما أنتم [عليه] ). [معاني القرآن: 3/ 287](م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقال {سوف تعلمون... ثمّ كلاّ سوف تعلمون...}. والكلمة قد تكررها العرب على التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك). [معاني القرآن: 3/ 287]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد يقول القائل في كلامه: والله لا أفعله، ثم والله لا أفعله. إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع من أن يفعله. كما يقول: والله أفعله، بإضمار (لا) إذا أراد الاختصار.
قال الله عز وجل: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 3، 4] ). [تأويل مشكل القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا سوف تعلمون (3)}
{كلّا} ردع وتنبيه، المعنى ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التكاثر، والذي ينبغي أن يكونوا عليه طاعة اللّه والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 5/ 357]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {علم اليقين...}. مثل قوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}. المعنى فيه: لو تعلمون علما يقينا). [معاني القرآن: 3/ 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كلّا لو تعلمون علم اليقين (5)} المعنى لو علمتم الشيء حق علمه، وصرفتم التفهم إليه، لارتدعتم). [معاني القرآن: 5/ 357]

تفسير قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لترونّ الجحيم...}، {ثمّ لترونّها...} مرتين من التغليظ أيضا.
{لترونّها عين اليقين...} عينا لستم بغائبين، فهذا قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل البصرة بفتح التاء من الحرفين ...
وحدثني محمد بن الفضل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رحمه الله أنه قرأ "لترون الجحيم، ثمّ لترونّها"، بضم التاء الأولى، وفتح الثانية. والأوّل أشبه بكلام العرب، لأنه تغليظ، فلا ينبغي أن يختلف لفظه، ألا ترى قوله: {سوف تعلمون، ثمّ كلاّ سوف تعلمون}؟
وقوله عز وجل: {إنّ مع العسر يسراً، إنّ مع العسر يسرا} ومن التغليظ قوله في سورة: {قل يأيّها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون} مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء في الثانية، كما رفعت الأولى كان وجها جيدا). [معاني القرآن: 3 /288]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({عين اليقين} أضاف العين إلى اليقين والعين مؤنثة واليقين ذكر). [مجاز القرآن: 2/ 309]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم قال: {لترونّ الجحيم (6)}كما قال: {وإن منكم إلا واردها}
والقراءة لترون -بضم الواو غير مهموزة- فضمت الواو لسكونها وسكون النون، وقد همزها بعضهم -لترؤن- والنحويون يكرهون همزة الواو، لأن ضمتها غير لازمة لأنها حركت لالتقاء السّاكنين، ويهمزون الواو التي ضمتها لازمة نحو أدؤر جمع دار، فيجوز أدؤر بالهمز وادور بغير الهمز، وأنت مخير فيهما، فأمّا "لترؤنّ" ثم لترونها فلا يختار النحويون إلا ترك الهمزة، وقرئت: "لترؤنّ" الجحيم، على ما لم يسم فاعله). [معاني القرآن: 5/ 358]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم...} قال: إنه الأمن والصحة. وذكر الكلبي بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في أمر فرجعوا جياعا، فدخلوا على رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماءا باردا، فلما خرجوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنكم ستسألون عن هذه وعن هذا»؛ فقالوا: فما شكرها يا رسول الله؟ قال: «أن تقولوا: الحمد لله». وذكر في هذا الحديث: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث لا يسأل عنهن المسلم: طعام يقيم صلبه، وثوب يواري عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد» ). [معاني القرآن: 3/ 288]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({عن النّعيم} يقال: الأمن والصحة). [تفسير غريب القرآن: 537]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم (8)} أي يوم القيامة، عن كل ما يتنعم به في الدنيا، وجاء في الحديث أن النبي عليه السلام أكل هو وجماعة من أصحابه تمرا -وروي بسرا– وشربوا عليه ماء فقال: «الحمد للّه الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين». وجاء أن مما لا يسأل العبد عنه لباسا يواري سوأته، وطعاما يقيم به صلبه، ومكانا يكنه من الحرّ والبرد). [معاني القرآن: 5/ 358]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 04:59 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (الكلام على الأمة والمال
...
قال وحدّثنا أبو بكر بن الأنباريّ، رحمه اللّه، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشامٌ، قال: حدّثنا قتادة، عن مطرّف بن عبد اللّه، عن أبيه، أنّه أتى على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ:{ ألهاكم التّكاثر} فقال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو تصدّقت فأمضيت، أو لبست فأبليت " قال أبو بكر: المال عند العرب الإبل والغنم، والفضّة: الرّقة والورق، والذّهب: النّضر والنّضير والعقيان
قال: وحدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى، قال: المال عند العرب أقله ما تجب فيه الزكاة، وما نقص من ذلك فلا يقع عليه مال.
قال: وأنشدنا أبو العباس:
ألا يا قرّ لاتك سامريًا.......فتترك من يزورك في جهاد
أتعجب أن رأيت على دينًا.......وأن ذهب الطريف مع التلاد
ملأت يدي من الدنيا مرارًا.......فما طمع العواذل في اقتصادي
ولا وجبت على زكاة مالٍ.......وهل تجب الزكاة على جواد

). [الأمالي: 2/ 301-302] (م)
تفسير قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن هذا قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: إذا استأثر الله بشيء فاله عنه.
يقال: لهيت عن الأمر ألهى؛ إذا أضربت عنه، ولهوت ألهو، من اللعب). [الكامل: 3/ 1400]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (روى عن أبي عمران الجوني أنه قرأ: {آلهكم التكاثر} قال: هذا توبيخ). [مجالس ثعلب: 558]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) }

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) }

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) }

تفسير قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والضمة مستثقلة في الواو، لأنها من مخرجها، وهما جميعا من أقل المخارج حروفا. ونبين هذا في بابه إن شاء الله .
فمتى انضمت الواو من غير علة فهمزها جائز. وذلك قولك في وجوع: أجوه، وفي وعد: أعد.
ومن ذلك قوله {وإذا الرسل أقتت} إنما هي فُعِّلت من الوقت، وكان أصلها وقتت.
وأما قولنا: إذا انضمت لغير علة، فإن العلة أن يحدث فيها حادث إعراب وذلك قولك: هذا غزوٌ وعدو.
ويكون لالتقاء الساكنين كقولك: اخشوا الرجل {لترون الجحيم} {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
وإنما وجب في الأول ما لم يجب في هذا، لأن الضمة هناك لازمة). [المقتضب: 1/ 230-231] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "النؤوب "يريد الذي ينوبه، وكل واو قراح لغير علةٍ فأنت فيهمزها وتركها بالخيار، تقول في جمع دارٍ: أدؤر وإن شئت لم تهمز، وكذلك النؤوب، والقؤول لانضمام الواو، فأما الواو الثانية فإنها ساكنة قبلها ضمة، وهي مدة فلا يعتد بها، ولو التقت واوان في أول كلمةٍ وليست إحداهما مدة لم يكن بد من همز الأولى، تقول في تصغير واصل وواقدٍ: أويصل وأويقد، لا بد من ذلك، فأما وجوه فأما وجوهٌ فإن شئت همزت فقلت: أجوه وإن شئت لم تهمز، قال الله عز وجل: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} المرسلات والأصل وقتت، ولو كان في غير القرآن لجاز إظهار الواو إن شئت. وقوله عز وجل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} الأعراف الواو الثانية مدة فلا يعتد بها، ولو كان في غير القرآن لجاز الهمز لانضمام الواو.
وقولي: "إذا انضممت لغير علة"، فالعلة أن تكون ضمتها إعرابًا، نحو هذا غزوٌ يا فتى، ودلو كما ترى، مما لا يجوز همزه، لأن الضمة للإعراب فليست بلازمة، أو تنضم لالتقاء الساكنين، فذلك أيضًا غير لازم، فلا يجوز همزه: نحو اخشوا الرجل: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} ومن همز من هذا شيئًا فقد أخطأ). [الكامل: 1/ 81-82] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:09 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر * كلّا سوف تعلمون * ثمّ كلّا سوف تعلمون * كلّا لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين * ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}
{ألهاكم} معناه: شغلكم بلذّاته، ومنه: (لهو الحديث والأصوات)، واللّهو بالنساء، وهذا خبرٌ فيه تقريعٌ وتوبيخٌ وتحسّرٌ.
وقرأ ابن عبّاسٍ، وأبو عمران الجونيّ، وأبو صالحٍ: (آلهاكم)؟ على الاستفهام.
والتكاثر هو المفاخرة بالأموال والأولاد والعدد جملةً، وهذا هجّيري أهل الدنيا وأبنائها العرب وغيرهم، لا يتخلّص منه إلا العلماء المتّقون، وقد قال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصًى وإنّما العزّة للكاثر
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «يقول ابن آدم: مالي مالي. وهل لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت؟» ). [المحرر الوجيز: 8/ 680]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في معنى قوله تعالى: {حتّى زرتم المقابر}؛ فقال بعضهم: حتّى ذكرتم الموتى في تفاخركم بالآباء والسّلف، وتكثّرتم بالعظام الرّميم.
وقال آخرون: المعنى: حتى متّم وزرتم بأجسادكم مقابركم، أي: قطعتم بالتكاثر أعمارهم. وعلى هذا التأويل روي أن أعرابيًّا سمع هذه الآية فقال:
«بعث القوم للقيامة وربّ الكعبة؛ فإنّ الزائر منصرفٌ لا يقيم».
وحكى النقّاش هذه النّزعة عن عمر بن عبد العزيز.
وقال آخرون: هذا تأنيبٌ على الإكثار من زيارة القبور، أي: جعلتم أشغالكم القاطعة لكم عن العلم والتعلّم زيارة القبور؛ تكثّرًا بمن سلف وإشادةً بذكره.
وقال: ثمّ قال النبيّ عليه الصلاة والسلام:
«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجرًا». فكان نهيه عليه الصلاة والسلام في معنى الآية، ثمّ أباح بعد لمعنى الاتّعاظ، لا لمعنى المباهات والافتخار، كما يفعل الناس في ملازمتها وتسنيمها بالرّخام والحجارة، وتلوينها سرفًا، وبنيان النّواويس عليها). [المحرر الوجيز: 8/ 681]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلاّ سوف تعلمون} زجرٌ ووعيدٌ.
ثمّ كرّر تعالى {كلاّ}؛ تأكيدًا، ويأخذ الناس من هذا الزّجر والوعيد المكرّرين كلّ أحدٍ على قدر حظّه من التّوغّل فيما يكره. هذا تأويل جمهور الناس.
وقال عليّ بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنه- :
«كلاّ ستعلمون في القبور، كلاّ ستعلمون في البعث».
وقال الضّحّاك:
«الزّجر الأول ووعيده للكفّار، والثاني للمؤمنين».
وقرأ مالك بن دينارٍ: (كلاّ سيعلمون) فيهما). [المحرر الوجيز: 8/ 681]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلاّ لو تعلمون} جواب {لو} محذوفٌ مقدّرٌ في القول، أي: لازدجرتم وبادرتم إنقاذ أنفسكم من الهلكة.
و(اليقين) أعلى مراتب العلم). [المحرر الوجيز: 8/ 681-682]

تفسير قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ أخبر تعالى الناس أنهم يرون الجحيم.
وقرأ ابن عبّاسٍ والكسائيّ: (لترونّ) ـ بضمّ التاء ـ وقرأ الباقون بفتحها، وهي الأرجح، وكذلك في الثانية، وقرأ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه بفتح التاء في الأولى وضمّها في الثانية، وروي ضمّها عن ابن كثيرٍ، وعاصمٍ.
و(ترونّ) أصله: ترأيون، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، وقلبت الياء ألفًا لحركتها بعد مفتوحٍ، ثمّ حذفت الألف لسكونها وسكون الواو بعدها، ثمّ جلبت النون المشددة فحرّكت الواو بالضمّ لسكونها وسكون النون الأولى من المشددة؛ إذ قد حذفت نون الإعراب للبناء.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما:
«هذا خطابٌ للمشركين». فالمعنى ـ على هذا ـ أنها رؤية دخولٍ وصليٍّ، وهو عين اليقين. وقال آخرون: الخطاب للناس كلّهم، فهي كقوله تعالى: {وإن منكم إلاّ واردها}. فالمعنى: إن الجميع يراها، ويجوز الناجي ويتكردس فيها الكافر). [المحرر الوجيز: 8/ 682]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ لترونّها عين اليقين} تأكيدٌ في الخبر.
و(عين اليقين) حقيقته وغايته،
وروي عن الحسن وأبي عمرٍو أنهما همزا: {لترونّ} و{لترونّها} بخلافٍ عنهما، وروي عن ابن كثيرٍ: (ثمّ لترونّها) بضمّ التاء). [المحرر الوجيز: 8/ 682]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى أنّ الناس مسئولون يومئذٍ عن نعيمهم في الدنيا، كيف نالوه؟ ولم آثروه؟ ويتوجّه في هذا أسئلةٌ كثيرةٌ بحسب شخصٍ شخصٍ، هي منقادةٌ لمن أعطي فهمًا في كتاب اللّه تعالى.
وقال ابن مسعودٍ، والشّعبيّ، وسفيان، ومجاهدٌ:
«النعيم هو الأمن والصحة».
وقال ابن عبّاسٍ:
«هو البدن والحواسّ، يسأل المرء فيما استعملهما؟»
وقال ابن جبيرٍ:
هو كلّ ما يتلذّذ به من طعامٍ وشرابٍ. وأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هو وبعض أصحابه رطبًا، وشربوا عليه ماءً، فقال لهم: «هذا من النّعيم الّذي تسألون عنه». ومضى عليه الصلاة والسلام يومًا هو وأبو بكرٍ وعمر رضي اللّه عنهما - وقد جاعوا - إلى منزل أبي الهيثم بن التّيّهان، فذبح لهم شاةً، وأطعمهم خبزًا ورطبًا، واستعذب لهم ماءً، وكانوا في ظلٍّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده لتسألنّ عن نعيم هذا اليوم».
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
«النّعيم المسئول عنه كسرةٌ تقوته، وماءٌ يرويه، وثوبٌ يواريه».
وروى أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن النعيم المسؤول عنه الماء البارد في الصيف.
وقال عليه الصلاة والسلام:
«من أكل خبز البرّ، وشرب الماء البارد في ظلٍّ، فذلك النّعيم الّذي يسأل عنه».
وقال عليه الصلاة والسلام:
«بيتٌ يكنّك، وخرقةٌ تواريك، وكسرةٌ تشدّ قلبك، وما سوى ذلك هو نعيمٌ».
وقال النبيّ عليه الصلاة والسلام:
«كلّ نعيمٍ فهو مسئولٌ عنه، إلاّ نعيمًا في سبيل اللّه عزّ وجلّ» ). [المحرر الوجيز: 8/ 682-684]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
{ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر * كلّا سوف تعلمون * ثمّ كلّا سوف تعلمون * كلّا لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين * ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}.
يقول تعالى: شغلكم حبّ الدّنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتّى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها!
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا زكريّا بن يحيى الوقار المصريّ، حدّثني خالد بن عبد الدائم، عن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«{ألهاكم التّكاثر}: عن الطّاعة،، {حتّى زرتم المقابر}: حتّى يأتيكم الموت».
وقال الحسن البصريّ:
«{ألهاكم التّكاثر}: في الأموال والأولاد».
وفي صحيح البخاريّ في (الرّقاق) منه: وقال لنا أبو الوليد: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن أبيّ بن كعبٍ قال:
«كنّا نرى هذا من القرآن»؛ حتّى نزلت: {ألهاكم التّكاثر}: يعني: لو كان لابن آدم وادٍ من ذهبٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة: سمعت قتادة يحدّث عن مطرّفٍ -يعني: ابن عبد اللّه بن الشّخّير- عن أبيه، قال: انتهيت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقول:
«{ألهاكم التّكاثر}: يقول ابن آدم: مالي مالي. وهل لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت؟». ورواه مسلمٌ والتّرمذيّ والنّسائيّ من طريق شعبة به.
وقال مسلمٌ في صحيحه: حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا حفص بن ميسرة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«يقول العبد: مالي مالي. وإنّما له من ماله ثلاثٌ: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدّق فاقتنى، وما سوى ذلك فذاهبٌ وتاركه للنّاس». تفرّد به مسلمٌ.
وقال البخاريّ: حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثنا عبد اللّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ، سمع أنس بن مالكٍ يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«يتبع الميّت ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحدٌ، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله». وكذا رواه مسلمٌ والتّرمذيّ والنّسائيّ من حديث سفيان بن عيينة به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى، عن شعبة، حدّثنا قتادة عن أنسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«يهرم ابن آدم، وتبقى منه اثنتان: الحرص والأمل». أخرجاه في الصحيحين.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة الأحنف بن قيسٍ، واسمه الضّحّاك، أنّه رأى في يد رجلٍ درهماً؛ فقال:
«لمن هذا الدّرهم؟» فقال الرّجل: «لي». فقال: «إنّما هو لك إذا أنفقته في أجرٍ أو ابتغاء شكرٍ». ثمّ أنشد الأحنف متمثّلاً قول الشّاعر:
أنت للمال إذا أمسكته ....... فإذا أنفقته فالمال لك
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو أسامة، قال: صالح بن حيّان حدّثني عن ابن بريدة في قوله: {ألهاكم التّكاثر}. قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار: بني حارثة، وبني الحارث؛ تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: «فيكم مثل فلان بن فلانٍ وفلانٍ؟» وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء، ثمّ قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطّائفتين تقول: فيكم مثل فلانٍ -يشيرون إلى القبر- ومثل فلانٍ؟ وفعل الآخرون مثل ذلك؛ فأنزل اللّه: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر}. لقد كان لكم فيما رأيتم عبرةٌ وشغلٌ.
وقال قتادة: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر}: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلانٍ، ونحن أعدّ من بني فلانٍ. وهم كلّ يومٍ يتساقطون إلى آخرهم، واللّه ما زالوا كذلك حتّى صاروا من أهل القبور كلّهم.
والصّحيح أنّ المراد بقوله: {زرتم المقابر}. أي: صرتم إليها ودفنتم فيها، كما جاء في الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل على رجلٍ من الأعراب يعوده فقال:
«لا بأس، طهورٌ إن شاء اللّه». فقال: قلت: طهورٌ؟! بل هي حمّى تفور،، على شيخٍ كبيرٍ،، تزيره القبور. قال: «فنعم إذن».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا محمد بن سعيدٍ الأصبهانيّ، أخبرنا حكّام بن سلمٍ الرّازيّ عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن الحجّاج، عن المنهال، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عليٍّ قال:
«ما زلنا نشكّ في عذاب القبر»؛ حتّى نزلت: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر}.
ورواه التّرمذيّ، عن أبي كريبٍ، عن حكّام بن سلمٍ، وقال: غريبٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا سلمة بن داود العرضيّ، حدّثنا أبو المليح الرّقّيّ، عن ميمون بن مهران قال: كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز فقرأ: {ألهاكم التّكاثر * حتّى زرتم المقابر}. فلبث هنيهةً، فقال: يا ميمون، ما أرى المقابر إلاّ زيارةً، وما للزّائر بدٌّ من أن يرجع إلى منزله.
قال أبو محمّدٍ: يعني: أن يرجع إلى منزله. أي: إلى جنّةٍ أو نارٍ. وهكذا ذكر أنّ بعض الأعراب سمع رجلاً يتلو هذه الآية: {حتّى زرتم المقابر}؛ فقال: بعث اليوم وربّ الكعبة، أي: أنّ الزّائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 472-474]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ سوف تعلمون * ثمّ كلاّ سوف تعلمون}. قال الحسن البصريّ:
«هذا وعيدٌ بعد وعيدٍ». وقال الضحّاك: {كلاّ سوف تعلمون}، «يعني الكفّار». {ثمّ كلاّ سوف تعلمون}، «يعني: أيّها المؤمنون»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ لو تعلمون علم اليقين}. أي: لو علمتم حقّ العلم لما ألهاكم التّكاثر عن طلب الدّار الآخرة؛ حتّى صرتم إلى المقابر). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثم قال: {لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين}. هذا تفسير الوعيد المتقدّم، وهو قوله: {كلاّ سوف تعلمون * ثمّ كلاّ سوف تعلمون}. توعّدهم بهذا الحال، وهو رؤية النّار التي إذا زفرت زفرةً خرّ كلّ ملكٍ مقرّبٍ ونبيٍّ مرسلٍ على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، على ما جاء به الأثر المرويّ في ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. أي: ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن شكر ما أنعم اللّه به عليكم من الصّحّة والأمن والرّزق وغير ذلك: ماذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته؟
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا زكريّا بن يحيى الخزّاز المقرئ، حدّثنا عبد اللّه بن عيسى أبو خلفٍ الخزّاز، حدّثنا يونس بن عبيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند الظّهيرة، فوجد أبا بكرٍ في المسجد؛ فقال:
«ما أخرجك هذه السّاعة؟» فقال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول اللّه، قال: وجاء عمر بن الخطّاب. فقال: «ما أخرجك يابن الخطّاب؟» قال: أخرجني الذي أخرجكما.
قال: فقعد عمر وأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحدّثهما، ثمّ قال:
«هل بكما من قوّةٍ تنطلقان إلى هذا النّخل فتصيبان طعاماً وشراباً
وظلاًّ؟
» قلنا: نعم. قال:«مرّوا بنا إلى منزل ابن التّيّهان أبي الهيثم الأنصاريّ».
قال: فتقدّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أيدينا، فسلّم واستأذن ثلاث مرّاتٍ، وأمّ الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من السّلام، فلمّا أراد أن ينصرف خرجت أمّ الهيثم تسعى خلفهم؛ فقالت: يا رسول اللّه، قد -واللّه- سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك. فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خيراً، ثمّ قال:
«أين أبو الهيثم؟ لا أراه». قالت: يا رسول اللّه، هو قريبٌ، ذهب يستعذب الماء، ادخلوا؛ فإنّه يأتي السّاعة إن شاء اللّه.
فبسطت بساطاً تحت شجرةٍ، فجاء أبو الهيثم، ففرح بهم وقرّت عيناه بهم، فصعد على نخلةٍ فصرم لهم أعذاقاً؛ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«حسبك يا أبا الهيثم». قال: يا رسول اللّه، تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه. ثمّ أتاهم بماءٍ، فشربوا عليه؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هذا من النّعيم الّذي تسألون عنه». هذا غريبٌ من هذا الوجه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، حدّثنا الوليد بن القاسم، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة قال: بينما أبو بكرٍ وعمر جالسان؛ إذ جاءهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال:
«ما أجلسكما هنا؟» قالا: والذي بعثك بالحقّ ما أخرجنا من بيوتنا إلاّ الجوع. قال: «والّذي بعثني بالحقّ ما أخرجني غيره».
فانطلقوا حتّى أتوا بيت رجلٍ من الأنصار فاستقبلتهم المرأة، فقال لها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«أين فلانٌ؟» فقالت: ذهب يستعذب لنا ماءً. فجاء صاحبهم يحمل قربته؛ فقال: مرحباً، ما زار العباد نبيٌّ أفضل من نبيٍّ زارني اليوم. فعلّق قربته بكرب نخلةٍ، وانطلق فجاءهم بعذقٍ؛ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا كنت اجتنيت؟» فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم. ثمّ أخذ الشّفرة؛ فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إيّاك والحلوب».
فذبح لهم يومئذٍ فأكلوا؛ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«لتسألنّ عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتّى أصبتم هذا، فهذا من النّعيم».
ورواه مسلمٌ من حديث يزيد بن كيسان به، ورواه أبو يعلى وابن ماجه من حديث المحاربيّ، عن يحيى بن عبيد اللّه، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بكرٍ الصّدّيق به.
وقد رواه أهل السّنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عميرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بنحوٍ من هذا السّياق وهذه القصّة.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سريجٌ، حدّثنا حشرجٌ، عن أبي نصيرة، عن أبي عسيبٍ، يعني مولى رسول اللّه،، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلاً فمرّ بي فدعاني فخرجت إليه، ثمّ مرّ بأبي بكرٍ فدعاه فخرج إليه، ثمّ مرّ بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتّى دخل حائطاً لبعض الأنصار؛ فقال لصاحب الحائط:
«أطعمنا». فجاء بعذقٍ فوضعه، فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، ثمّ دعا بماءٍ باردٍ، فشرب وقال: «لتسألنّ عن هذا يوم القيامة».
قال: فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتّى تناثر البسر قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قال: يا رسول اللّه، إنّا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال:
«نعم، إلاّ من ثلاثةٍ: خرقةٍ لفّ بها الرّجل عورته، أو كسرةٍ سدّ بها جوعته، أو جحرٍ يدخل فيه من الحرّ والقرّ». تفرّد به أحمد.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا حمّادٌ، حدّثنا عمّارٌ، سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: أكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكرٍ وعمر رطباً، وشربوا ماءً؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«هذا من النّعيم الّذي تسألون عنه».
ورواه النّسائيّ من حديث حمّاد بن سلمة به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أحمد، حدّثنا يزيد، حدّثنا محمّد بن عمرٍو، عن صفوان بن سليمٍ، عن محمود بن الرّبيع قال: لمّا نزلت: {ألهاكم التّكاثر}؛ فقرأ حتّى بلغ: {لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}- قالوا: يا رسول اللّه، عن أيّ نعيمٍ نسأل؟! وإنّما هما الأسودان: الماء والتّمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدوّ حاضرٌ، فعن أيّ نعيمٍ نسأل؟! قال:
«أما إنّ ذلك سيكون».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا سفيان، عن محمد بن عمرٍو، عن يحيى بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: قال الزّبير لمّا نزلت: {لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قال: يا رسول اللّه، لأيّ نعيمٍ نسأل عنه،، وإنّما هما الأسودان: التّمر والماء؟! قال:
«إنّ ذلك سيكون». وكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث سفيان- هو ابن عيينة- به، ورواه أحمد عنه، وقال التّرمذيّ: حسنٌ.
وقال أحمد: حدّثنا أبو عامرٍ عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، حدّثنا معاذ بن عبد اللّه بن خبيبٍ، عن أبيه، عن عمّه قال: كنّا في مجلسٍ، فطلع علينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى رأسه أثر ماءٍ؛ فقلنا: يا رسول اللّه، نراك طيّب النّفس، قال:
«أجل». قال: ثمّ خاض النّاس في ذكر الغنى؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا بأس بالغنى لمن اتّقى اللّه، والصّحّة لمن اتّقى اللّه خيرٌ من الغنى، وطيب النّفس من النّعيم».
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلدٍ، عن عبد اللّه بن سليمان به.
وقال التّرمذيّ: حدّثنا عبد بن حميدٍ، حدّثنا شبابة، عن عبد اللّه بن العلاء، عن الضّحّاك بن عبد الرحمن بن عرزمٍ الأشعريّ قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّ أوّل ما يسأل عنه -يعني: يوم القيامة- العبد من النّعيم أن يقال له: ألم نصحّ لك جسمك ونروك من الماء البارد؟».
تفرّد به التّرمذيّ، ورواه ابن حبّان في صحيحه من طريق الوليد بن مسلمٍ، عن عبد اللّه بن العلاء بن زبرٍ به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، حدّثنا حفص بن عمر العدنيّ، عن الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة قال: نزلت هذه الآية: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قالت الصّحابة: يا رسول اللّه، وأيّ نعيمٍ نحن فيه وإنّما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشّعير؟! فأوحى اللّه إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: أليس تحتذون النّعال، وتشربون الماء البارد؟ فهذا من النّعيم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا محمّد بن سليمان بن الأصبهانيّ، عن ابن أبي ليلى- أظنّه عن عامرٍ- عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قال:
«الأمن والصّحّة».
وقال زيد بن أسلم: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}:
«يعني شبع البطون، وبارد الشّراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذّة النّوم». رواه ابن أبي حاتمٍ بإسناده المتقدّم عنه في أوّل السّورة.
وقال سعيد بن جبيرٍ:
«حتّى عن شربة عسلٍ».
وقال مجاهدٌ:
«عن كلّ لذّةٍ من لذّات الدّنيا. وقال الحسن البصريّ: من النّعيم: الغداء والعشاء».
وقال أبو قلابة:
«من النّعيم: أكل السّمن والعسل بالخبز النّقيّ. وقول مجاهدٍ أشمل هذه الأقوال».
وقال عليّ بن أبي طلحة:
«عن ابن عبّاسٍ: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قال: النّعيم: صحّة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل اللّه العباد فيم استعملوها؟ وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى: {إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً}».
وثبت في صحيح البخاريّ وسنن التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه من حديث عبد اللّه بن سعيد بن أبي هندٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ».
ومعنى هذا: أنّهم مقصّرون في شكر هاتين النّعمتين، لا يقومون بواجبهما؛ ومن لا يقوم بحقّ ما وجب عليه، فهو مغبونٌ.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا القاسم بن محمّد بن يحيى المروزيّ، حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، حدّثنا أبو حمزة، عن ليثٍ، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصمّ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«ما فوق الإزار وظلّ الحائط وجرّ الماء فضلٌ، يحاسب به العبد يوم القيامة،، أو يسأل عنه». ثمّ قال: لا نعرفه إلاّ بهذا الإسناد.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا بهزٌ وعفّان قالا: حدّثنا حمّادٌ- قال عفّان في حديثه- قال إسحاق بن عبد اللّه: عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«يقول اللّه عزّ وجلّ -قال عفّان: يوم القيامة-: يابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوّجتك النّساء، وجعلتك تربع وترأس، فأين شكر ذلك؟!». تفرّد به من هذا الوجه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 474-478]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة