تفسير قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)}
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وأما الثعلب: فيقال ضبح يضبح ضُباحا). [الفرق في اللغة: 161]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): (وقال خداش بن زهير العامري وهو جاهلي: وقوله: «العاديات المحصبا» يعني الإبل التي تأتي المحصب من منى، وهو قسم منه بها). [النوادر في اللغة: 177-180]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ): (ويقال في الهام، والبوم، والصدى: ضبح يضبح ضباحا). [كتاب الفَرْق: 104]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ): (ويقال: ضبح الثعلب يضبح ضباحا). [كتاب الفَرْق: 105]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
عقاب عقبناة ترى من حذارها ....... ثعالب أهوى أو أشاقر تضبح
وتضبح: تصيح، يقال: ضبح الثعلب يضبَح ضَبْحًا وضُباحًا). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 3]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفسيرين متضادين قوله: {والعاديات ضبحا}:
- يقول بعضهم: العاديات الخيل، والضبح: صوت أنفاس الخيل إذا عدون؛ يقال: قد ضبح الفرس، وقد ضبح الثعلب، وكذلك ما أشبههما.
- ويقال: العاديات: الإبل، وضبحا، معناه ضبعا، فأبدلت الحاء من العين، كما تقول العرب: بعثر ما في القبور، وبحثر ما في القبور؛ فمن قال: العاديات: الخيل، قال: هي الموريات قدحا؛ لأنها توري النار بسنابكها؛ إذا وقعت على الحجارة، وهي المغيرات صبحا. ومن قال: العاديات: الإبل، قال: الموريات قدحا، الرجال؛ يتبين من رأيهم ومكرهم ما يشبه النار التي تورى في القدح. والمغيرات صبحا: الإبل، يذهب إلى أنها تعدو في بعض أوقات الحج وكذلك تغير، على أن الإسراع بها يشبه الإسراع في حال الإغارة؛ حدثني أبي، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا يونس المؤدب، قال: حدثنا حماد، عن سماك، عن عكرمة، قال: الموريات قدحا الألسنة.
وكان علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول: العاديات الإبل. وكان ابن عباس رحمه الله يقول: العاديات: الخيل. أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو همام، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه حدثه، قال: بينما أنا جالس في الحجر، جاءني رجل، فسألني عن العاديات ضبحا، فقلت: هي الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم يأوون بالليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهو تحت سقاية زمزم، فسأله عن {العاديات ضبحا}، فقال له: أسألت عنها أحدا قبلي؟ قال: نعم سألت ابن عباس فقال: هي الخيل حين تغير في سبيل الله. فقال: اذهب فادعه لي، فلما وقفت على رأسه، قال: «إن كانت أول غزوة في الإسلام لبدرا، وما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير وفرس للمقداد. فكيف تكون العاديات الخيل! إنما العاديات ضبحا، من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى، فإذا كان الغد فالمغيرات صبحا إلى منى؛ فذلك جمع، فأما قوله: {فأثرن به نقعا} فهو نقع الأرض حين تطؤه بأخفافها».
قال ابن عباس: فنزعت عن قولي، ورجعت إلى قول علي عليه السلام). [كتاب الأضداد: 363-365]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): (
والعاديات أسابي الدماء بها ....... كأن أعناقها أنصاب ترجيب
الأسابي الطرائق من كل شيء الواحدة إسباءة وأسابي الطريق الشرك الممتد. ويقال للسير إذا امتد وجد وتتابع إن له لأسابي، قال الفرزدق:
فقام يجر من عجل إلينا ....... أسابي النعاس مع الإزار
وأسابي النعاس كأنها ذيوله، وقوله أنصاب ترجيب وهو نصب ينصب لذبح رجب، فشبه أعناقها لما عليها من الدم بالحجارة التي يذبح عليها، عبد الله: العاديات: الخيل الواحد عاد والأنثى عادية ويقال عدا الفرس يعدو عدوًا وأعداه صاحبه إعداء ويقال مر يعدو ويعدي ويجري ويجري وأراد: ونكر العاديات والعادية أيضًا الجماعة يعدون على أرجلهم، قال الهذلي:
وعادية تلقي الثياب كأنما ....... تزعزعها تحت السماة ريح
والعاديات: القوم يحملون في الغارة، والعادية: الإبل إذا كانت مقيمة في الخلة). [شرح المفضليات: 228-229]
تفسير قوله تعالى: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (أبو عمرو: فإذا أخرج النار قيل: ورى يري وقد وري يري مثال ولي يلي وأنا أوريته إيراء). [الغريب المصنف: 1/ 342] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
شبت هذيل وفهم بينها إرة ....... ما إن تبوخ وما يرتد صاليها
و(الإرة) موقد النار، تريد نارا، وأراد بالإرة الحرب، وأصل (الإرة) حفر يوقد فيها). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 582]
تفسير قوله تعالى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)}
تفسير قوله تعالى: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)}
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت: 209هـ): (
لقومي أحمى في الحقيقة منكم ....... وأضرب للجبار والنقع ساطع
قال والنقع الغبار وهو من قول الله عز وجل: {فأثرن به نقعا}). [نقائض جرير والفرزدق: 692-693]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت: 209هـ): (
فبتن بطونا للعضاريط بعد ما ....... لمعن بأيديهن والنقع ساطع
والنقع الغبار وهو من قوله تعالى: {فأثرن به نقعا} ). [نقائض جرير والفرزدق: 704]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والنقع الصوت والنقع الغبار). [الغريب المصنف: 3/ 972]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقولها: "لا ينقعن" أي لا يروين، يقال: ما نقعت ماشية بني فلان بري، إذا لم تبلغ من الماء حقها، ويقال للماء: النقع، ويقال: النقع، في غير هذا الموضع، للغبار، ويقال: أثاروا النقع بينهم. والنقع أيضًا: اسم موضع بعينه. قال الشاعر:
لقد حببت نعم إلينا بوجهها ....... ماسكن ما بين الوتائر والنقع
والنقع: الصراخ، قال لبيد:
فمتى ينقع صراخ صادق ....... يخلبوه ذات جرسٍ وزجلٍ).
[الكامل: 2/ 684]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (
له جنابان من نقع يثوره ....... ففرجه من حصى المعزاء مكلول
الجنابان: الناحيتان، يقول قد ارتفع له من جانبيه غبار لشدة عدوه، والنقع: الغبار). [شرح المفضليات: 283]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (والنقع: الغبار). [شرح المفضليات: 725]
تفسير قوله تعالى: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)}
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وكيف تسلبنا ليلى وتكندنا ....... وقد يمنح منا العولة الكند
يقول: تجد بها وإن كانت (كنودا)
أي كفورا، (تكندنا) تكفرنا). [شرح أشعار الهذليين: 3/ 1016-1017]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (قال الأصمعي: ميطي: تباعدي عني، يقال: مط عني، ولا يقال أمط، وحكاها أبو عبيدة وغيره من العلماء، وكذا روي بيت أوس.
فميطي بمياط: يقول اذهبي بقلب رجل ذهاب بقلوب النساء وتباعدي به.
وكنادها: قطعها كأنه يكفرها، ولا يصلها، وإذا كفر فقد قطع، وبه سمي كندة؛ لأنه كند أباه نعمه أي كفره واسمه عفير، وفي قوله ووصل الكريم كنادها قولان: أحدهما أراد مواصلة كريم، فالهاء في كنادها تعود على المواصلة، كما قال: غفرنا وكانت من سجيتنا الغفر، أراد بقوله الغفر: المغفرة، والقول الآخر: أراد وكنادك: خاطبها، ثم رجع إلى خطاب الغائب، والعرب تفعل هذا كثيرًا تخاطب ثم ترجع إلى الغائب، وتذكر غائبًا ثم ترجع إلى خطابه، من ذلك قول عنترة:
حلت بأرض الزائرين فأصبحت ....... عسرًا على طلابك ابنة مخرم
ذكر غائبة ثم رجع إلى خطابها، وقول الله عز وجل: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة}، ومنه قول كثير:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملولة ....... لدينا ولا مقلية إن تقلت
ولم يقل إن تقليت ومنه قول الهذلي:
يا لهف نفسي كان جدة خلة ....... وبياض وجهك للتراب الأعفر).
[شرح المفضليات: 12]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (
فإن أبا قابوس عندي بلاؤها ....... جزاءً بنعمى لا يحل كنودها
أبو قابوس النعمان بن المنذر والكنود: الكفور وهو من قول الله تعالى: {إن الإنسان لربه لكنود}
والكنود: الكفور للنعمة والكنود المصدر). [شرح المفضليات: 307-308]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (والكاند: الذي يكفر بالنعمة، والكنود: الكفور، ومنه قوله عز وجل: {إن الإنسان لرب لكنود}.
وامرأة كنودٌ كفورٌ للمواصلة). [الأمالي: 2/ 277]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)}
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله"للغدر": أي من أجل الغدر، وقال المفسرون والنحويون في قول الله عز وجل: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي لشديدٌ: من أجل حب الخير، والخير ههنا: المال، من قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}.
وقوله" لشديدٌ": أي لبخيل، والتقدير والله أعلم: إنه لبخيل من أجل حبه للمال، تقول العرب: فلان شديد ومتشدد أي بخيل، قال طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ....... عقيلة مال الفاحش المتشدد
وقلما يجيء المصدر على فاعل، فمما جاء على وزن "فاعل": قولهم عوفي عافيةً، وفلج فالجًا، وقم قائمًا: أي قم قيامًا، وكما قال:
............ ........ ولا خارجًا من في زور كلام
أي ولا يخرج خروجًا، وقد مضى تفسير هذا). [الكامل: 1/ 464]
تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)}
تفسير قوله تعالى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)}
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أمَّ الحجّاجُ قومًا فقرأ والعاديات ضبحًا " وقرأ في آخرها (أن رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ) بنصب أن، ثم تنبه على اللام في لَخَبِير وأنّ " إنّ لما قبلها لا تكون إلا مكسورة فحَذَفَ الّلامَ من خبير، فقرأ (أن رَبهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذ خَبِير) ). [عيون الأخبار: 5/ 160]