العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة الزلزلة [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:26 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} لقيامِ الساعةِ {زِلْزَالَهَا}، فَرُجَّتْ رَجًّا؛ وَالزلزالُ: مَصْدَرٌ إِذا كُسِرَتِ الزَّايُ، وَإِذا فُتِحَتْ كَانَ اسْماً؛ وَأُضِيفَ الزلزالُ إِلى الأرضِ وَهو صِفَتُهَا، كما يُقَالُ: لَأُكْرِمَنَّكَ كَرَامَتَكَ، بِمَعْنَى: لأُكْرِمَنَّكَ كَرَامَةً. وَحَسُنَ ذلكَ في زلزالِهَا، لِمُوَافَقَتِهَا رُءُوسَ الآياتِ التي بَعْدَهَا.
حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا ابنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: {زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}. على عهدِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لها عَبْدُ اللَّهِ: مَا لَكِ؟ أَمَا إِنَّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ قَامَتِ السَّاعَةُ). [جامع البيان: 24 / 558]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قَوْلُهُ: (إِذَا زُلْزِلَتْ) أَيْ: حُرِّكَتِ الأَرْضُ حَرَكَةً شَدِيدَةً لِقِيَامِ السَّاعَةِ). [عمدة القاري: 19 / 311]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أيِ: اضْطِرَابَهَا الْمُقَدَّرَ لها عنْدَ النَّفْخَةِ الأُولَى أو الثَّانِيَةِ). [إرشاد الساري: 7 / 431]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري في قوله: {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: ما استودعت يومئذ تحدث أخبارها قال: ما عمل عليها من خير أو شر). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 389]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. يَقُولُ: وَأَخْرَجَت الأرضُ ما في بَطْنِهَا مِنَ المَوْتَى أَحْيَاءً، وَالمَيِّتُ في بطنِ الأرضِ ثِقْلٌ لها، وَهوَ فوقَ ظهرِهَا حَيًّا ثِقْلٌ عليها.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سِنَانٍ القزَّازُ، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قَالَ: المَوْتَى.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قَالَ: يَعْنِي المَوْتَى.
- حَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. مَنْ في القبورِ). [جامع البيان: 24 / 558-559]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: يقول أخرجت من في القبور). [تفسير مجاهد: 2/ 775]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها.
{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: الْمَوْتَى). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: مَن في القُبُورِ). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المنذرِ عن ابنِ عباسٍ: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: ما فيها من الكُنُوزِ والموتَى). [الدر المنثور: 15 / 582]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقالَ الناسُ إِذا زُلْزِلَتِ الأرضُ لِقِيَامِ الساعةِ: مَا للأرضِ وَما قِصَّتُهَا؟ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}.
كانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ في ذلكَ ما حَدَّثَنِي ابنُ سنانٍ القزَّازُ، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا}. قَالَ: الكَافِرُ). [جامع البيان: 24 / 559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها.
{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: الْمَوْتَى.
{وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا}. قالَ: الكافرُ يقولُ: مَا لَهَا). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري في قوله: {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: ما استودعت يومئذ تحدث أخبارها قال ما عمل عليها من خير أو شر). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 389] (م)
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن أبي أيّوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {يومئذٍ تحدّث أخبارها} قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال:« فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبدٍ أو أمةٍ بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا، فهذه أخبارها».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5 / 303]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد الله، عن سعيد بن أبي أيّوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {يومئذٍ تحدّث أخبارها} ، قال: «أتدرون ما أخبارها؟»، قال: قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبدٍ وأمةٍ بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا»، قال: «فهذه أخبارها»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. يَقُولُ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ الأرضُ أَخْبَارَهَا.
وَتَحْدِيثُهَا أَخْبَارَهَا على القَوْلِ الذي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ مسعودٍ، أنْ تَتَكَلَّمَ فَتَقُولَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَأَوْحَى إِليَّ بِهِ، وَأَذِنَ لي فيهِ.
وأمَّا سعيدُ بنُ جبيرٍ فإِنَّهُ كان يَقُولُ في ذلكَ ما حَدَّثَنَا بهِ أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسماعيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ في المغربِ مَرَّةً: (يَوْمَئِذٍ تُنْبِئُ أَخْبَارَهَا). وَمَرَّةً: {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}.
فَكَأَنَّ مَعْنَى تُحَدِّثُ كَانَ عندَ سَعِيدٍ: تُنْبِئُ، وَتَنْبِيئُهَا أَخْبَارَهَا: إِخْرَاجُهَا أَثْقَالَهَا مِنْ بطنِهَا إِلى ظهرِهَا. وَهذا قولٌ عندي صَحِيحُ المَعْنَى، وَتَأْوِيلُ الكلامِ على هذا المعنَى: يَوْمَئِذٍ تُبَيِّنُ الأرضُ أَخْبَارَهَا بالزلزلةِ وَالرَّجَّةِ وَإِخراجِ المَوْتَى مِنْ بُطُونِهَا إِلى ظهورِهَا، بِوَحْيِ اللَّهِ إِليها، وَإِذْنِهِ لها بذلكَ، وَذلكَ معنَى قولِهِ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ. قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نجيحٍ، عَنْ مجاهدٍ، في قولِ اللَّهِ: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} يَقُولُ: بِأَنَّ {رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
قَالَ: أَمَرَهَا، فَأَلْقَتْ ما فيها وَتَخَلَّتْ.
- حَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرقاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. قَالَ: أَمَرَهَا.
وقدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كانَ يَقْرَأُ ذلكَ: (يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَهَا). وَقيلَ: معنى ذلكَ أنَّ الأرضَ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا مَنْ كَانَ على ظَهْرِهَا مِنْ أهلِ الطاعةِ وَالمعاصِي، وَما عَمِلُوا عليها مِنْ خيرٍ أَوْ شرٍّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: ما عُمِلَ عليها مِنْ خيرٍ أَوْ شرٍّ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. قَالَ: أَعْلَمَهَا ذلكَ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: ما كَانَ فيها، وَعلى ظَهْرِهَا مِنْ أعمالِ العبادِ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ، قولُهُ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: تُخْبِرُ الناسَ بما عَمِلُوا عليها). [جامع البيان: 24 / 559-562](م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {يومئذ تحدث أخبارها} تحدث بأخبار الناس بما عملوا عليها من خير أو شر). [تفسير مجاهد: 2/ 775]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، والحسن بن يعقوب، قالا: ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سعيد بن أبي أيّوب، حدّثني يحيى بن أبي سليمان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قرأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {يومئذٍ تحدّث أخبارها} قال: « أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: « فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبدٍ وأمةٍ بما عمل على ظهرها أن تقول: عمل كذا، أو كذا في يوم كذا، وكذا فذلك أخبارها». «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 580]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية» {يومئذ تحدّث أخبارها} [إذا زلزلت: 4] قال: «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ أخبارها: أن تشهد على كلّ عبدٍ أو أمةٍ بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا، كذا وكذا، فهذا أخبارها».
أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2 / 433-434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها.
{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: الْمَوْتَى.
{وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا}. قالَ: الكافرُ يقولُ: مَا لَهَا.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}: قال لها رَبُّكَ: قولي. فقالَتْ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: مَن في القُبُورِ، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قالَ: تُخْبِرُ الناسَ بما عَمِلُوا عليها). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ مسلمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقِيءُ الأَرْضُ أَفْلاَذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ. وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي. وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي. ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلاَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئاً» ). [الدر المنثور: 15 / 582-583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصحَّحه، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن أبي هريرةَ، قالَ: قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآيةَ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قالَ: «أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟» قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قالَ: «فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ و أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ تَقُولُ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا، فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا. فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا» ). [الدر المنثور: 15 / 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن أَنَسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «إِنَّ الأَرْضَ لَتُخْبِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكُلِّ مَا عُمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا».
وقَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. حتى بلَغَ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قالَ: «أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ جَاءَ جِبْرِيلُ قَالَ: خَبَرُهَا: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَخْبَرَتْ بِكُلِّ عَمَلٍ عُمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا» ). [الدر المنثور: 15 / 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطبرانيُّ، عن ربيعةَ الجُرَشِيِّ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «تَحَفَّظُوا مِنَ الأَرْضِ؛ فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ عَامِلٌ عَلَيْهَا خَيْراً أَوْ شَرًّا إِلاَّ وَهِيَ مُخْبِرَةٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الحَكَمِ، قالَ: رَأَيْتُ أبا أُمَيَّةَ صَلَّّى في المسجدِ الحرامِ المَكْتُوبَةَ، ثم َقعَدَ فجَعَلَ يُصَلِّي هاهنا وهاهنا، فلمَّا فَرَغَ قلتُ له: ما هذا الذي رأَيْتُكَ تَصْنَعُ؟ قالَ: قرأتُ هذه الآيةَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} إلى قولِه: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. فأرَدْتُ أن تَشْهَدَ لي يومَ القيامةِ). [الدر المنثور: 15 / 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شيبةَ في "المُصَنَّف"، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ الأنباريِّ في "المَصَاحِفِ"، عن إسماعيلَ بنِ عبدِ الملِكِ، قالَ: سَمِعْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ بقراءةِ في المَغْرِبِ مَرَّةً: (يَوْمَئِذٍ تُنْبِئُ أَخْبَارَها) ومَرَّةً: {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ولفظُ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بنَ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ بقراءةِ ابنِ مسعودٍ هذه الآيةَ: (يَوْمَئِذٍ تنبئُ أَخْبَارَها). وقَرَأَ مَرَّةً: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ). [الدر المنثور: 15 / 583]

تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {أوحى لها} أوحى إليها، ووحى لها ووحى إليها واحدٌ). [صحيح البخاري: 6 / 175]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (سُورَةُ إِذَا زُلْزِلَتْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحَيمِ بَابٌ قولُهُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) إلخ سقطَ بَابٌ قولُهُ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ.
قولُهُ: (أَوْحَى لَهَا يُقَالُ: أَوْحَى لَهَا، وأَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا، ووَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قَالَ العَجَّاجُ: أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فَاسْتَقَرَّتْ. وقيلَ: اللامُ بمَعْنَى مِنْ أَجْلِ، والمُوحَى إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ أي: أَوْحَى إلى المَلائِكَةِ مِنْ أَجْلِ الأَرْضِ، والأولُ أَصْوَبُ، وقد أَخْرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْحَى لهَا أَوْحَى إِلَيْهَا). [فتح الباري: 8 / 727]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (يُقَالُ: أَوْحَى لَهَا، أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا، وَوَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: {أَوْحَى لَهَا} أَيْ: أَوْحَى إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ: يُقَالُ... إِلَخْ غَرَضُهُ أَنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظَ الأَرْبَعَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَجَاءَ اسْتِعْمَالُهَا بِكَلِمَةِ إِلَى وَبِاللاَّمِ، وَمَعْنَاهُ أَمَرَهَا بِالْكَلاَمِ وَأَذِنَ لَهَا فِيهِ، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: مَجَازُهُ يُوحِي اللَّهُ إِلَيْهَا). [عمدة القاري: 19 / 311]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (يُقَالُ: أَوْحَى لَهَا) أي: (أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا وَوَحَى إِلَيْهَا) بِغَيْرِ أَلِفٍ في الأَخِيرَيْنِ (وَاحِدٌ) في الْمَعْنَى، فاللاَّمُ بمَعْنَى إِلَى، وإنَّمَا أُوثِرَتْ على "إلى" لِمُوَافَقَةِ الْفَوَاصِلِ، وقِيلَ: اللاَّمُ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ، والْمُوحَى إليه مَحْذُوفٌ أي أَوْحَى إلى الْمَلاَئِكَةِ من أَجْلِ الأَرْضِ، والصَّوَابُ أنَّ الأمرَ بالكلامِ للأرضِ نفسِها، وأَذِنَ لَهَا أَنْ تُخْبِرَ عمَّا عُمِلَ عليها. قِيلَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ في الأرْضِ الحياةَ والنُّطْقَ حَتَّى تُخْبِرَ بما أَمَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وهذا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَقَالَ الْعَجَّاجُ: أَوْحَى لَهَا الْقَرَارَ فَاسْتَقَرَّتْ وهذا ساقطٌ لِلْحَمَوِيِّ). [إرشاد الساري: 7 / 431]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. يَقُولُ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ الأرضُ أَخْبَارَهَا.
وَتَحْدِيثُهَا أَخْبَارَهَا على القَوْلِ الذي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ مسعودٍ، أنْ تَتَكَلَّمَ فَتَقُولَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَأَوْحَى إِليَّ بِهِ، وَأَذِنَ لي فيهِ.
وأمَّا سعيدُ بنُ جبيرٍ فإِنَّهُ كان يَقُولُ في ذلكَ ما حَدَّثَنَا بهِ أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسماعيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ في المغربِ مَرَّةً: (يَوْمَئِذٍ تُنْبِئُ أَخْبَارَهَا). وَمَرَّةً: {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}.
فَكَأَنَّ مَعْنَى تُحَدِّثُ كَانَ عندَ سَعِيدٍ: تُنْبِئُ، وَتَنْبِيئُهَا أَخْبَارَهَا: إِخْرَاجُهَا أَثْقَالَهَا مِنْ بطنِهَا إِلى ظهرِهَا. وَهذا قولٌ عندي صَحِيحُ المَعْنَى، وَتَأْوِيلُ الكلامِ على هذا المعنَى: يَوْمَئِذٍ تُبَيِّنُ الأرضُ أَخْبَارَهَا بالزلزلةِ وَالرَّجَّةِ وَإِخراجِ المَوْتَى مِنْ بُطُونِهَا إِلى ظهورِهَا، بِوَحْيِ اللَّهِ إِليها، وَإِذْنِهِ لها بذلكَ، وَذلكَ معنَى قولِهِ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ. قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نجيحٍ، عَنْ مجاهدٍ، في قولِ اللَّهِ: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} يَقُولُ: بِأَنَّ {رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
قَالَ: أَمَرَهَا، فَأَلْقَتْ ما فيها وَتَخَلَّتْ.
- حَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرقاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. قَالَ: أَمَرَهَا.
وقدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كانَ يَقْرَأُ ذلكَ: (يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَهَا). وَقيلَ: معنى ذلكَ أنَّ الأرضَ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا مَنْ كَانَ على ظَهْرِهَا مِنْ أهلِ الطاعةِ وَالمعاصِي، وَما عَمِلُوا عليها مِنْ خيرٍ أَوْ شرٍّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: ما عُمِلَ عليها مِنْ خيرٍ أَوْ شرٍّ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. قَالَ: أَعْلَمَهَا ذلكَ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: ما كَانَ فيها، وَعلى ظَهْرِهَا مِنْ أعمالِ العبادِ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ، قولُهُ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قَالَ: تُخْبِرُ الناسَ بما عَمِلُوا عليها.
وقيلَ: عُنِيَ بقولِهِ: {أَوْحَى لَهَا} أَوْحَى إِلَيْهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي ابنُ سِنَانٍ القَزَّازُ، قَالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَوْحَى لَهَا}. قَالَ: أَوْحَى إِلَيْهَا). [جامع البيان: 24 / 559-562]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بأن ربك أوحى لها يقول أمرها فألقت ما فيها وتخلت منهم). [تفسير مجاهد: 775]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها.
{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: الْمَوْتَى.
{وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا}. قالَ: الكافرُ يقولُ: مَا لَهَا.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}: قال لها رَبُّكَ: قولي. فقالَتْ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قالَ: أَوْحَى إليها). [الدر المنثور: 15 / 582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: مَن في القُبُورِ، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}. قالَ: تُخْبِرُ الناسَ بما عَمِلُوا عليها، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قالَ: أَمَرَها فأَلْقَتْ ما فيها). [الدر المنثور: 15 / 582]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً}. قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى هذهِ الكلمةِ التَّأْخِيرُ بعدَ {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} قَالُوا: وَوَجْهُ الكلامِ: يومئذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا. لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً.
قالوا: وَلَكِنَّهُ اعْتُرِضَ بينَ ذلكَ بهذهِ الكلمةِ. وَمعنَى قولِهِ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} عَنْ موقفِ الحسابِ فِرَقاً مُتَفَرِّقِينَ، فآخِذٌ ذاتَ اليمينِ إِلى الجنَّةِ، وَآخِذٌ ذَاتَ الشمالِ إِلى النارِ.
وقولُهُ: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}. يَقُولُ: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً مُتَفَرِّقِينَ، عَنِ اليمينِ وَعن الشمالِ، لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَيَرَى المحسنُ في الدنيا المُطِيعُ للَّهِ عَمَلَهُ وَما أَعَدَّ اللَّهُ لهُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الكرامةِ، على طاعتِهِ إِيَّاهُ كَانَتْ في الدنيا، وَيَرَى المُسِيءُ العاصِي للَّهِ عَمَلَهُ وَجَزَاءَ عَمَلِهِ، وَما أَعَدَّ اللَّهُ لهُ مِنَ الهوانِ وَالخِزْيِ في جَهَنَّمَ، على مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ كَانَتْ في الدنيا، وَكُفْرِهِ بهِ). [جامع البيان: 24 / 562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. تَحَرَّكَتْ مِن أسفَلِها.
{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. قالَ: الْمَوْتَى.
{وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا}؛ قالَ: الكافرُ يقولُ: مَا لَهَا.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}؛ قال لها رَبُّكَ: قولي. فقالَتْ، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قالَ: أَوْحَى إليها.
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً}؛ قالَ: مِن كلٍّ؛ مِن هَاهُنا وهَاهُنا). [الدر المنثور: 15 / 582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ عن السُّدِّيِّ في قَوْلِه: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً}؛ قالَ: فِرَقاً). [الدر المنثور: 15 / 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ جُرَيْجٍ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً}؛ قالَ: يَتَصَدَّعُونَ {أَشْتَاتاً} فلا يَجْتَمِعُونَ بعدُ، ذلك آخِرُ ما عَلَيْهِم، وكانَ يُقالُ: إن هذه السورةَ الفاذَّةُ الجامِعَةُ). [الدر المنثور: 15 / 584]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- حدثنا جرير بن حازم، قال: سمعت الحسن يقول: قدم صعصعة - يعني عم الفرزدق، أو قال: جده، على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ هذه الآية: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [سورة الزلزلة: 7-8] قال: حسبي حسبي، لا أبالي أن لا أسمع غيرها). [الزهد لابن المبارك: 2/ 36]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن الحسن، قال: لما نزلت: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} قال رجل من المسلمين: حسبي إن عملت مثقال ذرة من خيرٍ، أو شر رأيته، انتهت الموعظة). [الزهد لابن المبارك: 2/ 36]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الله بن الوليد، عن عباس بن خليد، قال: قال أبو الدرداء: إتمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حرامًا، يكون حجابًا بينه وبين الحرام، فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه، قال الله تبارك وتعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [سورة الزلزلة:7-8] فلا تحقرن شيئًا من الشر أن تتقيه، ولا شيئًا من الخير أن تفعله). [الزهد لابن المبارك: 2/ 232]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الحسن، قال: لما نزلت {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}؛ قال رجل من المسلمين: حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر أريته انتهت الموعظة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 388]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن زيد بن أسلم، أن النبي دفع رجلا إلى رجل يعلمه فعلمه حتى إذا بلغ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}؛ قال: حسبي فقال النبي:«دعه فقد فقه»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 388]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن زيد بن أسلم، أن النبي قرأها فقام رجل، فجعل يضع يده على رأسه وهو يقول: واسوأتاه، فقال النبي:
«أما الرجل فقد آمن»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 388]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، قال: وأخبرني عمرو بن قتادة، عن محمد بن كعب أنه قال: في قوله: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}؛ فقال: أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة، وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا.
قال معمر: وبلغني أن عمر بن الخطاب مر به ركب فأرسل إليهم يسألهم من هم؟ فقالوا: جئنا من الفج العميق، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نؤم البيت العتيق فرجع إليه الرسول فأخبره، فقال عمر: إن لهؤلاء لنبأ ثم أرسل إليهم أي آية في كتاب الله أحكم قالوا: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}؛ فقال أي آية أعدل قالوا إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى قال: فأي آية أعظم قالوا: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال: فأي آية أرجى قالوا: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} قال: فأي آية أخوف قالوا: {من يعمل سوآ يجز به} قال سلهم أفيهم ابن أم عبد قالوا: نعم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 388-389]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محاضرٌ، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، قال: لقد أدركت ستّين من أصحاب عبد الله في مسجدنا هذا أصغرهم الحارث بن سويد وسمعته يقرأ: {إذا زلزلت} حتّى بلغ {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره} قال: فبكى، ثمّ قال: إن هذا لإحصاء شديدٌ). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 457]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب سورة إذا زلزلت الأرض زلزالها

قوله: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره} يقال: {أوحى لها} [الزلزلة: 5] أوحى إليها، ووحى لها ووحى إليها واحدٌ
- حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه، حدّثنا مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالحٍ السّمّان، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخيل لثلاثةٍ: لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، وعلى رجلٍ وزرٌ، فأمّا الّذي له أجرٌ: فرجلٌ ربطها في سبيل اللّه، فأطال لها في مرجٍ أو روضةٍ، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والرّوضة، كان له حسناتٍ، ولو أنّها قطعت طيلها فاستنّت شرفًا أو شرفين، كانت آثارها وأرواثها حسناتٍ له، ولو أنّها مرّت بنهرٍ فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسناتٍ له، فهي لذلك الرّجل أجرٌ، ورجلٌ ربطها تغنّيًا وتعفّفًا، ولم ينس حقّ اللّه في رقابها ولا ظهورها، فهي له سترٌ، ورجلٌ ربطها فخرًا ورئاءً ونواءً، فهي على ذلك وزرٌ »
فسئل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عن الحمر، قال: «ما أنزل اللّه عليّ فيها إلّا هذه الآية الفاذّة الجامعة: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}»). [صحيح البخاري: 6 / 175-176]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ– أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ فِي الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وأرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَشِّيًا وَتَعَفُفًّا وَلَمْ يَنْسَ حَقَ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} إِلَخْ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ اسْمُهُ ذَكْوَانُ، وَالْحَدِيثُ قَدْ مَضَى فِي الشُّرْبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَفِي الْجِهَادِ وَعَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَمَرَّ الْكَلاَمُ فِيهِ وَلْنَذْكُرْ بَعْضَ شَيْءٍ.
- قَوْلُهُ: (فِي مَرْجٍ): وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الدَّوَابُّ.
- قَوْلُهُ: (طِيَلَهَا) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُطَوَّلُ لِلدَّابَّةِ وَيُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي الْوَتَدِ.
- قَوْلُهُ: (فَاسْتَنَّتْ) يُقَالُ: اسْتَنَّ إِذَا أَلَحَّ فِي الْعَدْوِ.
- قَوْلُهُ: (شَرَفًا) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الشَّوْطُ وَسُمِّيَ بِهِ؛ لأَنَّ الْعَادِيَ بِهِ يُشْرِفُ عَلَى مَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ.
- قَوْلُهُ: (تَغَنِّيًا) أَيِ: اسْتِغْنَاءً عَنِ النَّاسِ أَوْ بِنَتَاجِهَا وَتَعَفُّفًا عَنِ السُّؤَالِ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهَا إِلَى مَتَاجِرِهِ وَمَزَارِعِهِ وَنَحْوِهَا فَتَكُونُ سِتْرًا لَهُ تَحْجُبُهُ عَنِ الْفَاقَةِ.
- قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا). بِأَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهَا، وَبِهِ احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِي زَكَاةِ الْخَيْلِ.
- قَوْلُهُ: (وَلاَ ظُهُورِهَا) أَيْ: وَلاَ فِي ظُهُورِهَا بِأَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
- قَوْلُهُ: (وَنِوَاءً) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ: مُنَاوَأَةً أَيْ: مُعَادَاةً.
- قَوْلُهُ: (الْفَاذَّةَ) بِالْفَاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيِ: الْفَرْدَةَ، وَجَعَلَهَا فَاذَّةً لِخُلُوِّهَا عَنْ بَيَانِ مَا تَحْتَهَا مِنَ التَّنَاسُلِ أَنْوَاعُهَا، وَقِيلَ: إِذْ لَيْسَ مِثْلَهَا آيَةٌ أُخْرَى فِي قِلَّةِ الأَلْفَاظِ وَكَثْرَةِ الْمَعَانِي؛ لأَنَّهَا جَامِعَةٌ لِكُلِّ أَحْكَامِ الْخَيْرَاتِ وَالشُّرُورِ، وَقِيلَ: جَامِعَةٌ لاشْتِمَالِ اسْمِ الْخَيْرِ عَلَى أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، وَالشَّرِّ عَلَى أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي، وَدَلاَلَةُ الآيَةِ عَلَى الْجَوَابِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ سُؤَالَهُمْ كَانَ: إِنَّ الْحِمَارَ لَهُ حُكْمُ الْفَرَسِ أَمْ لاَ ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إِنْ كَانَ لِخَيْرٍ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَرَى خَيْرَهُ، وَإِلاَّ فَبِالْعَكْسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ). [عمدة القاري: 19 / 311]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (بَابٌ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) زِنَةُ نَمْلَةٍ صَغِيرَةٍ (خَيْرًا يَرَهُ) جَوَابُ الشَّرْطِ في الْمَوْضِعَيْنِ يَرَ ثَوَابَهُ). [إرشاد الساري: 7 / 431]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وبه قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وبالإفرادِ لأَبِي ذَرٍّ مَالِكٌ الإمامُ الأعظَمُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ»؛ فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي هي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَطَالَ لَهَا في الْحَبْلِ الَّذِي رَبَطَهَا به حَتَّى تَسْرَحَ لِلرَّعْيِ فِي مَرْجٍ مَوْضِعِ كَلأٍ وَسَقَطَ: لها، لأَبِي ذَرٍّ، أَوْ رَوْضَةٍ بِالشَّكِّ فَمَا أَصَابَتْ أي ما أَكَلَتْ وَشَرِبَتْ وَمَشَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ أي: حَبْلِهَا الْمَرْبُوطَةِ فِيهِ فِي الْمَرْجِ ولأَبِي ذَرٍّ عن الْحَمَوِيِّ والْمُسْتَمْلِيِّ: من الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ كَانَ لَهُ أي لصاحِبِهَا حَسَنَاتٍ في الآخِرَةِ وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا الْمَذْكُورَ فَاسْتَنَّتْ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أي: عَدَتْ بِمَرَحٍ وَنَشَاطٍ شَرَفًا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ والرَّاءِ وَالْفَاءِ أَوْ شَرَفَيْنِ شَوْطًا أو شَوْطَيْنِ، فَبَعُدَتْ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي رَبَطَهَا صَاحِبُهَا فِيهِ تَرْعَى وَرَعَتْ فِي غَيْرِهِ كَانَتْ آثَارُهَا بِالْمُثَلَّثَةِ في الأرْضِ بِحَوَافِرِهَا عِنْدَ مَشْيِهَا، وَأَرْوَاثُهَا بِالْمُثَلَّثَةِ حَسَنَاتٍ لَهُ لِصَاحِبِهَا في الآخِرَةِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا فَشَرِبَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ قَصْدِ صَاحِبِهَا وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ أي شُرْبُهَا وَإِرَادَتُهُ أَنْ يَسْقِيَهَا حَسَنَاتٍ لَهُ في الآخرةِ، فَهِيَ بِالْفَاءِ، ولأَبِي ذَرٍّ: وهي لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي رَبَطَهَا أَجْرٌ. وأَمَّا الَّذِي هِيَ له سِتْرٌ فَهُوَ رَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا أي: اسْتِغْنَاءً عن النَّاسِ، وَتَعَفُّفًا عن سُؤَالِهِمْ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهَا لِحَاجَتِهِ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا بأنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ تِجَارَتِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا بأَنْ يَرْكَبَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهِيَ أي: الْخَيْلُ ولأَبِي ذَرٍّ عن الْكُشْمِيهَنِيِّ: فهو أي: ذلك الْفِعْلُ الَّذِي فَعَلَهُ لَهُ سِتْرٌ يَحْجُبُهُ عن الْفَاقَةِ. و أمَّا الَّذِي هي عَلَيْهِ وِزْرٌ فَهُوَ رَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا أي: لأجْلِ الْفَخْرِ وَرِيَاءً أي إِظْهَارًا لِلطَّاعَةِ، وَالْبَاطِنُ بِخِلاَفِهِ، وَنِوَاءً بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا أي: عَدَاوَةً زَادَ في الْجِهَادِ: لأهْلِ الإِسْلاَمِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وِزْرٌ، فَسُئِلَ بِالْفَاءِ وَضَمِّ السِّينِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَالسَّائِلُ صَعْصَعَةُ بْنُ نَاجِيَةَ ولأَبِي ذَرٍّ: وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ هَلْ لَهَا حُكْمُ الْخَيْلِ قَالَ:« مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ» بالفاءِ والْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ: الْقَلِيلَةُ الْمِثْلِ الْمُنْفَرِدَةُ في مَعْنَاهَا الْجَامِعَةَ لِكُلِّ الْخَيْرَاتِ وَالسُّرُورِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} رَوَى الإمامُ أَحْمَدُ عن صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْفَرَزْدَقِ أنَّه أتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ الآيَةَ فَقَالَ: حَسْبِي لاَ أُبَالِي أَنْ لاَ أَسْمَعَ غَيْرَهَا). [إرشاد الساري: 7 / 431]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}
- حدّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدّثني ابن وهبٍ، قال: أخبرني مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالحٍ السّمّان، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، سئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الحمر، فقال: «لم ينزل عليّ فيها شيءٌ إلّا هذه الآية الجامعة الفاذّة: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}»). [صحيح البخاري: 6 / 176]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثم ذَكَرَ فيه حَدِيثَ أَبِي هُرَيرَةَ: الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ، وفي آخِرِهِ: فسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ عنِ الحُمُرِ.. الحديثَ، ثم سَاقَهُ مِن وَجْهٍ آخَرَ عن مَالِكٍ بسَنَدِهِ المَذْكُورِ مُقْتَصِرًا على القِصَّةِ الآخِرَةِ، وقد تَقَدَّمَ شرحُ الحَدِيثِ مُسْتَوْفًى في كتابِ الجِهَادِ). [فتح الباري: 8 / 727]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
بَابٌ قَوْلُهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} وَلَمْ يَثْبُتْ لَفْظُ: "بَابٌ" إِلاَّ لأَبِي ذَرٍّ، وَالْمِثْقَالُ عَلَى وَزْنِ مِفْعَالٍ مِنَ الثِّقَلِ، وَمَعْنَى الْمِثْقَالِ هُنَا الْوَزْنُ، وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ عَنِ الذَّرَّةِ فَقَالَ: إِنَّ مِائَةَ نَمْلَةٍ وَزْنُ حَبَّةٍ، وَالذَّرَّةُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ زَعَمُوا أَنَّ الذَّرَّةَ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ). [عمدة القاري: 19 / 311]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَنْ يَعْمَلْ} إِلَى آخِرِهِ وَلَيْسَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَفْظُ: بَابٌ.
ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سُئِلَ النَّبِيُّ عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: «لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ سَكَنَ مِصْرَ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الْمِصْرِيِّ، وَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ عَنْ مَالِكٍ مُقْتَصِرًا فِي الْقِصَّةِ الأَخِيرَةِ). [عمدة القاري: 19 / 312]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( هَذَا (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ أي فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلاَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ثَبَتَ لَفْظُ بَابٌ لأَبِي ذَرٍّ * وبه قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ سَكَنَ مِصْرَ قَالَ: حَدَّثَنِي بالإفرادِ، ولأَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي بالإفرادِ مَالِكٌ الإمامُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ أي: عَنْ صَدَقَةِ الْحُمُرِ فَقَالَ: لَمْ يُنْزَلْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ أي: الْمُنْفَرِدَةُ في مَعْنَاهَا، فَذَّ الرَّجُلُ عَنْ أَصْحَابِهِ إِذَا شَذَّ عَنْهُمْ.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَ مُؤْمِنٌ وَلاَ كَافِرٌ عَمِلَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ أَرَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُثِيبُهُ بِحَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتُرَدُّ حَسَنَاتُهُ تَحْسِيرًا وَيُعَذَّبُ بِسَيِّئَاتِهِ. قَالَ في فُتُوحِ الْغَيْبِ: وهَذَا يُسَاعِدُهُ النَّظْمُ والْمَعْنَى والأُسْلُوبُ؛ أَمَّا النَّظْمُ فَإِنَّ قَوْلَهُ: (فَمَنْ يَعْمَلْ) تفصيلٌ لما عَقَّبَ به من قَوْلِهِ: {يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} فَيَجِبُ التَّوَافُقُ، والأعْمَالُ جَمْعٌ مُضَافٌ يُفِيدُ الشُّمُولَ والاسْتِغْرَاقَ، وَيَصْدُرُ النَّاسُ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ: أَشْتَاتًا؛ فَيُفِيدُ أَنَّهُمْ على طَرَائِقَ شَتَّى لِلنُّزُولِ في مَنَازِلِهِمُ الْجَنَّةِ والنَّارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهُمُ الْمُخْتَلِفَةِ، وَمَِنْ ثَمَّةَ كَانَتِ الْجَنَّةُ ذَاتَ دَرَجَاتٍ، وَالنَّارُ ذَاتَ دَرَكَاتٍ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّهَا وَرَدَتْ لِبَيَانِ الاسْتِقْصَاءِ في عرضِ الأعمالِ والجزاءِ عليها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآيَةَ، وَأَمَّا الأسلوبُ فإنَّهَا من الْجَوَامِعِ الْحَاوِيَةِ لفوائِدِ الدِّينِ أَصْلاً وَفَرْعًا). [إرشاد الساري: 7 / 431-432]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمّدٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت الحسن، يقول: حدّثنا صعصعة عمّ الفرزدق، قال: قدمت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسمعته يقول: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} ، قال: ما أبالي ألّا أسمع غيرها، حسبي حسبي). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}. يَقُولُ: فَمَنْ عَمِلَ في الدنيا وَزْنَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ يَرَى ثَوَابَهُ هُنَالِكَ). [جامع البيان: 24 / 562]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. يَقُولُ تَعَالى: وَمَن كَانَ عَمِلَ في الدنيا وَزْنَ ذَرَّةٍ شَرَّا يَرَى جَزَاءَهُ هُنَالِكَ، وَقيلَ: وَمَن يَعْمَلْ، وَالخبرُ عنها في الآخرةِ، لِفَهْمِ السامعِ معنَى ذلكَ، لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الدليلِ قَبْلُ على أنَّ مَعْنَاهُ: فَمَنْ عَمِلَ, وذلكَ دلالةُ قولِهِ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} على ذلكَ. وَلكنْ لَمَّا كانَ مَفْهُوماً مَعْنَى الكلامِ عندَ السَّامِعِينَ. وَكانَ فِي قَوْلِهِ: {يَعْمَلْ} حَثٌّ لأهلِ الدنيا على العملِ بطاعةِ اللَّهِ، وَالزجرِ عَنْ معاصِيهِ، معَ الذي ذَكَرْتُ مِنْ دلالةِ الكلامِ قبلَ ذلكَ، على أنَّ ذلكَ مُرَادٌ بهِ الخبرُ عَنْ مَاضِي فِعْلِهِ، وَما لَهُم على ذلكَ، أَخْرَجَ الخبرَ على وَجهِ الخبرِ عَنْ مُسْتَقْبَلِ الفِعْلِ.
وبِنَحْوِ الذي قُلْنَا مِنْ أنَّ جَمِيعَهُمْ يَرَوْنَ أَعْمَالَهُمْ، قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أبو صالحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}. قَالَ: ليسَ مُؤْمِنٌ وَلا كَافِرٌ عَمِلَ خَيْراً وَلا شَرًّا في الدنيا، إِلاَّ أتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَأَمَّا المُؤْمِنُ فَيُرِيهِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لهُ سَيِّئَاتِهِ. وَأمَّا الكافرُ فَيَرُدُّ حَسَنَاتِهِ، وَيُعَذِّبُهُ بِسَيِّئَاتِهِ.
وَقيلَ في ذلكَ غيرُ هذا القَوْلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أمَّا المُؤْمِنُ، فَيُعَجِّلُ لهُ عقوبةَ سَيِّئَاتِهِ في الدنيا، وَيُؤَخِّرُ لهُ ثَوَابَ حسناتِهِ، وَالكافرُ يُعَجِّلُ لهُ ثوابَ حَسَنَاتِهِ، وَيُؤَخِّرُ لَهُ عُقُوبَةَ سَيِّئَاتِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي موسى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا محمدُ بنُ بشرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِيهِ محمدُ بنُ مسلمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ محمدَ بنَ كعبٍ القُرَظِيَّ، وَهو يُفَسِّرُ هذهِ الآيةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}. قَالَ: مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ مِنْ كافرٍ يَرَ ثَوَابَهُ في الدنيا في نفسِهِ وَأهلِهِ وَمالِهِ وَولدِهِ، حتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدنيا وَليسَ لهُ عندَهُ خَيْرٌ، {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} مِنْ مُؤْمِنٍ يَرَ عُقُوبَتَهُ في الدنيا في نفسِهِ وَأهلِهِ وَمالِهِ وَولدِهِ، حتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدنيا وَليسَ عندَهُ شَيْءٌ.
- حَدَّثَنِي محمودُ بنُ خِدَاشٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا محمدُ بنُ مسلمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ كعبٍ القُرَظِيَّ، عَنْ هذهِ الآيةِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. قَالَ: مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ مِنْ كَافِرٍ، يَرَ ثَوَابَهَا في نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمالِهِ، حتَّى يَخْرُجَ وَليسَ لهُ خيرٌ؛ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ مِنْ مُؤْمِنٍ، يَرَ عُقُوبَتَهَا في نفسِهِ وَأهلِهِ وَمالِهِ، حتَّى يَخْرُجَ وَليسَ لهُ شَرٌّ.
- حَدَّثَنِي أبو الخَطَّابِ الحَسَّانِيُّ، قَالَ: ثنا الهيثمُ بنُ الربيعِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أبي قِلابَةَ، عَنْ أنسٍ، قَالَ: كانَ أبو بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْكُلُ معَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. فرفعَ أبو بكرٍ يَدَهُ ، وَقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُجْزَى بِمَا عَمِلْتُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ؟ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا رَأَيْتَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ فَبمَثَاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيَدَّخِرُ لَكَ اللَّهُ مَثَاقِيلَ الْخَيْرِ حَتَّى تُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَال: ثَنَا عَبْدُ الوَهَابِ قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، قَالَ: وَجَدْنَا في كتابِ أبي قلابةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ: أنَّ أبا بَكْرٍ كَانَ يَأْكُلُ معَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُنْزِلَتْ هذهِ الآيةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. فَرَفَعَ أبو بكرٍ يَدَهُ مِنَ الطعامِ، وَقالَ: إِنِّي لَرَاءٍ ما عَمِلْتُ، قَالَ: لا أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ: ما عَمِلْتُ مِنْ خيرٍ وَشرٍّ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ مَا تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مَثَاقِيلُ ذَرِّ شَرٍّ كَثِيرٍ، وَيَدَّخِرُ اللَّهُ لَكَ مَثَاقِيلَ ذَرِّ الْخَيْرِ حَتَّى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَتَصْدِيقُ ذلكَ في كتابِ اللَّهِ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، قَالَ: قَرَأْتُ في كتابِ أبي قلابةَ قَالَ: نَزَلَتْ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. وَأبو بَكْرٍ يَأْكُلُ فَأَمْسَكَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَرَاءٍ مَا عَمِلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ؟ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ، فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيُدَّخَرُ مَثَاقِيلُ ذَرِّ الْخَيْرِ، حَتَّى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أبو إِدريسَ: فَأَرَى مِصْدَاقَهَا في كتابِ اللَّهِ، قَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ بنُ إِبراهيمَ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ داودَ، عَنِ الشعبيِّ، قَالَ: قَالَتْ عائشةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ جُدْعَانَ كانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، هلْ ذاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: «لا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً: {رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}».
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشعبيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائشةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابنُ جُدْعَانَ كانَ في الجاهليَّةِ يَصِلُ الرحمَ، وَيُطْعِمُ المِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: «لا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً: {رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عَنْ داودَ، عَنْ عامرٍ الشَّعْبِيِّ، أنَّ عَائِشَةَ أمَّ المؤمنينَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابنَ جُدْعَانَ، كانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيَفُكُّ العَانِي، فَهَلْ ذلكَ نَافِعُهُ شَيْئاً؟ قَالَ: «لا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً: {رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أنَّ سلمةَ بْنَ يَزِيدَ الجُعْفِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا هَلَكَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، كانتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فهلْ ذلكَ نَافِعُهَا شَيْئاً؟ قَالَ: «لا».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا الحَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ علقمةَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الجُعْفِيِّ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ فِي الجاهليَّةِ تَقْرِي الضيفَ، وَتَصِلُ الرحمَ، هلْ يَنْفَعُهَا عَمَلُهَا ذلكَ شَيْئاً؟ قَالَ: «لا».
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ إِبراهيمَ بنِ صَدْرَانَ وَابنُ عبدِ الأَعْلَى، قالا: ثنا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا داودُ بنُ أبي هندٍ، عَنِ الشعبيِّ، عَنْ علقمةَ، عَنْ سلمةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، عَنْ محمدِ بنِ كعبٍ أَنَّهُ قَالَ: أمَّا المؤمنُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ في الآخرةِ، وَأمَّا الكَافِرُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ في الدنيا.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ بنُ إِبراهيمَ، قَالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا أبو نَعَامَةَ، قَالَ: ثنا عبدُ العزيزِ بنُ بَشِيرٍ الضَّبِّيُّ، جَدُّهُ سَلْمَانُ بنُ عامرٍ، أنَّ سَلْمَانَ بنَ عامرٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَفِي بالذِّمَّةِ، وَيُكْرِمُ الضَّيْفَ، قَالَ: «مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلامِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ». فَوَلَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيَّ بِالشَّيْخِ». فَجَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا لَنْ تَنْفَعَهُ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ، فَلَنْ يخْزَوْا أَبَداً، وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَداً، وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبَداً».
حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى وَابنُ بَشَّارٍ، قالا: ثنا أبو داوُدَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ، عَنْ قتادةَ، عَنْ أنسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ في الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطِيهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَمْ يكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ».
- حَدَّثَنِي يعقوبُ بنُ إِبراهيمَ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، قَالَ: ثني المُعَلَّى، عَنْ محمدِ بنِ كعبٍ القُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ إِلاَّ وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ، أَوْ آجِلِ آخِرَتِهِ».
حَدَّثَنِي يونسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يحيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} وَأبو بكرٍ الصدِّيقُ قَاعِدٌ، فَبَكَى حِينَ أُنْزِلَتْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكَ يا أَبَا بَكْرٍ؟» قَالَ: يُبْكِينِي هذهِ السورةُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، لَخَلَقَ اللَّهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ».
فهذهِ الأخبارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنْبِئُ عَنْ أنَّ المؤمنَ إِنَّمَا يَرَى عُقُوبَةَ سَيِّئَاتِهِ في الدنيا، وَثوابَ حسناتِهِ في الآخرةِ، وَأنَّ الكافرَ يَرَى ثَوَابَ حَسَنَاتِهِ في الدنيا، وَعُقُوبَةَ سَيِّئَاتِهِ في الآخرةِ، وَأنَّ الكافرَ لا يَنْفَعُهُ في الآخرةِ ما سَلَفَ لهُ مِنْ إِحسانٍ في الدنيا معَ كُفْرِهِ.
حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابنُ عَلِيٍّ، عَنِ الأعمشِ، عَنْ إِبراهيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أصحابِ عَبْدِ اللَّهِ، أَصْغَرُهُمُ الحارثُ بنُ سُوَيْدٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. حَتَّى بَلَغَ إِلى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (1) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. قَالَ: إِنَّ هذا إِحْصَاءٌ شديدٌ. وَقيلَ: إِنَّ الذرَّةَ دُودَةٌ حَمْرَاءُ ليسَ لَهَا وَزْنٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي إِسحاقُ بنُ وَهبٍ العَلَّافُ وَمحمدُ بنُ سِنَانٍ القَزَّازُ، قَالا: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}. قَالَ ابْنُ سِنَانٍ في حَدِيثِهِ: مِثْقَالَ ذَرَّةٍ حَمْرَاءَ. وَقالَ ابنُ وَهبٍ في حَدِيثِهِ: نَمْلَةٍ حَمْرَاءَ. قَالَ إِسحاقُ: قَالَ يزيدُ بنُ هارونَ: وَزَعَمُوا أنَّ هذهِ الدودةَ الحمراءَ ليسَ لها وَزْنٌ). [جامع البيان: 24 / 562-569]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، وأبو بكرٍ الشّافعيّ قالا: ثنا محمّد بن مسلمة الواسطيّ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ سفيان بن حسينٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرّحبيّ، قال: بينا أبو بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه، يتغدّى مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذ نزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} فأمسك أبو بكرٍ وقال: يا رسول اللّه، أكلّ ما عملنا من سوءٍ رأيناه؟ فقال: «ما ترون ممّا تكرهون فذلك ما تجزون، يؤخّر الخير لأهله في الآخرة» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 580]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن صَعْصَعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الفَرَزْدَقِ، أنه أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقَرَأَ عليه: {فَمَنْ يعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قالَ: حَسْبِي، لا أُبَالِي أنْ لاَ أَسْمَعَ غَيْرَها.
روَاه أحمدُ والطبرانيُّ مُرْسَلاً ومُتَّصِلاً، ورِجالُ الجميعِ رِجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 141]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن أنَسٍ قالَ: بينَما أبو بكْرٍ الصدِّيقُ يَأْكُلُ معَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، إِذْ نَزَلَتْ عليه: {فَمَنْ يعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. فَرَفَعَ أبو بكرٍ يَدَهُ وقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي لرَاءٍ ما عَمِلْتُ مِن مِثقالِ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ؟ فقالَ: «يَا أبا بَكْرٍ، أَرَأَيْتَ مَا تَرَى فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ، فبِمَثَاقِيلِ الشَّرِّ. وَيُدَّخَرُ لَكَ مَثَاقِيلُ الْخَيْرِ حَتَّى تُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
رَوَاه الطبرانيُّ في الأوسطِ، عن شَيْخِه موسى بنِ سَهْلٍ، والظاهِرُ أنه الوَشَّاءُ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 141-142]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة: أبنا يزيد بن هارون الواسطيّ، ثنا سفيان بن حسينٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء قال: "بينا أبو بكرٍ- رضي الله عنه- يتغدى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ نزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} فأمسك أبو بكرٍ، وقال: يا رسول اللّه، أكلّ ما عملناه من سوءٍ رأيناه؟ فقال: «ما ترون ممّا تكرهون، فذلك ممّا تجزون به، ويؤخر الخير لأهله في الآخرة».
أخرجه الإمام أحمد بمعناه في سؤاله عن قوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} من طريق أبي بكر بن أبي زهيرٍ الثّقفيّ، عن أبي بكر الصّدّيق، وأخرج التّرمذيّ بعضه من طريق ابن عمر، عن أبي بكرٍ، وإسناده ضعيفٌ والطّريق الّتي سقناها صحيحةٌ إن كان أبو أسماء سمعه من أبي بكرٍ.
- وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أسود بن عامرٍ، ثنا جرير بن حازمٍ، سمعت الحسن يقول: حدّثني صعصعة عمّ الفرزدق أنّه قال: "قدمت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فسمعته يقرأ هذه الآية :{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} قلت: واللّه ما أبالي ألّا أسمع غيرها، حسبي حسبي".
هذا إسنادٌ صحيحٌ.
- رواه النّسائيّ في التّفسير: عن إبراهيم بن يوسف بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جرير بن حازمٍ به). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 302-303]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا يزيد بن هارون الواسطيّ، أنا سفيان بن حسينٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء قال: بينما أبو بكرٍ رضي الله عنه يتغدّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ أنزلت هذه الآية: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} فأمسك أبو بكرٍ رضي الله عنه، وقال: يا رسول اللّه كلّ ما عملناه من سوءٍ رأيناه. فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما ترون ممّا تكرهون فذلك ممّا تجزون به، ويؤخّر الخير لأهله في الآخرة».
- أخرجه أحمد بمعناه في سؤاله عن قوله تعالى: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب} من طريق أبي بكر ابن أبي زهيرٍ الثّقفيّ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه.
- وأخرج التّرمذيّ بعضه من طريق ابن عمر رضي الله عنهما، عن أبي بكرٍ رضي الله عنه.
وإسناده ضعيفٌ، والطّريق الّتي سقناها صحيحةٌ، إن كان أبو أسماء سمع من أبي بكرٍ رضي الله عنه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15 / 440-441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، والطبرانيُّ في (الأوسطِ)، والحاكمُ في "تاريخِه"، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ).
عن أَنَسٍ، قالَ: بينَما أبو بكرٍ الصديقُ يَأْكُلُ معَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ نَزَلَتْ عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
فرَفَعَ أبو بكرٍ يَدَه وقالَ: يا رسولَ اللهِ، إني لرَاءٍ ما عَمِلْتُ مِن مثقالِ ذرةٍ مِن شرٍّ؟ فقالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، أَرَأَيْتَ مَا تَرَى فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ؟ فَبِمَثَاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِِّ وَيُدَّخَرُ لَكَ مَثَاقِيلُ ذَرِّ الْخَيْرِ حَتَّى تُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ إسحاقُ بنُ رَاهُويَهْ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والحاكمُ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي أسماءَ، قال: بينَما أبو بكرٍ يَتَغَدَّى معَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
فأَمْسَكَ أبو بكرٍ وقالَ: يا رسولَ اللهِ، أكُلُّ ما عَمِلْناه من سُوءٍ رأيْنَاه؟ فقالَ: «مَا تَرَوْنَ مِمَّا تَكْرَهُونَ فَذَلكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ، وَيُؤَخَّرُ الْخَيْرُ لأَهْلِهِ فِي الآخِرَةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 585-586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي الدنيا في كتابِ "البُكاءِ"، وابنُ جَرِيرٍ، والطبرانيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، قالَ: أُنْزِلَتْ {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} وأبو بكرٍ الصديقُ قاعِدٌ، فبَكَى، فقالَ له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» قالَ: يُبْكِينِي هذه السورةُ.
فقالَ: «لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وَتُذْنِبُونَ فَيُغْفَرُ لَكُمْ لَخَلَقَ اللهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيُغْفَرُ لَهُمْ» ). [الدر المنثور: 15 / 586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قالَ: بينَما رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بكرٍ الصديقُ إذ نَزَلَتْ عليه هَذِهِ السُّورَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} فأَمْسَكَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدَه عن الطعامِ، ثم قالَ:«مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ خَيْراً فَجَزَاؤُهُ فِي الآخِرَةِ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ شَرًّا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا مُصِيبَاتٍ وَأَمْرَاضاً، وَمَنْ يَكُنْ فِيهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ). [الدر المنثور: 15 / 586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيِّ، قالَ: كانَ أبو بكرٍ الصديقُ يَأْكُلُ معَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} فأَمْسَكَ أبو بكرٍ يدَه وقالَ: يا رسولَ اللهِ، إننا لَرَاؤُونَ ما عَمِلْنا مِن خيرٍ أو شرٍّ؟
فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، أَرَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ؟ فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيلِ الشَّرِّ، وَيُدَّخَرُ لَكَ مَثَاقِيلُ الْخَيْرِ حَتَّى تُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}» ). [الدر المنثور: 15 / 586-587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إني لرَاءٍ عَمَلِي؟ قالَ: «نَعَمْ».
قلت: تلك الكِبارُ الكِبارُ؟ قالَ:
«نَعَمْ».
قلتُ: الصِّغارُ الصِّغارُ؟ قالَ:
«نَعَمْ».
قلتُ: وَاثُكْلُ أُمِّي. قالَ: «أَبْشِرْ يَا أَبَا سَعِيدٍ؛ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، يَعْنِي إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعْفٍ، وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا أَوْ يَعْفُو اللهُ، وَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ».
قلتُ: ولا أنتَ يا نبيَّ اللهِ؟ قالَ: «وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ مِنْهُ بِرحْمَتِهِِ» ). [الدر المنثور: 15 / 587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} الآيةَ، قالَ: لما نَزَلَتْ {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}، كانَ المسلمونَ يَرَوْنَ أنهم لا يُؤْجَرُونَ على الشيءِ القليلِ إذا أَعْطَوْه، فيَجِيءُ المِسكِينُُ إلى أبوابِهم فيَسْتَقِلُّون أن يُعْطُوه التمرةَ والكِسرةَ فيَرُدُّونَه، ويقولون: ما هذا بشيءٍ، إنما نُؤْجَرُ على ما نُعْطِي ونحن نُحِبُّه.
وكانَ آخرون يَرَوْنَ أنهم لا يُلامُونَ على الذنبِ اليسيرِ؛ كالكَذِبَةِ، والنظرةِ، والغِيبَةِ، وأشباهِ ذلك، ويقولون: إنما وَعَدَ اللهُ النارَ على الكبائِرِ. فرَغَّبَهم في القليلِ أن يعملُوه؛ فإنه يُوشِكُ أن يَكْثُرَ، وحَذَّرَهم اليسيرَ من الشرِّ؛ فإنه يُوشِكُ أن يَكْثُرَ:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} يعني: وزنَ أصغَرِ النملِ، {خَيْراً يَرَهُ}. يعني: في كتابِه ويَسُرُّه ذلك). [الدر المنثور: 15 / 587-588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في "البَعْثِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآيةَ، قالَ: ليسَ مُؤمِنٌٌ ولا كَافِرٌٌ عَمِلَ خيراً ولا شرًّا في الدنيا إلا أَرَاهُ اللهُ إيَّاه؛ فأمَّا المؤمنُ فيُرِيه حَسَناتِه وسيئاتِه، فيَغْفِرُ له من سيئاتِه ويُثِيبُه على حسناتِه، وأما الكافِرُ فيُرِيه حسناتِه وسيئاتِه، فيَرُدُّ حسناتِه ويُعَذِّبُه بسيئاتِه). [الدر المنثور: 15 / 588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن محمدِ بنِ كعبٍ في الآيةِ، قالَ: مَن يَعْمَلْ مثقالَ ذرةٍ مِن خيرٍ مِن كافرٍ يَرَى ثوابَها في الدنيا؛ في نفسِه وأهلِه ومالِه ووَلَدِه، حتى يَخْرُجَ من الدنيا وليسَ له عندَه خيرٌ، {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا} مِن مؤمنٍ يَرَى عُقوبَته في الدنيا في نفسِه وأهلِه ومالِه وولدِه، حتى يَخْرُجَ من الدنيا وليس عليه شيءٌ). [الدر المنثور: 15 / 588-589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُبَارَكِ في "الزهدِ"، وأحمدُ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائيُّ، والطبرانيُّ، والحاكِمُ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن صَعْصَعَةَ بنِ معاويةَ عَمِّ الفَرَزْدَقِ، أنه أتى النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَرَأَ عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. فقالَ: حَسْبِي، لاَ أُبَالِي أَنْ لاَ أَسْمَعَ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرَهَا). [الدر المنثور: 15 / 589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، عن المُطَّلِبِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ في مجلسٍ وَفِيهِمْ أعرابِيٌّ جالِسٌ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
فقالَ الأعرابيُّ: يا رسولَ اللهِ، أمثقالُ ذَرَّةٍ؟ قالَ:
«نَعَمْ». فقالَ الأعرابيُّ: واسَوْأَتَاهُ. ثم قامَ وهو يَقْرَؤُهَا، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَخَلَ قَلْبَ الأَعْرَابِيِّ الإِيْمَانُ» ). [الدر المنثور: 15 / 589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وسعيدُ بنُ منصورٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن زيدِ بنِ أسلَمَ، أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} الآيةَ، فقامَ رجلٌ فجَعَلَ يَضَعُ يَدَه على رأسِه وهو يقولُ: وَاسَوْءَتاه. فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ آمَنَ» ). [الدر المنثور: 15 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُبَارَكِ، عن زيدِ بنِ أسلَم، أن رجلاً قالَ: يا رسولَ اللهِ، ليسَ أحدٌ يَعْمَلُ مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً إلاَّ رآه، ولا يَعْمَلْ مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا إلا رآه؟ قالَ:
«نَعَمْ». فانْطَلَقَ الرجلُ وهو يقولُ: واسَوْأَتاه. قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آمَنَ الرَّجُلُ» ). [الدر المنثور: 15 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ رجلاً إلى رجلٍ يُعَلِّمُه فعَلَّمَه حتى بَلَغَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} فقالَ الرجلُ: حَسْبِي.
فقالَ الرجلُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ الرجلَ الذي أَمَرْتَنِي أن أُعَلِّمَه؟ لما بلَغَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} قالَ: حسبي.
فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ فَقَدْ فَقِهَ» ). [الدر المنثور: 15 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن قَتَادَةَ، قالَ: ذُكِرَ لنا أنَّ رجلاً ذَهَبَ مرَّةً يَسْتَقْرِئُ، فلمَّا سَمِعَ هذه الآيةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} إلى آخِرِها، قالَ: حَسْبِي حَسْبِي، إنْ عَمِلْتُ مثقالَ ذرةٍ من خيرٍ رأيتُه، وإن عَمِلْتُ مثقالَ ذرةٍ مِن شرٍّ رأيتُه.
قالَ: وذُكِرَ لنا أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يقولُ: «هِيَ الْجَامِعَةُ الفَاذَّةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المباركِ، وعبدُ الرزَّاقِ، عن الحسنِ، قالَ: لما نَزَلَتْ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} الآيةَ، قالَ رجلٌ من المسلمينَ: حَسْبِي حَسْبِي، إنْ عملتُ مثقالَ ذرةٍ مِن خيرٍ أو شَرٍّ رَأَيْتُه، انْتَهَتِ المَوْعِظَةُ). [الدر المنثور: 15 / 591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيةِ"، عن الحارِثِ بنِ سُوَيْدٍ، أنه قَرَأَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} حتى بلَغَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} قالَ: إن هذا الإحصاءَ شديدٌ). [الدر المنثور: 15 / 591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن عِكْرِمَةَ في الآيةِ، قالَ: هو الكافرُ يُعْطَى كتابَه يومَ القيامةِ فيَنْظُرُ فيه، فيَرَى فيه كلَّ حسنةٍ عَمِلَها في الدنيا، فتُرَدُّ عليه حسناتُه، وذلك قولُ اللهِ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}. فأَبْلسَ واسْوَدَّ وَجْهُه.
وأمَّا المؤمنُ فإنه يُعْطَى كتابَه بيمينِه يومَ القيامةِ، فيَرَى فيها كلَّ سَيِّئَةٍ عَمِلَها في دارِ الدنيا، ثم يُغْفَرُ له ذلك، وذلك قولُ اللهِ: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}. فابْيَضَّ وَجْهُه واشْتَدَّ سُرورُه). [الدر المنثور: 15 / 591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن سلمانَ بنِ عامِرٍ، أنه قالَ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبي كانَ يَصِلُ الرحِمَ ويَفِي بالذمَّةِ ويُكْرِمُ الضيفَ.
قالَ: «مَاتَ قَبْلَ الإِسْلاَمِ؟»
قالَ: نَعَمْ.
قالَ: «لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ؛ فَلَنْ تَخْزَوْا أَبَداً، وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَداً وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبَداً» ). [الدر المنثور: 15 / 592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ في "الزُّهْدِ"، وابنُ المُنْذِرِ، عن أبي الدرداءِ، قالَ: لولاَ ثلاثٌ لأحْبَبْتُ أن لا أَبْقَى في الدنيا:
وَضْعِي وَجْهِي للسجودِ لخالِقي في اختلافِ الليلِ والنهارِ أُقَدِّمُه لحياتِي، وظَمَأُ الهَوَاجِرِ، ومُقَاعَدَةُ أقوامٍ يَنْتَقُونَ الكلامَ كما تُنْتَقَى الفاكهةُ، وتمامُ التقوى أن يَتَّقِيَ اللهَ العبدُ حتى يَتَّقِيَه في مثقالِ ذرَّةٍ، حتى أن يَتْرُكَ بعضَ ما يرَى أنه حلالٌ؛ خَشْيَةَ أن يكونَ حراماً، حتى يكونَ حاجزاً بينَه وبينَ الحرامِ.
إنَّ اللهَ قدْ بَيَّنَ للناسِ الذي هو مَُصِيرَهُم إليه؛ قالَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} فلا تَحْقِرَنَّ شَيئاً مِن الشرِّ أن تَتَّقِيَه، ولا شيئاً من الخَيْرِ أن تَفْعَلَه). [الدر المنثور: 15 / 592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، {فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}» ). [الدر المنثور: 15 / 592-593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عائشةَ، قالَتْ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».
ثم قرَأَتْ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ). [الدر المنثور: 15 / 593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن قَتَادَةَ، قالَ: ذُكِرَ لنا أن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها جاءَهَا سائلٌ فسَأَلَ، فأَمَرَتْ له بتمرةٍ، فقال لها قائلٌ: يا أمَّ المؤمنينَ، إنكم تَصَّدَّقُونَ بالتمرةِ؟ قالَتْ: نعمْ، واللهِ إن الخلقَ كثيرٌ، ولا يُشْبِعُه إلا اللهُ، أوليسَ فيها مثاقِيلُ ذَرٍّ كثيرةٌ؟). [الدر المنثور: 15 / 593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن عائشةَ أن سائلاً جاءَها فقالَتْ لِجَارِيَتِها: أَطْعِميه. فوَجَدَتْ تَمْرةً فقالتْ: أعطيه إيَّاها؛ فإن فيها مثاقيلَ ذَرٍّ إنْ تُقُبِّلَتْ). [الدر المنثور: 15 / 593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ مالكٌ، وابنُ سَعْدٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَالبَيْهَقِيُّ، من طريقِ عائشةَ، أن سائلاً أتاها وعندَها سَلَّةٌ مِن عِنَبٍ، فأَخَذَتْ حَبَّةً مِن عِنَبٍ فأَعْطَتْه، فقيلَ لها في ذلك، فقالتْ: هذه أثقلُ مِن ذرٍّ كثيرٍ. ثم قرأتْ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} الآيةَ). [الدر المنثور: 15 / 593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن جعفرِ بنِ بُرْقَانَ، قالَ: بَلَغَنَا أن عُمَرَ بنَ الخطَّابِ أتاه مِسْكِينٌ وفي يَدِهِ عُنْقُودٌ مِن عِنَبٍ فنَاوَلَه مِنه حبَّةً، وقال: فيه مثاقيلُ ذَرٍّ كثيرةٌ). [الدر المنثور: 15 / 593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، عن أبي مَدِينَةَ,، أن سائلاً سَأَلَ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوْفٍ، وبينَ يديه عِنَبٌ، فناوَلَه حَبَّةً، فكأنهم أَنْكَرُوا ذلك عليه، فقالَ: في هذه مثاقيلُ ذَرٍّ كَثِيرةٌ). [الدر المنثور: 15 / 594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ,، عن عَطَاءِ بنِ فَرُّوخَ، أن سَعْدَ بنَ مالِكٍ أتاه سائِلٌ وبينَ يديه طَبَقٌ عليه تمرٌ فأعطاه تمرةً، فقَبَضَ السائلُ يَدَه. فقالَ سعدٌ: وَيْحَكَ، يَقَبَّلَ اللهُ منَّا مِثقالَ الذرةِ والخردلةِ، وكَأَيِّنْ في هذه من مثاقيلِ الذَّرِّ؟). [الدر المنثور: 15 / 594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ سعدٍ عن شَدَّادِ بنِ أوْسٍ، أنه خَطَبَ الناسَ فحَمِدَ اللهَ وأثْنَى عليه وقال: يا أيُّها الناسُ، ألاَ إن الدنيا أجَلٌ حاضِرٌ، يَأْكُلُ منها البَرُّ والفاجِرُ، ألا وإنَّّ الآخرةَ أجَلٌ مُسْتَأْخَرٌ، يَقْضِي فيها مَلِكٌ قادِرٌ، ألا وإن الخيرَ بحَذَافِيرِه في الجنةِ، ألا وإن الشرَّ بحذافيرِه في النارِ، ألا واعْلَمُوا أنه مَن يَعْمَلْ مثقالَ ذرةٍ خيراً يَرَهُ، ومَن يعملْ مثقالَ ذرةٍ شرًّا يَرَهُ). [الدر المنثور: 15 / 594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الزَّجَّاجِيُّ في أمَالِيهِ، عن أَنَسِ بنِ مالكٍ، أن سائلاً أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاه تَمْرةً، فقال السائلُ: نبيٌّ مِن الأنبياءِ يَتَصَدَّقُ بتَمْرَةٍ!
فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ فِيهَا مَثَاقِيلَ ذَرٍّ كَِثيرةً» ). [الدر المنثور: 15 / 594-595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ هَنَّادٌ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أنه أدخل يدَه في الترابِ ثم رَفَعَها، ثم نَفَخَ فيها، وقالَ: كلٌّ وَاحِدَةٍ مِن هؤلاءِ مثقالُ ذرةٍ). [الدر المنثور: 15 / 595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحسينُ بنُ سُفْيانَ في "مُسْنَدِه"، وأبو نُعَيْمٍ في "الحِلْيَةِ"، عن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَإِنَّ الآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، يُحِقُّ فِيهَا الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ، أَيُّهَا النَّاسُ، كُونُوا مِن أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ كُلَّ أُمٍّ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، اعْمَلُوا وَأَنْتُمْ مِنَ اللهِ على حَذَرٍ، واعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعْرُوضُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ، وَأَنَّكُمْ مُلاَقُو اللهِ لاَ بُدَّ مِنْهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}» ). [الدر المنثور: 15 / 595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ مالكٌ، وأحمدُ، والبُخَارِيُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ وابنُ ماجَهْ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ» الحديثَ.
قالَ: وسُئِلَ عن الحُمُرِ، فقالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}» ). [الدر المنثور: 15 / 595-596]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 04:16 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {إذا زلزلت الأرض زلزالها...} الزّلزال مصدر، ... وحدثني محمد بن مروان قال: قلت: للكلبي: أرأيت قوله: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} فقال: هذا بمنزلة قوله: {ويخرجكم إخراجاً}...
فأضيف المصدر إلى صاحبه وأنت قائل في الكلام: لأعطينّك عطيتك، وأنت تريد عطية، ولكن قرّبه من الجواز موافقة رءوس الآيات التي جاءت بعدها.
والزّلزال بالكسر: المصدر، والزّلزال بالفتح: الاسم. كذلك القَعقاع الذي يقعقع؛ الاسم، والقِعقاع المصدر. والوَسواس: الشيطان وما وسوس إليك أو حدثك، فهو اسم والوِسواس المصدر). [معاني القرآن: 3/ 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إذا زلزلت الأرض زلزالها (1)} إذا حركت حركة شديدة، والقراءة (زلزالها) بكسر الزاي، ويجوز في الكلام زَلْزَالَها، وقرئت (زَلْزَالَها)، وليس في الكلام فعلال بفتح الفاء إلا في المضاعف نحو الزلزال والصلصال. والاختيار كسر الزاي، والفتح جائز). [معاني القرآن: 5/ 351]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (قال الإمامان: الزلزال - هاهنا: المصدر، والزلزال الاسم، مثل: القعقاع والقعقاع وهو صوت، والقلقال، فهذا النوع المكسور منه: مصدر، والمفتوح منه: اسم. فإذا جئت إلى تفعال وتفعال، - فالمكسور منة: الاسم، إلا حرفين، وهما: تبيان، وتلقاء، والمفتوح منة: المصدر، فهذا متلئب، والاسم مثل: تعصار وتمثال وما أشبههما، والمصدر مثل: تسيار وترحال وما أشبههما). [ياقوتة الصراط: 589-590]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وأخرجت الأرض أثقالها...} لفظت ما فيها من ذهب أو فضة أو ميّت). [معاني القرآن: 3/ 283]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها} إذا كان الميت في بطنها فهو ثقل لها وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها). [مجاز القرآن: 2/ 306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها} أي موتاها). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها (2)} أخرجت كنوزها وموتاها). [معاني القرآن: 5/ 351]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَثْقَالَهَا} أي موتاها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَثْقَالَهَا}: موتاها). [العمدة في غريب القرآن: 352]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل وعز: {وقال الإنسان ما لها...} الإنسان، يعني به ها هنا: الكافر). [معاني القرآن: 3/ 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقال الإنسان ما لها (3)} هذا قول الكافر لأنه لم يكن يؤمن بالبعث، فقال: ما لها، أي لأي شيء زلزالها). [معاني القرآن: 5/ 351]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قال الله تبارك وتعالى: {يومئذٍ تحدّث أخبارها...} تخبر بما عمل عليها من حسن أو سيئ). [معاني القرآن: 3/ 283]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وفي قراءة عبد الله مكان (تحدّث)، (تنبّئ)، وكتابها (تنبّأ) بالألف). [معاني القرآن: 3/ 284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يومئذٍ تحدّث أخبارها}: فتخبر بما عمل عليها). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يومئذ تحدّث أخبارها (4)} (يومئذ) منصوب بقوله: (إذا زلزلت)، و(أخرجت) في ذلك اليوم.
ومعنى (تحدّث أخبارها): [تخبر] بما عمل عليها). [معاني القرآن: 5/ 351]

تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {بأنّ ربّك أوحى لها...} يقول: تحدّث أخبارها بوحي الله تبارك وتعالى، وإذنه لها). [معاني القرآن: 3/ 283]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({بأنّ ربك أوحى لها} قال العجاج: أوحى لها القرار فاستقرّت). [مجاز القرآن: 2/ 306]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({بأنّ ربّك أوحى لها} قال: {بأنّ ربّك أوحى لها} أي: أوحى إليها). [معاني القرآن: 4/ 51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({بأنّ ربّك أوحى لها} أي بأنه أذن لها في الإخبار بذلك). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والوحي: أمر، قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، أي أمرها.
وقال الراجز:
وحى لها القرار فاستقرّت
أي أمرها بالقرار: فقرّت، يعني الأرض. ويقال: سخّرها). [تأويل مشكل القرآن: 490]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («اللام» مكان «إلى» قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، أي أوحى إليها، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43]، أي إلى هذا.. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] وقوله: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 121]). [تأويل مشكل القرآن: 572](م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوْحَى لَهَا} أي أذن لها أن تخبر بما يحمل عليها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]


تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {لّيروا أعمالهم...} فهي -جاء به التفسير- متأخرة، وهذا موضعها. اعترض بينهما {يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتاً...}، مقدم معناه التأخير. اجتمع القراء على (لِيُرَوْا)، ولو قرئت: (ليَرَوا) كان صوابا). [معاني القرآن: 3/ 283-284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يومئذٍ يصدر النّاس} أي يرجعون {أشتاتاً} أي فرقا). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يومئذ يصدر النّاس أشتاتا ليروا أعمالهم (6)} أي يصدرون متفرقين منهم من عمل صالحا ومنهم من عمل شرّا والقراءة (لِيُرَوْا أعمالهم) ويروى (لِيَرَوْا أعمالهم)، ولا أعلم أحدا قرأ بها، ولا يجوز أن يقرأ بما يجوز في العربية إذا لم يقرأ به من أخذت عنه القراءة). [معاني القرآن: 5/ 351-352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصْدُرُ}: يرجع {أَشْتَاتًا}: متفرقين). [العمدة في غريب القرآن: 352]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({يره...} تجزم الهاء وترفع). [معاني القرآن: 3/ 284]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({مثقال ذرّةٍ} أي زنة ذرة). [مجاز القرآن: 2/ 306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مثقال ذرّةٍ}: وزن نملة صغيرة). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى: {فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره (7)} تأويله أن اللّه جلّ وعزّ قد أحصى أعمال العباد من خير، وكل يرى عمله، فمن أحبّ اللّه أن يغفر له غفر له، ومن أحب أن يجازيه جازاه.
وقيل: من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره في الدنيا، وكذلك شرّا يره في الدنيا. واللّه أعلم). [معاني القرآن: 5/ 352]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 04:18 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (معنى حلت به الأرض أثقالها: من الحلية: أي زينت به أثقالها، تعني الموتى. قال الله عز وجل: {وأخرجت الأرض أثقالها} قالوا: يعني الموتى). [التعازي والمراثي: 121]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قولها: حلت به الأرض أثقالها حلت من الحلي، تقول: زينت به الأرض الموتى. وقال المفسرون في قول الله عز وجل: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}، قالوا الموتى). [الكامل: 3/ 1415-1416]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}

تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
فإذا ما دنا لها منحته.......مضمرا يفرص الصفيح ذكيرا
ومعنى «دنا لها»: دنا إليها. ومثله {بأن ربك أوحى لها} أي: أوحى إليها). [شرح ديوان كعب بن زهير: 181]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
فأبنا لنا ريح الكلاء وذكره.......وآبوا عليهم فلها وشماتها
ويروى: (شتاتها) أي شتاتها من الأعداء. و(شتاتها) تفرقها). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 636]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:04 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري
تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذٍ تحدّث أخبارها * بأنّ ربّك أوحى لها * يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتًا لّيروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
العامل في {إذا} على قول جمهور النحاة ـ وهو الذي يقتضيه القياس ـ فعلٌ مضمرٌ يقتضيه المعنى، وتقديره: يحشرون إذا، أو يجازون، ونحو هذا، ويمتنع أن يعمل فيه {زلزلت}؛ لأنّ معنى الشرط لا يفارقها، وقد تقدّمت نظائرها في غير سورةٍ.
و(زلزلت) معناه: حرّكت بعنفٍ، ومنه الزّلزال.
وقوله تعالى: {زلزالها} أبلغ من قوله: (زلزالًا) دون إضافةٍ إليها؛ وذلك أنّ المصدر غير مضافٍ يقع على كلّ قدرٍ من الزّلزال، وإن قلّ، وإذا أضيف إليها وجب أن يكون على قدر ما يستحقّه، ويستوحيه جرمها وعظمها. وهذا كما تقول: (أكرمت زيدًا كرامةً) فذلك يقع على كلّ كرامةٍ وإن قلّت بحسب (زيدٍ)، فإذا قلت: (كرامته) أوجبت أنّك قد وفّيته حقّه.
وقرأ الجمهور: {زلزالها} ـ بكسر الزاي الأولى ـ وقرأ بفتحها عاصمٌ الجحدريّ، وهو أيضًا مصدرٌ كالوسواس ونحوه). [المحرر الوجيز: 8/ 666-667]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الأثقال): الموتى الذين في بطنها. قاله ابن عبّاسٍ، وهذه إشارةٌ إلى البعث، وقال قومٌ من المفسّرين - منهم منذر بن سعيدٍ والزّجّاج والنقّاش -: أخرجت موادّها وكنوزها.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه: وليست القيامة بموطنٍ لإخراج الكنوز، وإنما تخرج كنوزها وقت الدّجّال). [المحرر الوجيز: 8/ 667]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقول الإنسان: {ما لها} هو قولٌ على معنى التعجّب من هول ما يرى.
قال جمهور المفسّرين: الإنسان هنا يراد به الكافر، وهذا متمكّنٌ؛ لأنه يرى ما لم يظنّ به قطّ ولا صدّقه.
وقال بعض المتأوّلين: هو عامٌّ في المؤمن والكافر؛ فالكافر على ما قدّمناه، والمؤمن - وإن كان قد آمن بالبعث - فإنه استهول المرئيّ، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
«ليس الخبر كالمعاينة» ). [المحرر الوجيز: 8/ 667]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(إخبار الأرض) قال ابن مسعودٍ والثّوريّ وغيرهما:
«هو شهادتها بما عمل عليها من عملٍ صالحٍ وفاسدٍ، فالتحديث - على هذا - حقيقةٌ، وكلامٌ بإدراكٍ، وحياةٌ يخلقها اللّه تعالى».
وأضاف تعالى الأخبار إليها من حيث وعتها وحصّلتها. وانتزع بعض العلماء من قوله تعالى: {تحدّث أخبارها} أنّ قول المحدّث: (حدّثنا، وأخبرنا) سواءٌ. وقال الطبريّ وقومٌ:
«التحديث في الآية مجازٌ»، والمعنى: أن ما تفعله بأمر اللّه تعالى من إخراج أثقالها، وتفتّت أجزائها، وسائر أحوالها، هو بمنزلة التحديث بأنبائها وأخبارها، ويؤيّد القول الأوّل قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّه لا يسمع مدى صوت المؤذّن جنٌّ ولا إنس ولا شيءٌ إلاّ شهد له يوم القيامة».
وقرأ عبد الله بن مسعودٍ: (تنبئ أخبارها)، وقرأ سعيد بن جبيرٍ: (تبيّن) ). [المحرر الوجيز: 8/ 667]

تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {بأنّ ربّك أوحى لها}: الباء باء السبب، وقال ابن عبّاسٍ، وابن زيدٍ، والقرطبيّ:
«المعنى: أوحى إليها». وهذا الوحي -على هذا التأويل– يحتمل أن يكون وحي إلهامٍ، ويحتمل أن يكون وحيًا برسولٍ من الملائكة، وقد قال الشاعر:
أوحى لها القرار فاستقرّت وشدّها بالرّاسيات الثّبّت
والوحي في كلام العرب: إلقاء المعنى إلقاءً خفيًّا، وقال بعض المتأوّلين: {أوحى لها} معناه: أوحى إلى ملائكته المقرّبين أن تفعل في الأرض تلك الأفعال، وقوله تعالى: {لها} بمعنى: من أجلها، ومن حيث الأفعال فيها فهي لها). [المحرر الوجيز: 8/ 668]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يصدر النّاس أشتاتاً} بمعنى: ينصرفون من موضع وردهم مختلفي الأحوال. وواحد الأشتات: شتٌّ، فقال جمهور الناس: الورد هو الكون في الأرض بالموت والدّفن، والصّدر هو القيام للبعث، و{أشتاتًا} معناه: قومٌ مؤمنون، وقومٌ كافرون، وقومٌ عصاةٌ مؤمنون، والكلّ سائرٌ إلى العرض ليرى عمله، ويقف عليه، وقال النّقّاش: الورد هو المحشر، والصّدر أشتاتاً هو صدر قومٍ إلى الجنّة، وقومٍ إلى النار.
وقوله تعالى: {ليروا أعمالهم}: إمّا أن يكون معناه: جزاء أعمالهم، يراه أهل الجنّة بالنّعيم، وأهل النار بالعذاب، وإمّا أن يكون قوله تعالى: {ليروا أعمالهم} متعلّقاً بقوله سبحانه: {بأنّ ربّك أوحى لها}.
ويكون قوله تعالى: {يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتًا} اعتراضًا بين أثناء الكلام.
وقرأ جمهور الناس: {ليروا} ـ بضمّ الياء ـ على بناء الفعل للمفعول.
وقرأ الحسن، والأعرج، وقتادة، وحمّاد بن سلمة، والزّهريّ، وأبو حيوة: (ليروا) ـ بفتح الياء ـ على بنائه للفاعل). [المحرر الوجيز: 8/ 668-669]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر اللّه تعالى أنه من عمل عملًا رآه، قليلًا كان أو كثيرًا، فخرجت العبارة عن ذلك بمثال التقليل، وهذا هو الذي يسمّيه أهل الكلام مفهوم الخطاب، وهو أن يكون المذكور والمسكوت عنه في حكمٍ واحدٍ، ومنه قوله تعالى: {ولا تقل لهما أفٍّ}. وهذا كثيرٌ.
وقال بعض الناس وبعض المفسّرين: رؤية هذه الأعمال هي في الآخرة، وذلك لازمٌ من لفظ السورة وسردها، فيرى الخير كلّه من كان مؤمنًا، والكافر لا يرى في الآخرة خيرًا؛ لأنّ خيره قد عجّل له في دنياه، وكذلك المؤمن أيضًا تعجّل له سيّئاته الصغار في دنياه في المصائب والأمراض ونحوها، فيجيء من مجموع هذا أن من عمل من المؤمنين مثقال ذرّةٍ من خيرٍ أو شرٍّ رآه، فيخرج من ذلك ألاّ يرى الكافر خيرًا في الآخرة.
ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت: قلت: يا رسول اللّه، أرأيت ما كان يفعل عبد اللّه بن جدعان من البرّ، وصلة الرّحم، وإطعام الطعام، أله في ذلك أجرٌ؟ فقال:
«لا، إنّه لم يقل قطّ: ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدّين».
وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسمّي هذه الآية: الجامعة الفاذّة. وقد نصّ على ذلك حين سئل عن الحمر... الحديث.
وأعطى سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه سائلًا تمرتين، فقبض السائل يده، فقال له سعدٌ: ما هذا؟! إنّ اللّه تعالى قبل مثاقيل الذّرّ.
وفعلت نحو هذا عائشة رضي اللّه عنها في حبّة عنبٍ.
وسمع هذه الآية صعصعة بن عقالٍ التّميميّ عند النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال:
«حسبي، لا أبالي أن أسمع غيرها».
وسمعها رجلٌ عند الحسن فقال:
«انتهت الموعظة». فقال الحسن: «فقه الرجل».
وقرأ هشامٌ، عن ابن عامرٍ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ: (يره) ـ بسكون الهاء ـ في الأولى والآخرة، وقرأ ابن كثيرٍ، وحمزة، والكسائيّ، ونافعٌ - فيما روى عنه ورشٌ - والحلوانيّ، عن قالون عنه في الأولى: {يره}، وأما الآخرة فهو سكون وقفٍ. وأمّا من أسكن الأولى فهي على لغة من يخفّف، ومنه قول الشاعر:
ومطواي مشتاقان له أرقان
وهذه لغةٌ لم يحكها سيبويه، لكن حكاها الأخفش، وقرأ أبو عمرٍو وحده بضمّ الهاء فيهما مشبعتان، وقرأ أبانٌ عن عاصمٍ، وابن عبّاسٍ، وأبو حيوة، وحميد بن الرّبيع، عن الكسائيّ: (يره) ـ بضمّ الياء ـ وهي رؤية بصرٍ، بمعنى: يجعله يدركه ببصره، والمعنى: يرى ثوابه وجزاءه؛ لأنّ الأعمال الماضية لا ترى بعينٍ أبدًا، وهذا الفعل كلّه من (رأيت) بمعنى أدركت ببصري، فتعدّيه إنما هو إلى مفعولٍ واحدٍ.
وقرأ عكرمة: (خيرًا يراه)، و(شرًّا يراه). وقال النقّاش: ليست برؤية بصرٍ، وإنما المعنى: يصيبه ويناله.
ويروى أن هذه السورة نزلت وأبو بكرٍ رضي اللّه عنه يأكل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فترك أبو بكرٍ رضي اللّه عنه الأكل وبكى، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«يا أبا بكرٍ، ما يبكيك؟». قال: يا رسول اللّه، أو أسأل عن مثاقيل الذّرّ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا أبا بكرٍ، ما رأيت في الدّنيا ممّا تكره فمثاقيل ذرّ الشّرّ، ويدّخر اللّه لك مثاقيل ذرّ الخير».
و(الذّرّة) نملةٌ صغيرةٌ حمراء رقيقةٌ، لا يرجح بها ميزانٌ، ويقال: إنها تجري إذا مضى لها حولٌ، وقد تؤوّل ذلك في قول امرئ القيس:
من القاصرات الطّرف لو دبّ محولٌ ....... من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا
وحكى النّقّاش أنهم قالوا: «كان بالمدينة رجلان؛ أحدهما لا يبالي عن الصغائر يرتكبها، وكان الآخر يريد أن يتصدّق فلا يجد إلا اليسير فيستحي من الصدقة، فنزلت الآية فيهما، كأنه يقال لأحدهما: تصدّق باليسير؛ فإنّ مثقال ذرة الخير ترى. وقيل للآخر: كفّ عن الصغائر؛ فإنّ مقادير ذرّ الشرّ ترى»). [المحرر الوجيز: 8/ 669-671]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
{إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذٍ تحدّث أخبارها * بأنّ ربّك أوحى لها * يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتًا لّيروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
قال ابن عبّاسٍ: {إذا زلزلت الأرض زلزالها}. أي: تحرّكت من أسفلها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 460]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأخرجت الأرض أثقالها}. يعني: ألقت ما فيها من الموتى، قاله غير واحدٍ من السّلف.
وهذه كقوله تعالى: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة السّاعة شيءٌ عظيمٌ}.
وكقوله: {وإذا الأرض مدّت * وألقت ما فيها وتخلّت}.
وقال مسلمٌ في صحيحه: حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، حدّثنا محمد بن فضيلٍ، عن أبيه، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذّهب والفضّة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع، فيقول: في هذا قطعت رحمي. ويجيء السّارق فيقول: في هذا قطعت يدي. ثمّ يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً
» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 460]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وقال الإنسان ما لها}، أي: استنكر أمرها بعدما كانت قارّةً ساكنةً ثابتةً، وهو مستقرٌّ على ظهرها. أي: تقلّبت الحال فصارت متحرّكةً مضطربةً، قد جاءها من أمر اللّه ما قد أعدّ لها من الزّلزال الذي لا محيد لها عنه، ثمّ ألقت ما في بطنها من الأموات من الأوّلين والآخرين، وحينئذٍ استنكر النّاس أمرها، وتبدّلت الأرض غير الأرض والسّماوات، وبرزوا للّه الواحد القهّار). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 460]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يومئذٍ تحدّث أخبارها}، أي: تحدّث بما عمل العاملون على ظهرها.
قال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم، حدّثنا ابن المبارك، وقال التّرمذيّ وأبو عبد الرحمن النّسائيّ- واللّفظ له-: حدّثنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد اللّه -هو ابن المبارك- عن سعيد بن أبي أيّوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {يومئذٍ تحدّث أخبارها}، قال:
«أتدرون ما أخبارها؟». قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبدٍ وأمةٍ بما عمل على ظهرها؛ أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا. فهذه أخبارها».
ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وفي معجم الطّبرانيّ من حديث ابن لهيعة: حدّثني الحارث بن يزيد، سمع ربيعة الجرشيّ، أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال:
«تحفّظوا من الأرض؛ فإنّها أمّكم، وإنّه ليس من أحدٍ عاملٍ عليها خيراً أو شرًّا إلاّ وهي مخبرةٌ» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 460-461]

تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بأنّ ربّك أوحى لها}، قال البخاريّ:
«أوحى لها، وأوحى إليها، ووحى لها، ووحى إليها- واحدٌ. وكذا قال ابن عبّاسٍ: أوحى لها. أي: أوحى إليها. والظّاهر أنّ هذا مضمّنٌ: أذن لها».
وقال شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يومئذٍ تحدّث أخبارها}. قال:
«قال لها ربّها: قولي. فقالت». وقال مجاهدٌ: «أوحى لها. أي: أمرها». وقال القرظيّ: «أمرها أن تنشقّ عنهم»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 461]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتاً}. أي: يرجعون عن موقف الحساب، {أشتاتاً}. أي: أنواعاً وأصنافاً ما بين شقيٍّ وسعيدٍ، ومأمورٍ به إلى الجنّة ومأمورٍ به إلى النّار.
قال ابن جريجٍ:
«يتصدّعون أشتاتاً فلا يجتمعون؛ آخر ما عليهم».
وقال السّدّيّ: {أشتاتاً}: فرقاً.
وقوله: {ليروا أعمالهم}. أي: ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدّنيا من خيرٍ وشرٍّ. ولهذا قال: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 461]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
قال البخاريّ: حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه، حدّثني مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالحٍ السّمّان، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«الخيل لثلاثةٍ: لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، وعلى رجلٍ وزرٌ؛ فأمّا الّذي له أجرٌ فرجلٌ ربطها في سبيل اللّه فأطال طيلها في مرجٍ أو روضةٍ، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والرّوضة كان له حسناتٍ، ولو أنّها قطعت طيلها فاستنّت شرفاً أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسناتٍ له، ولو أنّها مرّت بنهرٍ فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسناتٍ له، وهي لذلك الرّجل أجرٌ. ورجلٌ ربطها تغنّياً وتعفّفاً، ولم ينس حقّ اللّه في رقابها ولا ظهورها، فهي له سترٌ. ورجلٌ ربطها فخراً و رياءً و نواءً فهي على ذلك وزرٌ».
فسئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحمر، فقال:
«ما أنزل اللّه فيها شيئاً إلاّ هذه الآية الفاذّة الجامعة: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}».
ورواه مسلمٌ من حديث زيد بن أسلم به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جرير بن حازمٍ، حدّثنا الحسن، عن صعصعة بن معاوية عمّ الفرزدق، أنّه أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ عليه: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}. قال: حسبي، لا أبالي أن لا أسمع غيرها.
وهكذا رواه النّسائيّ في التفسير، عن إبراهيم بن يونس بن محمدٍ المؤدّب، عن أبيه، عن جرير بن حازمٍ، عن الحسن البصريّ قال: حدّثنا صعصعة عمّ الفرزدق.. فذكره.
وفي صحيح البخاريّ عن عديٍّ مرفوعاً:
«اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرةٍ، ولو بكلمةٍ طيّبةٍ».
وفي الصحيح:
«لاتحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسطٌ».
وفي الصحيح أيضاً:
«يا نساء المؤمنات، لا تحقرنّ جارةٌ لجارتها، ولو فرسن شاةٍ». يعني: ظلفها. وفي الحديث الآخر:«ردّوا السّائل ولو بظلفٍ محرقٍ».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ، حدّثنا كثير بن زيدٍ، عن المطّلب بن عبد اللّه، عن عائشة أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال:
«يا عائشة، استتري من النّار ولو بشقّ تمرةٍ؛ فإنّها تسدّ من الجائع مسدّها من الشّبعان». تفرّد به أحمد.
وروي عن عائشة أنّها تصدّقت بعنبةٍ، وقالت: كم فيها من مثقال ذرّةٍ.
وقال أحمد: حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا سعيد بن مسلمٍ، سمعت عامر بن عبد اللّه بن الزّبير، حدّثني عوف بن الحارث بن الطّفيل، أنّ عائشة أخبرته أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول:
«يا عائشة، إيّاك ومحقّرات الذّنوب؛ فإنّ لها من اللّه طالباً».
ورواه النّسائيّ وابن ماجه من حديث سعيد بن مسلم بن بانك به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني أبو الخطّاب الحسّانيّ، حدّثنا الهيثم بن الرّبيع، حدّثنا سماك بن عطيّة، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أنسٍ قال: كان أبو بكرٍ يأكل مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فنزلت هذه الآية: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
فرفع أبو بكرٍ يده، وقال: يا رسول اللّه، إنّي أجزى بما عملت من مثقال ذرّةٍ من شرٍّ؟! فقال:
«يا أبا بكرٍ، مارأيت في الدّنيا ممّا تكره فبمثاقيل ذرّ الشّرّ، ويدّخر اللّه لك مثاقيل ذرّ الخير حتّى توفّاه يوم القيامة».
ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن أبي الخطّاب به.
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الوهّاب، حدّثنا أيّوب، قال: في كتاب أبي قلابة عن أبي إدريس، أنّ أبا بكرٍ كان يأكل مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره.
ورواه أيضاً عن يعقوب، عن ابن عليّة، عن أيّوب، عن قلابة، أنّ أبا بكرٍ.. وذكره.
طريقٌ أخرى، قال ابن جريرٍ: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني حييّ بن عبد اللّه، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، أنّه قال: لمّا نزلت: {إذا زلزلت الأرض زلزالها}. وأبو بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه قاعدٌ؛ فبكى حين أنزلت؛ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«ما يبكيك يا أبا بكرٍ؟» قال: تبكيني هذه السّورة.
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«لولا أنّكم تخطئون وتذنبون فيغفر اللّه لكم، لخلق اللّه أمّةً يخطئون ويذنبون فيغفر لهم».
حديثٌ آخر، قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة وعليّ بن عبد الرحمن بن المغيرة المعروف بعلاّن المصريّ، قالا: حدّثنا عمرو بن خالدٍ الحرّانيّ، حدّثنا ابن لهيعة، أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: لمّا نزلت: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
قلت: يا رسول اللّه، إنّي لراءٍ عملي؟ قال: «نعم». قلت: تلك الكبار الكبار. قال: «نعم». قلت: الصّغار الصّغار؟ قال: «نعم». قلت: وا ثكل أمّي! قال:
«أبشر يا أبا سعيدٍ؛ فإنّ الحسنة بعشر أمثالها –يعني: إلى سبعمائة ضعفٍ، ويضاعف اللّه لمن يشاء- والسيّئة بمثلها أو يغفر اللّه، ولن ينجو أحدٌ منكم بعمله». قلت: ولا أنت يا رسول اللّه، قال: «ولا أنا، إلاّ أن يتغمّدني اللّه برحمته». قال أبو زرعة: لم يرو هذا غير ابن لهيعة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره}.
وذلك لمّا نزلت هذه الآية: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً}. كان المسلمون يرون أنّهم لا يؤجرون على الشّيء القليل إذا أعطوه، فيجيء المسكين إلى أبوابهم، فيستقلّون أن يعطوه التّمرة والكسرة والجوزة ونحو ذلك، فيردّونه ويقولون: ما هذا بشيءٍ، إنّما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبّه.
وكان آخرون يرون أنّهم لا يلامون على الذّنب اليسير: الكذبة والنّظرة والغيبة وأشباه ذلك، يقولون: إنّما وعد اللّه النّار على الكبائر. فرغّبهم في القليل من الخير أن يعملوه؛ فإنّه يوشك أن يكثر، وحذّرهم اليسير من الشّرّ؛ فإنّه يوشك أن يكثر؛ فنزلت: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ}. يعني: وزن أصغر النّمل، {خيراً يره}. يعني: في كتابه، ويسرّه ذلك.
قال: يكتب لكلّ برٍّ وفاجرٍ بكلّ سيّئةٍ سيّئةٌ واحدةٌ، وبكلّ حسنةٍ عشر حسناتٍ، فإذا كان يوم القيامة ضاعف اللّه حسنات المؤمنين أيضاً بكلّ واحدةٍ عشراً، ويمحو عنه بكلّ حسنةٍ عشر سيّئاتٍ، فمن زادت حسناته على سيّئاته مثقال ذرّةٍ دخل الجنّة.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا عمران، عن قتادة، عن عبد ربّه، عن أبي عياضٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«إيّاكم ومحقّرات الذّنوب؛ فإنّهنّ يجتمعن على الرّجل حتّى يهلكنه». وأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ضرب لهنّ مثلاً كمثل قومٍ نزلوا أرض فلاةٍ، فحضر صنيع القوم، فجعل الرّجل ينطلق، فيجيء بالعود، والرّجل يجيء بالعود حتّى جمعوا سواداً وأجّجوا ناراً وأنضجوا ما قذفوا فيها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 461-464]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة