العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 07:35 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة العلق [ من الآية (9) إلى الآية (19) ]

{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:25 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الذي ينهى عبدا إذا صلى}؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه، قال: وكان يقال: لكل أمة فرعون وفرعون هذه الأمة أبو جهل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذُكِرَ أنَّ هذهِ الآيةَ وَما بَعْدَهَا نَزَلَتْ في أَبِي جَهْلِ بنِ هِشَامٍ، وَذلكَ أَنَّهُ قَالَ فيما بَلَغَنَا: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ رَقَبَتَهُ؛ وَكانَ فِيمَا ذُكِرَ قدْ نَهَى رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أنْ يُصَلِّيَ.
فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ أَبَا جَهْلٍ الذي يَنْهَاكَ أنْ تُصَلِّيَ عندَ المقامِ، وَهوَ مُعْرِضٌ عَنِ الحقِّ، مُكَذِّبٌ بهِ، يُعَجِّبُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ وَالمُؤْمِنِينَ مِنْ جهلِ أبي جَهْلٍ، وَجَرَاءَتِهِ على رَبِّهِ، في نَهْيِهِ مُحَمَّداً عَنِ الصلاةِ لِرَبِّهِ، وَهو معَ أَيَادِيهِ عِنْدَهُ مُكَذِّبٌ بهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ قَالَ: ثنا وَرقاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ. عَنْ مجاهدٍ. في قولِ اللَّهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قَالَ: أبو جَهْلٍ، يَنْهَى مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا صَلَّى.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ. قَالَ: ثنا يَزِيدُ. قَالَ: ثنا سَعِيدٌ. عَنْ قتادةَ {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}: نَزَلَتْ في عَدُوِّ اللَّهِ أبي جَهْلٍ، وَذلكَ لأنَّهُ قَالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ما تَسْمَعُونَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، في قولِ اللَّهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ على عُنُقِهِ. قَالَ: وَكانَ يُقَالُ: " لِكُلِّ أُمَّةٍ فِرْعَوْنُ، وَفِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو جَهْلٍ ".
- حَدَّثَنَا إِسحاقُ بنُ شَاهِينٍ الوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا خالدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ داودَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَجَاءَهُ أبو جهلٍ، فَنَهَاهُ أنْ يُصَلِّيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}... إِلى قولِهِ: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ). [جامع البيان: 24 / 533-534]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى}؛ قال: يعني أبا جهل ابن هشام كان ينهى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة). [تفسير مجاهد: 2/ 772]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ أبو جهلِ بنُ هِشامٍ: حِينَ رَمَى رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ] بالسَّلاَ على ظهرِه وهو ساجدٌ للَّهِ عزَّ وجلَّ). [الدر المنثور: 15 / 530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}. قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531]

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ} مُحَمَّدٌ {عَلَى الْهُدَى}، يعني: على اسْتِقَامَةٍ وَسَدَادٍ في صلاتِهِ لِرَبِّهِ). [جامع البيان: 24 / 534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}: أَوْ أَمَرَ مُحَمَّدٌ هذا الذي يَنْهَى عَنِ الصلاةِ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَخَوْفِ عقابِهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ، قولُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قَالَ مُحَمَّدٌ: كانَ على الهُدَى، وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى). [جامع البيان: 24 / 534-535]

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ}؛ أبو جَهْلٍ بالحقِّ الذي بُعِثَ بهِ محمدٌ، {وَتَوَلَّى}؛ يَقُولُ: وَأَدْبَرَ عنهُ، فَلَمْ يُصَدِّقْ بهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يَعْنِي: أَبَا جَهْلٍ). [جامع البيان: 24 / 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}، قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}، قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَمْ يَعْلَمْ أَبُو جَهْلٍ إِذْ يَنْهَى محمداً عَنْ عبادةِ رَبِّهِ وَالصلاةِ لهُ، بأنَّ اللَّهَ يَرَاهُ فَيَخَافُ سَطْوَتَهُ وَعِقَابَهُ. وَقيلَ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى، فَكُرِّرَتْ أَرَأَيْتَ مَرَّاتٍ ثَلاثاً على البَدَلِ. وَالمعنى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى، وَهو مُكَذِّبٌ مُتَوَلٍّ عَنْ رَبِّهِ، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ). [جامع البيان: 24 / 535-536]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لنسفعن} : قال: لنأخذن ولنسفعن بالنّون وهي الخفيفة، سفعت بيده: أخذت). [صحيح البخاري: 6 / 173]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ}: لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بالنونِ وهي الخفيفةُ سَفَعْتُ بِيَدِهِ أَخَذْتُ، هُو كلامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أيضًا، ولَفْظُهُ: وَلَنَسْفَعَنْ إِنَّمَا يُكْتَبُ بالنونِ؛ لأنَّهَا نُونٌ خَفِيفَةٌ. انْتَهَى.
وقد رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بتَشْدِيدِ النُّونِ، والمَوْجُودُ في مَرْسُومِ المُصْحَفِ بالأَلِفِ، والسَّفْعُ القَبْضُ على الشَّيْءِ بشِدَّةٍ، وقِيلَ: أَصْلُهُ الأَخْذُ بسُفْعَةِ الفَرَسِ أي سَوَادِ نَاصِيَتِهِ. ومنه قَوْلُهُمْ: بِهِ سُفْعَةٌ مِنْ غَضَبٍ لِمَا يَعْلُو لَوْنَ الغَضْبَانِ مِنَ التَّغَيُّرِ ومِنْهُ: امْرَأَةٌ سَفْعَاءُ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول معمر فهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، ولفظه في كتاب المجاز له الرجعى المرجع، والرّجوع {لنسفعن بالناصية}؛ أي لنأخذن بالناصية ويقال: سفعت بيده أخذت بيده ولنسفعن إنّما يكتب بالنّون لأنّها نون خفيفة). [تغليق التعليق: 4 / 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({لَنَسْفَعَنْ} قَالَ: لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الْخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ أَيْ قَالَ مَعْمَرٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} لَنَأْخُذَنْ.
قَوْلُهُ: {بِالنَّاصِيَةِ} هِيَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ النَّاصِيَةِ عَنِ الْوَجْهِ كُلِّهِ؛ لأَنَّهَا فِي مُقَدَّمِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَيَأْخُذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ.
قَوْلُهُ: (بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ) وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ نُونَ التَّأْكِيدِ خَفِيفَةٌ وَثَقِيلَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ.
قَوْلُهُ: (سَفَعْتُ بِيَدِهِ)، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَعْنَى السَّفْعِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَهُوَ الأَخْذُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَبْضُ بِشِدَّةٍ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دَخَلَ النَّبِيُّ الْكَعْبَةَ فَوَجَدَ أَبَا جَهْلٍ قَدْ قَلَّدَ هُبَلَ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ وَطَيَّبَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا هُبَلُ لِكُلِّ شَيْءٍ شُكْرٌ وَعِزَّتِكَ لأَشْكُرَنَّكَ مِنْ قَابِلٍ. قَالَ: وَكَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ ذَلِكَ الْعَامَ أَلْفُ نَاقَةٍ وَكَسِبَ فِي تِجَارَتِهِ أَلْفَ مِثْقَالِ ذَهَبٍ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُكَ هُنَا تَعْبُدُ غَيْرَ إِلَهِنَا لأَسْفَعَنَّكَ عَلَى نَاصِيَتِكَ. يَقُولُ: لأَجُرَّنَّكَ عَلَى وَجْهِكَ، فَنَزَلَتْ: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} أَيْ: فِي النَّارِ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {لَنَسْفَعَنْ} أي: لَنَأْخُذَنْ بنَاصِيَتِهِ فَلَنَجُرَّنَّهُ إلى النَّارِ. ولغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ: لَنَأْخُذَنْ. (وَلَنَسْفَعَنْ بالنُّونِ وهي الخفِيفَةُ) وفي رسْمِ الْمُصْحَفِ بالأَلِفِ، (سَفَعْتُ بِيَدِهِ) بفَتْحِ السِّينِ والفاءِ وسُكونِ العَيْنِ أي: (أَخَذْتُ) قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا). [إرشاد الساري: 7 / 425]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {كلّا لئن لم ينته لنسفعن بالنّاصية (15) ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ}
- حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ، عن عِكْرِمَةَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِندَ الكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ فقالَ: «لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ
».
تابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عن عُبَيدِ اللهِ، عن عَبْدِ الكَرِيمِ). [صحيح البخاري: 6 / 174-175]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: بَابٌ كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَهِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، سقطَ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ بَابٌ، ومِنْ نَاصِيَةٍ إِلَى آخِرِهِ.
قولُهُ: عن عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ هُو ابنُ مَالِكٍ، وهُو ثِقَةٌ، وفي طَبَقَتِهِ عَبْدُ الكَرِيمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ وهُو ضعيفٌ.
قولُهُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا مما أَرْسَلَهُ ابنُ عَبَّاسٍ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ زَمَنَ قَوْلِ أَبِي جهلٍ ذلكَ؛ لأن مَوْلِدَهُ قَبْلَ الهجرةِ بنَحْوِ ثلاثِ سنينَ، وقد أَخْرَجَ ابنُ مَرْدَوَيهِ بإسنادٍ ضعيفٍ، عن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عن أَبِيهِ، عن العباسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، قَالَ:
«كُنْتُ يَوْمًا في المَسْجِدِ فأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ فقالَ: إنَّ للهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيتُ مُحَمَّدًا ساجدًا»، فذَكَرَ الحديثَ.
قولُهُ: (لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ) وَقَعَ عِندَ البَلاَذُرِيِّ: نَزَلَ اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا مِنَ الزَّبَانِيَةِ، رُؤُوسُهُمْ فِي السَّمَاءِ، وأَرْجُلُهُمْ فِي الأَرْضِ. وَزَادَ الإِسْمَاعِيلِيُّ في آخِرِهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَوْ تَمَنَّى اليَهُودُ المَوْتَ لَمَاتُوا، ولو خَرَجَ الذينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ لَرَجَعُوا لا يَجِدُونَ أَهْلاً ولا مَالاً. وأَخرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عن أَبِي هُرَيرَةَ نَحْوَ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ في آخرِهِ: فلم يَفْجَأْهُمْ مِنْهُ إلا وهو- أي أَبُو جهلٍ- يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ ويَتَّقِي بِيَدِهِ فقِيلَ لَهُ، فقالَ: إِنَّ بَيْنِي وبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وهَوْلاً وأَجْنِحَةً. فقال النَّبِيُّ [صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ]: «لَوْ دَنَا لاَخْتَطَفَتْهُ المَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا
» وإنما شَدَّدَ الأمرَ في حَقِّ أَبِي جهلٍ، ولم يَقَعْ مِثْلُ ذَلِكَ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حيثُ طَرَحَ سَلَى الجَزُورِ على ظَهْرِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ وهُو يُصَلِّي كما تَقَدَّمَ شَرْحُهُ في الطهارةِ؛ لأنهما وإِنِ اشْتَرَكَا في مُطْلَقِ الأَذِيَّةِ حَالَةَ صَلاتِهِ لكنْ زَادَ أَبُو جهلٍ بالتهديدِ وبدَعْوَى أهْلِ طَاعَتِهِ وبإرادةِ وَطْءِ العُنُقِ الشَّرِيفِ، وفي ذلك مِنَ المبالغةِ مَا اقْتَضَى تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ لَوْ فَعَلَ ذلك، ولأنَّ سَلَى الجَزُورِ لم يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهَا، وقد عُوقِبَ عُقْبَةُ بدُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ عليه وعلى مَنْ شَارَكَهُ في فِعْلِهِ فقُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ.
قولُهُ: (تَابَعَهُ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيدِ اللهِ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ) أمَّا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ فهو مِنْ شُيُوخِ البُخارِيِّ، وهُو الحَرَّانِيُّ، ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، وأَمَّا عُبَيدُ اللهِ فهو ابنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وعَبْدُ الكَرِيمِ هُو الجَزَرِيُّ المَذْكُورُ، وهذه المتابعةُ وَصَلَهَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ البَغَوِيُّ في مُنْتَخَبِ المُسْنَدِ له عَنْ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ بهذا، وقد أَخْرَجَهُ ابنُ مَرْدَوَيهِ من طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بالسَّنَدِ المَذْكُورِ، ولَفْظُهُ بَعْدُ.
قولُهُ: (لو فَعَلَ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ عِيَانًا، ولَوْ أَنَّ اليَهُودَ) إلى آخِرِ الزيادةِ التي ذَكَرْتُهَا مِنْ عِندِ الإسماعيليِّ، وَزَادَ بَعْدَ قولِهِ: لَمَاتُوا: ورَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ). [فتح الباري: 8 / 724]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
عقب حديث معمر، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:
قال أبو جهل لئن رأيت محمّدًا يصلّي عند الكعبة لأطأن على عنقه فبلغ ذلك النّبي [صلّى اللّه عليه وسلّم] فقال: «لو فعله لأخذته الملائكة».
تابعه عمرو بن خالد، عن عبيدالله، عن عبد الكريم، قال: علّي بن عبد العزيز البغويّ في منتخب المسند له ثنا عمرو بن خالد به وسيأتي إسنادي إليه في أوائل كتاب الأشربة إن شاء الله). [تغليق التعليق: 4 / 375]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلاَّ.. إِلَى آخِرِهِ وَسَقَطَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ لَفْظُ بَابٍ وَمِنْ نَاصِيَةٍ إِلَى آخِرِهِ.
قَوْلُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} أَيْ: أَبُو جَهْلٍ، عَنْ إِنْذَارِ رَسُولِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، عَنِ الصَّلاَةِ.
قَوْلُهُ: {لَنَسْفَعَنْ} أَيْ: لَنَأْخُذَنْ بِالنَّاصِيَةِ، وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهُ عَنْ قَرِيبٍ، وَكُتِبَ بِالأَلِفِ فِي الْمُصْحَفِ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ.
قَوْلُهُ: {نَاصِيَةٍ} بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: بِالنَّاصِيَةِ، وَوَصَفَ النَّاصِيَةَ بِالْكَذِبِ وَالْخَطَأِ عَلَى الإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْكَذِبُ وَالْخَطَأُ فِي الْحَقِيقَةِ لِصَاحِبِهَا أَيْ: صَاحِبِ النَّاصِيَةِ كَاذِبٌ خَاطِئٌ.
- حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرَمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ [صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ] فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ
».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَيَحْيَى إِمَّا ابْنُ مُوسَى وَإِمَّا ابْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ ابْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالزَّايِ. وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَهَذَا مِنْ مُرْسَلاَتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ ذَلِكَ؛ لأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ نَحْوَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى عُنُقِهِ) بِالنُّونِ وَالْقَافِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (لَوْ فَعَلَ) أَيْ: أَبُو جَهْلٍ.
قَوْلُهُ: (لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ) أَيْ: مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَلاَذُرِيِّ: نَزَلَ اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا مِنَ الزَّبَانِيَةِ، رُؤُوسُهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَرْجُلُهُمْ فِي الأَرْضِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَلَمْ يَفْجَأْهُمْ مِنْهُ إِلاَّ وَهُوَ؛ أَيْ: أَبُو جَهْلٍ نَكَصَ عَلَى عَقِبِهِ وَيَتَّقِي بِيَدِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً فَقَالَ النَّبِيُّ:
«لَوْ دَنَا لاَخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا».
(تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ).
أَيْ: تَابَعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَوْ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ بِالرَّاءِ وَالْقَافِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ الْمَذْكُورِ، وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ وَصَلَهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَغْوَيُّ فِي مُنْتَخَبِ الْمُسْنَدِ لَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ فَذَكَرَهُ). [عمدة القاري: 19 / 308]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (بَابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}؛ عَمَّا هو عليه مِنَ الْكُفْرِ، {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ}؛ لَنَجُرَّنَّ بِنَاصِيَتِهِ إلى النَّارِ، {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}؛ بَدَلٌ من النَّاصِيَةِ وَوَصْفُهَا بذلك مَجَازٌ، وإنَّمَا المرادُ صاحِبُهَا، وَسَقَطَ نَاصِيَةٍ إلخ لأَبِي ذَرٍّ وثَبَتَ له لَفْظُ: بَابٌ. وبه قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هو إِمَّا ابْنُ مُوسَى وَإِمَّا ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ هو ابْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ -بِالْجِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَالزَّايِ- عَنْ عِكْرِمَةَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما-: قَالَ أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَلَمْ يُدْرِكِ ابْنُ الْعَبَّاسِ الْقِصَّةَ، فَيُحْمَلُ عَلَى سَمَاعِهِ ذلك منه [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: (لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأََطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ) ذلك النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ:
«لَوْ فَعَلَهُ لأََخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ»، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه نَحْوَ حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ في آخِرِهِ: فلم يَفْجَأْهُمْ منه إِلاَّ وهو أي: أَبُو جَهْلٍ يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدِهِ فَقِيلَ له: مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «لَوْ دَنَا لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا» تَابَعَهُ أي تَابَعَ عَبْدَ الرَّازِقِ فيما وَصَلَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ في مُنْتَخَبِ الْمُسْنَدِ له عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ بفتحِ العَينِ الْحَرَّانِيُّ من شيوخِ الْمُؤَلِّفِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ -بِضَمِّ الْعَيْنِ ابْنِ عَمْرٍو بِفَتْحِ الْعَيْنِ الرَّقِّيِّ- عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ). [إرشاد الساري: 7 / 429]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ }؛ يَقُولُ: ليسَ كما يَقُولُ: إِنَّهُ يَطَأُ عُنُقَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: لا يَقْدِرُ على ذلكَ، وَلا يَصِلُ إِليهِ.
وقولُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}؛ يَقُولُ: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ أبو جهلٍ عَنْ محمدٍ {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ}؛ يَقُولُ: لَنَأْخُذَنَّ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَلَنَضُمَّنَّهُ وَلَنُذِلَّنَّهُ؛ يقالُ منهُ: سَفَعْتُ بِيَدِهِ: إِذا أَخَذْتُ بِيَدِهِ. وَقيلَ: إِنَّمَا قِيلَ: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} وَالمعنى: لَنُسَوِّدَنَّ وَجْهَهُ، فَاكْتَفَى بذكرِ الناصيةِ مِنَ الوجهِ كُلِّهِ، إِذْ كانت الناصيةُ في مُقَدَّمِ الوجهِ. وَقيلَ: معنَى ذلكَ: لَنَأْخُذَنَّ بِنَاصِيَتِهِ إِلى النارِ، كما قَالَ: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} ). [جامع البيان: 24 / 536]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( وَقولُهُ: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}؛ فَخَفَضَ {نَاصِيَةٍ} رَدًّا على الناصيةِ الأُولَى بالتكريرِ، وَوَصَفَ الناصيةَ بالكذبِ وَالخطيئةِ، وَالمَعْنَى لِصَاحِبِهَا). [جامع البيان: 24 / 536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَنَسْفَعًا}؛ قالَ: لنَأْخُذَنْ.
- وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَةَ، مِثْلَه). [الدر المنثور: 15 / 531]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {فليدع ناديه}؛ قال: قومه حية). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (" وقال مجاهدٌ: {ناديه}: «عشيرته»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ}: عَشِيرَتَهُ، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وهُو تَفْسِيرُ مَعْنًى؛ لأنَّ المَدْعُوَّ أَهْلُ النَّادِي، والنَّادِي المَجْلِسُ المُتَّخَذُ للحَدِيثِ). [فتح الباري: 8 / 714]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد: {ناديه}؛ عشيرته الزّبانية الملائكة، وقال معمر: الرجعى المرجع {لنسفعن}؛ قال: لنأخذن ولنسفعن بالنّون وهي الخفيفة سفعت بيده أخذت.
وأما قول مجاهد: فقال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:{فليدع ناديه}؛ قال: عشيرته). [تغليق التعليق: 4/ 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ} عَشِيرَتَهُ).
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَيْ: عَشِيرَتَهُ أَيْ: أَهْلَ نَادِيهِ؛ لأَنَّ النَّادِيَ هُوَ الْمَجْلِسُ الْمُتَّخَذُ لِلْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: {نَادِيَهُ} أي: عَشِيرَتَهُ فَلْيَسْتَنْصِرْ بهم. وأصْلُ النَّادِي الْمَجْلِسُ الَّذِي يَجْمَعُ النَّاسَ، ولا يُسَّمَى نَادِيًا ما لم يَكُنْ فيه أَهْلُهُ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: فَلْيَدْعُ أبو جهلٍ أهلَ مَجْلِسِهِ وَأَنْصَارَهُ، مِنْ عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ، وَالنادِي: هوَ المَجْلِسُ.
وإِنَّمَا قِيلَ ذلكَ فيما بَلَغَنَا، لأنَّ أبا جَهْلٍ لَمَّا نَهَى النبيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] عَنِ الصلاةِ عندَ المقامِ، انْتَهَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، وَأَغْلَظَ لهُ، فَقَالَ أبو جهلٍ: عَلامَ يَتَوَعَّدُنِي مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَكْثَرُ أَهْلِ الوادي نَادِياً؟ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} مِنه فَلْيَدْعُ حِينَئِذٍ نَادِيَهُ، فإِنَّهُ إِنْ دَعَا نَادِيَهُ، دَعَوْنَا الزَّبَانِيَةَ.
وَبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ جاءَت الأخبارُ، وَقالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ الآثارِ المَرْوِيَّةِ في ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ وَكيعٍ، قَالَ: ثنا أبو خالدٍ الأَحْمَرُ؛ وَحَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الحكمُ بنُ جميعٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بنُ مسهرٍ، جَمِيعاً عَنْ داودَ بنِ أبي هندٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي عِنْدَ المقامِ، فَمَرَّ بهِ أبو جهلِ بنُ هِشَامٍ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هذا؟ وَتَوَعَّدَهُ، فَأَغْلَظَ لهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَانْتَهَرَهُ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ بِأَيِّ شَيْءٍ تُهَدِّدُنِي؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأكثرُ هذا الوادي نَادِياً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ دَعَا نَادِيَهُ، أَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ العَذَابِ مِنْ سَاعَتِهِ.
- حَدَّثَنِي إِسحاقُ بنُ شاهِينٍ، قَالَ: ثنا خالدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ داودَ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَنَهَاهُ أنْ يُصَلِّيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى}... إِلى قولِهِ: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ أَنِّي أكثرُ هذا الوادِي نَادِياً، فَغَضِبَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، قَالَ داودُ: وَلمْ أَحْفَظْهُ، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فواللَّهِ لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الملائكةُ مِنْ مَكَانِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قَالَ: ثنا المُعتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثنا نُعَيْمُ بنُ أبي هندٍ، عَنْ أبي حازمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: هلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجهَهُ بينَ أظهرِكُمْ؟ قَالَ: فَقِيلَ نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ: وَاللاتِ وَالعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ، لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، وَلَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في الترابِ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَهوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَمَا فَجَأَهُم منهُ إِلاَّ وَهوَ يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ؛ قَالَ: فقيلَ لهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَنْدَقاً مِنْ نارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْواً عُضْواً».
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ - لا أَدْرِي في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أمْ لا -: {كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.
يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
الملائكةَ، {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بنُ وَاضحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الوليدِ بنِ العيزَارِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ عَادَ مُحَمَّدٌ يُصَلِّي عندَ المقامِ لَأَقْتُلَنَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} حتَّى بلغَ هذهِ الآيةَ: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
فَجَاءَ النَّبِيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَهوَ يُصَلِّي، فقيلَ لهُ: ما يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: قَدِ اسْوَدَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مِنَ الْكَتَائِبِ... قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
«وَاللَّهِ لَوْ تَحَرَّكَ لَأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ وَالناسُ يَنْظُرُونَ إِليه».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو، عَنْ عبدِ الكريمِ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي عندَ الكعبةِ، لَآتِيَنَّهُ حتَّى أَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَاناً».
وبالذي قُلْنَا في معنَى النادي قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}.
يَقُولُ: فَلْيَدْعُ نَاصِرَهُ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قَالَ: المَلائكةَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حميدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي الهُذَيْلِ: {الزَّبَانِيَةُ}؛ أَرْجُلُهُم في الأرضِ، وَرُءُوسُهُمْ في السماءِ). [جامع البيان: 24 / 536-540]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {فليدع ناديه}؛ يعني عشيرته يعني أبا جهل). [تفسير مجاهد: 2/ 772]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلّي، فجاء أبو جهلٍ، فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبيّ [صلى الله عليه وسلم]، فزبره، فقال أبو جهلٍ: إنك لتعلم ما بها ناد أكثر منّي، فأنزل الله تبارك وتعالى: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} [اقرأ: 17، 18] قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(ناد) النادي: مجتمع القوم). [جامع الأصول: 2 / 431-432]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (ولابنِ عبَّاسٍ عندَ أحمدَ قالَ: مَرَّ أبو جَهْلٍ فقالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ؟ فانْتَهَرَه النبيُّ [صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ]، فقالَ: لِمَ تَنْتَهِرُنِي يَا مُحمدُ، فواللهِ لقدْ عَلِمْتَ ما بِها رَجُلٌ أكْثَرُ نادِياً مِنِّي؟ قالَ: فقالَ له جِبريلُ عليه السلامُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}.
قالَ ابنُ عباسٍ: فواللهِ لو دعا نادِيَه لأَخَذَتْه الزَّبَانِيَةُ بالعذابِ.
قلتُ: في الصحيحِ بعضُه. ورِجالُ أحمدَ رِجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ:
قالَ أبو جَهْلٍ: هل يُعَفِّرُ محمدٌ وَجْهَه إلا بينَ أَظْهُرِكم؟
قالَوا: نعمْ.
فقالَ: واللاَّتِ والعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُه يُصَلِّي كذلك لأَطَأَنَّ على رقبتِه، ولأعَفِّرَنَّ وجهَه في الترابِ.
فأَتَى رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وهو يُصَلِّي لِيَطَأَ على رقبتِه.
قالَ: فما فجِئَهُم مِنه إلاَّ وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فقِيلَ له: مَا لَكَ؟
فقالَ: إن بينِي وبينَه خَنْدَقاً مِن نارٍ وهؤلاءِ وأجنحةً، فقالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً» قالَ: وأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}، إلى آخرِ السورةِ، يعني: أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، يعني: قَوْمَه،
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، يعني: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 529] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {سندع الزبانية}؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه، قال: فقال النبي: لو فعل ذلك لأخذته الملائكة عيانا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الزبانية}؛ قال: الزبانية في كلام العرب الشرط). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 384]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({الزّبانية}: «الملائكة»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {الزَّبَانِيَةَ}: المَلائِكَةَ، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وأَخرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مِثْلَهُ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال عبد أخبرني شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {سندع الزّبانية}؛ قال: الملائكة). [تغليق التعليق: 4 / 374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {الزَّبَانِيَةُ}: الْمَلاَئِكَةُ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ وَالْمُرَادُ بِالزَّبَانِيَةِ: الْمَلاَئِكَةُ، وَالزَّبَانِيَةُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ: الشُّرَطُ، الْوَاحِدُ زِبْنِيَةٌ كَعِفْرِيَةٍ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ، وَقِيلَ: زَابِنٌ، وَقِيلَ: زَبَانِيُّ، وَقِيلَ: زَبْنِيٌّ كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الزَّبْنِ، وَالْمُرَادُ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ الْغِلاَظُ الشِّدَادُ). [عمدة القاري: 19 / 303]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {الزَّبَانِيَةَ} أي: الملائكةَ، وسُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يَدْفَعُونَ أَهْلَ النَّارِ إليها بشِدَّةٍ؛ مَأْخُوذٌ من الزَّبْنِ وهو الدَّفْعُ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {سندع الزّبانية}؛ قال: قال أبو جهلٍ: لئن رأيت محمّدًا يصلّي لأطأنّ على عنقه، فقال النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5 / 300]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يصلّي فجاء أبو جهلٍ فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فزبره، فقال أبو جهلٍ: إنّك لتعلم ما بها نادٍ أكثر منّي، فأنزل اللّه: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} فقال ابن عبّاسٍ: واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية اللّه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وفيه عن أبي هريرة). [سنن الترمذي: 5 / 301]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا المعتمر، عن أبيه، حدّثنا نعيم بن أبي هندٍ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهلٍ: هل يعفّر محمّدٌ وجهه بين المشركين؟، فقيل: نعم، فقال: واللّات والعزّى لئن رأيته كذلك لأطأنّ على رقبته، أو لأعفّرنّ وجهه في التّراب، فأتى رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم] وهو يصلّي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم إلّا وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيده، فقيل: ما لك؟، قال: إنّ بيني وبينه لخندقًا من نارٍ، وهولًا وأجنحةً، فقال رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]: «لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 339]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عبد الله بن سعيدٍ، عن أبي خالدٍ وهو سليمان بن حيّان، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: صلّى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فجاء أبو جهلٍ فقال: ألم أنهك عن هذا؟، والله إنّك لتعلم ما بها نادٍ أكثر منّي، فأنزل الله [عزّ وجلّ]: {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية}؛ قال ابن عبّاسٍ: والله لو دعا ناديه لأخذته الزّبانية
- أخبرنا محمّد بن رافعٍ، حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله عزّ وجلّ: {سندع الزّبانية}؛ قال: قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «لو فعل أبو جهلٍ لأخذته الملائكة عيانًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 340]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قتادةَ، فِي قَوْلِهِ: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
قَالَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ لَأَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ الْمَلَائِكَةُ عِيَاناً».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
قَالَ: الملائكةَ.
- حُدِّثْتُ عَنِ الحسينِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {الزَّبَانِيَةُ}، قَالَ: الملائكةُ). [جامع البيان: 24 / 540]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {سندع الزبانية}؛ قال: الزبانية الملائكة). [تفسير مجاهد: 2/ 772]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، أنبأ عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن داود بن أبي هندٍ، وحدّثني عليّ بن عيسى، واللّفظ له، ثنا الحسين بن محمّدٍ القبّانيّ، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: مرّ أبو جهلٍ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي فقال: ألم أنهك على أن تصلّي يا محمّد لقد علمت ما بها أحدٌ أكثر ناديًا منّي، «فانتهره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم» فقال جبريل: عليه السّلام {فليدع ناديه (17) سندع الزّبانية} [العلق: 18] واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/530] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: لَئِنْ عَادَ محمدٌ يُصَلِّي إلى القِبْلَةِ لأَقْتُلَنَّهُ. فعادَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوْلِه: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} فَلَمَّا قِيلَ لأبي جَهْلٍ: إنه عَادَ، قال: لقدْ حِيلَ ما بينِي وبينَه. قالَ ابنُ عبَّاسٍ: واللهِ لو تَحَرَّكَ لأخَذَتْهُ الملائكةُ والناسُ يَنْظُرونَ.
رَوَاه الطبرانيُّ في الأوسطِ، وفيه موسى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، والبخاريُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ معاً في "الدلائلِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي عندَ الكعبةِ لأَطَأَنَّ عُنُقَه. فبَلَغَ النبيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فقالَ:
«لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عِيَاناً» ). [الدر المنثور: 15 / 527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبةَ وأحمدُ، والترمذيُّ وصحَّحَه، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، والطبرانيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: كانَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي، فجاءَ أبو جهلٍ، فقالَ: ألم أَنْهَكَ عن هذا؟ ألم أنْهكَ عن هذا؟ فانْصَرَفَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَزَبَرَهُ، فقالَ أبو جهلٍ: إنك لتَعْلَمُ ما بها رجلٌ أكثرُ نَادِياً مِنِّي. فأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وَاللَّهِ لو دعا نادِيَه لأَخَذَتْه الزَّبَانِيَةُ). [الدر المنثور: 15 / 527-528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، والطبرانيُّ في "الأوسَطِ "، وأبو نُعَيْمٍ في "الدلائلِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ أبو جهلٍ: لَئِنْ عَادَ محمدٌ يُصَلِّي عندَ المَقامِ لأقْتُلَنَّه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؛ حتى بَلَغَ هذه الآيةَ: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ فجاءَ النبيُّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يُصَلِّي فقِيلَ: ما يَمْنَعُكَ؟ فقالَ: قَدِ اسْوَدَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَه. قالَ ابنُ عبَّاسٍ: واللَّهِ لو تَحَرَّكَ لأَخَذَتْهُ الملائكةُ، والناسُ يَنْظُرُونَ إليه). [الدر المنثور: 15 / 528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: هل يُعَفِّرُ محمدٌ وَجْهَه إلا بينَ أَظْهُرِكم؟
قالَوا: نعمْ.
فقالَ: واللاَّتِ والعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُه يُصَلِّي كذلك لأَطَأَنَّ على رقبتِه، ولأعَفِّرَنَّ وجهَه في الترابِ.
فأَتَى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُصَلِّي لِيَطَأَ على رقبتِه.
قالَ: فما فجِئَهُم مِنه إلاَّ وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فقِيلَ له: مَا لَكَ؟
فقالَ: إن بينِي وبينَه خَنْدَقاً مِن نارٍ وهؤلاءِ وأجنحةً، فقالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً»قالَ: وأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}، إلى آخرِ السورةِ، يعني: أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ يعني: قَوْمَه،
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ يعني: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 529] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: نَزَلَتْ في عدوِّ اللَّهِ أَبِي جهلٍ؛ وذلك أنَّه قالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ محمداً يُصَلِّي لأَطَأَنَّ على عُنُقِه، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى}؛ قالَ: محمدٌ، {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ يعني بذلك أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: قوْمَه، حَيَّه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الزبانيةُ في كلامِ العربِ الشُّرَطُ). [الدر المنثور: 15 / 530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى}؛ قالَ: أبو جهلٍ يَنْهَى محمداً [صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ] إذَا صَلَّى، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}؛ قالَ: عَشِيرَتَه، مَجْلِسَه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}؛ قالَ: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 530-531] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ الحَارثِ، قالَ: الزبانيةُ أرْجُلُهم في الأرضِ ورؤوسُهم في السماءِ). [الدر المنثور: 15 / 531]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني] يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان قال: إنما أنزلت: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، أن أبا جهل كان يقول: لئن رأيته، يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يصلي لأطير على رقبته، فأنزل الله عز وجل: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، وفي آخرها: {واسجد} للنبي عليه السلام، {واقترب}، [ .. .. ] جهل. فقيل لأبي جهل: هذا الذي كنت تقول: هذا هو يسجد، اقترب منه، لأبي جهل، فقال: ما [ .. .. ] عته أن بيني وبينه كالفحل، لو اقتربت منه لأهلكني). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 6] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ألا تسمعونه يقول: افعل وافعل يقول واسجد واقترب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 385]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله بن ربيعة، قال: قال عتبة بن فرقدٍ لعبد الله بن ربيعة: يا عبد الله، ألا تعينني على ابن أخيك، قال: وما ذاك، قال: يعينني على ما أنا فيه من عملٍ، فقال له عبد الله: يا عمرو، أطع أباك، قال: فنظر إلى معضدٍ وهو جالسٌ، فقال: لا تطعهم {واسجد واقترب} قال: فقال عمرٌو: يا أبت، إني إنّما أنا عبدٌ أعمل في فكاك رقبتي، قال: فبكى عتبة، وقال: يا بنيّ إنّي لأحبّك حبّين: حبًّا للّه وحبّ الوالد ولده،

قال: فقال: عمرٌو: يا أبت، إنّك كنت أتيتني بمالٍ بلغ سبعين ألفًا، فإن كنت سائلي عنه فهو ذا فخذه، وإلاّ فدعني فأمضيه، قال له عتبة: فأمضه، قال: فأمضاه حتّى ما بقي منه درهمٌ). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 290-291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: ليسَ الأمرُ كما يَقُولُ أبو جهلٍ، إِذْ يَنْهَى مُحَمَّداً [صلَّى اللهُ عليه وسلَّم] عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَالصلاةِ لهُ، {لا تُطِعْهُ}.

يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: لا تُطِعْ أَبَا جَهْلٍ فِيمَا أَمَرَكَ بهِ مِنْ تَرْكِ الصلاةِ لِرَبِّكَ، وَاسْجُدْ لِرَبِّكَ وَاقْتَرِبْ منهُ، بالتَّحَبُّبِ إِليهِ بِطَاعَتِهِ، فإِنَّ أَبَا جَهْلٍ لَنْ يَقْدِرَ عَلَى ضَرِّكَ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ منهُ.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}: ذُكِرَ لنا أنَّها نَزَلَتْ في أبي جهلٍ، قَالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينَ بَلَغَهُ الذي قَالَ أبو جهلٍ:
«لَوْ فَعَلَ لَاخْتَطَفَتْهُ الزَّبَانِيَةُ» ). [جامع البيان: 24 / 540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن زيدِ بنِ أسْلَم، قالَ: {وَاسْجُدْ}؛ أنتَ يا محمدُ، {وَاقْتَرِبْ}؛ أنتَ يا أبا جهلٍ، يَتَوَعَّدُه). [الدر المنثور: 15 / 531]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وسعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ: أقْرَبُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ، ألا تَسْمَعُونه يقولُ: {اسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ). [الدر المنثور: 15 / 531]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 03:23 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل وعز: {أرأيت الّذي ينهى (9) عبداً إذا صلّى...} نزلت في أبي جهل: كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاّه، فيؤذيه وينهاه، فقال الله تبارك وتعالى، {أرأيت الّذي ينهى (9) عبداً إذا صلّى}؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 3/ 278]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا إنّ الإنسان ليطغى (6) أن رآه استغنى (7)} هذه نزلت في أبي جهل بن هشام، وكذلك: {أرأيت الّذي ينهى (9) عبدا إذا صلّى (10)} لأن أبا جهل قال: إن رأيت محمدا يصلّي توطّأت عنقه). [معاني القرآن: 5/ 345](م)

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({أرأيت إن كان على الهدى}؛
قال: {أرأيت إن كان على الهدى} ثم قال: {أرأيت إن كذّب وتولّى} [العلق: 13] فجعلها بدلا منها وجعل الخبر {ألم يعلم بأنّ اللّه يرى} [العلق: 14]). [معاني القرآن: 4/ 51]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)}

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال جل وعز: {أرأيت إن كذّب وتولّى...}؛ وفيه عربية، مثله من الكلام لو قيل: أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلّى وهو كاذب متولٍّ عن الذكر؟ أي: فما أعجب من ذا). [معاني القرآن: 3/ 278]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال: ويله!، {ألم يعلم بأنّ اللّه يرى...} يعني: أبا جهل). [معاني القرآن: 3/ 279]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال: {كلاّ لئن لّم ينته لنسفعاً بالنّاصية...} ناصيته: مقدم رأسه، أي: لنهصرنها، لنأخذن بها لنقمئنّه ولنذلّنه، ويقال: لنأخذن بالناصية إلى النار، كما قال جلّ وعز، {فيؤخذ بالنّواصي والأقدام}، فيلقون في النار، ويقال: لتسوّدنّ وجهه، فكفت الناصية من الوجه؛ لأنها في مقدّم الوجه). [معاني القرآن: 3/ 279]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({لنسفعاً بالنّاصية}؛ لنأخذن بالناصية ويقال: سفعت بيده أخذت بيده، والرجل يسفع برجل طروقته، بالناصية معروفة). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({لنسفعا بالناصية}: لنأخذن بالناصية يقال سفعت بيده أي أخذت بيده ويقال سفعت النار يدي أي أخذت فيها كلها والسفع الاختطاف). [غريب القرآن وتفسيره: 435]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لنسفعاً بالنّاصية} أي لنأخذنّ بها. يقال: اسفع بيده، أي خذ بيده). [تفسير غريب القرآن: 533]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قول الله: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 15-16] أي لنأخذنّ بها، ثم لنقيمنّه ولنذّلنّه إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما قال تعالى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: 41] أي يجرّون إلى النار بنواصيهم وأرجلهم). [تأويل مشكل القرآن: 154-156] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا لئن لم ينته لنسفعا بالنّاصية (15)} أي لنجرنّ ناصيته إلى النار، يقال: سفعت بالشيء إذا اقبضت عليه وجذبته جذبا شديدا). [معاني القرآن: 5/ 345]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنَسْفَعاً}: لنأخذن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنَسْفَعًا}: لنأخذن). [العمدة في غريب القرآن: 351]

تفسير قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لنسفعاً بالنّاصية... ناصيةٍ...} على التكرير، كما قال: {إلى صراطٍ مّستقيمٍ، صراط الله} المعرفة ترد على النكرة بالتكرير، والنكرة على المعرفة، ومن نصب (ناصيةً) جعله فعلا للمعرفة وهي جائزة في القراءة). [معاني القرآن: 3/ 279]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (ثم قال {ناصيةٍ كاذبةٍ} بدلٌ فجرها). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قول الله: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}[العلق: 15، 16] أي لنأخذنّ بها، ثم لنقيمنّه ولنذّلنّه إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما قال تعالى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: 41] أي يجرّون إلى النار بنواصيهم وأرجلهم. ثم قال: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 16] وإنما يعني صاحبها. والناس يقولون: هو مشؤوم الناصية. لا يريدونها دون غيرها من البدن. ويقولون: قد مرّ على رأسي كذا. أي مر عليّ). [تأويل مشكل القرآن: 154-156](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ناصية كاذبة خاطئة (16)} وتأويله بناصية صاحبها كاذب خاطئ، كما يقال فلان نهاره صائم وليله قائم، المعنى هو صائم في نهاره وقائم في ليله). [معاني القرآن: 5/ 345]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فليدع ناديه...} قومه. والعرب تقول: النادي يشهدون عليك، والمجلس، يجعلون: النادي، والمجلس، والمشهد، والشاهد ـ القوم قوم الرجل، قال الشاعر:

لهم مجلسٌ صهب السّبال أذلّةٌ ....... سواسيةٌ أحرارها وعبيدها
أي: هم سواء). [معاني القرآن: 3/ 279]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فليدع ناديه} أهل مجلسه). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فليدع ناديه * سندع الزّبانية} وقال: {فليدع ناديه} {سندع الزّبانية} فـ{ناديه} ههنا عشيرته وإنما هم أهل النادي والنادي مكانه ومجلسه). [معاني القرآن: 4/ 51](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ناديه}: أهل مجلسه). [غريب القرآن وتفسيره: 435]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فليدع ناديه}: أهل ناديه، أي ينتصر بهم. و«النادي»: المجلس. يريد: قومه). [تفسير غريب القرآن: 533]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ} [التوبة: 19]؟ أي: أجعلتم صاحب سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، كمن آمن؟! ويكون يريد: أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن بالله وجهاده؟ كما قال: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 177].
قال الهذلي:

يُمَشَّى بيننا حَانُوتُ خَمْرِ ....... من الخُرْسِ الصَّرَاصِرَةِ القِطَاطِ
أراد صاحب حانوت خمر، فأقام الحانوت مقامه.
وكذلك قول أبي ذؤيب في صفة الخمر:

تَوَصَّلُ بالرُّكبانِ حِينًا وَتُولِفُ الـ ....... جِوَارَ وَيُغْشِيهَا الأَمَانَ رِبَابُهَا
اللفظ للخمر والمعنى للخمّار، أي يتوصّل الخمار بالركب ليسير معهم ويأمن بهم.
وكذلك قوله:
أتوها برِبحٍ حاولتْهُ فأَصْبَحَتْ ....... تُكَفَّتُ قَدْ حُلَّتْ وَسَاغَ شَرَابُهَا
يريد: أتوا صاحبها بربح، فأقامها مقامه.
وقال كثير يذكر الأظعان:

حُزِيَتْ لِي بحَزْمِ فَيْدَةَ تُحْدَى ....... كاليهوديِّ مِن نَطَاةِ الرِّقَالِ
أراد كنخل اليهوديّ من خيبر، فأقامه مقامها.
ومثله قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}[العلق: 17] أي: أهله.
وقال الشاعر:

لهم مجلسٌ صُهْبُ السِّبَالِ أَذِلَّةٌ ....... سَوَاسِيَةٌ أحرارُها وعبيدُها).
[تأويل مشكل القرآن: 211-212](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فليدع ناديه (17)}؛ معناه فليدع أهل ناديه، وهم أهل مجلسه، وكانوا عشيرته أي فليستنصر بهم). [معاني القرآن: 5/ 345-346]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَلْيَدْعُ نَادِيَه}؛ أي أهل ناديه. والنادي: المجلس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نَادِيَه}: مجلسه). [العمدة في غريب القرآن: 351]

تفسير قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فليدع ناديه... سندع الزّبانية...} فهم أقوى وهم يعملون بالأيدي والأرجل، والناقة قد تزبن الحالب وتركضه برجلها.
وقال الكسائي: بأَخَرة واحد الزبانية زِبْنِيٌّ وكان قبل ذلك يقول: لم أسمع لها بواحد، ولست أدري أقياسًا منه أو سماعاً.
وفي قراءة عبد الله: (كلاّ لئن لّم ينته لأسفعاً بالنّاصية)، وفيها: "فليدع إليّ ناديه فسأدعو الزّبانية"). [معاني القرآن: 3/ 279-280]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({الزّبانية} واحدهم زبينة وكل متمرد من إنسٍ أو جان يقال: فلان زبينة عفرية). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فليدع ناديه * سندع الزّبانية} وقال: {فليدع ناديه} {سندع الزّبانية} فـ{ناديه} ههنا عشيرته وإنما هم أهل النادي والنادي مكانه ومجلسه.
وأما {الزّبانية} فقال بعضهم: واحدها "الزباني". وقال بعضهم: "الزابن" سمعت "الزابن" من عيسى بن عمر. وقال بعضهم: "الزبنية". والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي لا واحد له مثل "أبابيل" تقول: "جاءت إبلي أبابيل" أي: فرقاً. وهذا يجيء في معنى التكثير مثل "عباديد" و"شعارير"). [معاني القرآن: 4/ 51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الزبانية}: واحدها زبنية وهو كل متمرد من إنس وجان). [غريب القرآن وتفسيره: 435]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({سندع الزّبانية}
- قال قتادة: «هم: الشّرط، في كلام العرب».
-
وقال غيره: «وهو من «الزّبن» مأخوذ. و«الزبن»: الدفع. كأنهم يدفعون أهل النار إليها. واحدهم: «زبنية»). [تفسير غريب القرآن: 533]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({سندع الزّبانية (18)} الزبانية الغلاظ الشداد، واحدهم زبنية، وهم ههنا الملائكة، قال اللّه -عزّ وجلّ-: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ} وهم الزبانية). [معاني القرآن: 5/ 346]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الزَّبَانِيَةَ} مأخوذ من الزبن، وهو الدفع، وهم الذين يدفعون الكفرة إلى النار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الزَّبَانِيَةَ}: المردة). [العمدة في غريب القرآن: 351]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({كلّا لا تطعه واسجد واقترب (19)}؛
{كلّا} أي ليس الأمر على ما عليه أبو جهل.
{لا تطعه واسجد واقترب} أي وتقرّب إلى ربّك بالطاعة). [معاني القرآن: 5/ 346]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 03:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)}

تفسير قوله تعالى: {عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)}

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)}

تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)}

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما ينتصب فيه الصفة لأنّه حالٌ وقع فيه الألف واللام
شبّهوه بما يشبّه من الأسماء بالمصادر نحو قولك فاه إلى في وليس بالفاعل ولا المفعول. فكما شبّهوا هذا بقولك عوده على بدئه وليس بمصدر كذلك شبّهوا الصفة بالمصدر وشذّ هذا كما شذّت المصادر في بابها حيث كانت حالاً وهى معرفةٌ وكما شذّت الأسماء التي وضعت موضع المصدر.
وما يشبّه بالشيء في كلامهم وليس مثله في جميع أحواله كثيرٌ وقد بيّن فيما مضى وستراه أيضا إن شاء الله
وهو قولك دخلوا الأوّل فالأوّل جرى على قولك واحداً فواحداً ودخلوا رجلا رجلا.
وإن شئت رفعت فقلت دخلوا الأوّل فالأوّل جعله بدلا وحمله على الفعل كأنه قال دخل الأوّل فالأوّل.
وإن شئت قلت دخلوا رجلٌ فرجلٌ تجعله بدلاً كما قال عزّ وجلّ: {بالناصية * ناصية كاذبة} ). [الكتاب: 1/ 397-398]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن كل شيء كان للنكرة صفة فهو للمعرفة خبر وذلك قولك
مررت بأخويك قائمين فالقائمان هنا نصب على حد الصفة في النكرة وتقول مررت بأخويك مسلما وكافرا هذا على من جر وجعلهما صفة للنكرة ومن جعلهما بدلا من النكرة جعلهما بدلا من المعرفة كما قال الله عز وجل: {لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة} ). [الكتاب: 2/ 8-9]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية}). [الكتاب: 3/ 509-510] (م)
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): (وقال ضمرة بن ضمرة النهشلي:
أما الوعيد باللسان فإنني ....... فأبأست ربا يوم ذلك وابنما
وقوله: «لتندما»: أراد النون الخفيفة لتندما، فوقف بالألف. وكذلك {لنسفعا بالناصية} والوقف لنسفعا). [النوادر في اللغة: 250-251]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): (وأنشد لقحيف العقيلي:

أتعرف أم لا رسم دار معطلا ....... من العام يمحاه ومن عام أولا

وفي الصحصحيين الذين ترحلوا ....... كواعب من بكر تسام وتحبلا
وقوله تسام وتحبلا يريد تسام الضيم وتحبلا، أراد النون الخفيفة فإذا وصلت كانت نونا وإذا وقفت كانت ألفا، كما قال جل وعز: {لنسفعن بالناصية} فإذا وقفت قلت لنسفعا كما قال الأعشى:
وصل على حين العشيات والضحى ....... ولا تحمد المثرين والله فاحمدا
وكما قال عمر بن أبي ربيعة:
وقمير بدا لخمس وعشرين ....... له قالت الفتاتان قوما
والتنوين إذا وقع الأمر وما كان مثله من الأفعال غير الواجبة كان جيدا فإذا وقع في الفعل الواجب كان ضرورة من الشاعر لو قلت يقومن زيد لم يجز إلا في اضطرار شاعر كما قال هذا وتحبلا). [النوادر في اللغة: 535-536]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه رأى في بيت أم سلمة جارية ورأى بها سفعة، فقال: «إن بها نظرة فاسترقوا لها
».
قوله:
«سفعة» يعني أن الشيطان أصابها وهو من قول الله عز وجل: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية} وحديث ابن مسعود أنه رأى رجلا فقال: إن بهذا سفعة من الشيطان، وهو من هذا). [غريب الحديث: 3/ 36-37]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث عبد الله رحمه الله أن رجلا أتاه فقال عبد الله حين رآه: إن بهذا سفعة من الشيطان، فقال له الرجل: لم أسمع ما قلت؟ ثم قال له عبد الله: نشدتك بالله هل ترى أحدا خيرا منك؟ قال: لا، قال عبد الله: فلهذا قلت ما قلت.
وهذا من حديث ابن المبارك عن ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمرو الهذلي، قال: كنا عند ابن مسعود فجاءه رجل، فذكر ذلك.
قوله: «سفعة من الشيطان»: أصل السفع: الأخذ بالناصية، قال الله تبارك وتعالى: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية} فالذي أراد عبد الله: أن الشيطان قد استحوذ على هذا وأخذ بناصيته فهو يذهب به في العجب كل مذهب حتى ليس يرى أن أحدا خير منه.
وهذا مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في بيت أم سلمة جارية ورأى بها سفعة فقال:
«إن بها نظرة فاسترقوا لها» يعني بقوله: سفعة، أن الشيطان قد أصابها). [غريب الحديث: 5/ 124]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما بدل المعرفة من المعرفة فكقولك: مررت بأخيك عبد الله.

ونظير بدل المعرفة من المعرفة نحو قول الله عز وجل: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم}.
وبدل المعرفة من النكرة كقولك: مررت برجل زيد. كأنك نحيت الرجل ووضعت زيدا مكانه. فكأنك قلت: مررت بزيد، لأن ذلك الرجل هو زيد في المعنى: ونظير هذا قول الله: {وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم صراط الله}.
وبدل النكرة من المعرفة كقولك: مررت بزيد رجل صالح، وضعت الرجل في موضع زيد، لأنه هو في المعنى. ونظير هذا قول الله عز وجل: {لنسفعن بالناصية * ناصيةٍ كاذبةٍ}.
وأما بدل بعض الشيء منه للتبيين فنحو قولك: ضربت زيدا رأسه وجاءني قومك بعضهم أراد أن يبين الموضع الذي وقع الضرب به منه، وأن يعلمك أن بعض القوم جاء لا كلهم. ومن ذلك قول الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} لأن فرض الحج إنما وقع منهم على المستطيع.
وقد يجوز أن يبدل الشيء من الشيء إذا اشتمل عليه معناه، لأنه يقصد قصد الثاني، نحو قولك: سلب زيدٌ ثوبه، لأن معنى سلب: أخذ ثوبه، فأبدل منه لدخوله في المعنى.
ولو نصبت الثوب كان أجود إذا لم ترد البدل.
ومثل ذلك قول الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}، لأن المسألة وقعت عن القتال. ومثل ذلك قول الأعشى ينشد كما أصف لك:
لقد كان في حولٍ ثواءٍ ثويته ....... تقضي لباناتٍ ويسأم سـائم). [المقتضب: 1/ 164-165] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب: حروف البدل
وهي أحد عشر حرفاً. منها ثمانية من حروف الزوائد التي ذكرناها، وثلاثة من غيرها وهذا البدل ليس ببدل الإدغام الذي تقلب فيه الحروف ما بعدها.
فمن حروف البدل حروف المد واللين المصوتة. وهي الألف، والواو، والياء.
فالألف تكون بدلاً من كل واحدة منهما؛ كم وصفت لك.
وتكون بدلاً من التنوين المفتوح ما قبله في الوقف؛ نحو رأيت زيدا، ومن النون الخفيفة، لأنها كالتنوين إذا انفتح ما قبلها؛ تقول اضربن زيدا فإذا وقفت قلت: اضربا. وفي قوله: {لنسفعن بالناصية} والوقف {لنسفعا} ). [المقتضب: 1/ 199]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب: النونين الثقيلة والخفيفة ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة، وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين} وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا ....... ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ ....... أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ ....... ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/ 11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب: الوقوف على النونين الخفيفة والثقيلة
اعلم أنك إذا وقفت على الثقيلة كان الوقف عليها كالوقف على غيرها من الحروف المبنية على الحركة. فإن شئت كان وقفها كوصلها، وإن شئت ألحقت هاءً لبيان الحركة، كما تقول: ارمه، واغزه، واخشه، فهذا وجهها. وإن شئت قلت على قولك: ارم، اغز، اخش، فقلت: اضربن، وارمين، وقولن. فهذا أمر الثقيلة. فأما الخفيفة فإنها في الفعل بمنزلة التنوين في الاسم. فإذا كان ما قبلها مفتوحاً أبدلت منها الألف، وذلك قولك: اضربن زيداً. فإذا وقفت: قلت: اضربا، وكذلك: والله ليضربن زيداً. فإن وقفت قلت: لتضربا؛ كما قال: {لنسفعا بالناصية} ). [المقتضب: 3/ 17]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب: ما يكون حالاً
وفيه الألف واللام على خلاف ما تجري به الحال لعلةٍ دخلت
وذلك قولك: ادخلوا الأول فالأول، وادخلوا رجلاً رجلاً. تأويله: ادخلوا واحداً بعد واحد. فأما الأول فإنما انتصب على الحال وفيه الألف واللام؛ لأنه على غير معهود، فجريا مجرى سائر الزوائد. ألا ترى أنك لو قلت: الأول فالأول أتونا، لم يجز؛ لأنك لست تقصد إلى شيءٍ بعينه، ولو قلت: الرجال أتونا، كان جيداً. وإن شئت قلت: دخلوا الأول فالأول على البدل. كأنك قلت: دخل الأول فالأول. وكذلك لو قلت: دخلوا رجلٌ فرجلٌ، فأبدلت النكرة من المعرفة؛ كما قال الله عز وجل: {بالناصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ}. فإذا قلت: ادخلوا الأول فالأول، فلا سبيل عند أكثر النحويين إلى الرفع؛ لأن البدل لا يكون من المخاطب؛ لأنك لو قدرته بحذف الضمير لم يجز. فأما عيسى بن عمر فكان يجيزه، ويقول: معناه: ليدخل الأول فالأول، ولا أراه إلا جائزاً على المعنى؛ لأن قولك: ادخل إنما هو: لتدخل في المعنى.
وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فبذلك فلتفرحوا) فإذا قلت: ادخلوا الأول والآخر، والصغير، والكبير، فالرفع؛ لأن معناه: ادخلوا كلكم). [المقتضب: 3/ 271-272]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما المعرفة والنكرة. فإن أبدلت معرفة من نكرة قلت: مررت برجل زيد ومررت بذي مال أخيك. قال الله عز وجل: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله}. فهذا بدل المعرفة من النكرة.
وفي المعرفتين قوله: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم}.
وفي بدل النكرة من المعرفة قوله: مررت بزيد صاحب مال، ومررت بالرجل رجل صالح. قال الله عز وجل: {كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية}.
فأما المضمر والمظهر فكقولك: زيد مررت به أخيك. وتقول: رأيت زيداً إياه، وأخوك رأيته زيداً، والمضمران: رأيتك إياه. فهذا ضرب من البدل.
والضرب الآخر أن تبدل بعض الشيء منه؛ لتعلم ما قصدت له، وتبينه للسامع. وذلك قولهم: ضربت زيداً رأسه. أردت أن تبين موضع الضرب منه، فصار كقولك: ضربت رأس زيد.
ومنه: جاءني قومك أكثرهم. بينت من جاءك منهم. قال الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} من في موضع خفض؛ لأنه على من استطاع إليه سبيلاً.
ومن ذلك إلا أنه أعيد معه حرف الخفض: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}. كان أيضاً جيداً كالآية التي ذكرنا قبل. فهذان ضربان.
والضرب الثالث أن يكون المعنى محيطاً بغير الأول الذي سبق له الذكر لالتباسه بما بعده، فتبدل منه الثاني المقصود في الحقيقة. وذلك قولك: مالي بهم علم أمرهم، فأمرهم غيرهم. وإنما أراد: مالي بأمرهم علم. فقال: مالي بهم علم وهو يريد أمرهم. ومثل ذلك: أسألك عن عبد الله متصرفه في تجارته؛ لأن المسألة عن ذلك. قال الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} لأن المسألة عن القتال، ولم يسألوا أي الشهر الحرام? وقال: {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود} لأنهم أصحاب النار التي أوقدوها في الأخدود). [المقتضب: 4/ 295-297] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والبدل على أربعة أضرب: فواحد منها أن يبدل أحد الاسمين من الآخر إذا رجعا إلى واحد، ولا تبالي أمعرفتين كانا أم معرفة ونكرة، وتقول: مررت بأخيك زيد، لأن زيدًا رأسه. لما قلت: ضربت زيدًا، أردت أن تبين موضع الضرب منه.
فمثل الأول قول الله تبارك وتعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}. وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ}. و{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
ومثل البدل الثاني قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} «من» في موضع خفض، لأنها بدل من الناس، ومثله، إلا أنه أعيد حرف الخفض: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}.
والبدل الثالث مثل ما ذكرنا في البيت، أبدل: "شمائله" منه، وهي غيره، لاشتمال المعنى عليها، ونظير ذلك: أسألك عن زيد أمره. لأن السؤال عن الأمر وتقول على هذا: سلب زيد ثوبه، فالثوب غيره، ولكن به وقع السلب، كما وقعت المسألة عن خبر زيد، ونظير ذلك من القرآن: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}. لأن المسألة إنما كانت عن القتال: هل يكون في الشهر الحرام? وقال الشاعر وهو الأخطل:
إن السيوف غدوها ورواحها ....... تركت هوازن مثل قرن الأعضب
وبدل رابع، لا يكون مثله في القرآن ولا في الشعر، وهو أن يغلط المتكلم فيستدرك غلطه، أو ينسى فيذكر فيرجع إلى حقيقة ما يقصد له، وذلك قوله: مررت بالمسجد دار زيد، أراد أن يقول: مررت بدار زيد، فإما نسي، وإما غلط، فاستدرك فوضع الذي قصد له في موضع الذي غلط فيه). [الكامل: 2/ 905-907] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (
على مثله آتي الندي مخايلاً ....... وأغمز سرًا أي أمري أربح
الندي والنادي: المجلس والقوم يتنادون إذا تجالسوا وفلان ينادي فلانًا، قال الأعشى:
فتى لو ينادي الشمس ألقت قناعها ....... أو القمر الساري لألقى المقالدا
وهو من قول الله عز وجل: {وتأتون في ناديكم المنكر}، وقوله: {فليدع ناديه}، أي: أهل مجلسه). [شرح المفضليات: 497] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}

قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (قوله: زبنتنا الحرب وزبناها، أي دفعتنا ودفعناها، والزبن: الدفع، ومنه اشتقاق الزبانية، لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار، ومنه قيل: حرب زبون، قال الشاعر:
عدتني عن زيارتها العوادي ....... وحالت دونها حرب زبون).[الأمالي: 1/ 12]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (الناهي أبو جهلٍ، وأنّ العبد المصلّي محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقوله تعالى: {أرأيت} توقيفٌ، وهو فعلٌ لا يتعدّى إلى مفعولين، على حدّ الرؤية من العلم، بل يقتصر به). [المحرر الوجيز: 8/ 654]

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن كان}، يعني: العبد المصلّي). [المحرر الوجيز: 8/ 654]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)}

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن كذّب وتولّى}، يعني: الإنسان الذي ينهى). [المحرر الوجيز: 8/ 654]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ألم يعلم بأنّ اللّه يرى} إكمالٌ للتوبيخ والوعيد بحسب التوقيفات الثلاثة، يصلح مع كلّ واحدٍ منها، فجاء بها في نسقٍ، ثمّ جاء بالوعيد الكافي لجميعها اختصارًا واقتضابًا، ومع كلّ تقريرٍ من الثلاثة تكملةٌ مقدّرةٌ تتّسع العبارات فيها.
وقوله تعالى: {ألم يعلم} دالٌّ عليها مغنٍ.
ونسب تعالى الرؤية إلى اللّه تعالى بمعنى: يدرك أعمال الجميع بإدراكٍ سمّاه رؤيةً، واللّه تعالى منزّهٌ عن الجارحة، وغير ذلك من مماثلة المحدثات). [المحرر الوجيز: 8/ 654]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ توعّده تعالى - إن لم ينته - بأن يؤخذ بناصيته فيجرّ إلى جهنّم ذليلًا، تقول العرب: (سفعت بيدي ناصية الفرس والرجل). إذا جذبتها مذلّلًا له، قال عمرو بن معديكرب:
قومٌ إذا سمعوا الصّياح رأيتهم.......من بين ملجم مهره أو سافع
فالآية على نحو قوله تعالى: {فيؤخذ بالنّواصي والأقدام}.
وقال بعض العلماء: (لنسفعن) معناه: لنحرقن، من قولهم: (سفعته النار)، إذا أحرقته.
واكتفى بذكر الناصية؛ لدلالتها على الوجه والرأس، وجاء {لنسفعًا} في خطّ المصحف بألفٍ بدل النون.
وقرأ أبو عمرٍو في رواية هارون: (لنسفعنّ) ـ مثقّلة النون ـ وفي مصحف ابن مسعودٍ: (لأسفعنّ بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ فاجرةٍ). وقرأ أبو حيوة: (ناصيةً كاذبةً خاطئةً) بالنصب في الثلاثة، وروي عن الكسائيّ أنه قرأ بالرفع فيها كلّها.
و(الناصية) مقدّم شعر الرأس، ثمّ أبدل تعالى النكرة من المعرفة في قوله تعالى: {ناصيةٍ كاذبةٍ} ووصفها بالكذب والخطإ من حيث هي صفاتٌ لصاحبها، كما تقول: يدٌ سارقةٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 654-655]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فليدع ناديه} إشارةٌ إلى قول أبي جهلٍ: (وما بالوادي أعظم نديًّا منّي). والنادي والنّديّ: المجلس، ومنه: دار الندوة، ومنه قول زهيرٍ:
وفيهم مقاماتٌ حسانٌ وجوههم.......وأنديةٌ ينتابها القول والفعل
ومنه قول الأعرابيّة: (سيّد ناديه، وثمال عافيه).
و(الزّبانية) ملائكة العذاب، واحدهم (زبنيةٌ). وقال الكسائيّ: (زبنيٌّ). وقال عيسى بن عمرٍو الأخفش: (زابنٌ). وهم الذين يدفعون الناس في النار، والزّبن: الدّفع، ومنه (حربٌ زبونٌ) أي: تدفع الناس في نفسها، ومنه قول الشاعر:
ومستعجبٍ ممّا يرى من أناتنا.......ولو زبنته الحرب لم يترمرم
ومنه قول عتبة بن أبي سفيان: (وقد زبنتنا الحرب وزبنّاها، فنحن بنوها وهي أمّنا). ومنه قول الشاعر:
عدتني عن زيارتك العوادي.......وحالت بيننا حربٌ زبون
وحذفت الواو من {سندع} في خطّ المصحف اختصارًا وتخفيفًا، والمعنى: سندعو الزبانية لعذاب هذا الذي يدعو ناديه.
وقرأ ابن مسعودٍ: (فليدع إليّ ناديه) ). [المحرر الوجيز: 8/ 655-656]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {كلاّ} ردًّا على قول هذا الكافر وأفعاله، {لا تطعه} أي: لا تلتفت إلى نهيه وكلامه، {واسجد} لربّك، {واقترب} إليه بسجودك، وبالطاعة، وبالأعمال الصالحة.
وفي الحديث أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا سجد؛ فأكثروا من الدّعاء في السّجود؛ فقمنٌ أن يستجاب لكم».
وقاله مجاهدٌ، قال: ألم تسمعوا: {واسجد واقترب}؟!
وروى ابن وهبٍ، عن جماعةٍ من أهل العلم: أن قوله تعالى: {واسجد} خطابٌ لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنّ {واقترب} خطابٌ لأبي جهلٍ، أي: إن كنت تجترئ حتى ترى كيف تهلك.
وهذه السورة فيها سجدةٌ عند جماعةٍ من أهل العلم؛ منهم ابن وهبٍ من أصحاب مالكٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 656]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {أرأيت الّذي ينهى * عبداً إذا صلّى} نزلت في أبي جهلٍ لعنه الله، توعّد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الصلاة عند البيت، فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولاً فقال: {أرأيت إن كان على الهدى} أي: فما ظنّك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله {أو أمر بالتّقوى} بقوله وأنت تزجره وتتوعّده على صلاته. ولهذا قال: {ألم يعلم بأنّ الله يرى} أي: أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أنّ الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتمّ الجزاء؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 438]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى متوعّداً ومتهدّداً: {كلاّ لئن لم ينته} أي: لئن لم يرجع عمّا هو فيه من الشّقاق والعناد {لنسفعاً بالنّاصية} أي: لنسمنّها سواداً يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 438]

تفسير قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ} يعني: ناصية أبي جهلٍ كاذبةٌ في مقالها، خاطئةٌ في فعالها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 438]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فليدع ناديه} أي: قومه وعشيرته، أي: ليدعهم يستنصر بهم.
{سندع الزّبانية} وهم ملائكة العذاب، حتى يعلم من يغلب: أحزبنا أو حزبه؟
قال البخاريّ: حدّثنا يحيى، حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: قال أبو جهلٍ: لئن رأيت محمداً يصلّي عند الكعبة لأطأنّ على عنقه. فبلغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لئن فعل لأخذته الملائكة». ثمّ قال: تابعه عمرو بن خالدٍ، عن عبيد الله - يعني: ابن عمرٍو - عن عبد الكريم.
وكذا رواه التّرمذيّ والنّسائيّ في تفسيريهما، من طريق عبد الرزّاق به، وهكذا رواه ابن جريرٍ، عن أبي كريبٍ، عن زكريّا بن عديٍّ، عن عبيد الله بن عمرٍو به.
وروى أحمد، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن جريرٍ، وهذا لفظه، من طريق داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي عند المقام، فمرّ به أبو جهل بن هشامٍ، فقال: يا محمّد، ألم أنهك عن هذا. وتوعّده، فأغلظ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وانتهره، فقال: يا محمد، بأيّ شيءٍ تهدّدني، أما والله إنّي لأكثر هذا الوادي نادياً. فأنزل الله: {فليدع ناديه * سندع الزّبانية}». قال ابن عبّاسٍ: «لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته». وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدّثنا إسماعيل بن يزيد أبو يزيد، حدّثنا فراتٌ، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال أبو جهلٍ: «لئن رأيت رسول الله يصلّي عند الكعبة لآتينّه حتّى أطأ على عنقه. قال: فقال: لو فعل لأخذته الملائكة عياناً، ولو أنّ اليهود تمنّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لرجعوا لا يجدون مالاً ولا أهلاً».
وقال ابن جريرٍ أيضاً: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يحيى بن واضحٍ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن الوليد بن العيزار، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال أبو جهلٍ: لئن عاد محمدٌ يصلّي عند المقام لأقتلنّه. فأنزل الله عزّ وجلّ: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} حتى بلغ هذه الآية: {لنسفعاً بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ * فليدع ناديه * سندع الزّبانية}. فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي، فقيل: ما يمنعك؟ قال: قد اسودّ ما بيني وبينه من الكتائب.
قال ابن عبّاسٍ: «والله لو تحرّك لأخذته الملائكة، والناس ينظرون إليه».
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا المعتمر، عن أبيه، حدّثنا نعيم بن أبي هندٍ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهلٍ: هل يعفّر محمدٌ وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم. قال: فقال: واللاّت والعزّى، لئن رأيته يصلّي كذلك لأطأنّ على رقبته، ولأعفّرنّ وجهه في التراب. فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم منه إلاّ وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيديه. قال: فقيل له: مالك؟ فقال: إنّ بيني وبينه خندقاً من نارٍ وهولاً وأجنحةً. قال: فقال رسول الله:«لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضواً عضواً». قال: وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة، أم لا-: {كلاّ إنّ الإنسان ليطغى} إلى آخر السورة.
وقد رواه أحمد بن حنبلٍ، ومسلمٌ، والنّسائيّ، وابن أبي حاتمٍ من حديث معتمر بن سليمان به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 438-439]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ لا تطعه} يعني: يا محمد، لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها، وصلّ حيث شئت، ولا تباله؛ فإنّ الله حافظك وناصرك، وهو يعصمك من الناس {واسجد واقترب} كما ثبت في الصحيح عند مسلمٍ من طريق عبد الله بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزيّة، عن سميٍّ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدّعاء».
وتقدّم أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يسجد في {إذا السّماء انشقّت} و {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق}).
[تفسير القرآن العظيم: 8/ 439-440]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة