مسألة: في ترك خلط سورة بسورة
حديث أبو بكر رضي الله عنه: {...فقال: «اقرأ السورة على وجهها أو قال: على نحوها»...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر وهو يخافت، ومر بعمر وهو يجهر، ومر ببلال, وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة.
فقال لأبي بكر: «مررت بك وأنت تخافت».
فقال: إني أسمع من أناجي.
قال: «ارفع شيئا».
وقال لعمر: «مررت بك , وأنت تجهر».
قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان.
فقال: «اخفض شيئا».
وقال لبلال: «مررت بك , وأنت تقرأ من هذه السورة , ومن هذه السورة».
فقال: اخلط الطيب بالطيب.
فقال: «اقرأ السورة على وجهها أو قال: على نحوها».
حدثنا حجاج، عن ليث بن سعد، عن عمر مولى عفرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مر بأبي بكر وعمر وبلال مثل ذلك. إلا أنه قال لبلال: «إذا قرأت السورة فأنفدها».).[فضائل القرآن: ](م)
أثر خالد بن الوليد :{... فقرأ من سور شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: «شغلني الجهاد عن تعلم القرآن»...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا أبو نعيم، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، قال: حدثني رجل، أثق به قال: أم الناس خالد بن الوليد بالحيرة, فقرأ من سور شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: «شغلني الجهاد عن تعلم القرآن».).[فضائل القرآن: ](م)
أثر ابن سيرين رضي الله عنه: {...سألت ابن سيرين عن الرجل، يقرأ من السورة آيتين، ثم يدعها ويأخذ في غيرها، ثم يدعها...}قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): ( حدثنا معاذ، عن ابن عون، قال: سألت ابن سيرين عن الرجل، يقرأ من السورة آيتين، ثم يدعها ويأخذ في غيرها، ثم يدعها ويأخذ في غيرها، فقال: «ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا, وهو لا يشعر».).[فضائل القرآن: ](م)
أثر ابن مسعود رضي الله عنه: {...«إذا ابتدأت في سورة فأردت أن تحول منها إلى غيرها فتحول...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا علي بن عابس، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: «إذا ابتدأت في سورة فأردت أن تحول منها إلى غيرها فتحول، إلا {قل هو الله أحد} فإذا ابتدأت فيها فلا تحول منها حتى تختمها») [فضائل القرآن: ](م)
أثر عبد الله بن هذيل: {فقال: ((اقرأ السورة على وجهها)).}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وعن سعيد بن المسيب: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يخافت، ومر بعمر وهو يجهر، ومر ببلال رحمة الله عليهم وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال لأبي بكر: ((مررت بك وأنت تخافت)).. فقال: إني أسمع من أناجي، فقال: ((ارفع شيئا)). وقال لعمر: ((مررت بك وأنت تجهر)).. فقال: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فقال: ((اخفض شيئا)). وقال لبلال: ((مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة))... فقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال: ((اقرأ السورة على وجهها)).).[جمال القراء:1/98](م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (قال أبو عبيدة: وحدثنا حجاج عن الليث بن سعد عن عمر مولى عفرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، مر بأبي بكر وعمر وبلال مثل ذلك، إلا أنه قال لبلال: ((إذا قرأت السورة فأنفذها)). ) [جمال القراء:1/98](م)
أثر بن سيرين: {...وسئل عمن يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها، ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وكان ابن سيرين رحمه الله يكره أن يقرأ الرجل القرآن إلا كما أنزل، ويكره أن يقرأ ثم يتكلم ثم يقرأ. وسئل عمن يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها، ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها ويأخذ في غيرها فقال: ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر.) [جمال القراء:1/98](م)
أثر عبد الله بن المغفل : {...«كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية , ويدعوا بعضها»...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) : (حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: «كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية , ويدعوا بعضها».
قال أبو عبيد: الأمر عندنا على الكراهة لقراءة هذه الآيات المختلفة , كما أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على بلال، وكما اعتذر خالد من فعله، ولكراهة ابن سيرين له.
وأما حديث عبد الله , فإنما وجهه عندي على أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها، ثم يبدو له في أخرى، فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية وترك التأليف لآي القرآن فليس هذا عندنا من فعل أهل العلم، إنما يفعله الأحداث ومن لا علم له؛ لأن الله لو شاء لأنزله على ذلك، أو لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. على أن حجاجا حدثنا عن ابن جريج، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وبلال مثل الحديث الذي ذكرناه عنهم.
إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ذلك حسن».
قال أبو عبيد: وذلك أثبت عندي لأنه أشبه بفعل العلماء.) [فضائل القرآن: ](م)
كلام الزركشى: {...عد الحليمي من الآداب ترك خلط سورة بسورة... }
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (النوع التاسع والعشرون: في آداب تلاوته وكيفيتها
عد الحليمي من الآداب ترك خلط سورة بسورة وذكر الحديث الآتي.
قال البيهقي: وأحسن ما يحتج به أن يقال إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذه عن جبريل فالأولى بالقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول المجتمع عليه.
وقد قال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم.
ونقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة.
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبى هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بأبي بكر وهو يقرأ يخفض صوته وبعمر يجهر بصوته وذكر الحديث وفيه فقال: ((وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة فقال كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض فقال كلكم قد أصاب)).
وفي رواية لأبي عبيد في فضائل القرآن قال: ((بلال أخلط الطيب بالطيب فقال اقرأ السورة على وجهها)) أو قال: ((على نحوها)) وهذه زيادة مليحة وفي رواية: ((إذا قرأت السورة فأنفذها)).
وروى عن خالد بن الوليد أنه أم الناس فقرأ من سور شتى ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: شغلني الجهاد عن تعلم القرآن.
وروى المنع عن ابن سيرين ثم قال أبو عبيد الأمر عندنا على الكراهة في قراءة القراء هذه الآيات المختلفة كما أنكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بلال وكما اعتذر خالد عن فعله ولكراهة ابن سيرين له ثم قال إن بعضهم روى حديث بلال وفيه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كل ذلك حسن)) وهو أثبت وأشبه بنقل العلماء، انتهى.
ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وزاد: ((مثل بلال كمثل نحلة غدت تأكل من الحلو والمر ثم يصير حلوا كله))
قال: وإنما شبهه بالنحلة في ذلك لأنها تأكل من الثمرات حلوها وحامضها ورطبها ويابسها وحارها وباردها فتخرج هذا الشفاء وليست كغيرها من الطير تقتصر على الحلو فقط لحظ شهوته فلا جرم أعاضها الله الشفاء فيما تلقيه كقوله: ((عليكم بألبان البقرة فإنها ترم من كل الشجر)) فتأكل، فبلال رضي الله عنه كان يقصد آيات الرحمة وصفات الجنة فأمره أن يقرأ السورة على نحوها كما جاءت ممتزجة كما أنزل الله تعالى فإنه أعلم بدواء العباد وحاجتهم ولو شاء لصنفها أصنافا وكل صنف على حدة ولكنه مزجها لتصل القلوب بنظام لا يمل قال: ولقد أذهلني يوما قوله تعالى {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ}فقلت: يا لطيف عملت أن قلوب أوليائك الذين يعقلون هذه الأوصاف عنك وتتراءى لهم تلك الأهوال لا تتمالك فلطفت بهم فنسبت{الْمُلْكُ} إلى أعم اسم في الرحمة فقلت {الرَّحْمَنِ} ليلاقي هذا الاسم تلك القلوب التي يحل بها الهول فيمازج تلك الأهوال ولو كان بدله اسما آخر من عزيز وجبار لتفطرت القلوب فكان بلال يقصد لما تطيب به النفوس فأمره أن يقرأ على نظام رب العالمين فهو أعلم بالشفاء). [البرهان في علوم القرآن:1/449-480](م)
كلام السيوطى: {...وأما خلط سورة بسورة فعد الحليمي تركه من الآداب...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):(النوع الخامس والثلاثون
وأما خلط سورة بسورة فعد الحليمي تركه من الآداب لما أخرجه أبو عبيد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة فقال: ((يا بلال مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة)) قال: خلطت الطيب بالطيب فقال: ((اقرأ السورة على وجهها)) أو قال: ((على نحوها)) مرسل صحيح وهو عند أبي داود موصول عن أبي هريرة بدون آخره، وأخرجه أبو عبيد من وجه آخر عن عمر مولى غفرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ((إذا قرأت السورة فأنفذها)).
وقال: ثنا معاذ عن ابن عون قال: سألت ابن سيرين عن الرجل يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها ويأخذ في غيرها وقال: ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر.
وأخرج عن ابن مسعود قال: إذا ابتدأت في سورة فأردت أن تتحول منها إلى غيرها فتحول إلى {قل هو الله أحد} فإذا ابتدأت فيها فلا تتحول منها حتى تختمها.
وأخرج عن ابن أبي الهذيل قال: كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويدعوا بعضها.
قال أبو عبيد الأمر عندنا على كراهة قراءة الآيات المختلفة كما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال وكما كرهه ابن سيرين
وأما حديث عبد الله فوجهه عندي أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها ثم يبدو له في أخرى فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية وترك التأليف لآي القرآن فإنما يفعله من لا علم له لأن الله لو شاء لأنزله على ذلك. انتهى.
وقد نقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة.
قال البيهقي وأحسن ما يحتج به أن يقال إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه عن جبريل فالأولى للقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول وقد قال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم. ) [الإتقان في علوم القرآن:2/657-727](م)