جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي يوسف المعافري، أن حنش بن عبد الله حدثه أن كعب الأحبار قال: إن اقتحام عقبة في كتاب الله سبعون درجة في الجنة). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 74]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي يوسف شعيب بن زرعة المعافري أن حنش بن عبد الله حدثه أن كعبا قال: اقتحام العقبة في كتاب الله سبعون درجة في جهنم). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 117]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {فلا أقتحم العقبة}؛ قال: النار عقبة دون الجنة، قال: {فلا أقتحم العقبة}؛ وما أدراك ما العقبة ثم أخبر عن اقتحامها، قال: فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 374-375]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة، عن عمار الدهني، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، في قوله تعالى: سأرهقه صعودا، قال: صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت وإذا رفعوها عادت فاقتحامها فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 375]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة، عن ابن عمر، قال: {فلا اقتحم العقبة} قال: جبلٌ زلالٌ في جهنّم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 196]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {فلا اقتحم العقبة}: فلم يقتحم العقبة في الدّنيا). [صحيح البخاري: 6 / 169]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {يُقَالُ}: فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ: فلَمْ يَقتَحِمِ العَقَبَةَ في الدُّنيَا ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فقالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}؛ قَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ: عَن مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ قَالَ: للنَّارِ عَقَبةٌ دُونَ الجَنَّةِ فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ، ثُمَّ أخبرَ عَنِ اقْتِحَامِها فقالَ: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ.
وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ: {فَلاَ اقْتَحَمَ العَقبةَ} إلخ بِلَفظِ الأصلِ، وَزَادَ بعدَ قولِهِ: مَسْغَبَةٍ مجاعةٍ: ذَا مَتْرَبَةٍ قد لَزِقَ بالتُّرابِ). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( يُقَالُ: فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أوْ إطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}
لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْغَبَةَ وَالْمَتْرَبَةَ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُفْعَلُ بِذِي مَسْغَبَةٍ وَبِذِي مَتْرَبَةٍ، فَقَالَ: فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا يَعْنِي فَلَمْ يُجَاوِزْ هَذَا الإِنْسَانُ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا فَيَأْمَنَ، وَالاقْتِحَامُ الدُّخُولُ وَالْمَجَاوَزَةُ بِشِّدَّةٍ وَمَشَقَّةٍ، ثُمَّ عَظَّمَ أَمْرَ الْعَقَبَةِ فأَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} وَكُلُّ شَيْءٍ قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ، وَمَا قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ). [عمدة القاري: 19/ 292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (يُقَالُ: فلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فَلَمْ يَقْتَحِمِ الْعَقَبَةَ، فلم يُجَاوِزْهَا في الدُّنْيَا لِيَأْمَنَ). [إرشاد الساري: 7/ 419]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمْ يَرْكَب العَقَبَةَ فيَقْطَعَهَا ويَجُوزَهَا.
وذُكِرَ أنَّ العَقَبَة جَبَلٌ في جَهَنَّمَ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عمرُ بنُ إسماعيلَ بنِ مُجَالِدٍ قالَ: ثَنَا عبدُ اللَّهِ بنُ إِدْرِيسَ، عنْ أبيهِ، عنْ عَطِيَّةَ، عن ابنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}: قال: جبلٌ في جَهَنَّمَ أَزَلُّ.
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ كَثيرٍ قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عنْ أبي رَجَاءٍ، عن الحَسَنِ في قَوْلِه عزَّ وجلَّ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، قالَ: عَقَبَةٌ في جَهَنَّمَ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عنْ أبي رجاءٍ، عن الحَسَنِ في قَوْلِهِ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، قالَ: جَهَنَّمَ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، إنَّها قَحْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَاقْتَحِمُوها بطَاعَةِ اللَّهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ في قوله عزَّ وجلَّ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، قالَ: النَّارُ عَقَبَةٌ دونَ الجِسْرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا وَهْبُ بنُ جَريرٍ قالَ: ثَنَا أبي قالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أيُّوبَ يُحَدِّثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حَبِيبٍ، عنْ شُعَيْبِ عن زُرْعَةَ، عنْ حَنَشٍ، عنْ كَعْبٍ أنَّهُ قالَ: {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ}، قالَ: هي سبعونَ دَرَجَةً في جَهَنَّمَ.
وأَفْرَدَ قَوْلَهُ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} بذِكْرِ (لا) مَرَّةً واحِدَةً، والعرَبُ لا تَكادُ تُفْرِدُها في كلامٍ في مثلِ هذا الموْضِعِ حتَّى يُكَرِّرَوها معَ كلامٍ آخَرَ، كما قيل: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى}، وَ{لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وإِنَّما فَعَل ذلكَ كذلكَ في هذا المَوْضِعِ؛ اسْتِغْناءً بدلالَةِ آخِرِ الكلامِ على معناهُ منْ إِعَادَتِها مَرَّةً أُخْرَى، وذلكَ قولُهُ: إِذْ فَسَّرَ اقْتِحَامَ العَقَبَةِ، فقالَ: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}، ففَسَّرَ ذلكَ بأشياءَ ثلاثَةٍ، فكانَ كَأَنَّهُ في أوَّلِ الكلامِ قالَ: فلا فَعَلَ ذَا ولا ذَا ولا ذَا.
وتَأَوَّلَ ذلكَ ابنُ زَيْدٍ بمعنَى: أفَلا. ومَنْ تَأَوَّلَهُ كذلكَ لمْ تكُنْ بهِ حاجَةٌ إلى أنْ يَزْعُمَ أنَّ في الكلامِ مَتْرُوكاً.
ذِكْرُ الخَبَرِ بذلِكَ عن ابنِ زَيْدٍ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، وقَرَأَ قوْلَ اللَّهِ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}، قالَ: أفَلا سَلَكَ الطريقَ التي فيها النجاةُ والخيرُ، ثمَّ قرأ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}؟). [جامع البيان: 24/ 419-421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عُمَرَ في قولَِه: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: جَبَلٌ زَلاَّلٌ في جَهَنَّمَ.
- وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ عن الحسنِ مثلَه). [الدر المنثور: 15/ 444-445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: {العقبةُ}: النارُ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ ، قالَ: للنارِ عَقَبَةٌ دونَ الجنَّةِ واقْتِحَامُها {فَكُّ رَقَبَةٍ} الآيةَ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابن جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي رَجَاءٍ ، قالَ: بَلَغَنِي أنَّ العَقَبَةَ التي ذَكَرَ اللَّهُ في كتابِه مَطْلَعُها سَبْعَةُ آلافِ سَنَةٍ، ومَهْبِطُها سَبْعَةُ آلافِ سنةٍ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: عَقَبَةٌ بينَ الجنةِ والنارِ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن أبي صالحٍ : {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: عقبةٌ بينَ الجنةِ والنارِ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن كعبِ الأَحْبَارِ، قالَ: العقبةُ: سبعونَ دَرَجَةً فِي جهنَّمَ). [الدر المنثور: 15/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ زيدٍ:{فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: ألاَ سَلَكَ الطريقَ التي فيها النجاةُ والخيرُ). [الدر المنثور: 15/ 445-446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن الحَسَنِ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: جَهَنَّمُ، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}؟ قالَ: ذُكِرَ لنا أنَّه ليسَ مِن رجلٍ مسلمٍ يَعْتِقُ رقبةً مسلمةً إلاَّ كانَتْ فِدَاءَه مِن النارِ). [الدر المنثور: 15/ 446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكِمُ وأبو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدَّرْدَاءِ ، سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يقولُ: «إِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً، لاَ يَجُوزُهَا الْمُثْقَلُونَ فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَخَفَّفَ لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ» ). [الدر المنثور: 15/ 446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحَاكِمُ وصَحَّحَه وابنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِه، عن عائشةَ، قالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قِيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، ما عندَ أَحَدِنَا ما يَعْتِقُ إلاَّ عندَ أَحَدِنا الجاريةُ السوداءُ تَخْدِمُه وتَنُوءُ عليه، فلو أَمَرْنَاهُنَّ بالزِّنَا فزَنَيْنَ، فجِئْنَ بالأولادِ فأَعْتَقْنَاهُمْ. فقالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «لأَنْ أُمَتَّعَ بِسَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آمُرَ بِالزِّنَا، ثُمَّ أَعْتِقَ الْوَلَدَ» ). [الدر المنثور: 15/ 446-447]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وأيُّ شيءٍ أشْعَرَكَ يا مُحَمَّدُ ما العَقَبَةُ؟). [جامع البيان: 24 / 422]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ثُمَّ عَظَّمَ أَمْرَ الْعَقَبَةِ فأَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} وَكُلُّ شَيْءٍ قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ، وَمَا قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ). [عمدة القاري: 19 / 292] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن الحَسَنِ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}؛ قالَ: جَهَنَّمُ، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}؟ قالَ: ذُكِرَ لنا أنَّه ليسَ مِن رجلٍ مسلمٍ يَعْتِقُ رقبةً مسلمةً إلاَّ كانَتْ فِدَاءَه مِن النارِ). [الدر المنثور: 15/ 446] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ : {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}؟ ثم أخْبَرَ عن اقْتِحَامِها فقالَ:{فَكُّ رَقَبَةٍ}؛ ذُكِرَ لنا أن نبيَّ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] سُئِلَ عن الرِّقابِ أيُّها أعْظَمُ أجراً؟ قالَ: «أَكْثَرُها ثَمَناً» ). [الدر المنثور: 15 / 446]
تفسير قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)}
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني أنه حدثه، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: إن صعودًا صخرة في جهنم، إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت، فإذا رفعوها عادت، اقتحامها: {فك رقبة * أو إطعام في يومٍ ذي مسغبة} [سورة البلد: 13- 14] ).[الزهد لابن المبارك: 2/ 600-601]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال مجاهد في قوله: {ذي مسغبةٍ}، قال: ذي مجاعة). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 22]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مسغبةٍ}: مجاعةٍ).[صحيح البخاري: 6 / 169]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {مَسغَبةٍ}: مَجَاعةٍ. وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ عن مُجَاهِدٍ بِلَفظِ: جُوعٍ. ومِن وجهٍ آخَرَ عن مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ذي مَجاعةٍ.
- وأَخرَجَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ كذلك، ومِن طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: يَوْمٍ يُشْتَهَى فِيه الطعامُ). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأَخرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنصورٍ من طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: إنَّ منَ المُوجِباتِ إِطعامُ المؤمنِ السَّغبانِ). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (تنبيهٌ
قَرَأَ فَكَّ وأَطعَمَ بالفِعلِ الماضِي فِيهِمَا ابنُ كَثِيرٍ وأَبُو عَمْرٍو والكِسَائِيُّ، وقَرَأَ باقِي السَّبعةِ فَكُّ بضَمِّ الكافِ والإضافةِ، وإِطعَامٌ عَطفًا عَلَيْها). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (تنبيهٌ
لم يَذْكُرْ في سُورَةَ البَلَدِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، ويَدْخُلُ فيها حَدِيثُ البَرَاءِ قَالَ: جاءَ أَعْرَابِيٌّ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، عَلِّمْنِي عَمَلاً يُدخِلُنِي الجَنَّةَ. قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ المَسْأَلَةَ، أَعتِقِ النَّسَمَةَ أو فُكَّ الرَّقبةَ». قَالَ: أَوَلَيسَتَا بِوَاحِدَةٍ ؟! قَالَ: «لاَ؛ إنَّ عِتْقَ النَّسَمَةِ أَنْ تَنْفَرِدَ بعِتقِها، وفَكَّ الرَّقبةِ أنْ تُعينَ في عِتقِهَا». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وابنُ مَرْدَوَيهِ من طَرِيقِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْسَجَةَ عنه، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ). [فتح الباري: 8 / 704] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله: {في يوم ذي مسغبة}؛ قال: جوع
وفي قوله: {ذا متربة}؛ قال: المطروح في التّراب ليس له بيت
وقد روي عن مجاهد ،عن ابن عبّاس الجملتان الأخيرتان فقال الفريابيّ: ثنا قيس، عن عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله: {يوم ذي مسغبة}؛ قال: مجاعة
- وأخبرني فرج بن عبد الله كتابة أن مولاة عبد الله بن الحسن أخبره، عن عبد الرّحمن بن مكي، أنا السلفي، أنا أبو الخطاب بن البطر، أنا عمر بن أحمد العكبري، أنا محمّد بن يحيى بن عمر بن علّي بن حرب، أنا جدي، ثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن ابن عبّاس {أو مسكينا ذا متربة}؛ وقال: هو الّذي ليس بينه وبين الأرض شيء هذا إسناد صحيح). [تغليق التعليق: 4 / 368-369]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {مَسْغَبَةٍ}: مَجَاعَةٍ)
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} أَيْ مَجَاعَةٍ). [عمدة القاري: 19 / 292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {مَسْغَبَةٍ} أي: (مَجَاعَةٍ) وَالسَّغَبُ الْجُوعُ). [إرشاد الساري: 7 / 419]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ثمّ فسّر {العقبة} ، فقال: {وما أدراك ما العقبة (12) فكّ رقبةٍ (13) أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبةٍ} [البلد: 13]). [صحيح البخاري: 6 / 169]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (يُقَالُ: فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ: فلَمْ يَقتَحِمِ العَقَبَةَ في الدُّنيَا ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فقالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}) قَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ: عَن مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ قَالَ: للنَّارِ عَقَبةٌ دُونَ الجَنَّةِ فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ، ثُمَّ أخبرَ عَنِ اقْتِحَامِها فقالَ: {فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}.
وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ: {فَلاَ اقْتَحَمَ العَقبةَ} إلخ بِلَفظِ الأصلِ، وَزَادَ بعدَ قولِهِ: {مَسْغَبَةٍ} مجاعةٍ: {ذَا مَتْرَبَةٍ} قد لَزِقَ بالتُّرابِ). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (يُقَالُ: فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أوْ إطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ})
لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْغَبَةَ وَالْمَتْرَبَةَ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُفْعَلُ بِذِي مَسْغَبَةٍ وَبِذِي مَتْرَبَةٍ، فَقَالَ: فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا يَعْنِي فَلَمْ يُجَاوِزْ هَذَا الإِنْسَانُ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا فَيَأْمَنَ، وَالاقْتِحَامُ الدُّخُولُ وَالْمَجَاوَزَةُ بِشِّدَّةٍ وَمَشَقَّةٍ، ثُمَّ عَظَّمَ أَمْرَ الْعَقَبَةِ فأَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} وَكُلُّ شَيْءٍ قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ، وَمَا قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ. ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ بِقَوْلِهِ: {فَكُّ رَقَبَةٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {مَتْرَبَةٍ} وَشَبَّهَ عِظَمَ الذُّنُوبِ وَثِقَلَهَا عَلَى مُرْتَكِبِهَا بِعَقَبَةٍ فَإِذَا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ مَنِ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ الَّتِي هِيَ الذُّنُوبُ حَتَّى تَذْهَبَ وَتَذُوبَ كَمَنْ يَقْتَحِمُ عَقَبَةً فَيَسْتَوِي عَلَيْهَا وَيَجُوزُهَا. وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ هَذِهِ الْعَقَبَةَ جَبَلٌ فِي جَهَنَّمَ. وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: هِيَ عَقَبَةٌ فِي النَّارِ دُونَ الْجِسْرِ، فَاقْتَحِمُوهَا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى. وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَالْكَلْبِيِّ: هِيَ الصِّرَاطُ يُضْرَبُ عَلَى جَهَنَّمَ كَحَدِّ السَّيْفِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ آلاَفِ سَنَةٍ سَهْلاً وَصُعُودًا وَهُبُوطًا وَأَنَّ بِجَنْبَيْهِ كَلاَلِيبَ وَخَطَاطِيفَ كَشَوْكِ السَّعْدَانِ. وَعَنْ كَعْبٍ هِيَ سَبْعُونَ دَرَكَةً فِي جَهَنَّمَ.
قَوْلُهُ: {فَكُّ رَقَبَةٍ} بَدَلاً مِنِ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أَوْ إِطْعَامٌ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبةُ} جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَمَعْنَى فَكُّ رَقَبَةٍ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنَ النَّارِ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ: فَكُّ رَقَبَةٍ مِنَ الذُّنُوبِ بِالتَّوْبَةِ.
قَوْلُهُ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} مَجَاعَةٍ، {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} أَيْ: ذَا قَرَابَةٍ وَمِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ قَدْ لَصِقَ بِالتُّرَابِ مِنَ الْفَقْرِ فَلَيْسَ لَهُ مَأْوًى إِلاَّ التُّرَابَ، وَالْمَسْغَبَةُ وَالْمَقْرَبَةُ وَالْمَتْرَبَةُ مَفْعَلاَتٌ مِنْ سَغِبَ إِذَا جَاعَ وَقَرُبَ فِي النَّسَبِ وَتَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ. وقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالكِسَائِيُّ: فَكَّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَأَطْعَمَ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْفِعْلِ كقَوْلِهِ {ثُمَّ كَانَ} وَالْبَاقُونَ بِالإِضَافَةِ عَلَى الاسْمِ). [عمدة القاري: 19 / 292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ} أي: أَعْلَمَكَ {مَا الْعَقَبَةُ} التي يَقْتَحِمُهَا، وبيَّنَ سَبَبَ جَوَازِهَا بِقَوْلِهِ: {فَكُّ رَقَبَةٍ} بِرَفْعِ الْكَافِ على إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ أي: هو فَكُّ، وَخَفْضُ رَقَبَةٍ بالإضافَةِ مِن الرِّقِّ بإِعْتَاقِهَا، {أَوْ إِطْعَامٌ} بهمزةٍ مكسورةٍ وألِفٍ بعد الْعَيْنِ وَرَفْعِ مِيمِ إطعامٍ مُنَوَّنًا، وقراءةُ ابْنِ كَثِيرٍ وأَبِي عَمْرٍو والْكِسَائِيِّ (فَكَّ) بفَتْحِ الكافِ فِعْلاً ماضيًا (رَقَبَةً) نَصَبَ أَطْعَمَ فِعْلاً مَاضِيًا أَيْضًا {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} مجاعةٍ، وهذا تنبيهٌ على أن النَّفْسَ لا تُوَافِقُ صاحِبَهَا في الإنفاقِ لوجْهِ اللَّهِ تَعَالَى الْبَتَّةَ، فلا بُدَّ من التَّكَلُّفِ وَحَمْلِ الْمَشَقَّةِ على النَّفْسِ، والَّذِي يُوَافِقُ النَّفْسَ هو الافتخارُ والْمُرَاءَاةُ، فكأنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هذا المثَلَ بإِزَاءِ ما قَالَ: {أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا} والمرادُ بيانُ الإنفاقِ المفيدِ، وأنَّ ذلك الإنفاقَ مُضِرٌّ، قَالَهُ صاحبُ الفرائِدِ فيما حَكَاهُ في فُتُوحِ الْغَيْبِ). [إرشاد الساري: 7 / 419]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لهُ ما العَقَبَةُ؟ وما النجاةُ مِنها؟ وما وجْهُ اقْتِحامِها؟ فقالَ: اقْتِحَامُها وَقَطْعُها فكُّ رَقَبَةٍ مِن الرِّقِّ وأَسْرِ العُبُودِيَةِ.
- كما حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عنْ أبي رجاءٍ، عن الحَسَنِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ}، قالَ: ذُكِرَ لنا أنَّهُ ليسَ مسلمٌ يَعْتِقُ رَقَبَةً مُسْلِمَةً إلاَّ كانَت فِداءَهُ مِن النارِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ}، ذُكِرَ لنا أنَّ نبيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن الرِّقَابِ أيُّها أعْظَمُ أجْراً؟ قالَ: «أَكْثَرُهَا ثَمَناً».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ قالَ: ثَنَا سالِمُ بنُ أبي الجَعْدِ، عنْ مَعْدَانَ بنِ أبي طَلْحَةَ، عنْ أبي نَجِيحٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلاً مُسْلِماً، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلُ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ عَظْماً مِنْ عِظَامٍ مُحَرِّرِهِ مِنَ النَّارِ. وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلُ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْماً مِنْ عِظَامِ مُحَرِّرِهَا مِنَ النَّارِ».
- حدَّثنا بِشرٌ قال: ثَنا يَزيدُ, قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، عنْ قَيْسٍ الجُذَامِيِّ، عنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}، ثُمَّ أَخْبَرَ عَن اقْتِحَامِها فقالَ: (فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ أَطْعَمَ).
و اخْتَلَفَت القرأةُ في قراءَةِ ذلكَ؛ فقَرَأَهُ بعضُ قرأةِ مَكَّةَ و عامَّةُ قرأةِ البَصْرَةِ، غير ابنِ أبي إسحاقٍ، ومِن الكُوفِيِّينَ الكِسَائِيُّ: (فَكَّ رَقَبَةً أَوْ أَطْعَمَ)+.
وكانَ أبو عَمْرِو بنُ العَلاءِ يَحْتَجُّ فيما بلَغَنِي فيهِ بقولِهِ: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}، كأنَّ معنَاهُ كانَ عِندَهُ: فلا فَكَّ رَقَبَةٍ، ولا أَطْعَمَ، ثمَّ كانَ مِن الذينَ آمَنُوا.
وقَرَأَ ذلكَ عامَّةُ قرأةِ المدينَةِ والكوفةِ والشأْمِ: {فَكُّ رَقَبَةٍ} على الإِضَافَةِ، {أَوْ إِطْعَامٌ} على وَجْهِ المَصْدَرِ.
والصوابُ مِن القَوْلِ في ذَلِكَ: أَنَّهُمَا قراءَتانِ مَعْرُوفتانِ، قدْ قَرَأَ بكلِّ واحِدَةٍ مِنهما علماءٌ مِن القرأةِ، وتأويلٌ مفهومٌ، فبأيَّتِهِما قرَأَ القارِئُ فمُصِيبٌ.
فقراءَتُهُ إذا قُرِئَ على وَجْهِ الفعلِ تأويلُهُ: فلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ، لا فَكَّ رَقَبَةً، ولا أَطْعَمَ، ثمَّ كانَ مِن الذينَ آمنُوا، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ} على التعجُّبِ والتعظيمِ.
وهذهِ القراءَةُ أحْسَنُ مَخْرجاً في العربيَّةِ؛ لأنَّ الإطعامَ اسمٌ، وقولَهُ: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} فِعْلٌ، والعرَبُ تُؤْثِرُ رَدَّ الأسماءِ على الأسماءِ مِثْلِها، والأفعالِ على الأفعالِ، ولوْ كانَ مَجِيءُ التنزيلِ: ثمَّ إنْ كانَ مِن الذينَ آمَنُوا، كانَ أَحْسَنَ وأَشْبَهَ بالإطعامِ والفَكِّ مِنْ: ثُمَّ كَانَ.
ولذلكَ قُلْتُ: (فَكَّ رَقَبَةً أَوْ أَطْعَمَ) أَوْجَهُ في العَرَبِيَّةِ مِن الآخَرِ، وإنْ كانَ للآخَرِ وَجْهٌ مَعْرُوفٌ، ووجْهُهُ: أَنْ تُضْمَرَ فيه (أَنْ) ثمَّ تُلْقَى، كما قالَ طَرَفَةُ بنُ العَبْدِ:
ألا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُر الوَغَى.......وأنْ أَشْهَدَ اللَّذَاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
بمعنى: أَلا أَيُّهَذَا الزاجِرِي أنْ أَحْضُرَ الوَغَى.
وفي قَوْلِهِ: (أنْ) أَشْهَدَ الدلالةَ البيِّنَةَ على أنَّها مَعْطُوفَةٌ على (أَنْ) أُخْرَى مِثْلِهَا قدْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَها، فذلكَ وَجْهُ جوازِهِ.
وإِذَا وُجِّهَ الكلامُ إلى هذا الوَجْهِ كانَ قَوْلُهُ: {فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ} تفسيراً لِقَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}، كأنَّهُ قِيلَ: وَما أدراكَ مَا العَقَبَةُ؟ هيَ فكُّ رقَبَةٍ، {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}، كما قالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}، ثمَّ قالَ: {نَارٌ حَامِيَةٌ} مُفَسِّراً لقوْلِهِ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}، ثمَّ قالَ: وما أَدْرَاكَ مَا الهَاوِيَةُ؟ هيَ نارٌ حامِيَةٌ.
وقولُهُ: (أَوْ أَطْعَمَ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)، يقولُ: أوْ أَطْعَمَ في يومٍ ذِي مجاعَةٍ. والساغِبُ: الجائِعُ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عنْ أَبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: (أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ): بيَوْمِ مَجَاعَةٍ.
- حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ قالَ: ثَنِي خالِدُ بنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ أبو يَزِيدَ، عنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانٍ، عنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِ اللَّهِ: (أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)، قالَ: ذِي مَجَاعَةٍ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}، قالَ: الجُوعُ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: (أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)، يقولُ: يَوْمٍ يُشْتَهَى فيهِ الطعامُ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عثمانَ الثَّقَفِيِّ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}، قالَ: مَجَاعَةٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عثمانَ بنِ المُغِيرَةِ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، مِثلَهُ.
- حُدِّثْتُ عن الحُسَيْنِ قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثَنَا عَبِيدٌ قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ في قَوْلِهِ: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}، قالَ: مَجَاعَةٍ). [جامع البيان: 24 / 422-426]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أو إطعام في يوم ذي مسغبة قال ذي مجاعة). [تفسير مجاهد: 2/ 760]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن في يوم ذي مسغبة قال يقول في يوم الطعام فيه عزيز). [تفسير مجاهد: 2/ 760]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن أبي حامدٍ المقرئ، ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، قال: سمعت طلحة بن عمرٍو، وسئل عن قول اللّه عزّ وجلّ: {أو إطعامٍ في يومٍ ذي مسغبةٍ} [البلد: 14] فقال: ثنا محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من موجبات المغفرة إطعام المسلم السّغبان» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ : {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ}؟ ثم أخْبَرَ عن اقْتِحَامِها فقالَ: {فَكُّ رَقَبَةٍ}. ذُكِرَ لنا أن نبيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن الرِّقابِ أيُّها أعْظَمُ أجراً؟ قالَ: «أَكْثَرُها ثَمَناً» ). [الدر المنثور: 15 / 446] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عائشةَ، أنَّه بَلَغَها قولُ أبي هريرةَ : عِلاقةُ سَوْطٍ في سبيلِ اللَّهِ أعظمُ أجراً مِن عِتْقِ وَلَدِ زنْيَةٍ. فقالَت عائشةُ: يَرْحَمُ اللَّهُ أبا هريرةَ، إنما كانَ هذا أنَّ اللَّهَ لَمَّا أنْزَلَ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ}. قالَ بعضُ المسلمينَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّه ليسَ لنا رَقَبَةٌ نَعْتِقُها، وإنما يكونُ لبعضِنا الخُوَيْدِمُ التي لا بُدَّ له مِنها، فَنَأْمُرُهُنَّ أن يَبْغِينَ، فإِذا بَغَيْنَ فَوَلَدْنَ، أَعْتَقْنَا أولادَهُنَّ. فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَأْمُرُوهُنَّ بِالْبِغَاءِ لَعِلاَقَةُ سَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ هَذَا» ). [الدر المنثور: 15 / 447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُجْزَى مَكَانَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ مِنَ النَّارِ» ). [الدر المنثور: 15 / 447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ وابنُ أبي شَيْبَةَ، والطبرانيُّ عن عليٍّ ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ مُؤْمِنَةً وَقَى اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ» ). [الدر المنثور: 15 / 448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، عن أبي أُمَامَةَ، قالَ: قُلْتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أيُّ الرِّقَابِ أفضلُ؟ قالَ: «أَغْلاَهَا ثَمَناً وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» ). [الدر المنثور: 15 / 448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وأحمدُ والبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ، حَتَّى الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ» ). [الدر المنثور: 15 / 448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ وابنُ حِبَّانَ وابنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ، عن البَرَاءِ، أنَّ أعرابِيًّا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي عَمَلاً يُدْخِلُنِي الجنَّةَ. قالَ:«أَعْتِقِ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ». قالَ: أوَلَيْسَتَا بوَاحِدَةٍ؟ قالَ: «لاَ، إِنَّ عِتْقَ الرَّقَبَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي عِتْقِهَا، والْمِنْحَةُ الوَكُوفُ، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ وَاسْقِ الظَّمْآنَ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 448-449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وابنُ جَريرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. قالَ: مَجَاعَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ ما في قَوْلِهِ: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. قالَ: مَجَاعَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن مُجَاهِدٍ : {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. قالَ: جُوعٍ). [الدر المنثور: 15 / 449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن إبراهيمَ : {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. قالَ: يومٍ فيه الطعامُ عزيزٌ). [الدر المنثور: 15 / 449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الحَسَنِ وأبي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ أنَّهما قَرَأَا: (أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذا مَسْغَبَةٍ) ). [الدر المنثور: 15 / 449-450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ الأنباريِّ عنِ الحَسَنِ أنه قَرَأَ: (أَوْ إِطْعَامٌ في يَومٍ ذَا مَسْغَبَةٍ) ). [الدر المنثور: 15 / 450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكمُ وصَحَّحَه والبَيْهَقِيُّ، عن جابِرٍ مرفوعاً: ((مِن مُوجِباتِ المغفرةِ إطعامُ المسلمِ السَّغْبَانِ)) ). [الدر المنثور: 15 / 450]
تفسير قوله تعالى: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ}، يقولُ: أوْ أَطْعَمَ في يَوْمٍ ذي مَجَاعَةٍ صَغِيراً لا أَبَ لهُ مِنْ قَرَابَتِهِ، وهوَ اليتيمُ ذُو المَقْرَبَةِ. وعَنَى بذي المَقْرَبَةِ ذو القَرَابَةِ.
كما حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ}، قالَ: ذا قَرَابَةٍ). [جامع البيان: 24 / 426]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {ذَا مَقْرَبَةٍ}. قالَ: ذا قَرَابَةٍ، وفي قَوْلِهِ: {ذَا مَتْرَبَةٍ}. يعني: بعيدَ التُّرْبَةِ، أي: غَرِيباً مِن وَطَنِه). [الدر المنثور: 15 / 450]
تفسير قوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني اللّيث عن عامر بن يحيى، عن حنش بن عبد اللّه أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ قال له: سل لي عبد اللّه بن عبّاسٍ عن: {مسكينًا ذا متربةٍ}، قال: فلقيت ابن عبّاسٍ فقلت له: ما المسكين ذا متربةٍ، فقال: المسكين ذو المتربة الرّجل الّذي يخرج من بيته إلى حاجةٍ، ثمّ يردّ وجهه منقلبًا إلى بيته يستيقن ليس له فيه إلا التراب.
مقابل بكتاب سحنون). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 171-172]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة ،عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن عكرمة في قوله: {أو مسكينا ذا متربة} قال ليس بينه وبين التراب شيء قد لزق به). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 374]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن رجل، عن عكرمة في قوله: مسكينا ذا متربة؛ قال المترب اللازق بالأرض من الجهد). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 375]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (متربةٍ السّاقط في التّراب»). [صحيح البخاري: 6 / 169]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (مَتْربَةٍ: الساقطُ في التُّرابِ) وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ عن مُجَاهِدٍ بِلَفظِ المَطْرُوحِ في التُّرابِ ليس له بَيْتٌ.
وروَى الحَاكِمُ من طَرِيقِ حُصَيْنٍ عن مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: المطروحُ الذي ليس له بَيْتٌ.
وفي لفظٍ: المَتْرَبَةُ الذي لا يَقيهِ منَ التُّرابِ شَيْءٌ. وهُو كذلكَ لسعيدِ بنِ مَنصورٍ ولابنِ عُيَيْنَةَ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُو الذي ليسَ بينَه وبينَ الأَرْضِ شَيءٌ). [فتح الباري: 8 / 704]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله: {في يوم ذي مسغبة} قال: جوع
وفي قوله {ذا متربة} قال المطروح في التّراب ليس له بيت
وقد روي عن مجاهد، عن ابن عبّاس الجملتان الأخيرتان فقال الفريابيّ: ثنا قيس، عن عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله: {يوم ذي مسغبة} قال: مجاعة
وأخبرني فرج بن عبد الله كتابة أن مولاة عبد الله بن الحسن أخبره عن عبد الرّحمن بن مكي أنا السلفي أنا أبو الخطاب بن البطر أنا عمر بن أحمد العكبري أنا محمّد بن يحيى بن عمر بن علّي بن حرب أنا جدي ثنا سفيان ،عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن ابن عبّاس {أو مسكينا ذا متربة} وقال: هو الّذي ليس بينه وبين الأرض شيء هذا إسناد صحيح). [تغليق التعليق: 4 / 368-369] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (مَتْرَبَةٍ: السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} وفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيَنْةَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ شَيْءٌ. وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَطْرُوحُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَيْتٌ). [عمدة القاري: 19 / 292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (مَتْرَبَةٍ) ولأَبِي ذَرٍّ برفْعِ الثلاثَةِ، أي: (السَّاقِطُ في التُّرَابِ) ليس له بَيْتٌ لِفَقْرِهِ). [إرشاد الساري: 7 / 419]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {مسكينًا ذا متربةٍ} قال: يقال الّذي قد ألصقه الفقر بالتّراب). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 109]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، اخْتَلَفَ أهلُ التأوِيلِ في تأويلِ قوْلِهِ: {ذَا مَتْرَبَةٍ}؛ فقالَ بعضُهم: عُنِي بذلكَ ذُو اللُّصُوقِ بالترابِ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عنْ شُعْبَةَ قالَ: أخْبَرَنِي المُغِيرَةُ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: الذي ليسَ لهُ مَأْوًى إلاَّ التُّرَابُ.
- حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِيُّ قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن المُغِيرَةِ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، مثلَهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى قالَ: ثَنَا ابنُ أَبِي عَدِيٍّ، عنْ شُعْبَةَ، عنْ حُصَيْنٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِ اللَّهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: الذي لا يُوَارِيهِ إِلاَّ التُّرَابُ.
- حَدَّثَنِي زكريَّا بنُ يَحْيَى بنِ أبي زَائِدَةَ قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، عنْ شُعْبَةَ، عن المُغِيرَةِ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: الذي ليْسَ لهُ مَأْوًى إلاَّ التُّرابَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنِي جَرِيرٌ، عنْ مُغِيرَةَ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: التُّراب الذي ليْسَ لَهُ مَأْوًى إِلاَّ الترابَ.
- حدَّثَنا ابنُ حُميدٍ قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عنْ مَنْصُورٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: المِسْكِينُ المَطْرُوحُ في الترابِ.
- حَدَّثَنِي أبو حُصَيْنٍ قالَ: ثَنَا عبدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُونُسَ قالَ: ثَنَا عَبْثَرٌ، عنْ حُصَيْنٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: قولُهُ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: الذي لا يَقِيهِ مِن الترابِ شيءٌ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ قالَ: أَخْبَرنَا حُصَيْنٌ والمُغِيرَةُ، كِلاهُما عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: هوَ اللازِقُ بالترابِ مِنْ شِدَّةِ الفَقْرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عنْ عمرِو بنِ أبي قَيْسٍ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: التَّرِبُ المُلْقَى على الطريقِ على الكُنَاسَةِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا طَلْقُ بنُ غَنَّامٍ، عنْ زائِدَةَ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: هوَ المِسْكِينُ المُلْقَى بالطريقِ بالترابِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عن الحُصَيْنِ، عنْ مُجَاهِدٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: المَطْرُوحُ في الأرضِ، الذي لا يَقِيهِ شَيْءٌ دونَ الترابِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ حُصَيْنٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: هوَ المُلْزَقُ بالأرْضِ، لا يَقِيهِ شيءٌ مِن الترابِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عنْ حُصَيْنٍ وعثمانَ بنِ المُغِيرَةِ، عنْ مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: المطروح في الطَّريقِ أو الطُّرقِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: حدَّثَنَا ابن إِدْريسَ, قال: حدَّثَنا ليثُ, عن مجاهدٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} قال: الَّذي ليس له شيءٌ يَقيهِ مِن الترابِ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: قولُهُ: {ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: ساقِطٌ في الترابِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ قالَ: سَمِعَ عِكْرِمَةُ {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: المُلْتَزِقُ بالأَرْضِ مِن الحاجَةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: التَّرِبُ اللاصِقُ بالأرْضِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عثمانَ بنِ المُغِيرَةِ، عنْ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: المُلْقَى في الطريقِ، الذي ليسَ لَهُ بَيْتٌ إِلاَّ الترابَ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ هوَ المُحْتَاجُ، كانَ لاصقاً بالترابِ أوْ غيرَ لاصِقٍ به؛ وقالُوا: إنَّمَا هوَ مِنْ قوْلِهم: تَرِبَ الرجلُ، إذا افْتَقَرَ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي علِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، يقولُ: شَدِيدُ الحاجَةِ.
- حَدَّثَنَا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ قالَ: ثَنَا أبو الأَحْوَصِ، عنْ حُصَيْنٍ، عنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: هوَ المُحَارَفُ الذي لا مالَ لهُ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: ذا حَاجَةٍ، التَّرِبُ: المُحْتَاجُ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ هوَ ذُو العِيالِ الكثيرِ الذينَ قدْ لَصِقُوا بالترابِ مِن الضُّرِّ وشِدَّةِ الحاجَةِ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عنْ أَبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، يقولُ: مِسْكِينٌ ذُو بَنِينٍ وعِيالٍ، ليسَ بينَكَ وبينَهُ قَرَابَةٌ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا ابنُ يَمَانٍ، عنْ أَشْعَثَ، عنْ جعفرِ بنِ أبي المُغيرةِ، عنْ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، قالَ: ذا عِيَالٍ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}، كنَّا نُحَدَّثُ أنَّ التَّرِبَ هوَ ذُو العِيالِ الذي لا شيءَ لَهُ.
- حُدِّثْتُ عن الحُسَيْنِ قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثَنَا عَبِيدٌ قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} ذا عِيالٍ لاصِقِينَ بالأرْضِ، مِن المَسْكَنَةِ والجَهْدِ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصحَّةِ قوْلُ مَنْ قالَ: عُنِيَ بهِ: أوْ مِسْكِيناً قدْ لَصِقَ بالترابِ مِن الفَقْرِ والحاجَةِ؛ لأنَّ ذلكَ هوَ الظاهِرُ مِنْ معانِيهِ. وأنَّ قوْلَهُ: {مَتْرَبَةٍ} إنَّما هيَ (مَفْعَلَةٌ) مِنْ تَرِبَ الرجلُ: إذا أَصَابَهُ الترابُ). [جامع البيان: 24 / 426-431]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل مسكينا ذا متربة قال يقول هو المسكين الساقط في التراب). [تفسير مجاهد: 2/ 760]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن حصين، عن مجاهد قال: هو الترب الذي لا يقيه من التراب شيء). [تفسير مجاهد: 2/ 761]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا يزيد بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن أبي اللّيث، ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {أو مسكينًا ذا متربةٍ} [البلد: 16] قال: «المطروح الّذي ليس له بيتٌ» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 570]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ ابن فضيلٍ، ثنا حصينٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {أو مسكينًا ذا متربةٍ} [البلد: 16] قال: «التّراب الّذي لا يقيه من التّراب شيءٌ»). [المستدرك: 2 / 570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {ذَا مَقْرَبَةٍ}. قالَ: ذا قَرَابَةٍ، وفي قَوْلِهِ: {ذَا مَتْرَبَةٍ}. يعني: بعيدَ التُّرْبَةِ، أي: غَرِيباً مِن وَطَنِه). [الدر المنثور: 15 / 450] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وسعيدُ بن منصورٍ وعبدُ بنُ حُمَيْد وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}. قالَ: هو المطروحُ الذي ليسَ له بيتٌ، وفي لفظٍ للحاكمِ: هو التَّرِبُ الذي لا يَقِيه مِن الترابِ شيءٌ، وفي لفظٍ: هو اللازِقُ بالترابِ مِن شِدَّةِ الفَقْرِ.
وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مُجَاهِدٍ مثلَه). [الدر المنثور: 15 / 450-451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}. يقولُ: شديدَ الحاجَةِ). [الدر المنثور: 15 / 451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ مِن طريقِ العَوْفِيِّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَوْ ِمسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}. يقولُ: مِسْكِينٌ ذُو بَنِينَ وعِيَالٍ، ليسَ بينَك وبينَه قَرَابَةٌ). [الدر المنثور: 15 / 451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في مسائِلِه عن ابنِ عبَّاسٍ، أن نافِعَ بنَ الأزرقِ قال له: أَخْبِرْنِي عن قوْلِه: {ذَا مَتْرَبَةٍ}. قالَ: ذا جَهْدٍ وحاجَةٍ. قالَ: وهل تَعْرِفُ العربُ ذلك؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قولَ الشاعِرِ:
تَرِبَتْ يَدَاكَ ثُمَّ قَلَّ نَوَالُهَا.......وَتَرَفَّعَتْ عَنْكَ السَّمَاءُ سِجَالُهَا
). [الدر المنثور: 15 / 451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ}.
قالَ: «الَّذِي مَأْوَاهُ الْمَزَابِلُ» ). [الدر المنثور: 15 / 451-452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن قَتَادَةَ : {ذَا مَتْرَبَةٍ}. قالَ: كنَّا نُحَدَّثُ أنَّ التَّرِبَ ذو العِيالِ، الذي لا شيءَ له). [الدر المنثور: 15 / 452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ عن الضَّحَّاكِ: ما عَمِلَ الناسُ بعدَ الفريضةِ أحبَّ إلى اللَّهِ مِن إطعامِ مسكينٍ). [الدر المنثور: 15 / 452]
تفسير قوله تعالى: { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قَال أَبو جعْفرٍ رحِمَه اللهُ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثمَّ كانَ هذا الذي قالَ: {أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً} مِن الذينَ آمَنُوا باللَّهِ ورسولِهِ، فيُؤْمِنُ معَهم كما آمَنُوا. {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، يقولُ: ومِمَّنْ أَوْصَى بعضُهم بعضاً بالصبرِ على ما نابَهُم في ذاتِ اللَّهِ. {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}، يقولُ: وأَوْصَى بعضُهم بعضاً بالمَرْحَمَةِ.
كما حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ القَزَّازُ قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، عنْ شَبِيبٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}، قالَ: مَرْحَمَةِ الناسِ). [جامع البيان: 24 / 431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن هِشامِ بنِ حَسَّانَ في قَوْلِهِ: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. قالَ: على ما افْتَرَضَ اللَّهُ). [الدر المنثور: 15 / 452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}. يعني بذلك: رَحْمَةَ الناسِ كلِّهم). [الدر المنثور: 15 / 452]
تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}، يقولُ: الذينَ فَعَلُوا هذهِ الأفعالَ التي ذَكَرْتُها؛ مِنْ فكِّ الرِّقابِ، وإطعامِ اليتيمِ، وغيرِ ذلك، أصحابُ اليمينِ، الذينَ يُؤْخَذُ بهم يوْمَ القيامةِ ذاتَ اليمينِ إلى الجنَّةِ). [جامع البيان: 24 / 431]
تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا}، يقولُ: والذينَ كَفَرُوا بأدِلَّتِنا وأعلامِنَا وحُجَجِنا مِن الكُتُبِ والرُّسُلِ وغيرِ ذلكَ {هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}، يقولُ: هم أصحابُ الشِّمالِ يومَ القيامَةِ الذينَ يُؤْخَذُ بهم ذاتَ الشِّمالِ.
وقدْ بَيَّنَّا معنَى الْمَشْأَمَةِ ولِمَ قِيلَ لليَسَارِ: المشأَمَةُ فيما مَضَى أَغْنَى عنْ إعادَتِهِ في هذا المَوْضِعِ). [جامع البيان: 24 / 431-432]
تفسير قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {مؤصدة} ، قال: مطبقة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 375]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عليهم نارُ جَهَنَّمَ يومَ القيامَةِ مُطْبَقَةٌ، يُقالُ مِنهُ: أَوْصَدْتُ وآصَدْتُ إذَا أطْبقتَ.
وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: قولُهُ: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}، : مُطْبَقَةٌ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عنْ أَبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}، قالَ: مُطْبَقَةٌ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قال: ثنَا أبو عاصمٍ, قال: ثَنا عيسى, وحدَّثني الحارثُ, قال: ثنا ورقاءُ, جميعًا عن ابنِ أبِي نجيحٍ, عن مُجاهدٍ قَولَهُ: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}. قال: مطبَقَةٌ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}؛ أيْ: مُطْبَقَةٌ، أطْبَقَها اللَّهُ عليهم، فلا ضَوْءَ فيها ولا فَرَجَ، ولا خُروجَ مِنها آخِرَ الأَبَدِ.
- حُدِّثْتُ عن الحُسَيْنِ قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عَبِيدٌ قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ في قَوْلِهِ: {مُؤْصَدَةٌ}: مُغْلَقَةٌ عليهم). [جامع البيان: 24 / 432-433]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شريك عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة {عليهم نار مؤصدة} قال: يعني نارا مطبقة عليهم.
- نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 761]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (مُؤصَدَةٌ مُطْبَقَةٌ) هُو قولُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وقد تَقَدَّمَ في صِفَةِ النَّارِ من بَدْءِ الخَلْقِ، ويَأْتِي في حَدِيثٍ آخرَ في تَفْسِيرِ الهُمَزَةِ). [فتح الباري: 8 / 704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {مُؤْصَدَةٌ}. قالَ: مُغَلَّقَةُ الأبوابِ). [الدر المنثور: 15 / 452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي هريرةَ: {مُؤْصَدَةٌ}. قالَ: مُطْبَقَةٌ.
وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ وعبدُ بن حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، مِن طُرُقٍ عن ابنِ عبَّاسٍ مِثلَه.
وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مُجَاهِدٍ وعِكْرِمَةَ وعَطِيَّةَ والضَّحَّاكِ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ والحسَنِ وقَتَادَةَ مِثْلَه). [الدر المنثور: 15 / 452-453]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في مسائِلِه، عن ابنِ عبَّاسٍ، أن نافِعَ بنَ الأزرقِ قال له: أَخْبِرْنِي عن قولِه: {مُؤْصَدَةٌ}. قالَ: مُطْبَقَةٌ. قالَ: وهل تَعْرِفُ العربُ ذلك؟ قالَ: نَعمْ، أما سَمِعْتَ قولَ الشاعِرِ:
تَحِنُّ إِلَى أَجْبَالِ مَكَّةَ نَاقَتِي.......وَمِنْ دُونِنَا أَبْوَابُ صَنْعَاءَ مُؤْصَدَهْ
). [الدر المنثور: 15 / 453]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {مُؤْصَدَةٌ}. قالَ: هي بلغةِ قريشٍ: أَصَدَ البابَ أغْلَقَه). [الدر المنثور: 15 / 453]