جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِذا الْسَّمَاءُ}؛ تصدَّعتْ وتقطَّعتْ فَكَانَتْ أَبْوَاباً). [جامع البيان: 24/ 230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ, عن عليٍّ في قَوْلِهِ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}؛ قال: تََنْشَقُّ السماءُ مِن المَجَرَّةِ). [الدر المنثور: 15/ 314]
تفسير قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {وأذنت لربها وحقت}؛ قال: سمعت وأطاعت). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 358]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث عن جعفرٍ عن سعيدٍ في قوله عز وجل: {وأذنت لربها وحقت}؛ قال: سمعت وأطاعت).[جزء تفسير يحيى بن اليمان: 33]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقِّتْ}؛ يقولُ: وسمعت السماواتُ فِي تصدُّعِها وتشقُّقِها لِرَبِّهَا، وأطاعتْ لَه فِي أَمْرِهِ إيَّاها. والعربُ تَقُولُ: أَذِنَ لك فِي هَذَا الأَمْرِ أذَناً، بمعنى: اسْتَمَعَ لكَ. وَمِنْه الخبرُ الذي رُوِيَ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». يعني بِذَلِك: مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كاستماعِهِ لنبيٍّ يتغنَّى بِالْقُرْآنِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعرِ:
صُمٌّ إِذا سَمِعُوا خيراً ذُكِرْتُ بهِ ....... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِندَهُمْ أَذِنُوا
وأصلُ قَوْلِهِمْ فِي الطاعةِ: سمعَ لَه. مِن الاستماعِ، يُقَالُ منه: سَمِعْتُ لكَ، بمعنَى: سَمِعْتُ قَوْلَكَ وأطعتُ فيما قُلْتَ وَأَمَرْتَ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي معنَى قولِه: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا} قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَهُ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قالَ: سَمِعَتْ لِرَبِّهَا.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابْنُ يَمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ فِي قولِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قالَ: سَمِعَتْ وأطاعتْ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فِي قولِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قالَ: سَمِعَتْ.
- حدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، عنِ ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قالَ: سَمِعَتْ وأطاعتْ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ أَيْ: سَمِعَتْ وأطاعتْ.
- حُدثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قالَ: سَمِعَتْ وأطاعتْ.
وقولُهُ: {وَحُقَّتْ}؛ يقولُ: وحقَّقَ اللَّهُ عليها الاستماعَ بالانشقاقِ والانتهاءِ إلَى طاعتِه فِي ذَلِكَ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي قولِهِ: {وَحُقَّتْ}؛ قالَ: حُقِّقَتْ لطاعةِ رَبِّهَا.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن أشعثَ بنِ إسحاقَ، عن جعفرٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: {وَحُقَّتْ}: وَحُقَّ لَهَا). [جامع البيان: 24/ 230-232]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {وأذنت لربها وحقت}؛ قال: سمعت لربها وأطاعت وأما قوله وحقت فيقول حق لها أن تفعل). [تفسير مجاهد: 741]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {إذا السّماء انشقّت (1) وأذنت لربّها وحقّت} قال: سمعت {وإذا الأرض مدّت}، قال: «يوم القيامة» {وألقت ما فيها وتخلّت}قال: «أخرجت ما فيها من الموتى» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: أَذِنَت: سَمِعَتْ وأَطَاعَتْ لِرَبِّها، وأَلقَتْ مَا فِيها: أَخرَجَتْ مَا فِيها مِن المَوْتَى وتَخَلَّتْ عَنهُم) وَقَعَ هُنا للنَّسَفِيِّ، وتَقَدَّمَ لَهُم فِي بَدْءِ الخَلْقِ.
وقد أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ من طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ وصَلَهُ بذِكْرِ ابنِ عَبَّاسٍ فيه، لَكِنَّه مَوقُوفٌ عليه). [فتح الباري: 8 / 697]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَذِنَتْ: سَمِعَتْ وَأطَاعَتْ لِرَبِّهَا، وَألْقَتْ مَا فِيهَا مِنَ المَوْتَى وَتَخَلَّتْ عَنْهُمْ)
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}؛ وَفَسَّرَ قَوْلَهُ: أَذِنَتْ بِقَوْلِهِ: سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ وَفَسَّرَ قَوْلَهُ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا}؛ بِقَوْلِهِ: أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: مِنَ الْكُنُوزِ وَالْمَوْتَى. قَوْلُهُ: (وَتَخَلَّتْ) أَيْ: خَلَتْ فَلَيْسَ فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ وَهَذَا كُلُّهُ لِلنَّسَفِيِّ). [عمدة القاري: 19/ 284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وأَذِنَتْ}؛ قَالَ: أطاعَتْ, {وحُقَّتْ}؛ قَالَ: حُقَّتْ بالطَّاعَةِ). [الدر المنثور: 15/ 314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: {وأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ قَالَ: أطاعَتْ وحُقَّ لها أَنْ تُطِيعَ). [الدر المنثور: 15/ 314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وأَذِنَتْ لرَبِّهَا}؛ قَالَ: سَمِعَتْ حِينَ كَلَّمَها). [الدر المنثور: 15/ 314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحاكِمُ وصحَّحه, عن ابنِ عَبَّاسٍ: {وأَذِنَتْ لرَبِّهَا وحُقَّتْ}؛ قَالَ: سَمِعَتْ وأَطَاعَتْ, وفي قَوْلِهِ: {وَإِذَا الأرضُ مُدَّتْ}؛ قَالَ: يَوْمَ القِيَامَةِ، {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا}: أخْرَجَتْ ما فيها مِن المَوْتَى، {وتَخَلَّتْ} عَنْهُم.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ مثلَه). [الدر المنثور: 15/ 314-315]
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الزهري، في قوله تعالى: {وإذا الأرض مدت}؛ قال أخبرني علي بن حسين أن النبي قال:«إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه». قال النبي: «فأكون أول من يدعى وجبريل عن يمين الرحمن والله ما رآه قبلها فأقول يا رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي فيقول الله صدق فأقول يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض وهو المقام المحمود»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 358]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا الأَرْضُ بُسِطتْ، فزِيدَ فِي سَعَتِها.
كالذي حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن عَلِيِّ بنِ حسينٍ، أَن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَدَّ اللَّهُ الأَرْضَ حَتَّى لاَ يَكُونَ لِبَشَرٍ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى، وَجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّهِ مَا رَآهُ قَبْلَهَا، فأقولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ هَذَا أَخْبَرَنِي أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ إِلَيَّ. فَيَقُولُ: صَدَقَ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، عِبَادُكَ عَبَدُوكَ فِي أَطْرَافِ الأَرْضِ». قالَ: "وهُو المقامُ المحمودُ".
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {مُدَّتْ}. قالَ: يَومَ القيامةِ). [جامع البيان: 24/ 232-233]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {إذا السّماء انشقّت (1) وأذنت لربّها وحقّت} قال: سمعت {وإذا الأرض مدّت} قال: «يوم القيامة» {وألقت ما فيها وتخلّت} قال: «أخرجت ما فيها من الموتى» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 563] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو رضي اللّه عنه، قال: كان البيت قبل الأرض بألفي سنةٍ، «فإذا الأرض مدّت» قال: «من تحته مدًّا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: (وقَالَ مُجَاهِدٌ: أَذِنَت: سَمِعَتْ وأَطَاعَتْ لِرَبِّها، وأَلقَتْ مَا فِيها: أَخرَجَتْ مَا فِيها مِن المَوْتَى وتَخَلَّتْ عَنهُم) وَقَعَ هُنا للنَّسَفِيِّ، وتَقَدَّمَ لَهُم فِي بَدْءِ الخَلْقِ.
وقد أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ من طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ وصَلَهُ بذِكْرِ ابنِ عَبَّاسٍ فيه، لَكِنَّه مَوقُوفٌ عليه). [فتح الباري: 8/ 697] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَذِنَتْ: سَمِعَتْ وَأطَاعَتْ لِرَبِّهَا، وَألْقَتْ مَا فِيهَا مِنَ المَوْتَى وَتَخَلَّتْ عَنْهُمْ)
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} وَفَسَّرَ قَوْلَهُ: أَذِنَتْ بِقَوْلِهِ: سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ وَفَسَّرَ قَوْلَهُ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} بِقَوْلِهِ: أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: مِنَ الْكُنُوزِ وَالْمَوْتَى. قَوْلُهُ: (وَتَخَلَّتْ) أَيْ: خَلَتْ فَلَيْسَ فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ وَهَذَا كُلُّهُ لِلنَّسَفِيِّ). [عمدة القاري: 19/ 284] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحاكِمُ وصحَّحه, عن ابنِ عَبَّاسٍ: {وأَذِنَتْ لرَبِّهَا وحُقَّتْ}. قَالَ: سَمِعَتْ وأَطَاعَتْ, وفي قَوْلِهِ: {وَإِذَا الأرضُ مُدَّتْ}؛ قَالَ: يَوْمَ القِيَامَةِ، {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا}: أخْرَجَتْ ما فيها مِن المَوْتَى، {وتَخَلَّتْ} عَنْهُم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ مثلَه). [الدر المنثور: 15/ 314-315] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيابيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ والحاكمُ وصحَّحه والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ, عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: كانَ البَيْتُ قَبْلَ الأرضِ بأَلْفَيْ سَنَةٍ، وذلك قولُ اللَّهِ: {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}. قَالَ: مُدَّتْ مِن تَحْتِه مَدًّا). [الدر المنثور: 15/ 315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحاكمُ, عن ابنِ عَمْرٍو قَالَ: إِذَا كانَ يومُ القيامةِ مُدَّتِ الأرضُ مَدَّ الأدِيمِ, وحَشَرَ اللَّهُ الخلائقَ؛ الإِنْسَ والجِنَّ والدَّوابَّ والوُحوشَ، فإذا كانَ ذلك اليومُ جَعَلَ اللَّهُ القِصَاصَ بَيْنَ الدوابِّ حَتَّى تَقْتَصَّ الشَّاةُ الجَمَّاءُ مِنَ القَرْنَاءِ بنَطْحَتِهَا، فإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القِصَاصِ بَيْنَ الدوابِّ قَالَ لها: كُونِي تُراباً. فيَرَاها الكافرُ فيقولُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً} ). [الدر المنثور: 15/ 315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحاكمُ بسَنَدٍ جَيِّدٍ, عن جابرٍ, عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ= قَالَ: «تُمَدُّ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ مَدَّ الأَدِيمِ ثُمَّ لا يَكُونُ لابنِ آدَمَ مِنْهَا إِلاَّ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ» ). [الدر المنثور: 15/ 315]
تفسير قوله تعالى: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {وألقت ما فيها وتخلت}؛ قال: أخرجت أثقالها وكنوزها وتخلت منه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}؛ يقولُ جلَّ ثناؤُه: وَأَلْقَتِ الأَرْضُ مَا فِي بَطْنِها مِن الْموْتَى إلَى ظهرِها، وَتَخَلَّتْ مِنْهُم إلَى اللَّهِ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}؛ قالَ: أخرجتْ مَا فيها مِن الْموْتَى.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}؛ قالَ: أخرجتْ أَثْقَالَهَا وما فيها). [جامع البيان: 24/ 233]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {وألقت ما فيها وتخلت}؛ قال: أخرجت ما فيها من الموتى وتخلت منهم). [تفسير مجاهد: 741]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {إذا السّماء انشقّت (1) وأذنت لربّها وحقّت} قال: سمعت {وإذا الأرض مدّت}قال: «يوم القيامة» {وألقت ما فيها وتخلّت}قال: «أخرجت ما فيها من الموتى» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 563] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحاكِمُ وصحَّحه, عن ابنِ عَبَّاسٍ: {وأَذِنَتْ لرَبِّهَا وحُقَّتْ}؛ قَالَ: سَمِعَتْ وأَطَاعَتْ, وفي قَوْلِهِ: {وَإِذَا الأرضُ مُدَّتْ}؛ قَالَ: يَوْمَ القِيَامَةِ، {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا}: أخْرَجَتْ ما فيها مِن المَوْتَى، {وتَخَلَّتْ} عَنْهُم.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ مثلَه). [الدر المنثور: 15/ 314-315] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا}؛ قَالَ: سَوَارِي الذَّهَبِ). [الدر المنثور: 15/ 315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أبو القَاسِمِ الخُتَّليُّ في الدِّيباجِ, عن ابنِ عُمَرَ, عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- في قَوْلِهِ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} الآيةَ. قَالَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ, فأَجْلِسُ جَالِساً فِي قَبْرِي, وإِنَّ الأَرْضَ تَحَرَّكَتْ بِي، فقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ؟ فقَالَتْ: إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُلْقِيَ مَا فِي جَوْفِي، وأَنْ أَتَخَلَّى فأَكُونَ كَمَا كُنْتُ إِذْ لا شَيْءَ فِيَّ. وذَلِكَ قَوْلُه: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتَخَلَّتْ}» ). [الدر المنثور: 15/ 316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وحُقَّتْ}. قَالَ: سَمِعَتْ وأطاعتْ. وفي قَوْلِهِ: {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتَخَلَّتْ}. قَالَ: أخْرَجَتْ أَثْقَالَها وما فيها مِن الكُنوزِ والناسِ. وفي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً}؛ قَالَ: عَامِلٌ لَهُ عَمَلاً). [الدر المنثور: 15/ 316]
تفسير قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)}
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله عز وجل: {وأذنت لربها وحقت}؛ قال: سمعت وأطاعت). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 33] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ يقولُ: وسمعت الأَرْضُ فِي إلقائِها مَا فِي بطنِها مِن الْموْتَى إلَى ظهرِها أحياءً، أَمْرَ رَبِّهَا وأطاعتْ، {وَحُقَّتْ} يقولُ: وحقَّقَها اللَّهُ للاستماعِ لأمرِهِ فِي ذَلِكَ والانتهاءِ إلَى طاعتِهِ.
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي موقعِ جَوَابِ قولِه: {إِذَا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ}. وقولِهِ: {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}، فقالَ بَعْضُ نحويِّي البصرةِ: {إِذَا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ}. عَلَى معنَى قولِه: {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ} إِذا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ، عَلَى التقديمِ والتأخيرِ.
وقالَ بَعْضُ نحويِّي الكوفةِ: قالَ بَعْضُ المفسِّرينَ: جَوَابُ {إِذَا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ} قولُه: {وَأَذِنَتْ}. قالَ: ونرَى أنَّه رأيٌ ارتآهُ المفسِّرُ، وشبَّهَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} لأنَّا لم نَسْمَعْ جواباً بالواوِ فِي (إِذَا) مبتدأةً، وَلاَ كَلاَم قَبْلَهَا، وَلاَ فِي (إِذا) إِذا ابتدئتْ؛، قالَ: وإنما تُجيبُ العربُ بالواوِ فِي قولِهِ: حتَّى إِذا كانَ، وفلمَّا أَنْ كانَ، لم يجاوزُوا ذَلِكَ؛، قالَ: والجوابُ فِي: {إِذَا الْسَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وفي {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} كالمتروكِ؛ لأَنَّ المعنَى مَعْرُوفٌ قد تردَّدَ فِي القُرْآنِ معناهُ فعُرِفَ، وَإِنْ شِئْتَ كانَ جوابُه: {يَا أيُّها الإنسَانُ}، كقولِ القائلِ: إِذا كانَ كذا وكذا، فيَا أيُّها النَّاسُ تَرَوْنَ مَا عَمِلْتُمْ مِن خيرٍ أَوْ شَرٍّ، تَجْعَلُ {يَا أيُّها الإنسَانُ} هوَ الجوابَ، وتُضَمِّنُ فِيه الفاءَ، وَقَد فُسِّرَ جَوَابُ: {إِذَا الْسَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فيما يلقَى الإنسَانُ مِن ثَوَابٍ وعقابٍ، فكأنَّ المعنى: تَرَى الثَّوَابَ والعقابَ إِذا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا أَنَّ جوابَهُ محذوفٌ، تُرِكَ استغناءً بمعرفةِ المخاطَبِينَ بِه بمعناهُ. ومعنَى الكلامِ: إِذا الْسَّمَاءُ انشَقَّتْ رَأَى الإنسَانُ مَا قَدَّمَ مِن خيرٍ أَو شَرٍّ. وَقَد بَيَّنَ ذَلِكَ قولُه: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ} والآياتُ بَعْدَهَا). [جامع البيان: 24/ 233-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وحُقَّتْ}؛ قَالَ: سَمِعَتْ وأطاعتْ. وفي قَوْلِهِ: {وأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتَخَلَّتْ}؛ قَالَ: أخْرَجَتْ أَثْقَالَها وما فيها مِن الكُنوزِ والناسِ. وفي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً}؛ قَالَ: عَامِلٌ لَهُ عَمَلاً). [الدر المنثور: 15/ 316] (م)