جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن العوفيّ ، عن ابن عبّاسٍ: {إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين}، قال: السماء السابعة العليا، و(كتاب الفجار لفي سجين)، قال: في الأرض السّابعة السّفلى). [الجامع في علوم القرآن: 2 /10-11]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {عليين}؛ قال فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى). [تفسير عبد الرزاق: 2 /356]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث، عن شمر بن عطيّة في قوله عزّ وجلّ: {إنّ كتاب الأبرار لفي عليين} قال: إذا عرج بروح المؤمن استقبله الملائكة المقرّبون في السّماء الدّنيا فيشيّعونه من السّماء العليا ثمّ رقم على روحه ثمّ قرأ: {وما أدراك ما عليون (19) كتابٌ مرقومٌ} ). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 36]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ}. والأبرارُ: جَمْعُ بَرٍّ، وهُم الَّذِينَ بَرُّوا اللَّهَ بأداءِ فرائضِهِ واجتنابِ محارمِه. وقد كانَ الحسنُ يقولُ: هُم الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ شَيئاً حتَى الذَّرَّ.
- حدَّثنا ابْنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا هشامٌ، عن شيخٍ، عن الحسنِ قالَ: سئلَ عن الأَبْرَارِ، قالَ: الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ الذرَّ.
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ زيدٍ الخَطَّابِيُّ، قالَ: ثنا الفِرْيابِيُّ، عن السَّرِيِّ بنِ يَحْيى، عن الحسنِ، قالَ: الأَبْرَارُ هُم الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ الذرَّ.
وقولُه: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. اختلفَ أهلُ التأويلِ فِي معنَى {عِلِّيِّينَ}، فقالَ بَعْضُهُم: هِي الْسَّمَاءُ السابعةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: أخبرني جريرُ بنُ حازمٍ، عن الأعمشِ، عن شمرِ بنِ عطيةَ، عن هلالِ بنِ يَسَافٍ، قالَ: سَأَلَ ابْنُ عبَّاسٍ كعباً وَأَنَا حاضرٌ عن العليِّينَ، فقالَ كعبٌ: هِي الْسَّمَاءُ السابعةُ، وَفِيهَا أرواحُ المؤمنينَ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا عبيدُ اللَّهِ، يعني العتكيُّ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فِي الْسَّمَاءِ الْعُلْيَا.
- حدَّثني عَلِيُّ بنُ الحسينِ الأزديُّ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ يَمانٍ، عن أسامةَ بنِ زيدٍ، عن أبيهِ، فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فِي الْسَّمَاءِ السابعةِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {عِلِّيُّونَ}. قالَ: الْسَّمَاءُ السابعةُ.
حُدِّثتْ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: أخبرنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضَّحاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}: فِي الْسَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ.
وقالَ آخرونَ: بل العلِّيُّونَ: قائمةُ الْعَرْشِ اليمنى.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}: ذُكِرَ لَنَا أَن كعباً كانَ يقولُ: هِي قَائِمَةُ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثني عمرُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ مُجالدٍ، قالَ: ثنا مُطَرِّفُ بنُ مازنٍ قاضي اليمنِ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: عِلِّيُّونَ: قَائِمَةُ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فَوْقَ الْسَّمَاءِ السابعةِ، عِنْد قَائِمَةِ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنَا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن حفصٍ، عن شمرِ بنِ عطيةَ قالَ: جَاءَ ابْنُ عبَّاسٍ إلَى كعبِ الأَحْبَارِ، فسألَه، فقالَ: حدِّثْني عن قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}.... الآيَة، فقال كعبٌ: إِنَّ الرُّوحَ المؤمنةَ إِذا قُبِضتْ صُعِدَ بها، ففُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ الْسَّمَاءِ، وتلقَّتْها الْمَلائِكَةُ بِالْبُشْرَى، ثُمَّ عرجُوا مَعَهَا حتَى يَنتَهُوا إلَى الْعَرْشِ، فيخرجُ لَهَا مِن عِنْدِ الْعَرْشِ رَقٌّ، فيُرقَمُ، ثُمَّ يُخْتَمُ بمعرفتِها النَّجَاةَ بحسابِ يَومِ القيامةِ، وتشهدُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ.
وقال آخرونَ: بلْ عُنِي بالعلِّيِّينَ الجَنَّةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: الجَنَّةِ.
وقالَ آخرونَ: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني جعفرُ بنُ مُحَمَّدٍ البزوريُّ مِن أهلِ الكوفةِ، قالَ: ثنا يعلَى بنُ عبيدٍ، عن الأجلحِ، عن الضَّحاكِ، قالَ: إِذا قُبِضَ رُوحُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ عُرجَ بِه إلَى الْسَّمَاءِ، فينطلقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إلَى الْسَّمَاءِ الثانيةِ، قالَ الأجلحُ: قُلْتُ: وما الْمُقَرَّبُونَ؟ قالَ: أَقْرَبُهُمْ إلَى الْسَّمَاءِ الثانيةِ، فينطلقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إلَى الْسَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ الرابعةِ، ثُمَّ الخامسةِ، ثُمَّ السادسةِ، ثُمَّ السابعةِ، حتَى يُنْتَهَى بِه إلَى سِدْرَةِ الْمُنتَهَى. قالَ الأجلحُ: قُلْتُ للضحَّاكِ: لِمَ تُسَمَّى سِدْرَةَ الْمُنتَهَى؟ قالَ: لأنه ينتهِي إِلَيْهَا كُلُّ شيءٍ مِن أَمْرِ اللَّهِ لاَ يعدُوها، فَيَقُولُون: رَبِّ، عبدُك فلانٌ، وهُو أَعْلَمُ بِه مِنْهُمْ، فيبعثُ اللَّهُ إِلَيْهِم بصَكٍّ مَخْتُومٍ يؤمِّنُه مِن العَذَابِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}
وقال آخرونَ: بل عُنِيَ بالعلِّيِّينَ: فِي الْسَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيه، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. يقولُ: أَعْمَالُهُمْ فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْسَّمَاءِ.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أخبرَ أَن كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ؛ والعلِّيُّونَ: جَمْعٌ، معناه: شيءٌ فَوْقَ شيءٍ، وعُلُوٌّ فَوْقَ عُلُوٍّ، وارتفاعٌ بَعْدَ ارتفاعٍ، فَلِذَلِكَ جُمعتْ بالياءِ والنونِ كجمعِ الرِّجَالِ إِذَا لم يَكُنْ لَهُ بِنَاءٌ مِن واحدِهِ واثنيهِ، كما حُكيَ عن بَعْضِ العربِ سماعاً: أَطْعَمَنا مرقةَ مرقينَ: يعني اللَّحمَ المطبوخَ، كما قالَ الشاعرُ:
قَدْ رَوِيتْ إِلاَّ الدُّهَيْدِهينـا.......قُلَيِّصَاتٍ وأُبَيْكِرِينَا
فقالَ: وأبيكرينا، فجمعَها بالنونِ إِذْ لم يَقْصِدْ عَدَداً معلوماً مِن البكارةِ، بلْ أرادَ عَدَداً لاَ يُحدُّ آخرُه، وكما قالَ الآخَرُ:
فَأَصْبَحَتْ المذاهبُ قَدْ أذاعتْ.......بها الإعصارُ بَعْدَ الوابلينَا
يعني: مَطَراً بَعْدَ مَطَرٍ غَيْرَ محدودِ العددِ، وكذلك تَفْعَلُ العربُ فِي كُلِّ جَمْعٍ لم يَكُنْ بِنَاءٌ لَه مِن واحدِه واثنيهِ، فجمعُه فِي جميعِ الإناثِ، والذكرانِ بالنونِ عَلَى مَا قَدْ بيَّنَّا، ومن ذَلِكَ قَوْلُهُمْ للرجالِ وَالنِّسَاءِ: عِشْرُونَ وثلاثونَ. فَإِذا كانَ ذَلِكَ كالذي ذَكَرْنَا، فبيِّنٌ أَنَّ قولَه: {لَفِي عِلِّيِّينَ} معناهُ: فِي علوٍّ وارتفاعٍ، فِي سَمَاءٍ فَوْقَ سَمَاءٍ، وعلوٍّ فَوْقَ علوٍّ. وجائزٌ أَنْ يكونَ ذَلِكَ إلَى الْسَّمَاءِ السابعةِ، وإلَى سِدْرَةِ الْمُنتَهَى، وإلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ، وَلاَ خبرَ يقطعُ العذرُ بِأَنَّه معنيٌّ بِه بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ.
والصوابُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ كما قالَ جلَّ ثناؤُه: إِنَّ كِتَابَ أعمالِ الأَبْرَارِ لَفِي ارتفاعٍ إلَى حدٍّ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ منتهاهُ، وَلاَ عِلْمَ عِندَنَا بغايتِهِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يقصُرُ عن الْسَّمَاءِ السابعةِ؛ لإجماعِ الْحُجَّةِ مِن أهلِ التأويلِ عَلَى ذَلِكَ). [جامع البيان: 24 / 206-211]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن كتاب الأبرار لفي عليين قال العليون السماء السابعة). [تفسير مجاهد: 2 / 739 ]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ ). [الدر المنثور: 15 / 301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, وابنُ أبي حَاتِمٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: الجَنَّةُ. وفي قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: كُلُّ أَهْلِ سَمَاءٍ). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ خَالِدِ بنِ عَرْعَرَةَ وأَبِي عُجَيْلٍ, أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْباً عن قولِه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} الآيةَ. قَالَ: إنَّ المؤمنَ يَحْضُرُه المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ رَبِّه, فلا هم يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً ولا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَتُه، فإِذَا جاءتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَه، فدَفَعُوه إلى ملائكةِ الرَّحْمَةِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِن الخيرِ، ثُمَّ عَرَجُوا برُوحِه إلى السَّماءِ فيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَضعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِم، ولا يَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلاتَكُمْ عليهِ، فَيَقولُونَ: اللَّهُمَّ, هذا عَبْدُكَ فُلانٌ قَبَضْنَا نَفْسَه -فيَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوا -فنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا اليَوْمَ كِتَابَهُ. فيُنْشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحْتِ العَرْشِ فيُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِيهِ، وهم شُهودٌ، فذلك قولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. وسألَه عن قولِه: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} الآيةَ، قَالَ: إِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ يَحْضُرُهُ المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ اللَّهِ، فإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَهُ فدَفَعُوهُ إِلَى ملائكةِ العَذَابِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ, ثُمَّ هَبَطُوا بهِ إلى الأرضِ السُّفْلَى وهي سِجِّينٌ، وهي آخِرُ سُلطانِ إِبْلِيسَ، فأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فيها. وسأَلَه عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, فقَالَ: هي سِدْرَةٌ نَابِتَةٌ في السماءِ السابعةِ، ثمَّ عَلَتْ فانتَهَى عِلْمُ الخلائقِ إلى مَا دُونَها و{عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى}. قَالَ: جَنَّةُ الشُّهَدَاءِ). [الدر المنثور: 15 / 303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ, عن ضَمْرَةَ بنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ الملائكةَ يَرْفَعُونَ أَعْمَالَ العَبْدِ مِن عِبَادِ اللَّهِ يَسْتَكْثِرُونَهُ ويُزَكُّونَهُ حَتَّى يَبْلُغُوا بِهِ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِه, إِنَّ عَبْدِي هذا لَمْ يُخْلِصْ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ. ويَصْعَدُونَ بعَمَلِ العَبْدِ يَسْتَقِلُّونَهُ ويَحْقِرُونَهُ حَتَّى يَبْلُغوا بِهِ إلى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا في نَفْسِه, إنَّ عَبْدِي هذا أَخْلَصَ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي عِلِّيِّينَ» ). [الدر المنثور: 15 / 304-305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ, عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: إِنَّ دَرَجَ الجَنَّةِ علَى عَدَدِ آيِ القُرْآنِ، وإِنَّهُ يُقَالُ لصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وارْقَهْ. فإِنْ كَانَ قَدْ قرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ كانَ عَلَى الثُّلُثِ مِن دَرَجِ الجَنَّةِ، وإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ نِصْفَ القُرْآنِ كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِن دَرَجِ الجَنَّةِ, وإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ كَانَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، ولَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ مِنَ الصدِّيقِينَ والشُّهداءِ). [الدر المنثور: 15 / 305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ أَحْمَدُ وأَبُو دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ وابنُ مَرْدُويَهْ, عن أبي أُمامَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: «صَلاةٌ عَلَى إثْرِ صَلاةٍ لا لَغْوٌ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عَلِّيِّين »). [الدر المنثور: 15 / 305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ, عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو قَالَ: إِنَّ لأَهْلِ عِلِّيِّينَ كُوًى يُشْرِفُونَ مِنْهَا, فإِذَا أَشْرَفَ أَحَدُهُم أَشْرَقَتِ الجَنَّةُ، فيَقُولُ أَهْلُ الجَنَّةِ: قَدْ أَشْرَفَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ ). [الدر المنثور: 15 / 305-306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ, عن مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ قَالَ: يُرَى فِي الجَنَّةِ كهَيْئَةِ البَرْقِ, فيُقَالُ: ما هذا؟ قِيلَ: رَجُلٌ مِن أَهْلِ عِلِّيِّينَ, تَحَوَّلَ مِن غُرْفَةٍ إلى غُرْفَةٍ ). [الدر المنثور: 15 / 306]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عمارة بن عيسى، عن يونس بن يزيد، عن من حدثه، عن ابن عباس أنه قال: لكعب: أخبرني عن ست آياتٍ في القرآن لم أكن علمتهن، ولا تخبرني عنهن إلا ما تجد في كتاب الله المنزل: ما {سجين}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما {جنة المأوى}، وما بال {أصحاب الرس}، ذكرهم الله في الكتاب، وما بال {طالوت}، رغب عنه قومه، وما بال إدريس ذكره الله فقال: {رفعناه مكانا عليا}؛ قال: كعب: والذي نفسي بيده، لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل؛ أما {سجين}، فإنها شجرةٌ سوداء تحت الأرضين السبع مكتوبٌ فيها اسم كل شيطان، فإذا قبضت نفس الكافر عرج بها إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونها، ثم ترمى إلى سجين، فذلك سجين؛ وأما {عليون}، فإنه إذا قبضت نفس المرء المسلم عرج بها إلى السماء وفتحت لها أبواب السماء، حتى ينتهي إلى العرش فيكتب له نزله وكرامته، فذلك عليون، أما {سدرة المنتهى}، فإنها شجرةٌ عن يمين العرش انتهى إليها علم العلماء، فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة؛ أما {جنة المأوى}، فإنها جنةٌ يأوى إليها أرواح المؤمنين؛ وأما {أصحاب الرس}، فإنهم كانوا قوما مؤمنين يعبدون الله في ملك جبارٍ لا يعبد الله، فخيرهم في أن يكفروا أو يقتلهم، فاختاروا القتل على الكفر، فقتلهم، ثم رمى بهم في قليب، فبذلك سموا أصحاب الرس؛ وأما طالوت، فإنه كان من غير السبط الذي الملك فيه، فبذلك رغب قومه عنه؛ وأما إدريس، فإنه كان يعرج بعمله إلى السماء فيعدل عمله جميع عمل أهل الأرض، فاستأذن فيه ملكٌ من الملائكة أن يؤاخيه، فأذن الله له أن يؤاخيه، فسأله إدريس: أي أخي، هل بينك وبين ملك الموت إخاءٌ، فقال نعم، ذلك أخي دون الملائكة وهم يتآخون كما يتآخى بنو آدم، قال: هل لك أن تسأله لي كم بقي من أجلي لكي أزداد في العمل، قال: إن شئت سألته وأنت تسمع قال: فجعله الملك تحت جناحه حتى صعد به إلى السماء فسأل ملك الموت: أي أخي، كم بقى من أجل إدريس، قال: ما أدري حتى أنظر، قال: فنظر، قال: إنك تسألني عن رجلٍ ما بقى من أجله إلا طرف عينٍ؛ قال: فنظر الملك تحت جناحه، فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر). [الجامع في علوم القرآن: 1 / 29-30] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: كنا جلوسا إلى كعب أنا وربيع بن خثيم وخالد بن عرعرة ورهطٌ من أصحابنا فأقبل ابن عباس رجلٌ جميلٌ حسن الشعرة، فقال القوم: هذا ابن عم نبيكم فأوسعوا له؛ فجلس إلى جنب كعب فقال: يا كعب، كل القرآن قد علمت فيما أنزل غير ثلاثة أمور، إن كان لك بها علمٌ فأخبرني عنها؛ أخبرني ما {سجينٌ}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما قول الله لإدريس: {ورفعناه مكانا عليا}، قال كعب: أما {سجين} فإنها الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس، وأما {عليون} فإنها السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين، وأما {إدريس} فإن الله أوحى إليه إني رافعٌ لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم، فأحب أن تزداد عملا، فأتاه خليلٌ له من الملائكة، فقال له: إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملا؛ فحمل بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرا فكلمه، فكلمه ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: أين إدريس، فقال: ها هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: فالعجب بعثت قبل أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة وهو في الأرض؛ فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض، فقبض روحه هناك؛ فذلك قول الله {ورفعناه مكانا عليا}، وأما {سدرة المنتهى}، فإنها سدرة على رؤوس حملة العرش ينتهي إليها علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علمٌ، فلذلك سميت سدرة المنتهى لانتهاء العلم إليها). [الجامع في علوم القرآن: 2 /79-81] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّهِ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ معجِّبَهُ مِن عِلِّيِّينَ: وأيُّ شيءٍ أشعرَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا عِلِّيُّونَ ؟! ). [جامع البيان: 24 / 211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن كَعْبٍ قَالَ: هي قائمةُ العَرْشِ اليُمْنَى). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عِلِّيُّونَ: السَّمَاءُ السابعةُ). [الدر المنثور: 15 / 302]
تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث عن شمر بن عطيّة في قوله عزّ وجلّ: {إنّ كتاب الأبرار لفي عليين} قال: إذا عرج بروح المؤمن استقبله الملائكة المقرّبون في السّماء الدّنيا فيشيّعونه من السّماء العليا ثمّ رقم على روحه ثمّ قرأ: {وما أدراك ما عليون (19) كتابٌ مرقومٌ}). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 36] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. يقولُ جلَّ ثناؤُه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}، {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} أَيْ: مكتوبٌ بأمانٍ مِن اللَّهِ إيَّاهُ مِن الْنَّارِ يَومَ القيامةِ، والفوزِ بِالْجَنَّةِ، كما قد ذكرناهُ قَبْلُ عن كعبِ الأَحْبَارِ والضحَّاكِ بنِ مُزاحِمٍ.
وكما حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} رُقِمَ لهم). [جامع البيان: 24 / 211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15 / 301] (م)
تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. يقولُ: يَشْهَدُ ذَلِكَ الكِتَابَ المكتوبَ بأمانِ اللَّهِ للبَرِّ مِن عِبَادِهِ مِن النَّارِ، وفوزِهِ بِالْجَنَّةِ، الْمُقَرَّبُونَ مِن ملائكتِه مِن كُلِّ سَمَاءٍ مِن السماواتِ السَّبْعِ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: كُلُّ أهلِ السَّمَاءِ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}: مِن مَلاَئِكَة اللَّهِ.
حُدِّثْتُ عن الحسين،ِ قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْهَدُهُ مقرَّبو أهلِ كُلِّ سَمَاءٍ.
- حدَّثني يُونُس، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: الْمَلاَئِكَةُ). [جامع البيان: 24 / 211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15 / 301] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ الأَجْلَحِ, عن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: إِذَا قُبِضَ رُوحُ العَبْدِ المُؤْمِنِ عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيا، فيَنْطَلِقُ مَعَه المُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ. قَالَ الأَجْلَحُ: فقُلْتُ: وَمَا المُقَرَّبُونَ؟ قَالَ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى السماءِ الثانيةِ ثمَّ الثالثةِ ثمَّ الرابعةِ ثمَّ الخامسةِ ثمَّ السادسةِ ثمَّ السابعةِ, حتى يُنْتَهَى به إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى. فقَالَ الأَجْلَحُ: فقُلْتُ للضَّحَّاكِ: ولِمَ تُسَمَّى سِدْرَةَ المُنْتَهَى؟ قَالَ: لأنَّه يَنْتَهِي إليها كلُّ شَيْءٍ مِن أَمْرِ اللَّهِ لا يَعْدُوها. فيقولونَ: رَبِّ, عَبْدُكَ فُلانٌ. وهو أَعْلَمُ بِهِ منهم، فيَبْعَثُ اللَّهُ إليهم بصَكٍّ مَخْتُومٍ بِأَمْنِهِ مِنَ العَذَابِ، وذلك قولُه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, وابنُ أبي حَاتِمٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: الجَنَّةُ. وفي قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: كُلُّ أَهْلِ سَمَاءٍ). [الدر المنثور: 15 / 302] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: هم مُقَرَّبُو أَهْلِ كُلِّ سماءٍ, إِذَا مَرَّ بِهِم عَمَلُ المُؤْمِنِ شَيَّعَهُ مُقَرَّبو أهلِ كُلِّ سماءٍ, حَتَّى يَنْتَهِيَ العَمَلُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَشْهَدُونَ حَتَّى يُثْبَتَ في السَّمَاءِ السَّابِعَةِ). [الدر المنثور: 15 / 302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ خَالِدِ بنِ عَرْعَرَةَ وأَبِي عُجَيْلٍ, أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْباً عن قولِه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} الآيةَ. قَالَ: إنَّ المؤمنَ يَحْضُرُه المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ رَبِّه, فلا هم يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً ولا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَتُه، فإِذَا جاءتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَه، فدَفَعُوه إلى ملائكةِ الرَّحْمَةِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِن الخيرِ، ثُمَّ عَرَجُوا برُوحِه إلى السَّماءِ فيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَضعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِم، ولا يَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلاتَكُمْ عليهِ، فَيَقولُونَ: اللَّهُمَّ, هذا عَبْدُكَ فُلانٌ قَبَضْنَا نَفْسَه -فيَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوا -فنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا اليَوْمَ كِتَابَهُ. فيُنْشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحْتِ العَرْشِ فيُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِيهِ، وهم شُهودٌ، فذلك قولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. وسألَه عن قولِه: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} الآيةَ، قَالَ: إِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ يَحْضُرُهُ المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ اللَّهِ، فإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَهُ فدَفَعُوهُ إِلَى ملائكةِ العَذَابِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ, ثُمَّ هَبَطُوا بهِ إلى الأرضِ السُّفْلَى وهي سِجِّينٌ، وهي آخِرُ سُلطانِ إِبْلِيسَ، فأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فيها. وسأَلَه عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, فقَالَ: هي سِدْرَةٌ نَابِتَةٌ في السماءِ السابعةِ، ثمَّ عَلَتْ فانتَهَى عِلْمُ الخلائقِ إلى مَا دُونَها و{عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى}. قَالَ: جَنَّةُ الشُّهَدَاءِ). [الدر المنثور: 15 / 303] (م)
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الأَبْرَارَ الَّذِينَ بَرُّوا باتِّقاءِ اللَّهِ، وأداءِ فرائضِهِ، لَفِي نَعِيمٍ دائمٍ، لاَ يزولُ يَومَ القيامةِ، وذلك نعيمُهم فِي الجِنانِ). [جامع البيان: 24 / 212]
تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني تَعَالَى ذِكْرُهُ بقولِه: {عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} عَلَى السُّرُرِ فِي الحِجالِ مِن اللُّؤْلُؤِ والياقوتِ، ينظرونَ إلَى مَا أعطاهم اللَّهُ مِن الكرامةِ والنعيمِ، والحبْرةِ فِي الجنانِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بن عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {عَلَى الأَرَائِكِ}. قالَ: مِن اللُّؤْلُؤِ والياقوتِ.
قالَ: ثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن حُصَيْنٍ، عن مجاهدٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {الأَرَائِكِ}: السررِ فِي الحجالِ). [جامع البيان: 24 / 213]
تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( وقولُه: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تعرفُ فِي الأَبْرَارِ الَّذِينَ وصفَ اللَّهُ صفتَهم {نَضْرَةَ النَّعِيمِ}، يعني: حُسنَه وبريقَه وتلألُؤَهُ.
واختلفت القَرَأَةُ فِي قراءةِ قولِه: {تَعْرِفُ} فقرأتْه عامَّةُ قَرَأَةِ الأمصارِ سِوَى أَبِي جعفرٍ القارئِ: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ} بفتحِ التاءِ مِن (تَعْرِفُ) عَلَى وجهِ الْخِطَابِ {نَضْرَةَ النَّعِيمِ} بِنَصْبِ (نَضْرَةَ). وقرأَ ذَلِكَ أبو جعفرٍ: (تُعْرَفُ) بضمِّ التاءِ، عَلَى وجهِ مَا لم يُسمَّ فاعلُه، (فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ)، برفعِ (نَضْرَةُ).
والصوابُ مِن القراءةِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: مَا عَلَيْهِ قَرَأَةُ الأمصارِ، وذلك فَتْحُ التاءِ مِن {تَعْرِفُ} ونصبِ {نَضْرَةَ} ). [جامع البيان: 24 / 213-214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن علِيٍّ في قَوْلِهِ: {نَضْرَةَ النَّعِيمِ}. قَالَ: هي عَيْنٌ في الجَنَّةِ يَتَوضَّؤُونَ مِنْهَا ويَغْتَسِلونَ فتَجْرِي عليهم نَضْرَةُ النَّعِيمِ ). [الدر المنثور: 15 / 306]
تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) }
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : ( قولُهُ : (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يقولُ: يُسْقَى هَؤُلاءِ الأَبْرَارُ مِن خَمْرٍ صِرْفٍ لاَ غِشَّ فيها.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قالَ: مِن الْخَمْرِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يعني بالرحيقِ الْخَمْرَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ}. قالَ: خَمْرٍ.
-حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قالَ: الرحيقُ الْخَمْرُ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ {رَحِيقٍ} قالَ: هو الْخَمْرُ.
- حدَّثنا بِشْرٌ قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يقولُ: الْخَمْرِ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}: الرحيقُ المختومُ: الْخَمْرُ؛ قالَ حَسَّانُ:
يَسْقُونَ مَنْ ورَدَ البريصَ عليهمُ = برَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسلِ
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ، فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قالَ: هو الْخَمْرُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: الرحيقُ: الْخَمْرُ). [جامع البيان: 24 / 214-215]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يسقون من رحيق مختوم قال الرحيق الخمر). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الرَّحِيقُ: الخَمْرُ, والمَخْتُومُ: يَجِدُونَ عَاقِبَتَها طَعْمَ المِسْكِ). [الدر المنثور: 15 / 306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ الحَسَنِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ، {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّهُ لأهلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: آخِرُ طَعْمِه مِسْكٌ). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {مَخْتُومٍ}. قَالَ: مَمْزُوجٍ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طَعْمُهُ ورِيحُه). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في (البَعْثِ) مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ رَحِيقٍ} خمرٍ، {مَخْتُومٍ}. قَالَ: خُتِمَ بالمِسْكِ). [الدر المنثور: 15 / 308-309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أحمدُ وابنُ مَرْدُويَهْ, عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَفَعَهُ: ((أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً شَرْبَةً عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ)) ). [الدر المنثور: 15 / 309]
تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال أبو الدرداء {ختامه مسك} [سورة المطففين: 26] قال: شرابٌ أبيض مثل الفضة يختمون بها آخر شرابهم، لو أن رجلًا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روحٍ إلا وجد ريح طيبها).[الزهد لابن المبارك: 2/ 569]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن زيد بن معاوية، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود، قال: {ختامه مسك}، قال: خلطه وليس بخاتم يختمه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 569]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني محمّدٌ، عن سفيان الثّوريّ، عن الأشعث بن أبي الشّعثاء عن يزيد بن معاوية، عن علقمة بن قيسٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه قال في قول الله: {ختامه مسكٌ}، قال: ليس بخاتمٍ يختم، ألم تر قول المرأة من نساءكم إن خلطه من الطّيب كذا وكذا، إنّما هو خلطه مسكٌ، ليس بخاتمٍ يختتم). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى من رحيق مختوم قال هو الخمر ختامه مسك قال عاقبته مسك). [تفسير عبد الرزاق: 2 / 356]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ : (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمَّا قولُه: {مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} فإنَّ أهلَ التأويلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِه، فقالَ بَعْضُهُم: معنَى ذَلِكَ: ممزوجٌ مخلوطٌ، مِزاجُه وخلطُه مِسْكٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشَّعْثاءِ، عن يَزِيدَ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: ليسَ بخاتمٍ، وَلكِنْ خلطٌ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ سعيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: ثنا سفيانُ، عن أشعثَ بنِ سُليمٍ، عن زَيْدِ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: أَما إنه ليسَ بالخاتمِ الذي يختِمُ، أَمَا سَمِعْتُم المرأةَ مِن نِسَائِكُمْ تَقُولُ: طِيبُ كذا وكذا خلطُ مِسْكٍ؟.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عُبيدٍ المُحاربيُّ، قالَ: ثنا أَيُّوبُ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشعثاءِ، عمَّن ذَكَرَهُ، عن علقمةَ فِي قولِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: خلطُه مِسْكٌ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ {مَخْتُومٍ}. قالَ: ممزوجٍ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طَعْمُه وريحُه.
قالَ: ثنا وكيعٌ، عن أبيهِ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشعثاءِ، عن زَيْدِ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طَعْمُه وريحُه مِسْكٌ.
وقال آخرونَ: بلْ معنَى ذَلِكَ أَنَّ آخِرَ شرابِهم يُخْتَمُ بمسكٍ يُجْعَلُ فِيه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يقولُ: الْخَمْرُ خُتِمَ بالمسكِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طيَّبَ اللَّهُ لهم الْخَمْرَ، فَكَانَ آخِرَ شيءٍ جُعِلَ فيها حتَى تُختمَ المسكُ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: عاقبتُه مِسْكٌ، قَوْمٌ تُمْزَجُ لهم بالكافورِ، وتُختمُ بالمسكِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: عاقبتُه مِسْكٌ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طيَّبَ اللَّهُ لهم الْخَمْرَ، فوجدوا فيها فِي آخِرِ شيءٍ مِنهَا رِيحَ المسكِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا حاتمُ بنُ وردانَ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن إِبْراهِيمَ والحسنِ فِي هذه الآيَة: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالاَ: عاقبتُه مِسْكٌ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ, عن جابرٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سابطٍ، عن أَبِي الدرداءِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: فالشرابُ أبيضُ مِثْلُ الفضَّةِ، يَخْتِمونَ بِه شرابَهم، ولو أَنَّ رَجُلاً مِن أهلِ الدُّنيَا أدخلَ إصبعهُ فِيه ثُمَّ أخرجَها، لم يبقَ ذو رُوحٍ إِلاَّ وَجَدَ طِيبَها.
وقالَ آخرونَ: عُنِيَ بقولِه: {مَخْتُومٍ} مطيَّنٍ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: طينُه مِسْكٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طينُه مِسْكٌ.
- حدَّثني يُونُس، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مَخْتُومٍ}: الْخَمْرُ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: خِتَامُهُ عِنْدَ اللَّهِ مِسْكٌ، وختامُها الْيَوْمَ فِي الدُّنيَا طِينٌ.
وأوْلَى الأقوالِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا بالصوابِ قَوْلُ مَن قالَ: معنَى ذَلِكَ: آخرُه وعاقبتُه مِسْكٌ؛ أَي: هِي طَيِّبَةُ الرِّيحِ، إِنَّ ريحَها فِي آخِرِ شربِهم، يُخْتَمُ لَهُم بِرِيحِ المسكِ.
وإنَّما قلْنا: ذَلِكَ أوْلَى الأقوالِ فِي ذَلِكَ بالصحَّةِ؛ لأنَّه لاَ وجهَ للختمِ فِي كَلاَمِ العربِ إِلاَّ الطبعُ والفراغُ، كقولِهم: ختمَ فلانٌ القُرْآنَ: إِذا أَتَى عَلَى آخرِه، فَإِذا كانَ لاَ وجهَ للطبعِ عَلَى شَرَابِ أهلِ الجَنَّةِ يُفْهَمُ؛ إِذ كانَ شرابُهم جارياً جرْيَ الماءِ فِي الأَنْهَارِ، وَلَم يَكُنْ معتَّقاً فِي الدِّنانِ، فيُطيَّنَ عليها ويُختمَ –عُلِمَ أَنَّ الصحيحَ مِن ذَلِكَ هو الوجهُ الآخَرُ، وهُو الْعَاقِبَةُ والمشروبُ آخِراً، وهُو الذي خُتمَ بِه الشَّرَابُ. وأمَّا الختمُ بمعنَى المزجِ، فَلاَ نعلمُه مسموعاً مِن كَلاَمِ العربِ.
وقد اختلفت القَرَأَةُ فِي قراءةِ ذَلِكَ، فقرأتْه عامَّةُ قَرَأَةِ الأمصارِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} سِوَى الكِسائيِّ، فإنه كانَ يقرؤُه: (خَاتَمُهُ مِسْكٌ).
والصوابُ مِن الْقَوْلِ عِندَنَا فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قَرَأةُ الأمصارِ، وهُو {خِتَامُهُ}؛ لإجماعِ الْحُجَّةِ مِن القرَأةِ عَلَيْهِ. والختامُ والخاتمُ، وَإِن اختلفا فِي اللفظِ، فإنَّهما متقاربانِ فِي المعنى، غَيْرَ أَنَّ الخاتمَ اسْمٌ، والختامَ مصدرٌ؛ وَمِنْه قَوْلُ الفرزدقِ:
فَبِتنَ بجـانبي مصرعاتٍ.......وبتُّ أفضُّ أغلاقَ الختامِ
ونظيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هو كَرِيمُ الطابَعِ والطباعِ.
وقولُه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وفي هَذَا النَّعِيمِ الذي وصفَ جلَّ ثناؤُه أنه أَعْطَى هَؤُلاءِ الأَبْرَارَ فِي القيامةِ، فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافِسُونَ. والتنافسُ: أَنْ يَنْفَسَ الرجلُ عَلَى الرجلِ بالشيءِ يكونُ لَه، ويتمنَّى أَنْ يكونَ لَه دُونَه، وهُو مأخوذٌ مِن الشيءِ النفيسِ، وهُو الذي تَحْرِصُ عَلَيْهِ نفوسُ النَّاسِ وتطلبُه وتشتهيهِ، وكأنَّ معناهُ فِي ذَلِكَ: فليجدَّ النَّاسُ فِيه، وإليه فليستبقُوا فِي طلبِهِ، ولتحرصْ عَلَيْهِ نفوسُهم). [جامع البيان: 24 / 215-220]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): ( ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ختامه مسك يقول طيبه مسك). [تفسير مجاهد: 739]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): ( نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن زيد العيسى قال سألت علقمة بن قيس ختامه مسك قال خلطه مسك). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي الدرداء في قوله ختامه مسك قال هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده فيها ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أشعث بن أبي الشّعثاء، عن زيد بن معاوية، عن علقمة بن قيسٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: {ختامه مسكٌ} [المطففين: 26] قال: «خلطٌ وليس بخاتمٍ يختم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: آخِرُ طَعْمِه مِسْكٌ). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ هَنَّادٌ عَنْ زَيْدِ بنِ مُعَاوِيَةَ العَبْسِيِّ قالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ بنَ قَيْسٍ عن هذه الآيةِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. فَقَرَأَهَا (خَاتَمُهُ مِسْكٌ) وقالَ: خَاتَمُهُ: خِلاطُهُ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن عَلْقَمَةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: خِلْطُهُ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {مَخْتُومٍ}. قَالَ: مَمْزُوجٍ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طَعْمُهُ ورِيحُه). [الدر المنثور: 15 / 308] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيابيُّ والطبَرانِيُّ والحاكِمُ وصحَّحه والبَيْهَقِيُّ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: لَيْسَ بخَاتَمٍ يُخْتَمُ بِهِ، ولكنَّ خِلْطَهُ مِسْكٌ, ألَمْ تَرَ إلى المَرْأةِ مِن نسائِكُم تَقُولُ: خِلْطُه مِنَ الطِّيبِ كَذَا وكَذَا؟
وأخْرَجَ ابنُ الأنباريِّ في الوَقْفِ والابتداءِ, عن عَلْقَمَةَ مثلَه). [الدر المنثور: 15 / 309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ, عن أبي الدَّرْداءِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: هو شَرَابٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الفِضَّةِ, يَخْتِمونَ به آخِرَ شَرَابِهم, ولو أنَّ رَجُلاً مِن أهلِ الدنيا أَدْخَلَ أُصْبَعَهُ فيهِ ثُمَّ أخْرَجَها لم يَبْقَ ذُو رُوحٍ إلاَّ وَجَدَ رِيحَها). [الدر المنثور: 15 / 309]
تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن منصور، عن مالك بن الحارث، في قوله: {ومزاجه من تسنيم * عينًا يشرب بها المقربون} [سورة المطففين: 27-28] قال: هي عين يشرب بها المقربون صرفًا، ويمزج منها لأصحاب اليمين). [الزهد لابن المبارك: 2/ 569]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي شريح عن [عـ (؟) .. ... .. ] الخمر، وإن التسنيم عينٌ في الجنة). [الجامع في علوم القرآن: 1 / 4] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى من تسنيم قال تسنم عليهم تنصب عليهم من فوق وهو شراب المقربين). [تفسير عبد الرزاق: 2 /357]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى تسنيم قال تسنيم أشرف شراب أهل الجنة وهو صرف للمقربين ويمزج لأصحاب اليمين). [تفسير عبد الرزاق: 2 /357]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {ومزاجه من تسنيمٍ}، قال: يعلو فيتسنّم عليهم). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ومزاجُ هَذَا الرحيقِ مِن تَسْنِيمٍ. والتسنيمُ: التفعيلُ مِن قَوْلِ القائلِ: سَنَّمْتُهم العينَ تسنيماً: إِذا أجريتَها عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَكَانَ معناه فِي هَذَا الموضعِ: وَمِزَاجُه مِن ماءٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ فينحدرُ عَلَيْهِم. وَقَد كانَ مجاهدٌ والكلبيُّ يقولانِ فِي ذَلِكَ كذلكَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ يعلو.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ فِي قولِهِ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ ينصبُّ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، وهُو شَرَابُ المقربينَ.
وأما سائرُ أهلِ التأويلِ، فَقَالُوا: هو عَيْنٌ يُمزجُ بها الرحيقُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ، فأمَّا الْمُقَرَّبُونَ فيشربونَها صِرفاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ يشربُها الْمُقَرَّبُونَ، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: يشربُه الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ، عن مسروقٍ: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثني طلحةُ بنُ يَحْيَى اليربوعيُّ، قالَ: ثنا فُضيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: فِي الجَنَّةِ عَيْنٌ، يَشْرَبُ مِنهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: التسنيمُ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ، يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ، ويُمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ. قالَ. ثني أبي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}: عَيْناً مما في الجَنَّةِ، يُمزجُ بِهَا الْخَمْرُ.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: خفايا أخفاها اللَّهُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا عمرانُ بنُ عيينةَ، عن إِسْمَاعِيلَ، عن أَبِي صَالِحٍ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: هو أشرفُ شَرَابٍ فِي الجَنَّةِ، هو للمقرَّبينَ صِرْفٌ، وهُو لأَهْلِ الجَنَّةِ مِزاجٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ شريفٍ، عَيْنٍ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: بلغنا أَنَّهَا عَيْنٌ تَخْرُجُ مِن تَحْتِ العرشِ، وهي مزاجُ هذه الْخَمْرِ. يعني: مزاجُ الرحيقِ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ اسمُه تَسْنِيمٌ، وهُو مِن أشرفِ الشرابِ.
فتأويلُ الكلامِ: ومزاجُ الرحيقِ مِن عَيْنٍ تُسَنَّمُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَتَنْصَبُّ عَلَيْهِم، يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ مِن اللَّهِ صرفاً، وتمزجُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي وجهِ نَصْبِ قولِهِ: {عَيْناً}؛ فقالَ بَعْضُ نحويِّي البصرةِ: إِنْ شِئْتَ جعلْتَ نصبَه عَلَى: يُسْقَوْنَ عَيْناً. وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَه مدحاً فيُقْطَعُ مِن أَوَّلِ الكلامِ، فكأنَّكَ تَقُولُ: أعنِي عَيْناً.
وقال بَعْضُ نحويِّي الكوفةِ: نَصْبُ العينِ عَلَى وجهينِ: أَحَدُهُمَا: أَن يَنْوِيَ: مِن تَسْنِيمِ عَيْنٍ، فَإِذا نُوِّنتْ نُصِبَتْ، كما قالَ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}، وكما قالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً}، والوجهُ الآخَرُ: أَن ينويَ: مِن ماءٍ سُنِّمَ عَيْناً، كقولِك: رَفَعَ عَيْناً يَشْرَبُ بها. قالَ: وَإِنْ لم يَكُن التسنيمُ اسماً للماءِ فالعينُ نكرةٌ والتسنيمُ معرفةٌ، وَإِنْ كانَ اسماً للماءِ فالعينُ مَعْرِفَةٌ فخرجتْ نَصباً.
وقالَ آخَرُ مِن البصريِّينَ: {مِنْ تَسْنِيمٍ} معرفةٌ، ثُمَّ قالَ: {عَيْناً}. فجاءتْ نكرةً، فنصبتْها صفةً لَهَا. وقال آخَرُ: نُصِبَتْ بمعنى: مِن ماءٍ يتسنَّمُ عَيْناً.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: أَنَّ التسنيمَ اسْمٌ معرفةٌ وَالْعَيْنُ نكرةٌ، فنُصبتْ لذلك إِذْ كَانَتْ صفةً لَه.
وإنما قلْنا: ذَلِكَ هو الصوابُ؛ لِمَا قد قدَّمْنا مِن الروايةِ عن أهلِ التأويلِ، أَنَّ التسنيمَ هو العينُ، فَكَانَ معلوماً بِذَلِك أَنَّ العينَ إِذ كَانَتْ منصوبةً وهي نكرةٌ -أَنَّ التسنيمَ معرفةٌ). [جامع البيان: 24 / 220-225]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال التسنيم يعني بتسنيم يعلو شراب أهل الجنة). [تفسير مجاهد: 2 / 740]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شيبة عن عطاء قال التسنيم اسم العين التي تمزج بها الخمر). [تفسير مجاهد: 2 / 740]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ الحَسَنِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ، {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّهُ لأهلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن مالِكِ بنِ الحارثِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: هي عَيْنٌ في الجَنَّةِ يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: التَّسْنِيمُ أَفْضَلُ شَرَابِ أهلِ الجنةِ, ألَمْ تَسْمَعْ يُقَالُ للرَّجُلِ: إِنَّه لَفِي السَّنَامِ مِن قَوْمِه؟). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ, عن عطاءٍ قَالَ: التَّسْنِيمُ اسْمُ العَيْنِ التي يُمْزَجُ بها الخَمْرُ). [الدر المنثور: 15 / 309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وسعيدُ بنُ منصورٍ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: {تَسْنِيمٍ}. أَشْرَفُ شَرَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وهو صِرْفٌ للمُقرَّبينَ, ويُمْزَجُ لأصحابِ اليَمينِ). [الدر المنثور: 15 / 309-310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ وسعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: عَيْنٌ في الجنَّةِ تُمْزَجُ لأَصْحَابِ اليمينِ, ويَشْرَبُ بها المُقَرَّبونَ صِرْفاً). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ يُوسُفَ بنِ مِهْرانَ, عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه سُئِلَ عن قولِه: {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: هذا مِمَّا قَالَ اللَّهُ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ: تَسْنِيمٌ عَيْنٌ فِي عَدْنٍ؛ يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبونَ فِي عَدْنٍ صِرْفاً, ويَجْرِي تَحْتَهُم أَسْفَلَ مِنْهُم إلى أَصْحَابِ اليَمِينِ فتُمْزَجُ بها أَشْرِبَتُهُمْ كُلُّهَا المَاءُ والخَمْرُ واللَّبَنُ والعَسَلُ يُطَيَّبُ بِهَا أَشْرِبَتُهُمْ). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وابنُ المُنْذِرِ, عن الكَلْبِيِّ قَالَ: تَسْنِيمٌ عَيْنٌ تُثْعَبُ عليهم مِن فَوْقُ, وهو شرابُ المُقرَّبينَ). [الدر المنثور: 15 / 310]
تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ومزاجُ هَذَا الرحيقِ مِن تَسْنِيمٍ. والتسنيمُ: التفعيلُ مِن قَوْلِ القائلِ: سَنَّمْتُهم العينَ تسنيماً: إِذا أجريتَها عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَكَانَ معناه فِي هَذَا الموضعِ: وَمِزَاجُه مِن ماءٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ فينحدرُ عَلَيْهِم. وَقَد كانَ مجاهدٌ والكلبيُّ يقولانِ فِي ذَلِكَ كذلكَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ يعلو.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ فِي قولِهِ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ ينصبُّ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، وهُو شَرَابُ المقربينَ.
وأما سائرُ أهلِ التأويلِ، فَقَالُوا: هو عَيْنٌ يُمزجُ بها الرحيقُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ، فأمَّا الْمُقَرَّبُونَ فيشربونَها صِرفاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ يشربُها الْمُقَرَّبُونَ، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: يشربُه الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ، عن مسروقٍ: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثني طلحةُ بنُ يَحْيَى اليربوعيُّ، قالَ: ثنا فُضيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: فِي الجَنَّةِ عَيْنٌ، يَشْرَبُ مِنهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: التسنيمُ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ، يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ، ويُمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ. قالَ. ثني أبي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}: عَيْناً مما في الجَنَّةِ، يُمزجُ بِهَا الْخَمْرُ.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: خفايا أخفاها اللَّهُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا عمرانُ بنُ عيينةَ، عن إِسْمَاعِيلَ، عن أَبِي صَالِحٍ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: هو أشرفُ شَرَابٍ فِي الجَنَّةِ، هو للمقرَّبينَ صِرْفٌ، وهُو لأَهْلِ الجَنَّةِ مِزاجٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ شريفٍ، عَيْنٍ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: بلغنا أَنَّهَا عَيْنٌ تَخْرُجُ مِن تَحْتِ العرشِ، وهي مزاجُ هذه الْخَمْرِ. يعني: مزاجُ الرحيقِ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ اسمُه تَسْنِيمٌ، وهُو مِن أشرفِ الشرابِ.
فتأويلُ الكلامِ: ومزاجُ الرحيقِ مِن عَيْنٍ تُسَنَّمُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَتَنْصَبُّ عَلَيْهِم، يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ مِن اللَّهِ صرفاً، وتمزجُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي وجهِ نَصْبِ قولِهِ: {عَيْناً}؛ فقالَ بَعْضُ نحويِّي البصرةِ: إِنْ شِئْتَ جعلْتَ نصبَه عَلَى: يُسْقَوْنَ عَيْناً. وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَه مدحاً فيُقْطَعُ مِن أَوَّلِ الكلامِ، فكأنَّكَ تَقُولُ: أعنِي عَيْناً.
وقال بَعْضُ نحويِّي الكوفةِ: نَصْبُ العينِ عَلَى وجهينِ: أَحَدُهُمَا: أَن يَنْوِيَ: مِن تَسْنِيمِ عَيْنٍ، فَإِذا نُوِّنتْ نُصِبَتْ، كما قالَ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}، وكما قالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً}، والوجهُ الآخَرُ: أَن ينويَ: مِن ماءٍ سُنِّمَ عَيْناً، كقولِك: رَفَعَ عَيْناً يَشْرَبُ بها. قالَ: وَإِنْ لم يَكُن التسنيمُ اسماً للماءِ فالعينُ نكرةٌ والتسنيمُ معرفةٌ، وَإِنْ كانَ اسماً للماءِ فالعينُ مَعْرِفَةٌ فخرجتْ نَصباً.
وقالَ آخَرُ مِن البصريِّينَ: {مِنْ تَسْنِيمٍ} معرفةٌ، ثُمَّ قالَ: {عَيْناً}. فجاءتْ نكرةً، فنصبتْها صفةً لَهَا. وقال آخَرُ: نُصِبَتْ بمعنى: مِن ماءٍ يتسنَّمُ عَيْناً.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: أَنَّ التسنيمَ اسْمٌ معرفةٌ وَالْعَيْنُ نكرةٌ، فنُصبتْ لذلك إِذْ كَانَتْ صفةً لَه.
وإنما قلْنا: ذَلِكَ هو الصوابُ؛ لِمَا قد قدَّمْنا مِن الروايةِ عن أهلِ التأويلِ، أَنَّ التسنيمَ هو العينُ، فَكَانَ معلوماً بِذَلِك أَنَّ العينَ إِذ كَانَتْ منصوبةً وهي نكرةٌ -أَنَّ التسنيمَ معرفةٌ). [جامع البيان: 24 / 220-225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)