جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة {كلا بل تكذبون بالدين}؛ قال: يوم يدين الله العباد بأعمالهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 354]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله تعالى: {تكذبون بالدين} قال: الدّين: القضاء). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 99]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ليسَ الأَمْرُ أيُّها الكافِرُونَ كما تَقُولُونَ، مِنْ أَنَّكُم على الحقِّ في عِبادَتِكم غيرَ اللَّهِ، ولكِنَّكُم تُكَذِّبُونَ بالثوابِ والعِقابِ والجَزَاءِ والحِسابِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في معنَى قوْلِهِ: {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}، قالَ: بالحِسابِ.
- حَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}، قالَ: بيوْمِ الحِسَابِ.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}، قالَ: يومُ شِدَّةٍ، يومَ يَدِينُ اللَّهُ العِبَادَ بأعمالِهِم). [جامع البيان: 24/ 180-181]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {بل تكذبون بالدين}؛ بالحساب). [تفسير مجاهد: 2/ 736]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدِّينِ}
- أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, وابنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدِّينِ}؛ قَالَ: بالحِسابِ). [الدر المنثور: 15/ 285]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن القرظي في قول الله: {لولا أن رأى برهان ربه}، رأى، {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}، فقال: ما إليك من سبيلٍ (؟) .. .. ، {عليكم لحافظين (10) كراما كاتبين} ........ ، فقال: ما إليك من سبيلٍ، ثم رأى .... {اليوم تجزى كل نفسٍ بما كسبت}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ .. ] وآية أخرى: {وما تكون في شأنٍ وما تتلو منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 145-146] (م)
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، قال: دخلنا على محمّد بن سوقة، فقال: أحدّثكم بحديثٍ لعلّه ينفعكم فإنّه قد نفعني، قال: قال لنا عطاء بن أبي رباحٍ: يا ابن أخي، إنّ من كان قبلكم كان يكره فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن تقرأه، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكرٍ، وأن تنطق بحاجتك في معيشتك الّتي لا بدّ لك منها، أتنكرون أنّ عليكم حافظين، كرامًا كاتبين، وأنّ {عن اليمين وعن الشّمال قعيدٌ * ما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيبٌ عتيدٌ} أما يستحيي أحدكم لو نشر صحيفته الّتي أملى صدر نهاره وأكثر ما فيها ليس من أمر دينه، ولا دنياه). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 438]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ}، يقولُ: وإنَّ عَلَيكم رُقَبَاءَ حَافِظِينَ يَحْفَظُونَ أعمالَكُم، ويُحْصُونَها علَيْكُم. {كِرَاماً كَاتِبِينَ}، يقولُ: كِراماً على اللَّهِ كَاتِبِينَ، يَكْتُبُونَ أَعْمَالَكُمْ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يَعقوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ قالَ: قالَ بعضُ أصحابِنا، عنْ أَيُّوبَ في قَوْلِهِ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ}، قالَ: يَكْتُبُونَ مَا تَقُولُونَ ومَا تَعْنُونَ). [جامع البيان: 24/ 181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قَوْلُهُ تَعالَى: {وإنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ}.
- أخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جعَلَ اللَّهُ على ابنِ آدَمَ حَافِظَيْنِ في الليلِ وحافِظَيْنِ في النهارِ, يحفظانِ عملَه ويَكْتُبانِ أثَرَه). [الدر المنثور: 15/ 285-286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ البَزَّارُ, عن أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ]: «مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّهِ مَا حَفِظَا في يَوْمٍ فيَرَى في أَوَّلِ الصَّحِيفَةِ وآخِرِهَا اسْتِغْفَاراً إِلاَّ قَالَ اللَّهُ: قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ما بَيْنَ طَرَفَيِ الصَّحِيفَةِ»). [الدر المنثور: 15 / 286]
تفسير قوله تعالى: {كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)}
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا أبو بكر بن أبي النّضر، أخبرني أبو النّضر هاشم بن القاسم، حدّثنا عبيد الله الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن عبيد المكتب، عن فضيلٍ، عن الشّعبيّ، عن أنسٍ، قال: كنّا عند رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]، فضحك، فقال: «هل تدرون ممّا ضحكت؟»، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «من مخاطبة العبد ربّه، يقول: يا ربّ، ألم تجرني من الظّلم؟» قال: يقول: بلى، قال: فيقول: «إنّي لا أجيز على نفسي إلّا شاهدًا منّي، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بأعماله، ثمّ يخلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل»، قال أبو عبد الرّحمن: ما أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعيّ، وهو حديثٌ غريبٌ، والله أعلم). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 326]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ}، يقولُ: وإنَّ عَلَيكم رُقَبَاءَ حَافِظِينَ يَحْفَظُونَ أعمالَكُم، ويُحْصُونَها علَيْكُم. {كِرَاماً كَاتِبِينَ}، يقولُ: كِراماً على اللَّهِ كَاتِبِينَ، يَكْتُبُونَ أَعْمَالَكُمْ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يَعقوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ قالَ: قالَ بعضُ أصحابِنا، عنْ أَيُّوبَ في قَوْلِهِ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ}، قالَ: يَكْتُبُونَ مَا تَقُولُونَ ومَا تَعْنُونَ). [جامع البيان: 24/ 181](م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قَوْلُهُ تَعالَى: {وإنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ}.
- أخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جعَلَ اللَّهُ على ابنِ آدَمَ حَافِظَيْنِ في الليلِ وحافِظَيْنِ في النهارِ, يحفظانِ عملَه ويَكْتُبانِ أثَرَه). [الدر المنثور: 15/ 285-286] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ البزَّارُ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ]: «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنِ التَّعَرِّي, فاسْتَحْيُوا مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ مَعَكُمُ الكِرَامِ الكَاتِبِينَ الَّذِينَ لا يُفَارِقُونَكُمْ إِلاَّ عِنْدَ إِحْدَى ثَلاثِ حَاجَاتٍ: الغَائِطِ والجَنَابَةِ والغُسْلِ» ). [الدر المنثور: 15/ 286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خرَج رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ] عندَ الظَّهيرةِ فرأَى رجُلاً يَغْتَسِلُ بفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فحَمِدَ اللَّهَ وأثْنَى عليهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فاتَّقُوا اللَّهَ وأَكْرِمُوا الكِرَامَ الكَاتِبِينَ الَّذِينَ مَعَكُمْ, لَيْسَ يُفَارِقُونَكُمْ إِلاَّ عِنْدَ إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ: حَيْثُ يَكُونُ الرَّجُلُ علَى خَلائِهِ، أو يَكُونُ مَعَ أَهْلِه؛ لأَنَّهُمْ كِرَامٌ كما سَمَّاهُمُ اللَّهُ، فيَسْتَتِرُ أَحَدُكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ بجِذْمِ حَائِطٍ أو ببَعِيرِه؛ فإِنَّهُمْ لا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ»). [الدر المنثور: 15/ 286]
تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}، يقولُ: يَعْلَمُ هؤلاءِ الحافِظُونَ ما تَفْعَلُونَ مِنْ خيرٍ أوْ شرٍّ، يُحْصُونَ ذلكَ علَيْكُم). [جامع البيان: 24/ 182]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}، يقولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ الَّذينَ بَرُّوا بأَدَاءِ فرائِضِ اللَّهِ، واجْتنابِ مَعَاصِيهِ لَفِي نَعِيمِ الجِنانِ يَنْعَمُونَ فِيهَا). [جامع البيان: 24/ 182]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ} الذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم {لَفِي جَحِيمٍ} ). [جامع البيان: 24/ 182]
تفسير قوله تعالى: {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ}، يقولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَصْلَى هؤلاءِ الفُجَّارُ الجَحِيمَ يومَ القيامَةِ، يومَ يُدانُ العِبادُ بالأعمالِ، فيُجَازَونَ بِهَا.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي علِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعاويَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: قولُهُ: {يَوْمَ الدِّينِ} مِنْ أسماءِ يومِ القيامَةِ، عَظَّمَهُ اللَّهُ وحَذَّرَهُ عِبَادَهُ). [جامع البيان: 24/ 182]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا هؤلاءِ الفُجَّارُ عَن الجحيمِ بِخَارِجِينَ أبداً فغائِبِينَ عنها، ولكنَّهم فيها مُخَلَّدُونَ ماكِثُونَ، وكذلكَ الأبرارُ في النعيمِ، وذلكَ نَحْوُ قولِهِ: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} ). [جامع البيان: 24/ 181-183]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: وما أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ؛ أيْ: وما أشْعَرَكَ ما يومُ الدِّينِ؟ يقولُ: أيُّ شيءٍ يومُ الحِسَابِ والمُجَازَاةِ؛ مُعَظِّماً شَأْنَهُ جلَّ ذِكْرُهُ بِقِيلِهِ ذلكَ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}؛ تَعْظيماً ليومِ القيامَةِ، يومَ يُدانُ فيهِ الناسُ بأعمالِهِم). [جامع البيان: 24/ 183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} الآيةَ.
- أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}؛ قَالَ: تَعْظِيمٌ ليَوْمِ القِيَامَةِ يَوْمَ يَدَّانُ النَّاسُ فيهِ بأعمالِهم). [الدر المنثور: 15/ 386-287] (م)
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}، يقولُ: ثُمَّ أيُّ شيءٍ أشْعَرَكَ أيُّ شَيْءٍ يومُ المُجَازاةِ والحسابِ يا مُحَمَّدُ؛ تَعْظيماً لأمرِهِ). [جامع البيان: 24/ 183]
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {والأمر يومئذ لله}؛ قال: ليس ثم أحد يقضي شيئا ولا يصنع شيئا إلا الله رب العالمين). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 354]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثُمَّ فسَّرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بعضَ شَأْنِهِ فقالَ: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ذلكَ اليومُ {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نفسٌ}، يقولُ: يومَ لا تُغْنِي نفسٌ عنْ نفسٍ شيئاً، فتَدْفَعُ عنها بَلِيَّةً نَزَلَتْ بِها، ولا تَنْفَعُها بنافِعَةٍ، وقد كانَتْ في الدنيا تَحْمِيها وتَدْفَعُ عنها مَنْ بَغَاهَا سُوءاً، فَبَطَلَ ذلكَ يَوْمَئِذٍ؛ لأنَّ الأمْرَ صارَ للَّهِ لا يَغْلِبُهُ غالِبٌ، ولا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، واضْمَحَلَّتْ هُنَالِكَ المَمَالِكُ، وذَهَبَت الرِّياسَاتُ، وَحَصَلَ المُلْكُ للمَلِكِ الجبَّارِ، وذلكَ قولُهُ: {وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، يقولُ: والأَمْرُ كلُّهُ يَوْمَئِذٍ، يعنِي: الدِّينُ للَّهِ دُونَ سائِرِ خلْقِهِ، ليسَ لأحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ معَهُ يَوْمَئِذٍ أَمْرٌ وَلا نَهْيٌ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، قالَ: ليسَ ثَمَّ أحَدٌ يومَئذٍ يَقْضِي شيئاً، ولا يَصْنَعُ شيئاً إلاَّ ربُّ العالَمِينَ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولَهُ: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، والأمرُ واللَّهِ اليومَ لِلَّهِ، ولكِنَّهُ يَوْمَئِذٍ لا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ.
واخْتَلَفَت القَرَأَةُ في قِراءَةِ قَوْلِهِ: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ}؛ فَقَرَأَتْهُ عامَّةُ قَرَأَةِ الحِجَازِ والكوفَةِ بنَصْبِ {يَوْمَ}؛ إذْ كانَتْ إضافَتُهُ غيرَ مَحْضَةٍ. وقَرَأَهُ بعضُ قَرَأَةِ البَصْرَةِ بِضَمِّ (يَوْمُ) ورَفْعِهِ؛ رَدًّا على اليومِ الأوَّلِ. والرفعُ فيهِ أفْصَحُ في كلامِ العربِ؛ وذلكَ أنَّ اليوْمَ مضافٌ إلى يَفْعلُ، والعربُ إذا أَضَافَت اليَوْمَ إلى تَفْعلُ أوْ يَفْعلُ أوْ أَفْعلُ رَفَعُوهُ فقالُوا: هذا يومُ أَفْعلُ كذا، وإِذَا أضافَتْهُ إلى فِعْلٍ ماضٍ نَصَبُوهُ، ومِنهُ قوْلُ الشاعِرِ:
على حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ....... وَقُلْتُ أَلَمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وَازِعُ؟!).
[جامع البيان: 24/ 183-184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} الآيةَ.
- أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}؛ قَالَ: تَعْظِيمٌ ليَوْمِ القِيَامَةِ يَوْمَ يَدَّانُ النَّاسُ فيهِ بأعمالِهم. وفي قَوْلِهِ: {والأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ}؛ قَالَ: لَيسَ ثَمَّ أحَدٌ يَقْضِي شَيْئاً ولا يَصْنَعُ شَيْئاً غَيْرُ رَبِّ العَالَمِينَ). [الدر المنثور: 15/ 386-287]