جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القولُ في تأويلِ قولِهِ تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ لنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هلْ أَتَاكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ موسَى بنِ عِمْرَانَ، وهلْ سَمِعْتَ خَبَرَهُ حينَ نَاجَاهُ رَبُّهُ بالوادِ المُقَدَّسِ). [جامع البيان: 24/ 78] (م)
تفسير قوله تعالى: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {بالواد المقدس طوى}؛ قال: هو اسم الوادي وقال الحسن المقدس قدس مرتين). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 345-346]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القولُ في تأويلِ قولِهِ تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ لنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هلْ أَتَاكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ موسَى بنِ عِمْرَانَ، وهلْ سَمِعْتَ خَبَرَهُ حينَ نَاجَاهُ رَبُّهُ بالوادِ المُقَدَّسِ، يعنِي بالمُقَدَّسِ: المُطَهَّرَ المُبارَكَ.
وقدْ ذكَرْنَا أقوَالَ أهْلَ العِلْمِ في ذلكَ فيمَا مضَى، فأَغْنَى عنْ إِعَادَتِهِ في هذا المَوْضِعِ، وكذلكَ بَيَّنَّا مَعْنَى قولِهِ: {طُوًى}، وما قالَ فيهِ أهلُ التأوِيلِ، غيرَ أنَّا نَذْكُرُ بَعْضَ ذلكَ هَا هُنا.
وقد اخْتَلَفَ أهلُ التَّأْوِيلِ في قوْلِهِ: {طُوًى}، فقالَ بعضُهم: هوَ اسْمُ الوادِي.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {طُوًى} اسْمُ الوَادِي.
حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى}، قالَ: اسْمُ المُقَدَّسِ طُوًى.
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}، كنَّا نُحَدَّثُ أنَّهُ قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ، واسْمُ الوادِي طُوًى.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ معنَى ذلكَ: طَأِ الأَرْضَ حَافِياً.
ذِكْرُ بَعْضِ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى}، قالَ: طَأِ الأَرْضَ بِقَدَمِكَ.
وقالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذلكَ أنَّ الوَادِيَ قُدِّسَ طُوًى؛ أيْ: مَرَّتَيْنِ، وقدْ بَيَّنَّا ذلكَ كُلَّهُ ووجوهَهُ فيما مضَى بما أَغْنَى عنْ إِعادَتِهِ في هذا المَوْضِعِ. وقَرَأَ ذلكَ الحسَنُ بكسرِ الطاءِ، وقالَ: ثَبَتَتْ فِيهِ البرَكَةُ والتقديسُ مَرَّتَيْنِ.
حَدَّثَنَا بذلكَ أحمدُ بنُ يُوسُفَ قالَ: ثَنَا القاسِمُ قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عنْ عَوْفٍ، عن الحَسَنِ.
واخْتَلَفَت القَرَأَةُ في قِراءَةِ ذلكَ، فقَرَأَتْهُ عامَّةُ قَرَأَةِ المَدِينَةِ والبَصْرَةِ: (طُوًى) بالضمِّ ولمْ يُجْرُوهُ. وقَرَأَ ذلكَ بعضُ أهْلِ الشَّأْمِ والكوفَةِ: (طُوًى) بضمِّ الطاءِ والتنوينِ). [جامع البيان: 24 / 78-80]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد طوى قال طوى اسم الوادي). [تفسير مجاهد: 727]
تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن التيمي عن عبيد الله بن أبي نصر قال حدثني صخر ابن جويرية قال: لما بعث الله موسى إلى فرعون قال: {اذهب إلى فرعون إنه طغى} إلى قوله تعالى: {وأهديك إلى ربك فتخشى} ولن يفعل، فقال موسى: يا رب وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لن يفعل فأوحى الله إليه أن امض كما أمرت به فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 346]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}؛ يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: نادَى مُوسَى رَبُّهُ: أن اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ، فحُذِفَتْ أنْ؛ إذْ كانَ النداءُ قولاً، فكأنَّهُ قيلَ: قَالَ لموسَى رَبُّهُ: اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ. وقولُهُ: {إِنَّهُ طَغَى}؛ يَقُولُ: عَتَا وَتَجَاوَزَ حَدَّهُ في العُدْوَانِ والتَّكَبُّرِ على رَبِّهِ). [جامع البيان: 24/ 80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الآيةَ.
أخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}؛ قَالَ: عَصَى). [الدر المنثور: 15/ 229] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وابنُ المُنْذِرِ, عن صَخْرِ بنِ جُوَيْرِيةَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَى إلى فِرْعَوْنَ قَالَ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، إلى قولِه: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فتَخْشَى}؛ ولَنْ يَفْعَلَهُ؛ فقَالَ موسَى: يَا رَبِّ, كيفَ أَذْهَبُ إليهِ وقَدْ عَلِمْتَ أنَّه لا يَفْعَلُ؟ فأَوْحَى اللَّهُ إليهِ أَنِ امْضِ إلى ما أُمِرْتَ به؛ِ فإنَّ في السماءِ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ يَطْلُبونَ عِلْمَ القَدَرِ، فَلَمْ يَبْلُغوهُ، ولَمْ يُدْرِكُوهُ). [الدر المنثور: 15/ 230]
تفسير قوله تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}؛ يَقُولُ: فقُلْ لهُ: هلْ لكَ إلى أنْ تَتَطَهَّرَ مِنْ دَنَسِ الكُفْرِ، وتُؤْمِنَ بِرَبِّكَ؟ كما حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}، قالَ: إلى أَنْ تُسْلِمَ.
قالَ: وَالتَّزَكِّي في القُرْآنِ كُلِّهِ: الإسلامُ، وقَرَأَ قوْلَ اللَّهِ: {وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى}، قالَ: مَنْ أسلَمَ، وقَرَأَ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}، قالَ: يُسْلِمُ، وَقَرَأَ: {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى}؛ أنْ: لا يُسْلِمَ.
حَدَّثَنِي سعيدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الحَكَمِ قالَ: ثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ العَدَنِيُّ، عن الحكمِ بنِ أَبَانٍ، عنْ عِكْرِمَةَ: قَوْلُ مُوسَى لفرعونَ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}: هلْ لكَ إلى أنْ تَقُولَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
واخْتَلَفَت القَرَأَةُ في قراءَةِ قولِهِ: {تَزَكَّى}؛ فقَرَأَتْهُ عامَّةُ قَرَأَةِ المدينةِ: (تَزَّكَّى) بتشديدِ الزايِ، وقَرَأَتْهُ عامَّةُ قَرَأَةِ الكوفةِ والبصرةِ: {إِلَى أَنْ تَزَكَّى} بتخفيفِ الزايِ.
وكانَ أبو عمرٍو يَقُولُ فيمَا ذُكِرَ عنهُ: (تَزَّكَّى) بتشديدِ الزايِ بمعنى: تَتَصَدَّقَ بالزكاةِ، فتقولُ: تَتَزَكَّى، ثمَّ تُدْغِمُ. وموسَى لمْ يَدْعُ فرعونَ إلى أنْ يَتَصَدَّقَ وهوَ كافِرٌ، إنَّما دعاهُ إلى الإسلامِ، فقالَ: تَزَكَّى؛ أيْ: تَكونَ زَاكِياً مؤمناً، والتخفيفُ في الزايِ هوَ أفصحُ القراءَتَيْنِ في العربيَّةِ). [جامع البيان: 24/ 80-81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}؛ قَالَ: هل لَكَ إلى أنْ تَقُولَ: لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ؟). [الدر المنثور: 15/ 230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الأسماءِ والصِّفاتِ من طريقِ عِكْرِمةَ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}؛ قَالَ: إِلَى أَنْ تَقُولَ: لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ). [الدر المنثور: 15/ 230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}؛ قَالَ: إلى أن تُخْلِصَ). [الدر المنثور: 15/ 231] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القولُ في تأويلِ قولِهِ تعالى: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}
يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ لنَبِيِّهِ موسَى: قُلْ لفرعونَ: هلْ لكَ إلى أنْ أُرْشِدَكَ إلى ما يُرْضِي ربَّكَ عَنْكَ، وذلكَ الدِّينُ القيِّمُ، {فَتَخْشَى}، يَقُولُ: فتَخْشَى عِقابَهُ بأداءِ ما أَلْزَمَكَ مِنْ فرائِضِهِ، واجْتِنابِ ما نهاكَ عنهُ منْ مَعاصِيهِ). [جامع البيان: 24/ 81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وابنُ المُنْذِرِ, عن صَخْرِ بنِ جُوَيْرِيةَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَى إلى فِرْعَوْنَ قَالَ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، إلى قولِه: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فتَخْشَى}، ولَنْ يَفْعَلَهُ؛ فقَالَ موسَى: يَا رَبِّ, كيفَ أَذْهَبُ إليهِ وقَدْ عَلِمْتَ أنَّه لا يَفْعَلُ؟ فأَوْحَى اللَّهُ إليهِ أَنِ امْضِ إلى ما أُمِرْتَ به؛ِ فإنَّ في السماءِ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ يَطْلُبونَ عِلْمَ القَدَرِ، فَلَمْ يَبْلُغوهُ، ولَمْ يُدْرِكُوهُ). [الدر المنثور: 15/ 230] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {الآية الكبرى}؛ قال: عصاه ويده). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 346]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {الآية الكبرى}: " عصاه ويده). [صحيح البخاري: 6/ 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ مُجَاهِدٌ: {الآيةُ الكُبرَى}: عَصَاهُ ويَدَهُ) وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِ ابنِ أَبِي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ بهذا، وكذا قَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ عَن مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ مِثْلَهُ). [فتح الباري: 8/ 690]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الآيَةَ الكُبْرَى}: عَصَاهُ وَيَدَهُ.
أي: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى}؛ أَيْ: فَأَرَى مُوسَى -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فِرْعَوْنَ الآيةَ الْكُبْرَى، وفَسَّرَهَا مُجَاهِدٌ بِعَصَاهُ وَيَدِهِ حِينَ خَرَجَتْ بَيْضَاءَ، وكذا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ). [عمدة القاري: 19/ 276]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وقَالَ مُجَاهِدٌ: فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {الآيَةَ الْكُبْرَى} هي (عَصَاهُ) التي قُلِبَتْ حَيَّةً (وَيَدُهُ) البيضاءُ من آياتِهِ التِّسْعِ). [إرشاد الساري: 7/ 410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى}؛ يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: فأَرَى موسَى فِرْعَوْنَ الآيَةَ الكُبْرَى، يعنِي: الدلالةَ الكبرَى على أنَّهُ لِلَّهِ رسولٌ أرْسَلَهُ اللهُ. فكانَتْ تلكَ الآيَةُ يَدَ موسَى؛ إذْ أَخْرَجَها بيضاءَ للناظِرِينَ، وعصَاهُ؛ إذْ تَحَوَّلَت ثُعباناً مُبِيناً.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي أبو زَائِدَةَ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ قالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ سَيْفٍ أبي رَجَاءٍ، هكذا هوَ في كتابِي، وأظنُّهُ عنْ نُوحِ بنِ قيْسٍ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ سيْفٍ قالَ: سَمِعْتُ الحسَنَ يَقُولُ في هذهِ الآيَةِ: {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى}، قالَ: يَدَهُ وعَصَاهُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}، قالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، قولُهُ: {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى}، قالَ: رَأَى يَدَ مُوسَى وَعَصَاهُ، وَهُمَا آيتانِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {الآيَةَ الْكُبْرَى}، قالَ: عَصَاهُ وَيَدَهُ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى}، قالَ: العَصا والْحَيَّةَ). [جامع البيان: 24/ 82]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: نا آدم قال: نا سلام بن مسكين قال: سألت الحسن عن قوله: {فأراه الآية الكبرى}؛ قال: يعني يده وعصاه). [تفسير مجاهد: 727]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الآيةَ.
- أخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}؛ قَالَ: عَصَى, وفي قَوْلِهِ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}؛ قَالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ). [الدر المنثور: 15/ 229] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}؛ قَالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ). [الدر المنثور: 15/ 230] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَكَذَّبَ وَعَصَى}، يَقُولُ: فكَذَّبَ فرعونُ موسَى فيما أَتَاهُ مِن الآياتِ المُعْجِزَةِ، وعَصَاهُ فيما أَمَرَهُ بهِ مِنْ طاعَتِهِ رَبَّهُ، وخَشْيَتِهِ إيَّاهُ). [جامع البيان: 24/ 83]
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، يَقُولُ: ثُمَّ وَلَّى مُعْرِضاً عمَّا دعاهُ إليهِ موسَى مِنْ طاعتِهِ ربَّهُ، وخَشْيَتِهِ وتوحيدِهِ. {يَسْعَى}، يَقُولُ: يَعْمَلُ في معصيَةِ اللَّهِ، وفيما يُسْخِطُهُ عليهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، قولُهُ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، قالَ: يَعْمَلُ بالفَسَادِ). [جامع البيان: 24/ 83]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {ثم أدبر يسعى}؛ قال: يقول: يسعى بالفساد كقوله: ويسعون في الأرض فسادا وليس هو الشد). [تفسير مجاهد: 727]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الآيةَ.
- أخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}؛ قَالَ: عَصَى, وفي قَوْلِهِ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}، قَالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ. وفي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، قَالَ: يَعْمَلُ بالفَسَادِ). [الدر المنثور: 15/ 229-230] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}، قَالَ: إلى أن تُخْلِصَ. وفي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، قَالَ: لَيْسَ بالشدِّ, يَعْمَلُ بالفَسادِ والمعاصِي). [الدر المنثور: 15/ 231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن الربيعِ في قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، قَالَ: أَدْبَرَ عن الحقِّ, وسعَى يَجْمَعُ). [الدر المنثور: 15/ 231]
تفسير قوله تعالى: {فَحَشَرَ فَنَادَى (23)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَحَشَرَ فَنَادَى}، يَقُولُ: فجَمَعَ قَوْمَهُ وأَتْبَاعَهُ فنادَى فيهم، {فَقَالَ} لهُمْ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} الذي كُلُّ رَبٍّ دُونِي. وكَذَبَ الأَحْمَقُ.
وبمثلِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {فَحَشَرَ فَنَادَى}، قالَ: صَرَخَ وَحَشَرَ قَوْمَهُ، فنادَى فيهم، فلمَّا اجْتَمَعُوا قالَ: أنا رَبُّكُم الأعلَى، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} ). [جامع البيان: 24/ 83]
تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، قال: أخبرني الأعمش، عن خيثمة، قال: كان بين قول: فرعون ما علمت لكم من إله غيري وبين قوله: {أنا ربكم الأعلى}؛ أربعون سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 346]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَحَشَرَ فَنَادَى}، يَقُولُ: فجَمَعَ قَوْمَهُ وأَتْبَاعَهُ فنادَى فيهم، {فَقَالَ} لهُمْ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} الذي كُلُّ رَبٍّ دُونِي. وكَذَبَ الأَحْمَقُ.
وبمثلِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {فَحَشَرَ فَنَادَى}، قالَ: صَرَخَ وَحَشَرَ قَوْمَهُ، فنادَى فيهم، فلمَّا اجْتَمَعُوا قالَ: أنا رَبُّكُم الأعلَى، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} ). [جامع البيان: 24/ 83] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: قَالَ موسَى: يا فِرْعَوْنُ, هَلْ لَكَ فِي أَنْ أُعْطِيَكَ شَبَابَكَ لا تَهْرَمُ، ومُلْكَكَ لا يُنْزَعُ مِنكَ، وتُرَدَّ إليك لَذَّةُ المَناكِحِ والمَشارِبِ والمَرْكُوبِ، وإِذَا مِتَّ دَخَلْتَ الجَنَّةَ, وتُؤْمِنَ بي؟ فوَقَعَتْ فِي نَفْسِه هذه الكلماتُ وهي اللَّيِّناتُ، قَالَ: كما أَنْتَ حتى يَأْتِيَ هَامانُ. فلَمَّا جَاءَ هَامَانُ أَخْبَرَهُ فعَجَّزَهُ هَامانُ، وقَالَ: تَصِيرُ تَعْبُدُ بعد إذْ كُنْتَ رَبًّا تُعْبَدُ؟ فذَلِكَ حِينَ خَرَج عليهم؛ فقَالَ لقَوْمِهِ وجَمْعِهِمْ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ). [الدر المنثور: 15/ 231]
تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي، في قوله تعالى: {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى}؛ قال: نكال الآخرة في المعصية). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 346]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة، في قوله: {نكال الآخرة والأولى}؛ قال: الدنيا والآخرة
قال وقال بعضهم: {نكال} الكلمتين الكلمة الأولى حين {فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى}، والكلمة الآخرة حين قال: {أنا ربكم الأعلى}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 347]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القولُ في تأويلِ قولِهِ تَعَالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}
يعني تَعالَى ذِكْرُهُ بقولِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ} فعَاقَبَهُ اللَّهُ. {نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، يَقُولُ: عُقُوبةَ الآخِرَةِ مِنْ كَلِمَتَيْهِ، وهيَ قولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، والأُولَى قولُهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ، وسُئِلَ عنْ هذا، فقالَ: كانَ بينَهما أربعونَ سَنَةً، بينَ قولِهِ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} وقولِهِ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، قالَ: هُمَا كَلِمَتاهُ، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قِيلَ لهُ: مَنْ ذَكَرَهُ؟ قالَ: أبو حُصَيْنٍ. فقيلَ لهُ: عنْ أبي الضُّحَى عن ابنِ عَبَّاسٍ؟ قالَ: نَعَمْ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عَمِّي قالَ: ثَنِي أبي، عنْ أبيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: أَمَّا الأُولَى فحينَ قَالَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وأمَّا الآخِرَةُ فحِينَ قالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ قالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أبي الوَضَّاحِ، عنْ عبد الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ، عنْ مُجاهِدٍ، في قوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: هوَ قولُهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وقولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، وكانَ بينَهما أربعونَ سَنَةً.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ قالَ: ثَنَا أبو عَوَانَةَ، عنْ إسماعيلَ الأَسَدِيِّ، عن الشَّعْبِيِّ، بِمِثْلِهِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ زَكَرِيَّا، عنْ عامِرٍ: {نَكَالَ الآخِرَةَ وَالأُولَى}، قالَ: هُما كَلِمَتَاهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وَ{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} فذلكَ قولُهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، والآخِرَةُ في قوْلِهِ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ قالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مُجاهِداً يَقُولُ: كانَ بَيْنَ قولِ فرعونَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} وبينَ قوْلِهِ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} أربعونَ سنةً.
- حُدِّثْتُ عن الحُسَيْنِ قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عَبِيدٌ قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يَقُولُ في قوْلِهِ: {نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}: أمَّا الأُولَى فحينَ قالَ فرعونُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وأمَّا الآخِرَةُ فحينَ قالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، فأَخَذَهُ اللَّهُ بِكَلِمَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، فأَغْرَقَهُ في اليَمِّ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: اخْتَلَفُوا فيها؛ فمِنهم مَنْ قالَ: نَكَالَ الآخِرَةِ مِنْ كَلِمَتَيْهِ، والأُولَى قوْلُهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وقولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.
وقالَ آخَرُونَ: عذابُ الدُّنيا، وعذابُ الآخرةِ، عجَّلَ اللَّهُ لهُ الغَرَقَ، معَ ما أعَدَّ لَهُ مِن العذابِ في الآخِرَةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عن الأعمَشِ، عنْ خَيْثَمَةَ الجُعْفِيِّ قالَ: كانَ بينَ كَلِمَتَيْ فِرْعَونَ أربعونَ سَنَةً؛ قولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} وقولُهُ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ إِسْرَائِيلَ، عنْ ثُوَيْرٍ، عنْ مُجاهِدٍ قالَ: مَكَثَ فرعونُ في قومِهِ بعدَما قالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ عُنِيَ بذلكَ: فأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الدنيا والآخِرَةِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا هَوْذَةُ قالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عن الحسَنِ، في قوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: الدُّنْيا والآخرةِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، عن الحسَنِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: عقوبةَ الدُّنيا والآخرةِ، وهوَ قولُ قَتَادَةَ.
وقالَ آخَرُونَ: الأُولَى: عِصيانُهُ رَبَّهُ وكُفْرُهُ بهِ، والآخرةُ: قولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ إسماعيلَ بنِ سُمَيْعٍ، عنْ أَبِي رَزِينٍ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} قالَ: الأولَى تَكْذِيبُهُ وعِصْيَانُهُ، والآخرةُ: قولُهُ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}؛ ثُمَّ قَرَأَ: {فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، فهيَ الكلمةُ الآخِرَةُ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ عُنِيَ بذلكَ أنَّهُ أخَذَهُ بأوَّلِ عملِهِ وآخِرِهِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ مَنْصُورٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: أَوَّلِ عَمَلِهِ وآخِرِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ قالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: أوَّلِ أعمالِهِ وآخرِها.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عن الكَلْبِيِّ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}، قالَ: نَكَالَ الآخِرَةِ مِن المعصيَةِ والأُولَى.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {نَكَالَ الآخِرَةِ والأُولَى}، قالَ: عَمَلِهِ للآخِرَةِ والأُولَى). [جامع البيان: 24/ 84-88]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: نا آدم قال: نا قيس بن الربيع، عن ابن حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس: {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى}؛ يقول: أخذه الله بكلمتيه كلتيهما:
أما كلمته الأولى: قوله: {ما عملت لكم من إله غيري}.
وأما الآخرة: فقوله: {أنا ربكم الأعلى}.
- نا إبراهيم قال: نا آدم قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 727-728]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الآيةَ.
- أخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، قَالَ: عَصَى, وفي قَوْلِهِ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}، قَالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ. وفي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}، قَالَ: يَعْمَلُ بالفَسَادِ. وفي قَوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ والأُولَى}. قَالَ: الأُولَى: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38]، والآخرةُ قولُه: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ). [الدر المنثور: 15/ 229-230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {فأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى}، قَالَ: عَصَاهُ ويَدَهُ. وفي قَوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ والأُولَى}، قَالَ: أَصَابَتْهُ عُقُوبَةُ الدُّنْيا والآخرةِ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ مثلَه). [الدر المنثور: 15/ 230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ}، قَالَ: بقَوْلِه: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، {والأُولَى} قَوْلُه: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ والضَّحَّاكِ مِثْلَه). [الدر المنثور: 15/ 231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الشَّعْبِيِّ: {فأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ والأُولَى}، قَالَ: هما كَلِمَتاهُ؛ الأُولَى: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، والأُخْرَى: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}. وكانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً). [الدر المنثور: 15/ 232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: كانَ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً). [الدر المنثور: 15/ 232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وابنُ المُنْذِرِ عن خَيْثَمَةَ قَالَ: كانَ بينَ قولِ فِرْعَوْنَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وقولِه: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}؛ أَرْبَعُونَ سَنَةً). [الدر المنثور: 15/ 232]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}، يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: إنَّ في العقوبةِ التي عاقَبَ اللَّهُ بها فِرعونَ في عَاجِلِ الدُّنيا، وفي أَخْذِهِ إيَّاهُ نَكالَ الآخرةِ والأُولَى؛ عِظَةً ومُعْتَبَراً لِمَنْ يَخَافُ اللَّهَ، ويَخْشَى عِقابَهُ. وأخْرَجَ {نَكالَ الآخِرَةِ} مَصْدراً مِنْ قولِهِ {فَأَخَذَهُ اللَّهُ}؛ لأنَّ قولَهُ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ} نَكَّلَ اللهُ بهِ، فجَعَلَ {نَكَالَ الآخِرَةِ} مصدراً مِنْ معناهُ، لا مِنْ لفْظِهِ). [جامع البيان: 24/ 88]