العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة التحريم [ من الآية (10) إلى الآية (12) ]

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:09 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرنا عبد الله بن عياش: قال: أبو صخر عن أبي معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ أنّه جاء إليه رجلٌ فسأله، فقال: أرأيتك ابن نوح أمنه، فسبح طويلا، ثم قال: لا إله إلا الله، يحدث الله محمدا: {ونادى نوحٌ ابنه}، وتقول ليس منه، ولكنه خالفه في العمل، فليس منه من لم يؤمن.
قال أبو معاوية: فسألته عن ذلك ما كانت خيانة امرأة لوط وامرأة نوح، فقال: أما امرأة لوط فكانت تدل على الأضياف، وأما امرأة نوح فلا علم لي بها). [الجامع في علوم القرآن: 2/72-73] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري وابن عيينة عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان ابن قتة قال سمعت ابن عباس يسأل وهو إلى جنب الكعبة عن قول الله تعالى فخانتا هما فقال أما أنه ليس بالزنا ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون وكانت هذه تدل على الأضياف قال ثم قرأ إنه عمل غير صلح). [تفسير عبد الرزاق: 1/310] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ضرب الله مثلا للذين كفروا قال لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئا وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: مثّل اللّه مثلاً للّذين كفروا من النّاس وسائر الخلق امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ، كانتا تحت عبدين من عبادنا، وهما نوحٌ ولوطٌ فخانتاهما.
ذكر أنّ خيانة امرأة نوحٍ زوجها أنّها كانت كافرةً، وكانت تقول للنّاس: إنّه مجنونٌ. وأنّ خيانة امرأة لوطٍ، أنّ لوطًا كان يسرّ الضّيف، وتدلّ عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان ابن قتة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فخانتاهما}. قال: كانت امرأة نوحٍ تقول للنّاس: إنّه مجنونٌ. وكانت امرأة لوطٍ تدلّ على الضّيف.
- حدّثنا محمّد بن منصورٍ الطّوسيّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان ابن قتة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ في قوله: {فخانتاهما}. ما زنتا، ثمّ ذكر نحوه.
حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان ابن قتة، قال: كانت خيانة امرأة لوطٍ أنّه كان يسرّ ضيفه، وتدلّ عليهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان ابن قتة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ قال في هذه الآية، ذكر امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ {فخانتاهما}. قال: ما زنيا في هذه الآية، أمّا امرأة نوحٍ، فكانت تخبر أنّه مجنونٌ؛ وأمّا خيانة امرأة لوطٍ، فكانت تدلّ على الضّيف.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبي عامرٍ الهمدانيّ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين}. قال: ما بغت امرأة نبيٍّ قطّ {فخانتاهما}. قال: في الدّين خانتاهما.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما}. قال: كانت خيانتهما أنّهما كانتا على غير دينهما، فكانت امرأة نوحٍ تطلع على سرّ نوحٍ، فإذا آمن مع نوحٍ أحدٌ أخبرت الجبابرة من قوم نوحٍ به، فكان ذلك من أمرها؛ وأمّا امرأة لوطٍ فكانت إذا ضاف لوطٌ أحدًا خبّرت به أهل المدينة ممّن يعمل السّوء {فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عمرٍو أبي سعيدٍ، أنّه سمع عكرمة، يقول في هذه الآية {فخانتاهما}. قال: في الدّين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: {كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما}. قال: وكانت خيانتهما أنّهما كانتا مشركتين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك {فخانتاهما} قال: كانتا مخالفتين دين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كافرتين باللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ، قال: سألت سعيد بن جبيرٍ: ما كانت خيانة امرأة لوطٍ وامرأة نوحٍ؟ فقال: أمّا امرأة لوطٍ، فإنّها كانت تدلّ على الأضياف؛ وأمّا امرأة نوحٍ فلا علم لي بها.
وقوله: {فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا}. يقول: فلم يغن نوحٌ ولوطٌ عن امرأتيهما من اللّه لمّا عاقبهما على خيانتهما أزواجهما شيئًا، ولم ينفعهما أن كانت أزواجهما أنبياء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ} الآية، هاتان زوجتا نبيّي اللّه لمّا عصتا ربّهما، لم تغن أزواجهما عنهما من اللّه شيئًا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ} الآية. قال: يقول اللّه: لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئًا، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون.
وقوله: {وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين}. وقال اللّه لهما يوم القيامة: ادخلا أيّتها المرأتان نار جهنّم مع الدّاخلين فيها). [جامع البيان: 23/111-114]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {فخانتاهما} [التحريم: 10] قال: «ما زنتا أمّا امرأة نوحٍ فكانت تقول للنّاس، إنّه مجنونٌ، وأمّا امرأة لوطٍ فكانت تدلّ على الضّيف فذلك خيانتهما» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فخانتاهما} قال: مازنتا أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس: إنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل على الضيف فتلك خيانتها). [الدر المنثور: 14/593-594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أشرس الخراساني رضي الله عنه يرفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما بغت امرأة نبي قط). [الدر المنثور: 14/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {فخانتاهما} قال: كانتا كافرتين مخالفتين ولا ينبغي لامرأة تحت نبي أن تفجر). [الدر المنثور: 14/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما بغت امرأة نبي قط). [الدر المنثور: 14/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {فخانتاهما} قال: في الدين). [الدر المنثور: 14/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: امرأة النّبيّ إذا زنت لم يغفر لها). [الدر المنثور: 14/594]

تفسير قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وضرب اللّه مثلاً للّذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: وضرب اللّه مثلاً للّذين صدّقوا اللّه ووحّدوه، امرأة فرعون الّتي آمنت باللّه ووحّدته، وصدّقت رسوله موسى، وهي تحت عدوٍّ من أعداء اللّه كافرٍ، فلم يضرّها كفر زوجها، إذ كانت مؤمنةً باللّه، وكان من قضاء اللّه في خلقه أن لا تزر وازرةٌ وزر أخرى، وأنّ لكلّ نفسٍ ما كسبت، إذ قالت: ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة، فاستجاب اللّه لها فبنى لها بيتًا في الجنّة.
- كما حدّثني إسماعيل بن حفصٍ الأبلّيّ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كانت امرأة فرعون تعذّب بالشّمس، فإذا انصرف عنها أظلّتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنّة.
- حدّثنا محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أسباط بن محمّدٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، قال: قال سليمان: كانت امرأة فرعون، فذكر نحوه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائيّ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي بزّة، قال: كانت امرأة فرعون تسأل: من غلب؟ فيقال: غلب موسى وهارون. فتقول: آمنت بربّ موسى وهارون؛ فأرسل إليها فرعون، فقال: انظروا أعظم صخرةٍ تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته؛ فلمّا أتوها رفعت بصرها إلى السّماء، فأبصرت بيتها في السّماء، فمضت على قولها، فانتزع روحها، وألقيت الصّخرة على جسدٍ ليس فيه روحٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وضرب اللّه مثلاً للّذين آمنوا امرأة فرعون} وكان أعتى أهل الأرض على اللّه، وأبعده من اللّه، فواللّه ما ضرّ امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربّها، لتعلموا أنّ اللّه حكمٌ عدلٌ، لا يؤاخذ عبده إلاّ بذنبه.
وقوله: {ونجّني من فرعون وعمله}. وتقول: وأنقذني من عذاب فرعون، ومن أن أعمل عمله، وذلك كفره باللّه.
وقوله: {ونجّني من القوم الظّالمين}. تقول: وأخلصني وأنقذني من عمل القوم الكافرين بك، ومن عذابهم). [جامع البيان: 23/114-116]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الشّيبانيّ، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن سلمان رضي اللّه عنه، قال: «كانت امرأة فرعون تعذّب بالشّمس، فإذا انصرفوا عنها أظلّتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنّة» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/538]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا الحسين بن الفضل البجليّ، ثنا عفّان بن مسلمٍ، ثنا حمّاد بن سلمة، أنبأ عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " لمّا أسري بي مرّت بي رائحةٌ طيبةٌ، فقلت: ما هذه الرّائحة؟ " فقالوا: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها كانت تمشطها فوقع المشط من يدها، فقالت: بسم اللّه. فقالت ابنته: أبي؟ فقالت: لا، بل ربّي وربّك وربّ أبيك. فقالت: أخبر بذلك أبي، قالت: نعم. فأخبرته فدعا بها وبولدها فقالت: لي إليك حاجةٌ. فقال: ما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنه جميعًا. فقال: ذلك لك علينا من الحقّ. فأتى بأولادها فألقى واحدًا واحدًا حتّى إذا كان آخر ولدها وكان صبيًّا مرضعًا، فقال: اصبري يا أمّاه فإنّك على الحقّ، ثمّ ألقيت مع ولدها، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " تكلّم أربعةٌ وهم صغارٌ: هذا وشاهد يوسف، وصاحب جريجٍ وعيسى ابن مريم عليه السّلام «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/538]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو النّضر محمّد بن يوسف الفقيه، ثنا عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ، وحدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا يحيى بن محمّد بن يحيى، قالا: ثنا أبو الوليد الطّيالسيّ، ثنا داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر اليشكريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: خطّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أربع خطوطٍ، ثمّ قال: «أتدرون ما هذا؟» قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: " إنّ أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمّدٍ، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحمٍ امرأة فرعون مع ما قصّ اللّه علينا من خبرها في القرآن {قالت ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين} [التحريم: 11] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه بهذا اللّفظ» إنّما اتّفقا على الحديث الّذي:
- حدّثناه أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا يونس بن بكيرٍ، عن هشام بن عروة، وثنا أبو العبّاس السّيّاريّ، ثنا أبو الموجّه، أنبأ صدقة بن محمّدٍ، ثنا سليمان، عن هشام بن عروة، وأخبرني محمّد بن عبد اللّه بن قريشٍ، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا ابن نميرٍ، وأبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالبٍ، عن عمّه عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنهم، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة» رواه البخاريّ في الصّحيح عن صدقة بن محمّدٍ، ورواه مسلمٌ عن أبي خيثمة وأبي بكر بن أبي شيبة بهذه السّياقة). [المستدرك: 2/539]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا هدبة، وإبراهيم بن الحجّاج، قالا: ثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر حديثًا. قال:
وبإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنّ فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتادٍ في يديها ورجليها، فكان إذا تفرّقوا عنها أطلقتها الملائكة. فقالت: {ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة}، قال: فكشف لها عن بيتها في الجنّة.
صحيحٌ موقوفٌ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ضرب الله مثلا} الآية قال: يقول لن يغني صلاح هذين عن هاتين شيئا وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 14/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 11 – 12
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان رضي الله عنه قال: كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها وكانت ترى بيتها في الجنة). [الدر المنثور: 14/594-595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها ورجليها فكانوا إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة عليهم السلام فقالت: {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة} فكشف لها عن بيتها في الجنة). [الدر المنثور: 14/595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد وأضجعها على صدرها وجعل على صدرها رحى واستقبل بهما عين الشمس فرفعت رأسها إلى السماء فقالت: {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة} إلى {الظالمين} ففرج الله عن بيتها في الجنة فرأته). [الدر المنثور: 14/595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون مع ما قص الله علينا من خبرهما في القرآن {قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة}). [الدر المنثور: 14/595-596]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج وكيع في الغرر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ونجني من فرعون وعمله} قال: من جماعه). [الدر المنثور: 14/596]

تفسير قوله تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص بن ميسرة عن الكرماني أنه قال: في قول الله: {وكانت من القانتين}، قال: ما بين المغرب والعشاء). [الجامع في علوم القرآن: 1/35]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فنفخنا فيه من روحنا قال فنفخنا في جيبها من روحنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله من القانتين قال من المطيعين). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومريم ابنة عمران الّتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين}.
يقول تعالى ذكره: وضرب اللّه مثلاً للّذين آمنوا مريم ابنة عمران الّتي أحصنت فرجها، يقول: الّتي منعت جيب درعها جبريل عليه السّلام، وكلّ ما كان في الدّرع من خرقٍ أو فتقٍ، فإنّه يسمّى فرجًا، وكذلك كلّ صدعٍ وشقٍّ في حائطٍ، أو فرج سقفٍ، فهو فرجٌ.
وقوله: {فنفخنا فيه من روحنا}. يقول: فنفخنا فيه في جيب درعها، وذلك فرجها، {من روحنا}. من جبرئيل، وهو الرّوح.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فنفخنا فيه من روحنا}. فنفخنا في جيبها من روحنا.
{وصدّقت بكلمات ربّها}. يقول: وآمنت بعيسى، وهو كلمة اللّه {وكتبه} يعني التّوراة والإنجيل {وكانت من القانتين} يقول: وكانت من القوم المطيعين.
- كما: حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {من القانتين}: من المطيعين). [جامع البيان: 23/116-117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فنفخنا فيه من روحنا} قال: في جيبها وفي قوله: {وكانت من القانتين} قال: من المطيعين). [الدر المنثور: 14/596]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وصدقت بكلمات ربها} بالألف وكتابه واحد). [الدر المنثور: 14/596]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى). [الدر المنثور: 14/596]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:18 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ضرب اللّه مثلاً لّلّذين كفروا...} هذا مثل أريد به عائشة، وحفصة فضرب لهما المثل، فقال: لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط إيمان زوجيهما، ولم يضر زوجيهما نفاقهما، فكذلك لا ينفعكما نبوّة النبي -صلى الله عليه- لو لم تؤمنا، ولا يضره ذنوبكما). [معاني القرآن: 3/169]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ضرب اللّه مثلا للّذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئا وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين} أعلم الله عزّ وجلّ أن الأنبياء لا يغنون عمّن عمل بالمعاصي شيئا.وجاء في التفسير أن خيانتهما لم تكن في بغاء، لأن الأنبياء لا يبتليهم اللّه في نسائهم بفساد، وقيل إن خيانة امرأة لوط أنها كانت تدل على الضيف، وخيانة امرأة نوح أنها كانت تقول: إنه مجنون - صلى الله عليه وسلم - وعلى أنبيائه أجمعين.
فأما من زعم غير ذلك فمخطئ لأن بعض من تأول قوله: {يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح} ذهب إلى جنس من الفساد. يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح والقراءة في هذا (عمل غير صالح)، و (عمل غير صالح). وهما يرجعان إلى معنى واحد.
وذلك أن تأويل {إنّه عمل غير صالح} إنّه ذو عمل غير صالح. وكل من كفر فقد انقطع نسبه من أهله المؤمنين، لا يرثهم ولا يرثونه). [معاني القرآن: 5/195-196]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {وضرب الله مثلاً للّذين آمنوا امرأت فرعون} فأمرهما أن تكونا: كآسية، وكمريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها. والفرج ها هنا: جيب درعها، وذكر أن جبريل -صلى الله عليه وسلم- نفخ في جيبها، وكل ما كان في الدرع من خرق أو غيره يقع عليه اسم الفرج. قال الله تعالى: {ومالها من فروجٍ} يعني السماء من فطور ولا صدوع). [معاني القرآن: 3/169]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وضرب اللّه مثلا للّذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتا في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين} جاء في التفسير أن فرعون وتد لها أربعة أوتاد وشدّ بدنها ورجليها وجعل على صدرها رحى، وجعلها في الشمس، وأن اللّه فرج لها فرأت بيتها في الجنة.وجاء في التفسير أن الملائكة كانت تظلها بأجنحتها من الشمس). [معاني القرآن: 5/196]

تفسير قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {وضرب الله مثلاً للّذين آمنوا امرأت فرعون} فأمرهما أن تكونا: كآسية، وكمريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها. والفرج ها هنا: جيب درعها، وذكر أن جبريل: ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفخ في جيبها، وكل ما كان في الدرع من خرق أو غيره يقع عليه اسم الفرج. قال الله تعالى: {ومالها من فروجٍ} يعني السماء من فطور ولا صدوع). [معاني القرآن: 3/169](م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وكانت من القانتين} مجاز لفظ خبرهما مجاز الذكور إذا كان مع المؤنث مذكر). [مجاز القرآن: 2/261]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ومريم ابنت عمران الّتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من رّوحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين}وقال: {ومريم ابنة عمران} و{امرأة فرعون} على: "وضرب الله امرأة فرعون ومريم مثلا"). [معاني القرآن: 4/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({القانتين}: المطعين). [غريب القرآن وتفسيره: 380]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وكانت من القانتين}: المطيعين للّه عز وجل).
[تفسير غريب القرآن: 472]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإحصان هو: أن يحمى الشيء ويمنع منه...،
والمحصنات: العفائف، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} يعني العفائف.
وقال الله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} أي عفّت). [تأويل مشكل القرآن: 511](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {ومريم ابنت عمران الّتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين}
(وكتبه) وقرئت (وكتابه).
{أحصنت فرجها} جاء في التفسير أنه يعنى به فرج ثوبها. والعرب تقول للعفيف: هو نقى الثّوب، وهو طيب الحجزة، تريد أنه عفيف وأنشدوا بيت النابغة الذبياني:
رقاق النّعال طيّب حجزاتهم = يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب
فسروا "طيّب حجزاتهم" أنهم أعفّاء.
وكذلك {فنفخنا فيه من روحنا} أي في فرج ثوبها). [معاني القرآن: 5/196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِنَ الْقَانِتِينَ} أي المطيعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 272]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْقَانِتِينَ}: المطيعين). [العمدة في غريب القرآن: 307]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) }

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكانت من المجتهدات من الخوارج - ولو قلت: من المجتهدين، وأنت تعني امرأة كان أفصح، لأنك تريد رجالاً ونساء هي إحداهم، كما قال الله عز وجل: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} وقال جل ثناؤه: {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} - البلجاء وهي امرأة من بني حرام بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، من رهط سجاح، التي كانت تنبأت - وسنذكر خبرها في موضعه إن شاء الله). [الكامل: 3/1172-1173]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وهذان المثلان اللذان للكفار والمؤمنين معناهما: أن من كفر لا يغني عنه شيء ولا ينفعه وزر ولو كان متعلقا بأقوى الأسباب، وأن من آمن لا يدفعه دافع عن رضوان الله تعالى ولو كان في أسوأ منشأ وأخس حال. وقال بعض الناس: إن في المثلين عبرة لزوجات النبي محمد عليه السلام، حين تقدم عتابهن، وفي هذا بعد لأن النص أنه للكفار يبعد هذا.
واختلف الناس في خيانة هاتين المرأتين، فقال ابن عباس وغيره: خانتا في الكفر، وفي أن امرأة نوح كانت تقول للناس: إنه مجنون، وأن امرأة لوط كانت تنم إلى قومه متى ورده ضيف فتخبر به، وقال ابن عباس: وما بغت زوجة نبي قط، ولا ابتلي الأنبياء في نسائهم بهذا، وقال الحسن في كتاب النقاش: خانتاهما بالكفر والزنا وغيره، وقرأ الجمهور: «يغنيا» بالياء، وقرأ مبشر بن عبيد: «تغنيا» بالتاء من فوق). [المحرر الوجيز: 8/ 347-348]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وضرب اللّه مثلاً للّذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين (11) ومريم ابنت عمران الّتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين (12)
امرأت فرعون اسمها آسية وقولها: وعمله معناه وكفره، وما هو عليه من الضلالة، وهذا قول كافة المفسرين، وقال جمهور من المفسرين: معناه من ظلمه وعقابه وتعذيبه لي، وروي في هذا أن فرعون اتصل به إيمانها بموسى، وأنها تحب أن يغلب، فبعث إليها قوما، وقال: إن رأيتم منها ذلك فابطحوها في الأرض ووتدوا يديها ورجليها وألقوا عليها أعظم حجر، وإن لم تروا ذلك فهي امرأتي. قال، فذهب القوم فلما أحست بالشر منهم دعت بهذه الدعوات فقبض الله روحها وصنع أولئك أمر الحجر بشخص لا روح فيه، وروي في قصصها غير هذا مما يطول ذكره، فاختصرة لعدم صحته. وقال آخرون في كتاب النقاش: وعمله كناية عن الوطء والمضاجعة. وهذا ضعيف). [المحرر الوجيز: 8/ 348]

تفسير قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في الفرج الذي أحصنت مريم، فقال الجمهور: هو فرج الدرع الذي كان عليها، وأنها كانت صينة، وأن جبريل عليه السلام: نفخ فيها الروح من جيب الدرع، وقال قوم من المتأولين: هو الفرج الجارحة، فلفظة أحصنت: إذا كان فرج الجارحة متمكنا حقيقة، والإحصان: صونه، وفيه هي مستعملة، وإذا قدرنا فرج الدرع فلفظ أحصنت فيه مستعارة من حيث صانته، ومن حيث صار مسلكا لولدها،
وقوله تعالى: فنفخنا عبارة عن فعل جبريل حقيقة، وإن ذهب ذاهب إلى أن النفخ فعل الله تعالى، فهو عبارة عن خلقه واختراعه الولد في بطنها، وشبه ذلك بالنفخ الذي من شأنه أن يسير في الشيء برفق ولطف. وقوله تعالى: من روحنا إضافة المخلوق إلى خالق ومملوك إلى مالك كما تقول: بيت الله وناقة الله، وكذلك الروح الجنس كله هو روح الله. وقرأ الجمهور: «وصدّقت» بشد الدال، وقرأ أبو مجلز: بتخفيفها، وقرأ جمهور الناس: «بكلمات» على الجمع، وقرأ الجحدري: «بكلمة» على الإفراد، فأما الإفراد فيقوي: أن يريد أمر عيسى ويحتمل أن يريد أنه اسم جنس في التوراة، ومن قرأ على الجمع فيقوي أنه يريد التوراة، ويحتمل أن يريد أمر عيسى. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ونافع: «وكتابه» على الوحيد، وقرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم، وخارجة عن نافع: «وكتبه» بضم التاء والجمع، وقرأ أبو رجاء بسكون التاء «وكتبه»، وذلك كله مراد به التوراة والإنجيل، والقانتون: العابدون، والمعنى كانت من القوم القانتين في عبادتها وحال دينها). [المحرر الوجيز: 8/ 348-349]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ضرب اللّه مثلا للّذين كفروا} أي: في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم، أنّ ذلك لا يجدي عنهم شيئًا ولا ينفعهم عند اللّه، إن لم يكن الإيمان حاصلًا في قلوبهم، ثمّ ذكر المثل فقال: {امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين} أي: نبيّين رسولين عندهما في صحبتها ليلًا ونهارًا يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشدّ العشرة والاختلاط {فخانتاهما} أي: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدّقاهما في الرّسالة، فلم يجد ذلك كله شيئًا، ولا دفع عنهما محذورًا؛ ولهذا قال: {فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا} أي: لكفرهما، {وقيل} أي: للمرأتين: {ادخلا النّار مع الدّاخلين} وليس المراد: {فخانتاهما} في فاحشةٍ، بل في الدّين، فإنّ نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة؛ لحرمة الأنبياء، كما قدّمنا في سورة النّور.
قال سفيان الثّوريّ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتّة: سمعت ابن عبّاسٍ يقول في هذه الآية {فخانتاهما} قال: ما زنتا، أمّا امرأة نوحٍ فكانت تخبر أنّه مجنونٌ، وأمّا خيانة امرأة لوطٍ فكانت تدلّ قومها على أضيافه.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت خيانتهما أنّهما كانتا على عورتيهما فكانت امرأة نوح تطلع على سرّ نوح، فإذا آمن مع نوحٍ أحدٌ أخبرت الجبابرة من قوم نوحٍ به، وأمّا امرأة لوطٍ فكانت إذا أضاف لوطٌ أحدًا أخبرت به أهل المدينة ممّن يعمل السّوء.
وهكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، وغيرهم.
[وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: ما بغت امرأة نبيٍّ قطّ، إنّما كانت خيانتهما في الدّين].
وقد استدلّ بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الّذي يأثره كثيرٌ من النّاس: من أكل مع مغفورٍ له غفر له. وهذا الحديث لا أصل له، وإنّما يروى هذا عن بعض الصّالحين أنّه رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المنام فقال: يا رسول اللّه، أنت قلت: من أكل مع مغفورٍ له غفر؟ قال: "لا ولكنّي الآن أقوله"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 171]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وضرب اللّه مثلًا للّذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين (11) ومريم ابنت عمران الّتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين (12)}
وهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمنين أنّهم لا تضرّهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم، كما قال تعالى: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيءٍ إلا أن تتّقوا منهم تقاةً} [آل عمران: 28].
قال: قتادة كان فرعون أعتى أهل الأرض وأبعده فواللّه ما ضرّ امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربّها لتعلموا أنّ اللّه حكمٌ عدلٌ، لا يؤاخذ أحدًا إلّا بذنبه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا إسماعيل بن حفصٍ الأبليّ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان النّهديّ عن سلمان قال: كانت امرأة فرعون تعذّب في الشّمس، فإذا انصرف عنها أظلّتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنّة.
ثمّ رواه عن محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ عن أسباط بن محمّدٍ، عن سليمان التّيميّ، به.
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائي، حدّثنا القاسم بن أبي بزّة قال: كانت امرأة فرعون تسأل: من غلب؟ فيقال: غلب موسى وهارون. فتقول: آمنت بربّ موسى وهارون، فأرسل إليها فرعون فقالت: انظروا أعظم صخرةٍ تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته، فلمّا أتوها رفعت بصرها إلى السّماء فأبصرت بيتها في الجنّة، فمضت على قولها، وانتزع روحها، وألقيت الصّخرة على جسدٍ ليس فيه روحٌ.
فقولها: {ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة} قال العلماء: اختارت الجار قبل الدّار. وقد ورد شيءٌ من ذلك في حديثٍ مرفوعٍ، {ونجّني من فرعون وعمله} أي: خلّصني منه، فإنّي أبرأ [إليك] من عمله، {ونجّني من القوم الظّالمين} وهذه المرأة هي آسية بنت مزاحمٍ، رضي اللّه عنها.
وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قال: كان إيمان امرأة فرعون من قبل إيمان امرأة خازن فرعون، وذلك أنّها جلست تمشّط ابنة فرعون، فوقع المشط من يدها، فقالت تعس من كفر باللّه؟ فقالت لها ابنة فرعون: ولك ربٌّ غير أبي؟ قالت: ربّي وربّ أبيك وربّ كلّ شيءٍ الله. فلطمتها بنت فرعون وضربتها، وأخبرت أباها، فأرسل إليها فرعون فقال: تعبدين ربًّا غيري؟ قالت: نعم، ربّي وربّك وربّ كلّ شيءٍ اللّه. وإيّاه أعبد فعذّبها فرعون وأوتد لها أوتادًا فشدّ رجليها ويديها وأرسل عليها الحيّات، وكانت كذلك، فأتى عليها يومًا فقال لها: ما أنت منتهيةٌ؟ فقالت له: ربّي وربّك ورب كلّ شيءٍ اللّه. فقال لها: إنّي ذابحٌ ابنك في فيك إن لم تفعلي. فقالت له: اقض ما أنت قاضٍ. فذبح ابنها في فيها، وإنّ روح ابنها بشّرها، فقال لها: أبشري يا أمّه، فإنّ لك عند اللّه من الثّواب كذا وكذا. فصبرت ثمّ أتى [عليها] فرعون يومًا آخر فقال لها مثل ذلك، فقالت له، مثل ذلك، فذبح ابنها الآخر في فيها، فبشّرها روحه أيضًا، وقال لها. اصبري يا أمّه فإنّ لك عند اللّه من الثّواب كذا وكذا. قال: وسمعت امرأة فرعون كلام روح ابنها الأكبر ثمّ الأصغر، فآمنت امرأة فرعون، وقبض اللّه روح امرأة خازن فرعون، وكشف الغطاء عن ثوبها ومنزلتها وكرامتها في الجنّة لامرأة فرعون حتّى رأت فازدادت إيمانًا ويقينًا وتصديقًا، فاطّلع فرعون على إيمانها، فقال للملإ ما تعلمون من آسية بنت مزاحمٍ؟ فأثنوا عليها، فقال لهم: إنّها تعبد غيري. فقالوا له: اقتلها. فأوتد لها أوتادًا فشدّ يديها ورجليها، فدعت آسية ربّها فقالت: {ربّ ابن لي عندك بيتًا في الجنّة} فوافق ذلك أن حضرها، فرعون فضحكت حين رأت بيتها في الجنّة، فقال فرعون: ألا تعجبون من جنونها، إنّا نعذّبها وهي تضحك، فقبض اللّه روحها، رضي اللّه عنها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 171-173]

تفسير قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومريم ابنت عمران الّتي أحصنت فرجها} أي حفظته وصانته. والإحصان: هو العفاف والحرّيّة، {فنفخنا فيه من روحنا} أي: بواسطة الملك، وهو جبريل، فإنّ اللّه بعثه إليها فتمثّل لها في صورة بشرٍ سوي، وأمره اللّه تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها، فنزلت النّفخة فولجت في فرجها، فكان منه الحمل بعيسى، عليه السّلام. ولهذا قال: {فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه} أي: بقدره وشرعه {وكانت من القانتين}
قال الإمام أحمد: حدّثنا يونس، حدّثنا داود بن أبي الفرات، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: خطّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الأرض أربعة خطوطٍ، وقال: "أتدرون ما هذا؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمّدٍ، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحمٍ امرأة فرعون".
وثبت في الصّحيحين من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرّة الهمدانيّ، عن أبي موسى الأشعريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "كمل من الرّجال كثيرٌ، ولم يكمل من النّساء إلّا آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وإنّ فضل عائشة على النّساء كفضل الثّريد على سائر الطّعام".
وقد ذكرنا طرق هذه الأحاديث وألفاظها والكلام عليها في قصّة عيسى ابن مريم، عليهما السّلام، في كتابنا "البداية والنّهاية" وللّه الحمد والمنّة وذكرنا ما ورد من الحديث من أنّها تكون هي وآسية بنت مزاحمٍ من أزواجه، عليه السّلام، في الجنة عند قوله: {ثيّباتٍ وأبكارًا}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 173]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة