تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الّذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذابٌ أليمٌ (5) ذلك بأنّه كانت تّأتيهم رسلهم بالبيّنات فقالوا أبشرٌ يهدوننا فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ}.
يقول تعالى ذكره لمشركي قريشٍ: ألم يأتكم أيّها النّاس خبر الّذين كفروا من قبلكم، وذلك كقوم نوحٍ وعادٍ وثمودٍ وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ. {فذاقوا وبال أمرهم} فمسّهم عذاب اللّه إيّاهم على كفرهم. {ولهم عذابٌ أليمٌ}. يقول: ولهم عذابٌ مؤلمٌ موجعٌ يوم القيامة في نار جهنّم، مع الّذي أذاقهم اللّه في الدّنيا وبال كفرهم). [جامع البيان: 23/7]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ذلك بأنّه كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات}. يقول: جلّ ثناؤه: هذا الّذي نال الّذين كفروا من قبل هؤلاء المشركين من وبال كفرهم، والّذي أعدّ لهم ربّهم يوم القيامة من العذاب، من أجل أنّه كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات الّذي أرسلهم إليهم ربّهم بالواضحات من الأدلّة والإعلام على حقيقة ما يدعونهم إليه، فقالوا لهم: أبشرٌ يهدوننا؟ استكبارًا منهم أن تكون رسل اللّه إليهم بشرًا مثلهم واستكبارًا عن اتّباع الحقّ من أجل أنّ بشرًا مثلهم دعاهم إليه؛ وجمع الخبر عن البشر، فقيل: يهدوننا، ولم يقل: يهدينا، لأنّ البشر، وإن كان في لفظ الواحد، فإنّه بمعنى الجميع.
وقوله: {فكفروا وتولّوا}. يقول: فكفروا باللّه، وجحدوا رسالة رسله الّذين بعثهم اللّه إليهم استكبارًا {وتولّوا} يقول: وأدبروا عن الحقّ فلم يقبلوه، وأعرضوا عمّا دعاهم إليه رسلهم. {واستغنى اللّه} يقول: واستغنى اللّه عنهم، وعن إيمانهم به وبرسله، ولم تكن به إلى ذلك منهم حاجةٌ. {واللّه غنيٌّ حميدٌ}. يقول: واللّه غنيٌّ عن جميع خلقه، محمودٌ عند جميعهم بجميل أياديه عندهم، وكريم فعاله فيهم). [جامع البيان: 23/8]
تفسير قوله تعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {زعم الّذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربّي لتبعثنّ ثمّ لتنبّؤنّ بما عملتم وذلك على اللّه يسيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: زعم الّذين كفروا باللّه أن لن يبعثهم اللّه إليه من قبورهم بعد مماتهم.
وكان ابن عمر يقول: زعم: كنية الكذب.
- حدّثني بذلك محمّد بن نافعٍ البصريّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن بعض أصحابه عن ابن عمر.
وقوله: {قل بلى وربّي لتبعثنّ} يقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم يا محمّد: بلى وربّي لتبعثنّ من قبوركم {ثمّ لتنبّؤنّ بما عملتم}. يقول: ثمّ لتخبرنّ بأعمالكم الّتي عملتموها في الدّنيا {وذلك على اللّه يسيرٌ}. يقول: وبعثكم من قبوركم بعد مماتكم على اللّه سهلٌ هيّنٌ). [جامع البيان: 23/8-9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 14.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قيل له: ما سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول في (زعموا) قال: سمعته يقول: بئس مطية الرجل). [الدر المنثور: 14/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود أنه كره: زعموا). [الدر المنثور: 14/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد أنه كره زعموا لقول الله: {زعم الذين كفروا}). [الدر المنثور: 14/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن هانئ بن عروة أنه قال لابنه: هب لي اثنتين: زعموا وسوف ولا يكونان في حديثك). [الدر المنثور: 14/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: زعم كنية الكذب). [الدر المنثور: 14/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن شريح قال: زعم كنية الكذب). [الدر المنثور: 14/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة قال: زعموا زاملة الكذب). [الدر المنثور: 14/513]
تفسير قوله تعالى: (فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فآمنوا باللّه ورسوله والنّور الّذي أنزلنا واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: فصدّقوا باللّه ورسوله أيّها المشركون المكذّبون بالبعث، وبإخباره إيّاكم أنّكم مبعوثون من بعد مماتكم، وأنّكم من بعد بلائكم تنشرون من قبوركم، {والنّور الّذي أنزلنا}. يقول: وآمنوا بالنّور الّذي أنزلنا، وهو هذا القرآن الّذي أنزله اللّه على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. {واللّه بما تعملون خبيرٌ} يقول تعالى ذكره: واللّه بأعمالكم أيّها النّاس ذو خبرةٍ محيطٌ بها، محصٍ جميعها، لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم على جميعها). [جامع البيان: 23/9]