تفسير قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله كمثل الحمار يحمل أسفارا قال مثل الحمار يحمل كتبا لا يدري ما على ظهره). [تفسير عبد الرزاق: 2/291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: مثل الّذين أوتوا التّوراة من اليهود والنّصارى، فحمّلوا العمل بها {ثمّ لم يحملوها}. يقول: ثمّ لم يعملوا بما فيها، وكذّبوا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد أمروا بالإيمان به فيها واتّباعه والتّصديق به {كمثل الحمار يحمل أسفارًا} يقول: كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبًا من كتب العلم، لا ينتفع بها، ولا يعقل ما فيها، فكذلك الّذين أوتوا التّوراة الّتي فيها بيان أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها، كمثل الحمار الّذي يحمل أسفارًا فيها علمٌ، فهو لا يعقلها ولا ينتفع بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، في قوله: {يحمل أسفارًا}. قال: يحمل كتبًا لا يدري ما فيها، ولا يعقلها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. قال: يحمل كتابًا لا يدري ماذا عليه، ولا ماذا فيه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. قال: كمثل الحمار الّذي يحمل كتبًا، لا يدري ما على ظهره.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. كتبًا، والكتاب بالنّبطيّة يسمّى سفرًا؛ ضرب اللّه هذا مثلاً للّذين أعطوا التّوراة ثمّ كفروا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. والأسفار: الكتب، فجعل اللّه مثل الّذي يقرأ الكتاب ولا يتّبع ما فيه، كمثل الحمار يحمل كتاب اللّه الثّقيل، لا يدري ما فيه، ثمّ قال: {بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه} الآية.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. قال: الأسفار: التّوراة الّتي يحملها الحمار على ظهره، كما تحمل المصاحف على الدّوابّ، كمثل الرّجل يسافر فيحمل مصحفه، قال: فلا ينتفع الحمار بها حين يحملها على ظهره، كذلك لم ينتفع هؤلاء بها حين لم يعملوا بها وقد أوتوها، كما لم ينتفع بها هذا وهي على ظهره.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {كمثل الحمار يحمل أسفارًا}. يقول: كتبًا. والأسفار: جمع سفرٍ، وهي الكتاب العظام.
وقوله: {بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه}. يقول: بئس هذا المثل، مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات اللّه، يعني بأدلّته وحججه. {واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} يقول تعالى ذكره: واللّه لا يوفّق القوم الّذين ظلموا أنفسهم، فكفروا بآيات ربّهم). [جامع البيان: 22/633-635]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الأسفار الكتب يقول كمثل الحمار يحمل كتبا لا يدري ما فيها ولا يعقلها). [تفسير مجاهد: 2/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 5 - 8.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها} قال: اليهود). [الدر المنثور: 14/456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها} قال: أمرهم أن يأخذوا بما فيها فلم يعملوا به). [الدر المنثور: 14/456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا} قال: كتبا لا يدري ما فيها ولا يدري ما هي يضرب الله لهذه الأمة أي وأنتم إن لم تعملوا بهذا الكتاب كان مثلكم كمثلهم). [الدر المنثور: 14/456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يحمل أسفارا} قال: كتبا لا يعلم ما فيها ولا يعقلها). [الدر المنثور: 14/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {كمثل الحمار يحمل أسفارا} قال: يحمل كتبا على ظهره لا يدري ماذا عليه). [الدر المنثور: 14/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أسفارا} قال: كتبا.
وأخرج الخطيب عن عطاء بن أبي رباح مثله). [الدر المنثور: 14/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {أسفارا} قال: كتبا والكتاب بالنبطية يسمى سفرا). [الدر المنثور: 14/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت ليست له جمعة). [الدر المنثور: 14/457]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل يا أيّها الّذين هادوا إن زعمتم أنّكم أولياء للّه من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لليهود: {يا أيّها الّذين هادوا إن زعمتم أنّكم أولياءٌ للّه من دون النّاس} سواكم {فتمنّوا الموت} إن كنتم صادقين في قيلكم، إنّكم أولياء للّه من دون النّاس، فإنّ اللّه لا يعذّب أولياءه، بل يكرمهم وينعمهم، وإن كنتم محقّين فيما تقولون فتمنّوا الموت لتستريحوا من كرب الدّنيا وهمومها وغمومها، وتصيروا إلى روح الجنّان ونعيمها بالموت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قل يا أيّها الّذين هادوا} قل يا أيّها الّذين تابوا: لليهود، قال موسى: {إنّا هدنا إليك}: إنّا تبنا إليك). [جامع البيان: 22/635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 9 - 11.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {إن زعمتم أنكم أولياء لله} قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه وفي قوله: {ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم} قال: عرفوا أن محمدا نبي الله فكتموه وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه). [الدر المنثور: 14/457]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يتمنّونه أبدًا بما قدّمت أيديهم واللّه عليمٌ بالظّالمين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا يتمنّونه أبدًا} يقول: ولا يتمنّى اليهود الموت أبدًا {بما قدّمت أيديهم} يعني: بما اكتسبوا في هذه الدّنيا من الآثام، واجترحوا من السّيّئات {واللّه عليمٌ بالظّالمين} يقول: واللّه ذو علمٍ بمن ظلم من خلقه نفسه، فأوبقها بكفره باللّه). [جامع البيان: 22/635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 9 - 11.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {إن زعمتم أنكم أولياء لله} قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه وفي قوله: {ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم} قال: عرفوا أن محمدا نبي الله فكتموه وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه). [الدر المنثور: 14/457] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم} قال: إن سوء العمل يكره الموت شديدا). [الدر المنثور: 14/458]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال تلا قتادة ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فقال إن الله أذل ابن آدم بالموت لا أعلمه إلا رفعه). [تفسير عبد الرزاق: 2/291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب والشّهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لليهود إنّ الموت الّذي تفرّون منه فتكرهونه، وتأبون أن تتمنّوه فإنّه ملاقيكم ونازلٌ بكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب والشّهادة ثمّ يردّكم ربّكم من بعد مماتكم إلى عالم الغيب والشّهادة، عالم غيب السّموات والأرض؛ والشّهادة: يعني وما شهد فظهر لرأي العين، ولم يغب عن أبصار النّاظرين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: تلا قتادة: {ثمّ تردّون إلى عالم الغيب والشّهادة}. فقال: إنّ اللّه أذلّ ابن آدم بالموت. لا أعلمه إلاّ رفعه.
{فينبّئكم بما كنتم تعملون}. يقول: فيخبّركم حينئذٍ ما كنتم في الدّنيا تعملون من الأعمال، سيّئها وحسنها، لأنّه محيطٌ بجميعها، ثمّ يجازيكم على ذلك المحسن بإحسانه، والمسيء بما هو أهله). [جامع البيان: 22/636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن معمر قال: تلا قتادة {ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة} قال: إن الله أذل ابن آدم بالموت لا أعلمه إلا رفعه، قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} الآية). [الدر المنثور: 14/458]