العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:56 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الجمعة [ من الآية (1) إلى الآية (4) ]

{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:58 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يسبّح للّه ما في السّموات وما في الأرض الملك القدّوس العزيز الحكيم}.
يقول تعالى ذكره: يسبّح للّه كلّ ما في السّموات السّبع، وكلّ ما في الأرضين من خلقه، ويعظّمه طوعًا وكرهًا {الملك القدّوس} الّذي له ملك الدّنيا والآخرة وسلطانهما، النّافذ أمره في السّموات والأرض وما فيهما، {القدّوس}: وهو الطّاهر من كلّ ما يضيف إليه المشركون به، ويصفونه به ممّا ليس من صفاته المبارك {العزيز} يعني الشّديد في انتقامه من أعدائه {الحكيم} في تدبيره خلقه، وتصريفه إيّاهم فيما هو أعلم به من مصالحهم). [جامع البيان: 22/625]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكر بن أبي نصرٍ المزكّي بمرو، ثنا عبد العزيز بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه المقرئ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاء بن السّائب، عن ميسرة، «أنّ هذه الآية مكتوبةٌ في التّوراة بسبع مائة آيةٍ {يسبّح للّه ما في السّموات وما في الأرض الملك القدّوس العزيز الحكيم} أوّل سورة الجمعة»). [المستدرك: 2/529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 - 4.
أخرج ابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن السائب عن ميسرة أن هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم} أول سورة الجمعة). [الدر المنثور: 14/453]

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) )
- قال نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (ت: 228هـ): (حدثني محمد بن كثير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: {الكتاب والحكمة} قال: الكتاب والسنة.
- أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله). [الزهد لابن المبارك: 2/ 239-240]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان الثوري يحدث لا أعلم إلا عن مجاهد أنه قال: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته}، قال: العرب: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}، العجم، {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به}، العرب، {ومن بلغ}، العجم). [الجامع في علوم القرآن: 1/50]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال تلا قتادة هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم قال كانت هذه الأمة أمة أمية لا يقرأون كتابا). [تفسير عبد الرزاق: 2/291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: اللّه الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم، فقوله هو كنايةٌ من اسم اللّه.
والأمّيّون هم العرب. وقد بيّنّا فيما مضى المعنى الّذي من أجله قيل للأمّيّ: أمّيٌّ.
وبنحو الّذي قلنا في الأمّيّين في هذا الموضع قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم}. قال: العرب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت سفيان الثّوريّ، يحدّث لا أعلمه إلاّ عن مجاهدٍ، أنّه قال: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته}. العرب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم}. قال: كان هذا الحيّ من العرب أمّةً أمّيّةً ليس فيها كتابٌ يقرءونه، فبعث اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم رحمةً وهدًى يهديهم به.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم} قال: كانت هذه الأمّة أمّيّةً لا يقرءون كتابًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم}. قال: إنّما سمّيت أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الأمّيّين، لأنّه لم ينزل عليهم كتابًا.
وقال جلّ ثناؤه {رسولاً منهم}. يعني من الأمّيّين وإنّما قال: {منهم}، لأنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم كان أمّيًّا، وهو من العرب.
وقوله: {يتلو عليهم آياته}. يقول جلّ ثناؤه: يقرأ على هؤلاء الأمّيّين آيات اللّه الّتي أنزلها عليه {ويزكّيهم}. يقول: ويطهّرهم من دنس الكفر.
وقوله: {ويعلّمهم الكتاب}. يقول: ويعلّمهم كتاب اللّه، وما فيه من أمر اللّه ونهيه، وشرائع دينه {والحكمة} يعني بالحكمة: السّنن.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ويعلّمهم الكتاب والحكمة}. أي: السّنّة.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، قال: {ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة}. أيضًا كما علّم هؤلاء يزكّيهم بالكتاب والأعمال الصّالحة، ويعلّمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأوّلين، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ}. ممّن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم السّاعة، قال: وقد جعل اللّه فيهم سابقين، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {والسّابقون السّابقون أولئك المقرّبون}. وقال: {ثلّةٌ من الأوّلين وقليلٌ من الآخرين}. فثلّةٌ من الأوّلين سابقون، وقليلٌ السّابقون من الآخرين، وقرأ {وثلّةٌ من الآخرين}، وقرأ: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين}.
حتّى بلغ {ثلّةٌ من الأوّلين وثلّةٌ من الآخرين} أيضًا، قال: والسّابقون من الأوّلين أكثروهم من الآخرين قليلٌ، وقرأ {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان} الآية، قال: هؤلاء من كان من أهل الإسلام إلى أن تقوم السّاعة.
وقوله: {وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ}. يقول تعالى ذكره: وقد كان هؤلاء الأمّيّون من قبل أن يبعث اللّه فيهم رسولاً منهم في جورٍ عن قصد السّبيل، وأخذٍ على غير هدًى {مبينٍ} يقول: يبيّن لمن تأمّله أنّه ضلالٌ وجورٌ عن الحقّ وطريق الرّشد). [جامع البيان: 22/625-628]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، أنبأ عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن داود بن أبي هندٍ، وحدّثني عليّ بن عيسى، واللّفظ له، ثنا الحسين بن محمّدٍ القبّانيّ، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: مرّ أبو جهلٍ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي فقال: ألم أنهك على أن تصلّي يا محمّد لقد علمت ما بها أحدٌ أكثر ناديًا منّي، «فانتهره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم» فقال جبريل: عليه السّلام {فليدع ناديه سندع الزّبانية} [العلق: 18] واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} الآية.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} الآية قال: كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها كتاب يقرأونه فبعث الله فيهم محمدا رحمة وهدى يهديهم به). [الدر المنثور: 14/454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن المنذر، وابن مردويه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب). [الدر المنثور: 14/454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {يتلو عليهم آياته} قال: القرآن {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} قال: هو الشرك). [الدر المنثور: 14/454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} قال: العرب {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: العجم). [الدر المنثور: 14/454]

تفسير قوله تعالى: (وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان الثوري يحدث لا أعلم إلا عن مجاهد أنه قال: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته}، قال: العرب: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}، العجم، {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به}، العرب، {ومن بلغ}، العجم). [الجامع في علوم القرآن: 1/50] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني سليمان بن بلالٍ عن ثور بن زيدٍ عن سالمٍ أبي الغيث عن أبي هريرة قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه، فأنزلت سورة الجمعة: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}، فقال رجلٌ منهم: من هؤلاء، يا رسول اللّه، فلم يجبه حتّى سأله ثلاث مرّاتٍ وفينا سليمان الفارسيّ، فوضع رسول اللّه يده على سلمان فقال: لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ من هؤلاء). [الجامع في علوم القرآن: 2/45-46]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن إسماعيل بن شروس عن عكرمة في قوله تعالى وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال هم التابعون). [تفسير عبد الرزاق: 2/292]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} [الجمعة: 3]
وقرأ عمر: «فامضوا إلى ذكر اللّه»
- حدّثني عبد العزيز بن عبد اللّه، قال: حدّثني سليمان بن بلالٍ، عن ثورٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} [الجمعة: 3] قال: قلت: من هم يا رسول اللّه؟ فلم يراجعه حتّى سأل ثلاثًا، وفينا سلمان الفارسيّ، وضع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يده على سلمان، ثمّ قال: «لو كان الإيمان عند الثّريّا، لناله رجالٌ - أو رجلٌ - من هؤلاء»
- حدّثنا عبد اللّه بن عبد الوهّاب، حدّثنا عبد العزيز، أخبرني ثورٌ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لناله رجالٌ من هؤلاء»). [صحيح البخاري: 6/151-152]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم)
أي لم يلحقوا بهم ويجوز في آخرين أن يكون منصوبًا عطفًا على الضّمير المنصوب في يعلّمهم وأن يكون مجرورًا عطفًا على الأمّيّين قوله وقرأ عمر فامضوا إلى ذكر اللّه ثبت هذا هنا في رواية الكشميهنيّ وحده وروى الطّبريّ عن عبد الحميد بن بيانٍ عن سفيان عن الزّهريّ عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه قال ما سمعت عمر يقرؤها قطّ فامضوا ومن طريق مغيرة عن إبراهيم قال قيل لعمر إنّ أبيّ بن كعبٍ يقرؤها فاسعوا قال أما أنّه أعلمنا وأقرؤنا للمنسوخ وإنّما هي فامضوا وأخرجه سعيد بن منصورٍ فبيّن الواسطة بين إبراهيم وعمر وأنّه خرشة بن الحرّ فصحّ الإسناد وأخرجا أيضًا من طريق إبراهيم عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه كان يقرؤها فامضوا ويقول لو كان فاسعوا لسعيت حتّى يسقط ردائي وأخرجه الطّبرانيّ ورجاله ثقاتٌ إلّا أنّه منقطعٌ وللطّبرانيّ أيضًا من طريق قتادة قال هي في حرف بن مسعودٍ فامضوا قال وهي كقوله إنّ سعيكم لشتى وقال أبو عبيدة معنى فاسعوا أجيبوا وليس من العدو
- قوله حدّثنا عبد العزيز كذا لهم غير منسوبٍ قال الجيّانيّ وكلام الكلاباذيّ يقتضي أنه بن أبي حازمٍ سلمة بن دينارٍ قال والّذي عندي أنّه الدّراورديّ لأنّ مسلمًا أخرجه عن قتيبة عن الدّراورديّ عن ثورٍ قلت وأخرجه التّرمذيّ والنّسائيّ أيضًا عن قتيبة وأورده الإسماعيليّ وأبو نعيمٍ في مستخرجيهما من طريق قتيبة وجزم أبو مسعودٍ أنّ البخاريّ أخرجه عن عبد اللّه بن عبد الوهّاب أنبأنا عبد العزيز الدّراورديّ كذا فيه وتبعه المزّيّ وظاهره أنّ البخاريّ نسبه ولم أر ذلك في شيءٍ من نسخ الصّحيح ولم أقف على رواية عبد العزيز بن أبي حازمٍ لهذا الحديث في شيءٍ من المسانيد ولكن يؤيّده أنّ البخاريّ لم يخرّج للدّراورديّ إلّا متابعةً أو مقرونًا وهو هنا كذلك فإنّه صدّره برواية سليمان بن بلالٍ ثمّ تلاه برواية عبد العزيز قوله عن ثور هو بن يزيد المدنيّ وأبو الغيث بالمعجمة والمثلّثة اسمه سالمٌ قوله فأنزلت عليه سورة الجمعة وآخرين منهم لما يلحقوا بهم كأنّه يريد أنزلت عليه هذه الآية من سورة الجمعة وإلّا فقد نزل منها قبل إسلام أبي هريرة الأمر بالسّعي ووقع في رواية الدّراورديّ عن ثورٍ عند مسلمٍ نزلت عليه سورة الجمعة فلمّا قرأ وآخرين منهم قوله قال قلت من هم يا رسول اللّه في رواية السّرخسيّ قالوا من هم يا رسول اللّه وفي رواية الإسماعيليّ فقال له رجلٌ وفي رواية الدّراورديّ قيل من هم وفي رواية عبد اللّه بن جعفرٍ عن ثورٍ عند التّرمذيّ فقال رجلٌ يا رسول اللّه من هؤلاء الّذين لم يلحقوا بنا ولم أقف على اسم السّائل قوله فلم يراجعوه كذا في نسختي من طريق أبي ذرٍّ وفي غيرها فلم يراجعه وهو الصّواب أي لم يراجع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أي لم يعد عليه جوابه حتّى سأله ثلاث مرّاتٍ ووقع ذلك صريحًا في رواية الدّراورديّ قال فلم يراجعه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى سأل مرّتين أو ثلاثًا وفي رواية بن وهبٍ عن سليمان بن بلالٍ حتّى سأله ثلاث مرّاتٍ بالجزم وكذا في رواية عبد اللّه بن جعفرٍ قوله وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على سلمان في رواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة يده على فخذ سلمان قوله لو كان الإيمان عند الثّريّا هي نجمٌ معروفٌ تقدّم ذكره في تفسير سورة النّجم قوله لناله رجالٌ أو رجلٌ من هؤلاء هذا الشّكّ من سليمان بن بلالٍ بدليل الرّواية الّتي أوردها بعده من غير شكٍّ مقتصرًا على قوله رجالٌ من هؤلاء وهي عند مسلمٍ والنّسائيّ كذلك وقد أخرجه الإسماعيليّ من رواية بن وهبٍ عن سليمان بلفظ لناله رجالٌ من هؤلاء أيضًا بغير شكٍّ وعبد العزيز المذكور هو الدّراورديّ كما جزم به أبو نعيمٍ والجيّانيّ ثمّ المزّيّ
وقد أخرجه مسلمٌ عن قتيبة عن الدّراورديّ وجزم الكلاباذي بأنّه بن أبي حازمٍ والأوّل أولى فإنّ الحديث مشهورٌ عن الدّراورديّ ولم أر في شيءٍ من المسانيد من حديث أبي حازمٍ والدّراورديّ قد أخرج له البخاريّ في المتابعات غير هذا قوله من أبناء فارس قيل إنّهم من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام بن نوحٍ وأنّه ولد بضعة عشر رجلًا كلّهم كان فارسًا شجاعًا فسمّوا الفرس للفروسيّة وقيل في نسبهم أقوالٌ أخرى وقال صاعدٌ في الطّبقات كان أوّلهم على دين نوحٍ ثمّ دخلوا في دين الصّابئة في زمن طمهورث فداموا على ذلك أكثر من ألفي سنةٍ ثمّ تمجّسوا على يد زرادشت وقد أطنب أبو نعيمٍ في أوّل تاريخ أصبهان في تخريج طرق هذا الحديث أعني حديث لو كان الدّين عند الثّريّا ووقع في بعض طرقه عند أحمد بلفظ لو كان العلم عند الثّريّا وفي بعض طرقه عند أبي نعيمٍ عن أبي هريرة أن ذلك كان عند نزول قوله تعالى وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ويحتمل أن يكون ذلك صدر عند نزول كلٍّ من الآيتين وقد أخرج مسلمٌ الحديث مجرّدًا عن السّبب من رواية يزيد بن الأصمّ عن أبي هريرة رفعه لو كان الدّين عند الثّريّا لذهب رجالٌ من أبناء فارس حتّى يتناولوه وأخرجه أبو نعيمٍ من طريق سليمان التّيميّ حدّثني شيخٌ من أهل الشّام عن أبي هريرة نحوه وزاد في آخره برقّة قلوبهم وأخرجه أيضًا من وجهٍ آخر عن التّيميّ عن أبي عثمان عن سلمان الفارسيّ بالزّيادة ومن طريقٍ أخرى من هذا الوجه فزاد فيه يتّبعون سنّتي ويكثرون الصّلاة عليّ قال القرطبيّ وقع ما قاله صلّى اللّه عليه وسلّم عيانًا فإنّه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفّاظ الآثار والعناية بها ما لم يشاركهم فيه كثيرٌ من أحدٍ غيرهم واختلف أهل النّسب في أصل فارس فقيل إنّهم ينتهي نسبهم إلى جيومرت وهو آدم وقيل إنّه من ولد يافث بن نوحٍ وقيل من ذرّيّة لاوي بن سام بن نوحٍ وقيل هو فارس بن ياسور بن سامٍ وقيل هو من ولد هدرام بن أرفخشد بن سامٍ وقيل إنّهم من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم والأوّل أشهر الأقوال عندهم والّذي يليه أرجحها عند غيرهم). [فتح الباري: 8/642-643]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} (الجمعة: 3)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {وآخرين منهم} فيه وجهان من الإعراب: أحدهما: الخفض على الرّد إلى الأمّيين مجازه: وفي آخرين. الثّاني: النصب على الرّد إلى الهاء والميم في قوله: (ويعلمهم) أي: ويعلم آخرين منهم أي: من المؤمنين الّذين يدينون بدينه. قوله: (لما يلحقوا بهم) ، أي: لم يدركوهم، ولكنهم يكونون بعدهم.
وقرأ عمر: {فامضوا إلى ذكر الله}
ثبت هذا هنا في رواية الكشميهني وحده، وعمر هو ابن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، رواه أبو محمّد عن الحسن بن محمّد بن الصّباح حدثنا روح بن عبادة نا حنظلة بن أبي سفيان، سمعت سالم بن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب.
- حدّثني عبد العزيز بن عبد الله قال حدّثني سليمان بن بلالٍ عن ثورٍ عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} (الجمعة: 3) قال قلت من هم يا رسول الله فلم يراجعه حتّى سأل ثلاثا وفينا سلمان الفارسيّ وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثمّ قال لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ أو رجلٌ من هؤلاء.
مطابقته للتّرجمة في قوله: {وآخرين منهم} وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدينيّ. وثور باسم الحيوان المشهور. ابن زيد الديلي وأبو الغيث، بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالتاء المثلّثة: سالم مولى عبد الله بن مطيع.
والحديث أخرجه أيضا عن عبد الله بن هلال وعن عبد الله بن عبد الوهّاب وأخرجه مسلم في الفضائل عن قتيبة، وأخرجه التّرمذيّ في التّفسير وفي المناقب عن عليّ بن حجر. وأخرجه النّسائيّ فيهما عن قتيبة.
قوله: (جلوسًا) أي: جالسين. قوله: (فنزلت عليه سورة الجمعة. {وآخرين} ) قال بعضهم: كأنّه يريد أنزلت عليه هذه الآية من سورة الجمعة. قلت: التّفسير بالشّكّ لا يجدي، والمعنى: مثل رواية مسلم نزلت عليه سورة الجمعة. فلمّا قرأ {وآخرين منهم} وهنا كذلك لما قرأ: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ وفي رواية السّرخسيّ، قالوا: من هم يا رسول الله؟ وفي رواية الإسماعيليّ. فقال له رجل، وفي رواية الدّراوردي، قيل من هم وعند التّرمذيّ: فقال رجل: يا رسول الله من هؤلاء الّذين لم يلحقوا بنا. قوله: (فلم يراجعوه) وكذا في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: فلم يراجعه أي: فلم يراجع النّبي صلى الله عليه وسلم السّائل أي لم يعد عليه جوابه حتّى سأل ثلاثًا. أي: ثلاث مرّات، وهذا هو الصّواب، يدل عليه صريحًا رواية الدّراوردي. قال: فلم يراجعه النّبي صلى الله عليه وسلم حتّى سأل مرّتين أو ثلاثًا. قوله: (عند الثريا) هو كوكب مشهور. قوله: (رجل أو رجال) . شكّ من سليمان بن بلال بدليل الرّواية الّتي أوردها بعدها من غير شكّ مقتصرا على قوله: (لناله رجال من هؤلاء) ، وكذا هو عند مسلم والنّسائيّ، قوله: (من هؤلاء) أي: الفرس، بقرينة، سلمان الفارسي. وقال: الكرماني أي: الفرس يعني العجم وفيه نظر لا يخفى ثمّ إنّهم اختلفوا في آخرين منهم فقيل: هم التابعون وقيل: هم العجم وقيل أبناؤهم، وقيل: كل من كان بعد الصّحابة. وقال أبو روق جميع من أسلم إلى يوم القيامة. وقال القرطبيّ: أحسن ما قيل فيهم أنهم أبناء فارس بدليل هذا الحديث، لناله رجال من هؤلاء، وقد ظهر ذلك بالعيان فإنّهم ظهر فيهم الدّين وكثر فيهم العلماء وكان وجودهم كذلك دليلاا من أدلّة صدقه صلى الله عليه وسلم، وذكر أبو عمر: أن الفرس من ولد لاوذ بن سام بن نوح، عليه السّلام، وذكر عليّ بن كيسان النسابة وغيره أنهم من ولد فارس بن جابر بن يافث بن نوح، وهو أصح ما قيل فيهم. وقال الرشاطي: فارس الكبرى ابن كيومرت، ويقال: حيومرت بن أميم بن لاوذ، وقيل: حيومرت بن يافث، وقيل: هو فارس بن ناسور بن سام بن نوح، عليه السّلام، ومنهم من زعم أنهم من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليه السّلام، وقيل: من ولد هذا رام بن إرفخشد ابن سام، وأنه ولد بضعة عشر رجلا كلهم كان فارسًا شجاعا فسموا الفرس بالفروسية. وقيل: إنّهم من ولد بوان بن إيران بن الأسود بن سام، ويقال لهم بالجزيرة الحضارمة، وبالشام: الجرامقة، وبالكوفة: الأحامرة، وبالبصرة: الأساورة، وباليمن: الأبناء والأحرار، وفي كتاب (الطّبقات) لصاعد: كانت الفرس أول أمرها موحدة على دين نوح، عليه الصّلاة والسّلام، إلى أن أتى برداسف المشرقي إلى طهمورس ثالث ملوك الفرس بمذهب الحنفاء وهم الصابئون، فقبله منه وقصر الفرس على التشرع به فاعتقدوه جميعًا نحو ألف سنة ومائتي سنة إلى أن تمجسوا جميعًا بظهور زرادشت في زمن بستاسف ملك الفرس حين مضى من ملكه ثلاثون سنة، ودعى إلى دين المجوسيّة من تعظيم النّار وسائر الأنوار والقول: بتركيب العالم من النّور والظلام واعتقاد القدماء الخمسة إبليس والهيولى والزّمان والمكان وذكر آخر فقبل منه بستاسف وقاتل الفرس عليه حق انقادوا جميعًا إليه ورفضوا دين الصابئة. واعتقدوا زرادشت نبيا مرسلا إليهم، ولم يزالوا على دينه قريبا من ألف سنة وثلاث مائة سنة إلى أن أباد الله عز وجل. ملكهم على عمر رضي الله تعالى عنه.
- حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدّثنا عبد العزيز أخبرني ثورٌ عن أبي الغيث عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لنا له رجالٌ من هاؤلاء..
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، المذكور وأخرجه عن عبد الله بن عبد الوهّاب أبي محمّد الحجبي البصريّ عن عبد العزيز. قال الكرماني: هو عبد العزيز بن أبي حازم. وكذا قاله الكلاباذي. وقال أبي نعيم والجياني: هو الدّراوردي، وأخرجه مسلم عن قتيبة عن الدّراوردي وجزم به الحافظ المزي أيضا). [عمدة القاري: 19/234-236]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} وقرأ عمر {فامضوا إلى ذكر اللّه}
(قوله) تعالى: {وآخرين منهم}) قال في الدر: مجرور عطفًا على الأميين أي وبعث في آخرين من الأميين ({لما يلحقوا بهم}) [الجمعة: 3] صفة لآخرين أو آخرين منصوب عطفًا على الضمير المنصوب في يعلمهم أي: ويعلم آخرين لم يلحقوا بهم وسيلحقون وكل من تعلم شريعة محمد -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى آخر الزمان فرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- معلّمه بالقوّة لأنه أصل ذلك الخير العظيم والفضل الجسيم.
(وقرأ عمر) بن الخطاب فيما رواه الطبري ({فامضوا إلى ذكر الله}) وهذا ساقط لغير الكشميهني.
- حدّثني عبد العزيز بن عبد اللّه، حدّثني سليمان بن بلالٍ عن ثورٍ عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأنزلت عليه سورة الجمعة {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} قال: قلت: من هم يا رسول اللّه؟ فلم يراجعه حتّى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسيّ، وضع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يده على سلمان ثمّ قال: «لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ. أو رجلٌ من هؤلاء». [الحديث 4897 - طرفه في: 4898].
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولغير أبي ذر: حدّثني بالإفراد (عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (سليمان بن بلال) التيمي مولاهم (عن ثور) باسم الحيوان المعروف بابن زيد الديلي بكسر الدال المهملة بعدها تحتية ساكنة (عن أبي الغيث) سالم مولى عبد الله بن مطيع (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: كنا جلوسًا عند النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأنزلت عليه سورة الجمعة) زاد مسلم فلما قرأ: ({وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: قلت: من هم)؟ ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قالوا: من هم؟ (يا رسول الله. فلم يراجعه) عليه الصلاة والسلام
السائل أي لم يعد عليه الجواب (حتى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي وضع رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- يده على سلمان ثم قال):
(لو كان الإيمان عند الثريا) النجم المعروف (لناله رجال أو رجل من هؤلاء) الفرس بقرينة سلمان، والشك من سليمان بن بلال للجزم برجال من غير شك في الرواية اللاحقة. وزاد أبو نعيم في آخره برقة قلوبهم ومن وجه آخر يتبعون سنتي ويكثرون الصلاة عليّ.
قال القرطبي: وقد ظهر ذلك في العيان فإنه ظهر فيهم الذين وكثر وإن وجود ذلك فيهم دليلًا من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام.
- حدّثنا عبد اللّه بن عبد الوهّاب، حدّثنا عبد العزيز أخبرني ثورٌ عن أبي الغيث، عن أبي هريرة عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «لناله رجالٌ من هؤلاء».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي البصري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (عبد العزيز) هو الدراوردي كما جزم به أبو نعيم والجياني ثم المزني قال: (أخبرني) بالإفراد (ثور) هو ابن زيد الديلي (عن أبي الغبث) سالم (عن أبي هريرة عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-: لناله رجال من هؤلاء) قال ابن كثير: ففي هذا الحديث دليل على عموم بعثته -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى جميع الناس لأنه فسر قوله: {وآخرين منهم} بفارس، ولذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم يدعوهم إلى الله وإلى اتّباع ما جاء به. وعند ابن أبي حاتم عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا: إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، ثم قرأ {وآخرين منهم} الآية). [إرشاد الساري: 7/383]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عليّ بن حجرٍ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفرٍ قال: حدّثني ثور بن زيدٍ الدّيليّ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنّا عند رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها، فلمّا بلغ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} قال له رجلٌ: يا رسول الله من هؤلاء الّذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلّمه، قال: وسلمان فينا قال: فوضع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يده على سلمان فقال: والّذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثّريّا لتناوله رجالٌ من هؤلاء.
ثور بن زيدٍ مدنيٌّ، وثور بن يزيد شاميٌّ، وأبو الغيث اسمه: سالمٌ مولى عبد الله بن مطيعٍ مدنيٌّ.
هذا حديثٌ غريبٌ، وعبد الله بن جعفرٍ هو: والد عليّ بن المدينيّ ضعّفه يحيى بن معينٍ.
وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/269]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز، عن ثورٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ نزلت سورة الجمعة، فلمّا قرأ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} [الجمعة: 3]، قال: من هؤلاء يا رسول الله؟، فلم يراجعه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى سأله مرّةً أو مرّتين أو ثلاثًا، قال: وفينا سلمان الفارسيّ، فوضع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يده على سلمان ثمّ قال: «لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ من هؤلاء»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/300]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}.
يقول تعالى ذكره: وهو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم، وفي آخرين منهم لمّا يلحقوا بهم؛ فآخرون في موضع خفضٍ عطفًا على الأمّيّين.
وقد اختلف في الّذين عنوا بقوله: {وآخرين منهم} فقال بعضهم: عني بذلك العجم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثني ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: هم الأعاجم.
- حدّثنا يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا فضيل بن طلحة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: هم الأعاجم.
- حدّثنا أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: هم الأعاجم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عاصمٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: الأعاجم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت سفيان الثّوريّ، لا أعلمه إلاّ عن مجاهدٍ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: العجم.
- حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا يحيى بن معينٍ، قال: حدّثنا هشام بن يوسف، عن عبد الرّحمن بن عمر بن عبد الرّحمن بن القاصٍّ، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عمر، أنّه قال له أحد الأبناء: أما إنّ سورة الجمعة أنزلت فينا وفيكم في قتلكم الكذّاب، ثمّ قرأ: {يسبّح للّه ما في السّموات وما في الأرض}. حتّى بلغ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} قال: فأنتم هم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: الأعاجم.
- حدّثني محمّد بن معمرٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز، وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني سليمان بن بلالٍ، جميعًا عن ثور بن زيدٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت عليه سورة الجمعة، فلمّا قرأ: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال رجلٌ: من هؤلاء يا رسول اللّه؟ قال: فلم يراجعه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى سأله مرّةً أو مرّتين أو ثلاثًا، قال: وفينا سلمان الفارسيّ، فوضع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يده على سلمان فقال: لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ من هؤلاء.
- حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عمّي، قال: حدّثنا سليمان بن بلالٍ المدنيّ، عن ثور بن زيدٍ، عن سالمٍ أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر نحوه.
وقال آخرون: إنّما عني بذلك جميع من دخل في الإسلام من بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كائنًا من كان إلى يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: من ردف الإسلام من النّاس كلّهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. قال: هؤلاء كلّ من كان بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يوم القيامة، كلّ من دخل في الإسلام من العرب والعجم.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب عندي قول من قال: عني بذلك كلّ لاحقٍ لحق بالّذين كانوا صحبوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في إسلامهم من أيّ الأجناس؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ عمّ بقوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}. كلّ لاحقٍ بهم من آخرين، ولم يخصّص منهم نوعًا دون نوعٍ، فكلّ لاحقٍ بهم فهو من الآخرين الّذي لم يكونوا في عداد الأوّلين الّذين كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتلو عليهم آيات اللّه.
وقوله: {لمّا يلحقوا بهم}. يقول: لم يجيئوا بعد وسيجيئون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {لمّا يلحقوا بهم} يقول: لم يأتوا بعد.
وقوله: {وهو العزيز الحكيم}. يقول: واللّه العزيز في انتقامه ممّن كفر به منهم، الحكيم في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 22/628-632]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال يعني من ردف الإسلام من الناس كلهم). [تفسير مجاهد: 2/673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} قال: العرب {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: العجم). [الدر المنثور: 14/454] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها فلما بلغ {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال له رجل: يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا فوضع يده على رأس سلمان الفارسي وقال: والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء). [الدر المنثور: 14/454-455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن الإيمان بالثريا لناله رجال من أهل فارس). [الدر المنثور: 14/455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب ثم قرأ {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم}). [الدر المنثور: 14/455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: من ردف الإسلام من الناس كلهم). [الدر المنثور: 14/455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الزراق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: هم التابعون). [الدر المنثور: 14/456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: هم التابعون). [الدر المنثور: 14/456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} يعني من أسلم من الناس وعمل صالحا من عربي وعجمي إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/456]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء}. يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعل تعالى ذكره من بعثته في الأمّيّين من العرب، وفي آخرين، رسولاً منهم يتلو عليهم آياته، ويفعل سائر ما وصف، فضل اللّه تفضّل به على هؤلاء دون غيرهم {يؤتيه من يشاء} يقول: يؤتي فضله ذلك من يشاء من خلقه، لا يستحقّ الذّمّ ممّن حرمه اللّه إيّاه، لأنّه لم يمنعه حقًّا كان له قبله ولا ظلمه في صرفه عنه إلى غيره، ولكنّه علم من هو له أهلٌ، فأودعه إيّاه، وجعله عنده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في: {ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء} قال: الفضل: الدّين.
{واللّه ذو الفضل العظيم}. يقول: اللّه ذو الفضل على عباده، المحسن منهم والمسيء، والّذين بعث فيهم الرّسول منهم وغيرهم، {العظيم} الّذي يقلّ فضل كلّ ذي فضلٍ عنده). [جامع البيان: 22/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} قال: الدين). [الدر المنثور: 14/456]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 11:01 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {يسبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض الملك القدّوس العزيز الحكيم}
{الملك القدّوس} بضم القاف القراءة، وقد رويت القدّوس بفتح القاف، وهي قليلة.ومعنى القدوس المبارك وقيل الطاهر أيضا). [معاني القرآن: 5/169]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في الأمّيّين}: الذين لا يكتبون. {يزكّيهم}: يطهرهم). [مجاز القرآن: 2/258]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الأمين}: الذين لا يكتبون). [غريب القرآن وتفسيره: 377]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}
{الأمّيّين} الذين لا يكتبون، الذين هم على ما خلقت عليه الأمّة قبل تعلم الكتاب، والكتاب لا يكون إلا بتعلّم .
وقولهم في الذي لا يعرف الكلام ولا القراءة: هو يقرأ بالسليقة، أي لم يتعلم القراءة معربا إنما يقرأ على ما سمع الكلام على سليقته. والسّليقة والطبيعة والنحيبة والسّجيّة والسّرجوجة، معناه كله الطبيعة.
وقيل أول ما بدأ الكتاب في العرب بدا من أهل الطائف، وذكر أهل الطائف أنهم تعلموا الكتابة في أهل الحيرة، وذكر أهل الحيرة أنهم تعلموا الكتابة من أهل الأنبار). [معاني القرآن: 5/169]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم...}.يقال: إنهم ممن لم يسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه، ثم أسلم، ويقال: هم الذين يأتون من بعد.
{وآخرين} في موضع خفض؛ بعث في الأميين وفي آخرين منهم. ولو جعلتها نصبا بقوله: {ويزكّيهم ويعلّمهم} ويعلم آخرين فينصب على الرد على الهاء في: يزكيهم، ويعلمهم). [معاني القرآن: 3/155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم}
{آخرين} في موضع جرّ. المعنى هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولا منهم وبعث في الذين لم يلحقوا بهم، أي في آخرين منهم لمّا يلحقوا بهم. فالنبي عليه السلام مبعوث إلى من شاهده وإلى كل من كان بعدهم من العرب والعجم.
ويجوز أن يكون {وآخرين} في موضع نصب على معنى يعلمهم الكتاب والحكمة ويعلم آخرين منهم لما يلحقوا بهم). [معاني القرآن: 5/169-170]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)}

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 11:05 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) }

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يسبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض الملك القدّوس العزيز الحكيم (1) هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ (2) وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (4)
تقدم القول في لفظ الآية الأولى، واختلفت القراءة في إعراب الصفات في آخرها.
فقرأ جمهور الناس: الملك بالخفض نعتا للّه، وكذلك ما بعده، وقرأ أبو وائل شقيق بن سلمة وأبو الدينار: «الملك» بالرفع على القطع، وفتح أبو الدينار القاف من «القدوس»). [المحرر الوجيز: 8/ 299-300]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والأمّيّين: يراد بهم العرب، والأمي في اللغة الذي لا يكتب ولا يقرأ كتابا، قيل هو منسوب إلى الأم، أي هو على الخلقة الأولى في بطن أمه، وقيل هو منسوب إلى الأمة، أي على سليقة البشر دون تعلم، وقيل منسوب إلى أم القرى وهي مكة وهذا ضعيف، لأن الوصف ب الأمّيّين على هذا يقف على قريش، وإنما المراد جميع العرب، وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا».
وهذه الآية تعديد نعمة الله عندهم فيما أولاهم، والآية المتلوة: القرآن يزكّيهم معناه: يطهرهم من الشرك ويمني الخير فيهم، والكتاب: الوحي المتلو، والحكمة: السنة التي هي لسانه عليه السلام، ثم أظهر تعالى تأكيد النعمة بذكر حالهم التي كانت في الضد من الهداية، وذلك في قوله تعالى: وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 300]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وآخرين في موضع خفض عطفا على الأمّيّين وفي موضع نصب عطفا على الضمائر المتقدمة.
واختلف الناس في المعنيين بقوله: {وآخرين} من هم؟ فقال أبو هريرة وغيره: أراد فارسا، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الآخرون؟ فأخذ بيد سلمان وقال: «لو كان الدين في الثريا لناله رجال من هؤلاء». أخرجه مسلم. وقال سعيد بن جبير ومجاهد: أراد الروم والعجم، فقوله تعالى: منهم على هذين القولين: إنما يريد في البشرية والإيمان كأنه قال: وفي آخرين من الناس: وقال مجاهد وعكرمة ومقاتل: أراد التابعين من أبناء العرب، فقوله: منهم يريد به النسب والإيمان، وقال ابن زيد ومجاهد والضحاك وابن حبان: أراد بقوله: وآخرين جميع طوائف الناس، ويكون منهم في البشرية والإيمان على ما قلناه وذلك أنا نجد بعثه عليه السلام إلى جميع الخلائق، وقال ابن عمر لأهل اليمن: أنتم هم، وقوله تعالى: لمّا يلحقوا نفي لما قرب من الحال، والمعنى أنهم مزمعون أن يلحقوا فهي «لم» زيدت عليها «ما» تأكيدا. قال سيبويه «لما» نفي قولك قد فعل، و «لن» قولك فعل دون قد). [المحرر الوجيز: 8/ 300-301]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء الآية، تبيين لموقع النعمة، وتخصيصه إياهم بها). [المحرر الوجيز: 8/ 301]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يسبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض الملك القدّوس العزيز الحكيم (1) هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ (2) وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (4)}
يخبر تعالى أنّه يسبّح له ما في السّموات وما في الأرض، أي: من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها، كما قال: {وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده} [الإسراء: 44]
ثمّ قال: {الملك القدّوس} أي: هو مالك السموات والأرض المتصرّف فيهما بحكمه، وهو {القدّوس} أي: المنزّه عن النّقائص، الموصوف بصفات الكمال {العزيز الحكيم} تقدّم تفسيره غير مرّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 115]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولا منهم} الأمّيّون هم: العرب كما قال تعالى: {وقل للّذين أوتوا الكتاب والأمّيّين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ واللّه بصيرٌ بالعباد} [آل عمران: 314] وتخصيص الأمّيّين بالذّكر لا ينفي من عداهم، ولكنّ المنّة عليهم أبلغ وآكد، كما في قوله: {وإنّه لذكرٌ لك ولقومك} [الزّخرف: 44] وهو ذكرٌ لغيرهم يتذكّرون به. وكذا قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشّعراء: 214] وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا} [الأعراف: 158] وقوله: {لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام: 19] وقوله إخبارًا عن القرآن: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هود: 17]، إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على عموم بعثته صلوات اللّه وسلامه عليه إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم، وقد قدّمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام، بالآيات والأحاديث الصّحيحة، ولله الحمد والمنة.
وهذه الآية هي مصداق إجابة اللّه لخليله إبراهيم، حين دعا لأهل مكّة أن يبعث اللّه فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة. فبعثه اللّه سبحانه وتعالى وله الحمد والمنّة، على حين فترةٍ من الرّسل، وطموس من السّبل، وقد اشتدّت الحاجة إليه، وقد مقت اللّه أهل الأرض عربهم وعجمهم، إلّا بقايا من أهل الكتاب -أي: نزرًا يسيرًا-ممّن تمسّك بما بعث اللّه به عيسى ابن مريم عليه السّلام؛ ولهذا قال تعالى: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ} وذلك أنّ العرب كانوا [قديمًا] متمسّكين بدين إبراهيم [الخليل] عليه السّلام فبدّلوه وغيّروه، وقلبوه وخالفوه، واستبدلوا بالتّوحيد شركًا وباليقين شكًّا، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها اللّه وكذلك أهل الكتابين قد بدّلوا كتبهم وحرّفوها وغيّروها وأوّلوها، فبعث اللّه محمّدًا صلوات اللّه وسلامه عليه بشرعٍ عظيمٍ كاملٍ شاملٍ لجميع الخلق، فيه هدايتهم، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم، والدّعوة لهم إلى ما يقرّبهم إلى الجنّة، ورضا اللّه عنهم، والنّهي عمّا يقرّبهم إلى النّار وسخط اللّه. حاكمٌ، فاصلٌ لجميع الشّبهات والشّكوك والرّيب في الأصول والفروع. وجمع له تعالى، وله الحمد والمنّة، جميع المحاسن ممّن كان قبله، وأعطاه ما لم يعط أحدًا من الأوّلين، ولا يعطيه أحدًا من الآخرين، فصلوات اللّه وسلامه عليه [دائمًا] إلى يوم الدّين). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 115-116]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم} قال الإمام أبو عبد اللّه البخاريّ رحمه اللّه:حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللّه، حدّثنا سليمان بن بلالٍ، عن ثورٍ، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} قالوا: من هم يا رسول اللّه؟ فلم يراجعهم حتّى سئل ثلاثًا، وفينا سلمان الفارسيّ، فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على سلمان ثمّ قال: "لو كان الإيمان عند الثّريّا لناله رجالٌ -أو: رجلٌ- من هؤلاء".
ورواه مسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن أبي حاتمٍ، وابن جرير، من طرق عن ثور بن زيدٍ الدّيلي عن سالمٍ أبي الغيث، عن أبي هريرة، به
ففي هذا الحديث دليلٌ على أنّ هذه السّورة مدنيّةٌ، وعلى عموم بعثته صلّى اللّه عليه وسلّم إلى جميع النّاس؛ لأنّه فسّر قوله: {وآخرين منهم} بفارس؛ ولهذا كتب كتبه إلى فارس والرّوم وغيرهم من الأمم، يدعوهم إلى اللّه عزّ وجلّ، وإلى اتّباع ما جاء به؛ ولهذا قال مجاهدٌ وغير واحدٍ في قوله: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} قال: هم الأعاجم، وكلّ من صدّق النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير العرب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن العلاء الزّبيديّ حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا أبو محمّدٍ عيسى بن موسى، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ السّاعديّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ في أصلاب أصلاب أصلاب رجالٍ [من أصحابي رجالًا] ونساءً من أمّتي يدخلون الجنّة بغير حسابٍ" ثمّ قرأ: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم} يعني: بقيّةٌ من بقي من أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {وهو العزيز الحكيم} أي: ذو العزّة والحكمة في شرعه وقدره). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 116-117]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} يعني: ما أعطاه اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من النّبوّة العظيمة، وما خصّ به أمّته من بعثته صلّى اللّه عليه وسلّم إليهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 117]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة