العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:55 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الصف [ من الآية (10) إلى الآية (13) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:21 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر قال تلا قتادة هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله فقال الحمد لله الذي بينها). [تفسير عبد الرزاق: 2/290]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ (10) تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}.
يقول تعالى ذكره: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} موجعٍ، وذلك عذاب جهنّم). [جامع البيان: 22/616]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم قال: قال نفر من الأنصار في مجلس لهم وفيهم عبد الله بن رواحة لو نعلم أي العمل أحب إلى الله لعملنا به حتى نموت فأنزل الله عز وجل هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم إلى قوله وبشر المؤمنين قال ابن رواحة لا أزال حبيسا في سبيل الله حتى أموت فقتل شهيدا). [تفسير مجاهد: 2/671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 10 - 14
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة} الآية قال: لما نزلت قال المسلمون: لو علمنا ما هذه التجارة لأعطينا فيها الأموال والأهلين فبين لهم التجارة فقال: {تؤمنون بالله ورسوله}). [الدر المنثور: 14/448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة} الآية قال: فلولا أن الله بينها ودل عليها للهف الرجال أن يكونوا يعلمونها حتى يطلبوها ثم دلهم الله عليها فقال: {تؤمنون بالله ورسوله} الآية). [الدر المنثور: 14/448-449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {على تجارة تنجيكم} خفيفة). [الدر المنثور: 14/449]

تفسير قوله تعالى: (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر قال تلا قتادة هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله فقال الحمد لله الذي بينها). [تفسير عبد الرزاق: 2/290] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ بيّن لنا جلّ ثناؤه ما تلك التّجارة الّتي تنجينا من العذاب الأليم، فقال: {تؤمنون باللّه ورسوله} محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {تؤمنون باللّه ورسوله} وقد قيل لهم: {يا أيّها الّذين آمنوا} بوصفهم بالإيمان؟ فإنّ الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه}. وقد مضى البيان عن ذلك، في موضعه بما أغنى عن إعادته.
وقوله: {وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم}. يقول تعالى ذكره: وتجاهدون في دين اللّه، وطريقه الّذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم {ذلكم خيرٌ لكم} يقول: إيمانكم باللّه ورسوله، وجهادكم في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم خيرٌ لكم من تضييع ذلك والتّفريط {إن كنتم تعلمون} مضارّ الأشياء ومنافعها.
وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: آمنوا باللّه على وجه الأمر.
وبيّنت التّجارة من قوله: {هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم}. وفسّرت بقوله: {تؤمنون}. ولم يقل: أن تؤمنوا، لأنّ العرب إذا فسّرت الاسم بفعلٍ تثبت في تفسيره أن أحيانًا، وتطرحها أحيانًا، فتقول للرّجل: هل لك في خيرٍ تقوم بنا إلى فلانٍ فنعوده؟ هل لك في خيرٍ أن تقوم إلى فلانٍ فنعوده؟ بأن وبطرحها. وممّا جاء في الوجهين على الوجهين جميعًا قوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنّا}. وإنّا؛ فالفتح في أنّا لغة من أدخل في يقوم أن من قولهم: هل لك في خيرٍ أن تقوم، والكسر فيها لغة من يلقي أن من تقوم؛ ومنه قوله: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم} وإنّا دمّرناهم، على ما بيّنّا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم}. الآية، فلولا أنّ اللّه بيّنها، ودلّ عليها المؤمنين، لتلهّف عليها رجالٌ أن يكونوا يعلمونها، حتّى يضنّوا بها وقد دلّكم اللّه عليها، وأعلمكم إيّاها فقال: {تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: تلا قتادة: {هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه} قال: الحمد للّه الّذي بيّنها). [جامع البيان: 22/616-618]

تفسير قوله تعالى: (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيّبةً في جنّات عدنٍ ذلك الفوز العظيم}.
يقول تعالى ذكره: يستر عليكم ربّكم ذنوبكم إذا أنتم فعلتم ذلك فيصفح عنكم ويعفو {ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}. يقول: ويدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار {ومساكن طيّبةً}. يقول: ويدخلكم أيضًا مساكن طيّبةً. {في جنّات عدنٍ} يعني في بساتين إقامةٍ، لا ظعن عنها.
وقوله: {ذلك الفوز العظيم} يقول: ذلك النّجاء العظيم من نكال الآخرة وأهوالها). [جامع البيان: 22/618]

تفسير قوله تعالى: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأخرى تحبّونها نصرٌ من اللّه وفتحٌ قريبٌ وبشّر المؤمنين (13) يا أيّها الّذين آمنوا كونوا أنصار اللّه كما قال عيسى ابن مريم للحواريّين من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه فآمنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ فأيّدنا الّذين آمنوا على عدوّهم فأصبحوا ظاهرين}.
اختلف أهل العربيّة فيما نعتت به قوله: {وأخرى} فقال بعض نحويّ البصرة: معنى ذلك: وتجارةٍ أخرى، فعلى هذا القول يجب أن يكون أخرى في موضع خفضٍ عطفًا به على قوله: {هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ}. وقد يحتمل أن يكون رفعًا على الابتداء.
وكان بعض نحويّ الكوفة يقول: هي في موضع رفعٍ. أي: ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الآخرة، ثمّ قال: {نصرٌ من اللّه} مفسّرًا للأخرى.
والصّواب من القول في ذلك عندي القول الثّاني، وهو أنّه معنيٌّ به: ولكم أخرى تحبّونها، لأنّ قوله {نصرٌ من اللّه وفتحٌ قريبٌ} مبيّنٌ عن أنّ قوله {وأخرى} في موضع رفعٍ، ولو كان جاء ذلك خفضًا حسن أن يجعل قوله وأخرى عطفًا على قوله: {تجارةٍ} فيكون تأويل الكلام حينئذٍ لو قرئ ذلك خفضًا، وعلى خلّةٍ أخرى تحبّونها، فمعنى الكلام إذا كان الأمر كما وصفت: هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ تؤمنون باللّه ورسوله يغفر لكم ذنوبكم، ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار، ولكم خلّةٌ أخرى سوى ذلك في الدّنيا تحبّونها: {نصرٌ من اللّه} لكم على أعدائكم، {وفتحٌ قريبٌ} يعجّله لكم.
{وبشّر المؤمنين} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وبشّر يا محمّد المؤمنين بنصر اللّه إيّاهم على عدوّهم، وفتحٍ عاجلٍ لهم). [جامع البيان: 22/618-619]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:28 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم مّن عذابٍ أليمٍ...} {تؤمنون...}. [معاني القرآن: 3/153]
وفي قراءة عبد الله: آمنوا، فلو قيل في قراءتنا: أن تؤمنوا؛ لأنه ترجمة للتجارة. وإذا فسرت الاسم الماضي بفعل جاز فيه أن وطرحها؛ تقول للرجل: هل لك في خير تقوم بنا إلى المسجد فنصلي، وإن قلت: أن تقوم إلى المسجد كان صوابا. ومثله مما فسر ما قبله على وجهين قوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه}: أنّا، وإنا، فمن قال: أنا ها هنا فهو الذي يدخل (أن) في يقوم، ومن قال: إنا فهو الذي يلقى (أن) من تقوم، ومثله: {عاقبة مكرهم أنّا} و(إنّا) ). [معاني القرآن: 3/154]

تفسير قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يغفر لكم...}.جزمت في قراءتنا في هل. وفي قراءة عبد الله للأمر الظاهر، لقوله: (آمنوا)، وتأويل: هل أدلكم أمر أيضاً في المعنى، كقولك للرجل: هل أنت ساكت؟ معناه: اسكت، والله أعلم). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيّبة في جنّات عدن ذلك الفوز العظيم} هذا جواب {تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون} لأن معناه معنى الأمر، المعنى: آمنوا باللّه ورسوله وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم يغفر لكم ذنوبكم؛ أي إن فعلتم ذلك يغفر لكم.
والدليل على ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: آمنوا باللّه ورسوله، وقد غلط بعض النحويين فقال: هذا جواب "هل"، وهذا غلط بين، ليس إذا دلهم النبي على ما ينفعهم غفر الله لهم، إنما يغفر اللّه لهم إذا آمنوا وجاهدوا.
فإنما هو جواب {تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون يغفر لكم} فأمّا جواب الاستفهام المجزوم فكقولك هل جئتني بشيء أعطك مثله، المعنى لو كنت جئتني أعطيتك، وإن جئتني أعطيتك. وكذلك " أين بيتك أزرك ".
وقوله: {في جنّات عدن} أي في جنات إقامة وخلود، يقال عدن بالمكان إذا أقام به). [معاني القرآن: 5/166]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّي رسول اللّه إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التّوراة}
(مصدّقا) منصوب على الحال.أي إني رسول اللّه إليكم في حال تصديق لما تقدمني من التوراة وفي حال تبشير برسول (يأتي من بعدي اسمه أحمد) قرئت بفتح الياء (من بعدي)، وبإسكان الياء، وحذفها من اللفظ لالتقاء السّاكنين، وأما في الكتاب فهي ثابتة (من بعدي اسمه أحمد).
والاختيار عند سيبويه والخليل تحريك هذه الياء بالفتح.
فأمّا من قرأ (يغفر لكم) -بإدغام الراء في اللام- فغير جائز في القراءة عند الخليل وسيبويه، لأنه لا تدغم الراء في اللام في قولهما.
وقد رويت عن إمام عظيم الشأن في القراءة.وهو أبو عمرو بن العلاء، ولا أحسبه قرأ بها إلا وقد سمعها عن العرب.
زعم سيبويه والخليل وجميع البصريين - ما خلا أبا عمرو أن اللام تدغم في الراء، وأن الرّاء لا تدغم في اللام.
وحجة الذين قالوا أن الراء لا تدغم في اللام أن الراء حرف مكرر قويّ فإذا أدغمت الراء في اللام ذهب التكرير منها.
ودليلهم على أن لها فضلة على غيرها في التمكن أنك لا تميل ما كان على مثال فاعل إذا كان في أوله حرف من حروف الإطباق أو المستعلية، وهي سبعة أحرف منها أربعة مطبقة وهي الصّاد والضّاد والطّاء والظّاء. وثلاثة مستعلية وهي: الخاء والغين والقاف .لا تقول: هذا صالح، بإمالة الصاد -إلى الكسر- فإن كان في موضع اللام راء جاز الكسر، تقول: هذا صارم. ولا تقول: مررت بضابط -بإمالة الضاد- ولكن تقول: مررت بضارب، فتسفل الراء المكسورة كسرة الصاد والضاد المطبقتين.
وهذا الباب انفرد به البصريون في النحو وليس للكوفيين ولا المدنيين فيه شيء، وهو باب الإمالة). [معاني القرآن: 5/166-167]

تفسير قوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأخرى تحبّونها...}.في موضع رفع؛ أي: ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الآخرة، ثم قال: {نصرٌ مّن اللّه وفتحٌ قريبٌ}: مفسّر للأخرى، ولو كان نصرا من الله، لكان صوابا، ولو قيل: وآخر تحبونه يريد: الفتح، والنصر ـ كان صوابا). [معاني القرآن: 3/154]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأخرى تحبّونها نصرٌ مّن اللّه وفتحٌ قريبٌ وبشّر المؤمنين}[و] قال: {وأخرى تحبّونها} يقول: وتجارةٌ أخرى). [معاني القرآن: 4/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأخرى تحبّونها نصر من اللّه وفتح قريب وبشّر المؤمنين} المعنى: ولكم تجارة أخرى تحبونها وهي نصر من الله وفتح قريب.
وإن شئت كان رفعا على البدل من (أخرى)، المعنى يدخلكم جنات ولكم نصر من اللّه وفتح قريب). [معاني القرآن: 5/166]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 10:39 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تنجزم لدخول معنى الجزاء فيها
وتلك الأفعال جواب ما كان أمراً أو نهياً أو استخباراً، وذلك قولك: ائت زيداً يكرمك، ولا تأت زيداً يكن خيراً لك، وأين بيتك أزرك?.
وإنما انجزمت بمعنى الجزاء؛ لأنك إذا قلت: ائتني أكرمك، فإنما المعنى: ائتني فإن تأتني أكرمك؛ لأن الإكرام إنما يجب بالإتيان. وكذلك: لا تقم يكن خيراً لك؛ لأن المعنى: فإن لم تقم يكن خيراً لك. وأين بيتك أزرك? إنما معناه: إن تعلمني أزرك.
وقال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم} ثم ذكرها فقال: {تؤمنون بالله} فلما انقضى ذكرها قال: {يغفر لكم}؛ لأنه جواب لهل.
وكذلك أعطني أكرمك. وتقول: ائتني أشكرك، والتفسير واحد. ولو قلت: لا تعص الله يدخلك الجنة كان جيداً؛ لأنك إنما أضمرت مثل ما أظهرت. فكأنك قلت: فإنك إن لا تعصه يدخلك الجنة، واعتبره بالفعل الذي يظهر في معناه؛ ألا ترى أنك لو وضعت فعلاً بغير نهي في موضع لا تعص الله لكان أطع الله.
ولو قلت: لا تعص الله يدخلك النار كان محالاً؛ لأن معناه: أطع الله. وقولك: أطع الله يدخلك النار محال.
وكذلك: لا تدن من الأسد يأكلك لا يجوز؛ لأنك إذا قلت: لا تدن فإنما تريد: تباعد، ولو قلت: تباعد من الأسد يأكلك كان محالاً؛ لأن تباعده منه لا يوجب أكله إياه. ولكن لو رفعت كان جيداً. تريد فإنه مما يأكلك.
وأما قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} وما أشبهه، فليس يقولوا جواباً لقل. ولكن المعنى والله أعلم: قل لعبادي: قولوا يقولوا.
وكذلك {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} وإنما هو: قل لهم يفعلوا يفعلوا). [المقتضب: 2/80-82]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن جواب الأمر والنهي ينجزم بالأمر والنهي؛ كما ينجزم جواب الجزاء بالجزاء؛ وذلك لأن جواب الأمر والنهي يرجع إلى أن يكون جزاءً صحيحاً. وذلك قولك: ائتني أكرمك، لأن المعنى: فإنك إن تأتني أكرمك؛ ألا ترى أن الإكرام إنما يستحق بالإتيانو كذلك: لا تأت زيداً يكن خيراً لك؛ لأن المعنى: فإنك إلا تأته يكن خيراً لك.
ولو قال على هذا: لا تدن من الأسد يأكلك كان محالاً؛ لأنه إذا قال: لا تدن فإنما هو: تباعد، فتباعده منه لا يكون سبباً لأكله إياه. ولكن إن رفع جاز، فيكون المعنى: لا تدن من الأسد ثم قال: إنه مما يأكلك.
وإنما انجزم جواب الاستفهام؛ لأنه يرجع من الجزاء إلى ما يرجع إليه جواب الأمر والنهي وذلك قولك: أين بيتك أزرك? لأن المعنى: بإن أعرفه أزرك وكذلك هل تأتيني أعطك، وأحسن إليك؛لأن المعنى: فإنك إن تفعل أفعل.
فأما قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} ثم قال: {تؤمنون بالله ورسوله} فإن هذا ليس بجواب، ولكنه شرح ما دعوا إليه، والجواب: {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم}.
فإن قال قائل: فهلا كان الشرح أن تؤمنوا، لأنه بدل من تجارة? فالجواب في ذلك أن الفعل يكون دليلاً على مصدره، فإذا ذكرت ما يدل على الشيء فهو كذكرك إياه؛ ألا ترى أنهم يقولون: من كذب كان شراً، يريدون: كان الكذب وقال الله عز وجل: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم} لأن المعنى: البخل هو خيراً لهم، فدل عليه بقوله يبخلون. وقال الشاعر:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغـى = وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
فالمعنى: عن أن أحضر الوغى، كقولك: عن حضور الوغى. فلما ذكر أحضر الوغى دل على الحضور. وقد نصبه قوم على إضمار أن وقدموا الرفع.
وسنذكر ذلك باستقصاء العلة فيه إن شاء الله.
فأما الرفع فلأن الأفعال لا تضمر عواملها، فإذا حذفت رفع الفعل وكان دالاً على مصدره بمنزلة الآية وهي {هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} ثم قال: تؤمنون.
وكذلك لو قال قائل: ماذا يصنع زيد? فقلت:يأكل أو يصلي لأغناك عن أن تقول:الأكل أو الصلاة. ألا ترى أن الفعل إنما مفعوله اللازم له إنما هو المصدر، لأن قولك: قد قام زيد بمنزلة قولك: قد كان منه قيام، والقيام هو النوع الذي تعرفه وتفهمه ولو قلت: ضرب زيد لعلمت أنه قد فعل ضرباً واصلاً إلى مضروب، إلا أنك لا تعرف المضروب بقوله: ضرب وتعرف المصدر.
وأما الذين نصبوا فلم يأبوا الرفع، ولكنهم أجازوا معه النصب؛ لأن المعنى إنما حقه بأن، وقد أبان ذلك فيما بعده بقوله: وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي?. فجعله بمنزلة الأسماء التي يجيء بعضها محذوفاً للدلالة عليه.
وفي كتاب الله عز وجل: {يسأله من في السماوات والأرض} فالقول عندنا أن من مشتملة على الجميع؛ لأنها تقع للجميع على لفظ الواحد.
وقد ذهب هؤلاء القوم إلى أن المعنى: ومن في الأرض. وليس المعنى عندي كما قالوا وقالوا في بيت حسان:
فمن يهجوا رسول الله منكم = ويمدحه وينصره سـواء
إنما المعنى: ومن يمدحه وينصره. وليس الأمر عند أهل النظر كذلك؛ ولكنه جعل من نكرةً، وجعل الفعل وصفاً لها، ثم أقام في الثانية الوصف مقام الموصوف. فكأنه قال: وواحد يمدحه وينصره، لأن الوصف يقع في موضع الموصوف، إذ كان دالاً عليه.
وعلى هذا قول الله عز وجل: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به} ). [المقتضب: 2/133-135]

تفسير قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تنجزم لدخول معنى الجزاء فيها
وتلك الأفعال جواب ما كان أمراً أو نهياً أو استخباراً، وذلك قولك: ائت زيداً يكرمك، ولا تأت زيداً يكن خيراً لك، وأين بيتك أزرك?.
وإنما انجزمت بمعنى الجزاء؛ لأنك إذا قلت: ائتني أكرمك، فإنما المعنى: ائتني فإن تأتني أكرمك؛ لأن الإكرام إنما يجب بالإتيان. وكذلك: لا تقم يكن خيراً لك؛ لأن المعنى: فإن لم تقم يكن خيراً لك. وأين بيتك أزرك? إنما معناه: إن تعلمني أزرك.
وقال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم} ثم ذكرها فقال: {تؤمنون بالله} فلما انقضى ذكرها قال: {يغفر لكم}؛ لأنه جواب لهل.
وكذلك أعطني أكرمك. وتقول: ائتني أشكرك، والتفسير واحد. ولو قلت: لا تعص الله يدخلك الجنة كان جيداً؛ لأنك إنما أضمرت مثل ما أظهرت. فكأنك قلت: فإنك إن لا تعصه يدخلك الجنة، واعتبره بالفعل الذي يظهر في معناه؛ ألا ترى أنك لو وضعت فعلاً بغير نهي في موضع لا تعص الله لكان أطع الله.
ولو قلت: لا تعص الله يدخلك النار كان محالاً؛ لأن معناه: أطع الله. وقولك: أطع الله يدخلك النار محال.
وكذلك: لا تدن من الأسد يأكلك لا يجوز؛ لأنك إذا قلت: لا تدن فإنما تريد: تباعد، ولو قلت: تباعد من الأسد يأكلك كان محالاً؛ لأن تباعده منه لا يوجب أكله إياه. ولكن لو رفعت كان جيداً. تريد فإنه مما يأكلك.
وأما قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} وما أشبهه، فليس يقولوا جواباً لقل. ولكن المعنى والله أعلم: قل لعبادي: قولوا يقولوا.
وكذلك {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} وإنما هو: قل لهم يفعلوا يفعلوا). [المقتضب: 2/80-82] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تنجزم لدخول معنى الجزاء فيها
وتلك الأفعال جواب ما كان أمراً أو نهياً أو استخباراً، وذلك قولك: ائت زيداً يكرمك، ولا تأت زيداً يكن خيراً لك، وأين بيتك أزرك?.
وإنما انجزمت بمعنى الجزاء؛ لأنك إذا قلت: ائتني أكرمك، فإنما المعنى: ائتني فإن تأتني أكرمك؛ لأن الإكرام إنما يجب بالإتيان. وكذلك: لا تقم يكن خيراً لك؛ لأن المعنى: فإن لم تقم يكن خيراً لك. وأين بيتك أزرك? إنما معناه: إن تعلمني أزرك.
وقال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم} ثم ذكرها فقال: {تؤمنون بالله} فلما انقضى ذكرها قال: {يغفر لكم}؛ لأنه جواب لهل.
وكذلك أعطني أكرمك. وتقول: ائتني أشكرك، والتفسير واحد. ولو قلت: لا تعص الله يدخلك الجنة كان جيداً؛ لأنك إنما أضمرت مثل ما أظهرت. فكأنك قلت: فإنك إن لا تعصه يدخلك الجنة، واعتبره بالفعل الذي يظهر في معناه؛ ألا ترى أنك لو وضعت فعلاً بغير نهي في موضع لا تعص الله لكان أطع الله.
ولو قلت: لا تعص الله يدخلك النار كان محالاً؛ لأن معناه: أطع الله. وقولك: أطع الله يدخلك النار محال.
وكذلك: لا تدن من الأسد يأكلك لا يجوز؛ لأنك إذا قلت: لا تدن فإنما تريد: تباعد، ولو قلت: تباعد من الأسد يأكلك كان محالاً؛ لأن تباعده منه لا يوجب أكله إياه. ولكن لو رفعت كان جيداً. تريد فإنه مما يأكلك.
وأما قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} وما أشبهه، فليس يقولوا جواباً لقل. ولكن المعنى والله أعلم: قل لعبادي: قولوا يقولوا.
وكذلك {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} وإنما هو: قل لهم يفعلوا يفعلوا). [المقتضب: 2/80-82] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن جواب الأمر والنهي ينجزم بالأمر والنهي؛ كما ينجزم جواب الجزاء بالجزاء؛ وذلك لأن جواب الأمر والنهي يرجع إلى أن يكون جزاءً صحيحاً. وذلك قولك: ائتني أكرمك، لأن المعنى: فإنك إن تأتني أكرمك؛ ألا ترى أن الإكرام إنما يستحق بالإتيانو كذلك: لا تأت زيداً يكن خيراً لك؛ لأن المعنى: فإنك إلا تأته يكن خيراً لك.
ولو قال على هذا: لا تدن من الأسد يأكلك كان محالاً؛ لأنه إذا قال: لا تدن فإنما هو: تباعد، فتباعده منه لا يكون سبباً لأكله إياه. ولكن إن رفع جاز، فيكون المعنى: لا تدن من الأسد ثم قال: إنه مما يأكلك.
وإنما انجزم جواب الاستفهام؛ لأنه يرجع من الجزاء إلى ما يرجع إليه جواب الأمر والنهي وذلك قولك: أين بيتك أزرك? لأن المعنى: بإن أعرفه أزرك وكذلك هل تأتيني أعطك، وأحسن إليك؛لأن المعنى: فإنك إن تفعل أفعل.
فأما قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} ثم قال: {تؤمنون بالله ورسوله} فإن هذا ليس بجواب، ولكنه شرح ما دعوا إليه، والجواب: {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم}.
فإن قال قائل: فهلا كان الشرح أن تؤمنوا، لأنه بدل من تجارة? فالجواب في ذلك أن الفعل يكون دليلاً على مصدره، فإذا ذكرت ما يدل على الشيء فهو كذكرك إياه؛ ألا ترى أنهم يقولون: من كذب كان شراً، يريدون: كان الكذب وقال الله عز وجل: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم} لأن المعنى: البخل هو خيراً لهم، فدل عليه بقوله يبخلون. وقال الشاعر:

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغـى = وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
فالمعنى: عن أن أحضر الوغى، كقولك: عن حضور الوغى. فلما ذكر أحضر الوغى دل على الحضور. وقد نصبه قوم على إضمار أن وقدموا الرفع.
وسنذكر ذلك باستقصاء العلة فيه إن شاء الله.
فأما الرفع فلأن الأفعال لا تضمر عواملها، فإذا حذفت رفع الفعل وكان دالاً على مصدره بمنزلة الآية وهي {هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} ثم قال: تؤمنون.
وكذلك لو قال قائل: ماذا يصنع زيد? فقلت:يأكل أو يصلي لأغناك عن أن تقول:الأكل أو الصلاة. ألا ترى أن الفعل إنما مفعوله اللازم له إنما هو المصدر، لأن قولك: قد قام زيد بمنزلة قولك: قد كان منه قيام، والقيام هو النوع الذي تعرفه وتفهمه ولو قلت: ضرب زيد لعلمت أنه قد فعل ضرباً واصلاً إلى مضروب، إلا أنك لا تعرف المضروب بقوله: ضرب وتعرف المصدر.
وأما الذين نصبوا فلم يأبوا الرفع، ولكنهم أجازوا معه النصب؛ لأن المعنى إنما حقه بأن، وقد أبان ذلك فيما بعده بقوله: وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي?. فجعله بمنزلة الأسماء التي يجيء بعضها محذوفاً للدلالة عليه.
وفي كتاب الله عز وجل: {يسأله من في السماوات والأرض} فالقول عندنا أن من مشتملة على الجميع؛ لأنها تقع للجميع على لفظ الواحد.
وقد ذهب هؤلاء القوم إلى أن المعنى: ومن في الأرض. وليس المعنى عندي كما قالوا وقالوا في بيت حسان:
فمن يهجوا رسول الله منكم = ويمدحه وينصره سـواء
إنما المعنى: ومن يمدحه وينصره. وليس الأمر عند أهل النظر كذلك؛ ولكنه جعل من نكرةً، وجعل الفعل وصفاً لها، ثم أقام في الثانية الوصف مقام الموصوف. فكأنه قال: وواحد يمدحه وينصره، لأن الوصف يقع في موضع الموصوف، إذ كان دالاً عليه.
وعلى هذا قول الله عز وجل: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به} ). [المقتضب: 2/133-135] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:04 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم ندب تعالى المؤمنين وحضهم على الجهاد بهذه التجارة التي بينها، وهي أن يعطي المرء نفسه وماله، ويأخذ ثمنا جنة الخلد. وقرأ جمهور القراء والناس: «تنجيكم» بتخفيف النون وكسر الجيم دون شد، وقرأ ابن عامر وحده والحسن والأعرج وابن أبي إسحاق: «تنجّيكم» بفتح النون وشد الجيم). [المحرر الوجيز: 8/ 296]

تفسير قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: تؤمنون لفظه الخبر ومعناه الأمر أي آمنوا، وفي مصحف عبد الله بن مسعود: «أليم آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا»، وقوله تؤمنون فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون، وقال الأخفش:هو عطف بيان على تجارةٍ، قال المبرد: هو بمعنى آمنوا على الأمر ولذلك جاء يغفر مجزوما، وقوله تعالى: ذلكم أشار إلى الجهاد والإيمان، وخيرٌ هنا يحتمل أن يكون للتفضيل، فالمعنى من كل عمل، ويحتمل أن يكون إخبارا، أن هذا خير في ذاته ونفسه). [المحرر الوجيز: 8/ 296]

تفسير قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وانجزم قوله يغفر على الجواب للأمر المقدر في تؤمنون، أو على ما يتضمنه قوله: هل أدلّكم من الحض والأمر وإلى نحو هذا ذهب الفراء، وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ: «يغفلكم» بإدغام الراء في اللام ولا يجيز ذلك سيبويه وقوله تعالى: ومساكن عطف على جنّاتٍ، وطيب المساكن سعتها وجمالها، وقيل طيبها المعرفة بدوام أمرها، وهذا هو الصحيح، وأي طيب مع الفناء والموت). [المحرر الوجيز: 8/ 296-297]

تفسير قوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأخرى تحبّونها نصرٌ من اللّه وفتحٌ قريبٌ وبشّر المؤمنين (13) يا أيّها الّذين آمنوا كونوا أنصار اللّه كما قال عيسى ابن مريم للحواريّين من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه فآمنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ فأيّدنا الّذين آمنوا على عدوّهم فأصبحوا ظاهرين (14)
قوله تعالى: وأخرى قال الأخفش هي في موضع خفض على تجارةٍ [الصف: 10]، وهذا قول قلق، قد رد عليه ناس، واحتج له آخرون، والصحيح ضعفه، لأن هذه «الأخرى» ليست مما دل عليه إنما هي مما أعطى ثمنا وجزاء على الإيمان والجهاد بالنفس والمال، وقال الفراء: وأخرى في موضع رفع، وقال قوم: إن أخرى، في موضع نصب بإضمار فعل، كأنه قال: يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنّاتٍ [الصف: 12] ويمنحكم أخرى، وهي النصر والفتح القريب، وقرأ ابن أبي عبلة «نصرا من الله وفتحا»، بالنصب فيهما، ووصفها تعالى بأن النفوس تحبها من حيث هي عاجلة في الدنيا، وقد وكلت النفس لحب العاجل، ففي هذا تحريض، ثم قواه تعالى بقوله: وبشّر المؤمنين وهذه الألفاظ في غاية الإيجاز، وبراعة المعنى). [المحرر الوجيز: 8/ 297]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:04 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:04 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ (10) تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (11) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيّبةً في جنّات عدنٍ ذلك الفوز العظيم (12) وأخرى تحبّونها نصرٌ من اللّه وفتحٌ قريبٌ وبشّر المؤمنين (13)}
تقدّم في حديث عبد اللّه بن سلامٍ أنّ الصّحابة، رضي اللّه عنهم، أرادوا أن يسألوا عن أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ ليفعلوه، فأنزل اللّه هذه السورة، ومن جملتها هذا الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} ثمّ فسّر هذه التّجارة العظيمة الّتي لا تبور، والّتي هي محصّلةٌ للمقصود ومزيلةٌ للمحذور فقال: {تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} أي: من تجارة الدّنيا، والكدّ لها والتّصدّي لها وحدها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 113]

تفسير قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {يغفر لكم ذنوبكم} أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزّلّات، وأدخلتكم الجنّات، والمساكن الطّيّبات، والدّرجات العاليات؛ ولهذا قال: {ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيّبةً في جنّات عدنٍ ذلك الفوز العظيم}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 113]

تفسير قوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {وأخرى تحبّونها} أي: وأزيدكم على ذلك زيادةً تحبّونها، وهي: {نصرٌ من اللّه وفتحٌ قريبٌ} أي: إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه، تكفّل اللّه بنصركم. قال اللّه تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم} [محمّد: 7] وقال تعالى: {ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحجّ: 40] وقوله {وفتحٌ قريبٌ} أي: عاجلٌ فهذه الزّيادة هي خير الدّنيا موصولٌ بنعيم الآخرة، لمن أطاع اللّه ورسوله، ونصر اللّه ودينه؛ ولهذا قال: {وبشّر المؤمنين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 113]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة