تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يحادون الله ورسوله قال يعادون الله ورسوله). [تفسير عبد الرزاق: 2/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله أولئك في الأذلّين (20) كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ الله قويٌّ عزيزٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين يخالفون اللّه ورسوله في حدوده، وفيما فرض عليهم من فرائضه فيعادونه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله} يقول: يعادون اللّه ورسوله.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة بنحوه.
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يحادّون اللّه ورسوله}. قال: يعادون يشاقّون.
وقوله: {أولئك في الأذلّين}. يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين يحادّون اللّه ورسوله في أهل الذّلّة، لأنّ الغلبة للّه ورسوله). [جامع البيان: 22/492]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن الذين يحادون الله ورسوله قال يعني يعادون يشاقون). [تفسير مجاهد: 2/661]
تفسير قوله تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي}. يقول: قضى اللّه وخطّ في أمّ الكتاب، لأغلبنّ أنا ورسلي من حادّني وشاقّني.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
- ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي} الآية، قال: كتب اللّه كتابًا وأمضاه.
وقوله: {إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ}. يقول: إنّ اللّه جلّ ثناؤه ذو قوّةٍ وقدرةٍ على كلّ من حادّه، ورسوله أن يهلكه، ذو عزّةٍ فلا يقدر أحدٌ أن ينتصر منه إذا هو أهلك وليّه، أو عاقبه، أو أصابه في نفسه بسوءٍ). [جامع البيان: 22/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} قال: كتب الله كتابا فأمضاه). [الدر المنثور: 14/327]
تفسير قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروحٍ منه ويدخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي اللّه عنهم ورضوا عنه أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله}. لا تجد يا محمّد قومًا يصدّقون اللّه، ويقرّون باليوم الآخر يوادّون من عادى اللّه ورسوله وشاقّهما وخالف أمر اللّه ونهيه {ولو كانوا آباءهم} يقول: ولو كان الّذين حادّوا اللّه ورسوله {آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} وإنّما أخبر اللّه جلّ ثناؤه نبيّه عليه الصّلاة والسّلام بهذه الآية {ألم تر إلى الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم}. ليسوا من أهل الإيمان باللّه ولا باليوم الآخر، فلذلك تولّوا الّذين تولّوهم من اليهود.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا تجد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللّه ورسوله}. لا تجد يا محمّد قومًا يؤمنون باللّه واليوم الآخر، {يوادّون من حادّ اللّه ورسوله}: أي من عادى اللّه ورسوله.
وقوله: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان}. يقول جلّ ثناؤه: هؤلاء الّذين لا يوادّون من حادّ اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم، كتب اللّه في قلوبهم الإيمان.
وإنّما عني بذلك: قضى لقلوبهم الإيمان. فـ في بمعنى اللاّم، وأخبر تعالى ذكره أنّه كتب في قلوبهم الإيمان لهم، وذلك لمّا كان الإيمان بالقلوب، وكان معلومًا بالخبر عن القلوب أنّ المراد به أهلها، اجتزى بذكرها من ذكر أهلها.
وقوله: {وأيّدهم بروحٍ منه}. يقول: وقوّاهم ببرهانٍ منه ونورٍ وهدًى. يقول: {ويدخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}. يقول: ويدخلهم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار. {خالدين فيها} يقول: ماكثين فيها أبدًا، {رضي اللّه عنهم}. بطاعتهم إيّاه في الدّنيا {ورضوا عنه} في الآخرة بإدخاله إيّاهم الجنّة. {أولئك حزب اللّه}. يقول: أولئك الّذين هذه صفتهم جند اللّه وأولياؤه.
{ألا إنّ حزب اللّه} يقول: ألا إنّ جند اللّه وأولياءه. {هم المفلحون} يقول: هم الباقون المنجحون بإدراكهم ما طلبوا، والتمسوا ببيعتهم في الدّنيا، وطاعتهم ربّهم). [جامع البيان: 22/493-495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "سننه"، وابن عساكر عن عبد الله بن شوذب قال: جعل والد أبو عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت {لا تجد قوما يؤمنون بالله} الآية). [الدر المنثور: 14/327-328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: حدثت أن أبا قحافة سب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فصكه أبو بكر صكه فسقط فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفعلت يا أبا بكر فقال: والله لو كان السيف مني قريبا لضربته فنزلت {لا تجد قوما} الآية). [الدر المنثور: 14/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس أنه استأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يزور خاله من المشركين فأذن له فلما قدم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس حوله {لا تجد قوما يؤمنون بالله} الآية). [الدر المنثور: 14/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عطية عن رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إلي {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} قال سفيان: يرون أنها أنزلت فيمن يخالط السلطان). [الدر المنثور: 14/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك ثم قرأ {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون} الآية). [الدر المنثور: 14/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك وأما انقطاعك إلي فتعززت بي فماذا عملت في مالي عليك قال يا رب: ومالك علي قال: هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا). [الدر المنثور: 14/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له: بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك قال: رب أنت تعلم أني لم أعصك قال: خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة فيقول: رب بنعمتك ورحمتك فيقول: بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي قال: يا رب كنت من الناس سلما قال: هل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي). [الدر المنثور: 14/329-330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي، وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله). [الدر المنثور: 14/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا نعمة فيوده قلبي فإني وجدت فيما أحيت إلي {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} الآية). [الدر المنثور: 14/330]