تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم قال هم اليهود تولاهم المنافقون). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمّد، فترى إلى القوم الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم، وهم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم}. إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم}. قال: هم اليهود تولاّهم المنافقون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {ألم تر إلى الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم ما هم منكم ولا منهم}. قال: هؤلاء كفرة أهل الكتاب اليهود والّذين تولّوهم المنافقون تولّوا اليهود، وقرأ قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب} حتّى بلغ {واللّه يشهد إنّهم لكاذبون}. لئن كان ذلك لا يفعلون وقال: هؤلاء المنافقون قالوا: لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معنا لنصرتنا وعزّنا، ومن يدفع عنّا نخشى أن تصيبنا دائرةٌ، فقال اللّه عزّ وجلّ: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده} حتّى بلغ: {في صدورهم من اللّه}. وقرأ حتّى بلغ: (أو من وراء جدارٍ). قال: لا يبرزون.
قوله: {ما هم منكم}. يقول تعالى ذكره: ما هؤلاء الّذين تولّوا هؤلاء القوم الّذين غضب اللّه عليهم {منكم} يعني: من أهل دينكم وملّتكم {ولا منهم} ولا هم من اليهود الّذين غضب اللّه عليهم، وإنّما وصفهم بذلك منكم جلّ ثناؤه لأنّهم منافقون إذا لقوا اليهود، قالوا: إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون، وإذا لقوا الّذين آمنوا قالوا: آمنّا.
وقوله: {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون}. يقول تعالى ذكره: ويحلفون على الكذب، وذلك قولهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: نشهد إنّك لرسول اللّه وهم كاذبون غير مصدّقين به، ولا مؤمنين به، كما قال جلّ ثناؤه: {واللّه يشهد إنّ المنافقين لكاذبون}. وقد ذكر أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ منهم عاتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أمرٍ بلغه عنه، فحلف كذبًا.
ذكر الخبر الّذي روي بذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يدخل عليكم رجلٌ ينظر بعين شيطانٍ، أو بعينيّ شيطانٍ قال: فدخل رجلٌ أزرق، فقال له: علام تسبّني أو تشتمني؟ قال: فجعل يحلف، قال: فنزلت هذه الآية الّتي في المجادلة: {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون}. والآية الأخرى). [جامع البيان: 22/487-489]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا محمّد بن المثنّى أبو موسى، ثنا محمّد بن جعفرٍ، ثنا شعبة، عن سماكٍ - يعني: ابن حربٍ، - عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يدخل عليكم رجلٌ ينظر بعيني شيطانٍ» فدخل رجلٌ أزرق، فقال: يا محمّد! علام تشتمني أو علام تسبّني، قال: وجعل يحلف، فنزلت هذه الآية {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [المجادلة: 14] الآية، والآية الأخرى). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/74-75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14 - 18.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما} الآية قال: بلغنا أنه نزلت في عبد الله بن نبتل وكان رجلا من المنافقين). [الدر المنثور: 14/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم} قال: هم اليهود والمنافقون ويحلفون على الكذب وهم يعلمون حلفهم أنهم لمنكم). [الدر المنثور: 14/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {ألم تر إلى الذين تولوا قوما} الآية قال: هم المنافقون تولوا اليهود {يوم يبعثهم الله} الآية قال: يحالف المنافقون ربهم يوم القيامة كما حالفوا أولياءه في الدنيا). [الدر المنثور: 14/326]
تفسير قوله تعالى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أعدّ اللّه لهم عذابًا شديدًا إنّهم ساء ما كانوا يعملون (15) اتّخذوا أيمانهم جنّةً فصدّوا عن سبيل الله فلهم عذابٌ مّهينٌ}.
يقول تعالى ذكره: أعدّ اللّه لهؤلاء المنافقين الّذين تولّوا اليهود عذابًا في الآخرة شديدًا. {إنّهم ساء ما كانوا يعملون}. في الدّنيا بغشّهم المسلمين. ونصحهم لأعدائهم من اليهود). [جامع البيان: 22/489]
تفسير قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {اتّخذوا أيمانهم جنّةً}. يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنّةً يستجنّون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريّهم، وذلك أنّهم إذا اطّلع منهم على النّفاق، حلفوا للمؤمنين باللّه إنّهم لمنهم. {فصدّوا عن سبيل اللّه}.
يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم الّتي اتّخذوها جنّةً المؤمنين عن سبيل اللّه فيهم، وذلك أنّهم كفرةٌ، وحكم اللّه وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل اللّه فيهم بأيمانهم إنّهم مؤمنون، وإنّهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به ممّا يمتنع منه أهل الإيمان باللّه.
وقوله: {فلهم عذابٌ مهينٌ} يقول: فلهم عذابٌ مذلٌّ لهم في النّار). [جامع البيان: 22/489-490]
تفسير قوله تعالى: (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}.
يقول تعالى ذكره: لن تغني عن هؤلاء المنافقين يوم القيامة أموالهم، فيفتدوا بها من عذاب اللّه المهين لهم، ولا أولادهم فينصرونهم ويستنقذونهم من اللّه إذا عاقبهم. {أولئك أصحاب النّار}. يقول: هؤلاء الّذين تولّوا قومًا غضب اللّه عليهم، وهم المنافقون {أصحاب النّار}، يعني أهلها الّذين هم أهلها، {هم فيها خالدون}. يقول: هم في النّار ماكثون إلى غير نهاية). [جامع البيان: 22/490]
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له قال إن المنافق يحلف لله يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا). [تفسير عبد الرزاق: 2/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين ذكرهم الله هم أصحاب النّار، يوم يبعثهم اللّه جميعًا، يوم يبعثهم اللّه جميعًا. فيومٌ من صلة أصحاب النّار. وعنى بقوله: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا}. يوم يبعثهم اللّه جميعًا من قبورهم أحياءً كهيئتهم قبل مماتهم، فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها.
- كما: حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {فيحلفون له}. قال: إنّ المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا} الآية، واللّه حالف المنافقون ربّهم يوم القيامة، كما حالفوا أولياءه في الدّنيا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حربٍ البكريّ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ظلّ حجرةٍ قد كاد يقلص عنه الظّلّ، فقال: إنّه سيأتيكم رجلٌ، أو يطلع رجلٌ بعين شيطانٍ فلا تكلّموه فلم يلبث أن جاء، فاطّلع فإذا رجلٌ أزرق، فقال له: علام تشتمني أنت وفلانٌ وفلانٌ؟ قال: فذهب فدعا أصحابه، فحلفوا ما فعلوا، فنزلت: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون}.
وقوله: {ويحسبون أنّهم على شيءٍ}. يقول: ويظنّون أنّهم في أيمانهم وحلفهم باللّه كاذبين على شيءٍ من الحقّ، ألا إنّهم هم الكاذبون فيما يحلفون عليه). [جامع البيان: 22/490-491]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، أنبأ الحسن بن عليّ بن عفّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا إسرائيل، ثنا سماك بن حربٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في ظلّ حجرةٍ وقد كاد الظّلّ أن يتقلّص، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّه سيأتيكم إنسانٌ فينظر إليكم بعين شيطانٍ، فإذا جاءكم لا تكلّموه» فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجلٌ أزرق أعور فقال: حين رآه دعاه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: «على ما تشتمني أنت وأصحابك» فقال: ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا ما قالوا وما فعلوا حتّى يخوّن " فأنزل اللّه عزّ وجلّ {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون} [المجادلة: 18] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/524]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيعٍ: ثنا الحسن بن موسى، ثنا زهير بن معاوية، ثنا سماك بن حربٍ، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، أنّ ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- حدّثه قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في ظلّ حجرةٍ من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظّلّ فقال: إنّه سيأتيكم إنسانٌ، ينظر إليكم بعين شيطانٍ فلا تكلّموه. قال: فجاء رجلٌ أزرق فدعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: علام تشتمني أنت وفلانٌ وفلانٌ؟ ثمّ عاد عليهم بأسمائهم، قال: فذهب الرّجل فدعاهم فحلفوا باللّه واعتذروا إليه، فأنزل اللّه- عز وجل-: (يحلفون له كما يحلفون لكم ... ) ".
هذا إسنادٌ صحيحٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبزار والطبراني، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال: إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه: علام تشتمني أنت وأصحابك فقال ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله {يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم} الآية والتي بعدها). [الدر المنثور: 14/326-327]
تفسير قوله تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({استحوذ} [المجادلة: 19] : «غلب»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): قوله استحوذ غلب أي غلبهم الشّيطان هو قول أبي عبيدة وحكي عن قراءة عمر رضي اللّه عنه استحاذ بوزن استقام). [فتح الباري: 8/628]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (استحوذ غلب
أشار به إلى قوله تعالى: {استحوذ عليهم الشّيطان} (المجادلة: 91) أي: غلب عليهم، وكذا روي عن أبي عبيدة، وحكى عن قراءة عمر، رضي الله تعالى عنه، استحاذ بوزن استقام وهو على القاعدة، وأما استحوذ فإنّه أحد ما جاء على الأصل من غير إعلال، ولم يذكر في هذه السّورة ولا في الّتي قبلها حديثا مرفوعا). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({استحوذ}) [المجادلة: 19] أي (غلب) قاله أبو عبيدة). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه أولئك حزب الشّيطان ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {استحوذ عليهم الشّيطان}. غلب عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه {أولئك حزب الشّيطان} يعني جنده وأتباعه. {ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون}. يقول: ألا إنّ جند الشّيطان وأتباعه هم الهالكون المغبونون في صفقتهم). [جامع البيان: 22/491]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمّد بن أحمد بن النّضر، ثنا معاوية بن عمرٍو، ثنا زائدة، أنبأ السّائب بن حبيشٍ الكلاعيّ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمريّ، قال: قال لي أبو الدّرداء: أين مسكنك؟ فقلت: في قريةٍ دون حمص، فقال أبو الدّرداء رضي اللّه عنه، سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصّلاة إلّا قد استحوذ عليهم الشّيطان فعليك بالجماعة، فإنّما يأكل الذّئب القاصية» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/524]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 19 - 22.
أخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية). [الدر المنثور: 14/327]