تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني اللّيث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب في قول الله: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا}، قال: أنزل ذلك على رسول الله في الحرب، في القتال ينشزوا للقتال ويفسحوا في المجلس أن يكمنوا للقتال؛ قال: وذلك من مكيدة الحرب). [الجامع في علوم القرآن: 2/168]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى تفسحوا في المجالس قال كان الناس يتنافسون في مجلس النبي فقيل لهم إذا قيل لكم تفسحوا فافسحوا وإذا قيل انشزوا فانشزوا يقول إذا دعيتم إلى خير فانشزوا يقول فأجيبوا.
قال معمر قال الحسن هذا كله في الغزو). [تفسير عبد الرزاق: 2/279-280]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله: (إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس). يعني بقوله: {تفسّحوا} توسّعوا من قولهم: مكانٌ فسيحٌ إذا كان واسعًا.
واختلف أهل التّأويل في المجلس الّذي أمر اللّه المؤمنين بالتّفسّح فيه، فقال بعضهم: ذلك كان مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {تفسّحوا في المجالس}. قال: مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يقال ذاك خاصّةٌ.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس}. الآية: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعضٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس}. قال: كان هذا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن حوله خاصّةً يقول: استوسعوا حتّى يصيب كلّ رجلٍ منكم مجلسًا من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي أيضًا مقاعد للقتال.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {تفسّحوا في المجالس} قال: كان النّاس يتنافسون في مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل لهم: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: (إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس فافسحوا يفسح اللّه لكم)، قال: هذا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان الرّجل يأتي فيقول: افسحوا لي رحمكم اللّه، فيضنّ كلّ أحدٍ منهم بقربه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم اللّه بذلك، ورأى أنّه خيرٌ لهم.
وقال آخرون: بل عني بذلك في مجالس القتال إذا اصطفّوا للحرب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم}. قال: ذلك في مجلس القتال.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسّحوا في المجلس، ولم يخصّص بذلك مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دون مجلس القتال، وكلا الموضعين يقال له مجلسٌ، فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومجالس القتال.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الأمصار: (تفسّحوا في المجلس) على التّوحيد غير الحسن البصريّ وعاصمٍ، فإنّهما قرآ ذلك {في المجالس} على الجمع. وبالتّوحيد قراءة ذلك عندنا؛ لإجماع الحجّة من القرأة عليه.
وقوله: {فافسحوا} يقول: فوسّعوا {يفسح اللّه لكم} يقول: يوسّع اللّه منازلكم في الجنّة. {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} يقول تعالى ذكره: وإذا قيل ارتفعوا، وإنّما يراد بذلك: وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدوٍّ، أو صلاةٍ، أو عمل خيرٍ، أو تفرّقوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقوموا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. إلى {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. قال: إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصّلاة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فانشزوا} قال: إلى كلّ خيرٍ، قتال عدوٍّ، أو أمرٍ بالمعروف، أو حقٍّ ما كان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. يقول: إذا دعيتم إلى خيرٍ فأجيبوا، وقال الحسن: هذا كلّه في الغزو.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}: كان إذا نودي إلى الصّلاة تثاقل رجالٌ، فأمرهم اللّه إذا نودي للصّلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. قال: انشزوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّ له حوائج، فأحبّ كلّ رجلٍ منهم أن يكون آخر عهده برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}.
وإنّما اخترت التّأويل الّذي قلت في ذلك، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا، أن ينشزوا، فعمّ بذلك الأمر جميع معاني النّشوز من الخيرات، فذلك على عمومه حتّى يخصّه ما يجب التّسليم له.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة المدينة {فانشزوا} بضمّ الشّين، وقرأ ذلك عامّة قرأة الكوفة والبصرة بكسرها.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمنزلة يعكفون ويعكفون، ويعرشون ويعرشون، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}. يقول تعالى ذكره: يرفع اللّه المؤمنين منكم أيّها القوم بطاعتهم ربّهم فما أمرهم به من التّفسّح في المجلس إذا قيل لهم تفسّحوا، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها، ويرفع اللّه الّذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الّذين يؤتوا العلم بفضل علمهم درجاتٍ، إذا عملوا بما أمروا به.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}: إنّ بالعلم لأهله فضلاً، وإنّ له على أهله حقًّا، ولعمري للحقّ عليك أيّها العالم فضلٌ، واللّه معطي كلّ ذي فضلٍ فضله.
وكان مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير يقول: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.
وكان عبد اللّه بن مطرّفٍ يقول: إنّك لتلقى الرّجلين أحدهما أكثر صومًا وصلاةً وصدقةً، والآخر أفضل منه بونًا بعيدًا، قيل له: وكيف ذاك؟ فقال: هو أشدّهما ورعًا للّه عن محارمه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}. في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.
وقوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. يقول تعالى ذكره: واللّه بأعمالكم أيّها النّاس ذو خبرةٍ، لا يخفى عليه المطيع منكم ربّه من العاصي، وهو مجازٍ جميعكم بعمله المحسن بإحسانه، والمسيء بالّذي هو أهله، أو يعفو). [جامع البيان: 22/476-481]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يعني مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خاصة). [تفسير مجاهد: 660]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإذا قيل انشزوا فانشزوا يعني إلى كل خير إلى قتال عدو أو أمر بمعروف أو حق ما كان فانشزوا). [تفسير مجاهد: 660]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الحسن بن يعقوب، وإبراهيم بن عصمة، قالا: ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا حيوة بن شريحٍ، أخبرني ابن أبي كريمة، قال: سمعت عكرمة، يقول: سمعت ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما يقول: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ} [المجادلة: 11] قال: «يرفع اللّه الّذين أوتوا العلم من المؤمنين على الّذين لم يؤتوا العلم درجاتٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى، قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا} الآية). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم وقال: في القتال {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} قال: إذا قيل: انهدوا إلى الصدر فانهدوا). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس}
قال: مجلس النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم}). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إذا قيل لكم تفسحوا} الآية قال: نزلت هذه الآية في مجالس الذكر وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال: كانوا يجيئون فيجلسون ركاما بعضهم خلف بعض فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السلام عليك أيها النّبيّ ورحمة الله وبركاته فرد النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه فنزلت هذه الآية). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس} قال: ذلك في مجلس القتال {وإذا قيل انشزوا} قال: إلا الخير والصلاة). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وإذا قيل انشزوا} قال: إلى كل خير قتال عدو وأمر بمعروف أو حق ما كان). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} قال: يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: تفسير هذه الآية: يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات). [الدر المنثور: 14/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم). [الدر المنثور: 14/323]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النجوى: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفورٌ رحيمٌ}؛
فنسختها الآية التي تليها، فقال: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}). [الجامع في علوم القرآن: 3/81]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد في قوله تعالى فقدموا بين يدي نجوكم صدقة قال أمروا ألا يناجي أحد النبي حين يتصدق بين يدي ذلك فكان أول من تصدق بين ذلك علي بن أبي طالب فناجاه ولم يناجه أحد غيره ثم نزلت الرخصة أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم الآية). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله إذا نجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجوكم قال علي ما عمل بهذا أحد غيري حتى نسخت قال أحسبه قال وما كانت إلا ساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي وقتادة في قوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا أنها منسوخة قالا ما كانت إلا ساعة من النهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، إذا ناجيتم رسول اللّه، فقدّموا أمام نجواكم صدقةً تتصدّقون بها على أهل المسكنة والحاجة. {ذلك خيرٌ لكم} يقول: وتقديمكم الصّدقة أمام نجواكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، خيرٌ لكم عند اللّه وأطهر لقلوبكم من المآثم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قدّم دينارًا فتصدّق به، ثمّ أنزلت الرّخصة في ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبيد بن محمّد المحاربيّ، قال: حدّثنا المطّلب بن زيادٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: إنّ في كتاب اللّه عزّ وجلّ لآيةً ما عمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم}. الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً قال: فرضت، ثمّ نسخت.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شبل بن عبّادٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قدّم دينارًا صدقةً تصدّق به، ثمّ أنزلت الرّخصة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: آيةٌ من كتاب اللّه لم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، كان عندي دينارٌ فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تصدّقت بدرهمٍ، فنسخت فلم يعمل بها أحدٌ قبلي {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: سأل النّاس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحفوه بالمسألة، فقطعهم اللّه بهذه الآية، وكان الرّجل تكون له الحاجة إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلا يستطيع أن يقضيها حتّى يقدّم بين يديه صدقةً، فاشتدّ ذلك عليهم فأنزل اللّه عزّ وجلّ الرّخصة بعد ذلك {فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال: إنّها منسوخةٌ، ما كانت إلاّ ساعةً من نهارٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. إلى {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. قال: كان المسلمون يقدّمون بين يدي النّجوى صدقةً، فلمّا نزلت الزّكاة نسخ هذا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. وذاك أنّ المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى شقّوا عليه، فأراد اللّه أن يخفّف عن نبيّه؛ فلمّا قال ذلك صبر كثيرٌ من النّاس، وكفّوا عن المسألة، فأنزل اللّه بعد هذا {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} فوسّع اللّه عليهم، ولم يضيّق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن أبي المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليٍّ، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما ترى؟ دينارٌ قال: لا يطيقون، قال: نصف دينارٍ؟ قال: لا يطيقون قال: ما ترى؟ قال: شعيرةٌ. فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّك لزهيدٌ. قال عليٌّ رضي اللّه عنه: فبي خفّف عن هذه الأمّة، وقوله: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم}. صدقةً فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. لئلاّ يناجي أهل الباطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيشقّ ذلك على أهل الحقّ، قالوا: يا رسول اللّه ما نستطيع ذلك ولا نطيقه، فقال اللّه عزّ وجلّ: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة}. وقال: {لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلاّ من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين النّاس}. من جاء يناجيك في هذا فاقبل مناجاته، ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت ذاك عنه لا تناجه. قال: وكان المنافقون ربّما ناجوا فيما لا حاجة لهم فيه، فقال اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين نهوا عن النّجوى ثمّ يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول} قال: لأنّ الخبيث يدخل في ذلك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصريّ، قالا: قال في المجادلة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. فنسختها الآية الّتي بعدها، فقال: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}.
وقوله: {فإن لم تجدوا}. يقول تعالى ذكره: فإن لم تجدوا ما تتصدّقون به أمام مناجاتكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. يقول: فإنّ اللّه ذو عفوٍ عن ذنوبكم إذا تبتم منها، رحيمٌ بكم أن يعاقبكم عليها بعد التّوبة، وغير مؤاخذكم بمناجاتكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن تقدّموا بين يدي نجواكم إيّاه صدقةً). [جامع البيان: 22/481-486]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول قال نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه أحد إلا علي بن أبي طالب عليه السلام فانه قدم دينارا فتصدق به وناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة فقال أأشفقتم يقول أشق عليكم تقديم الصدقة فوضعت عنهم وأمروا بمناجاته عليه السلام بغير صدقة). [تفسير مجاهد: 2/660-661]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن محمّدٍ الصّيدلانيّ، ثنا محمّد بن أيّوب، أنبأ يحيى بن المغيرة السّعديّ، ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ في كتاب اللّه لآيةً ما عمل بها أحدٌ ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، آية النّجوى» {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم} [المجادلة: 12] صدقةً الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهم فناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/524]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -): قال: لما نزلت {يا أيّها الذي آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترى؟ دينارٌ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينارٍ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» قلت: شعيرة، قال: «إنك لزهيدٌ»، قال: فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ... } الآية [المجادلة: 13]، قال: «فبي خفّف الله عن هذه الأمة». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: ما عمل بهذه الآية غيري.
[شرح الغريب]
(لزهيد) الزهيد: القليل). [جامع الأصول: 2/379-380]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول} [المجادلة: 12].
- عن سعدٍ - يعني ابن أبي وقّاصٍ - قال: «ونزلت فيّ {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] فقدّمت شعيرةً، فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّك لزهيدٌ ". فنزلت الآية الأخرى {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية كلّها».
رواه الطّبرانيّ في حديثٍ طويلٍ في حديث الصّحيح: نزل في ثلاث آياتٍ، وفيه سلمة بن الفضل الأبرش، وثّقه ابن معينٍ وغيره، وضعّفه البخاريّ وغيره.
- وعن ابن عبّاسٍ قال: «كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - جالسًا في ظلّ حجرته، قد كان يقلص منه الظّلّ، فقال لأصحابه: " يجيئكم رجلٌ ينظر إليكم بعيني شيطانٍ، فإذا رأيتموه فلا تكلّموه ". قال: فجاء رجلٌ أزرق، فلمّا رآه النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - دعاه، قال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ قال: كما أنت حتّى آتيك بهم. فذهب فجاء بهم، فجعلوا يحلفون باللّه ما قالوا ولا فعلوا. وأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم} [المجادلة: 18]» إلى آخر الآية.
رواه الطّبرانيّ، إلّا أنّه قال: فجعلوا يحلفون باللّه ما قالوا وما فعلوا حتّى تجاوز عنهم، والباقي بنحوه
- في روايةٍ: «يدخل عليكم رجلٌ ينظر بعيني شيطانٍ ". قال: فدخل رجلٌ أزرق، فقال: يا محمّد، علام تسبّني أو تشتمني أو نحو هذا؟ قال: وجعل يحلف. قال: ونزلت هذه الآية في المجادلة {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [المجادلة: 14] والآية الأخرى».
رواه أحمد والبزّار، ورجال الجميع رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12 - 13.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم فلما قال ذلك: امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا {أأشفقتم} الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق). [الدر المنثور: 14/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: أول من عمل بها علي رضي الله عنه ثم نسخت والله أعلم). [الدر المنثور: 14/326]
تفسير قوله تعالى: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النجوى: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفورٌ رحيمٌ}؛
فنسختها الآية التي تليها، فقال: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}). [الجامع في علوم القرآن: 3/81] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي جاء علي بدينار فتصدق به وكلم النبي وأمسك الناس عن كلام النبي ثم نزل التخفيف فقال أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجوكم حتى بلغ خبير بما تعلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال: حدّثنا عبيد الله الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، قال: لمّا نزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما ترى؟ دينارٌ؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينارٍ؟، قلت: لا يطيقونه. قال: فكم؟ قلت: شعيرةٌ. قال: إنّك لزهيدٌ. قال: فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} الآية. قال: فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ إنّما نعرفه من هذا الوجه.
ومعنى قوله شعيرةٌ: يعني وزن شعيرةٍ من ذهبٍ، وأبو الجعد اسمه: رافعٌ). [سنن الترمذي: 5/259-260]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}.
يقول تعالى ذكره: أشقّ عليكم وخشيتم أيّها المؤمنون بأن تقدّموا بين يدي نجواكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صدقاتٍ الفاقة، وأصل الإشفاق في كلام العرب: الخوف والحذر، ومعناه في هذا الموضع: أخشيتم بتقديم الصّدقة الفاقة والفقر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أأشفقتم} قال: شقّ عليكم تقديم الصّدقة، فقد وضعت عنكم، وأمروا بمناجاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بغير صدقةٍ حين شقّ عليهم ذلك.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شبل بن عبّادٍ المكّيّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة}. فريضتان واجبتان لا رجعة لأحدٍ فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصّدقة في النّجوى.
وقوله: {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم}. يقول تعالى ذكره: فإذ لم تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ، ورزقكم اللّه التّوبة من ترككم ذلك، فأدّوا فرائض اللّه الّتي أوجبها عليكم، ولم يضعها عنكم من الصّلاة والزّكاة، وأطيعوا اللّه ورسوله، فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه.
{واللّه خبيرٌ بما تعملون}. يقول جلّ ثناؤه: واللّه ذو خبرةٍ وعلمٍ بأعمالكم، وهو محصيها عليكم ليجازيكم بها). [جامع البيان: 22/486-487]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن محمّدٍ الصّيدلانيّ، ثنا محمّد بن أيّوب، أنبأ يحيى بن المغيرة السّعديّ، ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ في كتاب اللّه لآيةً ما عمل بها أحدٌ ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، آية النّجوى» {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم} [المجادلة: 12] صدقةً الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهم فناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/524] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -): قال: لما نزلت {يا أيّها الذي آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترى؟ دينارٌ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينارٍ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» قلت: شعيرة، قال: «إنك لزهيدٌ»، قال: فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ... } الآية [المجادلة: 13]، قال: «فبي خفّف الله عن هذه الأمة». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: ما عمل بهذه الآية غيري.
[شرح الغريب]
(لزهيد) الزهيد: القليل). [جامع الأصول: 2/379-380] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا الحسن بن سفيان حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا يحيى بن آدم حدّثنا الأشجعيّ عن سفيان عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ عن سالم بن أبي الجعد عن عليّ بن علقمة عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قال لما نزلت {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال لي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: "ما ترى دينار" قلت لا يطيقونه قال: "كم" قلت شعيرةٌ قال إنّك لزهيدٌ فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} الآية قال فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/437]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ أبو صخرة ببغداد بين السورين حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّارٍ حدثنا قاسم بن يزيد الجرمي حدثنا سفيان الثّوريّ عن عثمان الثّقفيّ عن سالم بن أبي الجعد عن عليّ بن علقمة الأنماريّ عن عليّ بن أبي طالبٍ قال لمّا نزلت هذه الآية {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ بن أبي طالب: "مرهم أن يتصدّقوا" قال يا رسول اللّه بكم قال: "بدينارٍ" قال لا يطيقونه قال: "بنصف دينارٍ" قال لا يطيقونه قال: "فبكم" قال: "بشعيرةٍ" قال فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّك لزهيدٌ قال فأنزل اللّه {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} قال فكان عليّ يقول فبي خفف الله عن هذه الأمة). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/437]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: "إنّ في كتاب اللّه- عزّ وجلّ- لآيةً ما عمل بها أحدٌ قبلي ولا يعمل بها أحدٌ بعدي آية النجوى (يا أيها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ... ) إلى آخر الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهمٍ فناجيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فكنت، كلّما ناجيته قدّمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت، فلم يعمل بها أحد فنزلت: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ... ) إلى آخر الآية".
- رواه أبو بكر بن أبي شيبة: عن عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ ... فذكره). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/283-284]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال إسحاق: أخبرنا جريرٌ، عن ليث ابن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال علي رضي الله عنه: إنّ في كتاب الله تعالى الآية ما عمل بها أحدٌ قبلي، ولا عمل بها أحدٌ بعدي: آية النجوى: {يا أيّها الّذين ءامنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى آخر الآية. قال: كان عندي دينارٌ بعته بعشرة دراهم، فناجيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيته قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ. فنزلت: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ..} إلى آخر الآية.
[2] رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ به.
قلت: رواه التّرمذي من طريق عليّ بن علقمة، عن عليٍّ رضي الله عنه بغير هذا السّياق). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال: لم نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} الآية قال لي النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما ترى دينارا قلت: لا يطيقونه قال: فنصف دينار قلت: لا يطيقونه قال: فكم قلت شعيرة قال: إنك لزهيد قال: فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن علي، قال: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن راهويه، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه، عن علي، قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} الآية). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب فإنه قد قدم دينارا فتصدق به ثم ناجى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: كان من ناجى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تصدق بدينار وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب ثم نزلت الرخصة {فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم}). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: إن الأغنياء كانوا يأتون النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره النّبيّ صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم فأمر الله بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلميجدوا شيئا وكان ذلك عشر ليال وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله {أأشفقتم} الآية). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} فقدمت شعيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لزهيد فنزلت الآية الأخرى {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة {إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} قال: نسختها الآية التي بعدها {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}). [الدر المنثور: 14/325-326]