العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 07:39 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة المجادلة [ من الآية (11) إلى الآية (13) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 07:40 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني اللّيث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب في قول الله: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا}، قال: أنزل ذلك على رسول الله في الحرب، في القتال ينشزوا للقتال ويفسحوا في المجلس أن يكمنوا للقتال؛ قال: وذلك من مكيدة الحرب). [الجامع في علوم القرآن: 2/168]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى تفسحوا في المجالس قال كان الناس يتنافسون في مجلس النبي فقيل لهم إذا قيل لكم تفسحوا فافسحوا وإذا قيل انشزوا فانشزوا يقول إذا دعيتم إلى خير فانشزوا يقول فأجيبوا.
قال معمر قال الحسن هذا كله في الغزو). [تفسير عبد الرزاق: 2/279-280]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله: (إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس). يعني بقوله: {تفسّحوا} توسّعوا من قولهم: مكانٌ فسيحٌ إذا كان واسعًا.
واختلف أهل التّأويل في المجلس الّذي أمر اللّه المؤمنين بالتّفسّح فيه، فقال بعضهم: ذلك كان مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {تفسّحوا في المجالس}. قال: مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يقال ذاك خاصّةٌ.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس}. الآية: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعضٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس}. قال: كان هذا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن حوله خاصّةً يقول: استوسعوا حتّى يصيب كلّ رجلٍ منكم مجلسًا من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي أيضًا مقاعد للقتال.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {تفسّحوا في المجالس} قال: كان النّاس يتنافسون في مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل لهم: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: (إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس فافسحوا يفسح اللّه لكم)، قال: هذا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان الرّجل يأتي فيقول: افسحوا لي رحمكم اللّه، فيضنّ كلّ أحدٍ منهم بقربه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم اللّه بذلك، ورأى أنّه خيرٌ لهم.
وقال آخرون: بل عني بذلك في مجالس القتال إذا اصطفّوا للحرب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم}. قال: ذلك في مجلس القتال.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسّحوا في المجلس، ولم يخصّص بذلك مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دون مجلس القتال، وكلا الموضعين يقال له مجلسٌ، فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومجالس القتال.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الأمصار: (تفسّحوا في المجلس) على التّوحيد غير الحسن البصريّ وعاصمٍ، فإنّهما قرآ ذلك {في المجالس} على الجمع. وبالتّوحيد قراءة ذلك عندنا؛ لإجماع الحجّة من القرأة عليه.
وقوله: {فافسحوا} يقول: فوسّعوا {يفسح اللّه لكم} يقول: يوسّع اللّه منازلكم في الجنّة. {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} يقول تعالى ذكره: وإذا قيل ارتفعوا، وإنّما يراد بذلك: وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدوٍّ، أو صلاةٍ، أو عمل خيرٍ، أو تفرّقوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقوموا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. إلى {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. قال: إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصّلاة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فانشزوا} قال: إلى كلّ خيرٍ، قتال عدوٍّ، أو أمرٍ بالمعروف، أو حقٍّ ما كان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. يقول: إذا دعيتم إلى خيرٍ فأجيبوا، وقال الحسن: هذا كلّه في الغزو.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}: كان إذا نودي إلى الصّلاة تثاقل رجالٌ، فأمرهم اللّه إذا نودي للصّلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}. قال: انشزوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّ له حوائج، فأحبّ كلّ رجلٍ منهم أن يكون آخر عهده برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا}.
وإنّما اخترت التّأويل الّذي قلت في ذلك، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا، أن ينشزوا، فعمّ بذلك الأمر جميع معاني النّشوز من الخيرات، فذلك على عمومه حتّى يخصّه ما يجب التّسليم له.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة المدينة {فانشزوا} بضمّ الشّين، وقرأ ذلك عامّة قرأة الكوفة والبصرة بكسرها.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمنزلة يعكفون ويعكفون، ويعرشون ويعرشون، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}. يقول تعالى ذكره: يرفع اللّه المؤمنين منكم أيّها القوم بطاعتهم ربّهم فما أمرهم به من التّفسّح في المجلس إذا قيل لهم تفسّحوا، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها، ويرفع اللّه الّذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الّذين يؤتوا العلم بفضل علمهم درجاتٍ، إذا عملوا بما أمروا به.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}: إنّ بالعلم لأهله فضلاً، وإنّ له على أهله حقًّا، ولعمري للحقّ عليك أيّها العالم فضلٌ، واللّه معطي كلّ ذي فضلٍ فضله.
وكان مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير يقول: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.
وكان عبد اللّه بن مطرّفٍ يقول: إنّك لتلقى الرّجلين أحدهما أكثر صومًا وصلاةً وصدقةً، والآخر أفضل منه بونًا بعيدًا، قيل له: وكيف ذاك؟ فقال: هو أشدّهما ورعًا للّه عن محارمه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ}. في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.
وقوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. يقول تعالى ذكره: واللّه بأعمالكم أيّها النّاس ذو خبرةٍ، لا يخفى عليه المطيع منكم ربّه من العاصي، وهو مجازٍ جميعكم بعمله المحسن بإحسانه، والمسيء بالّذي هو أهله، أو يعفو). [جامع البيان: 22/476-481]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يعني مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خاصة). [تفسير مجاهد: 660]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإذا قيل انشزوا فانشزوا يعني إلى كل خير إلى قتال عدو أو أمر بمعروف أو حق ما كان فانشزوا). [تفسير مجاهد: 660]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الحسن بن يعقوب، وإبراهيم بن عصمة، قالا: ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا حيوة بن شريحٍ، أخبرني ابن أبي كريمة، قال: سمعت عكرمة، يقول: سمعت ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما يقول: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ} [المجادلة: 11] قال: «يرفع اللّه الّذين أوتوا العلم من المؤمنين على الّذين لم يؤتوا العلم درجاتٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى، قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا} الآية). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم وقال: في القتال {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} قال: إذا قيل: انهدوا إلى الصدر فانهدوا). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس}
قال: مجلس النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم}). [الدر المنثور: 14/320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إذا قيل لكم تفسحوا} الآية قال: نزلت هذه الآية في مجالس الذكر وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال: كانوا يجيئون فيجلسون ركاما بعضهم خلف بعض فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السلام عليك أيها النّبيّ ورحمة الله وبركاته فرد النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه فنزلت هذه الآية). [الدر المنثور: 14/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس} قال: ذلك في مجلس القتال {وإذا قيل انشزوا} قال: إلا الخير والصلاة). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وإذا قيل انشزوا} قال: إلى كل خير قتال عدو وأمر بمعروف أو حق ما كان). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} قال: يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات). [الدر المنثور: 14/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: تفسير هذه الآية: يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات). [الدر المنثور: 14/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم). [الدر المنثور: 14/323]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النجوى: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفورٌ رحيمٌ}؛
فنسختها الآية التي تليها، فقال: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}). [الجامع في علوم القرآن: 3/81]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد في قوله تعالى فقدموا بين يدي نجوكم صدقة قال أمروا ألا يناجي أحد النبي حين يتصدق بين يدي ذلك فكان أول من تصدق بين ذلك علي بن أبي طالب فناجاه ولم يناجه أحد غيره ثم نزلت الرخصة أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم الآية). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله إذا نجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجوكم قال علي ما عمل بهذا أحد غيري حتى نسخت قال أحسبه قال وما كانت إلا ساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي وقتادة في قوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا أنها منسوخة قالا ما كانت إلا ساعة من النهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، إذا ناجيتم رسول اللّه، فقدّموا أمام نجواكم صدقةً تتصدّقون بها على أهل المسكنة والحاجة. {ذلك خيرٌ لكم} يقول: وتقديمكم الصّدقة أمام نجواكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، خيرٌ لكم عند اللّه وأطهر لقلوبكم من المآثم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قدّم دينارًا فتصدّق به، ثمّ أنزلت الرّخصة في ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبيد بن محمّد المحاربيّ، قال: حدّثنا المطّلب بن زيادٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: إنّ في كتاب اللّه عزّ وجلّ لآيةً ما عمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم}. الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً قال: فرضت، ثمّ نسخت.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شبل بن عبّادٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قدّم دينارًا صدقةً تصدّق به، ثمّ أنزلت الرّخصة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: آيةٌ من كتاب اللّه لم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، كان عندي دينارٌ فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تصدّقت بدرهمٍ، فنسخت فلم يعمل بها أحدٌ قبلي {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً}. قال: سأل النّاس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحفوه بالمسألة، فقطعهم اللّه بهذه الآية، وكان الرّجل تكون له الحاجة إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلا يستطيع أن يقضيها حتّى يقدّم بين يديه صدقةً، فاشتدّ ذلك عليهم فأنزل اللّه عزّ وجلّ الرّخصة بعد ذلك {فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال: إنّها منسوخةٌ، ما كانت إلاّ ساعةً من نهارٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. إلى {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. قال: كان المسلمون يقدّمون بين يدي النّجوى صدقةً، فلمّا نزلت الزّكاة نسخ هذا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. وذاك أنّ المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى شقّوا عليه، فأراد اللّه أن يخفّف عن نبيّه؛ فلمّا قال ذلك صبر كثيرٌ من النّاس، وكفّوا عن المسألة، فأنزل اللّه بعد هذا {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} فوسّع اللّه عليهم، ولم يضيّق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن أبي المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليٍّ، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما ترى؟ دينارٌ قال: لا يطيقون، قال: نصف دينارٍ؟ قال: لا يطيقون قال: ما ترى؟ قال: شعيرةٌ. فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّك لزهيدٌ. قال عليٌّ رضي اللّه عنه: فبي خفّف عن هذه الأمّة، وقوله: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم}. صدقةً فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}. لئلاّ يناجي أهل الباطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيشقّ ذلك على أهل الحقّ، قالوا: يا رسول اللّه ما نستطيع ذلك ولا نطيقه، فقال اللّه عزّ وجلّ: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة}. وقال: {لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلاّ من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين النّاس}. من جاء يناجيك في هذا فاقبل مناجاته، ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت ذاك عنه لا تناجه. قال: وكان المنافقون ربّما ناجوا فيما لا حاجة لهم فيه، فقال اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين نهوا عن النّجوى ثمّ يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول} قال: لأنّ الخبيث يدخل في ذلك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصريّ، قالا: قال في المجادلة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. فنسختها الآية الّتي بعدها، فقال: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}.
وقوله: {فإن لم تجدوا}. يقول تعالى ذكره: فإن لم تجدوا ما تتصدّقون به أمام مناجاتكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}. يقول: فإنّ اللّه ذو عفوٍ عن ذنوبكم إذا تبتم منها، رحيمٌ بكم أن يعاقبكم عليها بعد التّوبة، وغير مؤاخذكم بمناجاتكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن تقدّموا بين يدي نجواكم إيّاه صدقةً). [جامع البيان: 22/481-486]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول قال نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه أحد إلا علي بن أبي طالب عليه السلام فانه قدم دينارا فتصدق به وناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة فقال أأشفقتم يقول أشق عليكم تقديم الصدقة فوضعت عنهم وأمروا بمناجاته عليه السلام بغير صدقة). [تفسير مجاهد: 2/660-661]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن محمّدٍ الصّيدلانيّ، ثنا محمّد بن أيّوب، أنبأ يحيى بن المغيرة السّعديّ، ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ في كتاب اللّه لآيةً ما عمل بها أحدٌ ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، آية النّجوى» {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم} [المجادلة: 12] صدقةً الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهم فناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/524]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -): قال: لما نزلت {يا أيّها الذي آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترى؟ دينارٌ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينارٍ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» قلت: شعيرة، قال: «إنك لزهيدٌ»، قال: فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ... } الآية [المجادلة: 13]، قال: «فبي خفّف الله عن هذه الأمة». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: ما عمل بهذه الآية غيري.
[شرح الغريب]
(لزهيد) الزهيد: القليل). [جامع الأصول: 2/379-380]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول} [المجادلة: 12].
- عن سعدٍ - يعني ابن أبي وقّاصٍ - قال: «ونزلت فيّ {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] فقدّمت شعيرةً، فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّك لزهيدٌ ". فنزلت الآية الأخرى {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية كلّها».
رواه الطّبرانيّ في حديثٍ طويلٍ في حديث الصّحيح: نزل في ثلاث آياتٍ، وفيه سلمة بن الفضل الأبرش، وثّقه ابن معينٍ وغيره، وضعّفه البخاريّ وغيره.
- وعن ابن عبّاسٍ قال: «كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - جالسًا في ظلّ حجرته، قد كان يقلص منه الظّلّ، فقال لأصحابه: " يجيئكم رجلٌ ينظر إليكم بعيني شيطانٍ، فإذا رأيتموه فلا تكلّموه ". قال: فجاء رجلٌ أزرق، فلمّا رآه النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - دعاه، قال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ قال: كما أنت حتّى آتيك بهم. فذهب فجاء بهم، فجعلوا يحلفون باللّه ما قالوا ولا فعلوا. وأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم} [المجادلة: 18]» إلى آخر الآية.
رواه الطّبرانيّ، إلّا أنّه قال: فجعلوا يحلفون باللّه ما قالوا وما فعلوا حتّى تجاوز عنهم، والباقي بنحوه
- في روايةٍ: «يدخل عليكم رجلٌ ينظر بعيني شيطانٍ ". قال: فدخل رجلٌ أزرق، فقال: يا محمّد، علام تسبّني أو تشتمني أو نحو هذا؟ قال: وجعل يحلف. قال: ونزلت هذه الآية في المجادلة {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [المجادلة: 14] والآية الأخرى».
رواه أحمد والبزّار، ورجال الجميع رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12 - 13.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم فلما قال ذلك: امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا {أأشفقتم} الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق). [الدر المنثور: 14/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: أول من عمل بها علي رضي الله عنه ثم نسخت والله أعلم). [الدر المنثور: 14/326]

تفسير قوله تعالى: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة النجوى: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفورٌ رحيمٌ}؛
فنسختها الآية التي تليها، فقال: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}). [الجامع في علوم القرآن: 3/81] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي جاء علي بدينار فتصدق به وكلم النبي وأمسك الناس عن كلام النبي ثم نزل التخفيف فقال أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجوكم حتى بلغ خبير بما تعلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/280]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال: حدّثنا عبيد الله الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، قال: لمّا نزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما ترى؟ دينارٌ؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينارٍ؟، قلت: لا يطيقونه. قال: فكم؟ قلت: شعيرةٌ. قال: إنّك لزهيدٌ. قال: فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} الآية. قال: فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ إنّما نعرفه من هذا الوجه.
ومعنى قوله شعيرةٌ: يعني وزن شعيرةٍ من ذهبٍ، وأبو الجعد اسمه: رافعٌ). [سنن الترمذي: 5/259-260]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}.
يقول تعالى ذكره: أشقّ عليكم وخشيتم أيّها المؤمنون بأن تقدّموا بين يدي نجواكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صدقاتٍ الفاقة، وأصل الإشفاق في كلام العرب: الخوف والحذر، ومعناه في هذا الموضع: أخشيتم بتقديم الصّدقة الفاقة والفقر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى،؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أأشفقتم} قال: شقّ عليكم تقديم الصّدقة، فقد وضعت عنكم، وأمروا بمناجاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بغير صدقةٍ حين شقّ عليهم ذلك.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شبل بن عبّادٍ المكّيّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة}. فريضتان واجبتان لا رجعة لأحدٍ فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصّدقة في النّجوى.
وقوله: {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم}. يقول تعالى ذكره: فإذ لم تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ، ورزقكم اللّه التّوبة من ترككم ذلك، فأدّوا فرائض اللّه الّتي أوجبها عليكم، ولم يضعها عنكم من الصّلاة والزّكاة، وأطيعوا اللّه ورسوله، فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه.
{واللّه خبيرٌ بما تعملون}. يقول جلّ ثناؤه: واللّه ذو خبرةٍ وعلمٍ بأعمالكم، وهو محصيها عليكم ليجازيكم بها). [جامع البيان: 22/486-487]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن محمّدٍ الصّيدلانيّ، ثنا محمّد بن أيّوب، أنبأ يحيى بن المغيرة السّعديّ، ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ في كتاب اللّه لآيةً ما عمل بها أحدٌ ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، آية النّجوى» {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم} [المجادلة: 12] صدقةً الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهم فناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ فنزلت {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} [المجادلة: 13] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/524] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -): قال: لما نزلت {يا أيّها الذي آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترى؟ دينارٌ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينارٍ؟» قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» قلت: شعيرة، قال: «إنك لزهيدٌ»، قال: فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ... } الآية [المجادلة: 13]، قال: «فبي خفّف الله عن هذه الأمة». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين: ما عمل بهذه الآية غيري.
[شرح الغريب]
(لزهيد) الزهيد: القليل). [جامع الأصول: 2/379-380] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا الحسن بن سفيان حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا يحيى بن آدم حدّثنا الأشجعيّ عن سفيان عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ عن سالم بن أبي الجعد عن عليّ بن علقمة عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قال لما نزلت {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال لي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: "ما ترى دينار" قلت لا يطيقونه قال: "كم" قلت شعيرةٌ قال إنّك لزهيدٌ فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} الآية قال فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/437]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ أبو صخرة ببغداد بين السورين حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّارٍ حدثنا قاسم بن يزيد الجرمي حدثنا سفيان الثّوريّ عن عثمان الثّقفيّ عن سالم بن أبي الجعد عن عليّ بن علقمة الأنماريّ عن عليّ بن أبي طالبٍ قال لمّا نزلت هذه الآية {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ بن أبي طالب: "مرهم أن يتصدّقوا" قال يا رسول اللّه بكم قال: "بدينارٍ" قال لا يطيقونه قال: "بنصف دينارٍ" قال لا يطيقونه قال: "فبكم" قال: "بشعيرةٍ" قال فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّك لزهيدٌ قال فأنزل اللّه {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} قال فكان عليّ يقول فبي خفف الله عن هذه الأمة). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/437]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: "إنّ في كتاب اللّه- عزّ وجلّ- لآيةً ما عمل بها أحدٌ قبلي ولا يعمل بها أحدٌ بعدي آية النجوى (يا أيها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ... ) إلى آخر الآية. قال: كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهمٍ فناجيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فكنت، كلّما ناجيته قدّمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت، فلم يعمل بها أحد فنزلت: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ... ) إلى آخر الآية".
- رواه أبو بكر بن أبي شيبة: عن عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ ... فذكره). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/283-284]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال إسحاق: أخبرنا جريرٌ، عن ليث ابن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال علي رضي الله عنه: إنّ في كتاب الله تعالى الآية ما عمل بها أحدٌ قبلي، ولا عمل بها أحدٌ بعدي: آية النجوى: {يا أيّها الّذين ءامنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى آخر الآية. قال: كان عندي دينارٌ بعته بعشرة دراهم، فناجيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فكنت كلّما ناجيته قدّمت بين يدي نجواي درهمًا، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحدٌ. فنزلت: {ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ..} إلى آخر الآية.
[2] رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ به.
قلت: رواه التّرمذي من طريق عليّ بن علقمة، عن عليٍّ رضي الله عنه بغير هذا السّياق). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال: لم نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} الآية قال لي النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما ترى دينارا قلت: لا يطيقونه قال: فنصف دينار قلت: لا يطيقونه قال: فكم قلت شعيرة قال: إنك لزهيد قال: فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن علي، قال: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن راهويه، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه، عن علي، قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} الآية). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب فإنه قد قدم دينارا فتصدق به ثم ناجى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة). [الدر المنثور: 14/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: كان من ناجى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تصدق بدينار وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب ثم نزلت الرخصة {فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم}). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: إن الأغنياء كانوا يأتون النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره النّبيّ صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم فأمر الله بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلميجدوا شيئا وكان ذلك عشر ليال وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله {أأشفقتم} الآية). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} فقدمت شعيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لزهيد فنزلت الآية الأخرى {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}). [الدر المنثور: 14/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة {إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} قال: نسختها الآية التي بعدها {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}). [الدر المنثور: 14/325-326]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 07:43 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذا قيل لكم تفسّحوا...} قرأها الناس: (تفسّحوا)، وقرأ الحسن: (تفاسحوا)، وقرأ أبو عبد الرحمن: في المجالس، وتفاسحوا، وتفسّحوا متقاربان مثل: تظاهرون، وتظّهرون، وتعاهدته وتعهّدته، راءيت ورأّيت، ولا تصاعر ولا تصعّر). [معاني القرآن: 3/141]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا...} قرأ الناس بكسر الشين، وأهل الحجاز يرفعونها، وهما لغتان كقولك: يعكفون ويعكفون، ويعرشون، ويعرشون). [معاني القرآن: 3/141]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تفسّحوا} توسعوا. {وإذا قيل انشزوا} قوموا). [مجاز القرآن: 2/255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({تفسحوا}: توسعوا. {انشزوا}: قوموا). [غريب القرآن وتفسيره: 372]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
({تفسّحوا} أي توسّعوا.{انشزوا}: قوموا. و«الناشز» منه. ومنه قيل: نشزت المرأة على زوجها). [تفسير غريب القرآن: 457]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات واللّه بما تعملون خبير}
(في المجلس) (تفسّحوا) ويقرأ (في المجالس) وتقرأ (تفاسحوا).
وجاء في التفسير أن المجلس ههنا يعنى به مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل في المجالس مجالس الحرب مثل قوله تعالى: {مقاعد للقتال}.
فأمّا ما أمروا به في مجلس النبي عليه السلام فقيل إن الآية نزلت بسبب عبد اللّه بن شمّاس وكان من أهل الصفّة، وكان من يجلس في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذوي الغنى والشرف كأنهم لا يوسعون لمن هو دونهم، فأمر اللّه المؤمنين بالتواضع وأن يفسحوا في المجلس لمن أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتساوى الناس بالأخذ بالحظ منه.
{وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي إذا قيل انهضوا - قوموا - فانهضوا. وهذا كما قال: {ولا مستأنسين لحديث إنّ ذلكم كان يوذي النبي فيستحي منكم}.
وقيل أيضا {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي إذا قيل قوموا لصلاة أو قضاء حقّ أو شهادة فانشزوا.
ويجوز (انشروا فانشروا)، جميعا يقرأ بهما ويرويان عن العرب نشر ينشر وينشز.
وقوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات} والدليل على فضل أهل العلم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: عبادة العالم يوما واحدا تعدل عبادة العابد الجاهل أربعين سنة). [معاني القرآن: 5/139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({انشُزُوا} أي قوموا. ومنه: نشزت المرأة على زوجها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({انشُزُوا}: قوموا). [العمدة في غريب القرآن: 302]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً...}.كانوا قد أمروا أن يتصدقوا قبل أن يكلموا رسول الله صلى الله عليه ـ بالدرهم ونحوه، فثقل ذلك عليهم، وقلّ كلامهم رسول الله صلى الله عليه بخلاً بالصدقة، فقال الله: {أأشفقتم...} أي: أبخلتم أن تتصدقوا، فإن فعلتم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فنسخت الزكاة ذلك الدرهم). [معاني القرآن: 3/142]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفور رحيم} أي إذا خاليتم الرسول بالسّرّ فقدموا قبل ذلك صدقة وافعلوا ذلك.
وقيل إن سبب ذلك أن الأغنياء كانوا يستخلون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسارّونه بما يريدون، وكان الفقراء لا يتمكنون من النبي - صلى الله عليه وسلم - تمكنهم ففرض عليهم الصدقة قبل النجوى ليمتنعوا من ذلك، فروي أن عليّا رحمه الله أراد أن يناجي النبي صلى الله عليه وسلم، فتصدق بدينار باعه بعشرة دراهم قبل مناجاته، ثم نسخ ذلك الزكاة فقال -عزّ وجلّ: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبير بما تعملون}). [معاني القرآن: 5/139-140]

تفسير قوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبير بما تعملون} أي أطيعوه في كل أمر، ودخل في ذلك التّفسّح في المجلس لتقارب النّاس في الدّنو من النبي عليه السلام). [معاني القرآن: 5/140]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 07:46 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وفي قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} أي يرتفع كل إنسان منكم). [مجالس ثعلب: 570]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال سحيم بن وثيل اليربوعي، وأدرك الإسلام:
...
ظلت نساؤهم والقوم أنجية = يعدى عليها كما يعدى على النعم
...
وواحد الأنجية نجي. كما ترى وهم جماعة يتناجون، كما قال تعالى: {خلصوا نجيا} والأنجية: جماعة النجي، كأنهم الجماعات. قال الراجز:
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه
ومنه النجوى: أي الجماعة يتناجون، قال عز وجل: {وإذ هم نجوى} والنجوى أيضا: المناجاة. قال: {وأسروا النجوى} وقال: {فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} وأما قوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة} فيمكن أن يعني الجماعة، ويمكن المناجاة يحتمل المعنيين، أبو حاتم:
كما يعدى على الغنم). [النوادر في اللغة: 158-160] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ (11) يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (12)
قرأ جمهور الناس: «تفسحوا»، وقرأ الحسن وداود بن أبي هند: «تفاسحوا»، وقرأ جمهور القراء:«في المجلس»، وقرأ عاصم وحده وقتادة وعيسى: «في المجالس».
واختلف الناس في سبب الآية والمقصود بها، فقال ابن عباس ومجاهد والحسن: نزلت في مقاعد الحرب والقتال.
وقال زيد بن أسلم وقتادة: نزلت بسبب تضايق الناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنهم كانوا يتنافسون في القرب منه وسماع كلامه والنظر إليه، فيأتي الرجل الذي له الحق والسن والقدم في الإسلام فلا يجد مكانا، فنزلت بسبب ذلك. وقال مقاتل: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما ليجلس أشياخ من أهل بدر ونحو ذلك فنزلت الآية، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقم أحد من مجلسه ثم يجلس فيه الرجل ولكن تفسحوا يفسح الله لكم»، وقال بعض الناس: إنما الآية مخصوصة في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم في سائر المجالس، ويدل على ذلك قراءة من قرأ: «في المجلس»، ومن قرأ «في المجالس» فذلك مراده أيضا لأن لكل أحد مجلسا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وموضعه فتجمع لذلك، وقال جمهور أهل العلم: السبب مجلس النبي عليه السلام، والحكم في سائر المجالس التي هي للطاعات، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحبكم إلى الله ألينكم مناكب في الصلاة وركبا في المجالس»، وهذا قول مالك رحمه الله وقال: ما أرى الحكم إلا يطرد في مجالس العلم ونحوها غابر الدهر، ويؤيد هذا القول قراءة من قرأ: «في المجالس»، ومن قرأ: «في المجلس» فذلك على هذا التأويل اسم جنس فالسنة المندوب إليها هي التفسح والقيام منهي عنه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث نهى أن يقوم الرجل فيجلس الآخر مكانه، فأما القيام إجلالا فجائز بالحديث وهو قوله عليه السلام حين أقبل سعد بن معاذ: «قوموا إلى سيدكم»، وواجب على المعظم ألا يحب ذلك ويأخذ الناس به لقوله عليه السلام: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار».
وقوله تعالى: يفسح اللّه لكم معناه: في رحمته وجنته، وقوله تعالى: وإذا قيل انشزوا فانشزوا معناه: إذا قيل لكم ارتفعوا وقوموا فافعلوا ذلك، ومنه نشوز العظام أي نباتها، والنشز من الأرض المرتفع، واختلف الناس في هذا النشوز الذي أمروا بامتثاله إذا دعوا إليه. فقال الحسن وقتادة والضحاك معناه: إذا دعوا إلى قتال أو طاعة أو صلاة ونحوه، وقال آخرون معناه: إذا دعوا إلى القيام عن النبي عليه السلام لأنه كان أحيانا يحب الانفراد في آمر الإسلام فربما جلس قوم وأراد كل واحد أن يكون آخر الناس عهدا بالنبي عليه السلام، فنزلت الآية آمرة بالقيام عنه متى فهم ذلك بقول أو فعل، وقال آخرون معناه: انشزوا في المجلس بمعنى التفسح لأن الذي يريد التوسعة يرتفع إلى فوق في الهواء فإذا فعل ذلك جملة اتسع الموضع، فيجيء انشزوا في غرض واحد مع قوله تفسّحوا، وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم: «انشزوا» برفع الشين وهي قراءة أبي جعفر وشيبة او الأعرج. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بكسر السين فيهما، وهي قراءة الحسن والأعمش وطلحة. يقال: نشز ينشز كحشر يحشر ويحشر وعكف يعكف ويعكف. وقوله يرفع اللّه جواب الأمر، واختلف الناس في ترتيب قوله تعالى: الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ فقال جماعة من المتأولين المعنى: يرفع اللّه المؤمنين العلماء منكم درجاتٍ، فلذلك أمر بالتفسح من أجلهم، ويجيء على هذا قوله: والّذين أوتوا العلم بمنزلة قولك جاءني العاقل والكريم والشجاع، وأنت تريد بذلك رجلا واحدا، وقال آخرون المعنى: يرفع اللّه المؤمنين والعلماء الصنفين جميعا درجاتٍ لكنا نعلم تفاضلهم في الدرجات من مواضع أخرى ولذلك جاء الأمر بالتفسح عاما للعلماء وغيرهم، وقال عبد الله بن مسعود وغيره: يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم وتم القول، ثم ابتدأ بتخصيص العلماء بالدرجات ونصبهم بإضمار فعل، فالمؤمنون رفع على هذا التأويل وللعلماء درجات، وعلى هذا التأويل قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة وخير دينكم الورع، ثم توعد تعالى وحذر بقوله: واللّه بما تعملون خبيرٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 251-254]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول الآية. روي عن ابن عباس وقتادة في سببها أن قوما من شباب المؤمنين وأغفالهم كثرت مناجاتهم للنبي صلى الله عليه وسلم في غير حاجة إلا لتظهر منزلتهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمحا لا يرد أحدا فنزلت هذه الآية مشددة عليهم أمر المناجاة، وقال مقاتل: نزلت في الأغنياء لأنهم غلبوا الفقراء على مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال جماعة من الرواة: لم يعمل بهذه الآية بل نسخت قبل العمل لكن استقر حكمها بالعزم عليه كأمر إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه، وصح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما عمل بها أحد غيري وأنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين وذلك أني أردت مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر ضروري فصرفت دينارا بعشرة دراهم، ثم ناجيته عشر مرار أقدم في كل مرة درهما، وروي عنه أنه تصدق في كل مرة بدينار فقال علي ثم فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه العبادة قد شقت على الناس فقال لي يا علي: كم ترى أن يكون حد هذه الصدقة، أتراه دينارا؟، قلت: لا، قال نصف دينار، قلت: لا، قال فكم: قلت حبة من شعير قال إنك لزهيد، فأنزل الله الرخصة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: يريد للواجد وأما من لا يجد فالرخصة له ثابتة أولا بقوله تعالى: فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ. وقال مقاتل: بقي هذا الحكم عشرة أيام، وقال قتادة: بقي ساعة من نهار، وقرأ الجمهور من الناس: «صدقة» بالإفراد، وقرأ بعض القراء «صدقات» بالجمع). [المحرر الوجيز: 8/ 254-255]

تفسير قوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون (13) ألم تر إلى الّذين تولّوا قوماً غضب اللّه عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون (14) أعدّ اللّه لهم عذاباً شديداً إنّهم ساء ما كانوا يعملون (15) اتّخذوا أيمانهم جنّةً فصدّوا عن سبيل اللّه فلهم عذابٌ مهينٌ (16)
الإشفاق: الفزع من العجز عن الشيء المتصدق به أو من ذهاب المال في الصدقة وله وجوه كثيرة يقال فيها الإشفاق، لكنه في هذا الموضع كما ذكرت، وتاب اللّه عليكم معناه: رجع بكم، وقوله فأقيموا الصّلاة الآية المعنى دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم ومن قال إن هذه الصدقة منسوخة بآية الزكاة، فقوله ضعيف لا يحصل كيف النسخ، وما ذكر في نحو هذا عن ابن عباس لا يصح عنه والله أعلم). [المحرر الوجيز: 8/ 255]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 07:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ (11)}
يقول تعالى مؤدّبًا عباده المؤمنين، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعضٍ في المجالس: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس} وقرئ {في المجلس}
{فافسحوا يفسح اللّه لكم} وذلك أنّ الجزاء من جنس العمل، كما جاء في الحديث الصّحيح: "من بنى للّه مسجدًا بنى اللّه له بيتًا في الجنّة" وفي الحديث الآخر: "ومن يسّر على معسر يسّر اللّه عليه في الدّنيا والآخرة، [ومن ستر مسلمًا ستره اللّه في الدّنيا والآخرة] واللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ولهذا أشباهٌ كثيرةٌ؛ ولهذا قال: {فافسحوا يفسح اللّه لكم}.
قال قتادة: نزلت هذه الآية في مجالس الذّكر، وذلك أنّهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلًا ضنّوا بمجالسهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم اللّه أن يفسح بعضهم لبعض.
وقال مقاتل ابن حيّان: أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومئذٍ في الصّفّة، وفي المكان ضيقٌ، وكان يكرم أهل بدرٍ من المهاجرين والأنصار، فجاء ناسٌ من أهل بدرٍ وقد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته. فردّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ سلّموا على القوم بعد ذلك، فردّوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم، فعرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما يحملهم على القيام، فلم يفسح لهم، فشقّ ذلك على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار، من غير أهل بدرٍ: "قم يا فلان، وأنت يا فلان". فلم يزليقيمهم بعدّة النّفر الّذين هم قيامٌ بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدرٍ، فشقّ ذلك على من أقيم من مجلسه، وعرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الكراهة في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أنّ صاحبكم هذا يعدل بين النّاس؟ واللّه ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء، إنّ قومًا أخذوا مجالسهم وأحبّوا القرب لنبيّهم، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه. فبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "رحم اللّه رجلًا فسح لأخيه". فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا، فتفسّح القوم لإخوانهم، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة. رواه بن أبي حاتمٍ.
وقد قال الإمام أحمد، والشّافعيّ: حدّثنا سفيان، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يقيم الرّجل الرّجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا".
وأخرجاه في الصّحيحين من حديث نافعٍ، به
وقال الشّافعيّ: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريجٍ قال: قال سليمان بن موسى، عن جابر بن عبد اللّه. أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة، ولكن ليقل: افسحوا". على شرط السّنن ولم يخرّجوه
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا فليح، عن أيّوب عن عبد الرّحمن بن [أبي] صعصعة، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثمّ يجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح اللّه لكم"
ورواه أيضًا عن سريج بن يونس، ويونس بن محمّدٍ المؤدّب، عن فليح، به. ولفظه: "لا يقوم الرجل للرّجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح اللّه لكم" تفرّد به أحمد
وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوالٍ: فمنهم من رخّص في ذلك محتجًّا بحديث: "قوموا إلى سيّدكم" ومنهم من منع من ذلك محتجًّا بحديث: "من أحبّ أن يتمثّل له الرّجال قيامًا فليتبوّأ مقعده من النّار" ومنهم من فصّل فقال: يجوز عند القدوم من سفرٍ، وللحاكم في محلّ ولايته، كما دلّ عليه قصّة سعد بن معاذٍ، فإنّه لما استقدمه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حاكمًافي بني قريظة فرآه مقبلًا قال للمسلمين: "قوموا إلى سيّدكم". وما ذاك إلّا ليكون أنفذ لحكمه، واللّه أعلم. فأمّا اتّخاذه ديدنًا فإنّه من شعار العجم. وقد جاء في السّنن أنّه لم يكن شخصٌ أحبّ إليهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان إذا جاء لا يقومون له، لما يعلمون من كراهته لذلك
وفي الحديث المرويّ في السّنن: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يجلس حيث انتهى به المجلس، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس، وكان الصّحابة، رضي اللّه عنهم، يجلسون منه على مراتبهم، فالصّدّيق يجلسه عن يمينه، وعمر عن يساره، وبين يديه غالبًا عثمان وعليٌّ؛ لأنّهما كانا ممّن يكتب الوحي، وكان يأمرهما بذلك، كما رواه مسلمٌ من حديث الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ، عن أبي معمر، عن أبي مسعودٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: "ليليني منكم أولوا الأحلام والنّهى، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم" وما ذاك إلّا ليعقلوا عنه ما يقوله، صلوات اللّه وسلامه عليه؛ ولهذا أمر أولئك النّفر بالقيام ليجلس الّذين وردوا من أهل بدرٍ، إمّا لتقصير أولئك في حقّ البدريّين، أو ليأخذ البدريّون من العلم بنصيبهم، كما أخذ أولئك قبلهم، أو تعليمًا بتقديم الأفاضل إلى الأمام.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ التّيميّ عن أبي معمرٍ، عن أبي مسعودٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يمسح مناكبنا في الصّلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني منكم أولو الأحلام والنّهى، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم". قال أبو مسعودٍ فأنتم اليوم أشدّ اختلافًا.
وكذا رواه مسلمٌ وأهل السّنن، إلّا التّرمذيّ، من طرقٍ عن الأعمش، به
وإذا كان هذا أمره لهم في الصّلاة أن يليه العقلاء ثمّ العلماء، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصّلاة.
وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن كثير بن مرّة، عن عبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أقيموا الصّفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدّوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجاتٍ للشّيطان، ومن وصل صفًّا وصله اللّه، ومن قطع صفًّا قطعه الله"
ولهذا كان أبيّ بن كعبٍ -سيّد القرّاء- إذا انتهى إلى الصّفّ الأوّل انتزع منه رجلًا يكون من أفناء النّاس، ويدخل هو في الصّفّ المقدّم، ويحتجّ بهذا الحديث: "ليليني منكم أولو الأحلام والنّهى". وأمّا عبد اللّه بن عمر فكان لا يجلس في المكان الّذي يقوم له صاحبه عنه، عملًا بمقتضى ما تقدّم من روايته الحديث الّذي أوردناه. ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلّق بهذه الآية، وإلّا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع، وفي الحديث الصّحيح: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ، إذ أقبل ثلاثة نفرٍ، فأمّا أحدهم فوجد فرجةً في الحلقة فدخل فيها، وأمّا الآخر فجلس وراء النّاس، وأدبر الثّالث ذاهبًا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا أنبئكم بخبر الثّلاثة، أمّا الأوّل فآوى إلى اللّه فآواه اللّه، وأمّا الثّاني فاستحيا فاستحيا اللّه منه، وأمّا الثّالث فأعرض فأعرض اللّه عنه"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عتّاب بن زيادٍ، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا أسامة بن زيدٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يحلّ لرجلٍ أن يفرّق بين اثنين إلّا بإذنهما".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث أسامة بن زيدٍ اللّيثيّ، به وحسّنه التّرمذيّ.
وقد روي عن بن عبّاسٍ، والحسن البصريّ وغيرهما أنّهم قالوا في قوله تعالى: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس فافسحوا} يعني: في مجالس الحرب، قالوا: ومعنى قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي: انهضوا للقتال.
وقال قتادة: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي: إذا دعيتم إلى خيرٍ فأجيبوا.
وقال مقاتل [بن حيّان] إذا دعيتم إلى الصّلاة فارتفعوا إليها.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: كانوا إذا كانوا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في بيته فأرادوا الانصراف أحبّ كلٌّ منهم أن يكون هو آخرهم خروجًا من عنده، فربّما يشقّ ذلك عليه-عليه السّلام-وقد تكون له الحاجة، فأمروا أنّهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا، كقوله: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} [النّور: 28]
وقوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ} أي: لا تعتقدوا أنّه إذا فسح أحدٌ منكم لأخيه إذا أقبل، أو إذا أمر بالخروج فخرج، أن يكون ذلك نقصًا في حقّه، بل هو رفعةٌ ومزيّةٌ عند اللّه، واللّه تعالى لا يضيّع ذلك له، بل يجزيه بها في الدّنيا والآخرة، فإنّ من تواضع لأمر اللّه رفع اللّه قدره، ونشر ذكره؛ ولهذا قال: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ}أي: خبيرٌ بمن يستحقّ ذلك وبمن لا يستحقّه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو كاملٍ، حدّثنا إبراهيم، حدّثنا ابن شهابٍ، عن أبي الطّفيل عامر بن واثلة، أنّ نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطّاب بعسفان، وكان عمر استعمله على مكّة، فقال له عمر: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزى. قال: وما ابن أبزى؟ فقال: رجلٌ من موالينا. فقال عمر [بن الخطّاب] استخلفت عليهم مولًى؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه قارئٌ لكتاب اللّه، عالمٌ بالفرائض، قاضٍ. فقال عمر، رضي اللّه عنه: أما إنّ نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم قد قال: "إنّ اللّه يرفع بهذا الكتاب قومًا ويضع به آخرين"
وهكذا رواه مسلمٌ من غير وجهٍ، عن الزّهريّ، به وقد ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاةً في شرح "كتاب العلم" من صحيح البخاريّ، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 45-49]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (12) أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون (13)}
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أيّ: يسارّه فيما بينه وبينه، أن يقدّم بين يدي ذلك صدقةً تطهّره وتزكّيه وتؤهّله لأن يصلح لهذا المقام؛ ولهذا قال: {ذلك خيرٌ لكم وأطهر}
ثمّ قال: {فإن لم تجدوا} أي: إلّا من عجز عن ذلك لفقده {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فما أمر بها إلّا من قدر عليها.
ثمّ قال: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} أي: أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصّدقة قبل مناجاة الرّسول، {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون}فنسخ وجوب ذلك عنهم.
وقد قيل: إنّه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه.
قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلّا عليّ بن أبي طالبٍ، قدّم دينارًا صدقةً تصدّق به، ثمّ ناجى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فسأله عن عشر خصالٍ، ثمّ أنزلت الرّخصة.
وقال ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال عليٌّ، رضي اللّه عنه: آيةٌ في كتاب اللّه، عزّ وجلّ لم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، كان عندي دينارٌ فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تصدّقت بدرهمٍ، فنسخت ولم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، ثمّ تلا هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} الآية.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ [بن أبي طالبٍ] -رضي اللّه عنه-قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما ترى، دينار؟ ". قال: لا يطيقون. قال: "نصف دينارٍ؟ ". قال: لا يطيقون. قال: "ما ترى؟ " قال: شعيرة، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّك زهيدٌ قال: قال عليٌّ: فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة، وقوله: {[يا أيّها الّذين آمنوا] إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ}
ورواه التّرمذيّ عن سفيان بن وكيع، عن يحيى بن آدم، عن عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: لمّا نزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [إلى آخرها] قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما ترى، دينار؟ " قلت لا يطيقونه. وذكره بتمامه، مثله، ثمّ قال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، إنّما نعرفه من هذا الوجه". ثمّ قال: ومعنى قوله: "شعيرةٌ": يعني وزن شعيرةٍ من ذهبٍ
ورواه أبو يعلى، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن آدم، به
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} كان المسلمون يقدّمون بين يدي النجوى صدقة، فلمانزلت الزّكاة نسخ هذا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} وذلك أنّ المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى شقّوا عليه، فأراد اللّه أن يخفّف عن نبيّه، عليه السّلام. فلمّا قال ذلك صبر كثيرٌ من النّاس وكفّوا عن المسألة، فأنزل اللّه بعد هذا: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} فوسّع اللّه عليهم ولم يضيّق.
وقال عكرمة والحسن البصريّ في قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} نسختها الآية الّتي بعدها {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى آخرها.
وقال سعيد [بن أبي عروبة] عن قتادة ومقاتل ابن حيّان: سأل النّاس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، حتّى أحفوه بالمسألة، فقطعهم اللّه بهذه الآية، فكان الرّجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلا يستطيع أن يقضيها حتّى يقدّم بين يديه صدقةً، فاشتدّ ذلك عليهم، فأنزل اللّه الرّخصة بعد ذلك: {فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وقال معمر، عن قتادة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إنّها منسوخةٌ: ما كانت إلّا ساعةً من نهارٍ. وهكذا روى عبد الرّزّاق: أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب، عن مجاهدٍ قال عليٌّ: ما عمل بها أحدٌ غيري حتّى نسخت وأحسبه قال: وما كانت إلّا ساعةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 49-51]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة