تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {يحادّون} [المجادلة: 5] : «يشاقّون اللّه»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): قوله يحادّون يشاقّون وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله يحادّون الله قال يعادون اللّه ورسوله). [فتح الباري: 8/628]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد يحادون يشاقون الله كبتوا أخزوا استحوذ غلب
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 المجادلة {يحادون الله ورسوله} قال يشاقون ويعادون). [تغليق التعليق: 4/336-337]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يحادّون يشاقون الله
أشار به إلى قوله تعالى: {إن الّذين يجادون الله ورسوله} (المجادلة: 5) الآية أي: يشاقون الله ويعادون رواه عبد بن حميد. حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي وسقط وقال مجاهد لأبي ذر ({يحادون}) [المجادلة: 5] أي (يشاقون الله) وسقطت الجلالة لأبي ذر، وعن قتادة يعادون الله). [إرشاد الساري: 7/374]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({كبتوا} [المجادلة: 5] : «أخزوا، من الخزي»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): قوله كبتوا أخزيوا كذا لأبي ذرٍّ وفي رواية النّسفيّ أحزنوا وكأنّها بالمهملة والنّون ولابن أبي حاتمٍ من طريق سعيدٍ عن قتادة خزوا كما خزي الّذين من قبلهم ومن طريق مقاتل بن حيّان أخزوا وقال أبو عبيدة كبتوا أهلكوا). [فتح الباري: 8/628]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (كبتوا أخزيوا
أشار به إلى قوله تعالى: {كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم} (المجادلة: 5) وفسّر: كبتوا: بقوله: أخزيوا من الخزي. كذا في رواية أبي ذر، وفي رواية النّسفيّ: أحزنوا وبالمهملة والنّون، وقيل: لووا، وقيل: أهلكوا. وقيل: أغيظوا وأصل التّاء فيه دال يقال: كبد إذا أصابه وجع في كبده. ثمّ أبدلت تاء لقربهما في المخرج). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقال مجاهد أيضًا في قوله تعالى: ({كبتوا}) أي (أخزيوا) بكسر الزاي وبعدها ياء مضمومة ولأبي ذر أخزوا بضم الزاي وإسقاط الياء (من الخزي) وهذه ساقطة لأبي ذر ولأبي الوقت وابن عساكر: أحزنوا من الحزن). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم وقد أنزلنا آياتٍ بيّناتٍ وللكافرين عذابٌ مهينٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين يخالفون اللّه في حدوده وفرائضه، فيجعلون حدودًا غير حدوده، وذلك هو المحادّة للّه ولرسوله.
وأمّا قتادة فإنّه كان يقول في معنى ذلك ما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله}. يقول: يعادون اللّه ورسوله.
وأمّا قوله: {كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم}. فإنّه يعني: غيظوا وأخزوا كما غيظ الّذين من قبلهم من الأمم الّذين حادّوا اللّه ورسوله، وخزوا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم} خزوا كما خزي الّذين من قبلهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: معنى {كبتوا}: أهلكوا.
وقال آخر منهم: يقول: معناه غيظوا وأخزوا يوم الخندق كما كبت الّذين من قبلهم يريد من قاتل الأنبياء من قبلهم.
وقوله: {وقد أنزلنا آياتٍ بيّناتٍ}. يقول: وقد أنزلنا دلالاتٍ مفصّلاتٍ، وعلاماتٍ محكماتٍ تدلّ على حقائق حدود اللّه.
وقوله: {وللكافرين عذابٌ مهينٌ}. يقول تعالى ذكره: ولجاحدي تلك الآيات البيّنات الّتي أنزلناها على رسولنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ومنكريها عذابٌ يوم القيامة {مهينٌ}: يعني مذلٌّ في جهنّم). [جامع البيان: 22/466-467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 5 - 8.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد عن مجاهد {يحادون} قال: يتشاقون). [الدر المنثور: 14/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إن الذين يحادون الله ورسوله} قال: يجادلون الله ورسوله {كبتوا كما كبت الذين من قبلهم} قال: خزوا كما خزي الذين من قبلهم). [الدر المنثور: 14/316]
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فينبّئهم بما عملوا أحصاه اللّه ونسوه واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ}.
يقول تعالى ذكره: وللكافرين عذابٌ مهينٌ في يوم يبعثهم اللّه جميعًا من قبورهم لموقف القيامة {فينبّئهم} اللّه {بما عملوا أحصاه اللّه ونسوه}. يقول تعالى ذكره: أحصى اللّه ما عملوا، فعدّه عليهم، وأثبته وحفظه، ونسيه عاملوه {واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} يقول: واللّه جلّ ثناؤه على كلّ شيءٍ عملوه وغير ذلك من أمر خلقه {شهيدٌ} يعني شاهدٌ يعلمه ويحيط به، فلا يغرب عنه شيءٌ منه). [جامع البيان: 22/467]
تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يعلم ما في السّموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاّ هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أين ما كانوا ثمّ ينبّئهم بما عملوا يوم القيامة إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تنظر يا محمّد بعين قلبك فترى أنّ اللّه يعلم ما في السّموات وما في الأرض من شيءٍ، لا يخفى عليه صغير ذلك وكبيره؛ يقول جلّ ثناؤه: فكيف يخفى على من كانت هذه صفته أعمال هؤلاء الكافرين وعصيانهم ربّهم، ثمّ وصف جلّ ثناؤه قربه من عباده وسماعه نجواهم، وما يكتمونه النّاس من أحاديثهم، فيتحدّثونه سرًّا بينهم، فقال: {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ}. من خلقه {إلاّ هو رابعهم}. يسمع سرّهم ونجواهم، لا يخفى عليه شيءٌ من أسرارهم {ولا خمسةٍ إلاّ هو سادسهم}. يقول: ولا يكون من نجوى خمسةٍ إلاّ هو سادسهم كذلك {ولا أدنى من ذلك}. يقول: ولا أقلّ من ثلاثةٍ {ولا أكثر} يقول: ولا أكثر من خمسةٍ {إلاّ هو معهم}. إذا تناجوا {أين ما كانوا}. يقول: في أيّ موضعٍ ومكانٍ كانوا.
وعنى بقوله: {هو رابعهم}. بمعنى أنّه مشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه.
- كما حدّثني عبد اللّه بن أبي زيادٍ، قال: حدّثني نصر بن ميمونٍ المضروب، قال: حدّثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، عن الضّحّاك، في قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ}. إلى قوله: {هو معهم} قال: هو فوق العرش وعلمه معهم {أين ما كانوا ثمّ ينبّئهم بما عملوا يوم القيامة إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
وقوله: {ثمّ ينبّئهم بما عملوا يوم القيامة}. يقول تعالى ذكره: ثمّ يخبر هؤلاء المتناجين وغيرهم بما عملوا من عملٍ ممّا يحبّه ويسخطه يوم القيامة، {إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٍ} يقول: إنّ اللّه بنجواهم وأسرارهم، وسرائر أعمالهم، وغير ذلك من أمورهم وأمور عباده عليمٌ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ} فقرأت قرّاء الأمصار ذلك {ما يكون من نجوى}. بالياء، خلا أبي جعفرٍ القارئ، فإنّه قرأه: (ما تكون) بالتّاء. والياء هي الصّواب في ذلك، لإجماع الحجّة عليها، ولصحّتها في العربيّة). [جامع البيان: 22/467-469]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم} قال: هو الله على العرش وعلمه معهم). [الدر المنثور: 14/316-317]