تفسير قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى سأل سائل قال سأل سائل عن عذاب واقع فقال الله للكافرين ليس له دافع من الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/316]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا بشر بن خالدٍ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ} [المعارج: 1]، قال: «النّضر بن الحارث بن كلدة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ (1) للكافرين ليس له دافعٌ (2) من اللّه ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ (4) فاصبر صبرًا جميلاً}.
قال أبو جعفرٍ: اختلفت القرأة في قراءة قوله: {سأل سائلٌ} فقرأته عامّة قرأة الكوفة والبصرة: {سأل سائلٌ} بهمز {سأل سائلٌ} بمعنى سأل سائلٌ من الكفّار عن عذاب اللّه، بمن هو واقعٌ؛ وقرأ ذلك بعض قرأة المدينة: (سال سائلٌ) فلم يهمز (سال)، ووجّهه إلى أنّه (فعل) من السّيل.
والّذي هو أولى القراءتين بالصّواب قراءةٌ من قرأه بالهمز لإجماع الحجّة من القرّاء على ذلك، وأنّ عامّة أهل التّأويل من السّلف بمعنى الهمز تأوّلوه.
ذكر من تأوّل ذلك كذلك، وقال تأويله نحو قولنا فيه:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}. قال: ذاك سؤال الكفّار عن عذاب اللّه، وهو واقعٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {إن كان هذا هو الحقّ من عندك}. الآية، قال: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {سأل سائلٌ}. قال: دعا داعٍ بعذابٍ واقعٍ قال: يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}. قال: سأل عذاب اللّه أقوامٌ، فبيّن اللّه على من يقع على الكافرين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قوله: {سأل سائلٌ} قال: سأل عن عذابٍ واقعٍ، فقال اللّه: {للكافرين ليس له دافعٌ}.
وأمّا الّذين قرءوا ذلك بغير همزٍ، فإنّهم قالوا: السّائل وادٍ من أودية جهنّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}. قال: قال بعض أهل العلم: هو وادٍ في جهنّم يقال له سائلٌ). [جامع البيان: 23 / 248-249]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا محمّد بن عليٍّ الشّيبانيّ بالكوفة، ثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ (1) للكافرين ليس له دافعٌ (2) من اللّه ذي المعارج} [المعارج: 2] ذي الدّرجات {سأل سائلٌ} [المعارج: 1] قال: هو النّضر بن الحارث بن كلدة قال: «اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك، فأمطر علينا حجارةً من السّماء» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 - 5.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد والنسائي، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {سأل سائل} قال: هو النضر بن الحارث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء وفي قوله: {بعذاب واقع} قال: كائن {للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج} قال: ذي الدرجات.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {سأل سائل} قال: نزلت بمكة في النضر بن الحارث وقد قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وكان عذابه يوم بدر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {بعذاب واقع} قال: يقع في الآخرة قولهم في الدنيا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك هو النضر بن
الحارث.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال: {سأل سائل بعذاب واقع} فقال الناس: على من يقع العذاب فأنزل الله {للكافرين ليس له دافع}.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {سأل سائل} قال: دعا داع وفي قوله: {بعذاب واقع} قال: يقع في الآخرة وهو قولهم: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
أخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: رجل من عبد برار ويقال له الحارث بن علقمة: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فقال الله: (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) (سورة ص الآية 86) وقال الله: (ولقد جئتمونا فرادى) (سورة الأنعام الآية 94) وقال الله: {سأل سائل بعذاب واقع} هو الذي قال: إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر وهو الذي قال: (ربنا عجل لنا قطنا) وهو الذي سأل عذابا هو واقع به.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {سأل سائل} قال: سأل واد في جهنم). [الدر المنثور: 14 / 684-686]
تفسير قوله تعالى: (لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {بعذابٍ واقعٍ}. يقول: سأل بعذابٍ للكافرين واجبٍ لهم يوم القيامة واقعٍ بهم. ومعنى {للكافرين} على الكافرين.
- كالّذي: حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بعذابٍ واقعٍ (1) للكافرين}. يقول: واقعٍ على الكافرين.
واللاّم في قوله: {للكافرين} من صلة الواقع.
وقوله: {ليس له دافعٌ (2) من اللّه ذي المعارج}. يقول تعالى ذكره: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من اللّه دافعٌ يدفعه عنهم). [جامع البيان: 23 / 250]
تفسير قوله تعالى: (مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ذي المعارج}. يعني: ذا العلوّ والدّرجات والفواضل والنّعم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ذي المعارج}. يقول: العلوّ والفواضل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {من اللّه ذي المعارج}: ذي الفواضل والنّعم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {من اللّه ذي المعارج}. قال: معارج السّماء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ذي المعارج}. قال: اللّه ذو المعارج.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن رجلٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ذي المعارج}. قال: ذي الدّرجات). [جامع البيان: 23 / 250-251]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا محمّد بن عليٍّ الشّيبانيّ بالكوفة، ثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ (1) للكافرين ليس له دافعٌ (2) من اللّه ذي المعارج} [المعارج: 2] ذي الدّرجات {سأل سائلٌ} [المعارج: 1] قال: هو النّضر بن الحارث بن كلدة قال: «اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك، فأمطر علينا حجارةً من السّماء» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 545] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ذي المعارج} قال: ذي العلو والفواضل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله: {ذي المعارج} قال: معارج السماء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {ذي المعارج} قال: ذي الفضائل والنعم.
وأخرج أحمد، وابن خزيمة عن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رجلا يقول: لبيك ذي المعارج فقال: إنه لذو المعارج ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول ذلك). [الدر المنثور: 14 / 686]
تفسير قوله تعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن وهب بن منبه في قوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال هو ما بين أسفل الأرض إلى العرش). [تفسير عبد الرزاق: 2/315]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال معمر وأخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قالا الدنيا من أولها إلى أخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة لا يدري أحد كم مضى ولا كم بقي إلا الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/316]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن سماك بن حرب عن عكرمة في قوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال هو يوم القيامة). [تفسير عبد الرزاق: 2/316]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن أبيه عن إبراهيم التيمي قال ما طول يوم القيامة على المؤمن إلا ما بين الظهر إلى العصر). [تفسير عبد الرزاق: 2/316]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة عن الحسن قال: قال رسول الله إن طول نهار يوم القيامة على المؤمن مثل صلاة صلاها في الدنيا فأكملها وأحسنها). [تفسير عبد الرزاق: 2/316]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وحدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل يوم القيامة صفائح من نار يكوى بها جبينه وجبهته وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/317]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: حدّثني سهيلٌ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما من رجلٍ لا يؤدّي زكاة ماله إلّا جعل يوم القيامة شجاعًا من نارٍ، فيكوى بها جبهته وجبينه وظهره {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} [المعارج: 4] حتّى يقضى بين النّاس "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والرّوح، وهو جبريل عليه السّلام إليه، يعني إلى اللّه جلّ وعزّ؛ والهاء في قوله: {إليه} عائدةٌ على اسم اللّه. {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. يقول: كان مقدار صعودهم ذلك في يومٍ لغيرهم من الخلق خمسين ألف سنةٍ، وذلك أنّها تصعد من منتهى أمره من أسفل الأرض السّابعة إلى منتهى أمره من فوق السّموات السّبع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن عمر بن معروفٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السّموات مقدار خمسين ألف سنةٍ؛ ويومٌ كان مقداره ألف سنةٍ، يعني بذلك نزل الأمر من السّماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السّماء في يومٍ واحدٍ، فذلك مقداره ألف سنةٍ، لأنّ ما بين السّماء إلى الأرض، مسيرة خمسمائة عامٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ}. يفرغ فيه من القضاء بين خلقه، كان قدر ذلك اليوم الّذي فرغ فيه من القضاء بينهم قدر خمسين ألف سنةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. قال: في يومٍ واحدٍ يفرغ في ذلك اليوم من القضاء، كقدر خمسين ألف سنةٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة، {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. قال: يوم القيامة.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن عكرمة في هذه الآية {خمسين ألف سنةٍ}. قال: يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}: ذاكم يوم القيامة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال معمرٌ: وبلغني أيضًا، عن عكرمة، في قوله: {مقداره خمسين ألف سنةٍ}: لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي إلاّ اللّه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. فهذا يوم القيامة، جعله اللّه على الكافرين مقدار خمسين ألف سنةٍ.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. يعني: يوم القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. قال: هذا يوم القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ، درّاجًا حدّثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، أنّه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}. ما أطول هذا. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده، إنّه ليخفّف على المؤمن حتّى يكون أخفّ عليه من الصّلاة المكتوبة يصلّيها في الدّنيا.
قد روي عن ابن عبّاسٍ في ذلك غير القول الّذي ذكرنا عنه.
- وذلك ما: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، عن ابن أبي مليكة، أنّ رجلاً سأل ابن عبّاسٍ عن {يومٍ كان مقداره ألف سنةٍ}. فقال: فما {يومٌ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ}؟ قال: إنّما سألتك لتخبرني، قال: هما يومان ذكرهما اللّه في القرآن، اللّه أعلم بهما. فكره أن يقول في كتاب اللّه ما لا يعلم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا أيّوب، عن ابن أبي مليكة، قال: سأل رجلٌ ابن عبّاسٍ عن يومٍ كان مقداره ألف سنةٍ، قال: فاتّهمه، فقيل له فيه، فقال: ما يومٌ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ؟ فقال: إنّما سألتك لتخبرني، فقال: هما يومان ذكرهما اللّه جلّ وعزّ، اللّه أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب اللّه بما لا أعلم.
وقرأت عامّة قرّاء الأمصار قوله: {تعرج الملائكة والرّوح} بالتّاء، خلا الكسائيّ، فإنّه كان يقرأ ذلك بالياء بخبرٍ كان يرويه عن ابن مسعودٍ أنّه قرأ ذلك كذلك.
والصّواب من قراءة ذلك عندنا ما عليه قرأة الأمصار، وهو بالتّاء لإجماع الحجّة من القرأة عليه). [جامع البيان: 23 / 251-254]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شريك عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله كان مقداره خمسين ألف سنة يقول لو قدرتموه لكان خمسين ألف سنة في أيامكم قال يعني يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 2/693]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {تعرج الملائكة} بالتاء.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال: كان عبد الله يقرأ يعرج الملائكة بالياء.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق سبع سموات {مقداره خمسين ألف سنة} ويوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: غلظ كل أرض خمسمائة عام فذلك أربعة عشر ألف عام وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام فذلك قوله: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} قال: هذا في الدنيا {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} وفي قوله: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} فهذا يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} قال: لو قدرتموه لكان خمسين ألف سنة من أيامكم قال: يعني يوم القيامة.
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال: سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما ما هؤلاء الآيات {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه {في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} قال: يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة وخلق السموات والأرض في ستة أيام كل يوم ألف سنة ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه {في يوم كان مقداره ألف سنة} قال: ذلك مقدار المسير.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنهما في قوله: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} قالا: هي الدنيا أولها إلى آخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: هو ما بين أسفل الأرض إلى العرش.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} قال: ذلك يوم القيامة.
وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ما أطول هذا اليوم فقال: والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال: قدر يوم القيامة على المؤمن قدر ما بين الظهر إلى العصر.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: يشتد كرب يوم القيامة حتى يلجم الكافر العرق قيل: فأين المؤمنون يومئذ قال: يوضع لهم كراسي من ذهب ويظلل عليهم الغمام ويقصر ذلك اليوم عليهم ويهون حتى يكون كيوم من أيامكم هذه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: يكون عليهم كصلاة المكتوبة.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا قال: ما قدر طول يوم القيامة على المؤمنين إلا كقدر ما بين الظهر إلى العصر). [الدر المنثور: 14 / 687-690]
تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاصبر صبرًا جميلاً}. يقول تعالى ذكره: فاصبر يا محمّد {صبرًا جميلاً}، يعني: صبرًا لا جزع فيه. يقول له: اصبر على أذى هؤلاء المشركين لك، ولا يثنيك ما تلقى منهم من المكروه عن تبليغ ما أمرك ربّك أن تبلّغهم من الرّسالة.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاصبر صبرًا جميلاً}. قال: هذا حين كان يأمره بالعفو عنهم لا يكافئهم، فلمّا أمر بالجهاد والغلظة عليهم أمر بالشّدّة والقتل حتّى يتركوا، ونسخ هذا.
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ أنّه كان أمر بالعفو بهذه الآية، ثمّ نسخ ذلك قولٌ لا وجه له، لأنّه لا دلالة على صحّة ما قال من بعض الأوجه الّتي تصحّ منها الدّعاوي، وليس في أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الصّبر الجميل على أذى المشركين ما يوجب أن يكون ذلك أمرًا منه له به في بعض الأحوال، بل كان ذلك أمرًا من اللّه له به في كلّ الأحوال، لأنّه لم يزل صلّى اللّه عليه وسلّم من لدن بعثه اللّه إلى أن اخترمه في أذًى منهم، وهو في كلّ ذلك صابرٌ على ما يلقى منهم من أذًى قبل أن يأذن اللّه له بحربهم، وبعد إذنه له بذلك). [جامع البيان: 23 / 255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {صبرا جميلا} قال: لا تشكو إلى أحد غيره.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الأعلى بن الحجاج في قوله: {فاصبر صبرا جميلا} يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو). [الدر المنثور: 14 / 690]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّهم يرونه بعيدًا (6) ونراه قريبًا (7) يوم تكون السّماء كالمهل (8) وتكون الجبال كالعهن (9) ولا يسأل حميمٌ حميمًا (10) يبصّرونهم}.
يقول تعالى ذكره: إنّ هؤلاء المشركين يرون العذاب الّذي سألوا عنه، الواقع عليهم بعيدًا وقوعه، وإنّما أخبر جلّ ثناؤه أنّهم يرون ذلك بعيدًا، لأنّهم كانوا لا يصدّقون به، وينكرون البعث بعد الممات، والثّواب والعقاب، فقال: إنّهم يرونه غير واقعٍ، ونحن نراه قريبًا، لأنّه كائنٌ، وكلّ ما هو آتٍ قريبٌ.
والهاء والميم من قوله: {إنّهم} من ذكر الكافرين، والهاء من قوله: {يرونه} من ذكر العذاب). [جامع البيان: 23 / 255-256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 6 - 18
أخرج عبد بن حميد عن الأعمش رضي الله عنه {إنهم يرونه بعيدا} قال: الساعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {إنهم يرونه بعيدا} قال: بتكذيبهم {ونراه قريبا} قال: صدقا كائنا). [الدر المنثور: 14 / 690]
تفسير قوله تعالى: (وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّهم يرونه بعيدًا (6) ونراه قريبًا (7) يوم تكون السّماء كالمهل (8) وتكون الجبال كالعهن (9) ولا يسأل حميمٌ حميمًا (10) يبصّرونهم}.
يقول تعالى ذكره: إنّ هؤلاء المشركين يرون العذاب الّذي سألوا عنه، الواقع عليهم بعيدًا وقوعه، وإنّما أخبر جلّ ثناؤه أنّهم يرون ذلك بعيدًا، لأنّهم كانوا لا يصدّقون به، وينكرون البعث بعد الممات، والثّواب والعقاب، فقال: إنّهم يرونه غير واقعٍ، ونحن نراه قريبًا، لأنّه كائنٌ، وكلّ ما هو آتٍ قريبٌ). [جامع البيان: 23 / 255-256] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {إنهم يرونه بعيدا} قال: بتكذيبهم {ونراه قريبا} قال: صدقا كائنا). [الدر المنثور: 14 / 690] (م)