تفاسير القرن السادس الهجري
تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: فلا أقسم، قال بعض النحاة «لا» زائدة والمعنى: فأقسم، وقال آخرون منهم: «لا» رد لما تقدم من أقوال الكفار، والبداءة أقسم وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «فلأقسم»، لام القسم معها ألف أقسم، وقوله تعالى: بما تبصرون وما لا تبصرون. قال قتادة بن دعامة: أراد الله تعالى أن يعمم في هذا القسم حميع مخلوقاته. وقال غيره: أراد الأجساد والأرواح. وهذا قول حسن عام، وقال ابن عطاء: «ما تبصرون»، من آثار القدرة وما لا تبصرون من أسرار القدرة، وقال قوم: أراد بقوله: وما لا تبصرون الملائكة). [المحرر الوجيز: 8/ 396]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والرسول الكريم جبريل في تأويل جماعة من العلماء، ومحمد صلى الله عليه وسلم في قول آخرين وأضيف القول إليه من حيث تلاه وبلغه). [المحرر الوجيز: 8/ 396]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون (41) ولا بقول كاهنٍ قليلاً ما تذكّرون (42) تنزيلٌ من ربّ العالمين (43) ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثمّ لقطعنا منه الوتين (46) فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين (47) وإنّه لتذكرةٌ للمتّقين (48) وإنّا لنعلم أنّ منكم مكذّبين (49) وإنّه لحسرةٌ على الكافرين (50) وإنّه لحقّ اليقين (51) فسبّح باسم ربّك العظيم (52)
نفى الله تعالى أن يكون القرآن من «قول شاعر» كما زعمت قريش، ونصب قليلًا بفعل مضمر يدل عليه تؤمنون، وما يحتمل أن تكون نافية فينتفي إيمانهم البتة، ويحتمل أن تكون مصدرية ويتصف بالقلة، إما الإيمان وإما العدد الذي يؤمنون، فعلى اتصاف إيمانهم بالقلة فهم الإيمان اللغوي لأنهم قد صدقوا بأشياء يسيرة لا تغني عنهم شيئا إذ كانوا يصدقون أن الخير والصلة والعفاف الذي كان يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حق صواب، ثم نفى تعالى أن يكون «قول كاهن» كما زعم بعضهم، وقرأ ابن كثير وابن عامر والحسن والجحدري: «قليلا ما يؤمنون وقليلا ما يذكرون» بالياء جميعا. وقرأ الباقون: بالتاء من فوق، ورجح أبو عامر قراءة التاء بقوله تعالى: فما منكم من أحدٍ وفي مصحف أبيّ بن كعب «ما تتذكرون» بتاءين). [المحرر الوجيز: 8/ 396-397]
تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وتنزيلٌ رفع بالابتداء، أي هو تنزيلٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 397]
تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى أن محمدا لو تقول عليه شيئا لعاقبه بما ذكر، والتقول: أن يقول الإنسان عن آخر أنه قال شيئا لم يقله. وقرأ ذكوان وابنه محمد: «ولو يقول» بالياء وضم القاف، وهذه القراءة معرضة بما صرحت به قراءة الجمهور، ويبين التعريض قوله علينا بعض الأقاويل). [المحرر الوجيز: 8/ 397]
تفسير قوله تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لأخذنا منه باليمين اختلف في معناه، فقال ابن عباس: باليمين، بالقوة ومعناه: لنلنا منه عقابه بقوة منا، أو يكون المعنى: لنزعنا قوته، وقال آخرون: هي عبارة عن الهوان، كما يقال لمن يسجن أو يقام لعقوبة قد أخذ بيده وبيمينه). [المحرر الوجيز: 8/ 397]
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والوتين: نياط القلب، قاله ابن عباس وهو عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر، ومنه قول الشماخ: [الوافر]
إذا بلغتني وحملت رحلي = عرادة فاشرقي بدم الوتين
فمعنى الآية لأذهبنا حياته معجلا). [المحرر الوجيز: 8/ 397-398]
تفسير قوله تعالى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والحاجز: المانع، وجمع حاجزين على معنى أحدٍ لأنه يقع على الجميع، ونحوه قوله عليه السلام: «ولم تحل الغنائم لأحد سوى الرؤوس قبلكم»). [المحرر الوجيز: 8/ 398]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير في قوله تعالى: وإنّه لتذكرةٌ عائد على القرآن، وقيل على محمد صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 8/ 398]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وفي قوله تعالى: وإنّا لنعلم أنّ منكم مكذّبين وعيد). [المحرر الوجيز: 8/ 398]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وكونه لحسرةٌ على الكافرين هو من حيث كفروا ويرون من آمن به ينعم وهم يعذبون). [المحرر الوجيز: 8/ 398]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لحقّ اليقين ذهب الكوفيون إلى أنها إضافة الشيء إلى نفسه كدار الآخرة ومسجد الجامع. وذهب البصريون والحذاق إلى أن الحق مضاف إلى الأبلغ من وجوهه، وقال المبرد: إنما هو كقولك عين اليقين ومحض اليقين). [المحرر الوجيز: 8/ 398]
تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه بالتسبيح باسمه العظيم. وفي ضمن ذلك الاستمرار على رسالته والمضي لأدائها وإبلاغها، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية: «اجعلوها في ركوعكم» واستحب التزام ذلك جماعة من العلماء، وكره مالك لزوم ذلك لئلا يعد واجبا فرضا). [المحرر الوجيز: 8/ 398]