العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:32 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة القلم[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:33 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة والحسن في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون} وما يكتبون). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 307]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي ظبيان ،عن ابن عباس قال: «إن أول ما خلق الله من شيء خلق القلم فقال اكتب فقال أي ورب وما أكتب قال اكتب القدر فجرى بما هو كائن في ذلك اليوم إلى أن تقوم الساعة ثم طوى الكتاب ورفع القلم فارتفع بخار الماء ففتق السماوات ثم خلق النون ثم بسط الأرض عليها فاضطربت النون فمادت الأرض فخلق الجبال فوتدها فإنها لتفخر على الأرض ثم قرأ ابن عباس ن والقلم وما يسطرون إلى ما أنت بنعمة ربك مجنون»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 307]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا يحيى بن موسى، قال: حدّثنا أبو داود الطّيالسيّ، قال: حدّثنا عبد الواحد بن سليمٍ، قال: قدمت مكّة فلقيت عطاء بن أبي رباحٍ فقلت: يا أبا محمّدٍ إنّ ناسًا عندنا يقولون في القدر، فقال عطاءٌ: لقيت الوليد بن عبادة بن الصّامت، قال: حدّثني أبي، قال: سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، فجرى بما هو كائنٌ إلى الأبد».
وفي الحديث قصّةٌ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ وفيه عن ابن عبّاسٍ). [سنن الترمذي: 5 / 281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون (1) ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ (2) وإنّ لك لأجرًا غير ممنونٍ}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ن} فقال بعضهم: هو الحوت الّذي عليه الأرضون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال: «أوّل ما خلق اللّه من شيءٍ القلم، فجرى بما هو كائنٌ، ثمّ رفع بخار الماء، فخلقت منه السّموات، ثمّ خلق النّون فبسطت الأرض على ظهر النّون، فتحرّك النّون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنّ الجبال لتفخر على الأرض قال: وقرأ: {ن والقلم وما يسطرون}».
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا إسحاق، عن شريكٍ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، أو مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال: «ففتقت منه السّموات».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال: «أوّل ما خلق اللّه القلم، قال: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال: فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام السّاعة، ثمّ خلق النّون، ورفع بخار الماء، ففتقت منه السّماء وبسطت الأرض على ظهر النّون، فاضطرب النّون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنّها لتفخر على الأرض».
- حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: «وأوّل ما خلق اللّه من شيءٍ القلم، فقال له: اكتب، فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال فجرى القلم بما هو كائنٌ من ذلك إلى قيام السّاعة، ثمّ رفع بخار الماء ففتق منه السّموات، ثمّ خلق النّون فدحيت الأرض على ظهره، فاضطرب النّون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال فإنّها لتفخر على الأرض».
- حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ نحوه.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، أنّ إبراهيم بن أبي بكرٍ أخبره عن مجاهدٍ، قال: «كان يقال النّون: الحوت الّذي تحت الأرض السّابعة».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، قال: قال معمرٌ، حدّثنا الأعمش، أنّ ابن عبّاسٍ قال: «إنّ أوّل شيءٍ خلق القلم، ثمّ ذكر نحو حديث واصلٍ عن ابن فضيلٍ، وزاد فيه»: ثمّ قرأ ابن عبّاسٍ: {ن والقلم وما يسطرون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن أبي الضّحى، مسلم بن صبيحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «إنّ أوّل شيءٍ خلق ربّي القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائنٌ إلى أن تقوم السّاعة، ثمّ خلق النّون فوق الماء، ثمّ كبس الأرض عليه».
وقال آخرون: {ن} حرفٌ من حروف الرّحمن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا أبي، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {الر}، و{حم}، و{ن}: حروف الرّحمن مقطّعةٌ.
- حدّثني محمّد بن معمرٍ، قال: حدّثنا عيّاش بن زيادٍ الباهليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قوله الر، وحم، ون. قال: اسمٌ مقطّعٌ.
وقال آخرون: {ن}: الدّواة، {والقلم}: القلم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا أخي عيسى بن عبد اللّه، عن ثابتٍ الثماليّ، عن ابن عبّاسٍ، قال:« إنّ اللّه خلق النّون وهي الدّواة، وخلق القلم، فقال: اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، من عملٍ معمولٍ، برٍّ أو فجورٍ، أو رزقٍ مقسومٍ حلالٍ أو حرامٍ، ثمّ ألزم كلّ شيءٍ من ذلك شأنه دخوله في الدّنيا ومقامه فيها كم، وخروجه منها كيف؛ ثمّ جعل على العباد حفظةً وللكتاب خزّانًا، فالحفظة ينسخون كلّ يومٍ من الخزّان عمل ذلك اليوم، فإذا فني الرّزق وانقطع الأثر، وانقضى الأجل، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم، فتقول لهم الخزنة: ما نجد لصاحبكم عندنا شيئًا، فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا»؛ قال: فقال ابن عبّاسٍ: «ألستم قومًا عربًا تسمعون الحفظة يقولون: {إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون} وهل يكون الاستنساخ إلاّ من أصلٍ»؟.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن وقتادة، في قوله: {ن} قال: هو الدّواة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن قتادة قال: «النّون: الدّواة».
وقال آخرون: {ن} لوحٌ من نوره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن شبيبٍ المكتب، قال: حدّثنا محمّد بن زيادٍ الجزريّ، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «{ن والقلم وما يسطرون} لوحٌ من نورٍ يجري بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة».
وقال آخرون: {ن} قسمٌ أقسم اللّه به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ن والقلم وما يسطرون} يقسم اللّه بما شاء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ن والقلم وما يسطرون} قال: «هذا قسمٌ أقسم اللّه به».
وقال آخرون: هي اسمٌ من أسماء السّورة.
وقال آخرون: هي حرفٌ من حروف المعجم؛ وقد ذكرنا القول فيما جانس ذلك من حروف الهجاء الّتي افتتحت بها أوائل السّور، والقول في قوله نظير القول في ذلك.
واختلفت القرأة في قراءة: {ن} فأظهر النّون فيها وفي يس عامّة قرأة الكوفة خلا الكسائيّ، وعامّة قرأة البصرة، لأنّها حرف هجاءٍ، والهجاء مبنيٌّ على الوقوف عليه وإن اتّصل، وكان الكسائيّ يدغم النّون الآخرة منهما ويخفيها بناءً على الاتّصال.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان فصيحتان بأيّتهما قرأ القارئ أصاب، غير أنّ إظهار النّون أفصح وأشهر، فهو أعجب إليّ.
وأمّا القلم: فهو القلم المعروف، غير أنّ الّذي أقسم به ربّنا من الأقلام: القلم الّذي خلقه اللّه تعالى ذكره، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
- حدّثني محمّد بن معاوية الأنماطيّ، قال حدّثنا عبّاد بن العوّام، قال: حدّثنا عبد الواحد بن سليمٍ، قال: سمعت عطاءً، قال: سألت الوليد بن عبادة بن الصّامت: كيف كانت وصيّة أبيك حين حشره الموت؟ فقال: دعاني فقال: أي بنيّ اتّق اللّه واعلم أنّك لن تتّقي اللّه، ولن تبلغ العلم حتّى تؤمن باللّه وحده، والقدر خيره وشرّه، إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل ما خلق اللّه خلق القلم، فقال له: اكتب، قال: يا ربّ وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال: فجرى القلم في تلك السّاعة بما كان وما هو كائنٌ إلى الأبد».
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه الطّوسيّ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، قال: أخبرنا عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرنا رباح بن زيدٍ، عن عمر بن حبيبٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أوّل شيءٍ خلق اللّه القلم وأمره فكتب كلّ شيءٍ».
- حدّثنا موسى بن سهلٍ الرّمليّ، قال: حدّثنا نعيم بن حمّادٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك بإسناده عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، قال: قلت لابن عبّاسٍ: «إنّ ناسًا يكذّبون بالقدر»، فقال: «إنّهم يكذّبون بكتاب اللّه، لآخذنّ بشعر أحدهم، فلأنفضنّ به، إنّ اللّه كان على عرشه قبل أن يخلق شيئًا، فكان أوّل ما خلق اللّه القلم، فجرى بما هو كائنٍ إلى يوم القيامة، فإنّما يجري النّاس على أمرٍ قد فرغ منه».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا أبو هاشمٍ، أنّه سمع مجاهدًا، قال: «سمعت عبد اللّه لا ندري ابن عمر أو ابن عبّاسٍ» قال: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فجرى القلم بما هو كائنٌ؛ وإنّما يعمل النّاس اليوم فيما قد فرغ منه»
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ؛ وحدّثني عبيد بن آدم، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا اللّيث بن سعدٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن أيّوب بن زيادٍ، قال: حدّثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت، قال: أخبرني أبي، قال: قال أبي عبادة بن الصّامت: يا بنيّ سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب فجرى في تلك السّاعة بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ن والقلم}. قال: «الّذي كتب به الذّكر».
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، أخبره عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ن والقلم} قال: «الّذي كتب به الذّكر».
وقوله: {وما يسطرون} يقول: والّذي يخطّون ويكتبون. وإذا وجّه التّأويل إلى هذا الوجه كان القسم بالخلق وأفعالهم. وقد يحتمل الكلام معنًى آخر، وهو أن يكون معناه: وسطرهم ما يسطرون، فتكون ما بمعنى المصدر. وإذا وجّه التّأويل إلى هذا الوجه، كان القسم بالكتاب، كأنّه قيل: ن والقلم والكتاب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما يسطرون} قال: «وما يخطّون».
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما يسطرون} يقول: «يكتبون».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما يسطرون} قال: «وما يكتبون».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وما يسطرون} وما يكتبون.
يقال منه: سطر فلانٌ الكتاب فهو يسطر سطرًا: إذا كتبه؛ ومنه قول رؤبة بن العجّاج:
إنّي وأسطارٍ سطرن سطرا). [جامع البيان: 23 / 140-148]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: حدثنا شريك عن أبي اليقظان، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس في قوله: {ن والقلم} قال:« النون: الدواة والقلم: القلم»). [تفسير مجاهد: 2/ 687]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ،قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى ،عن ابن عباس قال: «أن أول ما خلق الله عز وجل القلم قال له اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق النون وهو الحوت فكبس عليه الأرض فذلك قوله نون يعني الحوت»
- ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا سليمان ابن حبان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان ،عن ابن عباس مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 687-688]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «إنّ أوّل شيءٍ خلقه اللّه القلم، فقال له: اكتب، فقال: وما أكتب؟ فقال: القدر، فجرى من ذلك اليوم بما هو كائنٌ إلى أن تقوم السّاعة، قال: وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السّماوات، ثمّ خلق النّون فبسطت الأرض عليه، والأرض على ظهر النّون فاضطرب النّون فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنّ الجبال تفخر على الأرض «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 540]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، ثنا هلال بن العلاء الرّقّيّ، ثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن عمرٍو الرّقّيّ، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، {ن والقلم وما يسطرون} قال: «وما يكتبون» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 541]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم والحوت. قال: ما أكتب؟ قال: كلّ شيءٍ كائنٍ إلى يوم القيامة ". ثمّ قرأ {ن والقلم وما يسطرون} القلم» فالنّون: الحوت، والقلم: القلم.
رواه الطّبرانيّ، وقال: لم يرفعه عن حمّاد بن زيدٍ إلّا مؤمّل بن إسماعيل، قلت: ومؤمّل ثقةٌ كثير الخطأ، وقد وثّقه ابن معينٍ وغيره، وضعّفه البخاريّ وغيره، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 128]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (والمشهور في ن أنّ حكمها حكم أوائل السّور في الحروف المتقطّعة وبه جزم الفرّاء وقيل بل المراد بها الحوت وجاء ذلك في حديث بن عبّاسٍ أخرجه الطّبرانيّ مرفوعًا قال: «أوّل ما خلق اللّه القلم والحوت قال اكتب قال ما أكتب قال كلّ شيءٍ كائنٍ إلى يوم القيامة ثمّ قرأ ن والقلم فالنّون الحوت والقلم القلم»). [فتح الباري: 8 / 661]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (واختلف المفسّرون في معناه فعن مجاهد ومقاتل والسّديّ وآخرين: هو الحوت الّذي يحمل الأرض، وهي رواية عن ابن عبّاس، واختلف في اسمه، فعن الكلبيّ ومقاتل: يهموت، وعن الواقديّ: ليوثا وعن عليّ: بلهوت، وقيل: هي حروف الرّحمن، وهي رواية عن ابن عبّاس قال: «الر» و«حم»، ونون حروف الرحمان مقطعة، وعن الحسن وقتادة والضّحّاك: «النّون، الدّواء» وهي رواية عن ابن عبّاس أيضا. وعن معاوية بن قرّة: لوح من نور رفعه الله إلى النّبي صلى الله عليه وسلم، وعن ابن كيسان: «هو قسم أقسم الله به، وعن عطاء افتتاح اسمه نور وناصر ونصير»، وعن جعفر: «نون نهر في الجنّة»). [عمدة القاري: 19 / 255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 - 9.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: «إن أول شيء خلق الله القلم فقال له: اكتب فقال: يارب وما أكتب قال: اكتب القدر فجرى من ذلك اليوم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ثم طوي الكتاب وارتفع القلم وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السموات ثم خلق النور فبسطت الأرض عليه والأرض على ظهر النون فاضطرب النون
فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة» ثم قرأ ابن عباس {ن والقلم وما يسطرون}.
وأخرج ابن جرير والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن أول ما خلق الله القلم والحوت قال: اكتب قال: ما أكتب قال: كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ {ن والقلم وما يسطرون}» فالنون الحوت والقلم القلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه، وابن مردويه عن عبادة بن الصامت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد».
وأخرج ابن جرير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ن والقلم وما يسطرون} قال:« لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس قال: «إن الله خلق النون وهي الدواة وخلق القلم فقال: اكتب قال: ما أكتب قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة».
وأخرج الرافعي في تاريخ قزوين من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النون اللوح المحفوظ والقلم من نور ساطع».
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول شيء خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له: اكتب قال: وما أكتب قال: ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل أو أثر أو رزق فكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وذلك قوله: {ن والقلم وما يسطرون} ثم ختم علي في القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة ثم خلق الله العقل فقال: وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ولأنقصنك فيمن أبغضت».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {ن والقلم} قال: «ن الدواة والقلم القلم».
وأخرج عن ابن عباس قوله: {ن} أشبها هذا قسم الله وهي من أسماء الله.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله: {ن} قالا: «الدواة».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ن} قال: «هو الحوت الذي عليه الأرض».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد قال: «الحوت الذي تحت الأرض السابعة والقلم الذي كتب به الذكر».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عباس قال: «أول ما خلق الله القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين وخلق النون وهي الدواة وخلق اللوح فكتب فيه ثم خلق السموات فكتب ما يكون من حينئذ في الدنيا إلى أن تكون الساعة من خلق مخلوق أو عمل معمول بر أو فجور وكل رزق حلال أو حرام رطب أو يابس».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة قال: «القلم نعمة من الله عظيمة لولا القلم ما قام دين ولم يصلح عيش والله أعلم بما يصلح خلقه».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: {ن والقلم وما يسطرون} قال: «خلق الله القلم فقال: أجره فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق الحوت وهو النون فكبس عليها الأرض ثم قال: {ن والقلم وما يسطرون}».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ن والقلم} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النون السمكة التي عليها قرار الأرضين والقلم الذي خط به ربنا عز وجل القدر خيره وشره ونفعه وضره {وما يسطرون} قال: الكرام الكاتبون».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله: {وما يسطرون} قال: «وما يكتبون».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وما يسطرون} قال: «وما يعملون»). [الدر المنثور: 14 / 615-619]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (ونون من أسماء الحروف، وقيل اسم الحوت. وروى أبو جعفر عن ابن عباس أول ما خلق الله القلم قال: «اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء وبسطت الأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض، وكذا رواه ابن أبي حاتم، وذكر البغوي وغيره أن على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السماوات والأرض وعلى ظهرها ثور له أربعون ألف قرن وعلى متنه الأرضون السبع وما فيهن وما بينهن فالله أعلم، والقلم هو الذي خط اللوح أو الذي يخط به وأقسم به لكثرة فوائده وجواب القسم الجملة المنفية»). [إرشاد الساري: 7 / 398]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ}. يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ}، مكذّبًا بذلك مشركي قريشٍ الّذين قالوا له: إنّك مجنونٌ). [جامع البيان: 23 / 149]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: «كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إنه لمجنون به شيطان فنزلت {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}»). [الدر المنثور: 14 / 619-620]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّ لك لأجرًا غير ممنونٍ}. يقول تعالى ذكره: وإنّ لك يا محمّد لثوابًا من اللّه عظيمًا على صبرك على أذى المشركين إيّاك غير منقوصٍ ولا مقطوعٍ، من قولهم: حبلٌ منيرٌ، إذا كان ضعيفًا، وقد ضعفت منّته: إذا ضعفت قوّته.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك ما:
- حدّثني به محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {غير ممنونٍ}. قال: «محسوبٍ»). [جامع البيان: 23 / 149]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وإن لك لأجرا غير ممنون} قال: «غير محسوب»). [الدر المنثور: 14 / 620]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، في قوله: {وإنك لعلى خلقٍ عظيم} [سورة القلم: الآية 4]، قال: أدب القرآن).[الزهد لابن المبارك: 2/ 405]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعته يحدث أن عائشة سئلت عن قول الله للنبي عليه السلام: {وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ}، ما ذلك الخلق العظيم، فقالت عائشة: «خلقه القرآن والعمل بما فيه»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 156]


قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن سعد بن هشام ابن عامر، في قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} قال: سألت عائشة فقلت: «يا أم المؤمنين أخبريني عن خلق رسول الله» ،فقالت: «أتقرأ القرآن»، فقلت: «نعم» فقالت: «إن خلق رسول الله كان القرآن»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 307]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ (4) فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون (6) إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإنّك يا محمّد لعلى أدبٍ عظيمٍ، وذلك أدب القرآن الّذي أدّبه اللّه به، وهو الإسلام وشرائعه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليٌّ، قال حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}. يقول: «دينٍ عظيمٍ».
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}. يقول: «إنّك على دينٍ عظيمٍ، وهو الإسلام».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {خلقٍ عظيمٍ}. قال: «الدّين».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: «سئلت عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» فقالت: «كان خلقه القرآن»، تقول: كما هو في القرآن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ} ذكر لنا أنّ سعد بن هشامٍ سأل عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: «ألست تقرأ القرآن؟» قال: «قلت: بلى»، قالت: «فإنّ خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان القرآن»
- حدّثنا عبيد بن آدم بن أبي إياسٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن سعد بن هشامٍ، قال: أتيت عائشة أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها، فقلت: «أخبريني عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم»، فقالت: «كان خلقه القرآن»، أما تقرأ: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}.
- حدّثني يونس، قال أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن جبير بن نفيرٍ قال: «حججت فدخلت على عائشة، فسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» فقالت: «كان خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم القرآن».
- حدّثنا عبيد بن أسباطٍ، قال: حدّثني أبي، عن فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، في قوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}. قال: «أدب القرآن».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}. قال: «على دينٍ عظيمٍ».
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {لعلى خلقٍ عظيمٍ}: «يعني دينه»، وأمره الّذي كان عليه، ممّا أمره اللّه ووكّله إليه). [جامع البيان: 23 / 149-152]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليٍّ الصّنعانيّ بمكّة، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام بن عامرٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ} قال: سألت عائشة رضي اللّه عنها: «يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم»، فقالت: «أتقرأ القرآن؟» فقلت: «نعم»، فقالت: «إنّ خلق رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القرآن» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والواحدي عن عائشة قالت: «ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك فلذلك أنزل الله تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد ومسلم، وابن المنذر والحاكم، وابن مردويه عن سعد بن هشام قال: أتيت عائشة فقلت يا أم المؤمنين: أخبرني بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن أما تقرأ القرآن {وإنك لعلى خلق عظيم}».
وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه».
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: أتيت عائشة فسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان أحسن الناس خلقا كان خلقه القرآن».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه، وابن مردويه عن أبي عبد الله الجدلي قال: قلت لعائشة: «كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم »قالت: «لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفوا ويصفح».
وأخرج ابن مردويه عن زينب بنت يزيد بن وسق قالت: «كنت عند عائشة إذا جاءها نساء أهل الشام فقلن يا أم المؤمنين: أخبرينا عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم» قالت: «كان خلقه القرآن وكان أشد الناس حياء من العواتق في خدرها».
وأخرج ابن المبارك وعبدبن حميد، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عطية العوفي في قوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} قال: «على أدب القرآن».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {وإنك لعلى خلق عظيم} قال: «القرآن»
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} قال: «الدين».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك {وإنك لعلى خلق عظيم} قال: «الإسلام»، واخرج عبد بن حميد عن ابن ابزي وسعيد بن جبير قالا: «على دين عظيم».
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثابت عن أنس قال: «خدمت رسول الله صلى
الله عليه وسلم إحدى عشرة سنة ما قال لي قط ألا فعلت هذا أو لم فعلت هذا»، قال ثابت: «فقلت يا أبا حمزة إنه كما قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}».
وأخرج الخرائطي عن أنس قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين فما لامني على شيء يوما من الأيام فإن لامني لائم قال: «دعوه فإنه لو قضى شيء لكان».
وأخرج ابن سعد عن ميمونة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له فقال: «أقسمت عليك إلا فتحت لي» فقلت له: تذهب إلى أزواجك في ليلتي قال: «ما فعلت ولكن وجدت حقنا من بولي»). [الدر المنثور: 14 / 620-623]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) }
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون} يقول: «هو وإبليس بكم»).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 62]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون} يقول تعالى ذكره: فسترى يا محمّد، ويرى مشركو قومك الّذين يدعونك مجنونًا بأيّكم المفتون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فستبصر ويبصرون}. يقول: «ترى ويرون»). [جامع البيان: 23 / 152]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {فستبصر ويبصرون} الآيات.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فستبصر ويبصرون} قال: «تعلم ويعلمون يوم القيامة »{بأيكم المفتون} قال: «الشيطان كانوا يقولون: إنه شيطان مجنون».
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فستبصر ويبصرون (5) بأيكم المفتون} يقول: «يتبين لكم المفتون».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فستبصر ويبصرون (5) بأيكم المفتون} يقول: «بأيكم المجنون»). [الدر المنثور: 14 / 623]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:34 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {ن والقلم...}.تخفى النون الآخرة، وتظهرها، وإظهارها أعجب إليّ؛ لأنها هجاء، والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل، ومن أخفاها بني على الاتصال. وقد قرأت القراء بالوجهين؛ كان الأعمش وحمزة يبينانها، وبعضهم يترك التبيان). [معاني القرآن: 3/ 172]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ن والقلم} كسائر فواتح السور). [مجاز القرآن: 2/ 264]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما يسطرون} وما يكتبون، قال رؤبة:إني وأسطارٍ سطرن سطرا). [مجاز القرآن: 2/ 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ن} قال قتادة والحسن: «هي الدواة». ويقال: الحوت تحت الأرض.
وقد ذكرت الحروف المقطّعة في كتاب «تأويل مشكل القرآن».
{وما يسطرون} أي يكتبون). [تفسير غريب القرآن: 477]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ن والقلم وما يسطرون} قرئت بإدغام النون في الواو، وقرئت بتبيين النون عند الواو. وقرئت نون والقلم - بفتح النون.
والّذي اختار إدغام النون في الواو كانت الواو ساكنة أو متحركة؛ لأن الذي جاء في التفسير يباعدها من الإسكان والتبيين، لأن من أسكنها وبينها فإنما يجعلها حرف هجاء والذي يدغمها فجائز أن يدغمها وهي مفتوحة.وجاء في التفسير أن "نون" الحوت التي دحيت عليها سبع الأرضين وجاء في التفسير أيضا أن النون الدواة، ولم يجئ في التفسير كما فسرت حروف الهجاء -، والإسكان لا يجوز أن يكون فيه إلّا حرف هجاء.
وجاء في التفسير أن أول ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، فقال: أي ربّ، وما أكتب؟ قال: القدر، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وجرى فيما جرى به القلم {تبّت يدا أبي لهب}.
وقوله: {وما يسطرون} معناه: وما تكتب الملائكة). [معاني القرآن: 5/ 203]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( قوله: {ن} قيل: هو الدواة.
ويقال: هي الحوت تحت الأرض.
وقيل: {الر} و{حم} و{ن}: الرحمن.
وقيل: {ن} اللوح.
وقيل: قسم.
وقيل: هو اسم للسور.
وقيل: هو حرف يدلّ على أن القرآن مؤلف منه ومن شبهه.
{وَمَا يَسْطُرُونَ} أي يكتبون، يعني الملائكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 275]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنون}
هذه مسألة من أبواب النحو، تحتاج، إلى تبيين. قوله: (أنت) هو اسم (ما)، و (بمجنون) الخبر، و (بنعمة ربّك)موصول بمعنى النفي، المعنى: انتفى عنك الجنون بنعمة ربّك، كما تقول: أنت بنعمة اللّه فهم، وما أنت بنعمة اللّه جاهل. وتأويله: فارقك الجهل بنعمة ربّك، وهذا جواب لقولهم: {وقالوا يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر إنّك لمجنون} ). [معاني القرآن: 5/ 203-204]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّ لك لأجراً غير ممنونٍ...}.[معاني القرآن: 3/ 172]
مقطوع، والعرب تقول: ضعفت منتي عن السفر، ويقال للضّعيف: المنين، وهذا من ذلك، والله أعلم). [معاني القرآن: 3/ 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّ لك لأجراً غير ممنونٍ} أي غير مقطوع [ولا منقوص].يقال: مننت الحبل، إذا قطعته). [تفسير غريب القرآن: 477]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {وإنّ لك لأجرا غير ممنون (3)} أي: غير مقطوع، وجاء في التفسير: غير محسوب). [معاني القرآن: 5/204]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي غير مقطوع. يقال: مَنَنْتُ الحبل: إذا قطعته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 275]


تفسير قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ...} أي: دين عظيم). [معاني القرآن: 3/ 173]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وإنّك لعلى خلق عظيم} قيل: على الإسلام، وقيل: على القرآن. والمعنى - واللّه أعلم - أنت على الخلق الذي أمرك اللّه به في القرآن). [معاني القرآن: 5/ 204]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:36 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) }

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) }

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
لعمرك والمنايا غالبات.......لكل بني أب منها ذنوب
...
والمنايا والمنون سواء، و(المنون) الدهر، و(المنون) تؤنث وتذكر، فمن ذكره صرفه إلى معنى الدهر، ومن أنث صرف إلى لفظ (المنايا).
...
وسميت (منونا) لأنها تمن الأشياء أي تنقص، وقال الله جل وعز: {لهم أجر غير ممنون} غير منقوص). [شرح أشعار الهذليين: 1/ 104] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) }

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:01 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:01 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ن والقلم وما يسطرون (1) ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ (2) وإنّ لك لأجراً غير ممنونٍ (3) وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ (4) فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون (6) إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (7) فلا تطع المكذّبين (8) ودّوا لو تدهن فيدهنون (9) ولا تطع كلّ حلاّفٍ مهينٍ (10) همّازٍ مشّاءٍ بنميمٍ (11)}
ن حرف مقطع في قول الجمهور من المفسرين، فيدخله من الخلاف ما يدخل أوائل السور، ويختص هذا الموضع من الأقوال بأن قال مجاهد وابن عباس: «نون، اسم الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبع فيما يروى». وقال ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك: «النون اسم للدواة»، فهذا إما أن يكون لغة لبعض العرب، أو تكون لفظة أعجمية عربت، قال الشاعر: [الوافر]
إذا ما الشوق برح بي إليهم.......ألقت النون بالدمع السجوم
فمن قال إنه اسم الحوت جعل «القلم» الذي خلقه الله تعالى وأمره فكتب الكائنات وجعل الضمير في يسطرون للملائكة، ومن قال بأن «نون» اسم للدواة، جعل «القلم» هذا المتعارف بأيدي الناس.
نص ذلك ابن عباس وجعل الضمير في يسطرون للناس، فجاء القسم على هذا بمجموع أم الكتاب الذي هو قوام للعلوم والمعارف وأمور الدنيا والآخرة، فإن القلم أخ اللسان، ومطية الفطنة، ونعمة من الله عامة. وروى معاوية بن قرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «{ن} لوح من نور»، وقال ابن عباس وغيره: هو حرف من حروف الرحمن، وقالوا إنه تقطع في القرآن: الر [يونس: 1، هود: 1، يوسف: 1، إبراهيم: 1، الحجر: 1] وحم [غافر: 1، فصلت: 1، الشورى: 1، الزخرف: 1، الدخان: 1، الجاثية: 1، الأحقاف: 1]، ون، وقرأ عيسى بن عمر بخلاف «نون» بالنصب، والمعنى: اذكر نون، وهذا يقوى مع أن يكون اسما للسورة، فهو مؤنث سمي به مؤنث، ففيه تأنيث وتعريف، ولذلك لم ينصرف، وانصرف نوح، لأن الخفة بكونه على ثلاثة أحرف غلبت على العجمة، وقرأ ابن عباس وابن أبي إسحاق والحسن: «نون» بكسر النون، وهذا كما تقول في القسم بالله، وكما تقول: «جبر» وقيل كسرت لاجتماع الساكنين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم: «نون» بسكون النون، وهذا على أنه حرف منفصل فحقه الوقوف عليه، وقرأ قوم، منهم الكسائي: ن والقلم بالإدغام دون غنة، وقرأ آخرون بالإدغام وبغنة، وقرأ الكسائي ويعقوب عن نافع وأبو بكر عن عاصم بالإخفاء بين الإدغام والإظهار. ويسطرون معناه: يكتبون سطورا، فإن أراد الملائكة فهو كتب الأعمال وما يؤمرون به، وإن أراد بني آدم، فهي الكتب المنزلة والعلوم وما جرى مجراها). [المحرر الوجيز: 8/ 364-365]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ} هو جواب القسم وما هنا عاملة لها اسم وخبر، وكذلك هي حيث دخلت الباء في الخبر، وقوله: بنعمة ربّك اعتراض، كما يقول الإنسان: أنت بحمد الله فاضل. وسبب هذه الآية، أن قريشا رمت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنون، وهو ستر العقول، بمعنى أن كلامه خطأ ككلام المجنون، فنفى الله تعالى ذلك عنه وأخبره بأن له الأجر، وأنه على الخلق العظيم، تشريفا له ومدحا). [المحرر الوجيز: 8/ 365]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في معنى: {ممنونٍ} فقال أكثر المفسرين هو الواهن المنقطع، يقال: حبل منين، أي ضعيف. وقال آخرون: معناه غير ممنونٍ عليك أي لا يكدره من به. وقال مجاهد: معناه غير مصرد ولا محسوب محصل أي بغير حساب). [المحرر الوجيز: 8/ 366]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «خلقه القرآن أدبه وأوامره»، وقال علي رضي الله عنه: «الخلق العظيم أدب القرآن»، وعبر ابن عباس عن الخلق بالدين والشرع وذلك لا محالة رأس الخلق ووكيده، أما أن الظاهر من الآية أن الخلق هي التي تضاد مقصد الكفار في قولهم مجنون، أي غير محصل لما يقول، وإنما مدحه تعالى بكرم السجية وبراعة القريحة والملكة الجميلة وجودة الضرائب، ومنه قوله عليه السلام: «بعث لأتمم مكارم الأخلاق».
وقال جنيد: سمي خلقه عظيما، إذ لم تكن له همة سوى الله تعالى، عاشر الخلق بخلقه وزايلهم بقلبه، فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق، وفي وصية بعض الحكماء عليك بالخلق مع الخلق وبالصدق مع الحق، وحسن الخلق خير كله. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة، قائم الليل وصائم النهار». وقال: «ما شيء أثقل في الميزان من خلق حسن»، وقال: «أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقا»، والعدل والإحسان والعفو والصلة من الخلق). [المحرر الوجيز: 8/ 366-367]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فستبصر} أي أنت وأمتك، ويبصرون أي هم). [المحرر الوجيز: 8/ 367]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ن والقلم وما يسطرون (1) ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ (2) وإنّ لك لأجرًا غير ممنونٍ (3) وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ (4) فستبصر ويبصرون (5) بأيّيكم المفتون (6) إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (7) }
قد تقدّم الكلام على حروف الهجاء في أوّل "سورة البقرة"، وأنّ قوله: {ن} كقوله: {ص} {ق} ونحو ذلك من الحروف المقطّعة في أوائل السّور، وتحرير القول في ذلك بما أغنى عن إعادته.
وقيل: المراد بقوله: {ن} حوتٌ عظيمٌ على تيّار الماء العظيم المحيط، وهو حاملٌ للأرضين السّبع، كما قال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ:
حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا يحيى، حدّثنا سفيان -هو الثّوريّ-حدّثنا سليمان -هو الأعمش-عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: «أوّل ما خلق اللّه القلم قال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام السّاعة. ثمّ خلق "النّون" ورفع بخار الماء، ففتقت منه السّماء، وبسطت الأرض على ظهر النّون، فاضطرب النّون فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنّها لتفخر على الأرض».
وكذا رواه ابن أبي حاتمٍ عن أحمد بن سنان، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به. وهكذا رواه شعبة، ومحمّد بن فضيل، ووكيع، عن الأعمش، به. وزاد شعبة في روايته: ثمّ قرأ: {ن والقلم وما يسطرون} وقد رواه شريكٌ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان -أو مجاهدٍ-عن ابن عبّاسٍ، فذكر نحوه. ورواه معمر، عن الأعمش: أنّ ابن عبّاسٍ قال = فذكره، ثمّ قرأ: {ن والقلم وما يسطرون} ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ قال: «إنّ أوّل شيءٍ خلق ربّي، عزّ وجلّ، القلم، ثمّ قال له: اكتب. فكتب ما هو كائنٌ إلى أن تقوم السّاعة. ثمّ خلق "النّون" فوق الماء، ثمّ كبس الأرض عليه».
وقد روى الطّبرانيّ ذلك مرفوعًا فقال: حدّثنا أبو حبيبٍ زيد بن المهتدي المرّوذيّ حدّثنا سعيد بن يعقوب الطّالقانيّ، حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى مسلم بن صبيح، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم والحوت، قال للقلم: اكتب، قال: ما أكتب، قال: كلّ شيءٍ كائنٍ إلى يوم القيامة». ثمّ قرأ: {ن والقلم وما يسطرون} فالنّون: الحوت. والقلم: القلم.
حديثٌ آخر في ذلك: رواه ابن عساكر عن أبي عبد اللّه مولى بني أميّة، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أوّل شيءٍ خلقه اللّه القلم، ثمّ خلق "النّون" وهي: الدّواة. ثمّ قال له: اكتب. قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما يكون -أو: ما هو كائنٌ-من عملٍ أو رزقٍ أو أثرٍ أو أجلٍ. فكتب ذلك إلى يوم القيامة، فذلك قوله: {ن والقلم وما يسطرون} ثمّ ختم على القلم فلم يتكلّم إلى يوم القيامة، ثمّ خلق العقل وقال: وعزّتي لأكمّلنّك فيمن أحببت، ولأنقصنّك ممّن أبغضت».
وقال ابن أبي نجيح: إنّ إبراهيم بن أبي بكرٍ أخبره عن مجاهدٍ قال: كان يقال: «النّون: الحوت [العظيم] الّذي تحت الأرض السّابعة».
وذكر البغويّ وجماعةٌ من المفسّرين: إنّ على ظهر هذا الحوت صخرةً سمكها كغلظ السموات والأرض، وعلى ظهرها ثورٌ له أربعون ألف قرنٍ، وعلى متنه الأرضون السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ فاللّه أعلم. ومن العجيب أنّ بعضهم حمل على هذا المعنى الحديث الّذي رواه الإمام أحمد:
حدّثنا إسماعيل، حدّثنا حميد، عن أنسٍ: أنّ عبد اللّه بن سلامٍ بلغه مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، فأتاه فسأله عن أشياء، قال: إنّي سائلك عن أشياء لا يعلمها إلّا نبيٌّ، قال: ما أوّل أشراط السّاعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه؟ والولد ينزع إلى أمّه؟ قال: «أخبرني بهنّ جبريل آنفًا». قال ابن سلامٍ: فذاك عدوّ اليهود من الملائكة. قال: «أمّا أوّل أشراط السّاعة فنارٌ تحشرهم من المشرق إلى المغرب. وأوّل طعامٍ يأكله أهل الجنّة زيادة كبد حوتٍ. وأمّا الولد فإذا سبق ماء الرّجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرّجل نزعت».
ورواه البخاريّ من طرقٍ عن حميد، ورواه مسلمٌ أيضًا وله من حديث ثوبان -مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم-نحو هذا. وفي صحيح مسلمٍ من حديث أبي أسماء الرّحبيّ، عن ثوبان: أنّ حبرًا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن مسائل، فكان منها أن قال: فما تحفتهم؟ -يعني أهل الجنّة حين يدخلون الجنّة-قال: «زيادة كبد الحوت». قال: فما غذاؤهم على أثرها؟ قال: «ينحر لهم ثور الجنّة الّذي كان يأكل من أطرافها». قال: فما شرابهم عليه؟ قال: «من عينٍ فيها تسمّى سلسبيلًا ».
وقيل: المراد بقوله: {ن} لوحٌ من نورٍ.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا الحسين بن شبيبٍ المكتب، حدّثنا محمّد بن زيادٍ الجزريّ، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «{ن والقلم وما يسطرون} لوحٌ من نورٍ، وقلمٌ من نورٍ، يجري بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة» وهذا مرسلٌ غريبٌ.
وقال ابن جريج أخبرت أنّ ذلك القلم من نورٍ طوله مائة عامٍ.
وقيل: المراد بقوله: {ن} دواةٌ، والقلم: القلم. قال ابن جريرٍ:
حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمر، عن الحسن وقتادة في قوله: {ن} قالا هي الدّواة.
وقد روي في هذا حديثٌ مرفوعٌ غريبٌ جدًّا فقال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن خالدٍ، حدّثنا الحسن بن يحيى، حدّثنا أبو عبد اللّه مولى بني أميّة، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «خلق اللّه النّون، وهي الدّواة».
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يعقوب، حدّثنا أخي عيسى بن عبد اللّه، حدّثنا ثابتٌ الثّماليّ، عن ابن عبّاسٍ قال: «إنّ اللّه خلق النّون -وهي الدّواة-وخلق القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة من عملٍ معمولٍ، به برٍّ أو فجورٍ، أو رزقٍ مقسومٍ حلالٍ أو حرامٍ. ثمّ ألزم كلّ شيءٍ من ذلك، شأنه: دخوله في الدّنيا، ومقامه فيها كم؟ وخروجه منها كيف؟ ثمّ جعل على العباد حفظةً، وللكتاب خزّانًا، فالحفظة ينسخون كلّ يومٍ من الخزّان عمل ذلك اليوم، فإذا فني الرّزق وانقطع الأثر وانقضى الأجل، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم، فتقول لهم الخزنة: ما نجد لصاحبكم عندنا شيئًا فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا. قال: فقال ابن عبّاسٍ: ألستم قومًا عربا تسمعون الحفظة يقولون: {إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون} [الجاثية: 29]؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل».
وقوله: {والقلم} الظّاهر أنّه جنس القلم الّذي يكتب به كقوله {اقرأ وربّك الأكرم الّذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم} [العاق: 3 -5]. فهو قسمٌ منه تعالى، وتنبيهٌ لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة الّتي بها تنال العلوم؛ ولهذا قال: {وما يسطرون} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة: «يعني: وما يكتبون».
وقال أبو الضّحى، عن ابن عبّاسٍ: {وما يسطرون} أي: «وما يعملون».
وقال السّدّيّ: {وما يسطرون} «يعني الملائكة وما تكتب من أعمال العباد».
وقال آخرون: بل المراد هاهنا بالقلم الّذي أجراه اللّه بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنةٍ. وأوردوا في ذلك الأحاديث الواردة في ذكر القلم، فقال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ويونس بن حبيبٍ قالا حدّثنا أبو داود الطّيالسيّ، حدّثنا عبد الواحد بن سليم السّلميّ، عن عطاءٍ -هو ابن أبي رباحٍ-حدّثني الوليد بن عبادة بن الصّامت قال: دعاني أبي حين حضره الموت فقال: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب. قال: يا ربّ وما أكتب؟ قال: اكتب القدر [ما كان] وما هو كائنٌ إلى الأبد».
وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد من طرقٍ، عن الوليد بن عبادة، عن أبيه، به وأخرجه التّرمذيّ من حديث أبي داود الطّيالسيّ، به وقال: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. ورواه أبو داود في كتاب "السّنّة" من سننه، عن جعفر بن مسافرٍ، عن يحيى بن حسّان، عن ابن رباحٍ، عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبي حفصة -واسمه حبيش بن شريح الحبشي الشّاميّ-عن عبادة، فذكره.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الطّوسيّ، حدّثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، أنبأنا عبد اللّه بن المبارك، حدّثنا رباح بن زيدٍ، عن عمر بن حبيبٍ، عن القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «إنّ أوّل شيءٍ خلقه اللّه القلم فأمره فكتب كلّ شيءٍ». غريبٌ من هذا الوجه، ولم يخرّجوه
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {والقلم} يعني: الّذي كتب به الذّكر..
وقوله: {وما يسطرون} أي: يكتبون كما تقدم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 184-187]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ما أنت بنعمة ربّك بمجنونٍ} أي: لست، وللّه الحمد، بمجنونٍ، كما قد يقوله الجهلة من قومك، المكذّبون بما جئتهم به من الهدى والحقّ المبين، فنسبوك فيه إلى الجنون). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإنّ لك لأجرًا غير ممنونٍ} أي: بل لك الأجر العظيم، والثّواب الجزيل الّذي لا ينقطع ولا يبيد، على إبلاغك رسالة ربّك إلى الخلق، وصبرك على أذاهم. ومعنى {غير ممنونٍ} أي: غير مقطوعٍ كقوله: {عطاءً غير مجذوذٍ} [هود: 108] {فلهم أجرٌ غير ممنونٍ} [التّين: 6] أي: غير مقطوعٍ عنهم. وقال مجاهدٌ: {غير ممنونٍ} أي: «غير محسوبٍ»، وهو يرجع إلى ما قلناه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ} قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: أي: وإنّك لعلى دينٍ عظيمٍ، وهو الإسلام. وكذلك قال مجاهدٌ، وأبو مالكٍ، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وابن زيدٍ.
وقال عطيّة: لعلى أدبٍ عظيمٍ. وقال معمر، عن قتادة: سئلت عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: «كان خلقه القرآن»، تقول كما هو في القرآن.
وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ} ذكر لنا أنّ سعد بن هشامٍ سأل عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقالت: «ألست تقرأ القرآن؟» قال: بلى. قالت: «فإنّ خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان القرآن».
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشامٍ قال: سألت عائشة فقلت: أخبريني يا أمّ المؤمنين -عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقالت: «أتقرأ القرآن؟» فقلت: نعم. فقالت: «كان خلقه القرآن».
هذا حديثٌ طويلٌ. وقد رواه الإمام مسلمٌ في صحيحه، من حديث قتادة بطوله وسيأتي في سورة "المزّمّل" إن شاء اللّه تعالى.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل، حدّثنا يونس، عن الحسن قال: سألت عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: «كان خلقه القرآن».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أسود، حدّثنا شريكٌ، عن قيس بن وهبٍ، عن رجلٍ من بني سوادٍ قال: سألت عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقالت: أما تقرأ القرآن: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}؟ قال: قلت: حدّثيني عن ذاك. قالت: صنعت له طعامًا، وصنعت له حفصة طعامًا، فقلت لجاريتي: اذهبي فإن جاءت هي بالطّعام فوضعته قبل فاطرحي الطّعام! قالت: فجاءت بالطّعام. قالت: فألقت الجارية، فوقعت القصعة فانكسرت -وكان نطعًا -قالت: فجمعه رسول الله وقال: «اقتضوا -أو: اقتضي-شكّ أسود -ظرفًا مكان ظرفك». قالت: فما قال شيئًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا عبيد بن آدم بن أبي إياسٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن سعد بن هشامٍ: قال: أتيت عائشة أمّ المؤمنين فقلت لها: أخبريني بخلق النّبيّ صلّى للّه عليه وسلّم. فقالت: «كان خلقه القرآن». أما تقرأ: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ}
وقد روى أبو داود والنّسائيّ، من حديث الحسن، نحوه
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أنبأنا ابن وهبٍ، وأخبرني معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن جبير بن نفيرٍ قال: حججت فدخلت على عائشة، رضي اللّه عنها، فسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقالت: «كان خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم القرآن».
وهكذا رواه أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ. ورواه النّسائيّ في التّفسير، عن إسحاق بن منصورٍ، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، به
ومعنى هذا أنّه، عليه السّلام، صار امتثال القرآن، أمرًا ونهيًا، سجيّةً له، وخلقًا تطبّعه، وترك طبعه الجبلّي، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه. هذا مع ما جبله اللّه عليه من الخلق العظيم، من الحياء والكرم والشّجاعة، والصّفح والحلم، وكلّ خلقٍ جميلٍ. كما ثبت في الصّحيحين عن أنسٍ قال: خدمت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عشرٌ سنين فما قال لي: "أفٍّ" قطّ، ولا قال لشيءٍ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيءٍ لم أفعله: ألا فعلته؟ وكان صلّى اللّه عليه وسلّم أحسن النّاس خلقًا ولا مسست خزًّا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كفّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا شممت مسكًا ولا عطرًا كان أطيب من عرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
وقال البخاريّ: [حدّثنا أحمد بن سعيدٍ أبو عبد اللّه] حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، حدّثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أحسن النّاس وجهًا، وأحسن النّاس خلقًا، ليس بالطّويل البائن، ولا بالقصير».
والأحاديث في هذا كثيرةٌ، ولأبي عيسى التّرمذيّ في هذا كتاب "الشّمائل".
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة قالت: «ما ضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيده خادمًا له قطّ، ولا امرأةً، ولا ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل اللّه. ولا خيّر بين شيئين قطّ إلّا كان أحبّهما إليه أيسرهما حتّى يكون إثمًا، فإذا كان إثمًا كان أبعد النّاس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيءٍ يؤتى إليه إلّا أن تنتهك حرمات اللّه، فيكون هو ينتقم للّه، عزّ وجلّ »
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سعيد بن منصورٍ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّدٍ، عن محمّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق». تفرّد به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 188-190]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فستبصر ويبصرون * بأيّيكم المفتون} أي: فستعلم يا محمّد، وسيعلم مخالفوك ومكذّبوك: من المفتون الضّالّ منك ومنهم. وهذا كقوله تعالى: {سيعلمون غدًا من الكذّاب الأشر} [القمر: 26]، وكقوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبأ: 24].
قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ في هذه الآية: «ستعلم ويعلمون يوم القيامة».
وقال العوفيّ، عن ابن عباس: {بأيّيكم المفتون} أي: الجنون. وكذا قال مجاهدٌ، وغيره. وقال قتادة وغيره: {بأيّيكم المفتون} أي: «أولى بالشّيطان».
ومعنى المفتون ظاهرٌ، أي: الّذي قد افتتن عن الحقّ وضلّ عنه، وإنما دخلت الباء في قوله: {بأيّيكم المفتون} لتدلّ على تضمين الفعل في قوله: {فستبصر ويبصرون} وتقديره: فستعلم ويعلمون، أو: فستخبر ويخبرون بأيّكم المفتون. واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 190]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة