العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:09 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الملك [ من الآية (13) إلى الآية (22) ]

{ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:10 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأسرّوا قولكم أو اجهروا به}. يقول جلّ ثناؤه: وأخفوا قولكم وكلامكم أيّها النّاس أو أعلنوه وأظهروه. {إنّه عليمٌ بذات الصّدور}. يقول: إنّه ذو علمٍ بضمائر الصّدور الّتي لم يتكلّم بها، فكيف بما نطق به وتكلّم به، أخفي ذلك أو أعلن، لأنّ من لم تخف عليه ضمائر الصّدور فغيرها أحرى أن لا يخفى عليه). [جامع البيان: 23 / 127]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللّطيف الخبير (14) هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النّشور}.
يقول تعالى ذكره: ألا يعلم الرّبّ جلّ ثناؤه من خلق من خلقه؟ يقول: كيف يخفى عليه خلقه الّذي خلق وهو اللّطيف بعباده الخبير بهم وبأعمالهم). [جامع البيان: 23 / 127]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) }

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى {مناكبها} قال: «في جبالها
»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /305]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة عن الحسن قال:
«لما خلق الله الأرض كادت تميد فقالوا ما هذه بمقرة على ظهرها فأصبحوا وقد خلقت الجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /306]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مناكبها}: جوانبها). [صحيح البخاري: 6 / 158]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مناكبها جوانبها قال أبو عبيدة في قوله تعالى {فامشوا في مناكبها} أي جوانبها وكذا قال الفرّاء). [فتح الباري: 8 / 660]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مناكبها جوانبها
أشار به إلى قوله تعالى: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [تبارك: 15] أي: امشوا في جوانب الأرض، وكذا فسره الفراء، وأصل المنكب الجانب، وعن ابن عبّاس وقتادة: جبالها، وعن مجاهد: طرقها). [عمدة القاري: 19 / 254]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مناكبها}) في قوله تعالى: {فامشوا في مناكبها} أي (جوانبها).
قال في فتوح الغيب قوله: مناكبها استعارة تمثيلية أو تحقيقية لأن القصد الأرض أما ناحيتها أو جبالها فنسبة الذلول إليها ترشيح ونسبة المشي تجريد. قال الراغب: المنكب مجتمع ما بين العضد والكتف ومنه استعير للأرض المنكب في قوله تعالى: {فامشوا في مناكبها} كما استعير لها الظهر في قوله: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} [فاطر: 45] ). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولاً}. يقول تعالى ذكره: اللّه الّذي جعل لكم الأرض ذلولاً سهلاً سهّلها لكم {فامشوا في مناكبها}.
واختلف أهل العلم في معنى مناكبها فقال بعضهم: مناكبها: جبالها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في مناكبها}. يقول: «جبالها».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن بشير بن كعبٍ، أنّه قرأ هذه الآية: {فامشوا في مناكبها}. فقال لجاريةٍ له: «إن دريت ما مناكبها فأنت حرّةٌ لوجه اللّه» قالت: فإنّ مناكبها: جبالها، فكأنّما سفع في وجهه، ورغب في جاريته. فسأل، منهم من أمره، ومنهم من نهاه، فسأل أبا الدّرداء، فقال: «الخير في طمأنينةٍ، والشّرّ في ريبةٍ، فذر ما يريبك إلى ما لا يريبك».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدّثني أبي، عن قتادة عن بشير بن كعبٍ، بمثله سواءً.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فامشوا في مناكبها} جبالها.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {في مناكبها}. قال: «في جبالها».
وقال آخرون: مناكبها أطرافها ونواحيها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فامشوا في مناكبها} يقول: «امشوا في أطرافها».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيدٍ، عن قتادة، أنّ بشير بن كعبٍ العدويّ، قرأ هذه الآية {فامشوا في مناكبها} فقال لجاريته: «إن أخبرتني ما مناكبها، فأنت حرّةٌ»، فقالت: نواحيها؛ فأراد أن يتزوّجها، فسأل أبا الدّرداء، فقال: «إنّ الخير في طمأنينةٍ، وإنّ الشّرّ في ريبةٍ، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فامشوا في مناكبها} قال: «طرقها وفجاجها».
وأولى القولين عندي بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أنّ نواحيها نظير مناكب الإنسان الّتي هي من أطرافه.
وقوله: {وكلوا من رزقه}. يقول: وكلوا من رزق اللّه الّذي أخرجه لكم من مناكب الأرض. {وإليه النّشور}. يقول تعالى ذكره: وإلى اللّه نشركم من قبوركم). [جامع البيان: 23/ 127-129]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء ،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {فامشوا في مناكبها} «يعني في أطرافها وفجاجها»). [تفسير مجاهد: 2 /685]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 15 - 29
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مناكبها} قال: «جبالها».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {مناكبها} قال: «أطرافها».
وأخرج ابن المنذر عن قتادة أن بشير بن كعب قرأ هذه الآية {فامشوا في مناكبها} فقال لجاريته: «إن دريت ما مناكبها فأنت حرة لوجه الله» قالت: فإن مناكبها جبالها فسأل أبا الدرداء رضي الله عنه فقال: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {مناكبها} قال: أطرافها وفجاجها). [الدر المنثور: 14 / 609-610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان والحكيم الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف».
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد محترفا».
وأخرج الحكيم الترمذي عن معاوية بن قرة قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوم فقال: «من أنتم» قالوا: المتوكلون فقال: «أنتم المتأكلون إنما المتوكل رجل ألقى حبه في بطن الأرض وتوكل على ربه»). [الدر المنثور: 14 / 611]

تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (16) أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا فستعلمون كيف نذير}.
يقول تعالى ذكره: {أأمنتم من في السّماء} أيّها الكافرون {أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور}. يقول: فإذا الأرض تذهب بكم وتجيء وتضطرّب). [جامع البيان: 23 / 129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أأمنتم من في السماء} قال: «الله تعالى» وفي قوله: {فإذا هي تمور} قال: « يمور بعضها فوق بعض واستدارتها»). [الدر المنثور: 14 / 611-612] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({أم أمنتم من في السّماء} وهو اللّه {أن يرسل عليكم حاصبًا}: وهو التّراب فيه الحصباء الصّغار. {فستعلمون كيف نذير} يقول: فستعلمون أيّها الكفرة كيف عاقبة نذيري لكم، إذ كذبتم به، ورددتموه على رسولي). [جامع البيان: 23 / 129]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير (18) أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن ما يمسكهنّ إلاّ الرّحمن إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولقد كذّب الّذين من قبل هؤلاء المشركين من قريشٍ من الأمم الخالية رسلهم {فكيف كان نكير}. يقول: فكيف كان نكيري تكذيبهم إيّاهم). [جامع البيان: 23 / 130]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {صافات ويقبضن} قال: الطائر يصف جناحيه كما رأيت ثم يقبضهما). [تفسير عبد الرزاق: 2 /305]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ويقبضن}: يضربن بأجنحتهنّ " وقال مجاهدٌ: {صافّاتٍ}: «بسط أجنحتهنّ»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله {ويقبضن} يضربن بأجنحتهنّ كذا لغير أبي ذرٍّ هنا ووصله الفريابيّ وقد تقدّم في بدء الخلق قوله وقال مجاهدٌ: {صافّاتٍ} «بسط أجنحتهنّ» سقط هذا لأبي ذرٍّ هنا ووصله الفريابيّ وقد تقدّم في بدء الخلق أيضًا). [فتح الباري: 8 / 661]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد: {صافات} «بسط أجنحتهن ونفور الكفور»
قال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله :{إلى الطير فوقهم صافات} قال: «بسطهن أجنحتهن»
وقال عبد عن شبابة عن ورقاء مثله). [تغليق التعليق: 4 / 346]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ويقبضن: يضربن بأجنحتهنّ
أشار به إلى قوله تعالى: {ويقبض ما يمسكهن إلاّ الرّحمن أنه بكل شيء بصير} [تبارك: 19] وفسره بقوله: يضربن بأجنحتهن) المعنى: ما يمسك الطّيور. أي: ما يحبسهن في حال القبض والبسط أن يسقطن، إلاّ الرّحمن، ولم يثبت هذا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19 / 254-255]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: {صافّاتٍ} «بسط أجنحتهنّ»
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات} وقال:« (صافات بسط أجنحتهن) يعني: في الطيران تطير وتقبض أجنحتها بعد انبساطها»، ولم يثبت هذا أيضا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19 / 255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {ويقبضن} أي (يضربن بأجنحتهن. وقال مجاهد فيما وصله الفريابي في قوله: {صافات} «هو بسط أجنحتهن» وسقط قوله ويقبضن إلى هنا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ}. يقول: أو لم ير هؤلاء المشركون {إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ} أجنحتهنّ {ويقبضن} يقول: ويقبضن أجنحتهنّ أحيانًا؟ وإنّما عني بذلك أنّها تصفّ أجنحتها أحيانًا، وتقبض أحيانًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، مقال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {صافّاتٍ}. قال: «الطّير يصفّ جناحه كما رأيت، ثمّ يقبضه».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {صافّاتٍ ويقبضن} «بسطهنّ أجنحتهنّ وقبضهنّ».
وقوله: {ما يمسكهنّ إلاّ الرّحمن}. يقول: ما يمسك الطّير الصّافّات فوقكم إلاّ الرّحمن؛ يقول: فلهم بذلك مذكرٌ إن ذكّروا، ومعتبرٌ إن اعتبروا، يعلمون به أنّ ربّهم واحدٌ لا شريك له. {إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ}. يقول: إنّ اللّه بكلّ شيءٍ ذو بصرٍ وخبرةٍ، لا يدخل تدبيره خللٌ، ولا يرى في خلقه تفاوتٌ). [جامع البيان: 23 / 130-131]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، {فوقهم صافات} قال: {الصافات} «بسط أجنحتهن وتلذعهن وقبضهن»). [تفسير مجاهد: 2/ 685]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أأمنتم من في السماء} قال: «الله تعالى» وفي قوله: {فإذا هي تمور} قال:« يمور بعضها فوق بعض واستدارتها» وفي قوله: {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات} قال: «يبسطن أجنحتهن» {ويقبضن} قال: «يضربن بأجنحتهن»). [الدر المنثور: 14 / 611-612]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن إن الكافرون إلاّ في غرورٍ}.
يقول تعالى ذكره: للمشركين به من قريش: من هذا الّذي هو جندٌ لكم أيّها الكافرون به، ينصركم من دون الرّحمن إن أراد بكم سوءًا، فيدفع عنكم ما أراد بكم من ذلك، {إن الكافرون إلاّ في غرورٍ}. يقول تعالى ذكره: ما الكافرون باللّه إلاّ في غرورٍ من ظنّهم أنّ آلهتهم تقرّبهم إلى اللّه زلفى، وأنّها تنفع أو تضرّ). [جامع البيان: 23 / 131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {إلا في غرور} قال: «في باطل»، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: «نعم أما سمعت قول حسان»:
تمنتك الأماني من بعيد.......وقول الكفر يرجع في غرور
). [الدر المنثور: 14 / 612]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ونفورٌ} : «الكفور»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {ونفورٍ} الكفور وصله عبد بن حميد والطبري من طريق بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «كفورٍ» وذكر عياضٌ أنّه وقع عند الأصيليّ ونفورٍ تفور كقدرٍ أي بفتح المثنّاة تفسير قوله: {سمعوا لها شهيقًا وهي تفور} قال: وهي أوجه من الأوّل وقال في موضعٍ آخر هذا أولى وما عداه تصحيفٌ فإن تفسير نفورٍ بالنّون بكفورٍ بعيدٌ قلت استبعده من جهة أنّه معنًى فلا يفسّر بالذّات لكن لا مانع من ذلك على إرادة المعنى وحاصله أنّ الّذي يلجّ في عتوّه ونفوره هو الكفور). [فتح الباري: 8 / 661]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وعن ورقاء، عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد في قوله {في عتو ونفور} قال: «كفور»). [تغليق التعليق: 4 / 346]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ونفورٍ: الكفور
أشار به إلى قوله تعالى: {بل لجوا في عتو ونفور} [تبارك: 21] وفسّر النفور بالكفور، ورواه الحنظلي عن حجاج، عن شبابة، عن شبابة، عن ورقاء عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد. وقال الثّعلبيّ: معنى {عتو}« تمادٍ في الضلال»، ومعنى: {نفور} «تباعد من الحق وأصله من النفرة»). [عمدة القاري: 19 / 255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ونفور}) في قوله تعالى: {بل لجوا في عتوّ ونفور} قال مجاهد: «هو الكفور» فيما وصله عبد بن حميد). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ}.
يقول تعالى ذكره: أم من هذا الّذي يطعمكم ويسقيكم، ويأتي بأقواتكم إن أمسك بكم رزقه الّذي يرزقه عنكم؟.
وقوله: {بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ}. يقول: بل تمادوا في طغيانٍ ونفورٍ عن الحقّ واستكبارٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ} يقول: «في ضلالٍ».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ}. قال: «كفورٍ»). [جامع البيان: 23 / 131-132]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ،قال: ثنا آدم، قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدـ {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «النفور الكفور»). [تفسير مجاهد: 2/ 685-686]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «في الضلال».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «كفور»). [الدر المنثور: 14 / 612] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبا} قال: هو الكافر عمل بمعصية الله فيحشره الله يوم القيامة على وجهه فذكر أنه قيل للنبي كيف يمشون على وجوههم قال: «إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 305]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} قال: «المؤمن عمل بطاعة الله فحشره الله على طاعته»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 305]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: {أفمن يمشي} أيها الناس { مكبًّا على وجهه} لا يبصر ما بين يديه، وما عن يمينه وشماله { أهدى}: أشدّ استقامة على الطريق، وأهدى له، {أمّن يمشي سويًّا} مشي بني آدم على قدميه { على صراطٍ مستقيمٍ} يقول: على طريق لا اعوجاج فيه.
وقيل { مكبًّا} لأنه فعل غير واقع، وإذا لم يكن واقعا أدخلوا فيه الألف، فقالوا: أكبّ فلان على وجهه، فهو مكبّ؛ ومنه قول الأعشى:
مكبا على روقيه يحفر عرقها.......على ظهر عريان الطّريقة أهيما.
فقال: مكبا، لأنه فعل غير واقع، فإذا كان واقعا حذفت منه الألف، فقيل: كببت فلانا على وجهه وكبه الله على وجهه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}. يقول: «من يمشي في الضّلالة أهدى، أمّن يمشي مهتديًا»؟.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {مكبًّا على وجهه} قال: «في الضّلالة» {أمّن يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}. قال: «حقٌّ مستقيمٌ».
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه} يعني «الكافر {أهدى أمّن يمشي سويًّا}. المؤمن، ضرب اللّه مثلاً لهما».
وقال آخرون: بل عنى بذلك أنّ الكافر يحشره اللّه يوم القيامة على وجهه، فقال: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه} يوم القيامة {أهدى أمّن يمشي سويًّا} يومئذٍ؟.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى}: هو الكافر أكبّ على معاصي اللّه في الدّنيا، حشره اللّه يوم القيامة على وجهه. فقيل: يا نبيّ اللّه، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: «إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يحشره يوم القيامة على وجهه».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه}. قال: هو الكافر يعمل بمعصية اللّه، فيحشره اللّه يوم القيامة على وجهه. قال معمرٌ: قيل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: «إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}. قال: «المؤمن عمل بطاعة اللّه، فيحشره اللّه على طاعته»). [جامع البيان: 23 / 132-134]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: نا آدمـ قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {مكبا على وجهه} «يعني في الضلالة» {أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} «يعني على الحق المستقيم»). [تفسير مجاهد: 2/ 686]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «في الضلال».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {بل لجوا في عتو ونفور} قال: «كفور» وفي قوله: {أفمن يمشي مكبا على وجهه} قال: «في الضلالة» {أم من يمشي سويا على صراط مستقيم} قال: «على الحق المستقيم»). [الدر المنثور: 14 / 612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {أفمن يمشي مكبا} قال: «في الضلال» {أم من يمشي سويا} قال: «مهتديا».
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أفمن يمشي مكبا على وجهه} قال: «هو الكافر عمل بمعصية الله فحشره الله يوم القيامة على وجهه» {أم من يمشي سويا على صراط مستقيم} «يعني المؤمن عمل بطاعة الله يحشره الله على طاعته» وفي قوله: {فلما رأوه} قال: «لما رأوا عذاب الله» {زلفة سيئت وجوه الذين كفروا} قال: «ساءت بما رأت من عذاب الله وهوانه»). [الدر المنثور: 14 / 612-613]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:12 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فامشوا في مناكبها...} في جوانبها). [معاني القرآن: 3/ 171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" في مناكبها " في جوانبها). [مجاز القرآن: 2/ 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مناكبها}: جوانبها). [غريب القرآن وتفسيره: 381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {فامشوا في مناكبها} أي جوانبها. «ومنكبا الرجل»: جانباه).
[تفسير غريب القرآن: 474]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النّشور} معناه في جبالها، وقيل في جوانبها، وقيل في طرقها.
وأشبه التفسير - واللّه أعلم - تفسير من قال في جبالها، لأن قوله: {هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولا}، معناه سهّل لكم السلوك فيها، فإذا أمكنكم السلوك في جبالها فهو أبلغ في التذليل.
قوله: {وإليه النّشور} معناه: إن اللّه الذي خلق السّماوات بغير عمد لا تفاوت فيها وخلق الأرض وذللها لكم قادر على أن ينشركم، أي يبعثكم). [معاني القرآن: 5/ 199-200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فِي مَنَاكِبِهَا} أي جوانبها. ومَنْكِبا الرجل: جانباه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَنَاكِبِهَا}: جوانبها {النُّشُور}: البعث). [العمدة في غريب القرآن: 308]


تفسير قوله تعالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أأمنتم...} يجوز فيه أن تجعل بين الألفين ألفا غير مهموزة، كما يقال: {آأنتم}، {آإذ متنا}. كذلك، فافعل بكل همزتين تحركتا فزد بينهما مدة، وهي من لغة بني تميم). [معاني القرآن: 3/ 171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فإذا هي تمور} كما يمور السحاب). [مجاز القرآن: 2/ 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({تمور}: تتكفأ). [غريب القرآن وتفسيره: 381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
({فإذا هي تمور} أي تدور، كما يمور السحاب: إذا دار وجاء وذهب).
[تفسير غريب القرآن: 474]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور} معنى تمور تدور). [معاني القرآن: 5/ 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هِيَ تَمُورُ} أي تدور). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَمُورُ}: تضطرب). [العمدة في غريب القرآن: 308]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فستعلمون كيف نذير} أي إنذاري). [تفسير غريب القرآن: 474]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أم: تكون بمعنى أو، كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}، وكقوله: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى}.
هكذا قال المفسرون، وهي كذلك عند أهل اللغة في المعنى، وإن كانوا قد يفرقون بينهما في الأماكن). [تأويل مشكل القرآن: 546]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير} أي كما أرسل على قوم لوط الحجارة التي حصبتهم). [معاني القرآن: 5/ 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَاصِباً} الحصباء حجارة صغار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 273]


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير}وقال: {فكيف كان نكير} أي: إنكاري). [معاني القرآن: 4/ 33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وكذلك: {فكيف كان نكير} أي إنكاري). [تفسير غريب القرآن: 474]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ} باسطات أجنحتهن ويقبضن فيضربن بأجنحتهن). [مجاز القرآن: 2/ 262]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن ما يمسكهنّ إلاّ الرحمن إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ}وقال: {إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ} فجمع لأن "الطير" جماعة مثل قولك "صاحب" و"صحب" و"شاهد" و"شهد" و"راكب" و"ركب"). [معاني القرآن: 4/ 33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {صافات}: باسطات أجنحتهن.
{ويقبضن}: يضربن بأجنحتهن). [غريب القرآن وتفسيره: 382]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {صافّاتٍ}: باسطات أجنحتهن، {ويقبضن}: يضربن بها جنوبهن). [تفسير غريب القرآن: 474]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّات ويقبضن ما يمسكهنّ إلّا الرّحمن إنّه بكلّ شيء بصير} بين لهم بخلق السّماوات والأرضين ما دلّهم على توحيده، وبين لهم بتسخير الطير في جو السماء صافات أجنحتهنّ وقابضاتها.
{ما يمسكهنّ إلّا الرّحمن} بقدرته). [معاني القرآن: 5/ 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَافَّاتٍ} باسطات أجنحتهن. {وَيَقْبِضْنَ} أي يضربن بها جنوبهنّ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَافَّاتٍ}: باسطة الأجنحة. [العمدة في غريب القرآن: 308]
{وَيَقْبِضْنَ}: يضربن بها). [العمدة في غريب القرآن: 309]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى (ما)، كقوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}، و{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً}، و{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 552]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)}


تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن يمشي مكبّاً على وجهه...}.تقول: قد أكبّ الرجل: إذا كان فعله غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل أسقطت الألف،فتقول: قد كبّه الله لوجهه، وكببته أنا لوجهه). [معاني القرآن: 3/ 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أفمن يمشي مكبًّا على وجهه}: لا يبصر يمينا، ولا شمالا، ولا ما بين يديه. يقال: أكبّ فلان على وجهه (بالألف)، وكبّه اللّه لوجهه. وأراد: الأعمى). [تفسير غريب القرآن: 474]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويّا على صراط مستقيم (22)} أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن المؤمن سالك الطريقة المستقيمة، وأن الكافر في ضلالته بمنزلة الذي يمشي مكبّا على وجهه.
وجاء في التفسير أن الكافر يمشي على وجهه في الآخرة.
وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف يمشون على وجوههم؟ فقال: «الذي مشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم»). [معاني القرآن: 5/ 200]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:16 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا انعم صباحًا أيها الطلل البالي.......وهل ينعمن من كان في العصر الخالي
...
وقال: (ألا) كلمة يستفتح بها الكلام.
قال أبو حاتم: في كتاب الله جل وعز: {ألا إنهم يثنون صدورهم} ويقال للأعرابي: هل رأيت فلانا؟ فيقول: ألا لا!! فقوله: (ألا) زائدة، مفتاح كلام.
وكان الحسن يقول في خطبة النكاح: «ألا وإن فلانا قد خطب إليكم» ...
وأما قول الله جل وعز: {ألا يعلم من خلق} فهذه (لا) أدخلت عليها ألف الاستفهام، كما يقال: أليس تعلم؟ فليس للنفي، وكذلك (لا) للنفي أدخلت عليها ألف الاستفهام، وكذلك (ألم)؟). [شرح ديوان امرئ القيس: 301-302] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وللنونات أحكام نذكرها، ثم نعود إلى سائر الحروف.
اعلم أن النون إذا وليها حرف من حروف الفم فإن مخرجها معه من الخياشيم لا يصلح غير ذلك.
وذلك لأنهم كرهوا أن يجاوروا بها مالا يمكن أن يدغم معه إذا وجدوا عن ذلك مندوحة. وكان العلم بها أنها نون كالعلم بها وهي من الفم. وذلك قولك: من قال، ومن جاء؟ ولا تقول: من قال، ومن جاء؟ فتبين، وكذلك من سليمان؟ {ويلٌ يومئذٍ للمكذبين} ولا تقول: من سليمان؟ ولا {ويلٌ يومئذٍ للمكذبين} فتبين.
فإن كان معها حرف من حروف الحلق أمن عليها القلب، فكان مخرجها من الفم لا من الخياشيم لتباعد ما بينهما، وذلك قولك: من هو؟ فتظهر مع الهاء وكذلك من حاتم؟، ولا تقول: من حاتم؟ فتخفى، وكذلك من عليّ؟ وأجود القراءتين {ألا يعلم من خلق} فتبين.
وإنما قلت: أجود القراءتين، لأن قوما يجيزون إخفاءها مع الخاء والغين خاصة؛ لأنهما أقرب حروف الحلق إلى الفم فيقولون: منخل، ومنغل. وهذا عندي لا يجوز.
ولا يكون أبدا مع حروف الحلق إلا الأظهار). [المقتضب: 1/ 350-351] (م)

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) }

تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وما تكون لغير الآدميين؛ نحو ما تركب أركب، وما تصنع أصنع. فإن قلت: ما يأتني آته تريد: الناس لم يصلح.
فإن قيل: فقد قال الله عز وجل: {والسماء وما بناها}. ومعناه: ومن بناها، وكذلك {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
قيل: قد قيل ذلك. والوجه الذي عليه النحويون غيره، إنما هو والسماء وبنائها، وإلا على أزواجهم أو ملك أيمانهم. فهي مصادر وإن دلت على غيرها ممن يملك. كقولك: هذا ملك يمينك، وهذا الثوب نسج اليمن وهذا الدرهم ضرب الأمير. ولو كان على ما قالوا لكان على وضع النعت في موضع المنعوت لأن ما إنما تكون لذوات غير الآدميين. ولصفات الآدميين. تقول: من عندك؟ فيقول: زيدٌ. فتقول: ما زيدٌ؟ فيقول: جوادٌ أو بخيلٌ أو نحو ذلك، فإنما هو لسؤال عن نعت الآدميين. والسؤال عن كل ما يعقل ب من كما قال عز وجل: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ من لله عز وجل؛ كما قال: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} وهذا في القرآن أكثر. وقال تبارك اسمه: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته}. يعني الملائكة. وكذلك في الجن في قوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً} فهذا قولي لك: إنها لما يخاطب ويعقل). [المقتضب: 2/ 51-52] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: أي الرجلين هندٌ ضاربها أبوها، لم يكن كلاماً؛ لأن أيّاً ابتداءٌ ولم تأت له بخبر.
فإن قلت: هند ضاربها أبوها في موضع خبره لم يجز؛ لأن الخبر إذا كان غير الابتداء فلا بد من راجع إليه.
ولو قلت: أي من في الدار إن يأتيا نأته، كان جيد. كأنك قلت: أي القوم إن يأتنا نأته؛ لأن من تكون جمعاً على لفظ الواحد وكذلك الاثنان. قال الله عز وجل: {ومنهم من يستمع إليك} وقال: {ومنهم من يستمعون إليك} وقال: {ومنهم من يؤمن به} فحمل على اللفظ. وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} فحمل مرة على اللفظ، ومرة على المعنى. وقال الشاعر، فحمل على المعنى:

تعش، فإن عاهدتني لا تخونني.......نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فهذا مجاز هذه الحروف.
فأما من فإنه لا يعنى بها في خبرٍ ولا استفهام ولا جزاءٍ إلا ما يعقل. لا تقول في جواب من عندك?: فرسٌ ولا متاع، إنما تقول: زيدٌ أو هند. قال الله عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه} وقال عز وجل يعني الملائكة: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته} وقال جل اسمه: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}.
فأما ما فتكون لذوات غير الآدميين، ولنعوت الآدميين. إذا قال: ما عندك؟ قلت: فرسٌ، أو بعيرٌ، أو متاع أو نحو ذلك. ولا يكون جوابه زيدٌ ولا عمرو. ولكن يجوز أن يقول: ما زيدٌ؟ فتقول: طويلٌ أو قصير أو عاقل أو جاهل.
فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على ما يعقل.
ومن كلام العرب: سبحان ما سبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا.
وقال عز وجل: {والسماء وما بناها}. فقال قوم: معناه: ومن بناها. وقال آخرون: إنما هو: والسماء وبنائها. كما تقول: بلغني ما صنعت، أي صنيعك؛ لأن ما إذا وصلت بالفعل كانت مصدراً.
وكذلك قوله عز وجل: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} قال قوم: معناه: أو ملك أيمانهم. وقال آخرون: بل هو: أو من.
فأما أي والذي فعامتان، تقعان على كل شيءٍ على ما شرحته لك في أي خاصةً). [المقتضب: 2/ 294-295] (م)


تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) }

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) }

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) }

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب أن إن
فإن مفتوحةً تكون على وجوه:
فأحدها أن تكون فيه أن وما تعمل فيه من الأفعال بمنزلة مصادرها.
والآخر أن تكون فيه بمنزلة أي ووجهٌ آخر تكون فيه لغواً ووجهٌ آخر هي فيه مخففةً من الثقيلة فأما الوجه الذي تكون فيه لغواً فنحو قولك لما أن جاءوا ذهبت وأما والله أن لو فعلت لأكرمتك.

وأما إن فتكون للمجازاة وتكون أن يبتدأ ما بعدها في معنى اليمين وفي اليمين كما قال الله عز وجل: {إن كل نفس لما عليها حافظ}: {وإن كل لما جميع لدينا محضرون}.
وحدثني من لا أتهم عن رجل من أهل المدينة موثوق به أنه سمع عربياً يتكلم بمثل قولك إن زيدٌ لذاهبٌ وهي التي في قوله جل ذكره: {وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين} وهذه إن محذوفةٌ.
وتكون في معنى ما قال الله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرور} أي ما الكافرون إلا في غرور). [الكتاب: 3/ 151-152] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقع أن في موضع أي الخفيفة للعبارة والتفسير كقوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. معناه أي امشوا. ولا تقع إلا بعد كلام تام؛ لأنه إنما يفسر بعد تمامه.
وتقع زائدةً توكيدا كقولك: لما أن جاء ذهبت. والله أن لو فعلت لفعلت. فإن حذفت لم تخلل بالمعنى. فهذه أربعة أوجه: وكذلك المكسورة تقع على أربعة أوجه: فمنهم الجزاء؛ نحو إن تأتني آتك.
ومنهم أن تكون في معنى ما، نحو إن زيد في الدار: أي ما زيد في الدار.
وقال الله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرور} وقال: {إن يقولون إلا كذبا}.
وتكون مخففة من الثقيلة. فإذا كانت كذلك لزمتها اللام في خبرها لئلا تلتبس بالنافية. وذلك قولك: إن زيدٌ لمنطلقٌ.
وقال الله عز وجل {إن كل نفسٍ لما عليها حافظٌ}.
فإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام؛ نحو إن زيدا منطلق؛ لأن النصب قد أبان. وجاز النصب بها إذا كانت مخففة من الثقيلة، وكانت الثقيلة إنما نصبت لشبهها بالفعل، فلما حذف منها صار كفعل محذوف، فعمل الفعل واحدٌ وإن حذف منك كقولك: لم يك زيد منطلقا وكقولك: عِ كلاما). [المقتضب: 1/ 188-189] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن وإن الخفيفتين
اعلم أن أن تكون في الكلام على أربعة أوجه: فوجه: أن تكون هي والفعل الذي تنصبه مصدراً؛ نحو قولك: أريد أن تقوم يا فتى؛ أي: أريد قيامك، وأرجو أن تذهب يا فتى، أي: أرجو ذهابك. فمن ذلك قول الله: {وأن تصوموا خيرٌ لكم} أي والصيام خير لكم. ومثله: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}.
ووجه آخر: أن تكون مخففة من الثقيلة. وذلك قوله عز وجل: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}. لو نصبت بها وهي مخففة لجاز. فإذا رفعت ما بعدها فعلى حذف التثقيل والمضمر في النية، فكأنه قال: إنه الحمد لله رب العالمين. وقد مضى تفسير هذا في موضع عملها خفيفةً.
والوجه الثالث أن تكون في معنى أي التي تقع للعبارة والتفسير، وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. ومثله: بينت له الحديث أن قد كان كذا وكذا. تريد: أي امشوا، وأي قد كان كذا وكذا.
ووجه رابع: أن تكون زائدة مؤكدة؛ وذلك قولك: لما أن جاء زيد قمت، ووالله أن لو فعلت لأكرمتك.
وأما إن المكسورة فإن لها أربعة أوجه مخالفةً لهذه الوجوه.
فمن ذلك إن الجزاء؛ وذلك قولك: إن تأتني آتك، وهي أصل الجزاء؛ كما أن الألف أصل الاستفهام.
وتكون في معنى ما. تقول: إن زيد منطلق، أي: ما زيد منطلق.
وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر؛ لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره؛ كما تدخل ألف الاستفهام فلا تغيره. وذلك كمذهب بني تميم في ما.
وغيره يجيز نصب الخبر على التشبيه بليس؛ كما فعل ذلك في ما. وهذا هو القول، لأنه لا فصل بينها وبين ما في المعنى، وذلك قوله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرورٍ} وقال: {إن يقولون إلا كذباً}. فهذان موضعان.
والموضع الثالث: أن تكون إن المكسورة المخففة من الثقيلة، فإذا رفعت ما بعدها لزمك أن تدخل اللام على الخبر، ولم يجز غير ذلك؛ لأن لفظها كلفظ التي في معنى ما، وإذا دخلت اللام علم أنها الموجبة لا النافية، وذلك قولك: إن زيداً لمنطلق. وعلى هذا قوله عز وجل: {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} {وإن كانوا ليقولون}.
وإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام إلا أن تدخلها توكيداً؛ كما تقول: إن زيداً لمنطلق.
والموضع الرابع: أن تدخل زائدةً مع ما، فتردها إلى الابتداء، كما تدخل ما على إن الثقيلة، فتمنعها عملها، وتردها إلى الابتداء في قولك: إنما زيد أخوك، و{إنما يخشى الله من عباده العلماء} وذلك قولك: ما إن يقوم زيد، وما إن زيدٌ منطلق. لا يكون الخبر إلا مرفوعاً لما ذكرت لك. قال زهير:
ما إن يكاد يخليهم لوجهتـهـم.......تخالج الأمر إن الأمر مشترك
وقال الآخر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن.......منايانا ودولة آخرينـا
فإن قال قائل: فما بالها لما خففت من الثقيلة المكسورة اختير بعدها الرفع، ولم يصلح ذلك في المخففة من المفتوحة إلا أن ترفع على أن يضمر فيها? قيل: لأن المفتوحة وما بعدها مصدرٌ، فلا معنى لها للابتداء، والمكسورة، إنما دخلت على الابتداء وخبره، فلما نقصت عن وزن الفعل رجع الكلام إلى أصله.
ومن رأى النصب بها أو بالمفتوحة مع التخفيف قال: هما بمنزلة الفعل، فإذا خففتا كانتا بمنزلة فعل محذوف منه، فالفعل يعمل محذوفاً عمله تاماً. فذلك قولك: لم يك زيداً منطلقاً، فعمل عمله والنون فيه. والأقيس الرفع فيما بعدها، لأن إن إنما أشبهت الفعل باللفظ لا بالمعنى، فإذا نقص اللفظ ذهب الشبه. ولذلك الوجه الآخر وجهٌ من القياس كما ذكرت لك.
وكان الخليل يقرأ إن هذان لساحران، فيؤدي خط المصحف ومعنى إن الثقيلة في قراءة ابن مسعود إن ذان لساحران). [المقتضب: 2/ 358-361] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:51 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:52 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:53 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:53 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأسرّوا قولكم أو اجهروا به} مخاطبة لجميع الخلق.
قال ابن عباس: «سببها أن المشركين قال بعضهم لبعض: أسروا قولكم لا يسمعكم إله محمد، فالمعنى أن الأمر سواء عند الله لأنه يعلم ما هجس في الصدور دون أن ينطق به، فكيف إذا ينطق به سرا أو جهرا، وذات الصّدور، ما فيها، وهذا كما قال: الذئب مغبوط بذي بطنه»، وقد تقدم تفسيره غير ما مرة). [المحرر الوجيز: 8/ 356-357]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ألا يعلم من خلق} اختلف الناس في إعراب: من، فقال بعض النحاة: إعرابها رفع، كأنه قال: ألا يعلم الخالق خلقه؟ فالمفعول على هذا محذوف، وقال قوم: إعرابها نصب، كأنه قال: ألا يعلم الله من خلق؟ قال مكي: وتعلق أهل الزيغ بهذا التأويل لأنه يعطي أن الذين خلقهم الله هم العباد من حيث قال: من فتخرج الأعمال عن ذلك، لأن المعتزلة تقول: العباد يخلقون أعمالهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وتعلقهم بهذا التأويل ضعيف، والكلام مع المعتزلة في مسألة خلق الأعمال مأخذه غير هذا، لأن هذه الآية حجة فيها لهم ولا عليهم). [المحرر الوجيز: 8/ 357]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والذلول فعول بمعنى مفعول أي مذلول. فهي كركوب وحلوب، يقال: ذلول، بين الذل بضم الذال، واختلف المفسرون في معنى: المناكب، فقال ابن عباس: «أطرافها وهي الجبال»، وقال الفراء ومنذر بن سعيد: «جوانبها»، وهي النواحي، وقال مجاهد: «هي الطرف والفجاج»، وهذا قول جار مع اللغة، لأنها تنكب يمنة ويسرة، وينكب الماشي فيها، في مناكب.
وهذه الآية تعديد نعم في تقريب التصرف للناس، وفي التمتع فقي رزق الله تعالى، و{النّشور}: الحياة بعد الموت). [المحرر الوجيز: 8/ 357]

تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (16) أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير (17) ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير (18) أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن ما يمسكهنّ إلاّ الرّحمن إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ (19) أمّن هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن إن الكافرون إلاّ في غرورٍ (20)}
قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر: «أأمنتم» بهمزتين مخففتين دون مد، وقرأ أبو عمرو ونافع: «النشور آمنتم» بمد وهمزة، وقرأ ابن كثير: «النشور وأمنتم» ببدل الهمزة واوا لكونها بعد ضمة وهو بعد الواو. وقوله تعالى: {من في السّماء} جار على عرف تلقي البشر أوامر الله تعالى، ونزول القدر بحوادثه ونعمه ونقمه وآياته من تلك الجهة، وعلى ذلك صار رفع الأيدي والوجوه في الدعاء إلى تلك الناحية.
وخسف الأرض: أن تذهب سفلا، و{تمور} معناه: تذهب وتتموج كما يذهب التراب الموار وكما يذهب الدم الموار. ومنه قول الأعرابي: وغادرت التراب مورا). [المحرر الوجيز: 8/ 358]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والحاصب: البرد وما جرى مجراه لأنه في اللغة الريح ترمي بالحصباء، ومنه قول الفرزدق: [البسيط]
مستقبلين شمال الريح ترجمهم.......بحاصب كنديف القطن منشور
وقرأ جمهور السبعة: «فستعلمون» بالتاء، وقرأ الكسائي وحده: «فسيعلمون» بالياء، وقرأ السبعة وغيرهم: «نذير» بغير ياء على طريقهم في الفواصل المشبهة بالقوافي، وقرأ نافع في رواية ورش وحده:«نذيري» بالياء على الأصل، وكذلك في «نكيري» والنكير: مصدر بمعنى الإنكار، والنذير كذلك. ومنه قول حسان بن ثابت: [الوافر]
فأنذر مثلها نصحا قريشا.......من الرحمن ان قلبت نذيري
). [المحرر الوجيز: 8/ 358-359]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أحال على العبرة في أمر الطّير، وما أحكم من خلقتها وذلك بين عجز الأصنام والأوثان عنه، و: {صافّاتٍ} جمع صافة، وهي التي تبسط جناحيها وتصفهما حتى كأنها ساكنة، وقبض الجناح: ضمه إلى الجثة ومنه قول أبي خراش: [الطويل]
... ... ... ..........يحث الجناح بالتبسط والقبض
وهاتان حالان للطائر يستريح من إحداهما للأخرى. وقوله تعالى: {ويقبضن} عطف المضارع على اسم الفاعل وذلك جائز كما عطف اسم الفاعل على المضارع في قول الشاعر: [الرجز]
بات يغشّيها بعضب باتر.......يقصد في أسوقها وجائر
). [المحرر الوجيز: 8/ 359]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ طلحة بن مصرف: «أمن» بتخفيف الميم في هذه، وقرأ التي بعدها مثقلة كالجماعة والجند أعوان الرجل على مذاهبه، وقوله تعالى: إن الكافرون إلّا في غرورٍ خطاب لمحمد بعد تقرير، قل لهم يا محمد أمّن هذا). [المحرر الوجيز: 8/ 360]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أمّن هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ (21) أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ (22) قل هو الّذي أنشأكم وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون (23) قل هو الّذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (24) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (25)}
هذا أيضا توقيف على أمر لا مدخل للأصنام فيه، والإشارة بالرزق إلى المطر، لأنه عظم الأرزاق، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم: لجّوا وتمادوا في التمنع عن طاعة الله، وهو العتو في نفور، أي بعد عن الحق بسرعة ومبادرة، يقال: نفر عن الأمر نفورا، وإلى الأمر نفيرا، ونفرت الدابة نفارا). [المحرر الوجيز: 8/ 360]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف أهل التأويل في سبب قوله: {أفمن يمشي مكبًّا} الآية، فقال جماعة من رواة الأسباب: نزلت مثلا لأبي جهل بن هشام وحمزة بن عبد المطلب، وقال ابن عباس وابن الكلبي وغيره: نزلت مثلا لأبي جهل بن هشام ومحمد صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس أيضا ومجاهد والضحاك: نزلت مثالا للمؤمنين والكافرين على العموم، وقال قتادة: نزلت مخبرة عن حال القيامة، وإن الكفار يمشون فيها على وجوههم، والمؤمنون يمشون على استقامة، وقيل للنبي: كيف يمشي الكافر على وجهه؟ قال: «إن الذي أمشاه في الدنيا على رجليه قادر على أن يمشيه في الآخرة على وجهه».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فوقف الكفار على هاتين الحالتين حينئذ، ففي الأقوال الثلاثة الأول المشي مجاز يتخيل، وفي القول الرابع هو حقيقة يقع يوم القيامة ويقال: أكب الرجل، إذا رد وجهه إلى الأرض، وكبه: غبره، قال عليه السلام: «وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم»، فهذا الفعل خلاف للباب: أفعل لا يتعدى وفعل يتعدى، ونظيره قشعت الريح فأقشع، وأهدى في هذه الآية أفعل من الهدى، وقرأ طلحة: «أمن يمشي» بتخفيف الميم). [المحرر الوجيز: 8/ 360-361]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى منبّهًا على أنّه مطّلعٌ على الضّمائر والسّرائر: {وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنّه عليمٌ بذات الصّدور} أي: بما خطر في القلوب). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ألا يعلم من خلق}؟ أي: ألا يعلم الخالق. وقيل: معناه ألا يعلم اللّه مخلوقه؟ والأوّل أولى، لقوله: {وهو اللّطيف الخبير}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض وتذليله إيّاها لهم، بأن جعلها قارّةً ساكنةً لا تمتدّ ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال، وأنبع فيها من العيون، وسلك فيها من السّبل، وهيّأها فيها من المنافع ومواضع الزّروع والثّمار، فقال: {هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها} أي: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وتردّدوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتّجارات، واعلموا أنّ سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا، إلّا أن ييسّره اللّه لكم؛ ولهذا قال: {وكلوا من رزقه} فالسّعي في السّبب لا ينافي التّوكّل، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا حيوة، أخبرني بكر بن عمرٍو، أنّه سمع عبد اللّه بن هبيرة يقول: إنّه سمع أبا تميمٍ الجيشاني يقول: إنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: «لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله، لرزقكم كما يرزق الطّير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا».
رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه من حديث ابن هبيرة وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. فأثبت لها رواحًا وغدوًّا لطلب الرّزق، مع توكّلها على اللّه، عزّ وجلّ، وهو المسخّر المسيّر المسبّب. {وإليه النّشور} أي: المرجع يوم القيامة.قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وقتادة والسّدّيّ: {مناكبها} «أطرافها وفجاجها ونواحيها». وقال ابن عبّاسٍ وقتادة: {مناكبها} «الجبال».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن حكّامٍ الأزديّ، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبيرٍ، عن بشير بن كعبٍ: أنّه قرأ هذه الآية: {فامشوا في مناكبها} فقال لأمّ ولدٍ له: «إن علمت {مناكبها} فأنت عتيقةٌ». فقالت: هي الجبال. فسأل أبا الدّرداء فقال: «هي الجبال»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179-180]

تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (16) أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا فستعلمون كيف نذير (17) ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير (18) أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن ما يمسكهنّ إلّا الرّحمن إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ (19) }
وهذا أيضًا من لطفه ورحمته بخلقه أنّه قادرٌ على تعذيبهم، بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معه غيره وهو مع هذا يحلم ويصفح، ويؤجّل ولا يعجّل، كما قال: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مسمًّى فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا} [فاطرٍ: 45].
وقال هاهنا: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور} أي: تذهب وتجيء وتضطرب، {أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا} أي: ريحًا فيها حصباء تدمغكم، كما قال: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البرّ أو يرسل عليكم حاصبًا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا} [الإسراء: 68]. وهكذا توعّدهم هاهنا بقوله: {فستعلمون كيف نذير} أي: كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلّف عنه وكذّب به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {ولقد كذّب الّذين من قبلهم} أي: من الأمم السّالفة والقرون الخالية، {فكيف كان نكير} أي: فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟ أي: عظيمًا شديدًا أليمًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن} أي: تارةً يصفّفن أجنحتهنّ في الهواء، وتارةً تجمع جناحًا وتنشر جناحًا {ما يمسكهنّ} أي: في الجوّ {إلا الرّحمن} أي: بما سخّر لهنّ من الهواء، من رحمته ولطفه، {إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ} أي: بما يصلح كلّ شيءٍ من مخلوقاته. وهذه كقوله: {ألم يروا إلى الطّير مسخّراتٍ في جوّ السّماء ما يمسكهنّ إلا اللّه إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [النّحل: 79] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أم من هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن إن الكافرون إلا في غرورٍ (20) أم من هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ (21) أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ (22) قل هو الّذي أنشأكم وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (23) قل هو الّذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (24) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (25) قل إنّما العلم عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ (26) فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدّعون (27)}
يقول تعالى للمشركين الّذين عبدوا غيره، يبتغون عندهم نصرًا ورزقًا، منكرًا عليهم فيما اعتقدوه، ومخبرا لهم أنّه لا يحصل لهم ما أمّلوه، فقال: {أمّن هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن} أي: ليس لكم من دونه من وليٍّ ولا واقٍ، ولا ناصر لكم غيره؛ ولهذا قال: {إن الكافرون إلا في غرورٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180-181]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أمّن هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه}؟! أي: من هذا الّذي إذا قطع اللّه رزقه عنكم يرزقكم بعده؟! أي: لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق، وينصر إلّا اللّه، عزّ وجلّ، وحده لا شريك له، أي: وهم يعلمون ذلك، ومع هذا يعبدون غيره؛ ولهذا قال: {بل لجّوا} أي: استمرّوا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم {في عتوٍّ ونفورٍ} أي: في معاندةً واستكبارًا ونفورًا على أدبارهم عن الحقّ، [أي] لا يسمعون له ولا يتّبعونه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 181]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}؟: وهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبّا على وجهه، أي: يمشي منحنيًا لا مستويًا على وجهه، أي: لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب؟ بل تائهٌ حائرٌ ضالٌّ، أهذا أهدى {أمّن يمشي سويًّا} أي: منتصب القامة {على صراطٍ مستقيمٍ} أي: على طريقٍ واضحٍ بيّنٍ، وهو في نفسه مستقيمٌ، وطريقه مستقيمةٌ. هذا مثلهم في الدّنيا، وكذلك يكونون في الآخرة. فالمؤمن يحشر يمشي سويًّا على صراط مستقيم، مفض به إلى الجنّة الفيحاء، وأمّا الكافر فإنّه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنّم، {احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنّهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون}
قال الإمام أحمد، رحمه اللّه: حدّثنا ابن نمير، حدّثنا إسماعيل، عن نفيع قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قيل: يا رسول اللّه، كيف يحشر النّاس على وجوههم؟ فقال: «أليس الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرًا على أن يمشيهم على وجوههم».
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصّحيحين من طريق [يونس بن محمّدٍ، عن شيبان، عن قتادة، عن أنسٍ، به نحوه]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 181-182]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة